عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 04:00 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم آنس محمدا صلى الله عليه وسلم بأن ضرب له مثل من أرسل من الأنبياء، ثم وعد تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته النصر; إذ أخبر أنه جعله حقا عليه تبارك وتعالى، و"حقا" خبر "كان" قدمه اهتماما، لأنه موضع فائدة الجملة، وبعض القراء في هذه الآية وقف على قوله: "حقا"، وجعله من الكلام المتقدم، ثم استأنف جملة من قوله: {علينا نصر المؤمنين}، وهذا قول ضعيف; لأنه لم يدر قدر ما عرضه في نظم الآية).[المحرر الوجيز: 7/ 32-33]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون * وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين * فانظر إلى آثار رحمت الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير}
إثارة السحب: تحريكها من سكونها وتسييرها، وبسطها في السماء هو نشرها في الآفاق، و"الكسف": القطع. وقرأ جمهور القراء: "كسفا" بفتح السين، وقرأ ابن عامر: "كسفا" بسكون السين، وهي قراءة الحسن، وأبي جعفر، والأعرج، وهما بناءان للجمع، كما يقال: "سدرة وسدر" بسكون الدال، و"سدر" بفتح الدال، وقال مكي: من أسكن السين فمعناه: يجعل السحاب قطعة واحدة، و"الودق": الماء يمطر، ومنه قول الشاعر:
فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها
و"خلاله": الفطور الذي بين بعضه وبعض; لأنه متحلل الأجزاء. وقرأ الجمهور: "من خلاله" بكسر الخاء وألف بعد اللام، جمع خلل كجبل وجبال، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عباس، والضحاك، والحسن - بخلاف عنه -: "من خلله"، وهو اسم جنس. والضمير في "خلاله" يحتمل أن يعود على "السحاب"، ويحتمل أن يعود على "الكسف" في قراءة من قرأ بسكون السين، وذكر الضمير مراعاة للفظ لا لمعنى الجمع، كما تقول: "هذا تمر جيد"، و"من الشجر الأخضر نارا"، ومن قرأ: "كسفا" بفتح السين فلا يعيد الضمير إلا على السحاب فقط). [المحرر الوجيز: 7/ 33-34]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله عز وجل: "من قبله" تأكيد أفاد الإعلام بسرعة تقلب قلوب البشر من الإبلاس إلى الاستبشار، وذلك أن قوله: {من قبل أن ينزل عليهم} يحتمل الفسحة في الزمان، أي: من قبل ذلك، أي: من قبل أن ينزل بكثير كالأيام ونحوه، فجاء قوله: "من قبله" بمعنى أن ذلك متصل بالمطر، فهو تأكيد مفيد. وقرأ يعقوب، وعيسى، وأبو عمرو - بخلاف عنه -: "ينزل" مخففة، وقرأت عامة القراء بالتثقيل في الزاي، وقرأ ابن مسعود: "عليهم لمبلسين" بسقوط "من قبله". و"الإبلاس": الكون في حال سوء مع اليأس من زوالها). [المحرر الوجيز: 7/ 34]

تفسير قوله تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم عجبه بمخاطبة يراد بها جميع الناس من أجل رحمة الله وهي المطر، وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، "أثر" بالإفراد، وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: "آثار" بالجمع، واختلف عن عاصم.
وقوله: {كيف يحيي} يحتمل أن يكون الضمير الذي في الفعل للأثر، ويحتمل أن يكون لله تعالى، وهو أظهر. وقرأت فرقة: "كيف تحيا" بالتاء المفتوحة "الأرض" بالرفع. وقرأ الجحدري، وابن السميفع، وأبو حيوة: "تحيي" بتاء مضمومة على أن إسناد الفعل إلى ضمير الرحمة نصبا. قال أبو الفتح: قوله: "كيف تحيي" جملة منصوبة الموضع على الحال حملا على المعنى، كأنه قال: "محيية، وهذه الحياة والموت استعارة في القحط والإعشاب. ثم أخبر تبارك وتعالى - على جهة القياس والتنبيه عليه - بالبعث والنشور، وقوله سبحانه: {على كل شيء} عموم).[المحرر الوجيز: 7/ 34-35]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون * فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين * وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون}
ثم أخبر تعالى عن حال تقلب ابن آدم في أنه بعيد الاستبشار بالمطر أن بعث الله ريحا فاصفر بها النبات ظل يكفر قلقا منه وقلة توكل وتسليم لله عز وجل. والضمير في "فرأوه" للنبات كما قلنا، أو للأثر وهو حوة النبات الذي أحييت به الأرض، وقال قوم: هو للسحاب، وقال قوم: هو للريح، وهذا كله ضعيف. واللام في "لئن" مؤذنة بمجيء القسم، وفي "لظلوا" فاللام لام القسم. وقوله تعالى: "ظلوا" فعل ماض نزله منزلة المستقبل واستنابه منابه; لأن الجزاء هنا لا يكون إلا بفعل مستقبل، لكن استعمل الماضي موضع المستقبل في بعض المواضع توثيقا لوقوعه). [المحرر الوجيز: 7/ 35]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فإنك لا تسمع الموتى} الآية ... استعارة للكفار، وقد تقدم القول على مثل هذه الآية في سورة النمل. وكلهم قرأ: "لا تسمع" بتاء مضمومة ونصب "الصم"، وقرأ ابن كثير، وعباس عن أبي عمرو: "تسمع" بياء مفتوحة "الصم" رفعا). [المحرر الوجيز: 7/ 35]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "بهاد العمي" بالإضافة، وقرأ يحيى بن الحرث، وأبو حيوة: "بهاد" بالتنوين "العمي" نصبا. وقوله: {إن تسمع إلا من يؤمن} معناه: إن تسمع إسماعا ينفع ويجدي، وأما سماع الكفرة فغير مجد فاستويا. وقوله تعالى: {عن ضلالتهم}، لما كان الهدى يتضمن الصرف عديت بـ"عن" كما تتعدى "صرف"، ومعنى الآية: ليس في قدرتك يا محمد ولا عليك أن تهدي. وقرأ ابن أبي عبلة: "من ضلالتهم). [المحرر الوجيز: 7/ 35]

رد مع اقتباس