عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 06:48 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأنكحوا الأيامى منكم} [النور: 32] يعني: كلّ امرأةٍ ليس لها زوجٌ.
قال الحسن: هذه فريضةٌ.
قال: ونا عثمان، عن محمّد بن المنكدر، عن سليمان بن يسارٍ أنّ قومًا
[تفسير القرآن العظيم: 1/444]
نزلوا منزلا ثمّ ارتحلوا، وبغت امرأةٌ منهم فرفعت إلى عمر بن الخطّاب فجلدها عمر الحدّ وقال: استوصوا بها خيرًا وزوّجوها فإنّها من الأيامى.
- وحدّثني الخليل بن مرّة، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ينهى عن التّبتّل نهيًا شديدًا ويقول: «تزوّجوا الولود الودود فإنّي مكاثرٌ بكم البشر يوم القيامة».
- وحدّثني خالدٌ، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من تزوّج فقد استكمل نصف الدّين، فليتّق اللّه في النّصف الباقي».
قوله: {والصّالحين من عبادكم} [النور: 32] أي: وأنكحوا الصّالحين من عبادكم، يعني المملوكين المسلمين.
{وإمائكم} [النور: 32] أي: وأنكحوا الصّالحين من إمائكم المسلمات.
وهذه رخصةٌ.
وليس على الرّجل بواجبٍ أن يزوّج أمته وعبده.
قوله: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} [النور: 32] حدّثنا عبد العزيز بن أبي الرّوّاد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " اطلبوا الغنى في هذه الآية: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} [النور: 32] ".
- حدّثنا سعيدٌ عن قتادة أنّ عمر بن الخطّاب كان يقول: ما رأيت مثل رجلٍ لم يلتمس الغنى في الباءة واللّه يقول: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} [النور: 32].
[تفسير القرآن العظيم: 1/445]
قال: {واللّه واسعٌ عليمٌ} [النور: 32] واسعٌ لخلقه عليمٌ بهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/446]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم...}

يعني الحرائر. والأيامى القرابات؛ نحو البنت والأخت وأشباههما. ثم قال {والصّالحين من عبادكم وإمائكم} يقول: من عبيدكم وإمائكم ولو كانت (وإماءكم) تردّه على الصّالحين لجاز.
وقوله: {إن يكونوا فقراء} للأحرار خاصة من الرجال والنساء). [معاني القرآن: 2/251]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" الأيامي " من الرجال والنساء الذين لا أزواج لهم ولهن، ويقال: رجل أيم وامرأة أيمة وأيم أيضاً، قال الشاعر:
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيّمي=وإن كنت أفتى منكم أتأيّم).
[مجاز القرآن: 2/65]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله واللّه واسعٌ عليمٌ}
وقال: {من عبادكم} يريد "من عبيدكم" كما تقول: "هم عباد الله" و"عبيد الله"). [معاني القرآن: 3/14]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الأيامى}: من النساء والرجال الذين لا أزواج لهم. واحدهم أيم). [غريب القرآن وتفسيره: 271]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأنكحوا الأيامى منكم} والأيامي من الرجال والنساء: هم الذين لا أزواج لهم. يقال: رجل أيّم، وامرأة أيّم، ورجل أرمل، وامرأة أرملة، ورجل بكر، وامرأة بكر: إذا لم يتزوجا. ورجل ثيب، وامرأة ثيب: إذا كانا قد تزوّجا.
{والصّالحين من عبادكم} أي من عبيدكم. يقال: عبد وعباد وعبيد. كما يقال: كلب وكلاب وكليب). [تفسير غريب القرآن: 304]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله واللّه واسع عليم}
قرئت من عبيدكم، وكلاهما جائز، وهذا لازم في الأيامى، والمعنى وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن أردن تحصّنا). [معاني القرآن: 4/40]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}
قال الضحاك هن اللواتي لا أزواج لهن يقال رجل أيم وامرأة أيم وقد آمت تئيم
وقرأ الحسن والصالحين من عبيدكم يقال عبد وعباد وعبيد
وقوله تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}
وكذا قوله: {وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته} أي بالنكاح لأنه لم يجعل كل زوج مقصورا على زوج أبدا
والفقر الحاجة إلى الشيء المذكور بعقبه ومثله إنما الصدقات للفقراء أي للفقراء إلى الصدقات وقد يكون الرجل فقيرا إلى الشيء وليس بمسكين). [معاني القرآن: 4/528-527]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الأَيَامـى}: من الرجال والنساء). [العمدة في غريب القرآن: 219]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا حتّى يغنيهم اللّه من فضله} [النور: 33] حتّى يجدوا ما يتزوّجون.
قوله: {والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} [النور: 33] وليست بفريضةٍ إن شاء كاتبه وإن شاء لم يكاتبه.
وقوله: {إن علمتم فيهم خيرًا} [النور: 33] قال السّدّيّ: مالا.
نا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن قال: إن علمتم عندهم مالا.
وقال قتادة: إن علمتم منهم صدقًا ووفاءً وأمانةً.
نا المعلّى، عن الأشعث، عن محمّد بن سيرين قال: إذا صلّوا وأقاموا الصّلاة.
قال يحيى: كان سفيان يكره أن يكاتب المملوك وليس له حيلةٌ، يكون عيالا على النّاس.
قال يحيى: نكره أن نكاتبه وليست له حرفةٌ ولا عملٌ إلا على مسألة النّاس.
فإن كانت له حرفةٌ أو عملٌ ثمّ تصدّق عليه من الفريضة أو التّطوّع فلا بأس على سيّده في ذلك.
فإن عجز فلم يؤدّ المكاتبة على نجومها كما اشترط سيّده فهو رقيقٌ إلا إن شاء سيّده أن يؤخّره.
فإن رجع مملوكًا وقد تصدّق عليه جعل سيّده ما أخذ منه من الصّدقة في المكاتبين.
وإذا كاتبه وعنده مالٌ لم يعلم به سيّده ثمّ أدّى مكاتبته فذلك المال للسّيّد.
وكلّ مالٍ أصابه في كتابته فهو له إذا أدّى كتابته وولاؤه لسيّده الّذي كاتبه.
وإن كانت مملوكته فولدت في مكاتبتها فأولادها بمنزلتها، إذا أدّت خرجوا أحرارًا معها، وإن عجزت فرجعت مملوكةً رجعوا مملوكين معها.
[تفسير القرآن العظيم: 1/446]
- حدّثنا سعيدٌ وحمّادٌ عن قتادة أنّ ابن عمر وجابر بن عبد اللّه قالا: لمواليه شروطهم، فإن عجز ردّ في الرّقّ.
به يأخذ يحيى.
- وحدّثني بحر بن كنيزٍ، عن الزّهريّ قال: قضى عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وزيد بن ثابتٍ وعائشة وابن عمر وعمر بن عبد العزيز أنّه عبدٌ قنٌّ ما بقي عليه درهمٌ حياته وموته.
قال: ولو ترك مالا فهو عبدٌ أبدًا حتّى يؤدّى، لو لم يبق عليه إلا درهمٌ واحدٌ حتّى يوفّيه.
- وحدّثنا سعيدٌ، عن أبي معشرٍ، عن إبراهيم أنّ ابن مسعودٍ قال: إذا أدّى الثّلث أوقف رقبته فهو غريمٌ.
قال يحيى: يعني بالوقوف الثّمن.
وحدّثنا المسعوديّ، عن الحكم بن عتيبة قال: المكاتب تجرى فيه العتاقة في أوّل نجمٍ يؤدّى.
- وحدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن خلاسٍ أنّ عليًّا قال: إذا عجز استسعى سنتين فإن أدّى وإلا ردّ في الرّقّ.
لا يأخذ به يحيى.
- قال: وحدّثني عبد اللّه بن عمر العمريّ، عن نافعٍ، عن ابن عمر أنّ مكاتبًا له جاءه فقال: إنّي قد عجزت.
فقال له ابن عمر: لا تفعل فإنّي رادّك في الرّقّ.
فقال: إنّي قد عجزت.
فردّه في الرّقّ ثمّ أعتقه بعد ذلك.
قوله: {وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} [النور: 33] سعيدٌ عن قتادة قال: أمروا أن يدع طائفةً من مكاتبيه أو يساغ له.
قال يحيى: وبلغني أنّ عليًّا قال: يدع له الرّبع.
- قال: وحدّثنا المبارك بن فضالة، عن عبيد اللّه بن عمر، عن فضالة أبي المبارك، عن أبيه قال: سألت عمر بن الخطّاب المكاتبة على أربعين ومائة وقيّةٍ، ففعل ولم يستزدني.
ثمّ أرسل إلى حفصة فقال: إنّي كاتبت غلامي، وإنّه ليس عندي اليوم شيءٌ، فابعثي لي بمائتي درهمٍ حتّى يأتيني شيءٌ، أو قال: يخرج عطائي.
فبعثت إليه بمائتي درهمٍ، فأخذها في يده ثمّ تلا هذه الآية: {والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم} [النور: 33] ثمّ قال: هاك
[تفسير القرآن العظيم: 1/447]
بارك اللّه لك.
فدفعها إليّ من قبل أن أؤدّي شيئًا.
فبارك اللّه لي حتّى أدّيت مكاتبتي، وعتقت، وفعلت.
قوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور: 33] يعني الزّنا.
{إن أردن تحصّنًا} [النور: 33] سعيدٌ عن قتادة قال: عفّةً وإسلامًا.
{لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا} [النور: 33] سعيدٌ عن قتادة قال: كان الرّجل يكره مملوكته على البغاء فيكثر ولدها.
قال يحيى: بلغني عن الزّهريّ قال: نزلت في أمةٍ لعبد اللّه بن أبيّ ابن سلولٍ كان يكرهها على رجلٍ من قريشٍ رجاء أن تلد منه، فيفدي ولده، فذلك العرض الّذي كان ابن أبيٍّ يبتغي.
قوله: {ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} [النور: 33] سعيدٌ عن قتادة قال: فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ لهنّ غفورٌ رحيمٌ وليست لهم.
وكذلك هي في حرف ابن مسعودٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/448]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والّذين يبتغون الكتاب...}

يعني المكاتبة. و(الذين) في موضع رفع كما قال {والّلذان يأتيانها منكم فآذوهما} والنصب جائز. وقوله: {إن علمتم فيهم خيراً} يقول إذا رجوتم عندهم وفاء وتأدية للمكاتبة {وآتوهم مّن مّال اللّه الّذي آتاكم} حثّ الناس على إعطاء المكاتبين. ... حدثنا حبّان عن الكلبي عن أبي صالح عن عليّ بن أبي طالب قال: يعطيه ثلث مكاتبته. يعني المولى يهب له ثلث مكاتبته.
وقوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} البغاء: الزنى. كان أهل الجاهلية يكرهون الإماء ويلتمسون منهنّ الغلّة فيفجرن، فنهى أهل الإسلام عن ذلك {ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ} لهنّ {غفورٌ رّحيمٌ} ). [معاني القرآن: 2/251]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):({ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}مجازها إمائكم والفتى في موضعها العبد أيضاً والبغاء مصدر: البغي وهو الزناء).[مجاز القرآن: 2/66]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فتياتكم}: إمائكم والفتى العبد.
{والبغاء}: الزنا). [غريب القرآن وتفسيره: 271]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والّذين يبتغون الكتاب} أي يريدون المكاتبة من العبيد والإماء، على أنفسهم.
{فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً} عفافا وأمانة {وآتوهم من مال اللّه} أي أعطوهم، أوضعوا عنهم شيئا مما يلزمهم.
{ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} أي لا تكرهوا الإماء على الزنا.
{لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا} أي لتأخذوا من أجورهم على ذلك.
{ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ} يقال: للإماء). [تفسير غريب القرآن: 304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وعلى لفظ الأمر وهو إباحة:
كقوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً}، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}). [تأويل مشكل القرآن: 280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحا حتّى يغنيهم اللّه من فضله والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنا لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا ومن يكرههنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفور رحيم}
ومعنى {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنا} أي: لا تكرهوهن على البغاء ألبتّة، وليس المعنى: لا تكرهوهن إن أردن تحصنا. وإن لم يردن فليس لنا أن نكرههنّ.
وقوله: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} فحث اللّه - عزّ وجلّ - على النكاح وأعلم أنه سبب لنفي الفقر.
ويروى عن عمر رحمه اللّه أنه قال: عجت لامرئ كيف لا يرغب في الباءة واللّه يقول {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله}.
وقوله: {والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا}.
معنى {إن علمتم فيهم خيرا} قيل إن علمتم أداء ما يفارق عليه، أي علمتم أنهم يكتبون ما يؤدّونه.
ومعنى المكاتبة أن يكاتب الرجل عبده أو أمته
على أن يفارقه، أنه إذا أدّى إليه كذا وكذا من المال في كذا وكذا من النجوم فالعبد حر إذا أدّى جميع ما عليه، وولاؤه لمولاه الذي كاتبه، لأن مولاه جاد عليه بالكسب الذي هو في الأصل لمولاه.
وقوله: (وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم) هذا - عند أكثر الفقهاء - على الندب، للمولى أن يعطيه شيئا مما يفارقه عليه، أو من ماله ما يستعين به على قضاء نجومه، وله ألّا يفعل، وكذلك له أن يكاتبه إذا طلب المكاتبة وله ألّا يكاتبه.
ومخرج هذا الأمر مخرج الإباحة، كما قال: {وإذا حللتم فاصطادوا} لأنه حرّم عليهم الصيد ما داموا حرما.
وكذلك قوله: {فإذا قضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه} هذا بعد أن حظر عليهم البيع في وقت النداء إلى الصلاة، فهذا أباحه
فيه لأن العبد المملوك لا مال له، ولا يقدر على شيء، فأباح اللّه لهم أن يقدروه.
ويروى عن عمر أنه كاتب عبدا له يكنى أبا أميّة، وهو أول عبد كوتب في الإسلام، فأتاه بأول نجم فدفعه إليه عمر، وقال له: استعن به على مكاتبتك، فقال: لو أخرته إلى آخر نجم، فقال أخاف ألّا أدرك ذلك.
وقوله: {أو نسائهنّ ..} وذلك أنه لا يحل أن ترى المشركات ما يحل أن تراه المؤمنات من المؤمنات، يعنى بنسائهن نساء المؤمنات، (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض).
وقوله تعالى: (أو ما ملكت أيمانهنّ أو التّابعين غير أولي الإربة).
" غير " صفة للتابعين دليل على قوله: {أو ما ملكت أيمانهنّ}، معناه أيضا غير أولي الإربة من الرجال.
والمعنى لا يبدين زينتهن لمماليكهنّ ولا لتباعهنّ إلا أن يكونوا غير أولي إربة. والإربة الحاجة، ومعناه ههنا غير ذوي الحاجات
إلى النساء فأمّا خفض " غير " فصفة للتابعين، وإن كانت " غير " توصف بها النكرة، فإنّ التابعين ههنا ليس بمقصود إلى قوم بأعيانهم، إنما معناه لكل تابع غير أولي إربة.
ويجوز " غير " بنصب " غير " على ضربين:
أحدهما الاستثناء، المعنى لا يبدين زينتهن إلا للتابعين إلا أولي الإربة فلا يبدين زينتهن لهم، ويجوز أن يكون منصوبا على الحال، فيكون المعنى، والتابعين لا مريدين النساء أي في هذه الحال.
وقوله عزّ وجلّ: {أو الطّفل الّذين لم يظهروا على عورات النّساء}.
ويقرأ " عورات " - بالفتح الواو - لأن فعلة يجمع على فعلات – بفتح العين - نحو قولك جفنة وجفنات، وصحفة وصحفات، فإذا كان نحو قولك لوزة وجوزة وعورة،
فالأكثر أن تسكن، وكذلك قوله بيضات، لثقل الحركة مع الواو والياء، ومن العرب من يلزم الأصل والقياس في هذا فيقول جوازات وبيضات.
وعلى هذا قرئ عورات. ومعنى لم يظهروا على عورات النساء، لم يبلغوا أن يطيقوا النساء، كما تقول: قد ظهر فلان على فلان إذا قوي عليه.
ويجوز أن يكون {لم يظهروا على عورات النساء}لم يدروا ما قباحة عورات النساء من غيرها). [معاني القرآن: 4/42-40]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا}
قيل هذا على الحض والندب لا على الحتم والوجوب ولولا الإذن لما علمنا أن ذلك يجوز وكتاب ومكاتبة بمعنى واحد كما يقال قتال ومقاتلة
ثم قال جل وعز: {إن علمتم فيهم خيرا}
قال أبو جعفر في هذا اختلاف
قال الحسن أي دينا وأمانة
وقال إبراهيم النخعي أي صدقا ووفاء
وقال عبيدة إن أقاموا الصلاة
وقال سعيد بن جبير إن علمتم أنهم يريدون بذلك الخير
قال أبو جعفر وأجمعها قول سعيد بن جبير لأنه إذا أراد بذلك الخير استعمل الوفاء كما يستعمل أهل الدين، والوفاء والصدق والأمانة ومن يقيم الصلاة ويرى لها حقا
وفي الآية قول آخر
قال مجاهد وعطاء الخير ههنا المال وهذا بعيد جدا لأنه كان يجب على هذا أن يقول إن علمتم لهم خيرا
وأيضا فإن العبد مال لمولاه فكيف يقال إن علمتم لهم مالا
وقال أشهب سئل مالك عن قوله جل وعز: {إن علمتم فيهم خيرا} فقال إنه ليقال الخير القوة والأداء
قال أبو جعفر وهذا قول حسن أي قوة على الاحتراف والاكتساب ووفاء بما أوجب نفسه وصدق لهجة فأما المال وإن كان من الخير فليس هو في العبد وإنما يكون عنده أو له).
[معاني القرآن: 4/530-528]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم}
قال أبو جعفر في هذا ثلاثة أقوال:
أحدهما أن يكون على الحض والندب
كما روى ابن بريدة عن أبيه قال حثهم على هذا
ويروى هذا عن عمر وعثمان والزبير وعن إبراهيم النخعي ويكون المعنى وأعطوهم ما يستعينون به على قضاء الكتابة بدفع إليهم أو بإسقاط عنهم
والقول الثاني أن يسقط المكاتب عن مكاتبه شيئا محدودا
روي عن علي بن أبي طلب قال الربع وكذا قال مجاهد
وعن ابن مسعود قال الثلث
والقول الثالث قال سعيد بن جبير قال يضع عنه شيئا من كتابته ولم يحدوه
قال أبو جعفر قيل أولاها القول الأول لجلالة من قال به وأيضا فإن قوله تعالى: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} معطوف على قوله: {فكاتبوهم} فيجب في العربية أن يكون مثله على الحض والندب وأيضا فإن قول علي عليه السلام الربع وقول عبد الله الثلث لا يوجب أن يكون ذلك حتما واجبا ويحتمل أن يكون على الندب
وقوله جل وعز: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
قال مجاهد نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول أمر أمته أن تزني فجاءته ببرد فأمرها أن تعود إلى الزنى فأبت فأنزل الله عز وجل: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
وروى أبو سفيان عن جابر وعكرمة عن ابن عباس قال نزلت في عبد الله بن أبي أكره أمته على الزنى فأنزل الله جل وعز: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
ويسأل عن قوله جل وعز: {إن أردن تحصنا}
فالجواب أن المعنى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء البتة
وقوله جل وعز: {إن أردن تحصنا} متعلق بقوله سبحانه: {وأنكحوا الأيامى منكم إن أردن تحصنا}
ومعنى قوله: {لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} لتبتغوا أجورهن مما يكسبن
وقوله تعالى: {ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}
قال مجاهد فإن الله للمكرهات من بعد إكراههن غفور رحيم). [معاني القرآن: 4/534-530]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}: ذلك للإماء المكرهات على الزنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 168]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَتَيَاتكم}: الإِمَـاء.
{البَغَـاءِ}: الزنـا). [العمدة في غريب القرآن: 219]

رد مع اقتباس