عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م, 03:39 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

فصل في إدغام دال «قد» وإظهارها
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (فصل في إدغام دال «قد» وإظهارها
اختلف القراء في إدغام دال «قد » وإظهارها عند ثمانية أحرف وهن: الجيم والزاي والذال والصاد والضاد والظاء والسين والشين.
1- فحجة من أدغم دال «قد» في الجيم هي المؤاخاة التي بينهما، وذلك أنهما من حروف الفم، وأنهما مجهوران، وأنهما شديدان، فحسن الإدغام لهذا الاشتراك، والإظهار حسن لأنهما منفصلان، ولأن الإظهار هو الأصل، ولأن الجيم لا تُدغم فيها لام التعريف، كما تدغم في الدال فتباينا بذلك، فأظهرا، ولأن أهل الحرمين وعاصمًا وابن ذكوان على الإظهار وذلك حجة.
2- وحجة من أدغم دال «قد» في الذال أو أظهرها كالحجة في الجيم سواء، وتزيد قوة الإدغام فيهما لأن لام التعريف تُدغم فيهما، غير أن ابن ذكوان أدغم الدال في الذال.
3- وحجة من أدغم دال «قد» في الزاي أنهما اشتركا في المخرج من الفم، وفي أن لام المعرفة تدغم فيهما، وأنهما مجهوران، وزاد الإدغام قوة أن الزاي فيها قوة بالصفير الذي فيها، فإذا أدغمت الدال فيها أبدلت منها زاي، وهي أقوى من الدال، فنقلت الدال إلى حرف هو أقوى منها بالإدغام، فقوي ذلك وحسن، والإظهار حسن أيضًا لأنه الأصل، ولأنهما قد اختلفا في الشدة
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/144]
والرخاوة، الدال شديدة والزاي رخوة ولأنهما اختلفا في الصفير، الزاي فيها صفير، ولا صفير في الدال، فتباينا بذلك، فحسن الإظهار، وبالإظهار قرأ الحرميان وعاصم، وذلك حجة.
4- وحجة من أدغم دال «قد» في الصاد أنهما اشتركا في المخرج من الفم؛ لأن لام المعرفة تدغم فيهما، ولأن الدال فيها قوة بالجهر الذي فيها، ولأن الصاد فيها قوة مكررة بالإطباق والصفير والاستعلاء اللواتي فيها، فحصل للدال بإدغامها في الصاد قوة زائدة، لأنك تبدل منها صادًا، والصاد أقوى من الدال لما ذكرنا، وهذا مما يحسن جواز الإدغام ويقويه، والإظهار حسن لأنه الأصل، ولأن الصاد مهموسة رخوة، وذلك ضعف متكرر فيها، فقد حصل للدال مزيتان على الصاد وهما: الجهر والشدة اللذان في الدال، فحسن الإظهار لذلك؛ لأنك إذا أدغمته أبدلت من الدال حرفًا مهموسًا رخوًا، وقد كانت مجهورة شديدة فعكستها إلى ضعف، ولولا أن الإطباق والصفير اللذين في الصاد يقويانها ما جاز الإدغام، وعلى الإظهار الحرميان وعاصم وابن ذكوان، وذلك حجة، وكذلك الحجة في إدغام دال «قد» في الطاء والضاد، وإظهارها، غير أن الضاد والطاء لا صفير فيهما، وفيهما الجهر كالدال، فحسن الإدغام، لأنك تنقل الدال بالإدغام إلى حرف هو أقوى منها، وعلى الإظهار عندهما الحرميان وعاصم غير ورش.
5- وحجة من أدغم دال «قد» في السين والشين المؤاخاة التي بينهما في المخرج، وفي إدغام لام التعريف فيهن، وأن السين قوية بالصفير الذي فيها، فهي وإن كانت غير مجهورة، فالصفير الذي يوازي الهمس والرخاوة اللذين في السين، التي فيها قوة التفشي، أو يقرب من ذلك، فجاز الإدغام في السين، وفيه بعض البعد، لأنك تبدل من الدال، وهي مجهورة، حرفًا ضعيفًا بالهمس الذي فيه والرخاوة، فإدغام الدال في السين أقوى من إدغامها في الشين؛ لأن السين فيها صفير يقوها، ولا صفير في الشين، وإنما جاز إدغامها في الشين لما في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/145]
الشين من التفشي الذي يقويها، والجهر الذي يزول من الدال عند الإدغام أقوى من التفشي الذي في الشين، فالإظهار عندهما أحسن لما ذكرنا، ولأنه الأصل، ولأنهن منفصلات بعضهن من بعض، ولأنهن قد اختلفن في القوة، ولأن الإدغام يحدث في الأول ضعفًا بعد قوة إذا أدغمت في الشين، وعلى الإظهار عندهما الحرميان وعاصم وابن ذكوان وذلك حجة.
6- وأما علة ورش في تخصيصه الإدغام للدال في الطاء والصاد فهي ما ذكرنا من قوة الصاد والطاء بالإطباق والاستعلاء والجهر والاستطالة اللواتي في الصاد، ولأنهن قد اشتركن في إدغام لام التعريف فيهن، ولأن الدال تزداد قوة عند الإدغام، لأنها يُبدل منها حرف أقوى منها، مع مشاركة الدال للطاء والصاد في الجهر والخروج من الفم، فالإدغام فيها حسن قوي، فلهذا، والله أعلم، خصها ورش بالإدغام فيهما، وكذلك علة ابن ذكوان في إدغامه الدال من «قد» في الطاء والظاء، فأما علة ابن ذكوان في إدغامه الدال في الذال والزاي فهي ما في ذكرنا من قوة الزاي بالصفير والجهر، وقوة الدال بالجهر، فحصل في الإدغام في الزاي نقل الدال إلى ما هو أقوى منها، وحصل في إدغامها في الدال نقلها إلى ما هو مثلها، لا نقص يدخلها، مع أنهن قد اشتركن في المخرج، وفي إدغام لام التعريف فيهن، وأن الإدغام لا ينقص الأول من قوته، فحسن الإدغام لما ذكرنا، والإظهار هو الأصل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/146]


رد مع اقتباس