عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 03:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقفهم - على جهة التوبيخ - على أنهم قد فكروا فلم تنفعهم الفكرة والنظر; إذ لم يكن على سداد. وقوله تعالى: "في أنفسهم" يحتمل معنيين: أحدهما أن تكون الفكرة في ذواتهم وحواسهم وخلقتهم ليستدلوا بذلك على الخالق المخترع، والثاني أن يكون قوله: "في أنفسهم" ظرفا للفكرة في خلق السماوات والأرض، ثم أخبر عقب هذا بأن الحق هو السبب في خلق السموات والأرض، فيكون قوله: "في أنفسهم" تأكيدا لقوله: "يتفكروا" كما تقول: انظر بعينك واسمع بأذنك، فقولك: "بعينك" و"بأذنك" تأكيد. وقوله: "إلا بالحق" أي بسبب المنافع التي هي حق واجب، يريد: من الدلالة عليه، والعبادة له دون فتور، والانتصاب للعبرة ومنافع الأرزاق وغير ذلك. "وأجل" عطف على "الحق"، أي: وبأجل مسمى وهو يوم القيامة، ففي الآية إشارة إلى البعث والنشور وفساد بنية من في هذا العالم، ثم أخبر عن كثير من الناس أنهم كفرة بذلك المعنى، فعبر عنه بلقاء الله لأن لقاء الله تبارك وتعالى; هو أعظم الأمور، وفيه النجاة أو الهلكة). [المحرر الوجيز: 7/ 10-11]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}
هذا أيضا توقيف وتوبيخ على أنهم ساروا ونظروا، أي أن ذلك لم ينفعهم حين لم يعملوا بحسب العبرة وخوف العاقبة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولا يتوجه للكفرة أن يعارض منهم من لم يسر فيقول: لم أسر; لأن كافة من سار من الناس قد نقلت إلى من لم يسر، فاستوت المعرفة وحصل اليقين للكل وقامت الحجة، وهذا بين.
وقوله تعالى: {وأثاروا الأرض} يريد: بالمباني والحرث والحروب، وسائر المباني التي أحدثوها هي كلها إثارة، بعضها حقيقة وبعضها بتجوز; لأن إثارة أهل الأرض والحيوان والمتاع إثارة للأرض. وقرأ أبو جعفر: "وآثاروا" بمد الهمزة، قال ابن مجاهد: ليس هذا بشيء، قال أبو الفتح: وجهها أنه أشبع فتحة الهمزة فنشأت ألف، ونحوه قول ابن هرمة:
فأنت من الغوائل حين ترمى ... ومن ذم الرجال بمنتزاح
قال: وهذا من ضرورة الشعر لا يجيء في القرآن. وقرأ أبو حيوة: "وآثروا" بالمد بغير ألف بعد الثاء، من الأثرة. والضمير في "عمروها" الأول للماضين، والثاني للحاضرين والمعاصرين، وباقي الآية بين يتضمن الوعظ والتخويف من الله تعالى). [المحرر الوجيز: 7/ 11-12]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون * الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون * ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون * ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين}
قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: "عاقبة" بالرفع على أنها اسم "كان"، والخبر يجوز أن يكون "السوءى" ويجوز أن يكون: "أن كذبوا"، وتكون "السوءى" - على هذا - مفعولا بـ"أساءوا" وإذا كان "السوءى" خبرا فإن "أن كذبوا" مفعول من أجله، ولا يصح تعلقه بـ"أساءوا"; لأن في ذلك فصلا بين الصلة وموصولها بخبر "كان". وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: "عاقبة" بالنصب على أنها خبر مقدم، واسم كان أحد ما تقدم، و"السوءى" مصدر كالرجعى والفتيا والشورى، ويجوز أن تكون صفة لمحذوف تقديره: "الخلة السوءى". قال أبو حاتم: هذه قراءة العامة بالمد على الواو وفتح الهمزة وياء التأنيث، فبعض القراء فخم، وبعضهم أمال. وقرأ الحسن: "السوء" بالتذكير، وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: السوء والسوءى اقرأ بما شئت، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أساءوا" هنا بمعنى: كفروا، و"السوءى" هي النار، والتكذيب بآيات الله تبارك وتعالى غير الاستهزاء بها، فلذلك عدد عليهم الفعلين). [المحرر الوجيز: 7/ 12]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم أخبر تعالى إخبارا مطلقا لجميع العالم بالحشر والبعث من القبور. وقرأ طلحة، وابن مسعود: "يبدئ" بضم الياء وكسر الدال، وقرأ جمهور القراء: "ترجعون" بالتاء من فوق. وقرأ أبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم بالياء). [المحرر الوجيز: 7/ 13]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: "يوم" منصوب بـ"يبلس"، و"الإبلاس": الكون في شر مع اليأس من الخير في ذلك الشر بعينه، فإبلاسهم هو في عذاب الله تعالى. وقرأ عامة القراء بكسر اللام، وقرأ أبو عبد الرحمن، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بفتحها، وأبلس الربع إذا بلي، وكأنه يئس من العمارة، ومنه قول العجاج:
يا صاح هل تعرف ربعا مكرسا؟ ... قال نعم أعرفه وأبلسا). [المحرر الوجيز: 7/ 13]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ عامة القراء: "ولم يكن لهم" بالياء من تحت، وروي عن نافع "تكن" بالتاء من فوق، و"الشركاء": المشار إليهم هم الأصنام، أي الذين كانوا يجعلونهم شركاء لله بزعمهم.
وقوله: "وكانوا" معناه يكونون عند معاينتهم أمر الله تعالى وفساد حال الأصنام، فعبر عنه بالماضي لتيقن الأمر وصحة وقوعه). [المحرر الوجيز: 7/ 13]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون * فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون * وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون * فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون}
"يتفرقون" معناه: في المنازل والأحكام والجزاء، قال قتادة: فرقة والله لا اجتماع بعدها). [المحرر الوجيز: 7/ 13]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"يحبرون" معناه: ينعمون، قاله مجاهد، والحبرة والحبور: السرور والنعيم، وقال يحيى بن أبي كثير: "يحبرون" معناه: يسمعون الأغاني، وهذا نوع من الحبرة، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "يحبرون": يكرمون، وفي المثل: "امتلأت بيوتهم حبرة فهم ينظرون العبرة"، ومنه بيت أبي ذؤيب:
فراق كقيص السن فالصبر إنه ... لكل أناس عبرة وحبور
هذا على هذه الرواية، ويروى: "عثرة وجبور"، وهي أكثر.
وذكر تعالى الروضة لأنها من أحسن ما يعلم من بقاع الأرض، وهي حيث يكثر النبت الأخضر، وما كان منها في المرتفع من الأرض كان أحسن، ومنه قول الأعشى:
وما روضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها مسبل هطل
ومنه قول كثير:
فما روضة بالحزن طيبة الثرى ... يمج الندا جثجاثها وعرارها
قال الأصمعي: ولا يقال روضة حتى يكون فيها ماء يشرب منه). [المحرر الوجيز: 7/ 13-15]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16) }

رد مع اقتباس