عرض مشاركة واحدة
  #86  
قديم 1 صفر 1440هـ/11-10-2018م, 08:03 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (285) إلى الآية (286) ]
{آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}

قوله تعالى: {آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وكتبه ورسله... (285).
قرأ حمزة والكسائي: (وكتابه) موحدًا.
وقرأ الباقون: (وكتبه) جميعا.
قال أبو منصور عن ابن عباس: إنه قرأ (كتابه)، وقيل له في قراءته فقال: (كتاب) أكثر من (كتب).
قال أبو منصور: ذهب به إلى الجنس، كما يقال: كثر الدرهم والدينار في أيدي الناس.
ومن قرأ (وكتبه) فهو مثل:
[معاني القراءات وعللها: 1/238]
حمارٍ وحمر وغلافٍ وغلف.
وقوله: (ورسله)
قد اتفق القراء على تثقيله.
وقرأ الحضرمي: (لا يفرّق بين أحدٍ من رسله... (285) بالياء
وكسر الراء. وقرأ الباقون: (لا نفرّق) بالنون.
وأخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى أنه قال: النون هو الاختيار، وعليها قراء الأمصار، ومعناها: يقول: لا نفرق بين أحد، فيكون القول فيه مضمرا، وإضمار القول كثير في القرآن.
قال: ومن قرأ: (لا يفرّق) فإنه يريد: من آمن بالله لا يفرّق، ردّه على من آمن بالله، وكلٌّ آمن، وكلٌّ لا يفرّق بين أحد منهم.
واحد في معنى الجميع ها هنا). [معاني القراءات وعللها: 1/239]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (50- وقوله تعالى: {وكتبه ورسله} [285].
قرأ حمزة والكسائي: (وكتابه) على لفظ الواحد.
وقرأ الباقون: (وكتبه) بالجمع، مثل: ثمار وثمر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/106]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (52- وقوله تعالى: {بين أحد من رسله} [285].
قرأ أبو عمرو وحده ما أضيف إلى حرفين مخففًا نحو: {رسلكم} {ورسلنا} وكذلك {سبلنا}.
وقرأ الباقون بالثقيل على أصل الكلمة؛ لأنه جمع رسول نحو عمود وعمد، والخفيف فرع على الثقيل وإنما خفف أبو عمرو في الجمع ولم يخفف في الواحد؛ لأن الجمع أثقل من الواحد، مثل إدغامه {خلقكم ثم رزقكم} ولا يدغم خلقك ورزقك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/106]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الجمع والتوحيد من قوله جلّ وعزّ: وكتبه [البقرة/ 285] هاهنا، وفي سورة التحريم [الآية: 12].
فقرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر: وكتبه هاهنا جمع، وفي التحريم: وكتابه، على التوحيد.
وقرأ أبو عمرو: هاهنا وفي التحريم: وكتبه على الجمع.
وقرأ حمزة والكسائي: وكتابه على التوحيد فيهما.
وروى حفص عن عاصم هاهنا، وفي التحريم: وكتبه مثل أبي عمرو. وخارجة عن نافع في التحريم مثل أبي عمرو.
قال أبو علي: قال أبو زيد: كتبت الصكّ، أكتبه كتاباً، وكتبت السقاء، أكتبه كتباً: إذا خرزته.
قال ذو الرّمّة:
وفراء غرفيّة أثأى خوارزها... مشلشل ضيّعته بينها الكتب
[الحجة للقراء السبعة: 2/455]
وكتبت البغلة أكتبها كتباً، إذا حزمت حياءها بحلقة حديد أو صفر، وكتبت عليها كتباً، وكتّبت الناقة تكتيباً: إذا صررتها.
فالكتاب مصدر كتب. وقد جاء كتب في التنزيل على غير وجه فمن ذلك أن يراد به: فرض، قال تعالى: يا أيّها الّذين آمنوا كتب عليكم الصّيام كما كتب على الّذين من قبلكم [البقرة/ 183]، وقال تعالى: كتب عليكم القصاص في القتلى [البقرة/ 178] وقال: وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس [المائدة/ 45] وقال: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه [الأنفال/ 75] أي فيما فرض الله لهم في السّهام في المواريث، أو الحيازة للتركة، ويجوز أن يعنى به التنزيل، أي: هم في فرض كتاب الله أولى بأرحامهم، وأن يحمل على الكتاب المكتتب أولى، وذلك لقوله سبحانه في أخرى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه من المؤمنين والمهاجرين إلّا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً، كان ذلك في الكتاب مسطوراً [الأحزاب/ 6] والمسطور إنّما يسطر في صحف أو ألواح، فردّ المطلق منهما إلى هذا المقيّد أولى، لأنّه أمر واحد.
وقد جاء كتب يراد به الحكم. قال تعالى:
[الحجة للقراء السبعة: 2/456]
كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي [المجادلة/ 21] كأنه حكم، قال:
ولولا أن كتب اللّه عليهم الجلاء لعذّبهم في الدّنيا [الحشر/ 3] أي حكم بإخراجهم من دورهم. وقال: وما كان لنفسٍ أن تموت إلّا بإذن اللّه كتاباً مؤجّلًا [آل عمران/ 145] فانتصب كتاباً بالفعل الذي دلّ عليه هذا الكلام، وذلك أنّ قوله: وما كان لنفسٍ أن تموت إلّا بإذن اللّه يدلّ على كتب، وكذلك قوله: كتاب اللّه عليكم [النساء/ 24] لأنّ
في قوله:
حرّمت عليكم أمّهاتكم [النساء/ 23] دلالة على كتب هذا التحريم عليكم أي: فرضه، فصار كتاب الله، كقوله: صنع اللّه [النمل/ 88]، ووعد اللّه لا يخلف اللّه وعده [الروم/ 6].
فأمّا قوله: أولئك كتب في قلوبهم الإيمان [المجادلة/ 22] فإنّ معناه جمع، وقد قالوا: الكتيبة للجمع من الجيش، وقالوا للخرز التي ينضم بعضها إلى بعض: كتب، كأنّ التقدير: أولئك الذين جمع الله في قلوبهم الإيمان أي:
استوعبوه واستكملوه، فلم يكونوا ممن يقول: نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ [النساء/ 150] وهم الذين جمعوا ذلك في الحقيقة، وأضيف ذلك إلى الله تعالى، لأنّه كان بتقويته ولطفه كما قال: وما رميت إذ رميت ولكنّ اللّه رمى [الأنفال/ 17].
فأمّا قوله تعالى: إنّ عدّة الشّهور عند اللّه اثنا عشر شهراً في كتاب اللّه يوم خلق السّماوات والأرض
[الحجة للقراء السبعة: 2/457]
[التوبة/ 36] فلا يجوز تعلقه بالعدّة لأنّ فيه فصلًا بين الصلة والموصول بالخبر، ولكنّه يتعلق بمحذوف على أن يكون صفة للخبر الذي هو قوله: اثنا عشر شهراً، والكتاب لا يكون إلّا مصدراً، ولا يجوز أن يكون يعنى به الذكر، ولا غيره من الكتب، وذلك لتعلّق اليوم به، واليوم وسائر الظروف لا تتعلق بأسماء الأعيان لأنّها لا معاني فيها للفعل، فبهذا يعلم أنّه مصدر.
فأمّا قوله تعالى: وملائكته وكتبه [البقرة/ 285] فإنّ الكتب جمع كتاب وهو مصدر كتب فنقل، وسمّي به، فصار يجري مجرى الأعيان وما لا معنى فعل فيه، وعلى ذلك كسر، فقيل: كتب كما قالوا: إزار وأزر، ولجام ولجم. ولولا أنّه صار منقولًا، لكان خليقاً أن لا يكسّر، كما أنّ عامة المصادر لا تجمع، فأمّا الجمع فيه فللكثرة، وأمّا الإفراد في قول من قرأ:
وكتابه فليس كما تفرد المصادر، وإن أريد بها الكثير كقوله تعالى: وادعوا ثبوراً كثيراً [الفرقان/ 14] ونحو ذلك، ولكن كما تفرد الأسماء التي يراد بها الكثرة نحو قولهم: كثر الدينار والدرهم، ونحو ذلك مما يفرد لهذا المعنى، وهي تكسر، وكذلك: أهلك الناس الشاة والبعير، فإن قلت: إنّ هذه الأسماء التي يراد بها الكثرة تكون مفردة، وهذه مضافة قيل: قد جاء المضاف من الأسماء، يعنى به الكثرة، وفي التنزيل:
[الحجة للقراء السبعة: 2/458]
وإن تعدّوا نعمت اللّه لا تحصوها [النحل/ 18، إبراهيم/ 34] وفي الحديث: «منعت العراق درهمها وقفيزها».
فهذا يراد به الكثرة، كما يراد فيما فيه لام التعريف، وممّا يجوز أن يكون على هذا قول عدي بن الرقاع:
يدع الحيّ بالعشيّ رغاها... وهم عن رغيفهم أغنياء
وقال: أحلّ لكم ليلة الصّيام الرّفث إلى نسائكم [البقرة/ 187] وهذا الإحلال شائع في جميع ليالي الصّيام، والتكسير أوجه لأنّ الموضع يراد به الكثرة، وليس مجيء الأسماء المضافة التي يراد بها الجنس، والشّياع، بكثرة ما جاء منها، وفيه لام المعرفة، والاسمان اللذان أحدهما قبله، والآخر بعده مجموعان، فهذا يقوّي الجمع ليكون مشاكلا لما قبله وما بعده، ويجوز فيمن أفرد فقال: وكتابه أن يعني به الشّياع، ويكون الاسم مصدرا غير منقول، فيسمّى الذي يكتب كتابا،
[الحجة للقراء السبعة: 2/459]
كما قيل: نسج اليمن، أو على تقدير ذي، أي: ذي الذي يكتب.
اختلفوا في ضمّ السّين وإسكانها من قوله تعالى:
ورسله [البقرة/ 285] ورسلنا [الإسراء/ 77].
فقرأ أبو عمرو ما أضيف إلى مكنيّ على حرفين مثل:
رسلنا، ورسلكم [غافر/ 50] بإسكان السين، وثقّل ما عدا ذلك.
وروى عليّ بن نصر عن هارون عن أبي عمرو أنّه خفّف على رسلك [آل عمران/ 194] أيضاً. وقال عليّ بن نصر:
سمعت أبا عمرو يقرأ على رسلك مثقّلة، وقرأ الباقون كلّ ما في القرآن من هذا الجنس بالتثقيل.
قال أبو عليّ: وجه قراءة من ثقّل على رسلك أنّ أصل الكلمة على فعل بضمّ العين، ومن أسكن خفّف ذلك كما يخفّف ذلك في الآحاد في نحو العنق، والطّنب، وإذا خفّفت الآحاد، فالجموع أولى من حيث كانت أثقل من الآحاد، والدليل على أنّه على فعل مضموم العين، رفضهم هذا الجمع، فيما كان لامه حرف علّة نحو: كساء، ورداء
[الحجة للقراء السبعة: 2/460]
ورشاء، ألا تراهم لم يجمعوا شيئاً من هذا النحو على فعل، كما جمعوا قذالًا، وكتاباً، وحماراً ورغيفاً على فعل، ولم يجمعوه أيضاً على التخفيف لأنّه إذا خفّف، والأصل التثقيل، كانت الحركة في حكم الثبات ومنزلته. ألا ترى أنّ من قال:
رضي، ولقضو الرجل، لمّا كانت الحركة في حكم الثبات عنده لم يردّ الواو ولا الياء؟ وكذلك نحو رشاء، وقباء، لم يجمع على فعل ولم يجيء من هذا الباب شيء على فعل إلّا ثنيّ وثن، وقالوا: ثنيان في جمعه أيضاً، وما عداه مرفوض غير مستعمل، ومما يدلّ على أن الأصل فيه الحركة، أنّه لو كان الأصل السكون لم يرفض فيه جمع ما كانت اللّام فيه ياءً، أو واواً، كما لم يرفض ذلك في جمع ما أصله فعل، وذلك نحو:
عمي، وأ فأنت تهدي العمي [يونس/ 43] وكذلك قنواء وقنو، وعشواء، وعشو، وأبواء، وأبو، ألا ترى أنّهم لم يرفضوا جمع هذا لمّا كان ما قبله ساكناً فصار بمنزلة الآحاد نحو: حلو وعري، وما أشبه ذلك؟ فقد دلّك رفضهم لجمع هذا الضرب أنّه على فعل وأنهم رفضوه لما يلزم فيه من القلب
[الحجة للقراء السبعة: 2/461]
والإعلال. ومما يدلّ على أنّ أصله فعل، بضم العين، أنّهم خفّفوا من ذلك نحو: عوان وعون ونوار، ونور، وخوان، وخون، كراهة الضمة في الواو فإذا اضطرّ الشاعر ردّه إلى أصله كما جاء:
تمنحه سوك الإسحل وقوله:
وفي الأكفّ اللامعات سور على أن أبا زيد حكى: قوم قول، بضم الواو.
وأمّا وجه تخفيف أبي عمرو ما اتّصل من ذلك بحرفين
[الحجة للقراء السبعة: 2/462]
من حروف الضمير، أو بحرف نحو: رسلك [آل عمران/ 194]، فلأنّ هذا قد يخفّف إذا لم يتّصل بمتحرك، فإذا اتّصل بمتحرك حسن التخفيف لئلا تتوالى أربعة أحرف متحركة لأنّهم كرهوا تواليها على هذه العدة بهذه الصورة، ومن ثم لم تتوال أربع متحركات في بناء الشعر، والكلم، إلّا أن يكون مزاحفاً، أو يخفّف لهذا الذي ذكرناه من كراهتهم توالي أربع متحركات. ومن لم يخفّف فلأنّ هذا الاتصال بالحرفين ليس بلازم للحرف، وما لم يكن لازماً في هذه الكلم فلا حكم له، ألا ترى أنّ الإدغام في نحو: جعل لك، لم يلزم وإن كان قد توالى خمس متحركات، وهذا لا يكون في بناء الشعر، لا في مزاحفه ولا في سالمه ولا في الكلم المفردة. وقد جاز في نحو هذا أن لا يدغم لمّا لم يكن لازماً، ومن ثمّ روي عن أبي عمرو على رسلك وعلى رسلك كأنّه أخذ بالوجهين وذهب إلى المذهبين). [الحجة للقراء السبعة: 2/463]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({كل آمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله}
قرأ حمزة والكسائيّ (وكتابه) وحجتهما أن الكتاب هو القرآن فلا وجه لجمعه وحجّة أخرى قال ابن عبّاس {الكتاب} أكثر
[حجة القراءات: 152]
من الكتب قال أبو عبيدة أراد كل كتاب الله بدلالة قوله {فبعث الله النّبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب} فوحد إرادة الجنس وهذا كما تقول كثر الدّرهم في أيدي النّاس تريد الجنس كله
وقرأ الباقون {وكتبه} وحجتهم ما تقدم وما تأخّر ما تقدم ذكر بلفظ الجمع وهو قوله {كل آمن باللّه وملائكته} وما تأخّر {ورسله} فكذلك كتبه على الجمع ليأتلف الكلام على نظام واحد). [حجة القراءات: 153]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (219- قوله: {وكتبه} قرأ حمزة والكسائي بالتوحيد، وقرأ الباقون بالجمع، فمن وحَّد أراد القرآن، ومن جمع أراد جميع الكتب التي أنزل الله، ويجوز في قراءة من وحَّد أن يُراد به الجمع، يكون الكتاب اسمًا للجنس، فتستوي القراءتان، والجمع هو الاختيار، لعمومه، ولأن عليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/323]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (113- {وَكُتُبِهِ} [آية/ 285]:-
على الجمع، قرأها أبو عمرو وعاصم ص- ويعقوب ههنا وفي التحريم،
[الموضح: 355]
وكذلك ابن كثير ونافع يل- وابن عامر و- ياش- عن عاصم بالجمع ههنا، وبالتوحيد في التحريم. وإنما جمعوه ههنا؛ لأن ما قبله وما بعده جمع، وهو {ومَلائِكَتِهِ} {وَرُسُلهِ}، فالأولى أن يكون أيضًا مجموعًا ليشاكل ما قبله وما بعده.
وقرأ حمزة والكسائي {وَكِتابِهِ} على التوحيد في الموضعين.
والوجه في ذلك أن المراد به وإن كان واحدًا الجنس، كما يقال: كثر الدينار والدرهم، وأهلك فلان درهمه.
ويجوز أن يكون الكتاب مصدرًا لمسمى له بمعنى المكتوب، كما يقال: نسج اليمن أي منسوجه، فيكون المعنى أيضًا على الكثرة). [الموضح: 356]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (114- {وَرُسُلِهِ} [آية/ 285]:-
بضم السين، اتفق عليه القراء جميعًا، وكذلك في أمثاله في القرآن، إلا أن أبا عمرو يخفف كل ما كان من ذلك مضافًا الى جمع نحو {رُسْلنا} و{رُسْلكم} و{رُسْلهم}. ووجه ذلك أن الأصل في الكلمة هو فعل بضم الفاء والعين، وقد يسكن العين للتخفيف، كما يخفف ما كان من الآحاد
[الموضح: 356]
الآحاد نحو: عنق وطنب، بل يكون تخفيف المجموع أولى لثقلها، وأبو عمرو لما علم جواز تخفيف هذه الكلمة، خفف ما كان متصلاً بحرفين من حروف الضمير؛ لأنه يتوالى هناك أربعة أحرف متحركة فكره تواليها فخفف لذلك.
وأما الباقون فإنهم لم يخففوها وإن اتصلت بحرفين من الضمير؛ لأن الضمير ليس بلازمٍ للكلمة، فهو بمنزلة المنفصل). [الموضح: 357]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (115- {لَا نُفَرِّقُ} [آية/ 285]:-
بالياء، قرأها يعقوب وحده.
وذلك لأنه حمله على لفظ {كُلٍّ}، كما حمل عليه قوله {آمَنَ} على لفظ الواحد، والمراد به المؤمنون، كأنه قال: كلهم لا يفرق بين أحدٍ من رسله. وقرأ الباقون {لا نُفَرّقُ} بالنون.
وهذا على إضمار القول، والتقدير: يقولون لا نفرق، ومثله في القرآن كثير، ويدل على ذلك قوله تعالى {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} ). [الموضح: 357]

قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس