عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 15 شعبان 1435هـ/13-06-2014م, 04:20 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قل يا أيّها النّاس إنّي رسول اللّه إليكم جميعاً الّذي له ملك السّماوات والأرض لا إله إلاّ هو يحيي ويميت فآمنوا باللّه ورسوله النّبيّ الأمّيّ الّذي يؤمن باللّه وكلماته واتّبعوه لعلّكم تهتدون (158) ومن قوم موسى أمّةٌ يهدون بالحقّ وبه يعدلون (159) وقطّعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمماً}
هذا أمر من الله عز وجل لنبيه بإشهار الدعوة والحض على الدخول في الشرع، وذلك أنه لما رجا الأمة المتبعة للنبي الأمي التي كتب لهم رحمته عقب ذلك بدعاء الناس إلى الاتباع الذي معه تحصل تلك المنازل وهذه الآية خاصة لمحمد صلى الله عليه وسلم بين الرسل، فإن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة وإلى الجن، قاله الحسن، وتقتضيه الأحاديث، وكل نبي إنما بعث إلى فرقة دون العموم، ثم إنه لما أعلن بالرسالة من عند الله أردف بصفة الله التي تقتضي الإذعان له وهي أنه ملك السموات والأرض بالخلق والإبداع والإحياء والإماتة لا إله إلا هو ولا معبود سواه.
وقوله تعالى: {فآمنوا باللّه ورسوله ... الآية}، هو الحض على اتباع محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقوله: الّذي يؤمن يريد الذي يصدق باللّه وكلماته والكلمات هنا الآيات المنزلة من عنده كالتوراة والإنجيل، وقرأ جمهور الناس «كلماته» بالجمع، وقرأ عيسى بن عمر «كلمته» بالإفراد الذي يراد به الجمع، وقرأ الأعمش «الذي يؤمن بالله وآياته» بدل «كلماته»، وقال مجاهد والسدي: المراد ب «كلماته» أو «كلمته» عيسى بن مريم، وقوله تعالى: لعلّكم تهتدون أي على طمعكم وبحسب ما ترونه، وقوله:
واتّبعوه لفظ عام يدخل تحته جميع إلزامات الشريعة جعلنا الله من متبعيه على ما يلزم بمنه ورحمته). [المحرر الوجيز: 4/ 65-66]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: {ومن قوم موسى ... الآية}، يهدون معناه يرشدون أنفسهم، وهذا الكلام يحتمل أن يريد به وصف المؤمنين المتقين من بني إسرائيل على عهد موسى وما والاه من الزمن، فأخبر أنه كان في بني إسرائيل على عتوهم وخلافهم من اهتدى واتقى وعدل، ويحتمل أن يريد الجماعة التي آمنت بمحمد -صلى الله عليه وسلم- من بني إسرائيل على جهة الاستجلاب لإيمان جميعهم، ويحتمل ما روي من أن بني إسرائيل لما تقطعوا مرت أمة منهم واعتزلت ودخلت تحت الأرض فمشت في سرب تحت الأرض سنة ونصف سنة حتى خرجوا وراء الصين، فهم هنالك خلف واد من شهد يقيمون الشرع ويهدون بالحق، قاله السدي وابن جريج، وروي بعضه عن ابن عباس -رضي الله عنهما.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا حديث بعيد). [المحرر الوجيز: 4/ 66-67]

تفسير قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ بعض من الناس «وقطّعناهم» بشد الطاء، وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة «وقطعناهم» بتخفيف الطاء، ورواها أبان عن عاصم، ومعناه فرقناهم من القطع، وقرأ جمهور الناس «عشرة» بسكون الشين، وهي لغة الحجاز وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وطلحة بن سليمان بخلاف «عشرة» بفتح الشين، وقرأت هذه الجماعة أيضا وطلحة بن مصرف وأبو حيوة «عشرة» بكسر الشين وهي لغة تميم، وقال أبو حاتم والعجب أن تميما يخففون ما كان من هذا الوزن أي أهل الحجاز يشبعون وتناقضوا في هذا الحرف، وقوله: {أسباطاً} بدل من اثنتي. والتمييز الذي بين العدد محذوف مقدر اثنتي عشرة فرقة أو قطعة أسباطا، وإما أن يزول عن التمييز ويقدر وقطعناهم فرقا اثنتي عشرة ثم أبدل أسباطا، والأول أحسن وأبين، ولا يجوز أن يكون أسباطاً تمييزا لأن التمييز لا يكون إلا مفردا نكرة، وأيضا فالسبط مذكر وهو قد عد مؤنثا على أن هذه العلة لو انفردت لمنعت إذ السبط بمعنى الأمة، قال الطبري: وقال بعض الكوفيين لما كان السبط بمعنى الأمة غلب التأنيث وهو مثل قول الشاعر: [الطويل]
فإن كلابا هذه عشر أبطن ....... وأنت بريء من قبائلها العشر
قال القاضي أبو محمد -رحمه الله-: وأغفل هذا الكوفي جمع الأسباط، وإن ما ذهب إليه إنما كان يجوز لو كان الكلام اثنتي عشرة سبطا والسبط في ولد إسحاق كالقبيلة في ولد إسماعيل، وقد قال الزجّاج وغيره: إن السبط من السبط وهو شجر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وإنما الأظهر فيه عبراني عرب). [المحرر الوجيز: 4/ 67-68]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كلّ أناسٍ مشربهم وظلّلنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المنّ والسّلوى كلوا من طيّبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (160)
قد تقدم في سورة البقرة أمر الحجر والاستسقاء وأين كان وأمر التظليل وإنزال المن والسلوى، وذكرنا ذلك بما يغني عن إعادته هاهنا.
وفانبجست معناه انفجرت إلا أن الانبجاس أخف من الانفجار، وقرأ الأعمش وعيسى الهمداني كلوا من طيّبات ما رزقناكم بتوحيد الضمير). [المحرر الوجيز: 4/ 68]


رد مع اقتباس