عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 12:27 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {الم (1) }

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الم * تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين * أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون * الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون}
"تنزيل" يصح أن يرتفع بالابتداء، والخبر "لا ريب"، ويصح أن يرتفع على أنه خبر ابتداء، وهو: إما الحروف المشار إليها على بعض الأقوال في أوائل السور، وإما: "ذلك تنزيل"، أو نحو هذا من التقدير بحسب القول في الحروف.
وقوله تعالى: {لا ريب فيه} أي: هو كذا في نفسه، ولا يراعى ارتياب الكفرة، وقوله تعالى: {من رب العالمين} متعلق بـ"تنزيل"، ففي الكلام تقديم وتأخير. ويجوز أن يتعلق بقوله: "لا ريب"، أي: لا شك فيه من جهة الله تعالى، وإن وقع شك للكفرة فذلك لا يراعى. والريب: الشك، وكذلك هو في كل القرآن إلا قوله: {ريب المنون}).[المحرر الوجيز: 7/ 65-66]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "أم يقولون" إضراب، وتقديره أنه قال: بل أيقولون، و"افتراه": اختلقه، ثم رد تعالى على مقالتهم هذه، وأخبر أنه الحق من عند الله تعالى، واللام في قوله: "لتنذر" يجوز أن تتعلق بفعل مضمر تقديره: أنزله لتنذر، فيوقف حينئذ على قوله: "من ربك"، وقوله تعالى: {ما أتاهم من نذير} أي: لم يباشرهم ولا رأوه هم ولا آباؤهم العرب، وقوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} فيعم من بوشر من النذر ومن سمع به، فالعرب من الأمم التي خلت فيها النذر على هذا الوجه، لأنها علمت بإبراهيم وبنيه عليهم السلام ودعوتهم، وهم ممن لم يأتهم نذير مباشر لهم سوى محمد صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس رضي الله عنهما، ومقاتل: المعنى: لم يأتهم نذير في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام). [المحرر الوجيز: 7/ 66]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {في ستة أيام} يقضي بأن يوما من أيام الجمعة بقي لم يخلق فيه شيء، وتظاهرت الأحاديث الصحاح أن الخلق ابتدأ يوم الأحد، وخلق آدم يوم الجمعة آخر الأشياء، فهذا مستقيم مع هذه الآية، ووقع في كتاب مسلم أن الخلق ابتدأ يوم السبت، فهذا يخالف الآية، اللهم إلا أن يكون أراد في الآية جميع الأشياء غير آدم عليه السلام، ثم يكون يوم الجمعة هو الذي لم يخلق فيه شيء مما بين السماء والأرض; لأن آدم لم يكن حينئذ مما بينهما. وقد تقدم القول في قوله تعالى: {استوى على العرش} بما فيه كفاية، و"ثم" في هذا الموضع لترتيب الجمل، لا لأن الاستواء كان بعد أن لم يكن، وهذا على المختار في معنى "استوى".
ونفي الشفاعة محمول على أحد وجهين: إما نفي عن الكفرة، وإما نفي الشفعاء من ذاتهم على حد شفاعة الدنيا; لأن شفاعة الآخرة إنما هي بعد إذن من الله تعالى). [المحرر الوجيز: 7/ 66-67]

تفسير قوله تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون}
"الأمر" اسم جنس لجميع الأمور، والمعنى: ينفذ الله تعالى قضاءه بجميع ما يشاؤه، ثم يرجع إليه خبر ذلك في يوم من أيام الدنيا مقداره - وإن لو يسير فيه السير المعروف من البشر - ألف سنة; لأن ما بين السماء والأرض خمسمائة سنة، هذا أحد الأقوال، وهو قول مجاهد، وابن عباس، وقتادة، وعكرمة، والضحاك. وقال مجاهد أيضا: إن المعنى أن الضمير في "مقداره" عائد على التدبير، أي: كأن مقدار التدبير المنقضي في يوم القيامة ألف سنة لو دبره البشر. وقال مجاهد أيضا: المعنى أن الله تعالى يدبر ويلقي إلى الملائكة أمور ألف سنة من عدنا، وهو اليوم عنده، فإذا فرغت ألقى إليهم مثلها، فالمعنى أن الأمور تنفذ عنده لهذه المدة، ثم تصير إليه آخرا; لأن عاقبة الأمور إليه. وقيل: المعنى: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض في مدة الدنيا، ثم يرجع إليه في يوم القيامة، ويوم القيامة مقداره ألف سنة من عدنا، وهو على الكفار قدر خمسين ألف سنة لهوله وشنعته حسبما في سورة "سأل سائل". وسنذكر هناك ما فيه من التأويل والأقوال إن شاء الله تعالى.
وحكى الطبري في هذه الآية عن بعضهم أنه قال: "قوله: {في يوم} إلى آخر الآية متعلق بقوله قبل هذا: {في ستة أيام} ومتصل به، أي أن تلك الستة كل واحد منها من ألف سنة".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول ضعيف مكرهة ألفاظ هذه الآية عليه، رادة له الأحاديث التي تثبت أيام خلق الله تعالى المخلوقات، وحكي أيضا عن ابن زيد، عن بعض أهل العلم أن الضمير في "مقداره" عائد على "العروج"، والعروج: الصعود، والمعارج: الأدراج التي يصعد عليها.
وقالت فرقة: معنى الآية: يدبر أمر الشمس في أنها تصعد وتنزل في يوم، وذلك قدر ألف سنة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا أيضا ضعيف، وظاهر عود الضمير في "إليه" على اسم الله تعالى، كما قال: {ذاهب إلى ربي}، وكما قال: {مهاجر إلى ربي}، وهذا كله بريء من التحيز. وقيل: إن الضمير يعود على "السماء" لأنها قد تذكر.
وقرأ جمهور الناس: "تعدون" بالتاء، وقرأ الأعمش، والحسن - بخلاف عنه -: "يعدون" بالياء من تحت). [المحرر الوجيز: 7/ 67-68]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم * الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين * ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين * ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون * وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون * قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون}
قالت فرقة: أراد بالغيب الآخرة وبالشهادة الدنيا، وقيل: أراد بالغيب ما غاب عن المخلوقين، وبالشهادة ما شوهد من الأشياء، فكأنه حصر بهذه الألفاظ جميع الأشياء). [المحرر الوجيز: 7/ 68-69]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: "خلقه" بفتح اللام على أنه فعل ماض، ومعنى "أحسن": أتقن وأحكم، فهو حسن من جهة ما هو لمقاصده التي أريد لها، ومن هذا المعنى ما قال ابن عباس، وعكرمة: ليست است القرد بحسنة ولكنها متقنة محكمة. والجملة في "خلقه" يحتمل أن تكون في موضع نصب صفة لـ"كل"، أو في موضع خفض صفة لـ"شيء". وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر: "خلقه" بسكون اللام، وذلك منصوب على المصدر، والضمير فيه إما عائد على الله تعالى، وإما على المفعول، ويصح أن يكون بدلا من "كل"، وذهب بعض الناس - على هذه القراءة - إلى أن "أحسن" معناها: ألهم، وأن هذه الآية بمعنى قوله: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}، أي ألهم الرجل إلى المرأة، والجمل إلى الناقة، وهذا قول فيه بعد، ورجحه الطبري.
وقرأ جمهور الناس: "وبدأ"، وقرأ الزهري: "وبدا خلق الإنسان" بألف دون همز، وبنصب القاف، قال أبو الفتح: ذلك على البدل لا على التخفيف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
كأنه أبدل الألف من الهمزة، وبدي لغة الأنصار، وقال ابن رواحة:
باسم الإله وبه بدينا ... ولو عبدنا غيره شقينا
و"الإنسان": آدم، عدد أمره على بنيه; إذ خلقه خلق لهم; من حيث هو منسل لهم). [المحرر الوجيز: 7/ 69]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"النسل": ما يكون عن الحيوان من الولد، كأنه مأخوذ من: "نسل الشيء" إذا خرج من موضعه، ومنه قوله تبارك وتعالى: {وهم من كل حدب ينسلون}، ومنه: "نسل ريش الطائر" إذا تساقط. و"السلالة" من: سل يسل; فكأن الماء يسل من الإنسان، ومن ذلك قول الشاعر:
فجاءت به عضب الأديم غضنفرا ... سلالة فرج كان غير حصين
و"المهين": الضعيف، يقال: "مهن الإنسان" إذا ضعف وذل). [المحرر الوجيز: 7/ 69-70]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (9) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "نفخ" عبارة عن إفاضة الروح في جسد ابن آدم، والضمير في "روحه" لله تعالى، وهي إضافة ملك إلى مالك، وخلق إلى خالق. ثم أظهر تعديد النعم عليهم في أن خصهم في قوله: "لكم" (بضمير) السمع والأبصار والأفئدة، وهي لمن تقدم ذكره أيضا. كما خص آدم بالتسوية ونفخ الروح، وهو لجميع ذريته، وهذا كله إيجاز واقتضاب وترك لما يدل عليه المنطوق به. ويحتمل أن يكون "الإنسان" في هذه الآية اسم جنس. وقوله تعالى: "قليلا" صفة لمصدر محذوف، وهو في موضع الحال حين حذف الموصوف به). [المحرر الوجيز: 7/ 70]

رد مع اقتباس