الموضوع: الكبير
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 25 شعبان 1438هـ/21-05-2017م, 02:43 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي


شرح أبي القاسم الزجاجي (ت:337هـ)



قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (الكبير
الكبير: العظيم الجليل، يقال: «فلان كبير بني فلان»: أي رئيسهم وعظيمهم ومنه قوله عز وجل: {انا أطعنا سادتنا وكبراءنا} أي عظماءنا ورؤوساءنا. وكبرياء الله: عظمته وجلاله ومنه قيل: «كبرت كبيراً» و«عظمت عظيمًا» أي وصفته بالكبرياء والعظمة. ومنه قيل في قصة يوسف: {فلما رأينه أكبرنه} أي هالهن أمره فأعظمنه.
وكبير في صفات الله عز وجل: من الصفات التي لم ينطق من لفظها بغيرها ولم تصرف نحو قريب، وجليل، وعظيم، وكبير، وكريم. فأما كبير في كلام العرب فقد يتصرف على أوجه، يقال: «رجل كبير» أي مسن «ورجل كبير» أي كبير الخلق والجسم، «ورجل كبير» أي عظيم القدر جليل، ولا يجوز أن يضاف إلى الله غير الوجه الذي قدمنا ذكره، وهو على هذا التأويل الأخير وقد مضى شرحه.
ويقال: «فلان أكبر من فلان» أي هو أسن منه، و«فلان أكبر من فلان» أي أعظم قدرًا منه، «وهذا الشيء أكبر من هذا» أي هو أكبر منه في القدر طولاً أو عرضًا وما أشبه ذلك.
ومن الشيخوخة، الكبير [في] قول الأعشى:
ما بكاء الكبير بالأطلال = وسؤالي وما يرد سؤالي
والكبير: المتكبر، «ورجل ذو كبير» أي ذو تكبر وعظمة، وكبر الشيء: معظمه قال الله عز وجل: {والذي تولى كبره منهم}. ثم قال قيس بن الخطيم:
تنام عن كبر شأنها فإذا = قامت رويدًا تكاد تنغرف
والكبر بالضم -: أكبر ولد الرجل يقال: «الولاء للكبر»، وقد يقال المكبر بمعنى الكبر في السن، يقال: «علاه المكبر»، ويقال: «الله أكبر»، وتأويله الله أكبر من كل شيء أي أعظم وأجل، فعرف موقعه فأضمر لذلك، وقيل: تأويله الله أكبر أي الله كبير، كما قيل: أوجل أي وجل. قال الشاعر:
لعمرك ما أدري وإني لاوجل = على أينا تعدو المنية أول
ويقال في جمع كبير: كبراء كما قيل: عظيم وعظماء، وكريم وكرماء وقد قيل: كبار كما قيل صغير وصغار، وكريم وكرام، ويقال: كبير وكبار وكبار بالتخفيف والتشديد كما قيل: طويل وطوال وطوال. قال الله عز وجل: {ومكروا مكرا كبارا}. ويقال: «كبر الرجل» أي عظم في جسمه فهو كبير عظيم لفظًا ومعنى، وكبر الرجل: إذا أسن يكبر كبرًا ومكبرًا، وكبرت الله عز وجل: أي وصفته بالكبرياء والعظمة، كما قيل: «كبرت كبيرًا» و«عظمت عظيمًا». أي وصفته بذلك.
ومن ذلك قولهم: «ما أكبر الله» و«ما أعظم الله» في معنى التعجب تأويله عند البصريين على ما ذكره المبرد شيء كبر الله وعظمه أي وصفه بالكبرياء والعظمة، قال: والأفعال تتصل بالله عز وجل خلاف اتصالها بالآدميين كما تقول: «الله عالم» وزيد عالم و«علم الله» و«علم زيد»، فالله عالم بنفسه وزيد عالم بعد أن كان جاهلاً وعلم بالاستدلال وتعلم. وجاز أن يجهل بعد علمه، وكل ذلك منفي عن الله عز وجل، وكذلك الحلم من الآدميين رقة وضعف وهو من الله عز وجل إفضال وإنعام على عباده، وكذلك إذا قيل: «ما أحسن زيدًا» في التعجب فتأويله «شيء حسن زيدًا»، وإذا قيل: «ما أعظم الله» فتأويله «شيء وصف الله بالعظمة» «وما أكبر الله» «شيء وصف الله بالكبرياء» وهو العبد الذي يصفه بذلك فهو سواء مختلف في الحقيقة.
هذا قول المبرد وحكايته عن جميع البصريين، وعندي أن القول وإن كان كما قال فإن المتعجب منه وإن كان في اللفظ نصب المفعول فهو في الحقيقة فاعل ألا ترى أن معنى قولنا «ما أحسن زيدًا» «زيد حسن جدًا»، وكذلك «ما أعلم محمدًا» تأويله «محمد عالم جدًا»، وكذلك جميع التعجب هكذا مجراه في الحقيقة. ولذلك أجمع النحويون البصريون والكوفيون أنه لا يتعجب إلا من الفاعل ولا يتعجب من المفعول، ولم يأت ذلك في شيء من كلام العرب إلا في ثلاثة أحرف، في قولهم: «ما أزكمه» «وما أجنه»، «وأحمه» من الزكام، والجنون، والحمى لما كان لا يستعمل فعله إلا بلفظ ما لم يسم فاعله فقيل: «زكم»، «وجن»، «وحم»، ولم يذكر معه الفاعل صار كأنه فاعل لفظًا فوقع به التعجب، فإذا كان المتعجب منه فاعلاً في الحقيقة فجائز أن يقال «ما أكبر الله» «وما أعظم الله» والمعنى: «الله كبير جدًا» «وعظيم جدًا». ويكون التقدير في العربية على ما ذكره المبرد لفظًا.
والكوفيون يدفعون هذا المذهب في التعجب على البصريين وتابعهم على ذلك الأصمعي لضعفه كان في النحو، وأدخل على البصريين «ما أعظم الله» «وما أكبر الله» وشرحه على ما ذكرت لك.
ويقال: «أكبرت الشيء»: وجدته كبيرًا، «واستكبرت الشيء»: استعظمته «واستكبر الإنسان استكبارًا»: أي تعظم، وكما قال: {واستكبروا استكبارا}.
والكبير من كل شيء: ضد الصغير، وكذلك الأصغر: ضد الأكبر وتقول العرب: ورث فلان المجد عن آبائه كابرًا عن كابر: أي كبيرًا عن كبير، «وسادوه كابرًا عن كابر» كذلك. ويقال: «زيد أكبر من عمرو» «والزيدان أكبر من عمرو» «والزيدون أكبر من عمرو» وكذلك يقال في المؤنث بهذا اللفظ: «هند أكبر من زينب»، «والهندان أكبر من الزينبين»، «والهندات أكبر من الزينبات» يكون بلفظ واحد للواحد والاثنين والجمع والمؤنث والمذكر على حال واحدة، وكذلك جميع باب «أفعل» للتفضيل نحو قولك: «أفضل» «وأكرم» «وأشرف»، وما أشبه ذلك.
قال الأخفش: إنما كان موحدًا لأنه بمعنى البعض، فكما لا يثنى البعض ولا يجمع في قولك: «زيد بعض القوم»، «والزيدان بعض القوم»، «والزيدون بعض القوم» كذلك فعل بما كان في معناه.
وقال المازني: إنما لم يؤنث ولم يثن ولم يجمع لأنه بمعنى المصدر، فقولك: «زيد أكرم من عمرو» معناه كرمه يزيد على كرم عمرو، وكذلك «محمد أفضل من زيد» معناه فضله يزيد على فضله فوحد كما يوحد المصدر.
قال الفراء: إنما لم يثن ولم يجمع لأنه أضيف إلى شيء جمع الفاضل والمفضول، واستغني بذلك عن تثنيته وجمعه كما فعل ذلك بالفعل المتقدم استغناءًا بتثنية الفاعل وجمعه بعده، فلا يستعمل هذا الباب إلا هكذا بزيادة من أو مضافًا كقولك: «زيد أفضل اخوتك» «وأكرم بنيك»، أو معرفًا بالألف واللام كقولك: «زيد الأفضل والأكرم»، «وأخوك الأكبر»، «وزيد الأًغر» فلو قيل: «زيد أصغر أو أكبر أو أكرم» لم يجز.
فأما قولهم: «الله أكبر» ففيه وجهان وقد شرحناهما في أول هذا الباب.
ويقال: في مؤنث «الأكبر» «والأصغر» «الصغرى» «والكبرى»، «والأطول» «الطولى» وكذلك سائر الباب يطرد على هذا ولا ينكسر.
وللعرب ألفاظًا تستعملها في الكبير والصغير في السن وألفاظ تستعملها في الكبر والتعظيم نذكر بعضها في هذا الفصل إن شاء الله، فمما يقال في الصغر والكبر قال الأصمعي: يقال للمولود حين يقع من بطن أمه: وليد، وقال: من أسماء الصغير: الطفل ولا أدري ما وقته ويقال له «شدخ» ما دام رطبًا، فإذا فطم فهو فطيم، فإذا انفتح وارتفع فهو «جفر» فإذا ارتفع عن ذلك فهو جحوش. قال المعترض الهذلي:
قتلنا مخلدًا وابني حراق = وآخر جحوشًا فوق الفطيم
فإذا ارتفع عن ذلك وخدم وقوي فهو «حزور» قال النابغة:
وإذا نزعت نزعت من مستحصف = نزع الحزور بالرشاء المحصد
فإذا ارتفع عن ذلك ولم يبلغ الحلم فهو «يافع» «ويفعة» يقال: «غلام يافع»، «وغلام يفعة»، «وغلمان يفعة» يكون للواحد والجمع سواء، «وغلمان أيفاع» أيضًا. ويقال: أيفع الغلام يوفع إيفاعًا. قال الشاعر:
كهول ومرد من بني عم مالك = وأيفاع صدق لو تمليتهم رضا
فإذا احتلم فهو «حالم»، وإذا خرج وجهه فهو «طار» «وطرير» وهو «أمرد» ما لم يتصل وجهه، فإذا التف وجهه ولم يكن في الشعر مزيد فهو «مجتمع» وهو «شاب» من الحلم إلى أن يكتهل، فإذا تم فهو «كهل»، فإذا تمت شدته فهو «صمل»، فإذا رأى البياض فهو «أشمط» «وأشيب» فإذا ظهر به الشيب فاستبانت فيه السن فهو «شيخ» فإذا ارتفع عن ذلك فهو «مسن» «وكبير»، فإذا ارتفع عن ذلك فهو «قحم» و«مسلهم»، فإذا أخلق فهو «انقحل» أي «أقحل» وامرأة انقحلة أي «قحلة»، «ورجل نهشل»، «وامرأة نشهلة» «وقد نهشلت المرأة»: إذا أسنت وفيها بقية ولم يذهب جل شبابها، فإذا قارب الخطو وضعف فهو «دلف»، فإذا ضمر وانحنى فهو «عشبة» «وعشمة»، فإذا بلغ أقصى ذلك فهو «هرم»، وإذا أكثر الكلام فهو «مهتر»، فإذا ذهب عقله كبرًا فهو «خرف»، يقال: خرف يخرف خرفًا، «والهم»: الكبير من الناس والدواب، «وامرأة همة»، «وناقة همة». وفي هذه ألفاظ كثيرة غير هذا، وكذلك في النساء في ذكر شبابهن وكبرهن لا يليق ذكرها بهذا الموضع لأنه يخرج عن مقصدنا فلذلك تركناها.
ومما يقال في الكبر والتعظيم. يقال رجل كبر «وخنزوانة»، «وشمخزة»، «زوهو»، «وجخف» «وعنزهوة»، «وفجس»، «وأبهة»، «ودعية» «وفخز»، «وجفخ»، «وعرضية»، «وعنجهية»، «وعيدهية» «وخنزوانية»، «وخنزوة»، «ونخوة»، «وجبروة»، «وجبرية» «وجبروت»، «وجبورة»، «وبأو»، وقال ابن السكيت: يقال: «فيه بأو»، ولا أعرف البأواء وقد حكاها الفقهاء: «في طلحة بأواء» هذا بالمد، وهذا كله من التيه والكبر.
ويقال: «زهي الرجل» فهو مزهو، ورجل متفجس ومزدهي من الكبر، والمصن: الشامخ بأنفه، والمصن في غير هذا: المنتن. وقال أبو عمرو: يقال: «أصنت الناقة»: إذا مخضت فصارت رجل الولد في صلاها.
وتقول: «جاء فلان مخرنشمًا ومخرنطمًا»: أي متكبرًا: قال أبو زيد، يقال «في فلان عرضية» إذا كان يركب رأسه من النخوة، ويقال: اطرغم اطرغمامًا: إذا تكبر، ويقال: «فاش فلان يفيش»: إذا افتخر، والفياش: المفاخرة. ويقال «رجل أصيد» «وقوم صيد» إذا كان متكبرًا شامخًا بأنفه، وأصله من الصيد والصاد، وهو داء يأخذ الإبل في رؤوسها فيلوي أحدها رأسه، قال أبو عمرو: البلخ: المختال، يقال بلخ بلخًا. قال الأصمعي: الأبلخ: التائه. قال أبو عمرو: والتدكل: ارتفاع الرجل في نفسه. يقال: «قد تدكلت بعدي» وأنشد:
تدكلت بعدي وألهتها الطين = ونحن نعدو في الخبار والجرن
الطبن: اللعب والواحدة طبنة، والجرن: الأرض الغليظة وهي من الجرل ويقال: «رجل مختال وخال وذو خيلا وذو خال» بمعنى واحد، ويقال: «أطمخ الرجل بأنفه إكماخًا وأقمخ إقماخًا وزمخ بأنفه»: إذا تكبر، ويقال «فخر الرجل، وجخف، وجفخ، واطرخم اطرخمامًا، واطلخم اطلخمامًا»: إذا شمخ بأنفه، «ورجل متفجس» إذا كان متكبرًا. وهذا باب يطول جدًا، وفي هذا منه كفاية). [اشتقاق أسماء الله: 155-162]


رد مع اقتباس