عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:02 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن الزهري عن ابن المسيب في قوله تعالى يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العلمين قال كان أبو هريرة يحدث أن النبي قال خير النساء
[تفسير عبد الرزاق: 1/120]
ركبن الإبل صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه لزوج في ذات يده قال أبو هريرة ولم تركب مريم بعيرا قط). [تفسير عبد الرزاق: 1/121]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة أن النبي قال خير نساء ركبن الإبل خيار نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه لزوج في ذات يده). [تفسير عبد الرزاق: 1/121]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي قال حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة ابنة خويلد وفاطمة ابنة محمد). [تفسير عبد الرزاق: 1/121]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: واللّه سميعٌ عليمٌ {إذ قالت امرأة عمران ربّ إنّي نذرت لك ما في بطني محرّرًا}، {وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه اصطفاك}
ومعنى قوله: {اصطفاك} اختارك واجتباك لطاعته، وما خصّك به من كرامته.
وقوله: {وطهّرك} يعني: طهّر دينك من الرّيب والأدناس الّتي في أديان نساء بني آدم. {واصطفاك على نساء العالمين} يعني: اختارك على نساء العالمين في زمانك بطاعتك إيّاه، ففضّلك عليهم.
كما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلدٍ يعني بقوله: خير نسائها: خير نساء أهل الجنّة.
- حدّثني بذلك الحسين بن عليٍّ الصّدائيّ، قال: حدّثنا محاضر بن المورّع، قال: حدّثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد اللّه بن جعفرٍ، قال: سمعت عليًّا، بالعراق، يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني المنذر بن عبد اللّه الخزاميّ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالبٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: خير نساء الجنّة مريم بنت عمران، وخير نساء الجنّة خديجة بنت خويلدٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين} ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه، كان يقول: حسبك بمريم بنت عمران، وامرأة فرعون، وخديجة بنت خويلدٍ، وفاطمة بنت محمّدٍ من نساء العالمين. قال قتادة: ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: خير نساءٍ ركبن الإبل صوالح نساء قريشٍ أحناه على ولدٍ في صغره، وأرعاه على زوجٍ في ذات يده.قال قتادة: وذكر لنا أنّه كان يقول لو علمت أنّ مريم ركبت الإبل ما فضّلت عليها أحدًا.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله {يا مريم إنّ اللّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين} قال: كان أبو هريرة يحدّث أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: خير نساءٍ ركبن الإبل صلّح نساء قريشٍ أحناه على ولدٍ وأرعاه لزوجٍ في ذات يده قال أبو هريرة: ولم تركب مريم بعيرًا قطّ.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، قوله: {وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين} قال: كان ثابتٌ البنانيّ يحدّث عن أنس بن مالكٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال خير نساء العالمين أربعٌ: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحمٍ امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلدٍ، وفاطمة بنت محمّدٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا آدم العسقلانيّ، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثنا عمرو بن مرّة، قال: سمعت مرّة الهمدانيّ، يحدّث عن أبي موسى الأشعريّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كمل من الرّجال كثيرٌ، ولم يكمل من النّساء إلاّ مريم وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلدٍ وفاطمة بنت محمّدٍ.
- حدّثني المثنّى، قال حدّثنا أبو الأسود المصريّ، قال: حدّثنا ابن لهيعة، عن عمارة بن غزيّة، عن محمّد بن عبد الّله بن عمرو بن عثمان، أنّ فاطمة بنت حسين بن عليٍّ، حدّثته أنّ فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قالت: دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا وأنا عند عائشة، فناجاني، فبكيت، ثمّ ناجاني، فضحكت، فسألتني عائشة عن ذلك، فقلت: لقد عجّلت أخبرك بسرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فتركتني، فلمّا توفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، سألتها عائشة، فقالت: نعم، ناجاني فقال: جبريل كان يعارض القرآن كلّ عامٍ مرّةً، وإنّه قد عارض القرآن مرّتين، وإنّه ليس من نبيٍّ إلاّ عمّر نصف عمر الّذي كان قبله، وإنّ عيسى أخي كان عمّر عشرين ومائة سنةٍ، وهذا لي ستّون، وأحسبني ميّتًا في عامي هذا، وإنّه لم ترزأ امرأةٌ من نساء العالمين بمثل ما رزئت، ولا تكوني دون امرأةٍ صبرًا، قالت: فبكيت، ثمّ قال: أنت سيّدة نساء أهل الجنّة إلاّ مريم البتول فتوفّي عامه ذلك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو الأسود، قال: حدّثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن الحارث، أنّ أبا زيادٍ الحميريّ، حدّثه أنّه سمع عمّار بن سعدٍ، يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فضّلت خديجة على نساء أمّتي كما فضّلت مريم على نساء العالمين
وبمثل الّذي قلنا في معنى قوله: {وطهّرك} أنّه وطهّر دينك من الدّنس والرّيب، قال مجاهدٌ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {إنّ اللّه اصطفاك وطهّرك} قال: جعلك طيّبةً إيمانًا
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {واصطفاك على نساء العالمين} قال: ذلك للعالمين يومئذٍ.
وكانت الملائكة فيما ذكر ابن إسحاق تقول ذلك لمريم شفاهًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني ابن إسحاق، قال: كانت مريم حبيسًا في الكنيسة، ومعها في الكنيسة غلامٌ اسمه يوسف، وقد كان أمّه وأبوه جعلاه نذيرًا حبيسًا، فكانا في الكنيسة جميعًا، وكانت مريم إذا نفد ماؤها وماء يوسف، أخذا قلّتيهما فانطلقا إلى المفازة الّتي فيها الماء الّذي يستعذبان منه فيملآن قلّتيهما، ثمّ يرجعان إلى الكنيسة، والملائكة في ذلك مقبلةٌ على مريم: {يا مريم إنّ اللّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين} فإذا سمع ذلك زكريّا، قال: إنّ لابنة عمران لشأنًا). [جامع البيان: 5/392-397]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين (42)
قوله تعالى: وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه اصطفاك وطهرك
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق ، أنبأ معمرٌ، عن الزّهريّ، عن ابن المسيّب، عن أبي هريرة في قوله: يا مريم إنّ اللّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين قال: كان أبو هريرة يحدّث النّاس عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: خير نساءٍ ركبن الإبل صالح نساء قريشٍ، أحناه على ولدٍ في صغره، وأرعاه لزوجٍ في ذات يده قال أبو هريرة: ولم تركب مريم بعيرًا قطٌّ.
قوله تعالى: وطهّرك
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وطهّرك جعلك طيبةً إيمانًا.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا الهيثم بن يمان، ثنا الحكم، عن السّدّيّ يا مريم إنّ اللّه اصطفاك وطهّرك من الحيض. قال أبو محمّدٍ: وروي عن عكرمة نحو ذلك.
قوله تعالى: واصطفاك على نساء العالمين
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا الهيثم بن اليمان، ثنا الحكم، عن السّدّيّ واصطفاك على نساء العالمين قال: على نساء ذلك الزّمان الّذي هم فيه). [تفسير القرآن العظيم: 2/647]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وطهرك يعني جعلك طيبة إيمانا). [تفسير مجاهد: 127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 42 - 43 - 44 - 45.
أخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله {إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} قال كان أبو هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده، قال أبو هريرة: ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط أخرجه الشيخان بدون الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن مردويه عن علي سمعت رسول الله يقول: خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل نساء العالمين خديجة وفاطمة ومريم وآسية امرأة فرعون.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله اصطفى على نساء العالمين أربعا: آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أحمد والترمذي وصححه، وابن المنذر، وابن حبان والحاكم عن أنس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم وآسية امرأة فرعون وأخرجه ابن أبي شيبة عن الحسن، مرسلا.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن ماجة، وابن جرير عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا: مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن فاطمة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم البتول.
وأخرج ابن جرير عن عمار بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية امرأة فرعون.
وأخرج ابن عساكر من طريق مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال أربع نسوة سيدات عالمهن: مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم وأفضلهن عالما فاطمة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاطمة سيدة نساء العالمين بعد مريم ابنة عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة ابنة خويلد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه على بعل في ذات يده ولو علمت أن مريم ابنة عمران ركبت بعيرا ما فضلت عليها أحدا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {إن الله اصطفاك وطهرك} قال: جعلك طيبة إيمانا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {وطهرك} قال: من الحيض {واصطفاك على نساء العالمين} قال: على نساء ذلك الزمان الذي هم فيه.
وأخرج ابن جرير عن ابن إسحاق قال: كانت مريم حبيسا في الكنيسة ومعها في الكنيسة غلام اسمه يوسف وقد كان أمه وأبوه جعلاه نذيرا حبيسا فكانا في الكنيسة جميعا وكانت مريم إذا نفذ ماؤها وماء يوسف أخذا قلتيهما فانطلقا إلى المفازة التي فيها الماء فيملآن ثم يرجعان والملائكة في ذلك مقبلة على مريم {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} فإذا سمع ذلك زكريا قال: إن لابنة عمران لشأنا). [الدر المنثور: 3/538-548]

تفسير قوله تعالى: (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا الثوري عن أبي ليلى عن الحكم عن مجاهد في قوله تعالى اقنتي لربك قال أطيلي الركود السكون في الصلاة
قال الثوري وقال ليث عن مجاهد كانت تصلى حتى ترم قدماها). [تفسير عبد الرزاق: 1/120]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى اقنتي لربك قال أطيعي ربك). [تفسير عبد الرزاق: 1/121]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن سفيان عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مجاهد في قوله اقنتي لربك قال أطيلي الركوع). [تفسير عبد الرزاق: 2/303] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن مجاهدٍ في قوله: {يا مريم اقنتي لربك واسجدي} قال: طول الرّكوع في الصّلاة [الآية: 43]). [تفسير الثوري: 77]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن مجاهدٍ في قوله: {يا مريم اقنتي لربك} قال: كانت تصلّي حتّى ترم قدماها [الآية: 43].
سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ قال: كانت تصلّي حتّى ترم قدماها [الآية: 43]). [تفسير الثوري: 77]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {يا مريم اقنتي لربك واسجدي} يقول: أطيلي الرّكوع في الصّلاة). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 75]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا مريم اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الرّاكعين}
يعني جلّ ثناؤه بقوله خبرًا عن قيل ملائكته لمريم: {يا مريم اقنتي لربّك} أخلصي الطّاعة لربّك وحده
وقد دلّلنا على معنى القنوت بشواهده فيما مضى قبل. واختلافٌ بين أهل التّأويل فيه في هذا الموضع نحو اختلافهم فيه هنالك.
وسنذكر قول بعضهم أيضًا في هذا الموضع، فقال بعضهم: معنى اقنتي: أطيلي الرّكود.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {يا مريم اقنتي لربّك} قال: أطيلي الرّكود، يعني: القنوت
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {اقنتي لربّك} قال: قال مجاهدٌ: أطيلي الرّكود في الصّلاة، يعني: القنوت.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن إدريس، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: لمّا قيل لها: {يا مريم اقنتي لربّك} قامت حتّى ورم كعباها.
- حدّثنا القاسم، قال. حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عبد اللّه بن إدريس، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: لمّا قيل لها {يا مريم اقنتي لربّك} قامت حتّى ورمت قدماها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن ابن أبي ليلى، عن مجاهدٍ: {اقنتي لربّك} قال: أطيلي الرّكود.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {يا مريم اقنتي لربّك} قال: القنوت: الرّكود، يقول: قومي لربّك في الصّلاة، يقول: اركدي لربّك، أي انتصبي له في الصّلاة واسجدي واركعي مع الرّاكعين.
- حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {يا مريم اقنتي لربّك} قال: كانت تصلّي حتّى ترم قدماها.
- حدّثني ابن البرقيّ، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا الأوزاعيّ: {يا مريم اقنتي لربّك} قال: كانت تقوم حتّى يسيل القيح من قدميها
وقال آخرون: معناه: أخلصي لربّك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ: {يا مريم اقنتي لربّك} قال: أخلصي لربّك
وقال آخرون: معناه: أطيعي ربّك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {اقنتي لربّك} قال: أطيعي ربّك.
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {اقنتي لربّك} أطيعي ربّك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا محمّد بن حربٍ، قال: حدّثنا ابن لهيعة، عن درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: كلّ حرفٍ يذكر فيه القنوت من القرآن، فهو طاعةٌ للّه.
- حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، عن عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن، في قوله: {يا مريم اقنتي لربّك} قال: يقول: أعبدي ربّك
قال أبو جعفرٍ: وقد بيّنّا أيضًا معنى الرّكوع والسّجود بالأدلّة الدّالّة على صحّته، وأنّهما بمعنى الخشوع للّه والخضوع له بالطّاعة والعبوديّة.
فتأويل الآية إذًا: يا مريم أخلصي عبادة ربّك لوجهه خالصًا، واخشعي لطاعته وعبادته، مع من خشع له من خلقه، شكرًا له على ما أكرمك به من الاصطفاء والتّطهير من الأدناس والتّفضيل على نساء عالم دهرك). [جامع البيان: 5/397-400]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا مريم اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الرّاكعين (43) ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون (44)
قوله تعالى: يا مريم اقنتي لربك
[الوجه الأول]
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا ابن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث أنّ درّاجًا أبا السّمح حدّثه، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: كلّ حرفٍ من القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطّاعة.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن عمّارٍ، ثنا عبد الرّحمن يعني: الدّشتكيّ، أنبأ أبو جعفرٍ يعني: الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية يا مريم اقنتي لربّك أي: اركدي لربّك.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن إدريس، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ في قوله: يا مريم اقنتي لربّك قال: كانت تقوم حتّى يتورّم كعباها.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: يا مريم اقنتي لربّك واسجدي قال: يقول: اعبدي لربّك.
قوله تعالى: واسجدي
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن أيّوب النّصيبيّ، ثنا الوليد، عن عبد الرّحمن بن عمرٍو الأوزاعيّ في قوله: يا مريم اقنتي لربّك واسجدي قال: ركدت في محرابها قائمةً وراكعةً وساجدةً حتّى نزل الماء الأصفر في قدميها.
قوله تعالى: واركعي مع الرّاكعين
- وبه عن الأوزاعيّ في قوله: واركعي مع الرّاكعين قال: ركدت في محرابها قائمةً حتّى نزل الماء الأصفر في قدميها). [تفسير القرآن العظيم: 2/648-650]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {يا مريم اقنتي لربك} قال: أطيلي الركود يعني القيام.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد قال: لما قيل لها {اقنتي لربك} قامت حتى ورمت قدماها.
وأخرج ابن جرير عن الأوزاعي قال: كانت مريم تقوم حتى يسيل القيح من قدميها.
وأخرج ابن عساكر عن ابن سعيد قال: كانت مريم تصلي حتى ترم قدماها.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير {اقنتي لربك} قال: أخلصي.
وأخرج عن قتادة قال {اقنتي لربك} قال: أطيعي ربك.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن ابن مسعود أنه كان يقرأ ((واركعي واسجدي في الساجدين)) ). [الدر المنثور: 3/538-548]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون}
يعني جلّ ثناؤه بقوله {ذلك} الأخبار الّتي أخبر بها عباده عن امرأة عمران وابنتها مريم وزكريّا، وابنه يحيى، وسائر ما قصّ في الآيات من قوله: {إنّ اللّه اصطفى آدم ونوحًا} ثمّ جمع جميع ذلك تعالى ذكره بقوله {ذلك}، فقال: هذه الأنباء من أنباء الغيب: أي من أخبار الغيب، ويعني بالغيب، أنّها من خفيّ أخبار القوم الّتي لم تطّلع أنت يا محمّد عليها ولا قومك، ولم يعلمها إلاّ قليلٌ من أحبار أهل الكتابين ورهبانهم
ثمّ أخبر تعالى ذكره نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه أوحى ذلك إليه حجّةً على نبوّته وتحقيقًا لصدقه، وقطعًا منه به عذر منكري رسالته من كفّار أهل الكتابين الّذين يعلمون أنّ محمّدًا لم يصل إلى علم هذه الأنباء مع خفائها ولم يدرك معرفتها مع خمولها عند أهلها إلاّ بإعلام اللّه ذلك إيّاه، إذ كان معلومًا عندهم أنّ محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أمّيٌّ لا يكتب فيقرأ الكتب فيصل إلى علم ذلك من قبل الكتب، ولا صاحب أهل الكتاب فيأخذ علمه من قبلهم.
وأمّا الغيب: فمصدرٌ من قول القائل: غاب فلانٌ عن كذا، فهو يغيب عنه غيبًا وغيبةً.
وأمّا قوله: {نوحيه إليك} فإنّ تأويله: ننزله إليك.
وأصل الإيحاء: إلقاء الموحي إلى الموحى إليه، وذلك قد يكون بكتابٍ وإشارةٍ وإيماءٍ وبإلهامٍ وبرسالةٍ كما قال جلّ ثناؤه: {وأوحى ربّك إلى النّحل} [النحل] بمعنى: ألقى ذلك إليها فألهمها، وكما قال: {وإذ أوحيت إلى الحواريّين} بمعنى: ألقيت إليهم علم ذلك إلهامًا، وكما قال الرّاجز:
أوحى لها القرار فاستقرّت
بمعنى: ألقى إليها ذلك أمرًا، وكما قال جلّ ثناؤه: {فأوحى إليهم أن سبّحوا بكرةً وعشيًّا} بمعنى: فألقى ذلك إليهم أيضًا.
والأصل فيه ما وصفت من إلقاء ذلك إليهم، وقد يكون إلقاؤه ذلك إليهم إيماءً، ويكون بكتابٍ، ومن ذلك قوله: {وإنّ الشّياطين ليوحون إلى أوليائهم} يلقون إليهم ذلك وسوسةً، وقوله: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} ألقي إليّ بمجيء جبريل عليه السّلام به إليّ من عند اللّه عزّ وجلّ
وأمّا الوحي: فهو الواقع من الموحي إلى الموحى إليه، ولذلك سمّت العرب الخطّ والكتاب وحيًا، لأنّه واقعٌ فيما كتب ثابتٌ فيه، كما قال كعب بن زهيرٍ:
أتى العجم والآفاق منه قصائدٌ = بقين بقاء الوحي في الحجر الأصمّ
يعني به الكتاب الثّابت في الحجر، وقد يقال في الكتاب خاصّةً إذا كتبه الكاتب وحى، بغير ألفٍ، ومنه قول رؤبة:
كأنّه بعد رياحٍ تدهمه = ومرثعنّات الدّجون تثمه.
إنجيل أحبارٍ وحى منمنمه). [جامع البيان: 5/400-402]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {وما كنت لديهم} وما كنت يا محمّد عندهم، فتعلم ما نعلمكه من أخبارهم الّتي لم تشهدها، ولكنّك إنّما تعلم ذلك فتدرك معرفته بتعريفناكه.
ومعنى قوله {لديهم} عندهم.
ومعنى قوله {إذ يلقون} حين يلقون أقلامهم.
وأمّا أقلامهم فسهامهم الّتي استهم بها المتسهمون من بني إسرائيل على كفالة مريم، على ما قد بيّنّا قبل في قوله: {وكفّلها زكريّا}
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا هشام عن عمرٍو، عن سعيدٍ، عن قتادة، في قوله: {وما كنت لديهم} يعني محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: {يلقون أقلامهم} زكريّا وأصحابه استهموا بأقلامهم على مريم حين دخلت عليهم
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون} كانت مريم ابنة إمامهم وسيّدهم، فتشاحّ عليها بنو إسرائيل، فاقترعوا فيها بسهامهم أيّهم يكفلها، فقرعهم زكريّا، وكان زوج أختها، فكفلها زكريّا يقول: ضمّها إليه.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {يلقون أقلامهم} قال: تساهموا على مريم أيّهم يكفلها، فقرعهم زكريّا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم} وإنّ مريم لمّا وضعت في المسجد، اقترع عليها أهل المصلّى، وهم يكتبون الوحي، فاقترعوا بأقلامهم أيّهم يكفلها، فقال اللّه عزّ وجلّ لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون}.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم} اقترعوا بأقلامهم أيّهم يكفل مريم، فقرعهم زكريّا.
- حدّثنا محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، عن عبّادٍ، عن الحسن، في قوله: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم} قال: حيث اقترعوا على مريم، وكان غيبًا عن محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم حين أخبره اللّه
وإنّما قيل: {أيّهم يكفل مريم} لأنّ إلقاء المستهمين أقلامهم على مريم إنّما كان لينظروا أيّهم أولى بكفالتها وأحقّ، ففي قوله عزّ وجلّ: {إذ يلقون أقلامهم} دلالةٌ على محذوفٍ من الكلام، وهو: لينظروا أيّهم يكفل وليتبيّنوا ذلك ويعلموه.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ الواجب في أيّهم النّصب، إذ كان ذلك معناه، فقد ظنّ خطأً؛ وذلك أنّ النّظر والتّبيّن والعلم مع أيّ يقتضي استفهامًا واستخبارًا، وحظّ أيّ في الاستخبار الابتداء، وبطول عمل المسألة والاستخبار عنه، وذلك أنّ معنى قول القائل: لأنظرنّ أيّهم قام، لأستخبرنّ النّاس أيّهم قام، وكذلك قولهم: لأعلمنّ
وقد دلّلنا فيما مضى قبل أنّ معنى يكفل يضمّ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 5/403-405]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كنت لديهم إذ يختصمون}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: وما كنت يا محمّد عند قوم مريم، إذ يختصمون فيها أيّهم أحقّ بها وأولى، وذلك من اللّه عزّ وجلّ وإن كان خطابًا لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فتوبيخٌ منه عزّ وجلّ للمكذّبين به من أهل الكتابين، يقول: كيف يشكّ أهل الكفر بك منهم، وأنت تنبئهم هذه الأنباء ولم تشهدها ولم تكن معهم يوم فعلوا هذه الأمور، ولست ممّن قرأ الكتب فعلم نبأهم، ولا جالس أهلها فسمع خبرهم.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: {وما كنت لديهم إذ يختصمون} أي ما كنت معهم إذ يختصمون فيها يخبره بخفيّ ما كتموا منه من العلم عندهم، لتحقيق نبوّته والحجّة عليهم، لما يأتيهم به ممّا أخفوا منه). [جامع البيان: 5/406]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: أنباء يعني أحاديث.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن الرّبيع، ثنا عبد اللّه بن إدريس، ثنا محمّد بن إسحاق قوله: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ثمّ قد جئتهم به ذليلا علي نبوّتك والحجّة لك عليهم.
قوله تعالى: وما كنت لديهم
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن الرّبيع، ثنا عبد اللّه بن إدريس، ثنا محمّد بن إسحاق وما كنت لديهم يقول: ما حضرت ولا عنيت.
قوله تعالى: إذ يلقون أقلامهم
[الوجه الأول]
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي الحسين، حدّثني أبي، عن جدّي، عن ابن عبّاسٍ: إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم وإنّ مريم لمّا وضعت في المسجد اقترع عليها أهل المصلّى وهم يكتبون الوحي فاقترعوا بأقلامهم أيّهم يكفلها؟ فقال اللّه تعالى لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون [3502] حدّثنا الحسن بن أبى الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق ، أنبأ معمرٌ، عن قتادة:
إذ يلقون أقلامهم قال: تساهموا على مريم أيّهم يكفلها فقرعهم زكريّا. قال أبو محمّدٍ: وروي عن مجاهدٍ. والضّحّاك قالا: استهموا بأقلامهم.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة ووكيعٌ، عن النّضر بن عربيٍّ عن عكرمة في قوله: إذ يلقون أقلامهم قال: ألقوا أقلامهم في الماء فذهبت مع الجرية، وصعد قلم زكريّا يغلب الجرية فكفلها زكريّا.
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه، أنبأ حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ قال عطاءٌ: يعني أقلامهم: قداحهم.
- وعن عطاءٍ ابن جريجٍ قال: فألقوا أقلامهم الّتي يكتبون بها التوراة.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع قوله: أقلامهم يقول: عصيّهم.
قوله تعالى: أيّهم يكفل مريم
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن أبيه، عن الرّبيع قوله: أيّهم يكفل مريم فقال الرّبيع: ألقوا أقلامهم، ألقوها تلقاء جرية الماء، فاستقبلت عصى زكريّا جرية الماء فقرعهم وضمّها إليه.
قوله تعالى: وما كنت لديهم
- حدّثنا موسى بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبى مالكٍ قوله: لديهم يعني: عندهم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق وما كنت لديهم أي ما كنت معهم.
قوله تعالى: إذ يختصمون
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ، ثنا شيبان عن قتادة يعني قوله: وما كنت لديهم إذ يختصمون قال:
كانت ابنة إمامهم وسيّدهم، فتشاحّ عليها بنو إسرائيل فاقترعوا بها أيّهم يكفلها.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق: وما كنت لديهم إذ يختصمون أي ما كنت معهم إذ يختصمون فيها، يخبره بخفيّ ما كتموا منه من العلم عندهم، لتحقيق نبوّته، والحجّة عليهم لمّا يأتيهم به ممّا أخفوا منه). [تفسير القرآن العظيم: 2/648-650]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إذ يلقون أقلامهم يعني زكريا وأصحابه استهموا بأقلامهم على مريم حين دلت عليهم). [تفسير مجاهد: 127]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) ابن عباس- رضي الله عنهما - قال: {إذ يلقون أقلامهم} [آل عمران: 44]، اقترعوا فجرت أقلامهم مع الجرية، فعال قلم زكريّا الجرية. أخرجه البخاري في ترجمة بابٍ من أبواب كتابه بغير إسنادٍ). [جامع الأصول: 2/67]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {وما كنت لديهم} يعني محمدا صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} قال: إن مريم عليها السلام لما وضعت في المسجد اقترع عليها أهل المصلى وهم يكتبون الوحي فاقترعوا بأقلامهم أيهم يكفلها فقال الله لمحمد: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون}.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} قال: ألقوا أقلامهم في الماء فذهبت مع الجرية وصعد قلم زكريا فكفلها زكريا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الربيع قال: ألقوا أقلامهم يقال: عصيهم تلقاء جرية الماء فاستقبلت عصا زكريا عليه السلام جرية الماء فقرعهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال {أقلامهم} قال: التي يكتبون بها التوراة.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد، مثله.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عطاء {أقلامهم} يعني قداحهم.
وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس قال لما وهب الله لزكريا يحيى وبلغ ثلاث سنين بشر الله مريم بعيسى فبينما هي في المحراب إذ قالت الملائكة - وهو جبريل وحده - {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك} من الفاحشة {واصطفاك} يعني اختارك {على نساء العالمين} عالم أمتها {يا مريم اقنتي لربك} يعني صلي لربك يقول: اركدي لربك في الصلاة بطول القيام فكانت تقوم حتى ورمت قدماها {واسجدي واركعي مع الراكعين} يعني مع المصلين مع قراء بيت المقدس، يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك} يعني بالخبر {الغيب} في قصة زكريا ويحيى ومريم {وما كنت لديهم} يعني عندهم {إذ يلقون أقلامهم} في كفالة مريم ثم قال يا محمد يخبر بقصة عيسى {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا} يعني مكينا عند الله في الدنيا من المقربين في الآخرة {ويكلم الناس في المهد} يعني في الخرق {وكهلا} ويكلمهم كهلا إذا اجتمع قبل أن يرفع إلى السماء {ومن الصالحين} يعني من المرسلين.
وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن وهب قال: لما استقر حمل مريم وبشرها جبريل وثقت بكرامة الله واطمأنت فطابت نفسا واشتد أزرها وكان معها في المحررين ابن خال لها يقال له يوسف وكان يخدمها من وراء الحجاب ويكلمها ويناولها الشيء من وراء الحجاب وكان أول من اطلع على حملها هو واهتم لذلك وأحزنه وخاف من البلية التي لا قبل له بها ولم يشعر من أين أتيت مريم وشغله عن النظر في أمر نفسه وعمله لأنه كان رجلا متعبدا حكيما وكان من قبل أن تضرب مريم الحجاب على نفسها تكون معه ونشأ معها.
وكانت مريم إذا نفذ ماؤها وماء يوسف أخذا قلتيهما ثم انطلقا إلى المفازة التي فيها الماء فيملآن قلتيهما ثم يرجعان إلى الكنيسة والملائكة مقبلة على مريم بالبشارة !
{يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك} فكان يعجب يوسف ما يسمع، فلما استبان ليوسف حمل مريم وقع في نفسه من أمرها حتى كاد أن يفتتن فلما أراد أن يتهمها في نفسه ذكر ما طهرها الله واصطفاها وما وعد الله أمها أنه يعيذها وذريتها من الشيطان الرجيم وما سمع من قول الملائكة {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك} فذكر الفضائل التي فضلها الله تعالى بها وقال: إن زكريا قد أحرزها في المحراب فلا يدخل عليها أحد وليس للشيطان عليها سبيل فمن أين هذا فلما رأى من تغير لونها وظهور بطنها عظم ذلك عليه فعرض لها فقال: يا مريم هل يكون زرع من غير بذر قالت: نعم، قال: وكيف ذلك قالت: إن الله خلق البذرالأول من غير نبات وأنبت الزرع الأول من غير بذر ولعلك تقول: لولا أنه استعان عليه بالبذر لغلبه حتى لا يقدر على أن يخلقه ولا ينبته، قال يوسف: أعوذ بالله أن أقول ذلك قد صدقت وقلت بالنور والحكمة وكما قدر أن يخلق الزرع الأول وينبته من غير بذر يقدر على أن يجعل زرعا من غير بذر فأخبريني هل ينبت الشجر من غير ماء ولا مطر قالت: ألم تعلم أن للبذور والزرع والماء والمطر والشجر خالقا واحدا فلعلك تقول لولا الماء والمطر لم يقدر على أن ينبت الشجر، قال: أعوذ بالله أن أقول ذلك قد صدقت، فأخبريني هل يكون ولد أو رجل من غير ذكر قالت: نعم، قال: وكيف ذلك قالت: ألم تعلم أن الله خلق آدم وحواء امرأته من غير حبل ولا أنثى ولا ذكر قال: بلى، فأخبريني خبرك قالت: بشرني الله {بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم} إلى قوله {ومن الصالحين} فعلم يوسف أن ذلك أمر من الله لسبب خير أراده بمريم فسكت عنها، فلم تزل على ذلك حتى ضربها الطلق فنوديت: أن اخرجي من المحراب فخرجت). [الدر المنثور: 3/538-548]


رد مع اقتباس