الموضوع: تجزئة المصحف
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 01:51 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تجزئة المصحف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ:(أجزاء المصحف
الكلام على أجزاء المصحف يتناول مسألتين :

أولاهما : ماهية هذه الأجزاء .
وأخراهما : حكم هذه التجزئة عند الفقهاء
ماهية أجزاء المصحف :

يطلق لفظ أجزاء المصحف ويراد به أحد أمرين :
أولهما : ما جرت عليه عادة كثير من نساخ الكتاب العزيز من وضع رموز خاصة فى حاشية المصحف تشير إلى أجزاء المصحف الثلاثين التى أشتهرت قسمة الكتاب العزيز إليها , غير أنهم يكتبون ذلك فى حاشيته بخط مخالف لخطه , ومداد مخالف لمداده .
وهذه التجزئة الثلاثينية تتفرع عنها تجزئة أخرى , حيث جزءوا كل واحد من هذه الأجزاء الثلاثين إلى جزئين , فصارت الأجزاء بذلك , ستين , وقد أطلقوا على كل واحد منها اسم الحزب ثم جزءوا كل واحد من هذه الأحزاب الستين إلى ثمانية أجزاء فصارت الأجزاء بذلك أربع مئة وثمانين جزءا . وقد سبقت هذه القسمة قسمه ثنائية , وأخرى ثلاثية , وثالثة رباعية , وأخرى خماسية , وقسمة سداسية وقسمة سباعية وأخرى ثمانية , وأخرى تساعية , وقسمة عشارية . وقد اشتدت عناية القراء فى إحصاء كل ما يتعلق بالقرءان العزيز من عد السور وآياته وكلماته وحروفه , بل حتى عواشره ونقطه , وأجتهدوا فى تحديد مبدأ كل جزء ومنتهاه بذكر السورة والآية والكلمة والحرف ويفترض أن تكون القسمة قائمة على تساوى الأجزاء والأحزاب
لكن بعض المحققين من أهل العلم كأبى العباس بن تيمية يرى أن التساوى يجب أن يكون تقريبا لا تحديدا لوجوه ذكرها , أثبت طرفا منها فى الحاشية تنبيها على بقيتها .
الأمر الثانى: الذى تناوله لفظ أجزاء المصحف ويدخل فى ماهيته أن المراد بأجزاء المصحف تفريقه فى كراريس بعدد أجزائه الثلاثين , بحيث تطبع مستقلة تيسيرا على صغار التلاميذ كما هو شائع فى المدارس والكتاتيب , وقد تكون هذه الأجزاء أسداسا أو أسباعا
حكم تجزئة المصاحف :
ولما كانت الأجزاء من المحدثات كرهها فريق من أهل العلم , وأئمة السلف على أن الإمام مالكا رحمه الله قد كره تفريق المصحف فى الكراريس أسداسا وأسباعا , لا لكون ذلك محدثا فحسب , بل لكونه تفريقا للقرآن وقد جمعه تعالى , فوجب أن يحافظ على كونه مجموعا . وقد روى أبو عبيد عن الحسن وابن سيرين أنهما كانا يكرهان الأوراد , قال أبو عبيد فى كتابه (( غريب الحديث )): { وتأويل الأوراد أنهم كانوا أحدثوا أن جعلوا القرآن أجزاء , كل جزء منها فيه سور مختلفة من القرآن على غير التأليف , جعلوا السورة الطويلة مع أخرى دونها فى الطول ثم يزيدون كذلك حتى يتم الجزء , ولا يكون فيه سورة منقطعة ولكن تكون كلها سورا تامة , فهذه الأوراد التى كرهها الحسن ومحمد } وقد كرهاه لما فيه من مخالفة تأليف القرآن وترتيب المصحف قال أبو عبيد : { حدثنى ابن أبى عدى عن أشعث عن الحسن وابن سيرين أنهما كانا يقرأن القرآن من أوله إلى آخره ويكرهان الأوراد وقال ابن سيرين : تأليف الله خير من تأليفكم }.
وقال القرطبى فى تفسيره لقوله تعالى فى سورة الأنعام:{َجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً }
وأخرج ابن أبى داود فى المصحاف قال : (حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان , حدثنا أبو نعيم , حدثنا مندل عن الوليد بن ثعلبة عن الضحاك قال : كان يكره الكراريس يعنى المصاحف تكتب فيها ).

وعقد ابن أبى داود فى كتاب المصاحف أيضا بابا فى تجزئة المصاحف , ذكر فيه جملة آثار تدل على أن تجزئة القرآن أصلا ولو من الناحية اللفظية , ومن هنا مالت طائفة من أهل العلم إلى التسهيل فى ذلك وتسهيل فى تجزئة المصحف رواية عن الإمام أحمد نقلها ابنه صالح حيث جاء فى مسائله ما نصه : {سألت أبى عن رجل عنده مصحف جامع يريد أن ينقضه فجعله أثلاثا ليكون أخف عليه ,فإيش ترى فى ذلك؟ قال : لاأعلم به بأسا}
بل إن طائفة من متأخرى أهل العلم قد قال باستحباب تجزئة المصاحف وسائر الرموز المتبعة لدى نساخها , لكون ذلك ضربا من تجويدها ومعينا على سرعة الحفظ وتيسيرا على من رام التلاوة فيها , وهاك طرفا من الآثار التى تعلق بها المجوزون للتجزئة فى الجملة . فمن ذلك ما أخرجه أبو عبيد , والإمام أحمد فى المسند , ,ابو داود , وابن ماجة , من حديث أوس بن أبى أوس حذيفة الثقفى قال : {كنت فى الوفد الذين أسلموا من ثقيف } فذكر الحديث بطوله , وفيه :{ فاحتبس علينا ليلة , فقلنا يارسول الله لبثت عنا الليلة أكثر مما كنت تلبث؟ فقال : ( نعم , طرأ على حزبى من القرآن , فكرهت أن أخرج من المسجد حتى أقضيه)
وأخرج ابن أبى داود بسنده عن ابن الهاد قال : {سألنى نافع بن جبير فقال : فى كم تقرأ القرآن ؟ فقلت : ما أحزبه . فقال نافع : لا تقل ما أحزبه , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( قرأت جزءا من القرآن ) , قال : حسبت أنه ذكره عن المغيرة بن شعبة .
وروى ابن أبى داود بسنده أيضا عن عثمان بن عبد الله بن أوس عن المغيره ابن شعبه قال : استأذن رجل على النبى صلى الله عليه وسلم وهو بين مكه والمدينة , فقال : (إنه قد فاتنى الليلة جزئى من القرآن ,فإنى لا أوثر عليه شيئا ) . فظاهر هذا كراهة التعبير بالتحزيب , والعدول عنه إلى الجزء , لكن الظاهر مردود بحديث أوس ابن حذيفة السابق , وبما أخرجه أبو عبيد بسنده عن عبد الرحمن ابن عبد القارى , أن عمر قال : من فاته حزبه من الليل فقرأه حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر فكأنه لم يفته , أو كأنه أدركه).[المتحف فى أحكام المصحف 1/71]


رد مع اقتباس