عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 28 ربيع الأول 1432هـ/3-03-2011م, 07:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي رأي أبي حيان

رأي أبي حيان

أبو حيان مع الجمهور في أنه لا يعمل ما قبل (إلا) فيما بعدها إلا إذا كان واحدا من الثلاثة، لذلك رد على الزمخشري تعليق {مِنَ الْمَسِّ} بالفعل {لَا يَقُومُونَ} قال في [البحر:2/234] «ما بعد (إلا) لا يتعلق بما قبلها إلا إن كان في حيز الاستثناء ، ولذلك منعوا أن يتعلق {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} بقوله {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا}».
وقال في قوله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [21: 107]
في [البحر:6/344] قال ابن عطية: ويحتمل أن يكون معناه: وما أرسلناك إلا رحمة... ولا يجوز على المشهور أن يتعلق الجار بعد (إلا) بالفعل قبلها إلا إن كان العامل مفرغا، نحو: ما مررت إلا بزيد».
وقال في قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [2: 213].
في [البحر:2/137-138] «{مِنْ بَعْدِ} متعلق باختلف و {بَغْيًا} منصوب باختلف هذا قول بعضهم قال: ولا يمنع (إلا) من ذلك؛ كما تقول: ما قام زيد إلا يوم الجمعة» انتهى كلامه.
وهذا فيه نظر، وذلك أن المعنى على الاستثناء والمفرغ في الفاعل، وفي المجرور، وفي المفعول من أجله، إذ المعنى: وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه إلا من بعد ما جاءتهم البينات إلا بغيا بينهم، فكل واحد من الثلاثة محصور، وإذا كان كذلك فقد صارت أداة الاستثناء مستثنى بها شيئان دون الأول من غير عطف، وهو لا يجوز، وإنما جاز مع العطف، لأن حروف العطف ينوي بعدها (إلا)، فصارت كالملفوظ بها، فإن جاء ما يوهم ذلك جعل على إضمار عامل، ولذلك تأولوا قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} [16: 43-44]. على إضمار فعل. التقدير: أرسلناهم بالبينات والزبر، ولم يجعلوا {بِالْبَيِّنَاتِ} متعلقا بقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا} لئلا يكون (إلا) قد استثنى بها شيئان: أحدهما {رِجَالًا} والآخر {بِالْبَيِّنَاتِ} من غير عطف».
وقال في [ص138] «وأجاز قوم أن يقع بعد (إلا) مستثنيان دون عطف. والصحيح أنه لا يجوز، لأن (إلا) من حيث المعنى معدية، ولولا (إلا) لما جاز للاسم بعدها أن يتعلق بما قبلها، فهي كواو مع، وكالهمزة التي جعلت للتعدية في بنية الفعل، فكما أنه لا تعدى واو مع، ولا الهمزة لغير مطلوبها الأول إلا بحرف عطف فكذلك (إلا)» وانظر [البحر:2/411].
ولأبي حيان مواقف أخرى مال فيها إلى رأي الكسائي والأخفش تمثل لها بما يأتي:
1- {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ} [3: 93].
في [البحر:3/4] «{مِنْ قَبْلِ} ويظهر أنه متعلق بقوله: {كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}، وفصل بالاستثناء، إذ هو فصل جائز، وذلك على مذهب الكسائي وأبي الحسن في جواز أن يعمل ما قبل (إلا) فيما بعدها، إذا كان ظرفا، أو مجرورا، أو حالا، نحو: ما حبس إلا زيد عندك، وما أوى إلا عمرو إليك، وما جاء إلا زيد ضاحكا، وأجاز ذلك الكسائي في منصوب مطلقا، نحو: ما ضرب إلا زيد عمرا، وأجاز هو وابن الأنباري في مرفوع، نحو: ما ضرب إلا زيدا عمرو.
وأما تخريجه على مذهب غير الكسائي وأبي الحسن فيقدر له عامل من جنس ما قبله، تقديره هنا: حل من قبل أن تنزل التوراة».
2- {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [4: 64].
في [البحر:3/282] «الظاهر أن قوله: {بِإِذْنِ اللَّهِ} متعلق بقوله: {لِيُطَاعَ}».
وقيل: بأرسلنا، أي وما أرسلنا بأمر الله، أي بشريعته ودينه وعبادته من رسول إلا ليطاع».
3- {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [11: 27].
في [البحر:5/215] «وعلى هذين التقديرين، أعنى أن يكون العامل فيه {نَرَاكَ} أو {اتَّبَعَكَ} يقتضي ألا يجوز ذلك، لأن ما بعد (إلا) لا يكون معمولا لما قبلها، إلا أن كان مستثنى منه... أو مستثنى أو تابعا للمستثنى منه... و {بَادِيَ الرَّأْيِ} ليس واحدا من هذه الثلاثة.
وأجيب: بأنه ظرف والظروف يتسع فيها» أخذ كلام العكبري من غير أن يعترض عليه.
4- {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [17: 102].
انتصب {بَصَائِرَ} على الحال في قول ابن عطية، والحوفي، وأبي البقاء، وقالا: حال من {هَؤُلَاءِ} وهذا لا يصح إلا على مذهب الكسائي والأخفش ومذهب الجمهور أنه لا يجوز، فإن ورد ما ظاهره ذلك أول على إضمار فعل يدل عليه ما قبله... أنزلها بصائر». [البحر:6/86] وانظر [البحر:7/246].




[دراسات عضيمة: ق1، ج1،ص323]


رد مع اقتباس