عرض مشاركة واحدة
  #45  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 09:49 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (158) إلى الآية (159) ]
{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158) إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)}

قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (هل ينظرون إلّا أن تأتيهم الملائكة... (158).
قرأ حمزة والكسائي (إلا أن يأتيهم الملائكة) بالياء، والباقون بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالياء فلتقديم فعل الجماعة، ومن قرأ بالتاء فلتأنيث الملائكة). [معاني القراءات وعللها: 1/396]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (61- وقوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة} [158].
قرأ حمزة والكسائي بالياء.
والباقون بالتاء، والأمر واحد؛ لأنك تريد جماعة الملائكة، يذكر ويؤنث). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/174]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله تعالى: تأتيهم الملائكة [الأنعام/ 158].
فقرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: تأتيهم بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائيّ: يأتيهم* بالياء.
وقد تقدّم هذا النحو في غير موضع). [الحجة للقراء السبعة: 3/437]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة زهير الفُرْقُبي: [يَوْمُ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ] بالرفع.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون ارتفاع اليوم بالابتداء، والجملة التي هي قوله تعالى: {لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} خبر عنه، والعائد من الجملة محذوف لطول الكلام والعلم به، وإذا كانوا قد قالوا: السمن مَنَوان بدرهم، فحذفوا وهم يريدون "منه" مع قصر الكلام؛ كان حذف العائد هنا لطول الكلام أسوغ، وتقديره: لا ينفع فيه نفسًا إيمانها، ومثله قولهم: البُرُّ الكْرُّ بستين؛ أي: الكُرُّ منه.
وفي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} ثلاثة أقوال:
أحدها: أن يكون على حذف العائد؛ أي: إنا لا نضيع أجر من أحسن عملًا منهم، وله نظائر كثيرة؛ لكنا نحذف الإطالة إذ كان هذا كتابًا مختصرًا ليقرب على القراء ولا يلطُف عنهم، وقد كان شيخنا أبو علي عمل كتاب الحجة في قراءة السبعة، فأغمضه وأطاله حتى منع كثيرًا ممن يدَّعي العربية -فضلًا على القَرَأة- منه، وأجفاهم عنه). [المحتسب: 1/236]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي العالية: [لا تَنْفع نفسًا إيمانُها] بالتاء فيما يروى عنه، قال ابن مجاهد: وهذا غلط.
قال أبو الفتح: ليس ينبغي أن يُطْلَق على شيء له وجه في العربية قائم -وإن كان غيره أقوى منه- أنه غلط، وعلى الجملة فقد كثر عنهم تأنيث فعل المضاف المذكر إذا كانت إضافته
[المحتسب: 1/236]
إلى مؤنث، وكان المضاف بعض المضاف إليه أو منه أو به. وأنشدنا أبو علي لابن مقبل:
قد صرَّح السيرُ عن كُتْمَان وابتُذِلت ... وقعُ المحاجن بالْمَهرية الذُّقُن
فأنث "الوقع" وإن كان مذكرًا لَمَّا كان مضافًا إلى "المحاجن"، وهي مؤنثة؛ إذ كان الوقع منها. وكذلك قول ذي الرمة:
مشَيْن كما اهتزَّت رماح تسفهت ... أعاليَهَا مرُّ الرياح النواسِم
فأنث "الْمَر" لإضافته إلى الرياح وهي مونثة؛ إذ كان "الْمَر" من الرياح، ونظائر ذلك كثيرة جدًّا لا وجه للإطالة بذكرها، فهذا وجه يشهد لتأنيث الإيمان؛ إذ كان من النفس وبها.
وإن شئت حملته على تأنيث المذكر لَمَّا كان يعبر عنه بالمؤنث، ألا ترى إلى قول الله سبحانه: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}، فتأنيث الْمِثل لأنه في المعنى حَسَنة.
فإن قلت: فهلَّا حملته على حذف الموصوف، فكأنه قال: فله عشر حسنات أمثالها، قيل: حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه قبلُ ليس بمستحسن في القياس، وأكثر مأتاه إنما هو في الشعر؛ ولذلك ضعف حمل [دانيةً] من قوله: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا} على أنه وصف جنة؛ أي: وجنةً دانيةً عليهم ظلالها، عطفًا على جنة من قوله: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} وجَنةً دَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا؛ لما فيه من حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه حتى عطفوها على قوله: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} ودانيةً عليهم ظلالها، فكانت حالًا معطوفة على حال قبلها، فلهذا يضعف أن يكون تقدير الآية على: فله عشر حسنات أمثالها؛ بل تكون أمثالها غير صفة لكنه محمول على المعنى؛ إذ كن حسنات كما ترى.
وعليه أيضًا قوله تعالى: [تَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ]؛ لما كان ذلك البعض سيارة في المعنى.
[المحتسب: 1/237]
وحكى الأصمعي عن أبي عمرو قال: سمعت رجلًا من اليمن يقول: فلان لَغُوب، جاءته كتابي فاحتقرها، قال: فقلت له: أتقول جاءته كتابي؟ فقال: نعم، أليس بصحيفة؟ فلا تعجب إلا من هذا الأعرابي الجافي وهو يعلل هذا التعليل في تأنيث المذكر، وليس في شعر منظوم فيُحتمل ذلك له، إنما هو في كلام منثور، فكذلك يكون تأنيث الإيمان، ألا تراه طاعة في المعنى؟ فكأنه قال: لا تنفع نفسًا طاعتها، والشواهد كثيرة؛ لكن الطريق التي نحن عليها مختصرة قليلة قصيرة). [المحتسب: 1/238]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({هل ينظرون إلّا أن تأتيهم الملائكة}
قرأ حمزة والكسائيّ (هل ينظرون إلّا أن يأتيهم الملائكة) بالياء ذهب إلى جمع الملائكة وقد ذكرت الحجّة في آل عمران
وقرأ الباقون بالتّاء ذهبوا إلى جماعة الملائكة وحجتهم قوله {تحمله الملائكة} وقوله {وإذ قالت الملائكة} واعلم أن فعل
[حجة القراءات: 277]
الجموع إذا تقدم يذكر ويؤنث تذكره إذا قدرت الجمع وتؤنثه إذا أردت الجماعة). [حجة القراءات: 278]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (90- قوله: {إلا أن تأتيهم} قرأ حمزة والكسائي بالياء لتذكير معنى الملائكة، وقرأ الباقون بالتاء، على تأنيث لفظ الملائكة، وهو في العلة مثل {فنادته الملائكة} «آل عمران 39»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/458]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (68- {إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ} [آية/ 158] بالياء:-
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك في النحل، وقرأ الباقون {تَأْتِيَهُمُ} بالتاء في السورتين.
وقد تقدم من القول في نحوه ما فيه غنية عن الإعادة). [الموضح: 515]

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّ الّذين فارقوا دينهم... (159).
قرأ حمزة والكسائي (فارقوا) بألف، وفي الروم بألف أيضًا.
وقرأ الأعشى عن أبي بكر هنا (فارقوا) بالألف، وفي الروم بغير ألف، وقرأ الباقون (فرّقوا) بغير ألف في السورتين.
قال أبو منصور: من قرأ (فارقوا دينهم) ففيه قولان:
أحدهما: أنهم تركوا دينهم وفارقوه فلم يدوموا عليه.
والقول الثاني: أن (فارقوا) و(فرّقوا) بمعنى واحد، كما يقال: ضعّف وضاعف، وعالى وعلّى، وصاعر وصعّر، ومعناهما: اختلافهم في دينهم وتفرقهم فيه، ويقوى هذا القول قوله (وكانوا شيعًا)، أي: فرقا شتى). [معاني القراءات وعللها: 1/396]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (58- وقوله تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم} [159].
قرأ حمزة والكسائي {فرقوا} بالألف، ذهبا إلى قراءة علي بن أبي طالب قرأها كذلك وقال: فارقوه.
وقرأ الباقون {فرقوا} وحجتهم {وكانوا شيعًا} أي: صاروا أحزابًا وفرقًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/173]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الراء وتخفيفها، وإدخال الألف وإخراجها من قوله تعالى: فرقوا دينهم [الأنعام/ 159].
فقرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم:
[الحجة للقراء السبعة: 3/437]
فرقوا دينهم مشدّدة وكذلك في الروم [32].
وقرأ حمزة والكسائيّ ب فارقوا بألف، وكذلك في الروم.
من قال: فرقوا فتقديره: يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، كما قال: أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض [البقرة/ 18]، فهم خلاف المسلمين الذين وصفوا بالإيمان به كلّه، في قوله: وتؤمنون بالكتاب كله [آل عمران/ 119].
وقال: إن الذين يكفرون بالله ورسله، ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض [النساء/ 150].
ويجوز أن يكون المعنى في قوله: [يريدون أن يفرّقوا بين دين الله ودين رسله: لا يؤمنون بجميعه] كمن وصف بذلك في قوله: وتؤمنون بالكتاب كله [آل عمران/ 119].
ومن قرأ: فارقوا فالمعنى: باينوه، وخرجوا عنه. وإلى معنى: فرّقوا، يؤول، ألا ترى أنّهم لمّا آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه فارقوه كلّه، فخرجوا عنه ولم يتبعوه.
وأما قوله: يومئذ يتفرقون [الروم/ 14] فالمعنى:
[الحجة للقراء السبعة: 3/438]
يصيرون فرقة فرقة من قوله: فريق في الجنة وفريق في السعير [الشورى/ 7] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/439]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة النخعي وأبي صالح مولى ابن هانئ، ويُروى أيضًا عن الأعمش ويحيى: [الَّذِينَ فَرَقُوا دِينَهُمْ] بالتخفيف.
قال أبو الفتح: أما [فَرَقُوا] بالتخفيف فتأويله أنهم مازُوه عن غيره من سائر الأديان، هذا ظاهر [فرَقوا] بالتخفيف. وقد يحتمل أن يكون معناه معنى القراءة بالتثقيل؛ أي: فرَّقوه، وعضَّوْه أعضاء، فخالفوا بين بعضه وبعض؛ وذلك أن فَعَل بالتخفيف يكون فيها معنى التثقيل، ووجه هذا أن الفعل عندنا موضوع على اغتراق جنسه، ألا ترى أن معنى "قام زيد": كان منه القيام، و"قعد": كان منه القعود؟ والقيام -كما نعلم- والقعود جنسان، فالفعل إذن على اغتراق جنسه، يدل على ذلك عمله في جميع أجزاء ذلك الجنس من مفرده ومثناه ومجموعه، ونكرته ومعرفته، وما كان في معناه، وذلك قوله: قمت قومة وقومتين وألفَ قومة، وقمت قيامًا وقيامًا طويلًا، وجلست جلوسًا وجلوسًا قصيرًا، وقمت القيام الذي تعلم. وقال:
لعمري لقد أحْبَبْتُكَ الحبَّ كُلَّه
وقالوا: قعد القرفصاء، وعَدَا البَشَكَى، ووثب الْحَجَزى، فعمل الفعل في جميع أجزاء
[المحتسب: 1/238]
المصادر من لفظه ومن غير لفظه كما كان معناه، يدل على أن وضعه لاغتراق جنسه؛ إذ الفعل لا يعمل من المصادر إلا فيما كان عليه دليل، ألا تراك لا تقول: قمت قعودًا، ولا خرجت دخولًا؛ لأنه لا دليل في الفعل على ذلك؟ وهذا واضح مُتَنَاهٍ في البيان.
وإذا كان كذلك عُلم منه وبه أن جميع الأفعال ماضيها وحاضرها ومتلقاها مجاز لا حقيقة، ألا تراك تقول: قمت قومة، وقمت على ما مضى، دال على الجنس؟ فوضعك القومة الواحدة موضع جنس القيام، وهو فيما مضى وما هو حاضر وفيما هو متلقى مستقبل، من أذهب شيء في كونه مجازًا.
ولذلك ما كان شيخنا أبو علي يقول: إن قولنا: قام زيد في كونه مجازًا بمنزلة قول القائل: خرجت فإذا الأسد، يريد بذلك: أن الأسد هنا لاغتراق الجنس؛ وإنما وجد ببابه أسدًا واحدًا، فأطلقه على جميع جنسه الذي لا يحيط به إلا خالقه جل وعز.
فهذا كقولك: قام زيد في وضعه إياه على البعض وإن كان مفادُ "قام" الاغتراقَ للكل؛ إذ كان قيام زيد جزءًا مما لا يحاط به، ولا يحاط الوهم إلا على كلَا ولَا على قصوره.
وهذا موضع يسمعه الناس مني ويتناقلونه دائمًا عني، فيُكبرونه ويكثرون العجب به، فإذا أوضحته لم يسأل عنه استحياء، وكان يستغفر الله لاسيحاشه كان منه.
وكشفت هذا الموضع يومًا لبعض من كان له مذهب في المشاغبة -عفا الله عنا وعنه- فتوقف فيه، ثم قال: أوكذلك أفعال القديم عندك؟ فقلت: هذا موضع لا تعلُّق له بذكر القدم والحدوث؛ وإنما هو طريق مسلوكة يتعاقبها القديم والمحدَث تعاقبًا واحدًا، ألا تراك تقول: خلق الله كذا؟ أفتظن أن هذا ينتظم كل خلق في الوهم؟ فإن قلت: نعم، لزمك أن يكون هو الخالق لأفعال العباد، ومذهبك نافٍ لهذا عندك، فلما بلغ الموضعُ بنا إلى هذا أَمسك، ثم مضى فقرأ شيئًا من كلام شيخنا فعاد معترفًا بما قلت له منه، غير أننا أُعلمنا بذلك أن العلل عنده مروية غير مدرية، وليست بحقائق ولا عقلية). [المحتسب: 1/239]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن الّذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء}
قرأ حمزة والكسائيّ (إن الّذين فارقوا) بالأل وفي الرّوم أيضا ومعنى (فارقوا) أي زايلوا وقد روي أن رجلا قرأ عند عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه {إن الّذين فرقوا} دينهم فقال عليّ لا والله ما فرقوه ولكن فارقوه ثمّ قرأ (إن الّذين فارقوا دينهم) أي تركوا دينهم الحق الّذي أمرهم الله باتباعه ودعاهم إليه
وقرأ الباقون {فرقوا دينهم} من التّفريق تقول فرقت المال تفريقا وحجتهم قوله بعد {وكانوا شيعًا} أي صاروا أحزابا وفرقا قال عبد الوارث وتصديقها قوله {كل حزب بما لديهم فرحون} يدلك على أنهم صاروا أحزابا وفرقا والمعنيان متقاربان لأنهم إذا فرقوا الدّين فقد فارقوه). [حجة القراءات: 278]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (91- قوله: {فرقَّوا} قرأه حمزة والكسائي بألف، من المفارقة والفراق، على معنى أنهم تركوا دينهم وفارقوه، ومثله في الروم، وقرأهما الباقون بتشديد الراء، من غير ألف، من التفريق، والتفريق على معنى أنهم فرقوه، فأمنوا ببعض، وكفروا ببعض، ففرقوا إيمانهم ودينهم، وقد قال عنهم: {يريدون أن يفرقوا بين الله ورسله} «النساء 150» {ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ} «النساء 150»، فالقراءتان متقاربتان، لأن من فارق الإيمان فقد بان منه، وقد روى أبو هريرة أن النبي عليه السلام كان يقرأ «فارقوا» بألف، وكذلك قرأ علي بن أبي طالب، وكان يقول: ما فرقوه ولكن فارقوه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/458]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (69- {فَارَّقُوا دِينَهُمْ} [آية/ 159] بالألف:-
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك في الروم، والمعنى باينوا دينهم وخرجوا عنه؛ لأنهم حين آمنوا ببعضه وكفروا بالبعض فقد فارقوا الكل، ويجوز أن يكون {فَارَّقُوا} بمعني فرقوا، كما يقال ضاعفته وضعفته، وصاغر وصغر.
وقرأ الباقون {فَرَّقُوا دِينَهُمْ} بتشديد الراء في السورتين، والمعنى أنهم بددوا دينهم وجزءوه بأن آمنوا ببعض وكفروا ببعض، كما قال تعالى
[الموضح: 515]
{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} فهم لم يكونوا كالمؤمنين الذي قال الله تعالى فيهم {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ} ). [الموضح: 516]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس