عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 12:33 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والضمير في "قالوا" للكفار الجاحدين البعث من القبور، والمستبعدين لذلك دون حجة ولا دليل، وموضع "أئذا" نصب بما في قوله: {أإنا لفي خلق جديد}؛ لأن معناه: لنعاد. واختلف القراء في "أئذا"، وقد تقدم استيعاب ذكره في غير هذا الموضع.
وقرأ جمهور القراء: "ضللنا" بفتح اللام، وقرأ ابن عامر، وأبو رجاء، وطلحة، وابن وثاب: "ضللنا" بكسر اللام، والمعنى: تلفنا وتقطعت أوصالنا فذهبنا حتى لم نوجد، ومنه قول الأخطل:
كنت القذى في موج أكدر مزبد ... قذف الأتي به فضل ضلالا
ومنه قول النابغة:
فآب مضلوه بعين جلية ... وغودر بالجولان حزم ونائل
أي: متلفوه دفنا، ومنه قول امرئ القيس:
تضل المداري في مثنى ومرسل
وقرأ الحسن البصري: "صللنا" بالصاد غير منقوطة وفتح اللام، قال الفراء: ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعناه: صرنا من الصلة، وهي الأرض اليابسة الصلبة، ويجوز أن يريد به: من التغير، كما يقال: "صل اللحم"، ورويت هذه القراءة عن ابن عباس رضي الله عنهما، وأبان بن سعيد بن العاص، وقرأ الحسن أيضا: "صللنا" بالصاد غير منقوطة وكسر اللام، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأبو حيوة: "ضللنا". بضم الضاد وكسر اللام وشدها.
وقولهم: {أإنا لفي خلق جديد}، أي: أئنا لفي هذه الحالة نعاد ويجدد خلقنا. وقوله تعالى: "بل" إضراب عن معنى استفهامهم، كأنه قال: ليسوا مستفهمين، بل هم كافرون جاحدون بلقاء الله تعالى). [المحرر الوجيز: 7/ 70-72]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبرهم بجملة الحال غير مفصلة، فبدأ بالإخبار من وقت تفقد روح الإنسان إلى الوقت الذي يعود فيه إلى ربه، فجمع الغايتين الأولى والآخرة، و"يتوفاكم" معناه: يستوفيكم، ومنه قول الشاعر:
إن بني الأردم ليسوا من أحد ... ولا توفاهم قريش في العدد
و ملك الموت اسمه عزرائيل، وتصرفه كله بأمر الله تعالى وخلقه واختراعه، وروي في الحديث أن البهائم كلها يتوفى الله روحها دون ملك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
كأنه يعدم حياتها، وكذلك الأمر في بني آدم; إلا أنه نوع شرف بتصرف ملك وملائكة معه في قبض أرواحهم، وكذلك أيضا غلظ العذاب على الكافرين بذلك. وروي عن مجاهد: أن الدنيا بين يدي ملك الموت كالطست بين يدي الإنسان يأخذ من حيث أمر). [المحرر الوجيز: 7/ 73]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون * ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين * فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون * إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون}
قوله تعالى: "لو ترى" تعجيب لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته من حال الكفرة وما حل بهم. وجواب "لو" محذوف; لأن حذفه أهول; إذ يترك الإنسان فيه مع أقصى تخيله. و"المجرمون" هم الكافرون; بدليل قولهم: {إنا موقنون}، أي أنهم كانوا في الدنيا غير موقنين. و"تنكيس الرؤوس" هو من الهول والذل واليأس والهم بحلول العذاب وتعلق نفوسهم بالرجعة إلى الدنيا، وفي القول محذوف تقديره: يقولون ربنا، وقولهم: {أبصرنا وسمعنا} أي: ما كنا نخبر به في الدنيا فكنا مكذبين به، ثم طلبوا الرجعة حين لا ينفع ذلك). [المحرر الوجيز: 7/ 73-74]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تبارك وتعالى عن نفسه أنه لو شاء لهدى الناس أجمعين، أي: يلطف بهم لطفا يؤمنون به ويخترع الإيمان في قلوبهم. هذا مذهب أهل السنة. وقال بعض المفسرين: تعرض عليهم آية يضطرهم بها إلى الإيمان.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول بعض المعتزلة، إلا أن من أشرنا إليه من المفسرين لم يدر قدر القول ولا مغزاه ولذلك حكاه، والذي يقود المعتزلة إلى هذه المقالة أنهم يرون أن من يقدر على اللطف بإنسان حتى يؤمن ولا يفعل فإن ذلك ليس من الحكمة ولا من الأمر المستقيم، والكلام على هذه المسألة يطول وله تواليفه، و"الجنة" الشياطين). [المحرر الوجيز: 7/ 74]

تفسير قوله تعالى: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: "فذوقوا العذاب" بمعنى: يقال لهم: ذوقوا، و"نسيتم" معناه: تركتم، قاله ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، وفي الكلام حذف مضاف تقديره: عمل، أو عدة ونحوه. وقوله: {إنا نسيناكم} سمى العقوبة باسم الذنب، وقوله: {بما كنتم تعملون} أي: بتكسبكم الآثام). [المحرر الوجيز: 7/ 74]

رد مع اقتباس