عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 09:21 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن يحيى بن أبي كثير عن رجل عن النعمان بن بشير أن رجلا قال ما أبالي ألا أعمل عملا بعد الإسرم إلا أن أسقي الحاج وقال آخر ما أبالي ألا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام وقال آخر الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم فزجرهم عمر وقال لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله وذلك يوم الجمعة ولكن إذا صلى الجمعة دخلنا عليه فنزلت {أجعلتم سقاية الحاج} إلى قوله {لا يستوون عند الله}). [تفسير عبد الرزاق: 1/268-269]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن عمرو عن الحسن قال لما نزلت أجعلتم سقاية الحاج في علي وعباس وعثمان وشيبة تكلموا في ذلك فقال عباس ما أراني إلا تاركا سقايتنا فقال رسول الله أقيموا سقايتكم فإن لكم فيها خيرا.
عن ابن عيينة عن إسماعيل عن الشعبي قال نزلت في علي وعباس تكلما في ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 1/269]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن قال لما نزلت أجعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام قال العباس ما أراني إلا تاركا سقايتنا فقال النبي أقيموا سقايتكم فإن لكم فيها خيرا). [تفسير عبد الرزاق: 1/269]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الآخر وجاهد في سبيل اللّه لا يستوون عند اللّه واللّه لا يهدي القوم الظّالمين}.
وهذا توبيخٌ من اللّه تعالى ذكره لقومٍ افتخروا بالسّقاية وسدانة البيت، فأعلمهم جلّ ثناؤه أنّ الفخر في الإيمان باللّه واليوم الآخر والجهاد في سبيله لا في الّذي افتخروا به من السّدانة والسّقاية.
وبذلك جاءت الآثار وتأويل أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو الوليد الدّمشقيّ أحمد بن عبد الرّحمن، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: حدّثني معاوية بن سلاّمٍ، عن جدّه أبي سلاّمٍ الأسود، عن النّعمان بن بشيرٍ الأنصاريّ، قال: كنت عند منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في نفرٍ من أصحابه، فقال رجلٌ منهم: ما أبالي ألاّ أعمل عملاً بعد الإسلام، إلاّ أن أسقي الحاجّ، وقال آخر: بل عمارة المسجد الحرام، وقال آخر: بل الجهاد في سبيل اللّه خيرٌ ممّا قلتم، فزجرهم عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه، وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وذلك يوم الجمعة ولكن إذا صلّيت الجمعة دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فاستفتيته فيما اختلفتم فيه، قال: ففعل، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {أجعلتم سقاية الحاجّ} إلى قوله: {واللّه لا يهدي القوم الظّالمين}.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الآخر} قال العبّاس بن عبد المطّلب حين أسر يوم بدرٍ: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد، لقد كنّا نعمر المسجد الحرام، ونسقي الحاجّ، ونفكّ العاني، قال اللّه: {أجعلتم سقاية الحاجّ}. إلى قوله: {الظّالمين} يعني أنّ ذلك كان في الشّرك، ولا أقبل ما كان في الشّرك.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أجعلتم سقاية الحاجّ} إلى قوله: {الظّالمين} وذلك أنّ المشركين قالوا: عمارة بيت اللّه وقيامٌ على السّقاية خيرٌ ممّن آمن وجاهد، وكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل أنّهم أهله وعمّاره. فذكر اللّه استكبارهم وإعراضهم، فقال لأهل الحرم من المشركين: {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين به سامرًا تهجرون} يعني أنّهم يستكبرون بالحرم، وقال: به سامرًا لأنّهم كانوا يسمرون ويهجرون القرآن والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. فخيّر الإيمان باللّه والجهاد مع نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على عمران المشركين البيت وقيامهم على السّقاية. ولم يكن ينفعهم عند اللّه مع الشّرك به أن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه، قال اللّه: {لا يستوون عند اللّه واللّه لا يهدي القوم الظّالمين} يعني: الّذين زعموا أنّهم أهل العمارة، فسمّاهم اللّه ظالمين بشركهم فلم تغن عنهم العمارة شيئًا.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ، أنّ رجلاً قال: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلاّ أن أسقي الحاجّ، وقال آخر: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلاّ أن أعمر المسجد الحرام، وقال آخر: الجهاد في سبيل اللّه أفضل ممّا قلتم. فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وذلك يوم الجمعة ولكن إذا صلّى الجمعة دخلنا عليه. فنزلت: {أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام} إلى قوله: {لا يستوون عند اللّه}.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن عمرٍو، عن الحسن، قال: نزلت في عليٍّ وعبّاسٍ وعثمان وشيبة، تكلّموا في ذلك، فقال العبّاس: ما أراني إلاّ تارك سقايتنا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أقيموا على سقايتكم فإنّ لكم فيها خيرًا.
- قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن إسماعيل، عن الشّعبيّ،. قال: نزلت في عليٍّ والعبّاس، تكلّما في ذلك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرت عن أبي صخرٍ، قال: سمعت محمّد بن كعبٍ القرظيّ، يقول: افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدّار، وعبّاس بن عبد المطّلب، وعليّ بن أبي طالبٍ. فقال طلحة: أنا صاحب البيت، معي مفتاحه، لو أشاء بتّ فيه، وقال عبّاسٌ: أنا صاحب السّقاية والقائم عليها، ولو أشاء بتّ في المسجد، وقال عليّ: ما أدري ما تقولان، لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهرٍ قبل النّاس، وأنا صاحب الجهاد، فأنزل اللّه: {أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام} الآية كلّها.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسن، قال: لمّا نزلت {أجعلتم سقاية الحاجّ} قال العبّاس: ما أراني إلاّ تارك سقايتنا، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أقيموا على سقايتكم فإنّ لكم فيها خيرًا.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الآخر وجاهد في سبيل اللّه لا يستوون عند اللّه} قال: افتخر عليٌّ وعبّاسٌ وشيبة بن عثمان، فقال العبّاس: أنا أفضلكم، أنا أسقي حجّاج بيت اللّه، وقال شيبة: أنا أعمر مسجد اللّه، وقال عليٌّ: أنا هاجرت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأجاهد معه في سبيل اللّه، فأنزل اللّه: {الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه} إلى: {نعيمٍ مقيمٍ}.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {أجعلتم سقاية الحاجّ} الآية، أقبل المسلمون على العبّاس وأصحابه الّذين أسروا يوم بدرٍ يعيّرونهم بالشّرك، فقال العبّاس: أما واللّه لقد كنّا نعمر المسجد الحرام، ونفكّ العاني، ونحجب البيت، ونسقي الحاجّ، فأنزل اللّه: {أجعلتم سقاية الحاجّ} الآية.
فتأويل الكلام إذن: أجعلتم أيّها القوم سقاية الحاجّ، وعمارة المسجد الحرام كإيمان من آمن باللّه واليوم الآخر وجاهد في سبيل اللّه، لا يستوون هؤلاء وأولئك، ولا تعتدل أحوالهما عند اللّه ومنازلهما؛ لأنّ اللّه تعالى لا يقبل بغير الإيمان به وباليوم الآخر عملاً. {واللّه لا يهدي القوم الظّالمين} يقول: واللّه لا يوفّق لصالح الأعمال من كان به كافرًا ولتوحيده جاحدًا.
ووضع الاسم موضع المصدر في قوله: {كمن آمن باللّه} إذ كان معلومًا معناه، كما قال الشّاعر:
لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللّحى = ولكنّما الفتيان كلّ فتًى ندي
فجعل خبر الفتيان أن وهو كما يقال: إنّما السّخاء حاتمٌ والشّعر زهيرٌ). [جامع البيان: 11/377-381]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الآخر وجاهد في سبيل اللّه لا يستوون عند اللّه واللّه لا يهدي القوم الظّالمين (19)
قوله تعالى: أجعلتم سقاية الحاجّ
- حدّثنا أبي ثنا سعيد بن سليمان الواسطيّ ثنا سنان بن هارون عن حجّاجٍ عن عطاءٍ أجعلتم سقاية الحاجّ قال: زمزمٌ.
قوله تعالى: وعمارة المسجد الحرام
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ- فيما كتب إليّ- ثنا أبي ثنا عمّي عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ قوله: أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام وذلك أنّ المشركين قالوا: عمارة بيت اللّه وقيامٌ على السّقاية خيرٌ ممّن آمن وجاهد فكانوا يفخرون بالحرم، ويستكبرون به من أجل أنّهم أهله وعمّاره، فذكر اللّه تعالى استكبارهم وإعراضهم، فقال لأهل الحرم من المشركين: قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين به سامرًا تهجرون.
قوله تعالى: كمن آمن باللّه واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي ثنا أبو توبة الرّبيع بن نافعٍ ثنا معاوية بن سلامٍ عن زيد بن سلامٍ أنّه سمع أبا سلامٍ يقول: حدّثني النّعمان بن بشيرٍ قال: كنت عند منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال رجلٌ: لا أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاجّ، وقال الآخر: إلا أن أعمر المسجد الحرام، وقال آخرٌ: الجهاد في سبيل اللّه أفضل ممّا قلتم، فزجرهم عمر بن الخطّاب، وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يوم الجمعة، ولكن إذا صلّيت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه، فأنزل اللّه تعالى أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الآخر إلى آخر الآية.
- حدّثنا أبي ثنا ابن أبي عمر العدنيّ ثنا سفيان عن ابن أبي خالدٍ، وزكريّا عن الشّعبيّ قال: تكلّم عليٌّ والعبّاس وشيبة في السّقاية والحجابة، فأنزل اللّه تعالى أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله.
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح ثنا مروان بن معاوية الفزاريّ عن إسماعيل بن أبي خالدٍ قال: قال الشّعبيّ: نزلت سقاية الحاجّ في عبّاسٍ وعليٍّ رضي اللّه عنهما.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث ثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قوله: أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر
والوجه الثّالث:
- حدّثنا الحجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ
قوله: سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام قال: أمروا بالهجرة، فقال العبّاس بن عبد المطّلب: أنا أسقي الحاجّ، وقال طلحة أخو بني عبد الدّار: أنا أحجب الكعبة فلا أهاجر.
قوله تعالى: لا يستوون عند اللّه
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ- فيما كتب إليّ- ثنا أبي ثنا عمّي عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ قوله: لا يستوون عند اللّه واللّه لا يهدي القوم الظّالمين يعني: الّذين زعموا أنّهم أهل العمارة.
قوله تعالى: واللّه لا يهدي القوم الظّالمين
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ ثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ واللّه لا يهدي القوم الظّالمين يعني: أنّ ذلك كان في الشّرك، ولا أقبل ما كان في الشرك.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ- فيما كتب إليّ- ثنا أبي ثنا عمّي عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ قوله: واللّه لا يهدي القوم الظّالمين فسمّاهم اللّه ظالمين بشركهم فلم تغن عنهم العمارة شيئًا). [تفسير القرآن العظيم: 6/1767-1769]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام قال لما أمروا بالهجرة قال العباس ابن عبد المطلب أنا أسقي الحاج وقال طلحة أخو بني عبد الدار أنا أحجب الكعبة فلا أهاجر فنزل يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إلى قوله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره). [تفسير مجاهد: 275]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (م) النعمان بن بشير - رضي الله عنه -: قال: كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجلٌ: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام، إلا أن أسقي الحاجّ، وقال آخر: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام، إلاّ أن أعمر المسجد الحرام، وقال آخر: والجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم، فزجرهم عمر، وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الجمعة ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه، فأنزل الله عز وجل: {أجعلتم سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الآخر} إلى آخرها [التوبة: 19]. أخرجه مسلم). [جامع الأصول: 2/160-161]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 20.
وأخرج مسلم وأبو داود، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان والطبراني وأبو الشيخ، وابن مردويه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فقال رجل منهم ما أبالي أن لا أعمل لله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج، وقال آخر: بل عمارة المسجد الحرام، وقال آخر: بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم، فزجرهم عمر رضي الله عنه وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم - وذلك يوم الجمعة - ولكن إذا صليتم الجمعة دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستفتيه فيما اختلفتم فيه فأنزل الله {أجعلتم سقاية الحاج} إلى قوله {والله لا يهدي القوم الظالمين}
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أجعلتم سقاية الحاج} الآية، وذلك أن المشركين قالوا: عمارة بيت الله وقيام على السقاية خير ممن آمن وجاهد، فكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل أنهم أهله وعماره فذكر الله استكبارهم وإعراضهم فقال لأهل الحرم من المشركين (قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون، مستكبرين به سامرا تهجرون) (المؤمنون الآية 67)، يعني أنهم كانوا يستكبرون بالحرم، وقال (به سامرا) كانوا به يسمرون ويهجون بالقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم فخير الإيمان بالله والجهاد مع نبي الله صلى الله عليه وسلم على عمران المشركين البيت وقيامهم على السقاية ولم يكن ينفعهم عند الله تعالى مع الشرك به وإن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه قال الله {لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين} يعني الذين زعموا أنهم أهل العمارة فسماهم الله ظالمين بشركهم فلم تغن عنهم العمارة شيئا، وأخرح ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال العباس رضي الله عنه حين أسر يوم بدر: إن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنت نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج ونفك العاني فأنزل الله {أجعلتم سقاية الحاج} الآية، يعني أن ذلك كان في الشرك فلا أقبل ما كان في الشرك
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام} الآية، قال: نزلت في علي بن أبي طالب والعباس رضي الله عنه.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية {أجعلتم سقاية الحاج} في العباس وعلي رضي الله عنهما تكلما في ذلك.
وأخرج ابن مردويه عن الشعبي رضي الله عنه قال: كانت بين علي والعباس
رضي الله عنهما منازعة فقال العباس لعلي رضي الله عنه: أنا عم النّبيّ وأنت ابن عمه وإلي سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام فأنزل الله {أجعلتم سقاية الحاج} الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال: نزلت في علي والعباس وعثمان وشيبة تكلموا في ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عبد الله بن عبيدة رضي الله عنه قال: قال علي رضي الله عنه للعباس: لو هاجرت إلى المدينة، قال: أولست في أفضل من الهجرة ألست أسقي الحاج وأعمر المسجد الحرام فنزلت هذه الآية يعني قوله {أعظم درجة عند الله} قال: فجعل الله للمدينة فضل درجة على مكة.
وأخرج الفريابي عن ابن سيرين قال: قدم علي بن أبي طالبي رضي الله عنه مكة فقال للعباس رضي الله عنه: أي عم ألا تهاجر ألا تلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أعمر المسجد الحرام وأحجب البيت، فأنزل الله {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام} الآية، وقال لقوم قد سماهم: ألا تهاجرون ألا تلحقون برسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: نقيم مع إخواننا وعشائرنا ومساكننا فأنزل الله تعالى (قل إن كان آباؤكم) (التوبة الآية 24) الآية كلها.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: افتخر طلحة بن شيبة والعباس وعلي بن أبي طالب فقال طلحة: أنا صاحب البيت معي مفتاحه، وقال العباس رضي الله عنه: أنا صاحب السقاية والقائم عليها: فقال علي رضي الله عنه: ما أدري ما تقولون: لقد صليت إلى القبلة قبل الناس وأنا صاحب الجهاد فأنزل الله {أجعلتم سقاية الحاج} الآية كلها.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه قال: أقبل المسلمون على العباس وأصحابه الذين أسروا يوم بدر يعيرونهم بالشرك فقال العباس: أما - والله - لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونفك العاني ونحجب البيت ونسقي الحاج فأنزل الله {أجعلتم سقاية الحاج} الآية.
وأخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة، وابن عساكر عن أنس رضي الله عنه قال:
قعد العباس وشيبة صاحب البيت يفتخران فقال له العباس رضي الله عنه: أنا أشرف منك أنا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصي أبيه وساقي الحجيج، فقال شيبة: أنا أشرف منك أنا أمين الله على بيته وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني فاطلع عليهما علي رضي الله عنه فأخبراه بما قالا، فقال علي رضي الله عنه: أنا أشرف منكما أنا أول من آمن وهاجر: فانطلقوا ثلاثتهم إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فما أجابهم بشيء فانصرفوا فنزل عليه الوحي بعد أيام فأرسل إليهم فقرأ عليهم {أجعلتم سقاية الحاج} إلى آخر العشر.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي حمزة السعدي أنه قرأ {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام}.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {أجعلتم سقاية الحاج} قال: أرادوا أن يدعوا السقاية والحجابة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدعوها فإن لكم فيها خيرا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال: اشرب من سقاية العباس فإنها من السنة، وفي لفظ ابن أبي شيبة: فإنه من تمام الحج.
وأخرج البخاري والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى السقاية فاستسقى فقال للعباس: يا فضل اذهب إلى أمك فائت رسول الله بشراب من عندها فقال: اسقني، فقال: يا رسول الله إنهم يجعلون أيديهم فيه، فقال: اسقني، فشرب منه ثم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها فقال: اعملوا فإنكم على عمل صالح لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه وأشار إلى عاتقه.
وأخرج أحمد عن أبي محذورة رضي الله عنه قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان لنا ولموالينا والسقاية لنبي هاشم والحجابة لبني عبد الدار.
وأخرج ابن سعد عن علي رضي الله عنه قال قلت للعباس رضي الله عنه: سل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجابة . فسأله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيكم ما هو خير لكم منها السقاية ترزؤكم ولا ترزءونها .
وأخرج ابن سعد والبخاري ومسلم والأزرقي عن ابن عمر قال: استأذن العباس النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يبيت ليالي منى بمكة من أجل سقايته فأذن له.
وأخرج ابن سعد عن مجاهد قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته بالبيت معه محجن يستلم به الحجر كلما مر عليه ثم آتى السقاية يستسقي فقال العباس: يا رسول الله، ألا نأتيك بماء لم تمسه الأيدي قال: بلى فاسقوني فسقوه ثم أتى زمزم فقال: استقوا لي منها دلوا فأخرجوا منها دلوا فمضمض منه ثم مجه فيه ثم قال: أعيدوه ثم قال: إنكم على عمل صالح ثم قال: لولا أن تغلبوا عليه لنزلت فنزعت معكم.
وأخرج ابن سعد عن جعفر بن تمام قال: جاء جل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: أرأيت ما تسقون الناس من نبيذ هذا الزبيب أسنة تبغونها أم تجدون هذا أهون عليكم من البن والعسل قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى العباس وهو يسقي الناس فقال اسقني، فدعا العباس بعساس من نبيذ فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم عسا منها فشرب ثم قال: أحسنتم هكذا فاصنعوا، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فما يسرني أن سقايتها جرت علي لبنا وعسلا مكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسنتم هكذا فافعلوا.
وأخرج ابن سعد عن مجاهد رضي الله عنه قال: اشرب من سقاية آل العباس فإنها من السنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء رضي الله عنه في قوله {أجعلتم سقاية الحاج} قال: زمزم.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والأزرقي في تاريخ مكة والبيهقي في الدلائل عن الزهري رضي الله عنه قال: أول ما ذكر من عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن قريشا خرجت من الحرم فارة من أصحاب الفيل وهو غلام شاب فقال: والله لا أخرج من حرم الله أبتغي العز في غيره، فجلس عند البيت وأجلت عنه قريش فقال: اللهم إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك * لا يغلبن صليبهم وضلالهم عدو محالك فلم يزل ثابتا في الحرم حتى أهلك الله الفيل وأصحابه فرجعت قريش وقد عظم فيها لصبره وتعظيمه محارم الله فبينما هو في ذلك وقد ولد له أكبر بنيه فأدرك - وهو الحارث بن عبد المطلب - فأتي عبد المطلب في المنام فقيل له: احفر زمزم خبيئة الشيخ الأعظم فاستيقظ فقال: اللهم بين لي، فأتي في النام مرة أخرى فقيل: احفرتكم بين الفرث والدم في مبحث الغراب في قرية النمل مستقبل الأنصاب الحمر، فقام عبد المطلب فمشى حتى جلس في المسجد الحرام ينتظر ما سمي له من الآيات فنحرت بقرة بالجزورة فانفلتت من جازرها تحمي نفسها حتى غلب عليها الموت في المسجد في موضع زمزم فجزرت تلك البقرة من مكانها حتى احتمل لحمها فأقبل غراب يهوي حتى وقع في الفرث فبحث عن قرية النمل فقام عبد المطلب فحفر هناك فجاءته قريش فقالت لعبد المطلب: ما هذا الصنيع إنما لم
نكن نرميك بالجهل لم تحفر في مسجدنا فقال عبد المطلب: إني لحافر هذا البئر ومجاهد من صدني عنها، فطفق هو وولده الحارث وليس له ولد يومئذ غيره فسفه عليهما يومئذ ناس من قريش فنازعوهما وقاتلوهما وتناهى عنه ناس من قريش لما يعلمون من عتق نسبه وصدقه واجتهاده في دينهم، حتى إذا أمكن الحفر واشتد عليه الأذى نذر أن وفي له عشرة من الولدان ينحر أحدهم ثم حفر حتى أدرك سيوفا دفنت في زمزم حين دفنت فلما رأت قريش أنه قد أدرك السيوف قالوا: يا عبد المطلب أجدنا مما وجدت، فقال عبد المطلب: هذه السيوف لبيت الله، فحفر حتى أنبط الماء في التراب وفجرها حتى لا تنزف وبنى عليها حوضا فطفق هو وابنه ينزعان فيملآن ذلك الحوض فيشربه الحاج فيكسره أناس حسدة من قريش فيصلحه عبد المطلب حين يصبح، فلما أكثروا فساده دعا عبد المطلب ربه فأري في المنام فقيل له: قل اللهم لا أحلها المغتسل ولكن هي للشاربين حل وبل ثم كفيتهم، فقام عبد المطلب حين اختلفت قريش في المسجد فنادى بالذي أري ثم انصرف فلم يكن يفسد حوضه ذلك عليه أحد من قريش إلا رمي في جسده بداء حتى تركوا حوضه وسقايته ثم تزوج عبد المطلب النساء فولد له عشرة رهط، فقال: اللهم إني كنت نذرت لك نحر أحدهم وإني أقرع بينهم فأصيب بذلك من شئت، فأقرع بينهم فطارت القرعة على عبد الله وكان أحب ولده إليه فقال عبد المطلب: اللهم هو أحب إليك أم مائة من الإبل ثم أقرع بينه وبين المائة من الإبل فطارت القرعة على المائة من الإبل فنحرها عبد المطلب.
وأخرج الأزرقي والبيهقي في الدلائل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال عبد المطلب: إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال: احفر طيبة، قلت: وما طيبة فذهب عني فلما كان من الغد رجعت إلى مضجعي فنمت به فجاءني فقال: احفر زمزم، فقلت: وما زمزم قال: لا تنزف ولا تذم تسقي الحجيج الأعظم عند قرية النمل، قال: فلما أبان له شأنها ودل على موضعها وعرف أن قد صدق غدا بمعول ومعه ابنه الحارث ليس له يومئذ غيره فحفر فلما بدا لعبد المطلب الطي كبر فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته فقاموا إليه فقالوا: يا عبد المطلب إنها بئر إسمعيل وإن لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها فقال: ما أنا بفاعل إن هذا
الأمر خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم، قالوا: فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نحاكمك، قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم، قالوا: كاهنة من سعد هذيل، قال: نعم - وكانت بأشراف الشام - فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني عبد مناف وركب من كل ركب من قريش نفر - والأرض إذ ذاك مفاوز - فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض المفاوز بين الحجاز والشام فنى ماء عبد المطلب وأصحابه فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة فاستسقوا ممن معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم وقالوا: إنا في مفازة نخشى فيها على أنفسنا مثل ما أصابكم، فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم وما يتخوف على نفسه وأصحابه قال: ماذا ترون قالوا: ما رأينا إلا تبع لرأيك فمرنا ما شئت، قال: فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم لنفسه لما بكم الآن من القوة كلما مات رجل دفنه أصحابه في حفرته ثم واروه حتى يكون آخركم رجلا فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعا، قالوا: سمعنا ما أردت، فقام كل رجل منهم يحفر حفرته ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه: والله إن ألقاءنا بأيدينا لعجز ما نبتغي لأنفسنا حيلة عسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد ارحلوا فارتحلوا حتى فرغوا ومن معهم من قريش ينظرون إليهم وما هم فاعلون فقام عبد المطلب إلى راحلته فركبها فلما انبعثت انفجرت من تحت خفها عين من ماء عذب فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه ثم نزل فشرب وشربوا واستقوا حتى ملأوا سقيتهم ثم دعا القبائل التي معه من قريش فقال: هلم الماء قد سقانا الله تعالى فاشربوا واستقوا، فقالت القبائل التي نازعته: قد - والله - قضى الله لك يا عبد المطلب علينا والله لا نخاصمك في زمزم، فارجع إلى سقايتك راشدا، فرجع ورجعوا معه ولم يمضوا إلى الكاهنة وخلوا بينه وبين زمزم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد، وابن ماجة وعمر بن شبة والفاكهاني في تاريخ مكة والطبراني في الأوسط، وابن عدي والبيهقي في "سننه" من طريق أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ماء زمزم لما شرب له.
وأخرج المستغفري في الطب، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له من شربه لمرض شفاه الله أو جوع أشبعه الله أو لحاجة قضاها الله.
وأخرج الدينوري في المجالسة عن الحميدي - وهو شيخ البخاري رضي الله عنهما - قال: كنا عند ابن عينية فحدثنا بحديث ماء زمزم لما شرب له فقام رجل من المجلس ثم عاد فقال: يا أبا محمد ليس الحديث الذي قد حدثتنا في زمزم صحيحا، فقال: بلى، فقال الرجل: فإني شربت الآن دلوا من زمزم على أن تحدثني بمائة حديث، فقال سفيان رضي الله عنه: اقعد فقعد، فحدثه بمائة حديث.
وأخرج الفاكهاني في تاريخ مكة عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: حج معاوية رضي الله عنه وحججنا معه فلما طاف بالبيت صلى عند المقام ركعتين ثم مر بزمزم وهو خارج إلى الصفا فقال: يا غلام انزع لي منها دلوا، فنزع له دلوا يشرب وصب على وجهه وخرج وهو يقول: ماء زمزم لما شرب له.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له.
وأخرج الحافظ أبو الوليد بن الدباغ رضي الله عنه في فوائده والبيهقي والخطيب في تاريخه عن سويد بن سعيد رضي الله عنه قال: رأيت ابن المبارك رضي الله عنه أتى زمزم فملأ إناء ثم استقبل الكعبة فقال: اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن ابن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال ماء زمزم لما شرب له، وهو ذا أشرب هذا لعطش يوم القيامة، ثم شربه
وأخرج الحكيم الترمذي من طريق أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له قال الحكيم: وحدثني أبي قال: دخلت الطواف في ليلة ظلماء فأخذني من البول ما شغلني فجعلت أعتصر حتى آذاني وخفت إن خرجت من المسجد أم أطأ بعض تلك الأقذار وذلك أيام الحج فذكرت هذا الحديث فدخلت زمزم فتضلعت منه فذهب عني إلى الصباح.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير ماء على وجه الأرض زمزم فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم.
وأخرج ابن أبي شيبة والفاكهاني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم زمزم خير ماء يعلم وطعام يطعم وشفاء سقم.
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عائشة رضي الله عنها أنه كانت تحمل ماء زمزم في القوارير وتذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وكان يصب على المرضى ويسقيهم.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن صفية رضي الله عنها عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال ماء زمزم شفاء من كل داء.
وأخرج الدارقطني والحاكم وصححه من طريق مجاهد رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له فإن شربته تشتفي به شفاك الله وإن شربته مستعيذا أعاذك الله وإن شربته ليقطع ظمؤك قطعه الله وإن شربته لشبعك أشبعك الله وهي عزيمة جبريل وسقيا إسمعيل عليهما السلام، قال: وكان ابن عباس رضي الله عنهما إذا شرب ماء زمزم قال: اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء.
وأخرج عبد الرزاق، وابن ماجة والطبراني والدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن عثمان بن الأسود رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: من أين جئت قال: شربت من زمزم فقال: اشرب منها كما ينبغي، قال: وكيف ذاك يا أبا عباس قال: إذا شربت منها فاستقبل القبلة واذكر اسم الله واشرب وتنفس ثلاثا وتضلع منها فإذا فرغت فاحمد الله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة زمز فأمر بدلو انتزع له من البئر فوضعها على شفة البئر ثم وضع يده من تحت عراقي الدلو ثم قال: بسم الله، ثم كرع فيها فأطال فرفع رأسه فقال: الحمد لله، ثم دعا فقال: بسم الله، ثم كرع فيها فأطال وهو دون الأول ثم رفع رأسه فقال: الحمد لله، ثم دعا فقال: بسم الله، ثم كرع فيها وهو دون الثاني ثم رفع فقال: الحمد لله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علامة ما بيننا وبين المنافقين لم يشربوا منها قط حتى يتضلعوا.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق
وأخرج الأزرقي عن رجل من الأنصار عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: علامة ما بيننا وبين المنافقين أن يدلوا دلوا من ماء زمزم فيتضلعوا منها ما استطاع منافق قط أن يتضلع منها.
وأخرج الأزرقي عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه قال: بلغني أن التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق وأن ماءها مذهب بالصداع وأن الإطلاع فيها يجلو البصر وأنه سيأتي عليها زمان تكون أعذب من النيل والفرات.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي والفاكهاني عن كعب رضي الله عنه قال: إني لأجد في كتاب الله المنزل أن زمزم طعام طعم وشفاء سقم.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والأزرقي عن عبد الله بن عثمان بن خثيم رضي الله عنه قال: قدم علينا وهب بن منبه مكة فاشتكى فجئنا نعوده فإذا عنده من ماء زمزم فقلنا: لو استعذبت فإن هذا ماء فيه غلظ، قال: ما أريد أن أشرب حتى أخرج منها غيره والذي نفس وهب بيده إنها لفي كتاب الله مضنونة وإنها لفي كتاب الله طعام طعم وشفاء سقم والذي نفس وهب بيده لا يعمد إليها أحد فيشرب منها حتى يتضلع إلا نزعت داء وأحدثت له شفاء.
وأخرج الأزرقي عن كعب رضي الله عنه، أنه قال: لزمزم إنا نجده مضنونة ضن بها لكم وأول من سقي ماءها إسمعيل عليه السلام طعام طهم وشفاء سقم.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وسعيد بن منصور والأزرقي والحكيم الترمذي عن مجاهد رضي الله عنه قال: ماء زمزم لما شرب له إن شربته تريد الشفاء شفاك الله وإن شربته لظمأ رواك الله وإن شربته لجوع أشبعك الله وهي هزمة جبريل عليه السلام بعقبه وسقيا الله لإسمعيل عليه السلام.
وأخرج بقية عن علي بن أبي طالبي رضي الله عنه قال: خير واد في الناس وادي مكة ووادي الهند الذي هبط به آدم عليه السلام ومنه يؤتى بهذا الطيب الذي تطيبون به، وشر واد الناس واد بالأحقاف ووادي حضر موت يقال له برهوت وخير بئر في الناس بئر زمزم وشر بئر في الناس بئر برهوت وإليها تجتمع أرواح الكفار.
وأخرج الأزرقي من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنمها قال: صلوا في مصلى الأخيار واشربوا من شراب الأبرار، قيل لابن عباس: ما مصلى الأخيار قال: تحت الميزاب، قيل: وما شراب الأبرار قال: ماء زمزم.
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج رضي الله عنه قال: سمعت أنه يقال: خير ماء في الأرض ماء زمزم وشر ماء في الأرض ماء برهوت شعب من شعب حضر موت.
وأخرج الأزرقي عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال: إن إيليا وزمزم ليتعارفان.
وأخرج الأزرقي عن عكرمة بن خالد رضي الله عنه قال: بينما أنا ليلة في جوف الليل عند زمزم جالس إذا نفر يطوفون عليهم ثياب بيض لم أر بياض ثيابهم بشيء قط فلما فرغوا صلوا قريبا منا فالتفت بعضهم فقال لأصحابه اذهبوا بنا نشرب من شراب الأبرار، فقاموا فدخلوا زمزم فقلت: والله لو دخلت على القوم فسألتهم، فقمت فدخلت فإذا ليس فيها أحد من البشر.
وأخرج الأزرقي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: تنافس الناس في زمزم في الجاهلية حتى أن كان أهل العيال يغدون بعيالهم فيشربون فيكون صبوحا لهم وقد كنا نعدها عونا على العيال.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت زمزم تسمى في الجاهلية شباعة وتزعم أنها نعم العون على العيال.
وأخرج الطيالسي، وابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والأزرقي والبزار وأبو عوانة والبيهقي في "سننه" عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قدمت مكة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم متى كنت ههنا قلت: أربع عشرة، وفي لفظ: قلت ثلاثين من بين يوم وليلة، قال: من كان يطعمك قلت: ما كان لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم فما أجد على كيدي سحقة جوع ولقد تكسرت عكن بطني، قال: إنها مباركة إنها طعام طعم زاد الطيالسي وشفاء سقم.
وأخرج الأزرقي عن رباح بن الأسود رضي الله عنه قال: كنت مع أهلي بالبادية فابتعت بمكة فأعتقت فمكثت ثلاثة أيام لا أجد شيئا آكله فكنت أشرب من ماء زمزم فشربت يوما فإذا أنا بصريف اللبن من بين ثناياي فقلت: لعلي ناعس، فانطلقت وأنا أجد قوة اللبن وشبعه
وأخرج الأزرقي عن عبد العزيز بن أبي رواد رضي الله عنه، أن راعيا كان يرعى وكان من العباد فكان إذا ظمئ وجد فيها لبنا وإذا أراد أن يتوضأ وجد فيها ماء.
وأخرج الأزرقي عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه قال: إن الله يرفع المياه
قبل يوم القيامة غير زمزم فتغور المياه غير زمزم وتلقي الأرض ما في بطنها من ذهب وفضة ويجيء الرجل بالجراب فيه الذهب والفضة فيقول: من يقبل هذا مني فيقول: لو أتيتني به أمس قبلته.
وأخرج الأزرقي عن زر بن حبيش قال: رأيت عباس بن عبد المطلب في المسجد الحرام وهو يطوف حول زمزم يقول: لا أحلها لمغتسل وهي لمتوضئ وشارب حل وبل.
وأخرج الأزرقي عن ابن أبي حسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى سهيل بن عمرو يستهديه من ماء زمزم فبعث له براويتين.
وأخرج عبد الرزاق والأزرقي عن ابن جريج عن ابن أبي حسين واسمه عبد الله بن أبي عبد الرحمن قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سهيل بن عمرو إن جاءك كتابي ليلا فلا تصبحن وإن جاءك نهار فلا تمسين حتى تبعث إلي بماء من زمزم فملأ له مزادتين وبعث بهما على بعير.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استهدى سهيل بن عمرو رضي الله عنه من ماء زمزم.
وأخرج ابن سعد عن أم أيمن رضي الله عنهما قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شكا صغيرا ولا كبيرا جوعا ولا عطشا كان يغدو فيشرب من ماء زمزم فأعرض عليه الغداء فيقول: لا أريده أنا شبعان.
وأخرج الدارقطني عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: خمس من العبادة: النظر إلى المصحف والنظر إلى الكعبة والنظر إلى الوالدين والنظر في زمزم وهي تحط الخطايا والنظر في وجه العالم.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد رضي الله عنه، أنه كان إذا شرب من زمزم قال: هي لما شربت له.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما من رجل يشرب من ماء زمزم حتى يتضلع إلا حط الله به داء من جوفه ومن شربه لعطش روي ومن شربه لجوع شبع.
وأخرج عبد الرزاق، عن طاووس رضي الله عنه قال: ماء زمزم طعام طعم وشفاء سقم.
وأخرج الفاكهاني عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عينا له إلى مكة فأقام بها ليالي يشرب من ماء زمزم فلما رجع قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان عيشك فأخبره أنه كان يأتي زمزم فيشرب من مائها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها شفاء من سقم وطعام من طعم.
وأخرج أبو نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: كان إذا أراد أن يتحف الرجل بتحفة سقاه من ماء زمزم.
وأخرج الفاكهاني عن مجاهد رضي الله عنه قال: كان ابن عباس رضي الله عنهما إذا نزل به ضيف أتحفه من ماء زمزم ولا أطعم قوما طعاما إلا سقاهم من ماء زمزم.
وأخرج أبو ذر الهروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت أهل مكة لا يسابقهم أحد إلا سبقوه ولا يصارعهم أحد إلا صرعوه حتى رغبوا عن ماء زمزم.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد رضي الله عنه قال: كانوا يستحبون إذا ودعوا البيت أن يأتوا زمزم فيشربوا منها.
وأخرج السلفي في الطيوريات عن ابن حبيب رضي الله عنه قال: زمزم شراب الأبرار والحجر مصلى الأخيار). [الدر المنثور: 7/269-293]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه بأموالهم وأنفسهم أعظم درجةً عند اللّه وأولئك هم الفائزون}.
وهذا قضاءٌ من اللّه بين فرق المفتخرين الّذين افتخر أحدهم بالسّقاية، والآخر بالسّدانة، والآخر بالإيمان باللّه والجهاد في سبيله. يقول تعالى ذكره: الّذين آمنوا باللّه: صدّقوا بتوحيده من المشركين، وهاجروا دور قومهم، وجاهدوا المشركين في دين اللّه بأموالهم وأنفسهم، أعظم درجةً عند اللّه وأرفع منزلةً عنده من سقاة الحاجّ وعمّار المسجد الحرام وهم باللّه مشركون. {وأولئك} يقول: وهؤلاء الّذين وصفنا صفتهم أنّهم آمنوا وهاجروا وجاهدوا {هم الفائزون} بالجنّة النّاجون من النّار). [جامع البيان: 11/382]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه بأموالهم وأنفسهم أعظم درجةً عند اللّه وأولئك هم الفائزون (20)
قوله تعالى: الّذين آمنوا وهاجروا
- وبه عن ابن عبّاسٍ قوله: الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه بأموالهم وأنفسهم يقول: لا هجرة بعد الفتح، إنّما هو الشّهادة بعد ذلك وذلك أنّ المؤمنين كانوا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ثلاث منازل منهم:
المؤمن المهاجر المباين لقومه في الهجرة، خرج إلى قومٍ مؤمنين في ديارهم وعقارهم وأموالهم.
قوله تعالى: أعظم درجةً
- حدّثنا أبي ثنا سهل بن عثمان ثنا يحيى هو ابن أبي زائدة ثنا موسى بن عبيدة عن عبد اللّه بن عبيدة قال: قال: عليٌّ للعبّاس: لو هاجرت إلى المدينة، قال: أولست في أفضل الهجرة؟ ألست أسقي الحاجّ، وأعمّر المسجد الحرام؟ فنزلت هذه الآية، يعني قوله: أعظم درجةً عند اللّه فجعل اللّه للمدينة فضل درجةٍ على مكّة.
قوله تعالى: وأولئك هم الفائزون
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ- فيما كتب إليّ- ثنا أحمد بن مفضّلٍ حدّثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: وأولئك هم الفائزون قال: إلى نعيمٍ مقيمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 6/1769-1770]

تفسير قوله تعالى: (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يبشّرهم ربّهم برحمةٍ منه ورضوانٍ وجنّاتٍ لهم فيها نعيمٌ مقيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: يبشّر هؤلاء الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه ربّهم برحمةٍ منه لهم أنّه قد رحمهم من أن يعذّبهم وبرضوانٍ منه لهم، بأنّه قد رضي عنهم بطاعتهم إيّاه وأدائهم ما كلّفهم. {وجنّاتٍ} يقول: وبساتين لهم فيها نعيمٌ مقيمٌ لا يزول ولا يبيد، ثابتٌ دائمٌ أبدًا لهم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد الموسويّ، قال: حدّثنا سفيان، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه، قال: إذا دخل أهل الجنّة الجنّة، قال اللّه سبحانه: أعطيكم أفضل من هذا، فيقولون: ربّنا أيّ شيءٍ أفضل من هذا؟ قال: رضواني). [جامع البيان: 11/382]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يبشّرهم ربّهم برحمةٍ منه ورضوانٍ وجنّاتٍ لهم فيها نعيمٌ مقيمٌ (21)
قوله تعالى: يبشّرهم ربّهم برحمةٍ منه ورضوانٌ إلى قوله: مقيم
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى الأنصاريّ ثنا هارون بن حاتمٍ ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ حدّثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: مقيمٌ يعني: دائمًا لا ينقطع). [تفسير القرآن العظيم: 6/1769]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 21 - 22.
أخرج أبو الشيخ عن طلحة بن مصرف رضي الله عنه أنه قرأ {يبشرهم ربهم}). [الدر المنثور: 7/293]

تفسير قوله تعالى: (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {خالدين فيها أبدًا إنّ الله عنده أجرٌ عظيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: {خالدين فيها} ماكثين فيها، يعني في الجنّات. {أبدًا} لا نهاية لذلك ولا حدّ. {إنّ اللّه عنده أجرٌ عظيمٌ} يقول: إنّ اللّه عنده لهؤلاء المؤمنين الّذين نعتهم جلّ ثناؤه النّعت الّذي ذكر في هذه الآية أجرٌ: ثوابٌ على طاعتهم لربّهم وأدائهم ما كلّفهم من الأعمال عظيمٌ، وذلك النّعيم الّذي وعدهم أن يعطيهم في الآخرة). [جامع البيان: 11/383]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (خالدين فيها أبدًا إنّ اللّه عنده أجرٌ عظيمٌ (22)
قوله تعالى: خالدين فيها أبدًا
- حدّثنا محمّد بن يحيى ثنا أبو غسّان ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: ثنا محمّد بن أبي محمّدٍ ثنا عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ خالدين فيها يخبرهم أنّ الثّواب بالخير مقيمٌ على أهله لا انقطاع له أبدًا.
قوله تعالى: إنّ اللّه عنده أجرٌ عظيمٌ
- حدّثنا عبد الرّحمن بن خلف بن عبد الرّحمن بن الضّحّاك النّصريّ الحمصيّ ثنا محمّد بن شعيب بن شأبور عن الأوزاعيّ ثنا يحيى بن أبي كثيرٍ أجرٌ عظيمٌ قال: الأجر العظيم: الجنّة.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ عن عبد اللّه بن لهيعة ثنا عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ أجرٌ عظيمٌ يعني: جزاءً وافراً في الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 6/17701]


رد مع اقتباس