عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 19 صفر 1440هـ/29-10-2018م, 03:45 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة ص
[ من الآية (45) إلى الآية (48) ]

{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ (48)}


قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (واذكر عبادنا إبراهيم (45)
قرأ ابن كثير وحده (واذكر عبدنا إبراهيم) على واحد.
وقرأ الباقون (عبادنا) على الجمع.
قال أبو منصور: من قرأ (عبدنا) جعل (إبراهيم) بدلاً منه.
ومن قرأ (عبادنًا) جعل (إبراهيم) ومن بعده من الأنبياء بدلاً من قوله (عبادنا) ). [معاني القراءات وعللها: 2/329]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير وحده: واذكر عبدنا إبراهيم [ص/ 45]، واحدا. وقرأ الباقون: عبادنا جماعة.
وجه إفراده قوله: عبدنا* أنّه اختصّه بالإضافة على وجه التكرمة له، والاختصاص بالمنزلة الرفيعة، كما قيل في مكّة بيت الله، وكما اختصّ بالخلّة في قوله: واتخذ الله إبراهيم خليلا [النساء/ 125].
ومن قرأ: عبادنا فلأنّ غير إبراهيم من الأنبياء قد أجري عليه
[الحجة للقراء السبعة: 6/76]
هذا الوصف فجاء في عيسى إن هو إلا عبد أنعمنا عليه [الزخرف/ 59] وفي أيوب: نعم العبد [ص/ 44]، وفي نوح: إنه كان عبدا شكورا [الإسراء/ 3].
ومن قال: عبادنا، جعل ما بعده بدلا من العباد، ومن قال: عبدنا، جعل إبراهيم بدلا، وما بعده معطوفا على المفعول المذكور). [الحجة للقراء السبعة: 6/77]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن والثقفي والأعمش -بخلاف عنهم-: [أُولِي الْأَيْدِ]، بغير ياء.
قال أبو الفتح: يحتمل ذلك أمرين:
أحدهما أن أراد "بالأيد": "بالأيدي" على قراءة العامة، إلا أنه حذف الياء تخفيفا، كما قال: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُر} وغير ذلك مما حذفت فيه الياء تخفيفا.
والآخر أن يكون أراد: "بالأيد": القوة، أي: القوة في طاعة الله والعمل بما يرضيه. ألا تراه مقرونا بقوله: {وَالْأَبْصَار}، أي: البصر بما يحظى عند الله؟. وعلى ذلك فـ"الأيدي" هنا إنما هي جمع اليد التي هي القوة، لا التي هي الجارحة ولا النعمة، لكنه كقولك: له يد في الطاعة، وقدم في المتابعة. فالمعنيان إذا واحدن وهو البصيرة والنهضة في طاعة الله، فهو إذا من قول لبيد:
حتى إذا ألقت يدا في كافر ... وأجن عورات الثغور ظلامها
ألا تراهم قالوا في تفسيره: بدأت في المغيب؟ وأصله لثعلبة بن صغير المازني في قوله يصف الظليم والنعامة وقد جدا في طلب بيضهما:
[المحتسب: 2/233]
فتذكر ثقلا رثيدا بعدما ... ألقت ذكاء يمينا في كافر
يعني بكافر الليل، وهذا أبلغ معنى من قول لبيد. ألا تراه ذكر اليمين خصوصية، وهي أشبه بالقوة؛ لأنها أقوى من الشمال؟ ولبيد اقتصر على ذكر اليد، فقد تكون شمالا كما قد تكون يمينا. ومثله قول الشماخ:
تلقاها عرابة باليمين
أي: بالقوة. وإنما سميت القوة يمينا تشبيها لها بالجارحة اليمنى، وإذا شبه العرض والجوهر فذلك تناه به، وإعلاء منه. ولهذا ما ذم الطائي الكبير قلب ذلك، فقال:
مودة ذهب أثمارها شبه ... وهمة جوهر معروفها عرض
ووصف بالجواهر لقوته، كما وصف الآخر بالحديد لقوته، فقال في أحد التأويلين:
بمنجرد قيد الأوابد هيكل
وعليه أيضا قال: "هيكل"، فوصف بالاسم غير المماس للفعل، لما في الهيكل من العلو والرحابة والشدة، فاعرف ذلك مذهبا للقوم، وانتحه تصب بإذن الله). [المحتسب: 2/234]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار} 45
قرأ ابن كثير (واذكر عبدنا إبراهيم) واحدًا وقرأ الباقون {عبادنا} جماعة وحجتهم أنه ذكر أسماءهم فقال {إبراهيم وإسحاق ويعقوب} وهم بدل من قوله {عبادنا} وذلك أنه أجملهم ثمّ بين أسماءهم كقولك رأيت أصحابك ثمّ تقول زيدا وعمرا ووجه إفراد {عبدنا} أنه اختصه بالإضافة على التكرمة له والاختصاص بالمنزلة الرفيعة كما قيل في مكّة بيت الله وكما اختصّ بالخلة في قوله {واتخذ الله إبراهيم خليلًا} ). [حجة القراءات: 613]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {واذكر عبادنا} قرأ ابن كثير «عبدنا» على التوحيد، يريد إبراهيم وحده، إجلالًا له وتعظيمًا، وجعل ما بعده بدلًا منه، وعطف على البدل ما بعده، وقرأ الباقون بالجمع، جعلوا ما بعده من الأسماء الثلاثة بدلًا منه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/231]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا} [آية/ 45] على الوحدة:-
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أنه على تخصيص {إبْرَاهِيمَ} عليه السلام بالوصف بعبوديته تعالى تكريمًا لإبراهيم وتخصيصًا له بالمنزلة الرفيعة، كما خصه بالخلة من بين أنبيائه، فوحد العبد وأبدل إبراهيم عليه السلام عنه، وعطف {إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
[الموضح: 1101]
وَيَعْقُوبَ} على المفعول به، وهو {عَبْدِنَا}، كأنه قال: واذكر عبدنا إبراهيم واذكر اسحق ويعقوب.
وقرأ الباقون {عِبَادِنَا} بالجمع.
والوجه أنه جمع عبد، وهو على تعميم العبودة لهؤلاء الأنبياء الذين ذكرهم بعده؛ لأن صفة العبودة حاصلة في كل واحد منهم على الانفراد، ووصف كثير من الأنبياء بذلك نحو قوله في أيوب {نِعْمَ الْعَبْدُ}، وفي نوح {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}، وفي عيسى {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ}، وعلى هذا يكون {إِبْرَاهِيمَ}، والكل بدل من {عِبَادِنَا}، كأنه قال: واذكر عبادنا هؤلاء). [الموضح: 1102]

قوله تعالى: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بخالصةٍ ذكرى الدّار (46)
قرأ نافع وحده (بخالصة ذكرى الدّار) مضافة.
وقرأ الباقون (بخالصةٍ) منونة.
[معاني القراءات وعللها: 2/328]
قال أبو منصور: من نوّن (بخالصةٍ) جعل قوله (ذكرى الدّار) بدلاً من خالصة، ويكون المعنى: إنا أخلصناهم بذكرى الدار.
ومعنى الدار ها هنا: الدار الآخرة.
وتأويل قوله: إنا أخلصناهم، أي: جعلناهم لنا خالصين، بأن جعلناهم يكثرون ذكر الآخرة والرجوع إلى الله.
وقوله: (بخالصة) اسم على (فاعلة)، وضع موضع المصدر الحقيقي من أخلصنا.
ومن قرأ (بخالصة ذكرى الدّار) على الإضافة أضاف خالصة إلى ذكرى، وروي عن مالك بن دينار أنه قال في قوله: (إنّا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدّار (46)، قال: نزع اللّه ما في قلوبهم من حبّ الدنيا، وذكرها، وأخلصهم بحب الآخرة وذكره). [معاني القراءات وعللها: 2/329]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ نافع وحده: بخالصة ذكرى الدار [ص/ 46] مضافا.
[الحجة للقراء السبعة: 6/71]
وقرأ الباقون بخالصة منونة.
قال أبو علي: من قال: بخالصة ذكرى الدار احتمل أمرين أحدهما: أن يكون بدلا من الخالصة تقديره: إنّا أخلصناهم بذكرى الدار، ويجوز أن يقدّر في قوله ذكرى* التنوين، فيكون الدار* في موضع نصب تقديره: بأن يذكروا الدار، أي يذكرون بالتأهب للآخرة، ويزهدون في الدنيا. ويجوز أن لا يقدر البدل، ولكن يكون: الخالصة مصدرا، فيكون مثل من دعاء الخير [فصّلت/ 49] فيكون المعنى: بخالصة تذكير الدار. ويقوّي هذا الوجه ما روي من قراءة الأعمش: بخالصتهم ذكرى الدار، فهذا يقوّي النّصب، ويقوّي ذلك أنّ من نصب خالصة أعملها في الدار، كأنّه: بأن أخلصوا تذكير الدار، فإذا نوّنت خالصة احتمل أمرين: أحدهما: أن يكون المعنى: بأن خلصت لهم ذكرى الدار، فيكون ذكرى الدار في موضع رفع بأنّه فاعل.
والآخر: أن يقدّر المصدر الذي هو خالصة: من الإخلاص، فحذفت الزيادة، كما حذفت من نحو: دلو الدالي ونحوه، فيكون المعنى: بإخلاص ذكرى فيكون ذكرى* في موضع نصب كانتصاب الاسم في عمرك الله، والدار يجوز أن يعنى بها الدنيا، ويجوز أن يعنى بها الآخرة، فالذي يدلّ على أنّه يجوز أن
[الحجة للقراء السبعة: 6/72]
يراد بها الدنيا قوله عزّ وجل في الحكاية عن إبراهيم: واجعل لي لسان صدق في الآخرين [الشعراء/ 84] وقوله: وجعلنا لهم لسان صدق عليا [مريم/ 50] فاللّسان هو القول الحسن والثناء عليه، وليس اللّسان هنا الجارحة، يدلّ على ذلك ما أنشده أبو زيد:
ندمت على لسان كان مني فليت بأنه في جوف عكم فالكلام لا يكون على العضو، إنّما يكون على كلام يقوله مرّة، ويمسك عنه أخرى، وكذلك قول الآخر:
إني أتاني لسان لا أسرّ به من علو لا كذب ولا سخر وقوله: وتركنا عليه في الآخرين، سلام على إبراهيم [الصافّات/ 108، 109] وسلام على نوح في العالمين
[الصافّات/ 79] وسلام على إلياسين [الصافّات/ 130] وسلام على عباده الذين اصطفى [النمل/ 59] فالمعنى: أبقينا عليهم الثناء الجميل في الدنيا، فالدار في هذا التقدير ظرف، والقياس أن يتعدى الفعل والمصدر إليه بالحرف، ولكنّه على: ذهبت الشام عند سيبويه، و: كما عسل الطريق الثعلب فأمّا جواز كون الدّار الآخرة في قوله: أخلصناهم بخالصة
[الحجة للقراء السبعة: 6/73]
ذكرى الدار مفعولا بها فيكون ذلك بإخلاصهم ذكر الدار، ويكون ذكرهم لها وجل قلوبهم منها، من حسابها كما قال: وهم من الساعة مشفقون [الأنبياء/ 49] وإنما أنت منذر من يخشاها [النازعات/ 45] وقال: يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه [الزمر/ 9] فالدّار على هذا مفعول بها، وليست كالوجه الآخر المتقدّم.
فأما من أضاف فقال: بخالصة ذكر الدار فإنّ الخالصة تكون على ضروب: تكون للذكر، وغير الذكر، فإذا أضيف إلى ذكرى، اختصّت الخالصة بهذه الإضافة، فتكون الإضافة إلى المفعول به، كأنّه بإخلاصهم ذكرى الدار، أي: أخلصوا ذكرها، والخوف منها لله، ويكون على إضافة المصدر الذي هو الخالصة إلى الفاعل، تقديره: بأن أخلصت لهم ذكرى الدار، والدار على هذا يحتمل الوجهين اللذين تقدّما من كونها الآخرة والدنيا، فأمّا قوله: وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا [الأنعام/ 139] فيجوز في خالصة وجهان: أحدهما: أن يكون مصدرا كالعافية والعاقبة، والآخر: أن يكون وصفا، وكلا الوجهين يحتمل الآية، ويجوز أن يكون ما في بطون هذه الأنعام ذات خلوص، ويجوز أن يكون الصفة، وأنث على المعنى، لأنّه كثرة. والمراد به: الأجنّة، والمضامين، فيكون التأنيث على هذا). [الحجة للقراء السبعة: 6/74]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدّار} 46
قرأ نافع {إنّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدّار} مضافا وقرأ الباقون {بخالصة} بالتّنوين
من نون جعل {ذكرى الدّار} بدلا من {خالصة} بدل المعرفة
[حجة القراءات: 613]
من النكرة ويكون المعنى إنّا أخلصناهم بذكرى الدّار فموضع {ذكرى} جر ويجوز أن يكون نصبا بإضمار أعني ويجوز أن يكون رفعا بإضمار هي ذكرى كما قال تعالى قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النّار أي هي النّار ومن لم ينون جعل {خالصة} مضافة إلى ذكرى كقولك اختصصت زيدا بخالصة خير فأراد بخالصة ذكر لا يشوبها شيء من رياء ولا غيره). [حجة القراءات: 614]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {بخالصة ذكرى الدار} قرأ نافع وهشام بغير تنوين في «خالصة» وقرأ الباقون بالتنوين.
وحجة من لم ينون أنهما أضافاها إلى {ذكرى}، و{خالصة} مصدر كالعاقبة والعافية، وهو مصدر أضيف إلى الفاعل، وهو ذكرى، والتقدير: بأن خلصت لهم ذكى الدار، أي: خلص لهم أن يذكروا معادهم، ويجوز أن تكون {خالصة} مضافة إلى المفعول، وهو {ذكرى} على تقدير: بأن أخلصوا الذكر لمعادهم.
5- وحجة من نون {بخالصة} أنه جعل «ذكرى» بدلًا من {خالصة} بذكرى الدار، أي: بذكر لمعادهم، أي: اختارهم لذكرهم لمعادهم، دليله قوله: {وهم من الساعة مشفقون}
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/231]
«الأنبياء 49» وقيل: المعنى: إنا أخلصناهم بأن يذكروا، فخفف في الدنيا بالثناء الحسن، وهو قول: {وتركنا عليه في الآخرين سلامٌ على إبراهيم} «الصافات 108، 109» وقول إبراهيم: {واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين} «الشعراء 84» فـ {ذكرى} في هذين الوجهين في موضع نصب بـ {خالصة} ويجوز أن تكون {ذكرى} في موضع رفع على معنى: أخلصناهم بأن خلصت لهم ذكرى الدال، أي: خلص لهم ذكر معادهم والاستعداد له، والتنوين في المصدر واسم الفاعل وتركه سواء في المعنى، والأصل التنوين، وهو أحب إلي، لأنه الأصل، ولأنه عليه الجماعة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/232]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} [آية/ 46] بالإضافة من غير تنوين:-
قرأها نافع وحده.
والوجه أن الخالصة يجوز أن تكون مصدرًا كالعاقبة والعافية، فيكون إضافتها إلى {ذِكْرَى} إضافة التبيين والتخصيص؛ لأن الخالصة تكون للذكرى ولغير الذكرى، فإذا أضيفت إلى ذكرى اختصت بهذه الإضافة.
ويجوز أن تكون الخالصة إذا كانت مصدرًا فإنها بمعنى الإخلاص، والتقدير: أخلصناهم بإخلاص ذكرى الدار، فيكون من إضافة المصدر إلى المفعول به، كأنه قال: أخلصناهم بأن أخلصوا ذكرى الدار.
[الموضح: 1102]
ويجوز إذا كان الخالصة مصدرًا أن تكون بمعنى الخلوص، فيكون من إضافة المصدر إلى الفاعل، والتقدير: بأن خلص لهم ذكرى الدار.
ويجوز أن تكون الخالصة صفة مؤنثة لموصوف مؤنث، وأضيفت إلى الذكرى إضافة الشيء إلى جنسه كأنه قال: أخلصناهم بالخالصة من ذكرى الدار.
وقرأ الباقون {بِخَالِصَةٍ} بالتنوين.
والوجه أن {ذِكْرَى} بدل من خالصة، وموضعها جر، والخالصة محمولة على ما سبق من الوجهين، إما أن تكون مصدرًا من الإخلاص أو الخلوص، كأنه قال: أخلصناهم بإخلاص أو بخلوص، ثم أبدل منه {ذِكْرَى الدَّارِ}، وإما أن تكون صفة لمؤنث، والتقدير بحسنة خالصة، ثم أبدل منها {ذِكْرَى الدَّارِ}، ويجوز إذا كان مصدرًا أن يكون عاملاً في {ذِكْرَى الدَّارِ} ويكون موضع {ذِكْرَى الدَّارِ} نصبًا بالمصدر، والتقدير: بإخلاص ذكرى الدار، كما تقول عجبت من ضرب زيدًا، أو يكون {ذِكْرَى الدَّارِ} رفعًا، والمصدر بمعنى الخلوص، والتقدير: بأن خلص لهم ذكرى الدار). [الموضح: 1103]

قوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47)}
قوله تعالى: {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ (48)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: واليسع [الصافّات/ 48] فقرأ حمزة والكسائي: والليسع بلامين، وقرأ الباقون: واليسع بلام واحدة.
[الحجة للقراء السبعة: 6/74]
قال أبو علي: نرى أن الكسائي إنّما قال الليسع ليجعله اسما على صورة الصفات، فيحسن لذلك دخول لام المعرفة عليه. فيكون كالحارث والعباس والقاسم ونحو ذلك، ألا ترى أن فيعلا مثل ضيغم، وحيدر كثير في الصفات، وليس في الأسماء المنقولة التي في أوائلها زيادة المضارعة ما يدخل فيها الألف واللام مثل: يشكر، وتغلب، ويزيد، وتدمر، فكذلك ما أعرب من الأعجمي، لأنّه لا يدخله لام المعرفة، وليس يخرج بذلك على أن يكون حمل ما لا نظير له، ألا ترى أنّه ليس في الأسماء الأعجمية الأعلام مثل: الحارث والعباس؟
ووجه قراءة من قرأ: اليسع أن الألف واللام قد تدخلان الكلمة على وجه الزيادة، كما حكى أبو الحسن: الخمسة العشر درهما، وقد قال بعضهم: في إلياس* أنّه اسم علم. وقرأ ابن عامر: وإن إلياس لمن المرسلين [الصافّات/ 123]، فعلى هذا أيضا يكون اليسع، وقد أنشد أبو عثمان عن الأصمعي:
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ولقد نهيتك عن بنات الأوبر وأنشدوا أيضا:
يا ليت أمّ العمر كانت صاحبي مكان من أنشا على الركائب وأنشد أبو عثمان:
[الحجة للقراء السبعة: 6/75]
باعد أمّ العمر من أسيرها وبنات أوبر: ضرب من الكمأة معرفة ينتصب الخبر عنه، كما أنّ ابن قترة، وابن بريح كذلك، فأدخل في الاسم المعرفة الألف واللام، وهذا إنّما ينصرف إلى الزيادة، وعليها يتجه فكذلك تكون التي في اليسع، ولو قال قائل: إنّ هذا أوجه مما ترى أن الكسائي قصده من جعله إيّاه كالضيغم والحيدر، وليس هو كذلك، إنّما هو اسم علم أعجمي، كإدريس وإسماعيل ونحوهما، من الأعلام، ويشبه أن يكون الألف واللّام إنّما هو لخفّة في التعريب، ألا ترى أنّه ليس في هذه الأسماء العجميّة التي هي أعلام ما فيه الألف واللّام التي تكون للتعريف في الأسماء العربية، وقد قدّمنا القول في ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 6/76]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {وَالْيَسَعَ} [آية/ 48] بتشديد اللام:-
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه ليسع، دخلت عليه لام التعريف زائدة؛ لأن الاسم أعجمي علم، والأسماء الأعلام الأعجمية لا يدخلها لام التعريف، فهي إذًا زائدة، إلا أن هذا الاسم أشبه الأسماء، التي هي صفات في الأصل، وقد أدخلت فيها اللام رعاية للأصل نحو العباس والحارث.
ووجه الشبه بينه وبين تلك الأسماء التي كانت صفاتٍ أن هذا الاسم على
[الموضح: 1103]
وزن فيعل، وفيعل يأتي صفة نحو حيدرٍ وخيفق، فلشبه هذا الاسم بنحو الحارث والعباس ادخلت عليه لام التعريف، إلا أنها زائدة فيه.
وقرأ الباقون {وَالْيَسَعَ} بالتخفيف.
والوجه أن الاسم يسع، وهو اسم علم أعجمي، فأدحلت عليه لام التعريف زائدة، كما أدخلت زائدة على قوله:
148- وجدنا الوليد بن اليزيد مباركًا
وقد سبق). [الموضح: 1104]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس