عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 03:32 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فسبحان الله} خطاب للمؤمنين بالأمر بالعبادة والحض على الصلاة في هذه الأوقات، كأنه يقول: أدى هذا التفرق إلى أنواع من النعم والعذاب فجرى بها المؤمن في طريق الفوز برحمة الله. وقال ابن عباس، وقتادة، وبعض الفقهاء: في هذه الآية تنبيه على أربع صلوات: المغرب والصبح والعصر والظهر، قالوا والعشاء الآخرة في آية أخرى، في (زلفا من الليل) وفي ذكر أوقات العورة. وقال ابن عباس رضي الله عنهما أيضا وفرقة من الفقهاء: في هذه الآية تنبيه على الصلوات الخمس; لأن قوله تعالى: {حين تمسون} يتضمن الصلاتين.
وقوله تعالى: {وله الحمد في السماوات والأرض} اعتراض بين الكلامين من نوع تعظيم الله تعالى والحض على عبادته، وقرأ عكرمة: "حينا تمسون وحينا تصبحون"، والمعنى: حين تمسون فيه "وحينا تصبحون فيه"). [المحرر الوجيز: 7/ 15-16]

تفسير قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون * ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون * ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون * ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين}
"الحي والميت" في هذه الآية يستعمل حقيقة ويستعمل مجازا، فالحقيقة: المني يخرج منه الإنسان، والبيضة يخرج منها الطائر، وهذه بعينها ميتة تخرج من حي، وما جرى هذا المجرى، وبهذا المعنى فسر ابن عباس رضي الله عنهم. وقال الحسن: المعنى: المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وروي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ هذه الآية عندما كلمته بالإسلام أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط. والمجاز إخراج النبات الأخضر من الأرض، وإخراج الطعم من النبات، وما جرى هذا المجرى. ومثل بعد إحياء الأرض بعد موتها بالمطر.
ثم بعد هذه الأمثلة القاضية بتجويز بعث الأجساد عقلا ساق الخبر بأن كذلك خروجنا من القبور، وقرأت فرقة: "يخرجون" بالياء من تحت، وقرأ عامة القراء: "تخرجون" بالتاء المضمومة، وقرأ الحسن، وابن وثاب، والأعمش، وطلحة بفتح التاء وضم الراء). [المحرر الوجيز: 7/ 16]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"من" في قوله تبارك وتعالى: {ومن آياته أن خلقكم} للتبعيض، وقال: "خلقكم" من حيث خلق أباهم آدم، قاله قتادة. و"تنتشرون" معناه: تتصرفون وتتفرقون في الأعراض والأسفار). [المحرر الوجيز: 7/ 16]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {من أنفسكم} يحتمل أن يريد خلقه حواء من ضلع آدم، فحمل ذلك على جميع النساء من حيث أمهم مخلوقة من نفس آدم، أي: من ذات شخصه، ويحتمل أن يريد: من نوعكم ومن جنسكم. و"المودة والرحمة" على بابهما المشهور من التواد والتراحم، هذا هو البليغ، وقال مجاهد والحسن وعكرمة: عنى بالمودة الجماع وبالرحمة الولد). [المحرر الوجيز: 7/ 17]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم نبه تعالى على خلق السماوات والأرض، واختلاف اللغات والألوان، وهذه: البياض والسواد وغيرهما، ويحتمل أن يريد ضروب بني آدم وأنواعهم، فتعم شخوص البشر الذين يختلفون بالألوان، وتعم الألسنة. وقرأ جمهور القراء: "للعالمين" بفتح اللام، وقرأ حفص عن عاصم: "للعالمين" بكسر اللام، فالأولى على أن هذه الآية هي نفسها منصوبة لجميع العالم، والثانية على معنى أن أهل الانتفاع بالنظر فيها إنما هم أهل العلم). [المحرر الوجيز: 7/ 17]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون * ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون * ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون}
ذكر تعالى النوم بالليل والنهار وعرف النوم إنما هو بالليل وحده، ثم ذكر الابتغاء من فضله كأنه فيهما، وإنما معنى ذلك أنه عم بالليل والنهار فسمى الزمان، وقصد من ذلك تعديد آية النوم وتعديد آية ابتغاء الفضل، فإنهما آيتان ونعمتان يكونان في ليل ونهار، والعرف "تحيز" كل واحدة من النعمتين أي محلها من الأغلب، وقال بعض المفسرين: في الكلام تقديم وتأخير.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف.
وإنما أراد أن يرتب النوم لليل، والابتغاء للنهار، ولفظ الآية لا يعطي ما أراد). [المحرر الوجيز: 7/ 17-18]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "يريكم" فعل مرتفع لما حذفت "أن" التي لو كانت لنصبته، فلما حل الفعل محل الاسم أعرب بالرفع، ومثله قول طرفة:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي؟
قال الرماني: وتحتمل الآية أن يكون التقدير: "ومن آياته آية يريكم البرق"، وحذفت "الآية" لدلالة "من" عليها، ومنه قول الشاعر:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما ... أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
التقدير: فمنها تارة أموت.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا على أن "من" للتبعيض كسائر هذه الآيات، ويحتمل في هذه وحدها أن تكون "من" لابتداء الغاية فلا يحتاج إلى تقدير "آية"، وإنما يكون الفعل مخلصا للاستقبال.
وقوله: {خوفا وطمعا}، قال قتادة: خوفا للمسافر وطمعا للمقيم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولا وجه لهذا التخصيص ونحوه، بل فيه الخوف والطمع لكل بشر، قال الضحاك: الخوف من صواعقه، والطمع في مطره). [المحرر الوجيز: 7/ 18-19]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {أن تقوم السماء والأرض} معناه: تثبت، كقوله تعالى: {وإذا أظلم عليهم قاموا}، وهذا كثير، وقيل: هو فعل مستقبل، أحله محل الماضي ليعطي فيه معنى الدوام الذي هو في المستقبل، و"الدعوة من الأرض" هي البعث يوم القيامة، و"من الأرض" حال للمخاطبين، كأنه قال: خارجين من الأرض، ويجوز أن يكون "من الأرض" صفة للدعوة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
و"من" عندي هاهنا لانتهاء الغاية، كما تقول: "دعوتك من الجبل"، إذا كان المدعو في الجبل، والوقف في هذه الآية عند نافع ويعقوب الحضرمي على "دعوة"، والمعنى: بعد إذا أنتم تخرجون من الأرض، وهذا على أن "من" لابتداء الغاية، قال مكي: والأحسن عند أهل النظر أن الوقف في آخر الآية; لأن مذهب سيبويه والخليل في "إذا" الثانية أنها جواب الأولى، كأنه قال: ثم إذا دعاكم خرجتم، وهذا أسد الأقوال، وقرأ حمزة، والكسائي: "تخرجون" بفتح التاء، وقرأ الباقون "تخرجون" بضم التاء). [المحرر الوجيز: 7/ 19]

رد مع اقتباس