عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 05:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إذ قال ربّك للملائكة إنّي خالقٌ بشرًا من طينٍ (71) فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (72) فسجد الملائكة كلّهم أجمعون (73) إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين (74) قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ أستكبرت أم كنت من العالين (75) قال أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ (76) قال فاخرج منها فإنّك رجيمٌ (77) وإنّ عليك لعنتي إلى يوم الدّين (78) قال ربّ فأنظرني إلى يوم يبعثون (79) قال فإنّك من المنظرين (80) إلى يوم الوقت المعلوم (81) قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين (82) إلا عبادك منهم المخلصين (83) قال فالحقّ والحقّ أقول (84) لأملأنّ جهنّم منك وممّن تبعك منهم أجمعين (85)}
هذه القصّة ذكرها اللّه، تعالى في سورة "البقرة" وفي أوّل "الأعراف" وفي سورة "الحجر" و [في] سبحان" و "الكهف"، وهاهنا وهي أنّ اللّه سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم عليه السّلام بأنّه سيخلق بشرًا من صلصالٍ من حمأٍ مسنونٍ وتقدّم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكرامًا وإعظامًا واحترامًا وامتثالًا لأمر اللّه عزّ وجلّ. فامتثل الملائكة كلّهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسًا كان من الجنّ فخانه طبعه وجبلّته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السّجود لآدم وخاصم ربّه عزّ وجلّ فيه وادّعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نارٍ وآدم خلق من طينٍ والنّار خيرٌ من الطّين في زعمه. وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر اللّه، وكفر بذلك فأبعده اللّه وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحلّ أنسه وحضرة قدسه، وسمّاه "إبليس" إعلامًا له بأنّه قد أبلس من الرّحمة، وأنزله من السّماء مذمومًا مدحورًا إلى الأرض، فسأل اللّه النّظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الّذي لا يعجل على من عصاه. فلمّا أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرّد وطغى وقال: {لأغوينّهم أجمعين. إلا عبادك منهم المخلصين} كما قال: {أرأيتك هذا الّذي كرّمت عليّ لئن أخّرتني إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذرّيّته إلا قليلا} [الإسراء: 62] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ وكفى بربّك وكيلا} [الإسراء: 65]). [تفسير ابن كثير: 7/ 81-82]

رد مع اقتباس