عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 18 محرم 1439هـ/8-10-2017م, 07:17 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

محنة الإمام البخاري في مسألة اللفظ:

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (محنة الإمام البخاري في مسألة اللفظ:
كان البخاري قد رأى ما نال الإمام أحمد في مسألة اللفظ وهو ببغداد فجعل على نفسه أن لا يتكلم في هذه المسألة، ورأى أنها مسألة مشؤومة، وفطن لذلك بعض أهل بغداد.

ولمّا توجّه البخاري إلى خراسان في آخر حياته وهو في الثانية والستين من عمره؛ وجد في بلده بخارى كثرة المخالفين له؛ فعزم على الإقامة في نيسابور، فبلغ ذلك أهل نيسابور.
فاحتفوا بمقدمه احتفاء بالغاً خرج إليه العلماء والوجهاء والعامة من مسيرة ليلتين أو ثلاث يستقبلونه.
وكان ممن احتفى بمقدمه قاضي نيسابور محمد بن يحيى الذهلي وكان رجلاً مسموع الكلمة في نيسابور ومحدّثا من كبار المحدّثين.
قال مسلم بن الحجاج النيسابوري [صاحب الصحيح]: لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيت واليا ولا عالما فَعل به أهل نيسابور ما فعلوا به استقبلوه مرحلتين وثلاثة.
فقال محمد بن يحيى في مجلسه: من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غدا فليستقبله فاستقبله محمد بن يحيى، وعامة العلماء فنزل دار البخاريين فقال لنا محمد بن يحيى: لا تسألوه عن شي من الكلام فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه، وقع بيننا وبينه ثم شمت بنا كل حروري وكل رافضي، وكل جهمي وكل مرجئ بخراسان.
قال الإمام مسلم: فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل حتى امتلأ السطح والدار فلما كان اليوم الثاني، أو الثالث قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن.
فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا فوقع بينهم اختلاف.
فقال بعض الناس: قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وقال بعضهم: لم يقل حتى تواثبوا؛ فاجتمع أهل الدار وأخرجوهم). ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء.
وقال ابن عدي: ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور اجتمع الناس عليه فحسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوا إقبال الناس إليه، واجتماعهم عليه؛ فقال لأصحاب الحديث: إن محمد بن إسماعيل يقول: اللفظ بالقرآن مخلوق فامتحنوه في المجلس فلما حضر الناس مجلس البخاري قام إليه رجل فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أم غير مخلوق؟
فأعرض عنه البخاري، ولم يجبه فقال الرجل: يا أبا عبد الله فأعاد عليه القول فأعرض عنه ثم قال في الثالثة فالتفت إليه البخاري، وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة فشغب الرجل وشغب الناس وتفرقوا عنه وقعد البخاري في منزله.
ونقلت مقالته على غير وجهها إلى قاضي نيسابور محمد بن يحيى الذهلي؛ فقال في مجلسه فيما قال: (من زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق فهذا مبتدع لا يجالس ولا يكلم، ومن ذهب بعد مجلسنا هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه، فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه).
وروى الحاكم بإسناده عن ابن عليّ المخلدّي أنه قال: (سمعت محمد بن يحيى يقول: قد أظهر هذا البخاري قول اللفظية، واللفظية عندي شر من الجهمية).

وقال أبو حامد الأعمشي: رأيت محمد بن إسماعيل في جنازة أبي عثمان سعيد بن مروان، ومحمد بن يحيى يسأله عن الأسامي والكنى وعلل الحديث، ويمر فيه محمد بن إسماعيل مثل السهم؛ فما أتى على هذا شهر حتى قال محمد بن يحيى: إلا من يختلف إلى مجلسه فلا يختلف إلينا فإنهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلم في اللفظ ونهيناه فلم ينته فلا تقربوه، ومن يقربه فلا يقربنا فأقام محمد بن إسماعيل ها هنا مدة ثم خرج إلى بخارى.
وقال محمد بن شاذل يقول: (لما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري دخلت على البخاري فقلت: يا أبا عبد الله أيش الحيلة لنا فيما بينك وبين محمد بن يحيى كل من يختلف إليك يطرد؟
فقال: كم يعتري محمد بن يحيى الحسد في العلم، والعلم رزق الله يعطيه من يشاء.
فقلت: هذه المسألة التي تحكى عنك؟
قال: (يا بني هذه مسألة مشؤومة رأيت أحمد بن حنبل، وما ناله في هذه المسألة وجعلت على نفسي أن لا أتكلم فيها).
قال الذهبي: (المسألة هي أن اللفظ مخلوق، سئل عنها البخاري فوقف فيها فلما وقف، واحتج بأن أفعالنا مخلوقة واستدل لذلك فهم منه الذهلي أنه يوجه مسألة اللفظ فتكلم فيه، وأخذه بلازم قوله هو).
وكلام البخاري المتقدّم يدلّ على أنّ الإمام أحمد أوذي في مسألة اللفظ بما جعل البخاري ينأى عن الحديث عنها لالتباسها ودقّة أفهام كثير من الناس عنها ولأنّ الأذى فيها كثير؛ لكن قدّر الله تعالى أن يبتلى بها.

قال الخطيب البغدادي: (وكان مسلم يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى الذهلي بسببه).
ثم روى بإسناده عن محمد بن يعقوب الحافظ أنه قال: (لما استوطن محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور، أكثر مسلم بن الحجاج الاختلاف إليه، فلما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه، ومنع الناس من الاختلاف إليه حتى هجر، وخرج من نيسابور في تلك المحنة، قطعه أكثر الناس غير مسلم، فإنه لم يتخلف عن زيارته، فأنهي إلى محمد بن يحيى أن مسلم بن الحجاج على مذهبه قديما وحديثا، وأنه عوتب على ذلك بالعراق والحجاز ولم يرجع عنه، فلما كان يوم مجلس محمد بن يحيى، قال في آخر مجلسه: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا، فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته وقام على رءوس الناس وخرج من مجلسه، وجمع كل ما كان كتب منه وبعث به على ظهر حمَّال إلى باب محمد بن يحيى، فاستحكمت بذلك الوحشة، وتخلف عنه وعن زيارته).

وقام مع مسلم بن الحجاج أحمد بن سلمة.
قال محمد بن يعقوب الأخرم: سمعت أصحابنا يقولون: لما قام مسلم وأحمد بن سلمة من مجلس الذهلي، قال الذهلي: لا يساكنني هذا الرجل في البلد فخشي البخاري وسافر.

قال أبو عمرو الخفاف [وهو أحمد بن نصر النيسابوري]: (كنا يوما عند أبي إسحاق القيسي ومعنا محمد بن نصر المروزي، فجرى ذكر محمد بن إسماعيل البخاري، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله.
قال: فقلت له: يا أبا عبد الله قد خاض الناس في هذا وأكثروا فيه.
فقال: ليس إلا ما أقول وأحكي لك عنه.
قال أبو عمرو الخفاف: فأتيت محمد بن إسماعيل فناظرته في شيء من الأحاديث حتى طابت نفسه فقلت: يا أبا عبد الله هاهنا أحد يحكى عنك أنك قلت هذه المقالة.
فقال: يا أبا عمرو احفظ ما أقول لك: من زعم من أهل نيسابور، وقومس، والري، وهمذان، وحلوان، وبغداد، والكوفة، والمدينة، ومكة، والبصرة، أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقل هذه المقالة إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.

وقال أحمد بن سلمة: دخلت على البخاري فقلت: يا أبا عبد الله هذا رجل مقبول بخراسان خصوصا في هذه المدينة وقد لج في هذا الحديث حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه فيه فما ترى? فقبض على لحيته ثم قال: {وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد} ، اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور أشرا ولا بطرا، ولا طلبا للرئاسة، وإنما أبت علي نفسي في الرجوع إلى وطني لغلبة المخالفين، وقد قصدني هذا الرجل حسدا لما آتاني الله لا غير ثم قال لي: يا أحمد إني خارج غدا لتتخلصوا من حديثه لأجلي.
قال: فأخبرت جماعة من أصحابنا فوالله ما شيعه غيري كنت معه حين خرج من البلد، وأقام على باب البلد ثلاثة أيام لإصلاح أمره.

وقد أوذي البخاري رحمه الله في هذه المحنة كثيراً ؛ حتى كفّره بعضهم، وهو صابر محتسب ثابت على قول الحق؛ مجتنب للألفاظ الملتبسة.
قال محمد بن أبي حاتم: أتى رجل عبد الله البخاري فقال: يا أبا عبد الله إن فلانا يكفرك فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء به أحدهما".
وكان كثير من أصحابه يقولون له: إن بعض الناس يقع فيك فيقول: {إن كيد الشيطان كان ضعيفا}، ويتلو أيضا: {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}
فقال له عبد المجيد بن إبراهيم: كيف لا تدعو الله على هؤلاء الذين يظلمونك، ويتناولونك ويبهتونك؟
فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«اصبروا حتى تلقوني على الحوض»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من دعا على ظالمه فقد انتصر».
قال محمد بن أبي حاتم: وسمعته يقول: لم يكن يتعرض لنا قط أحد من أفناء الناس إلا رمي بقارعة، ولم يسلم وكلما حدث الجهال أنفسهم أن يمكروا بنا رأيت من ليلتي في المنام نارا توقد ثم تطفأ من غير أن ينتفع بها فأتأول قوله تعالى: {كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله}
وكان هجيراه من الليل إذا أتيته في آخر مقدمه من العراق: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده} الآية.

محنة الإمام البخاري في بلده بخارى
لما رأى البخاري الوحشة في نيسابور خرج منها إلى بخارى على ما سبق ذكره؛ مع كراهيته للمقام في بخارى لكثرة المخالفين له.
قال أحمد بن منصور الشيرازي قال: سمعت بعض أصحابنا يقول: لما قدم أبو عبد الله بخارى نصب له القباب على فرسخ من البلد، واستقبله عامة أهل البلد حتى لم يبق مذكور إلا استقبله، ونثر عليه الدنانير والدراهم والسكر الكثير فبقي أياما.
قال: فكتب بعد ذلك محمد بن يحيى الذهلي إلى خالد بن أحمد أمير بخارى: إن هذا الرجل قد أظهر خلاف السنة فقرأ كتابه على أهل بخارى فقالوا: لا نفارقه فأمره الأمير بالخروج من البلد فخرج.
وقال أحمد بن منصور: فحكى لي بعض أصحابنا عن إبراهيم بن معقل النسفي قال: رأيت محمد بن إسماعيل في اليوم الذي أخرج فيه من بخارى فتقدمت إليه فقلت: يا أبا عبد الله، كيف ترى هذا اليوم من اليوم الذي نثر عليك فيه ما نثر؟
فقال: لا أبالي إذا سلم ديني.
قال بكر بن منير بن خليد: بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمد بن إسماعيل، أن احمل إلي كتاب الجامع والتاريخ وغيرهما لأسمع منك.
فقال محمد بن إسماعيل لرسوله: أنا لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس، فإن كانت لك إلى شيء منه حاجة فاحضرني في مسجدي أو في داري، وإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة؛ لأني لا أكتم العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار " قال فكان سبب الوحشة بينهما هذا.

وقال أبو بكر بن أبي عمرو الحافظ: كان سبب مفارقة أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري البلد، يعني: بخارى، أن خالد بن أحمد الذهلي الأمير، خليفة الطاهرية ببخارى، سأل أن يحضر منزله فيقرأ الجامع والتاريخ على أولاده فامتنع أبو عبد الله عن الحضور عنده، فراسله أن يعقد مجلسا لأولاده لا يحضره غيرهم فامتنع عن ذلك أيضا، وقال: لا يسعني أن أخص بالسماع قوما دون قوم، فاستعان خالد بن أحمد بحريث بن أبي الورقاء وغيره من أهل العلم ببخارى عليه، حتى تكلموا في مذهبه ونفاه عن البلد، فدعا عليهم أبو عبد الله محمد بن إسماعيل، فقال: اللهم أرهم ما قصدوني به في أنفسهم وأولادهم وأهاليهم.
فأما خالد فلم يأت عليه إلا أقل من شهر حتى ورد أمر الطاهرية بأن ينادى عليه، فنودي عليه، وهو على أتان، وأشخص على أكاف ثم صار عاقبة أمره إلى ما قد اشتهر وشاع.
وأما حريث بن أبي الورقاء فإنه ابتلى بأهله فرأى فيها ما يجل عن الوصف.
وأما فلان أحد القوم وسماه فإنه ابتلي بأولاده وأراه الله فيهم البلايا.

فلما أخرج من بخارى توجّه إلى بلدة يقال لها خرتنك وفيها له أقارب.
قال عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي: جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك، قرية من قرى سمرقند، على فرسخين منها وكان له بها أقرباء فنزل عندهم، قال: فسمعته ليلة من الليالي وقد فرغ من صلاة الليل يدعو ويقول في دعائه: اللهم إنه قد ضاقت على الأرض بما رحبت فاقبضني إليك.
قال: فما تم الشهر حتى قبضه الله تعالى وقبره بخرتنك.

ولقد أكثروا التأليب عليه واشتدوا في أذيته؛ ونحلوه أقوالا شنيعة لم يتفوّه بها، وكذبوا عليه في ذلك.
قال أبو العباس الفضل بن بسام: سمعت إبراهيم بن محمد يقول: أنا توليت دفن محمد بن إسماعيل لما أن مات بخرتنك أردت حمله إلى مدينة سمرقند أن أدفنه بها، فلم يتركني صاحب لنا، فدفناه بها.
فلما أن فرغنا ورجعت إلى المنزل الذي كنت فيه، قَالَ لي صاحب القصر: سألته أمس، قلت: يا أبا عبد الله ما تقول في القرآن؟ فقال: القرآن كلام الله غير مخلوق.
قَالَ: فقلت له: إن الناس يزعمون أنك تقول: ليس في المصاحف قرآن ولا في صدور الناس.
فقال: استغفر الله أن تشهد على بشيء لم تسمعه مني، أقول كما قَالَ الله تعالى {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)}.
أقول: في المصاحف قرآن وفي صدور الناس قرآن، فمن قَالَ غير هذا يستتاب، فإن تاب وإلا فسبيله سبيل الكفر). ذكره الخطيب البغدادي في تاريخه وأبو القاسم اللالكائي في شرح السنة.

قال عبد الواحد بن آدم الطواويسى: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في موضع ذكره فسلمت عليه فرد السلام.
فقلت: ما وقوفك يا رسول الله؟
فقال: أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري.
فلما كان بعد أيام بلغني موته فنظرنا فإذا هو قد مات في الساعة التي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيها). رواه الخطيب البغدادي.
قال مهيب بن سليم بن مجاهد: توفي أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ليلة السبت، ليلة الفطر، سنة ست وخمسين ومائتين.

ردّ البخاري على الطائفتين:
كان الذين يقول بأن اللفظ بالقرآن غير مخلوق ينسبون قولهم هذا إلى الإمام أحمد، ويظنّون أنّ هذا قوله.
وكان الذين يقابلونهم في هذا الأمر يفعلون ذلك؛ فيدّعون نسبة هذا القول إلى الإمام أحمد، وأنّ هذا مذهبه.
وذلك بسبب ما في هذه المسألة من الغموض والالتباس، وظنّ كل طائفة أنّ هذا هو الحق ، وأن الإمام أحمد كان على ما يقولون به.

وقد ردّ البخاري على الطائفتين، وبيّن الحقّ في هذه المسألة في كتابه "خلق أفعال العباد" بياناً شافياً.
وكان فيما قال: (فأما ما احتج به الفريقان لمذهب أحمد ويدعيه كل لنفسه، فليس بثابت كثير من أخبارهم، وربما لم يفهموا دقة مذهبه، بل المعروف عن أحمد وأهل العلم أن كلام الله غير مخلوق، وما سواه مخلوق، وأنهم كرهوا البحث والتنقيب عن الأشياء الغامضة، وتجنبوا أهل الكلام والخوض والتنازع إلا فيما جاء فيه العلم وبيَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم "
ثم قال: (حدثنا إسحاق، أنبأ عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن الزهري، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوما يتدارءون فقال: «إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا، فلا تضربوا بعضه بعضا، ما علمتم منه فقولوا، وما لا، فكلوه إلى عالمه» قال أبو عبد الله: «وكل من اشتبه عليه شيء فأولى أن يكله إلى عالمه »
كما قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «وما أشكل عليكم فكلوه إلى عالمه »)). [الإيمان بالقرآن:132 - 142]


رد مع اقتباس