عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 11:06 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المائدة
[ من الآية (44) إلى الآية (45) ]

{إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)}

قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) }
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {واخشون ولا تشتروا} [44].
قرأ أبو عمرو بياء في الوصل، ووقف بغير ياء.
وقرأ الباقون بغير ياء وصلوا ووقفوا. فمن حذف تبع المصحف، واجتزأ بالكسرة عن الياء. ومن أثبته وصلاً فعلى الأصل، ومن حذف وقفًا اتباعًا للمصحف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/144]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في قوله تعالى: واخشون ولا تشتروا [المائدة/ 44].
فقرأ ابن كثير وعاصم وحمزة وابن عامر والكسائي، بغير ياء في وصل ولا وقف.
وقرأ أبو عمرو بياء في الوصل.
واختلف عن نافع فروى ابن جمّاز وإسماعيل بن جعفر بالياء في الوصل وروى المسيبي وقالون وورش بغير ياء في وصل ولا وقف.
[الحجة للقراء السبعة: 3/218]
قال أبو علي: القول في ذلك: أن الإثبات حسن والحذف حسن، وذلك أن الفواصل في أنّها أواخر الآي مثل القوافي في أنّها أواخر البيوت، فكما أنّ من القوافي ما لا يكون إلّا
محذوفا منه، ومخالفا لغيره، كذلك الفواصل. وكما أنّ من القوافي ما يكون فيه الحذف والإتمام جميعا، كذلك تكون الفواصل. فمما لا يكون من القوافي إلّا ما قد حذف منه هذه الياء وحذف منها غير هذه الياء قول الأعشى:
فهل ينفعنّي ارتيادي البلا... د من حذر الموت أن يأتين
ومن شانئ كاسف وجهه... إذا ما انتسبت له أنكرن
فهذا لا يكون إلّا محذوفا منه، ألا ترى أنّ هذا الضرب لا يخلو من أن يكون: فعولن، أو فعول، أو فعل، ولا يجوز تحريك الياء في شيء من ذلك، فعلى هذا يكون من الفواصل ما يكون ملزما الحذف، وأما ما يجوز فيه الحذف والإتمام فقوله:
وهم وردوا الجفار على تميم... وهم أصحاب يوم عكاظ إنّ
[الحجة للقراء السبعة: 3/219]
فهذا فعولن قد حذفه، ويجوز أن يتمم فيقول: إني. وقد أجرى قوم القوافي مجرى غيرها من الكلام فقالوا:
أقلّي اللّوم عادل والعتاب.
واسأل بمصقلة البكريّ ما فعل.
فعلى هذا القياس يجوز أن تجرى الفواصل مثل غير الفواصل ولا تغيّر بحذف ولا غيره كما فعل ذلك بالقوافي.
وإنّما فعلوا ذلك بالقوافي لأن اقتضاء الوزن للمحذوف وتمامه به يجعلانه في حكم المثبت في اللفظ، فصار هذا يسوّغ الحذف فيه إذ قد حذف مما لا يقتضيه الوزن، فصار المحذوف منه في حكم المثبت، مع أنّ الوزن لا يقتضيه، وذلك نحو قوله:
ارهن بنيك عنهم أرهن بني فياء المتكلم التي تزاد في بني في حكم المثبت، يدلّ على ذلك حذف النون من الجميع، كما تحذف مع إثبات الياء
[الحجة للقراء السبعة: 3/220]
في بنيّ، وإن كان الوزن لا يقتضيه، ألا ترى: أنّ: أرهن بني: مستفعلن، وإنّما خصّ القوافي والفواصل بالحذف في أكثر الأمر، لأنّها مما يوقف عليها، والوقف موضع تغيير فجعل التغيير فيه الحذف، كما جعل التغيير فيه الإبدال وتخفيف التضعيف، ونحو ذلك مما يلحق الوقف من التغيير. وقال بعض من يضبط القراءة: لم يذكر أحمد بن موسى كيف يقف أبو عمرو قال: وهو يقف.
واخشون بغير ياء ويصل بياء). [الحجة للقراء السبعة: 3/221]

قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أنّ النّفس بالنّفس... (45).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (أنّ النّفس بالنّفس) بالنصب في هذه الأسماء كلها (والجروح قصاصٌ) بالرفع خاصة،
[معاني القراءات وعللها: 1/329]
وقرأ الكسائي (أنّ النّفس بالنّفس والعين بالعين) بالرفع في هذه الأسماء كلها، ونصبها كلها الباقون.
قال أبو منصور: أما ما قرأه الكسائي من رفع الأسماء كلها بعد (النفس) ونصبه فإنه جعل قوله (والعين بالعين) ابتداء، وعطف عليه ما بعدها من الأسماء، وجعل قوله (قصاصٌ) خبر الابتداء، وقد رويت هذه القراءة عن النبي صلى الله عليه فيما أخبرني المنذري عن أبي طالب عن أبيه عن الفراء عن إبراهيم بن أبي يحيى عن أبان عن أنس أن رسول الله قرأ (والعين بالعين)، قال - الفراء: فإذا رفع (العين) تبعها ما بعدها.
ومن قرأ (أنّ النّفس بالنّفس) بالنصب وأتبعها الأسماء بعدها بالنصب حتى انتهى إلى قوله (والجروح قصاصٌ) فرفعها فالجروح ابتداء، و(قصاص) خبره، قال الفراء: الرفع والنصب في عطوف (أنّ) إنما يسهلان إذا كان مع الأسماء أفاعيل، مثل قوله (وإذا قيل إنّ وعد اللّه حقٌّ والسّاعة لا ريب فيها) فسهل لأن بعد الساعة خبرها، ومثله: (إنّ الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين (128).
[معاني القراءات وعللها: 1/330]
وكذلك قوله (والجروح قصاصٌ) رفعت (الجروح) بالقصاص، ومن نصب الجميع أتبع بعضه بعضًا). [معاني القراءات وعللها: 1/331]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (والأذن بالأذن... (45)
قرأ نافع (والأذن بالأذن)، وكذلك قوله: (ويقولون هو أذنٌ) وقوله: (كأنّ في أذنيه وقرًا) بإسكان الذال في كل القرآن، وقرأ الباقون (الأذن) بضمتين في جميع القرآن.
قال أبو منصور: هما لغتان، وأفصحهما التثقيل). [معاني القراءات وعللها: 1/331]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} [45].
قرأ الكسائي وحده: {أن النفس بالنفس} ورفع ما بعد ذلك على الابتداء، ذهب الكسائي إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها كذلك فنصب {النفس} بـ «أن» واستأنف ما بعد ذلك على الابتداء.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بنصب ذلك، ورفعا {والجروح قصاص}، أي: كتب الله على بني إسرائيل في التوراة أن النفس بالنفس إلى: {السن بالسن} ثم بعد ذلك: الجروح قصاص.
وقرأ الباقون كل ذلك بالنصب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/146]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {والأذن بالأذن} [45].
قرأ نافع وحده {بالأذن} ساكنة.
وقرأ الباقون بضمتين، ففي ذلك ثلاثُ حجج:
إحداهن: أن يكون استثقل بضمتين فأسكن كما قال: {وأحيط بثمره}، والأصل: بثمره، وكما قال: {فرهن مقبوضة} والأصل: رهن. والعرب ..................... ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/146]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في الرفع والنصب من قوله تعالى:
[الحجة للقراء السبعة: 3/222]
أن النفس بالنفس إلى قوله: والجروح قصاص [المائدة/ 45].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: أن النفس بالنفس والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن والسن بالسن [المائدة/ 45] ينصبون ذلك كله، ويرفعون: والجروح قصاص [المائدة/ 45].
كان نافع وعاصم وحمزة ينصبون ذلك كله. وروي عن الواقدي عن نافع: والجروح رفعا.
وقرأ الكسائي: أن النفس بالنفس نصبا، ورفع ما بعد ذلك كله.
[قال أبو علي]: حجّة من نصب العين بالعين وما بعده: أنّه عطف ذلك على أنّ، فجعل الواو للاشراك في نصب أنّ، ولم يقطع الكلام مما قبله، كما فعل ذلك من رفع.
فأما من رفع بعد النصب فقال: أن النفس بالنفس والعين بالعين فحجته أنه يحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون الواو عاطفة جملة على جملة وليست للاشتراك في العامل كما كان كذلك في قول من نصب، ولكنها عطفت جملة على جملة، كما تعطف المفرد على المفرد.
[الحجة للقراء السبعة: 3/223]
والوجه الثاني أنّه حمل الكلام على المعنى، لأنّه إذا قال: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس [المائدة/ 45] فمعنى الحديث: قلنا لهم: النفس بالنفس، فحمل العين بالعين على هذا كما أنه لما كان المعنى في قوله: يطاف عليهم بكأس من معين [الصافات/ 45] يمنحون كأسا من معين، حمل حورا عينا على ذلك، كأنّه: يمنحون كأسا، ويمنحون حورا عينا، وكما أنّ معنى الحديث في قوله:
فلم يجدا إلّا مناخ مطيّة......
أنّ هناك مناخ مطية، حمل قوله:
وسمر ظماء
[الحجة للقراء السبعة: 3/224]
على معنى الحديث، كأنّه قال: ثمّ مناخ مطية وسمر ظماء وكذلك قوله:
ومشجّج أمّا سواء قذاله... فبدا وغيّر ساره المعزاء
لما كان المعنى في:
بادت وغيّر آيهنّ مع البلى * إلّا رواكد..
بها رواكد، حمل مشججا عليه، فكأنّه قال: هناك رواكد ومشجّج فعلى هذا يكون وجه الآية. ومثل هذا من الحمل على المعنى كثير في التنزيل وغيره.
والوجه الثالث: أن يكون عطف قوله والعين على. الذكر
[الحجة للقراء السبعة: 3/225]
المرفوع في الظرف الذي هو الخبر وإن لم يؤكد المعطوف عليه بالضمير المنفصل كما أكّد في نحو إنه يراكم هو وقبيله [الأعراف/ 27] ألا ترى أنه قد جاء: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا [الأنعام/ 148] فلم يؤكد بالمنفصل، كما أكّد في الآي الأخر. فإن قلت: فإن لا* في قوله: ولا آباؤنا عوضا من التأكيد، لأنّ الكلام قد طال بها، كما طال
في نحو: حضر القاضي اليوم امرأة؛ قيل: هذا إنّما يستقيم أن يكون عوضا إذا وقع قبل حرف العطف ليكون عوضا من الضمير المنفصل الذي كان يقع قبل حرف العطف، فأما إذا وقع بعد حرف العطف لم يسدّ ذلك المسدّ. ألا ترى أنّك لو قلت: حضر امرأة اليوم القاضي، لم يغن طول الكلام في غير هذا الموضع الذي كان ينبغي أن يقع فيه التعويض.
فأمّا قوله تعالى: والجروح قصاص فمن رفعه بقطعه عما قبله فإنه يحتمل هذه الوجوه الثلاثة التي ذكرناها في قول من رفع: والعين بالعين.
ويجوز أن يستأنف: والجروح قصاص ليس على أنّه مما كتب عليهم في التوراة، ولكن على استئناف إيجاب وابتداء شريعة في ذلك، ويقوّي أنه من المكتوب عليهم في التوراة نصب من نصبه، فقال: والجروح قصاص.
[الحجة للقراء السبعة: 3/226]
قال: وكلّهم ثقّل الأذن إلّا نافعا فإنّه خففها في كل القرآن.
القول في ذلك أنّهما لغتان، كما أنّ السّحت والسّحت لغتان، وقد تقدّم القول في ذلك. قال أبو زيد: يقال: رجل أذن ويقن، وهما واحد، وهو الذي لا يسمع بشيء إلّا أيقن به، وقد ذكرنا ذلك في سورة التوبة أيضا). [الحجة للقراء السبعة: 3/227]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكتبنا عليهم فيها أن النّفس بالنّفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسّن بالسّنّ والجروح قصاص}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسّن بالسّنّ} كلها بالنّصب {والجروح} رفعا
[حجة القراءات: 225]
وقرأ نافع وعاصم وحمزة جميع ذلك بالنّصب وقرأ الكسائي كلها بالرّفع
فمن قرأ {العين} أراد أن العين بالعين فأضمر أن وهذا مذهب الأخفش ومذهب سيبويهٍ نسق على قوله {أن النّفس بالنّفس}
وحجّة من رفع {والجروح} ذكرها اليزيدي عن أبي عمرو فقال رفع على الابتداء يعني والجروح من بعد ذلك قصاص
[حجة القراءات: 226]
وحجّة أخرى هي إنّما اختاروا الانقطاع عن الكلام الأول والاستئناف ب الجروح لأن خبر الجروح يتبيّن فيه الإعراب وخبر الاسم الأول مثل خبر الاسم الثّاني والثّالث والرّابع والخامس فأشبه الكلام بعضه بعضًا ثمّ استأنفوا الجروح فقالوا {والجروح قصاص} لأنّه لم يكن خبر الجروح يشبه أخبار ما تقدمه فعدل به إلى الاستئناف
وحجّة الكسائي في ذلك صحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه أنه قرأ {والعين بالعين والأنف بالأنف} كلها بالرّفع قال الزّجاج رفعه على وجهين على العطف على موضع {النّفس بالنّفس} والعامل فيها المعنى وكتبنا عليهم النّفس أي قلنا لهم النّفس ويجوز أن يكون {والعين بالعين} على الاستئناف وعند الفراء أن الرّفع أجود الوجهين وذلك لمجيء الاسم الثّاني بعد تمام خبر الأول وذلك مثل قولك إن عبد الله قائم وزيد قاعد وقد أجمعوا على الرّفع في قوله {إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} فكان إلحاق ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه أولى
قرأ نافع {والأذن بالأذن} ساكنة الذّال في جميع القرآن كأنّه استثقل الضمتين في كلمة واحدة فأسكن وقرأ الباقون بالضّمّ على أصل الكلمة). [حجة القراءات: 227]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: «العين والأنف والأذن والسن والجروح» قرأ الكسائي برفع الخمسة، ونصبهن الباقون، غير أن الجروح نصبه نافع وعاصم وحمزة ورفعه الباقون وأسكن نافع الذال من {أذن} «التوبة 61» و{الأذن} «المائدة 45»، و{أذنيه} «لقمان 7» وضم الباقون.
11- وحجة من رفع أنه عطفه على موضع «النفس»؛ لأن «إن» دخلت على الابتداء، فلما تمت بخبرها، وهو «بالنفس» عطف «والعين» على موضع الجملة، وموضعها الابتداء والخبر، فهو عطف جملة على جملة، وعطف ما بعد العين عليها، ويجوز أن يكون عطف على معنى الكلام، لأن معنى الكلام وكتبنا عليهم فيها، قلنا لهم: النفس بالنفس، فعطف على المعنى على الابتداء والخبر، ويجوز أن يكون عطف «والعين» على المضمر المرفوع، الذي في النفس، وحسن ذلك، وإن لم يؤكده، كما قال تعالى: {ما أشركنا ولا آباؤنا} «الأنعام 145» ولا تكون «لا» عوضًا من التأكيد؛ لأنها بعد حرف العطف، ولو كانت قبل الحرف لحسن أن تكون عوضًا، وقد روى أنس بن مالك أن النبي عليه السلام قرأ بالرفع في «العين» وما بعد ذلك إلى «قصاص».
12- وحجة من نصب أنه عطفه على لفظ «النفس» فهو ظاهر التلاوة، وأعمل «أن» في النفس، وفيما عطف على «النفس» ولم يقطع بعض الكلام من بعض، وجعل «قصاصا» هو خبر «أن» إذا نصب الجروح، فإن رفعت الجروح، فعلى الابتداء، و«قصاص» خبره، وخبر «أن» في المجرور في قوله: «بالنفس وبالعين وبالأنف وبالأذن» كل مخفوض خبر لما قبله.
13- وحجة من رفع «الجروح» أنه عطف على ما قبله، إن كان يقرأ برفع ما قبله، وإن كان يقرأ بنصب ما قبله، فإنما رفعه على الابتداء، والقطع مما
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/409]
قبله، و«قصاص» خبره، فيكون إذا قطعته مما قبله ليس مما كتب عليهم في التوراة، إنما هو استئناف شريعة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أجمعوا على الرفع، على القطع، في قوله: {والله ولي المؤمنين} «آل عمران 68» وعلى قوله: {والله ولي المتقين} «الجاثية 19» فكذلك «الجروح» وقيل: إنما رفع لأنه عطفه على موضع «النفس» وقيل: عطفه على المضمر المرفوع الذي في «بالنفس» والاختيار الرفع، للعلل التي ذكرنا، ولأنه مروي عن النبي عليه السلام، لأن خبره مخالف لخبر ما قبله من الجمل، ولمخالفته إعراب ما بعده إعراب خبر ما قبله، فالرفع في «الجروح» قوي من جهة الإعراب، والنصب قوي من جهة المعنى، واتصال بعض الكلام ببعض، فهو أيضًا قوي مختار، وإذا عطفته على ما قبله، فنصبته فهو مما كتب عليهم في التوراة، وبالنصب في «العين» , ما بعد ذلك قرأ أبي بن كعب، فأما ضم الذال من «أذن» وإسكانها فلغتان، كالسحْت والسحُت، والاختيار في ذلك كله ما عليه الجماعة؛ لأنه محمول في النصب على اتصال بعض الكلام ببعض، غير منقطع بعضه من بعض، ومحمول على أنه كله مكتوب في التوراة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/410]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {أَنَّ النَفْسَ} [آية/ 45]:-
بالنصب، وما بعدها جميعًا بالرفع، قرأها الكسائي وحده.
والرفع في هذه الأسماء المعطوفة يحتمل أوجهًا ثلاثة:-
أحدها: أن تكون الواو عطفت جملة على جملةٍ، ولم تشرك في العامل،
[الموضح: 439]
كما في قول من نصب، فعلى هذا الوجه يكون ما بعد الواو على الابتداء، ولا يتعلق بالعامل الذي في الجملة الأولى.
ويجوز أن يكون الكلام محمولاً على المعنى؛ لأن قوله {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} معناه النفس بالنفس، فحمل المعطوف على هذا، كأنه قال: النفس بالنفس والعين بالعين؛ لأن {انَّ} لا تفيد معنى إلا الابتداء والحمل على المعنى كثير في التنزيل وغيره، فمن ذلك قوله {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} ثم قال {وَحُورًا عينًا} في قراءة من قرأ بالنصب؛ لأن المعنى: يمنحون كأسًا ويمنحون حورًا.
والوجه الثالث: أن يكون عطف قوله {والعينُ بالعينِ} على الذكر المرفوع في الظرف الذي هو الخبر، وإن لم يؤكد المعطوف عليه بالضمير المنفصل.
[الموضح: 440]
وأما قوله {والجروحُ قصاصٌ} فرفعه يحتمل الأوجه الثلاثة التي ذكرنا، ويحتمل أن يكون على استئناف الكتاب ليس على أنه مما كتب عليهم في التوراة.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بالنصب فيها كلها إلا {الجُرُوحُ} فإنه بالرفع.
وقرأ نافع وعاصم وحمزة ويعقوب بالنصب فيهن أجمع.
ووجه النصب ظاهر من حيث إنها تكون معطوفة على اسم أن، والواو للإشراك في نصب ان، والكلام غير مقطوع مما قبله، والتقدير: أن النفس بالنفس وأن العين بالعين، وكذلك في الجميع). [الموضح: 441]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ} [آية/ 45]:-
بإسكان الذال، قرأها نافع وحده، وكذلك {أُذْنُ خَيْرٍ} و{أُذْنٌ واعِيَة} و{في أذْنَيْهِ}.
وقرأ الباقون {الأُذُن} بتحريك الذال في كل القرآن.
[الموضح: 441]
هما لغتان، الأُذُنُ والأُذْنُ، لغتان كالسُحُت والسُحْت، وقد تقدم مثله). [الموضح: 442]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس