عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 07:53 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا مسّ النّاس ضرٌّ دعوا ربّهم منيبين إليه ثمّ إذا أذاقهم منه رحمةً إذا فريقٌ منهم بربّهم يشركون (33) ليكفروا بما آتيناهم فتمتّعوا فسوف تعلمون (34) أم أنزلنا عليهم سلطانًا فهو يتكلّم بما كانوا به يشركون (35) وإذا أذقنا النّاس رحمةً فرحوا بها وإن تصبهم سيّئةٌ بما قدّمت أيديهم إذا هم يقنطون (36) أولم يروا أنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون (37)}.
يقول تعالى مخبرًا عن النّاس إنّهم في حال الاضطرار يدعون اللّه وحده لا شريك له، وأنّه إذا أسبغ عليهم النّعم، إذا فريقٌ منهم [أي] في حالة الاختبار يشركون باللّه، ويعبدون معه غيره). [تفسير ابن كثير: 6/ 317]

تفسير قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ليكفروا بما آتيناهم}، هي لام العاقبة عند بعضهم، ولام التّعليل عند آخرين، ولكنّها تعليلٌ لتقييض اللّه لهم ذلك.
ثمّ توعّدهم بقوله: {فسوف تعلمون}، قال بعضهم: واللّه لو توعّدني حارس درب لخفت منه، فكيف والمتوعّد هاهنا [هو] الّذي يقول للشّيء: كن، فيكون). [تفسير ابن كثير: 6/ 317]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال منكرًا على المشركين فيما اختلقوه من عبادة الأوثان بلا دليلٍ ولا حجّةٍ ولا برهانٍ. {أم أنزلنا عليهم سلطانًا} أي: حجّةً {فهو يتكلّم} أي: ينطق {بما كانوا به يشركون}؟ وهذا استفهام إنكارٍ، أي: لم يكن [لهم] شيءٌ من ذلك). [تفسير ابن كثير: 6/ 317]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {وإذا أذقنا النّاس رحمةً فرحوا بها وإن تصبهم سيّئةٌ بما قدّمت أيديهم إذا هم يقنطون}، هذا إنكارٌ على الإنسان من حيث هو، إلّا من عصمه اللّه ووفّقه؛ فإنّ الإنسان إذا أصابته نعمةٌ بطر وقال: {ذهب السّيّئات عنّي إنّه لفرحٌ فخورٌ} [هودٍ: 10]، أي: يفرح في نفسه ويفخر على غيره، وإذا أصابته شدّةٌ قنط وأيس أن يحصل له بعد ذلك خيرٌ بالكلّيّة؛ قال اللّه: {إلا الّذين صبروا وعملوا الصّالحات} [هودٍ: 11]، أي: صبروا في الضّرّاء، وعملوا الصّالحات في الرّخاء، كما ثبت في الصّحيح: "عجبًا للمؤمن، لا يقضي اللّه له قضاءً إلّا كان خيرًا له، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له"). [تفسير ابن كثير: 6/ 317-318]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {أولم يروا أنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر} أي: هو المتصرّف الفاعل لذلك بحكمته وعدله، فيوسّع على قومٍ ويضيّق على آخرين، {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 318]

تفسير قوله تعالى: {فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فآت ذا القربى حقّه والمسكين وابن السّبيل ذلك خيرٌ للّذين يريدون وجه اللّه وأولئك هم المفلحون (38) وما آتيتم من ربًا ليربو في أموال النّاس فلا يربو عند اللّه وما آتيتم من زكاةٍ تريدون وجه اللّه فأولئك هم المضعفون (39) اللّه الّذي خلقكم ثمّ رزقكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيءٍ سبحانه وتعالى عمّا يشركون (40)}
يقول تعالى آمرًا بإعطاء ذي {القربى حقّه} أي: من البرّ والصّلة، {والمسكين} وهو: الّذي لا شيء له ينفق عليه، أو له شيءٌ لا يقوم بكفايته، {وابن السّبيل} وهو المسافر المحتاج إلى نفقةٍ وما يحتاج إليه في سفره، {ذلك خيرٌ للّذين يريدون وجه اللّه} أي: النّظر إليه يوم القيامة، وهو الغاية القصوى، {وأولئك هم المفلحون} أي: في الدّنيا وفي الآخرة). [تفسير ابن كثير: 6/ 318]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {وما آتيتم من ربًا ليربو في أموال النّاس فلا يربو عند اللّه} أي: من أعطى عطيّةً يريد أن يردّ النّاس عليه أكثر ممّا أهدى لهم، فهذا لا ثواب له عند اللّه -بهذا فسّره ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والضّحّاك، وقتادة، وعكرمة، ومحمّد بن كعبٍ، والشّعبيّ -وهذا الصّنيع مباحٌ وإن كان لا ثواب فيه إلّا أنّه قد نهى عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً، قاله الضّحّاك، واستدلّ بقوله: {ولا تمنن تستكثر} [المدّثّر: 6] أي: لا تعط العطاء تريد أكثر منه.
وقال ابن عبّاسٍ: الرّبا رباءان، فربًا لا يصح يعني: ربا البيع؟ وربًا لا بأس به، وهو هديّة الرّجل يريد فضلها وأضعافها. ثمّ تلا هذه الآية: {وما آتيتم من ربًا ليربو في أموال النّاس فلا يربو عند اللّه}.
وإنّما الثّواب عند اللّه في الزّكاة؛ ولهذا قال: {وما آتيتم من زكاةٍ تريدون وجه اللّه فأولئك هم المضعفون} أي: الّذين يضاعف اللّه لهم الثّواب والجزاء، كما [جاء] في الصّحيح: "وما تصدّق أحدٌ بعدل تمرةٍ من كسبٍ طيّبٍ إلّا أخذها الرّحمن بيمينه، فيربّيها لصاحبها كما يربّي أحدكم فلوّه أو فصيله، حتّى تصير التّمرة أعظم من أحد").[تفسير ابن كثير: 6/ 318]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {اللّه الّذي خلقكم ثمّ رزقكم} أي: هو الخالق الرّازق يخرج الإنسان من بطن أمّه عريانًا لا علم له ولا سمع ولا بصر ولا قوى، ثمّ يرزقه جميع ذلك بعد ذلك، والرّياش واللّباس والمال والأملاك والمكاسب، كما قال الإمام أحمد:
حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن سلّامٍ أبي شرحبيل، عن حبّة وسواءٍ ابني خالدٍ قالا دخلنا على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يصلح شيئًا فأعنّاه، فقال: "لا تيأسا من الرزق ما تهزّزت رؤوسكما؛ فإنّ الإنسان تلده أمّه أحمر ليس عليه قشرةٌ، ثمّ يرزقه اللّه عزّ وجلّ".
وقوله: {ثمّ يميتكم}، أي: بعد هذه الحياة {ثمّ يحييكم} أي: يوم القيامة.
وقوله: {هل من شركائكم} أي: الّذين تعبدونهم من دون اللّه. {من يفعل من ذلكم من شيءٍ} أي: لا يقدر أحدٌ منهم على فعل شيءٍ من ذلك، بل اللّه سبحانه وتعالى هو المستقلّ بالخلق والرّزق، والإحياء والإماتة، ثمّ يبعث الخلائق يوم القيامة؛ ولهذا قال بعد هذا كلّه: {سبحانه وتعالى عمّا يشركون} أي: تعالى وتقدّس وتنزّه وتعاظم وجلّ وعزّ عن أن يكون له شريكٌ أو نظيرٌ أو مساوٍ، أو ولدٌ أو والدٌ، بل هو الأحد الفرد الصّمد، الّذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحدٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 319]

رد مع اقتباس