عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 07:17 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة هود
[ من الآية (7) إلى الآية (10) ]

{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10)}

قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ءايات للسائلين} [7].
قرأ ابن كثير {آية ...}.
والباقون {ءايت....} جمعًا، لأن أمر يوسف صلى الله عليه وسلم وشأنه وحديثه كان فيه عبر وآيات. ومن وحد جعل كل أموره عبرة واحدة؛ لأن الواحدة تنوب عن الجميع كما قال تعالى: {أو الطفل الذين لم يظهروا} فمن قرأ بالتاء احتج أنه كتب في المصحف بالتاء، فهذه التاء علامة الجمع والتأنيث، والتاء التي في قراءة ابن كثير تاء التأنيث فقط. وقيل: الياء ألفان لفظًا وإن [كان] الخط بألف واحدة، فأجمع النحويون أن الألف الأولى فاء الفعل أصلية والثانية اختلفوا فيها، وقال الفراء: الأصل في آية: أييه، فقلبوا الياء ألفًا كراهة التشديد، وقال الكسائي: وزنها فاعلة على وزن دابة، والأصل آييه وداببة فالألف الثانية محمولة كالألف في ضاربه. وقال سيبويه: الأصل أيية فقلبوا الياء الأولى ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/299]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التوحيد والجمع من قوله عزّ وجلّ: آيات للسائلين [يوسف/ 7].
فقرأ ابن كثير: آية للسائلين واحدة.
وقرأ الباقون: آيات للسائلين جماعة.
وجه الإفراد أنه جعل شأنه كله آية، ويقوي ذلك قوله: وجعلنا ابن مريم وأمه آية [المؤمنون/ 50]، فأفرد وكلّ واحد منهم على انفراده يجوز أن يقال فيه. آية* فأفرد مع ذلك.
ومن جمع جعل كلّ حال من أحواله آية، وجمع على
[الحجة للقراء السبعة: 4/396]
ذلك، على أن المفرد المذكور في الإيجاب يقع على الكثرة، كما يكون ذلك في غير الإيجاب. قال:
فقتلا بتقتيل وضربا بضربكم... جزاء العطاس لا ينام من اتّأر). [الحجة للقراء السبعة: 4/397]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين}
قرأ ابن كثير (آية للسائلين) أي عبرة وحجته قوله {لقد كان في قصصهم عبرة} ولم يقل عبر كأنّه جلّ شأنه كله آية كما قال جلّ وعز {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} فأفرد كل واحد منهما آية
وقرأ الباقون {آيات للسائلين} على الجمع أي عبر جعلوا كل حال من أحوال يوسف آية وعبرة وحجتهم في ذلك أنّها كتبت في المصحف بالتّاء). [حجة القراءات: 355]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- قوله: {آياتٌ للسائلين} قرأه ابن كثير بالتوحيد، جعل شأن يوسف كله آية على الجملة، وإن كان في التفصيل آيات، كما قال: {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} «المؤمنون 50» فوحّد وإن كان شأنهما على التفصيل آيات، وقرأ الباقون بالجمع؛ لاختلاف أحوال يوسف، ولانتقاله من حال إلى حال، ففي كل حال جرت عليه آية، فجمع لذلك المعنى، وهو الاختيار، لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/5]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {آَيَةٌ لِلسَّائِلِينَ} [آية/ 7] على الوحدة:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أنه جعل قصة يوسف وأحواله كلها آية واحدة، كما قال تعالى {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً}.
ويجوز أنه إنما وحّد؛ لأن الآية ههنا تفيد معنى الآيات من جهة المعنى، كما قال الشاعر:
[الموضح: 668]
60- في حلقكم عظمٌ وقد شجينا
وهذا من وضع الواحد موضع الجمع.
وقرأ الباقون {آيَاتٌ} بالجمع.
والوجه أن كل واحد من أحواله وأموره آيةٌ، فاختير الجمع لذلك). [الموضح: 669]

قوله تعالى: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {مبين * اقتلوا} [8-9].
قرأ ابن كثير ونافع والكسئي بضم التنوين كأنهم كرهوا الخروج من كسر إلى ضم، فأتبعوا الضم الضم.
والباقون: {مبين * اقتلوا} بكسر التنوين، لالتقاء الساكنين مثل {أحد الله الصمد} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/300]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال. وقرأ ابن كثير ونافع والكسائي: مبين اقتلوا [يوسف/ 8، 9] بضم التنوين.
وقرأ أبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة بكسر التنوين.
وجه قول من ضمّ التنوين: أن تحريكه يلزم لالتقاء الساكنين وهما التنوين والقاف في اقتلوا فلما التقيا لزم تحريك الأول منهما، وحركه بالضم ليتبع الضمّة الضمّة، كما قالوا: مدّ، وكما قالوا: «ظلمات» فأتبعوا الضمة الضمة، وكذلك: أن اقتلوا [النساء/ 66]. فإذا كانوا قد أبدلوا من غير الضمة لتتبع. ضمّة الإعراب في نحو: أجوؤك وأنبؤك، وهو منحدر من الجبل، مع أن ضمة الإعراب، ليست لازمة، ولم يعتدّ بها في نحو: هذه كتف، ثابتة، فأن يتبعوا الضمّة الثانية في عين: اقتلوا اللازمة أولى.
ومن قال: مبين اقتلوا، لم يتبع الضمّ. كما أن من قال: مدّ وظلمات، لم يتبع، وكسر الساكن على ما يجري عليه
[الحجة للقراء السبعة: 4/397]
أمر تحريك الأول من الساكنين المنفصلين في الأمر الشائع). [الحجة للقراء السبعة: 4/398]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {مُبِينٍ اقْتُلُوا} [آية/ 8 و9] بضم التنوين:
قرأها ابن كثير ونافع والكسائي.
والوجه أن التنوين من {مبينٍ} إنما ضُم اتباعًا لحركة التاء في {اقْتُلُوا}؛ لأنهم لو كسروه لخرجوا من كسرٍ إلى ضمٍ، وهذا ليس في كلامهم، ألا ترى أنه لم يجيء في الكلام فعل بكسر الفاء وضم العين.
وأما الحرف الذي بين التنوين المكسور وبين التاء المضموم وهو القاف من {اقْتُلُوا}، فإنه ساكن، والساكن ليس بحاجزٍ حصين فلا يُعتد به، فكأن الكسرة تلي الضمة.
وقرأ الباقون {مُبِينٍ اقْتُلُوا} بكسر التنوين.
والوجه أن التنوين كان ساكنًا، والقاف من {اقْتُلُوا} ساكن، فالتقى ساكنان فحُرّك التنوين بالكسر لالتقاء الساكنين). [الموضح: 669]

قوله تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9)}

قوله تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين} [10].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/300]
وقرأ الباقون: {في غيابة الجب} على التوحيد، وهو الاختيار؛ لأنهم ألقوه في مكان واحد، لا في أمكنة، وجسم واحد لا يشغل مكانين.
وشاهدهم أيضًا: ما حدثني أحمد بن عبدان عن علي عن أبي عبيد قال: في حرف أُبَيٍّ {وألقوه في غيبة الجب} فهذا شاهد لمن وحد.
فأما قوله: {يلتقطه} فقرأ القراء السبعة بالياء، وإنما ذكرته، لأنه الحسن البصري قرأ: {تلتقطه بعض السيارة} بالتاء. وإنما أنث بعضا وهو مذكر، لأنه مضاف إلى السيارة، وبعض السيارة من السيارة، كما تقول: ذهبت بعض أصابعه؛ لأنك لو قلت ذهبت أصابعه، أو تلتقطه [السيارة] فأحللت الأول محل الثاني كان صوابًا، قال جرير:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/301]
أرى مر السنين أخذن مني = كما أخذ السرار من الهلال
وقال أيضًا:
إذا بعض السنين تعرقتنا = كفى الأيتام فقد أبى اليتيم
ولو قلت تعجبني ضحك الجارية كان خطأ؛ لأن الضحك قد يعجبك ولا تُعجبك الجارية، وكذلك لو قلت: قامت غلام المرأة كان خطأ؛ لأن الغلام ليس هو المرأة. فقس على هذا ما يرد عليك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/302]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الجمع والتوحيد من قوله عز وجل في غيابة الجب [يوسف/ 10].
فقرأ نافع وحده: غيابات جماعة.
وقرأ الباقون: غيابة واحدة.
قال أبو عبيدة: كلّ شيء غيّب عنك فهو غيابة. قال منخّل بن سبيع [وفي أخرى سميع]:
فإن أنا يوما غيّبتني غيابتي... فسيروا بسيري في العشيرة والأهل
وقال ابن أحمر:
[الحجة للقراء السبعة: 4/399]
ألا فالبثا شهرين أو نصف ثالث... إلى ذاكما ما غيّبتني غيابيا
جمع غيابة.
قال: والجبّ: الركيّة التي لم تطو.
وجه قول من أفرد: أن الجبّ لا يخلو من أن يكون له غيابة واحدة، أو غيابات، فغيابة المفرد يجوز أن يعنى به الجمع، كما يعنى به الواحد، ووجه قول من جمع: أنه يجوز أن تكون له غيابة واحدة فجعل كلّ جزء منه غيابة، فجمع على ذلك، كقولهم: شابت مفارقه، وبعير ذو عثانين، ويجوز أن يكون للجب عدّة غيابات، فجمع لذلك، والدليل على جواز الجمع فيه قوله:
إلى ذاكما ما غيّبتني غيابيا فجعل له غيابات مع أن ذا الغيابة واحد، كذلك الجبّ المذكور في التنزيل، يجوز أن يكون له غيابات). [الحجة للقراء السبعة: 4/400]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج: [فِي غَيَّابَاتِ الْجُبِّ] مشددة. وقرأ الحسن: [في غَيْبَة الجب].
قال أبو الفتح: "أما [غيَّابة] فإنه اسم جاء على فَعَّالة، وكان أبو علي يضيف إلى ما حكاه سيبويه من الأسماء التي جاءت على فَعَّال؛ وهو الجبَّار والكلَّاء، الفيَّاد لذكر البوم. ووجدت أنا غير ذلك، وهو التيَّار للموج، والفخَّار للخزف، والحمَّام، والجيار: السعال، والكَرَّار: كبش الراعي.
وأما [غَيْبَة الجب] فيجوز أن يكون حدثا فَعْلَة من غِبْت، فيكون كقولنا: في ظُلمة الجب، ويجوز أن يكون موضعًا على فَعْلَة كالقَرْمَة والْجَرْفَة). [المحتسب: 1/333]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وألقوه في غيابة الجب}
قرأ نافع في (غيابات الجب) بالألف أراد ظلم البئر ونواحيها لأن البئر لها غيابات فجعل كل جزء منها غيابة فجمع على ذلك
وقرأ الباقون {غيابة} وحجتهم أنهم ألقوه في بئر واحدة في مكان واحد لا في أمكنة). [حجة القراءات: 355]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {في غيابة الجب} قرأه نافع وحده بالجمع؛ لأن كل ما غاب عن النظر من الجب غيابة، فالمعنى: ألقوه فيما غاب عن النظر من الجب، وذلك أشياء كثيرة تغيب عن النظر منه، ويجوز أن يكون المعنى على حذف مضاف، أي ألقوه في إحدى غيابات الجب، فيكون بمنزلة القراءة بالتوحيد، وقرأ الباقون بالتوحيد؛ لأن يوسف لم يلق إلا في غيابة واحدة؛ لأن الإنسان لا تحويه أمكنة إنما يحويه مكان واحد، ويجوز أن يكون الواحد يدل على الجميع، فتتفق أيضًا القراءتان، والتوحيد الاختيار؛ لرجوع القراءة بالجمع إلى معناه، ولأن عليه الجماعة، وقد تقدم ذكر الإشمام في {تأمنا} وعلته). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/5]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {فِي غَيَابَاتِ الْجُبّ} [آية/ 10 و15] على الجمع:
[الموضح: 669]
قرأها نافع وحده في الحرفين.
والوجه أنه جمع غيابةٍ، فكأنه كان في تلك الجبّ غيابات عدة.
ويجوز أن يكون جعل كل جزء من تلك الغيابة التي كانت في الجبّ غيابة، فلهذا جمع، كما يقال شابت مفارقه، قال الشماخ:
61- ولو أني أشاء كننت نفسي = إلى لبّات هيكلةٍ شموع
فجمع اللبة بما حولها.
وقرأ الباقون {غيابةِ} على الوحدة.
والوجه أنه لا يخلو أن يكون لتلك الجبّ غيابة واحدة أو غيابات، فإن كانت واحدة فلا نظر في صحة الوحدة، وإن كانت غيابات عدّة كانت هذه واحدة قد وقعت موقع جمع، وأُريد بها الجمع.
والغيابة: كل ما غَيّب عنك شيئًا، كذا ذكر أبو عبيدة). [الموضح: 670] (م)

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس