عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 21 شعبان 1435هـ/19-06-2014م, 08:26 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور «أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام» وقرأ ابن الزبير وأبو حمزة ومحمد بن علي وأبو جعفر القاري «أجعلتم سقاة الحاج وعمرة المسجد الحرام»، وقرأها كذلك ابن جبير إلا أنه نصب «المسجد» على إرادة التنوين في «عمرة» وقرأ الضحاك وأبو وجزة وأبو جعفر القاري «سقاية الحاج» بضم السين «وعمرة»، فأما من قرأ «سقاية وعمارة» ففي الكلام عنده محذوف إما في أوله وإما في آخره فإما أن يقدر «أجعلتم أهل سقاية» وإما أن يقدر كفعل من آمن بالله. وأما من قرأ «سقاة» و «عمرة» فنمط قراءته مستو، وأما قراءة الضحاك فجمع ساق إلا أنه ضم أوله كما قالوا عرف وعراف وظئر وظؤار، وكان قياسه أن يقال سقاء وإن أنث كما أنث من الجموع حجارة وغيره. فكان القياس سقية من أول مرة على التأنيث قاله ابن جني، وسقاية الحاجّ كانت في بني هاشم وكان العباس يتولاها، سقية من أول مرة على التأنيث قاله ابن جني، وسقاية الحاجّ كانت في بني هاشم وكان العباس يتولاها، قال الحسن: ولما نزلت هذه الآية قال العباس: ما أراني إلا أترك السقاية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أقيموا عليها فإنها لكم خير،
وعمارة المسجد قيل هي حفظه من الظلم فيه ويقال هجرا، وكان ذلك إلى العباس، وقيل هي السدانة خدمة البيت خاصة، وكانت في بني عبد الدار وكان يتولاها عثمان بن طلحة بن أبي طلحة واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الدار، وشيبة بن عثمان بن أبي طلحة المذكور هذان هما اللذان دفع إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة في ثاني يوم الفتح بعد أن طلبه العباس وعلي رضي الله عنهما، وقال صلى الله عليه وسلم لعثمان وشيبة: «يوم وفاء وبر خذوها خالدة تالدة لا ينازعكموها إلا ظالم».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: يعني السدانة واختلف الناس في سبب نزول هذه الآية فقيل إن كفار قريش قالوا لليهود إنّا نسقي الحجيج ونعمر البيت، أفنحن أفضل أم محمد صلى الله عليه وسلم ودينه؟ فقالت لهم أحبار اليهود بل أنتم، فنزلت الآية في ذلك، وقيل إن الكفار افتخروا بهذه الأشياء فنزلت الآية في ذلك، وأسند الطبري إلى النعمان بن بشير أنه قال: كنت عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه، فقال أحدهم ما أتمنى بعد الإسلام إلا أن أكون ساقي الحاج، وقال الآخر إلا أن أكون خادم البيت وعامره، وقال الثالث إلا أن أكون مجاهدا في سبيل الله، فسمعهم عمر بن الخطاب فقال: اسكتوا حتى أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأستفتيه فدخل عليه فاستفتاه فنزلت الآية في ذلك، وقال ابن عباس والضحاك: إن المسلمين عيروا أسرى بدر بالكفر فقال العباس بل نحن سقاة الحاج وعمرة البيت فنزلت الآية في ذلك، وقال مجاهد: أمروا بالهجرة فقال العباس أنا أسقي الحاج وقال عثمان بن طلحة أنا حاجب للكعبة فلا نهاجر فنزلت أجعلتم سقاية الحاجّ إلى قوله حتّى يأتي اللّه بأمره، وقال مجاهد وهذا كله قبل فتح مكة، وقال محمد بن كعب: إن العباس وعليا وعثمان بن طلحة تفاخروا فقال العباس أنا ساقي الحاج وقال عثمان أنا عامر البيت ولو شئت بت فيه وقال علي أنا صاحب جهاد الكفار مع النبي صلى الله عليه وسلم والذي آمنت وهاجرت قديما، فنزلت الآية في ذلك). [المحرر الوجيز: 4/ 278-280]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه بأموالهم وأنفسهم أعظم درجةً عند اللّه وأولئك هم الفائزون (20) يبشّرهم ربّهم برحمةٍ منه ورضوانٍ وجنّاتٍ لهم فيها نعيمٌ مقيمٌ (21) خالدين فيها أبداً إنّ اللّه عنده أجرٌ عظيمٌ (22) يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبّوا الكفر على الإيمان ومن يتولّهم منكم فأولئك هم الظّالمون (23)
لما حكم الله تعالى في الآية المتقدمة بأن الصنفين لا يستوون بين ذلك في هذه الآية الأخيرة وأوضحه، فعدد الإيمان والهجرة والجهاد بالمال والنفس، وحكم أن أهل هذه الخصال أعظم درجةً عند اللّه من جميع الخلق، ثم حكم لهم بالفوز برحمته ورضوانه، والفوز بلوغ البغية إما في نيل رغبته أو نجاة من مهلكة، وينظر إلى معنى هذه الآية الحديث الذي جاء «دعوا لي أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: لأن أصحاب هذه الخصال على سيوفهم انبنى الإسلام وهم ردوا الناس إلى الشرع). [المحرر الوجيز: 4/ 280-281]

تفسير قوله تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: يبشّرهم ربّهم الآية، هذه آية وعد، وقراءة الناس «يبشّرهم» بضم الياء وكسر الشين المشددة، وقرأ الأعمش وطلحة بن مصرف وحميد بن هلال «يبشرهم» بفتح الياء وسكون الباء وضم الشين خفيفة، وأسند الطبري إلى جابر بن عبد الله أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا دخل أهل الجنة الجنة قال الله عز وجل أعطيتكم أفضل من هذا، فيقولون ربنا أي شيء أفضل من هذا؟ قال: رضواني»، وفي البخاري في كتاب السنة منه «فلا أسخط عليكم أبدا»، وقرأ الجمهور «ورضوان» بكسر الراء، وقرأ عاصم وعمرو «ورضوان» بضم الراء وقرأ الأعمش بضم الراء والضاد جميعا، قال أبو حاتم لا يجوز هذا). [المحرر الوجيز: 4/ 281]


رد مع اقتباس