عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 09:53 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يوسف
[ الآيتين (23) ، (24) ]

{ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) }

قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {هيت لك} [23].
قرأ ابن كثير {هيت لك} بضم التاء.
وقرأ نافع {هيت لك} بكسر الهاء، وابن عامر مثله إلا أن ابن عامر يهمز برواية هشام، وأما هشام فإنه قرأ بضم التاء والخلاف مثله.
وقرأ الباقون {هيت} وهي اللغة الفصحى.
ومعنى {هيت لك} هلم لك فـــ «هيت» و«هلم» و«ادنه» بمعنى. قال أعرابي يخاطب علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/307]
أبلغ أمير المؤمنين أخا العراق إذا أتيتا
أن الحجاز وأهله عنق إليك فهيت هيتا
وإنما صار الفتح أجود؛ لأن الساكن الأول ياء كقولك «كيف» و«أين» و«ليت»، ولا يقال: «كيف» و«أين» و«ليت»، ولو قيل لجاز؛ لأن العرب تكسر لالتقاء الساكنين وتفتح وتضم فالفتح نحو «أين» و«حيث» حكاهما الخليل رضي الله عنه. وبالضم حيث، وهو الأكثر؛ لأن القرآن نزل به. وتقول: جير لأفعلن كذا وكذا كما تقول: والله لأفعلن كذا.
وأخبرني أحمد بن عبدان عن علي عن أبي عبيد أن ابن أبي إسحاق قرأ {وقالت هيت لك} بكسر الياء.
وقرأ يحيى بن وثاب وابن عباس {هئت} بكسر الهاء والهمزة. أخبرنا ابن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال: قال أبو أحمد وكان لألاء، وكان مع القضاة ثم جلس في بيته إنه سأل أبا عمرو عن {هئت لك} قال: نبسي، أي: باطل؟! انظر من الخندق إلى أقصى حجر بالشام هل يقوم أحد (هئت)؟! ولكنه فعلت من تهيأت لك.
وقد روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: «ها أنا لك» فــ «ها» تنبيه. وروى عنه: {هيت لك}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/308]
فذلك سبع قراءات {هيت) و(هيتُ) و(هِيْتَ) و(هَيِتَ) و(هِئتُ) و(ها أنا) و(هُيَّتْ) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/309]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ وعزّ: هيت لك [يوسف/ 23].
فقرأ ابن كثير: هيت لك بفتح الهاء، وتسكين الياء، وضم التاء.
وقرأ نافع وابن عامر: هيت* بكسر الهاء، وسكون الياء، ونصب التاء.
وروى هشام بن عامر بإسناده عن ابن عامر: هئت لك من تهيّأت لك بكسر الهاء وهمز الياء وضمّ التاء.
وكذلك حدّثني ابن بكر مولى بني سليم عن هشام. وقال
[الحجة للقراء السبعة: 4/416]
الحلواني عن هشام: هئت لك مهموز بكسر الهاء وفتح التاء، وهو خطأ، ولم يذكره ابن ذكوان.
أبو عبيدة: هيت لك أي: هلمّ لك، قال رجل لعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه:
أبلغ أمير المؤمنين... أخا العراق إذا أتيتا
أنّ العراق وأهله... عنق إليك فهيت هيتا
أي: هلمّ إلينا.
وقال أبو الحسن: وقد كسر بعضهم التاء، وهي لغة في ذا المعنى، ورفعت في ذا المعنى.
قال: وقراءة أهل المدينة: هيت لك في ذا المعنى، الهاء مكسورة، والتاء مفتوحة، قال: وقال بعضهم: هئت لك مهموز، جعلها من تهيّأت لك، وهي حسنة، إلا أن المعنى الآخر أثبت، لأنها دعته، والمفتوحة في ذا المعنى أكثر اللغات.
[الحجة للقراء السبعة: 4/417]
فأما قولهم: هيّت فلان بفلان: إذا دعاه، فينبغي أن يكون مأخوذا من قوله: هيت لك.
كما أن قولهم: أفف مأخوذ من أفّ، وجعلوها بمنزلة الأصوات، لموافقتها لها في البناء، واشتقوا منها كما اشتقوا من الأصوات نحو: دعدع إذا قالوا: داع داع، ويجري هذا المجرى: سبّح ولبّى إذا قال: سبحان الله، ولبّيك. وأنشد بعض البغداديين:
قد رابني أنّ الكريّ أسكتا... لو كان معنيا بنا لهيّتا
أسكت: صار ذا سكوت، مثل: أجرب وأقطف.
قد تقدم من قول أبي الحسن الأخفش ما يعلم منه: أن في هيت، الذي يراد به اسم الفعل، ثلاث لغات: هيت لك، وهيت لك، وهيت لك إلا أن الهاء مكسورة وذلك قراءة نافع وابن عامر، ونسبه أبو الحسن إلى أهل المدينة ومثل هذه الكلمة في أن الآخر منها قد جازت فيه الحركات الثلاث لالتقاء
[الحجة للقراء السبعة: 4/418]
الساكنين قولهم: كان من الأمر ذيت وذيت وذيت، ولو قرأ قارئ: هيت لك كان اسما للفعل، وفتح كما فتح الآخر من رويد، ألا ترى أنه اسم فعل، كما أن رويد اسم فعل، ولك على هذا للتبيين، بمنزلة لك في قولهم: هلمّ لك، ومثل تبيينهم إياه ب: لك، تبيينهم رويد بالكاف في رويدك، وتبيينهم ها، وهاء بقولهم: هاك، وهاءك، ولك في: هلمّ لك، يتعلق بهذا الاسم الذي سمّي الفعل به، ولا يجوز أن يتعلق بمضمر، لأنك لو علقته بمضمر لصار وصفا، وهذه الأسماء التي سمّيت بها الأفعال لا توصف، لأنها بمنزلة مثال الأمر، فكما لا يوصف مثال الأمر، كذلك لا توصف هذه الأسماء، وقول ابن كثير:
هيت لك بضم التاء لغة في ذا المعنى وحرّك الآخر بالضم، كما حرّك آخر ما ذكرته من ذيت، وحيث في أنه حرّك مرّة بالضم وأخرى بالفتح لالتقاء الساكنين. ومعنى هيت: هلمّ، وقد تقدم تفسيره بقول أبي عبيدة.
وقراءة ابن عامر فيما روى هشام عنه: هئت لك بكسر الهاء والهمزة وضم التاء، وجهها أنه فعلت من الهيئة، والتاء في هئت ضمير الفاعل المسند إليه الفعل.
قال أبو زيد: هئت للأمر أهيء هيئة، وهيّأت، فهئت:
فعلت، وقال غير أبي زيد: رجل هيّئ صيّر شيّر، إذا كان حسن الهيئة والصورة، والشارة، ونظير ما حكاه أبو زيد من هئت وتهيأت قولهم: فئت وتفيّأت، وفي التنزيل يتفيأ ظلاله [النحل/ 48]، وحتى تفيء إلى أمر الله [الحجرات/ 9]، فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم [البقرة/ 226].
[الحجة للقراء السبعة: 4/419]
ويجوز في قراءة من حذف الهمزة أن يقول: هيت لك بغير همز، والتاء ضمير الفاعل، أن يكون خفّف الهمزة كما تخفّف من: جئت، وشئت، وفئت، ومن الأسماء نحو: ذيب، وبير. فإن قلت: فلم لا يكون: هئت* في الآية من: هؤت بالرجل خيرا أهوء به هوءا؛ إذا أزننته به، حكاه أبو زيد، ويكون الفعل مبنيا للمفعول دون الفاعل مثل: سؤت زيدا، وسيء زيد، وسيئت، قيل: لا يشبه ذلك، لأن سياق الآية يدلّ على التهيؤ الذي هو استعداد، وليس المعنى على التّهمة والإزنان، ألا ترى أن المراودة وتغليق الأبواب إنما هو تهيّؤ وتعمّل لطلب الخلوة وما تلتمسه المرأة فيها! وأما ما رواه الحلواني عن هشام: هئت* مهموزا بفتح التاء وكسر الهاء، فهو أن يشبه أن يكون وهما من الراوي، لأن الخطاب يكون من المرأة ليوسف، وهو لم يتهيأ لها، يبيّن ذلك أن في السورة مواضع تدلّ على خلاف ذلك من قوله: وراودته التي هو في بيتها عن نفسه [يوسف/ 23]، وقوله: امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه [يوسف/ 30] وقوله: أنا راودته عن نفسه [يوسف/ 32] وقوله: ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب [يوسف/ 32]، ولو كان على هذه الرواية لقالت له: هيت لي، فالوهم في هذه الرواية ظاهر). [الحجة للقراء السبعة: 4/420]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك: [هِئْتُ لك] بالهمز وضم التاء، قرأ بها علي -عليه السلام- وأبو وائل وأبو رجاء ويحيى، واختُلف عن ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة وطلحة بن مُصَرِّف وأبي عبد الرحمن. وقرأ: [هَيْتِ لَكَ] بفتح الهاء وكسر التاء ابن عباس بخلاف وابن محيصن وابن أبي إسحاق وأبو الأسود وعيسى الثقفي. وقرأ: [هُيِّئْتُ لَكَ] ابن عباس.
قال أبو الفتح: فيها لغات: هَيْتَ لك، وهِيتَ لك، وهَيْتُ لك، وهَيْتِ لك. وكلها أسماء سمي بها الفعل بمنزلة صَه ومَه وإيه في ذلك.
ومعنى [هَيْتَ] وبقية أخواتها: أَسْرِعْ وبادرْ، وقال:
أبلغ أمير المؤمنين ... أخا العراق إذا أتيتا
إن العراق وأهله ... عُنُق إليك فهَيْتَ هَيْتَا
وقال طرفة:
ليس قومي بالأَبعدين إذا ما ... قال داع من العشيرة: هَيْتُ
هم يجيبون: وا هَلُمَّ سراعا ... كالأَبَابِيل لا يُغَادَرُ بيْتُ
والحركات في أواخرها لالتقاء الساكنين.
وأما [هِئْتُ] بالهمز وضم التاء فَفِعْل، يقال فيه: هِئْتُ أَهِيءُ هيئة كجئت أجيء جيئة؛ أي: تهيأت. وقالوا أيضًا: هِئْتُ أَهَاءُ كخفت أخاف، هذا بمعنى خذ. قال:
أفاطم هائي السيف غير مُذَمَّمِ
[المحتسب: 1/337]
أي: خذي السيف.
فأما قول الله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ}، فحديث غير هذا وتصريف سواه، وفيه طول. وقد ذكرناه في كتاب الخصائص.
وأما [هُيِّئْتُ لك] ففعل صريح كهِئْتُ لك، كقولك: أُصْلِحْتُ لك؛ أي: فدونك، وما انتظارك؟ واللام متعلقة بنفس هَيْتَ وهَيْتِ وهِيتَ وهَيْتُ كتعلقها بنفس هلم من قولهم: هَلُمَّ لك، وإن شئت كانت خبر مبتدأ محذوف؛ أي: إرادتي لذلك.
فأما [هئتُ لك] و[هيِّئتُ] فاللام فيه متعلقة بالفعل نفسه، كقولك: أُصْلِحْتُ لكذا وصَلَحْت لكذا). [المحتسب: 1/338]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقالت هيت لك}
قرأ أهل العراق هيت لك بفتح الهاء والتّاء أي هلمّ وتعال وأقبل إلى ما أدعوك إليه وحجتهم قول الشّاعر
ابلغ أمير المؤمنين ... أخا العراق إذا أتيتا
أن العراق وأهله .... عنق إليك فهيت هيتا
[حجة القراءات: 357]
قال الزّجاج أما فتح التّاء في هيت فلأنّها بمنزلة أصوات ليس منها فعل يتصرّف ففتحت التّاء لسكونها وسكون الياء واختير الفتح لأن قبل التّاء ياء كما قالوا كيف وأين
وقرأ أهل المدينة والشّام {هيت} وهي لغة وقرأ ابن كثير {هيت} بفتح الهاء وضم التّاء وحجته قول الشّاعر
ليس قومي بالأبعدين إذا ما ... قال داع من العشيرة هيت
هم يجيبون ذا هلمّ سراعًا ... كالأبابيل لا يغادر بيت
فأما الضّم من {هيت} فلأنّها بمعنى الغايات كأنّها قالت دعائي لك فلمّا حذفت الإضافة وتضمنت هيت معناها بنيت على الضّم كما بنيت حيث
وقرأ هشام (هئت) بالهمز من الهيئة كأنّها قالت تهيأت لك). [حجة القراءات: 358]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {هيت لك} قرأه نافع وابن عامر بكسر الهاء وفتح التاء، غير أن هشامًا همز موضع الياء همزة ساكنة، وقرأ الباقون بفتح التاء والهاء، من غير همز، غير أن ابن كثير ضم التاء، وفتح الهاء وكسرها لغتان، وفتح التاء على المخاطبة من المرأة ليوسف على معنى الدعاء له والاستجلاب له إلى نفسها، على معنى: هلم لك، أي تعالى يا يوسف إلي، فأما من ضم التاء فعلى الإخبار عن نفسها بالإتيان إلى يوسف، ودل على ذلك قراءة من همز؛ لأنه يجعله من «هيأت لك» تخبر عن نفسها أنها متصنعة له متهيئة، وقد تحتمل قراءة من لم يهمز أن تكون على إرادة الهمز، لكن خفف الهمزة، فيكون من «تهيأت» فيكون فعلًا، ولا يحسن ذلك ويتمكن إلا على قراءة من ضم الياء؛ لأنها تخبر عن نفسها بذلك، والتاء مضمومة، ويبعد الهمز في قراءة من فتح التاء لأنه إذا فتح التاء فإنه يخاطب، وتاء المخاطب مفتوحة، فيصير المعنى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/8]
أنها تخبره أنه تهيأ لها، والمعنى على خلاف ذلك، لأنها هي التي دعته وتهيأت له، لم يدعها هو لا تهيأ لها، يعيذه الله من ذلك، حكى أبو زيد «هيت للأمر أهيء هيئة وتهيأت» ويجوز أن يكون على هذا الاشتقاق «هيت» فعلًا، ويكون الفعل إذا كسرت الهاء مبنيًا للمفعول على «فعلت» والأول أليق بالمعنى، لأن معناه في الهمز الاستعداد، والتهيؤ له، وليس المعنى على التهمة والارتياب. وقرأه هشام بالهمز وفتح التاء، وهو وهم عند النحويين؛ لأن فتح التاء للخطاب ليوسف، فيجب أن يكون اللفظ: قالت هيت لي؛ أي تهيأت لي يا يوسف، ولم يقرأ بذلك أحد. وأيضًا فإن المعنى على خلافه؛ لأنه كان يفر منها ويتباعد عنها، وهي تراوده وتطلبه، وتقدُّ قميصه، فكيف تخبره عن نفسه أنه تهيأ لها، هذا ضد حالهما، وقد قال يوسف: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} «52» وهو الصادق في ذلك، فلو كان تهيأ لها لم يقل هذا، ولا ادعاه، والاختيار فتح التاء لصحة معناه، والهمز وتكره سواء، وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: أقرأني النبي عليه السلام {هيت لك} بفتح الهاء والتاء وبذلك كان هو يقرأ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/9]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {هِيْتَ لَكَ} [آية/ 23] بكسر الهاء وفتح التاء:
قرأها نافع وابن عامر.
والوجه أن «هيتَ» بمعنى هلُم، وهو من الأسماء التي سُميت بها الأفعال، وإنما فُتح؛ لأنه التقى ساكنان أولهما ياء ففُتح الآخر كما في كيف لذلك.
وقرأ ابن كثير {هَيْتُ} بفتح الهاء وضم التاء.
وقرأ الباقون {هَيْتَ} بفتح الهاء والتاء جميعًا.
والوجه أن في هذه الكلمة ثلاث لغات:
هِيتَ بكسر الهاء وفتح التاء، وقد ذكرناه، وهَيْتُ بفتح الهاء وضم التاء، وهَيْتَ بفتح الهاء والتاء، والكل بمعنى هلُم.
والكلمة مبنية على ما سبق؛ لأنها اسم سمي به الفعل، والحركات الثلاث كلها جائزة فيها؛ لالتقاء الساكنين، فالفتح ككيف، والضم كحيث، والكسر كجير.
[الموضح: 675]
وقوله {لك} للتبين، بمنزلته في قولهم هلم لك، يدل على المقصود بالخطاب.
وقرأ بعضهم {هِئْتُ لك} بكسر الهاء وضم التاء وهمز بينهما على مثال جِئْتُ، وهي قراءة شاذة.
والوجه أنها فعلت من الهيئة، والتاء ضمير الفاعل، ويجوز فيه تخفيف الهمزة كما جاز في جبت وشيت وذئب وبئر). [الموضح: 676]

قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {من عبادنا المخلصين} [24].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {المخلصين} بكسر اللام في جميع القرآن؛ لأن الله تعالى وصفهم بالإخلاص كما قال: {مخلصين له الدين} يقال: أخلص يخلص إخلاصًا فهو مخلص.
وقرأ الباقون {مخلصين} بفتح اللام على أنهم مفعولون، الله أخلصهم فصاروا مخلصين، وحجتهم قوله تعالى: {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} وقد شاركوا أبا عمرو وأصحابه في (مريم) بكسر اللام: {إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا} وإنما كسروا هذا الحرف ليبينوا أن اللغتين جائزتان). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/309]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر اللام وفتحها من قوله جلّ وعزّ: المخلصين*، [24].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: المخلصين ومخلصا* [مريم/ 51] بكسر اللام، وتابعهم نافع في قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 4/420]
إنه كان مخلصا في مريم بكسر اللام، وقرأ سائر القرآن المخلصين بفتح اللام، فأما ما فيه الدين [الأعراف/ 29، والزمر/ 11] أو ديني [الزمر/ 14]، فلم: يختلف فيه أنه بكسر اللام.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: المخلصين، ومخلصا في سائر القرآن بفتح اللام.
حجّة من كسر اللام من المخلصين* ومخلصا* قوله:
وأخلصوا دينهم لله [النساء/ 146]. فأما قراءة نافع في مريم: مخلصا بكسر اللام فعلى معنى أنه كان مخلصا دينه، أو مخلصا عبادته.
فأما ما فيه الدين كقوله: مخلصين له الدين [غافر/ 14] قل الله أعبد مخلصا له ديني [الزمر/ 14] فلأن الدين وديني مفعول به، وفي اسم الفاعل ذكر مرتفع بأنه فاعل. ومعنى: مخلصا له ديني: أي: أتوجه في عبادتي إليه، من غير مراءاة في ذلك، وكذلك مخلصين له الدين أي: لا يشركون في عبادته أحدا، كما قال: ولا يشرك بعبادة ربه أحدا [الكهف/ 110]، ولم يكونوا كمن قال: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى [الزمر/ 3]. وأقول في ذلك: أخلصت ديني لله، ولا يكون أخلصت ديني لله، كما لا يكون: أخلصوا دينهم لله، ويجوز في التي في الزّمر: وهو مخلصا له ديني أي: أخلصه أنا، ومخلصا له ديني أي: يخلص ديني له، يكون هو المخلص في المعنى، إلّا أنه بني الفعل للمفعول به، وهذا يجوز في العربية.
[الحجة للقراء السبعة: 4/421]
وحجة من كسر اللام قوله: وأخلصوا دينهم لله، فإذا أخلصوا فهم مخلصون، كما أنهم إذا أخلصوا لهم كانوا مخلصين). [الحجة للقراء السبعة: 4/422]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّه من عبادنا المخلصين}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {المخلصين} بكسر اللّام في جميع القرآن أي أخلصوا دينهم وأعمالهم من الرّياء وحجتهم قوله {وأخلصوا دينهم} وقوله {مخلصا له ديني} فإذا
[حجة القراءات: 358]
أخلصوا فهم مخلصون تقول رجل مخلص مؤمن فترى الفعل في اللّفظ له
وقرأ أهل المدينة والكوفة {المخلصين} بفتح اللّام أي الله أخلصهم من الأسواء والفواحش فصاروا مخلصين وحجتهم قوله تعالى {إنّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدّار} فصاروا مخلصين بإخلاص الله إيّاهم). [حجة القراءات: 359]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (15- قوله: {المخلصين} قرأ نافع وأهل الكوفة بفتح اللام، حيث وقع، فيما فيه ألف ولام، بنوا الفعل للمفعول من «أخلص» فهو مخلص؛ لأن الله جل ذكره أخلصهم، أي اختارهم لعبادته، وقرأ الباقون
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/9]
بكسر اللام، بنوا الفعل للفعل من «أخلص» فهو ملخص، والمفعول محذوف فأضافوه إلى العبادة؛ لأنهم أخلصوا أنفسهم لعبادة الله.
وفتح اللام أحب إلي لأنهم لم يخلصوا أنفسهم لعبادة الله إلا من بعد ما اختارهم الله وأخلصهم لذلك، وقد قال تعالى ذكره: {وأخلصوا دينهم لله} «النساء 146» وأيضًا فإن عليه الأكثر، فأما قوله: {مخلصًا} في «مريم 15».
فإن الكوفيين قرؤوه بفتح اللام، وهو الاختيار وقرأه الباقون بكسر اللام. والحجة فيه كالحجة فيما ذكرنا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/10]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {المخلِصِينَ} [آية/ 24] بكسر اللام في كل القرآن:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب، وكذلك في مريم {إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصًا}، وتابعهم نافع في سورة مريم في قوله {مُخْلِصًا} فكسرها.
واتفقوا على كسر اللام فيما فيه الدين نحو {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} و{مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} ونحوهما.
[الموضح: 676]
والوجه أن المعنى المخلصين دينهم، فحُذف المفعول بدلالة ما ظهر فيه الدين مما قدمناه.
وإنما اتفقوا على كسر اللام فيما فيه الدين؛ لأنهم لو فتحوا اللام لبقي الدين المنصوب بلا ناصب، فكسروا اللام؛ لأن المعنى هم الذين أخلصوا الدين، وما ليس فيه ذكر الدين فإنه محمول على ما فيه ذكره.
وقرأ الباقون {المُخْلَصِينَ} و{مُخْلَصًا} بفتح اللام في كل القرآن إذا لم يكن فيه ذكر الدين.
والوجه أن الفعل فيه مبنيٌّ للمفعول به؛ لأن المعنى أُخلصوا فهم مخلصون، والمراد أخلصهم الله تعالى). [الموضح: 677]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس