عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 23 شعبان 1435هـ/21-06-2014م, 06:23 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله واللّه عليمٌ حكيمٌ (97) ومن الأعراب من يتّخذ ما ينفق مغرمًا ويتربّص بكم الدّوائر عليهم دائرة السّوء واللّه سميعٌ عليمٌ (98) ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر ويتّخذ ما ينفق قرباتٍ عند اللّه وصلوات الرّسول ألا إنّها قربةٌ لهم سيدخلهم اللّه في رحمته إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (99)}
أخبر تعالى أنّ في الأعراب كفّارًا ومنافقين ومؤمنين، وأنّ كفرهم ونفاقهم أعظم من غيرهم وأشدّ، وأجدر، أي: أحرى ألّا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله، كما قال الأعمش عن إبراهيم قال: جلس أعرابيٌّ إلى زيد بن صوحان وهو يحدّث أصحابه، وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوند، فقال الأعرابيّ: واللّه إنّ حديثك ليعجبني، وإنّ يدك لتريبني فقال زيدٌ: ما يريبك من يدي؟ إنّها الشّمال. فقال الأعرابيّ: واللّه ما أدري، اليمين يقطعون أو الشمال؟ فقال زيد بن صوحان صدق اللّه: {الأعراب أشدّ كفرًا ونفاقًا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله}
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهدي، حدّثنا سفيان، عن أبي موسى، عن وهب بن منبّه، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "من سكن البادية جفا، ومن اتّبع الصّيد غفل، ومن أتى السّلطان افتتن".
ورواه أبو داود، والتّرمذيّ، والنّسائيّ من طرقٍ، عن سفيان الثّوريّ، به وقال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه إلّا من حديث الثّوريّ.
ولمّا كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي لم يبعث اللّه منهم رسولًا وإنّما كانت البعثة من أهل القرى، كما قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى} [يوسف:109] ولمّا أهدى ذلك الأعرابيّ تلك الهديّة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فردّ عليه أضعافها حتّى رضي، قال: "لقد هممت ألّا أقبل هديّةً إلّا من قرشي، أو ثقفي أو أنصاريٍّ، أو دوسيّ" ؛ لأنّ هؤلاء كانوا يسكنون المدن: مكّة، والطّائف، والمدينة، واليمن، فهم ألطف أخلاقًا من الأعراب: لما في طباع الأعراب من الجفاء.
حديث [الأعرابيّ] في تقبيل الولد: قال مسلمٌ: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدّثنا أبو أسامة وابن نمير، عن هشامٍ، عن أبيه، عن عائشة قالت: قدم ناسٌ من الأعراب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: أتقبّلون صبيانكم؟ قالوا: نعم. قالوا: ولكنّا واللّه ما نقبّل. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "وأملك أن كان اللّه نزع منكم الرّحمة؟ ". وقال ابن نميرٍ: "من قلبك الرّحمة"
وقوله: {واللّه عليمٌ حكيمٌ} أي: عليمٌ بمن يستحقّ أن يعلّمه الإيمان والعلم، {حكيمٌ} فيما قسّم بين عباده من العلم والجهل والإيمان والكفر والنّفاق، لا يسأل عمّا يفعل، لعلمه وحكمته). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 201-202]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وأخبر تعالى أنّ منهم {من يتّخذ ما ينفق} أي: في سبيل اللّه {مغرمًا} أي: غرامةً وخسارةً، {ويتربّص بكم الدّوائر} أي: ينتظر بكم الحوادث والآفات، {عليهم دائرة السّوء} أي: هي منعكسةٌ عليهم والسّوء دائرٌ عليهم، {واللّه سميعٌ عليمٌ} أي: سميعٌ لدعاء عباده، عليمٌ بمن يستحقّ النّصر ممّن يستحقّ الخذلان). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 202]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر ويتّخذ ما ينفق قرباتٍ عند اللّه وصلوات الرّسول} هذا هو القسم الممدوح من الأعراب، وهم الّذين يتّخذون ما ينفقون في سبيل اللّه قربةً يتقرّبون بها عند اللّه، ويبتغون بذلك دعاء الرّسول لهم، {ألا إنّها قربةٌ لهم} أي: ألا إنّ ذلك حاصلٌ لهم، {سيدخلهم اللّه في رحمته إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 202]


رد مع اقتباس