عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:27 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (80) إلى الآية (84) ]

{ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)}

قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80)}

قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أتأتون الفاحشة... (80) أئنّكم... (81) ونظائره.
قرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو وحمزة بالجمع بين الاستفهامين في كل القرآن، إلا أن ابن كثير يترك الاستفهام الأول في العنكبوت فقط، وخالف حفص أبا بكر في موضعين: فقرأ ها هنا (إنّكم لتأتون الرّجال) بغير استفهام، ومثله في العنكبوت (إنّكم لتأتون الفاحشة) في الأول على لفظ الخبر، واتفقا في سائر الاستفهام.
وكذلك كان نافع والكسائي ويعقوب يكتفون بالاستفهام الأول من الثاني، فيقرأون (أإذا كنّا ترابًا أإنّا لفي خلقٍ جديدٍ) على لفظ الخبر في كل القرآن في مثل هذا أو نحوه إذا أتى استفهامان يتصلان، إلا مواضع
[معاني القراءات وعللها: 1/411]
فإنهم افترقوا فيها.
فجمع الكسائي بين الاستفهامين في قصة لوط هنا، وفي العنكبوت، وقرأ في النمل (أإذا كنّا ترابًا) مستفهمًا (إنّنا لمخرجون) بنونين، ومضى في سائر القرآن على ترك الثاني.
واستمر نافع على أصله في كل القرآن، إلا في النمل والعنكبوت فقرأ في النمل (إذا كنّا ترابًا) على الخبر (أئنّا لمخرجون)، وكذلك في العنكبوت، قرأ (إنّكم لتأتون الفاحشة) على لفظ الخبر، (أئنّكم لتأتون الرّجال) فاستفهم بالثاني وترك الأول في هذين الموضعين.
وقرأ يعقوب بالجمع بين الاستفهامين في قصة لوط هنا، وفي النمل في قوله: (أإذا كنّا ترابًا وآباؤنا أئنّا لمخرجون).
وقرأ في العنكبوت بترك الاستفهام الأول (إنّكم لتأتون الفاحشة)، واستفهم قوله (أئنّكم لتأتون الرّجال).
وكان ابن عامر يكتفي بالاستفهام الثاني من الأول في كل القرآن إلا في ثلاثة مواضع خلاف أصله فيها: فقرأ في النمل مثل الكسائي سواء، وقرأ في الواقعة بالجمع بين الاستفهامين جميعا قوله (أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أإنّا لمبعوثون)، لم يجمع بين الاستفهامين إلا هنا، وقرأ في النازعات مثل نافع، استفهم الأول وترك الثاني.
[معاني القراءات وعللها: 1/412]
وكل القراء متفقون على الاستفهام في قوله في النمل (أئنّكم لتأتون الرّجال)، وذلك أنها مكتوبة في المصحف (أينّكم) بياء ونون قبل الكاف، واختلفت مذاهبهم في الهمز، فكان ابن كثير والحضرمي يقرآن (أيذا) (أينّكم)، (أينّا لمردودون) (أين ذكّرتم) بهمزة مقصورة بعدها ياء ساكنة في كل القرآن من هذا الجنس.
وكان نافع وأبو عمرو يقرآن (ءايذا) (ءاينكم) بهمزة مطولة بعدها ياء ساكنة.
والباقون يحققون الهمزتين (أئذا) (أئنّكم (أئنا) في كل هذا الباب، وهم ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي.
قال أبو منصور: وقد ذكرنا اختلاف القراء في هذه الحروف من الجمع بين الاستفهامين، ومن ترك أحدهما، وما افترقوا فيه من تطويل الهمزة وتخفيفها، وهي لغات كلها جائزة، وكل ما قرئ به فهو معروف، ومعانيها متفقة، ولا اختلاف في جوازها). [معاني القراءات وعللها: 1/413]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {إنكم لتأتون الرجال} [81].
اختلف القراء في الجمع بين الاستفهامين. فكان نافع والكسائي يخبران بالأول عن الثاني فلا يستفهمان بهما معًا.
وحجتهما قوله: {أفإن مت فهم الخالدون} ولم يقل أفهم؟ وقوله: {أفإن مات أو قتل انقلبتم} على أن الكسائي خالف نافعًا في (النمل) فقرأ {إننا لمخرجون} بنونين فاستفهم في قصة لوط بهما واستفهم نافع في (العنكبوت) بالثاني دون الأول؛ لأن ابن عامر شبه جمع الاستفهامين بالاستفهام وجوابه، كقولك: أقام زيد أم عمرو، والعرب تخزل ألف الاستفهام وتبقى «أم» كثيرًا، قال امرؤ القيس:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/192]
تروح من الحي أم تبتكر = وماذا يضرك لو تنتظر
وقال الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط = ملث الظلام من الرباب خيالا
وقرأ الباقون بالجمع على الاستفهامين على أصل الكلمة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/193]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في الاستفهامين يجتمعان، فاستفهم فيها بعضهم، واكتفى بعضهم بالأول من الثاني.
فممن استفهم بهما جميعا عبد الله بن كثير، وأبو عمرو، وعاصم في رواية أبي بكر، وحمزة كانوا يقرءون: ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة... أئنكم لتأتون الرجال
[الحجة للقراء السبعة: 4/42]
[الأعراف/ 80، 81]، أإذا كنا ترابا [الرعد/ 5]، وما كان مثله في كلّ القرآن باستفهام.
وروى حفص عن عاصم: إنكم في الأعراف. مثل نافع، وكذلك في العنكبوت [28 - 29] غير أنّهم اختلفوا في الهمز.
وقرأ عاصم بهمزتين، وكذلك حمزة، ولم يهمز ابن كثير، وأبو عمرو إلّا واحدة.
وممّن اكتفى بالاستفهام الأول من الثاني: نافع والكسائيّ؛ فكانا يقرءان: أءذا كنا ترابا إنا لفي خلق جديد [الرعد/ 5]، أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما إنا لمبعوثون [الصافات/ 16]، وما كان مثله في القرآن كلّه، إلّا أن الكسائيّ همز همزتين ونافع لم يهمز إلّا واحدة.
وخالف نافع الكسائي في قصة لوط، فكان نافع يمضي على ما أصّل، وكان الكسائيّ يقرأ بالاستفهامين جميعا في قصة لوط، ثم اختلفا في العنكبوت: أئنكم لتأتون الرجال [الآية/ 29]؛ فكان نافع يستفهم بالثاني ولا يستفهم بالأول، وكان الكسائيّ يستفهم بهما جميعا.
اختلفوا في سورة النمل في قوله: وقال الذين كفروا
[الحجة للقراء السبعة: 4/43]
أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا [67] باستفهام.
فقرأ الكسائيّ أإذا كنا ترابا بهمزتين. وو آباؤنا إننا بنونين من غير استفهام.
وقرأ ابن عامر ضد قراءة نافع والكسائي في عامّة ذلك، فكان لا يستفهم بالأول ويستفهم بالثاني، وهمز همزتين في كلّ القرآن إلّا في حرفين؛ فإنه خالف فيهما هذا الأصل؛ فقرأ في الواقعة: أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا [الآية/ 47]، جمع بين الاستفهامين. وفي النازعات: أئنا لمردودون في الحافرة [الآية/ 10] بالاستفهام، إذا كنا عظاما* [الآية/ 11] بغير استفهام، وقرأ في النمل غير ذلك:
وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا إننا لمخرجون [الآية/ 67] كقراءة الكسائي، ومضى في العنكبوت على الأصل الذي أصّل من ترك الاستفهام في الأول.
قوله: أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها [الأعراف/ 80] إنكم لتأتون الرجال [الأعراف/ 81]. كل واحد من الاستفهامين كلام مستقل لا حاجة بواحد من الكلامين إلى الآخر فيما يستقل به.
[الحجة للقراء السبعة: 4/44]
فلو قال: إنّ قوله: إنكم لتأتون الرجال تقرير؛ فهو بمنزلة الإخبار، وإن كان على لفظ الاستفهام وإذا كان كذلك جعلت: أئنكم لتأتون الرجال تفسيرا للفاحشة، كما أن قوله: للذكر مثل حظ الأنثيين [النساء/ 176] تفسير للوصية؛ لكان قولا.
فأمّا قوله: أئذا كنا ترابا وآباؤنا إننا [النمل/ 67] فليس مثل قوله: أتأتون الفاحشة [الأعراف/ 80] أئنكم لتأتون الرجال [الأعراف/ 81]، لأنّ الاستفهامين هنا قد استثقلا وليس كذلك قوله: أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا، ألا ترى أنّ قوله: إذا* في قوله: إذا كنا ترابا، ظرف من الزمان يقتضي أن يكون متعلقا بشيء، وليس في الكلام ما يتعلق به.
فإن قلت: فلم لا يتعلق إذا* بقوله: كنا*؟ قيل: لا يجوز ذلك، لأنّ كنّا مضاف إليه، ألا ترى أنّ إذا مضاف إلى كنّا، والمضاف والمضاف إليه لا يكون منهما كلام مستقل، كما لا يكون من الصفة والموصوف.
فإن قلت: فاجعل الفعل في موضع جزم بإذا لتكون إذا معمولة. فإنّ ذلك لم يجيء في الكلام، إنّما يجيء في الشعر،
[الحجة للقراء السبعة: 4/45]
فإذا كان كذلك، فلا بدّ من تعليق إذا بشيء يكون معمولا، ويستقلّ به الكلام، وذلك نبعث أو نحشر، التقدير: أنبعث إذا كنا ترابا. فحذف نبعث في اللفظ لدلالة: أئنا لمبعوثون عليه- ولا يجوز أن يتعلق إذا في قوله: أإذا كنا ترابا بقوله:
مبعوثون لأنّ ما قبل الاستفهام لا يعمل فيه ما بعد الاستفهام، ولكن يتعلق بالمضمر الذي ذكرنا.
ومثل ذلك قوله: يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين [الفرقان/ 22]، فقوله: يوم يرون الملائكة متعلق بما دلّ عليه هذا الكلام من قوله: يحزنون، ولا يتعلق بشيء مما بعد لا* من قوله: لا بشرى يومئذ للمجرمين.
قال: روى حفص عن عاصم إنكم* في الأعراف مثل نافع؛ وكذلك في العنكبوت، غير أنّهم اختلفوا في الهمز.
فقرأ عاصم بهمزتين، وكذلك حمزة، ولم يهمز ابن كثير، وأبو عمرو، إلّا واحدة، يريد أحمد بن موسى بقوله: إلّا واحدة، أنهم خففوا إحدى الهمزتين، ولم يحقّقوهما كما حقّقهما عاصم وحمزة.
قال: وممّن اكتفى بالاستفهام الأول من الثاني نافع
[الحجة للقراء السبعة: 4/46]
والكسائيّ، وكانا يقرءان: أئذا كنا ترابا، إنا لفي خلق جديد [الرعد/ 5] أءذا متنا وكنا ترابا.. إنا لمبعوثون [الواقعة/ 47] وما كان مثله في القرآن كلّه، إلّا أنّ الكسائيّ همز همزتين ونافع لم يهمز إلّا واحدة.
يريد أحمد بقوله: إلّا أنّ الكسائيّ همز همزتين، أنّه حقّقهما كما يحقّقهما عاصم وحمزة، وخفّف نافع إحداهما.
والقول في قوله: أءذا كنا ترابا، إنا لفي خلق جديد:
أنّ إذا متعلق بفعل مضمر يدلّ عليه قوله: إنا لفي خلق جديد* تقديره: أإذا كنّا ترابا نبعث أو نحشر أو نعاد، لأنّ قوله:
إنا لفي خلق جديد*، يدلّ على هذا الضرب من الفعل، ولا يجوز أن يتعلق إذا بجديد؛ لأنّ ما بعد إن لا تعمل فيما قبلها، كما أنّ ما بعد لام الابتداء، لا يعمل فيما قبلها، وكذلك القول في قوله: أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما إنا لمبعوثون [المؤمنون/ 82].
قال أحمد: وخالف نافعا الكسائيّ في قصة لوط، فكان نافع يمضي على ما أصّل، وكان الكسائيّ يقرأ بالاستفهامين جميعا في قصة لوط: وقد تقدم ذكر ذلك.
قال أحمد: واختلفا في قوله في العنكبوت: أئنكم
[الحجة للقراء السبعة: 4/47]
لتأتون الرجال، فكان نافع يستفهم بالثاني ولا يستفهم بالأول، وكان الكسائيّ يستفهم بهما جميعا.
كل واحد من الاستفهامين جملة مستقلة لا تحتاج في تمامها إلى شيء، فمن ألحق حرف الاستفهام جملة نقلها به من الخبر إلى الاستخبار، ومن لم يلحقها بقّاها على الخبر.
واختلفا في سورة النمل في قوله: وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا [الآية/ 67].
فقرأ نافع وقال الذين كفروا إئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا باستفهام.
وقرأ الكسائيّ: أئذا كنا ترابا بهمزتين، وآباؤنا إننا بنونين من غير استفهام.
وجه قراءة نافع: إذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا أن إذا* لا بدّ من أن يحمل على فعل، يدلك على ذلك أنّه لا يخلو من أن يترك الكلام على ظاهره؛ فلا يضمر شيء، أو يضمر الفعل؛ ليحمل إذا عليه، فلا يجوز إن ترك على ظاهره، لأنّ ما بعد الاستفهام. لا يعمل فيما قبله، وكذلك ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها، وقد اجتمع الأمران في قوله: إذا كنا ترابا أئنا.
فإذا لم يجز حمل إذا على شيء من هذا الكلام ظاهر،
[الحجة للقراء السبعة: 4/48]
فلا بدّ من إضمار الفعل وتقدير ذلك الفعل: أنبعث أو نحشر، أو نخرج، ودلّك قوله: إنا لمبعوثون* على ذلك، وكذلك قراءة الكسائي: أإذا كنا ترابا، وآباؤنا بهمزتين أيضا، وينبغي أن يقدر فعل في الكلام، يتعلق إذا به، يدلّ على ذلك أنّ إذا لا يجوز تعلّقها بشيء قبلها، لأنّ ما في حيّز الاستفهام ينقطع مما قبله، فلا يتعلق به، ولا يجوز أن يتعلق [ما بعد إنّ من قوله]: إنّنا، لأنّ إنّ لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، كما أنّ الاستفهام، ولام الابتداء، كذلك. ومثلهما في هذا لا* النافية التي تبنى مع المفرد المنكور على الفتح، نحو: لا رجل؛ فإذا لم يجز تعلّقها بما قبلها، ولا بما بعدها فلا بدّ من فعل مضمر يتعلق به إذا، وهو الفعل الذي تقدّم ذكره، ولا يجوز تعلّق إذا بالفعل الذي بعدها، لأنّها مضافة إليه، ولو جاز ذلك لجاز:
القتال زيدا حين يأتي، يريد: القتال حين يأتي زيدا.
وأمّا قراءته: إننا* بنونين؛ فلأنّه جاء به على الأصل، ومن قرأ: إنا* حذف من النونات واحدة كراهة اجتماع الأمثال والمحذوفة، وهي الوسطى، لأن علامة الضمير لا تحذف.
فإن قلت: إن التكرير إنّما وقع بالتي هي علامة الضمير، فهي لذلك أولى بالحذف. قيل: إنه* وإن كان كذلك لم يحذف، لأنّها لم تحذف في موضع، ونظير ذلك في أن الحذف وقع في غير الآخر قولهم: في تحقير ذا* ذيّا حذف
[الحجة للقراء السبعة: 4/49]
الأول من الأمثال، وكان أصله: ذييّا، فلم تحذف الياء للتحقير، ولم تحذف التي هي لام لما كان يلزم من تحريك ياء التحقير، وهي لم تحرّك في موضع.
قال: وقرأ ابن عامر ضدّ قراءة نافع والكسائي في عامة ذلك، فكان لا يستفهم بالأول ويستفهم بالثاني، ويهمز همزتين في كلّ القرآن إلّا في حرفين.
[قال أبو علي]: إلحاق حرف الاستفهام الأول نحو:
أءذا كنا ترابا... إنا لمبعوثون أحسن لأمرين:
أحدهما: أنّ قوله: لمبعوثون*، لمّا كان يدلّ على يبعث ونحوه مما يتعلق إذا* به صار كجزء من الكلام الذي دخل عليه حرف الاستفهام.
والآخر: أنّ الكلام الأول إذا دخل عليه الاستفهام قد ذكر حرفه، وأريد في الكلام الثاني كان أحسن لأنّه على الاستفهام أدلّ.
ووجه قول ابن عامر: أنّ الدلالة مما تذكر بعد قد يكون كالدّلالة فيما يذكر قبل، ألا ترى أنّ من قرأ: ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم [آل عمران/ 180] إنما يريد: لا تحسبنّ بخل الذين يبخلون؛
[الحجة للقراء السبعة: 4/50]
فأضمر البخل لدلالة ما يجيء من بعد عليه في قوله: يبخلون فكذلك الاستفهام إذا ذكر حرفه بعد، يدل على إرادته فيما تقدمه.
ووجه قراءة ابن عامر في الواقعة: أإذا متنا وكنا ترابا أئنا [الآية/ 47]. فعلق إذا* بالمضمر على ما تقدّم، وقراءته في النازعات: أئنا لمردودون في الحافرة. إذا كنا [الآية/ 10 - 11] فإنّ قوله إذا* إذا لم يدخل عليه حرف الاستفهام، جاز تعلقه بقوله: مردودون، وإذا ألحق إذا حرف الاستفهام، لم يكن بدّ من إضمار فعل.
قال: وقرأ في النمل غير ذلك: وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا إننا لمخرجون [الآية/ 67]، كقراءة الكسائي، ومضى في العنكبوت على ما أصّل من ترك الاستفهام في الأول.
قوله: إذا كنا ترابا* ينبغي أن يتعلق بمضمر على نحو ما تقدّم به القول في نحوه). [الحجة للقراء السبعة: 4/51]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّكم لتأتون الرّجال}
قرأ نافع وحفص {إنّكم لتأتون الرّجال} بكسر الألف على الخبر
وقرا ابو عمرو (ءاينكم) بهمز ثمّ بمد بعد الهمز أصل الكلمة إنّكم ثمّ دخلت همزة الاستفهام وصار أئنكم فاستثقل الجمع بين الهمزتين فأدخل بينهما ألفا ليبعد المثل عن المثل ويزول الاجتماع فيخف اللّفظ فصار ءائنكم ثمّ لين الثّانية فصار ءاينكم وحجته أن العرب تستثقل الهمزة الواحدة فتخففها في أخف أحوالها وهي ساكنة نحو كأس وبأس وتقلّبها ألفا فإذا كانت تخففها وهي وحدها فأن تخففها ومعها مثلها أولى
[حجة القراءات: 287]
وقرأ ابن كثير (أينكم) بهمزة واحدة غير مطوّلة وهو أن تحقق الأولى وتخفف الثّانية والثّانية إذا خففت جعلت بين الهمزة وبين الحرف الّذي عنه حركة الهمزة وهو ها هنا همزة مكسورة والأصل إنّكم ثمّ دخلت همزة الاستفهام فصار أئنكم ثمّ لين الثّانية فصار أينكم
قرأ ابن عامر في رواية هشام (ءائنكم) بهمزتين بينهما مدّة وهو أن تزاد الألف بين الهمزتين ليبعد المثل عن المثل فيخف اللّفظ بالهمزتين مع الحائل بينهما وهو المدّة
وقرأ ابن عامر وأهل الكوفة {أئنكم} بهمزتين وحجتهم أن الهمزة حرف من حروف المعجم كغيره من سائر الحروف جاز الجمع بينهما من غير تغيير كقوله {أتمدونن بمال} و{لعلّكم تتفكرون} فجعلوا الهمزتين كغيرهما من سائر الحروف فافهم ذلك وقس وابن على هذا جميع ما يأتي في القرآن من هذا النّوع من اختلاف القرّاء على ما بيّنت لك). [حجة القراءات: 288]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (24- قوله: {إنكم لتأتون} قرأ نافع وحفص على الخبر، بهمزة واحدة مكسورة، وقرأ الباقون بهمزتين على لفظ الاستفهام، الذي في معناه التوبيخ، غير أن ابن كثير يسهل الثانية بين الهمزة والياء، وأبا عمرو يفعل كذلك، ويدخل بين الهمزتين ألفًا فيمد، وهشامًا يدخل بين الهمزتين ألفًا مع تخفيفهما.
وحجة من قرأه على الخبر أنه جعل {إنكم لتأتون} تفسيرًا للفاحشة المذكورة، فلم يحسن إدخال ألف الاستفهام عليه، لأنها تقطع ما بعدها مما قبلها.
25- وحجة من قرأ بالاستفهام أنه لما رأى {أتأتون الفاحشة} وما بعده كلامًا تامًا ابتدأ بالجملة الثانية بالاستفهام، لتأكيد التوبيخ لهم والتقرير، فبنى الجملتين على كلامين، كل واحد قائم بنفسه في معناه، فذلك أصح وأبين وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/468]

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)}

قوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83)}

قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس