عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:04 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين}
قال سعيد بن جبير: إن هذه الآية التي تضمنت لعن القاذف وتوعده الشديد إنما هي خاصة في رماة عائشة رضي الله عنها، وقال ابن عباس رضي الله عنهما، والضحاك، وغيرهما: بل هذه لجميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، غلظ الله أمر رميهن لمكانهن من الدين، فلعن قاذفهن ولم يقرن بآخر الآية توبة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقاذف غيرهن له اسم الفسق وذكرت له التوبة.
وقال جماعة من العلماء: بل هي في شأن عائشة رضي الله تعالى عنها إلا أنه يراد بها كل من اتصف بهذه الصفة، وقال بعض هذه الفرقة: إن هذه الآية نزلت أولا في القاذفين، ثم نزلت بعد ذلك الآية التي صدرت في السورة التي فيها التوبة، وقد تقدم القول في "المحصنات" ما معناه.
و "اللعنة" في هذه الآية: الإبعاد، وضرب الحد، واستيحاش المؤمنين منهم وهجرهم لهم، وزوالهم عن رتبة العدالة، وعلى من قال إن هذه الآية خاصة
[المحرر الوجيز: 6/364]
لعائشة رضي الله عنها ترتبت هذه الشدائد في جانب عبد الله بن أبي وأشباهه. وفي ضمن رمي المحصنة رمي الرجل معها، وقد يكون مؤمنا). [المحرر الوجيز: 6/365]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والعامل في قوله: "يوم" فعل مضمر يقتضيه العذاب، أي: يعذبونه يوم، أو نحوه، وأخبر الله تعالى أن جوارحهم تشهد عليهم، وذلك من أعظم الخزي والتنكيل، فيشهد اللسان وقلب المنافق لا يريد ما يشهد به، وتشهد الأيدي والأرجل [وتتكلم] كلاما يقدرها الله تعالى عليه. وقرأ جمهور السبعة: "تشهد" بالتاء من فوق، وقرأ حمزة والكسائي: "يشهد" بالياء). [المحرر الوجيز: 6/365]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الدين" في هذه الآية: الجزاء، ومنه قول الشاعر:
ولم يبق سوى العدوا ن دناهم كما دانوا
[المحرر الوجيز: 6/365]
أي جازيناهم كما فعلوا، ومنه المثل "كما تدين تدان".
وقرأ جمهور الناس: "الحق" بالنصب على الصفة للدين، وقرأ مجاهد: "الحق" بالرفع على الصفة لله تعالى، وفي مصحف ابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهما: "يومئذ يوفيهم الله الحق دينهم" بتقديم الصفة على الموصوف، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله تبارك وتعالى: {ويعلمون أن الله هو الحق المبين} يقوي قول من ذهب إلى أن الآية في المنافقين عبد الله بن أبي وغيره، وذلك أن كل مؤمن في الدنيا يعلم أن الله هو الحق المبين، وإلا فليس بمؤمن). [المحرر الوجيز: 6/366]

تفسير قوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم}
اختلف المتأولون في الموصوف في هذه الآية بالخبيث والطيب، فقال ابن عباس رضي الله عنهما، ومجاهد، والضحاك، وقتادة: هي الأقوال والأفعال، ثم اختلفت هذه الجماعة، فقال بعضهم: المعنى: الكلمات والفعلات الخبيثات لا يقولها ويرضاها إلا الخبيثات من الناس، فهي لهم وهم لها بهذا الوجه، وكذلك الطيبات للطيبين، وقال بعضهم: المعنى: الكلمات والفعلات الخبيثات لا تليق ولا تلصق عند رمي الرامي وقذف القاذف إلا بالخبيثين من الناس، فهي لهم وهم لها بهذا الوجه.
وقال ابن زيد: الموصوف بالخبيث والطيب النساء والرجال، وإنما الآية على نحو التي تقدمت وهي قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية}، فمعنى هذه: التفريق بين حكم عبد الله بن أبي وأشباهه وبين حكم النبي عليه الصلاة والسلام وفضلاء الصحابة رضوان الله عليهم وأمته، أي: إن النبي صلى الله عليه وسلم طيب فلم يجعل الله له إلا كل طيبة، وأولئك خبيثون فهم أهل النساء الخبيثات.
[المحرر الوجيز: 6/366]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وبهذه الآية قيل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم: الطيبات المبرآت.
وقوله تعالى: "أولئك" إشارة إلى "الطيبين" في قوله: {والطيبون للطيبات}. وقال النقاش: الإشارة بـ أولئك مبرءون إلى صفوان وعائشة رضي الله عنهما، وجمعهما في الضمير على حد قوله تعالى: {فإن كان له إخوة} والمراد: أخوان.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وفي هذا التمثيل بآية الأخوة نظر، وبحسب هذه المعاني يتقدر المراد بالضمير في "يقولون"، فتأمله. ثم وعد الله تعالى الطيبين من المؤمنين بالمغفرة عند الحساب، وبالرزق الكريم في الجنة). [المحرر الوجيز: 6/367]


رد مع اقتباس