الموضوع: تأليف القرآن
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 29 شوال 1435هـ/25-08-2014م, 11:15 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

ترتيب الآيات والسور في المصاحف

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (واعلم أن سبب اختلاف العلماء في عد الآي والكلم والحروف؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف على رءوس الآي؛ للتوقيف فإذا علم محلها وصل للتمام، فيحسب السامع أنها ليست فاصلة.
وأيضا البسملة نزلت مع السورة في بعض الأحرف السبعة، فمن قرأ بحرف نزلت فيه عدها، ومن قرأ بغير ذلك لم يعدها).[البرهان في علوم القرآن:1/249-252]؟
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وعدد آياته: في قول علي رضي الله عنه: ستة آلاف ومائتان وثمان عشرة،
وعطاء: ستة آلاف ومائة وسبع وسبعون،
وحميد: ستة آلاف ومائتان واثنتا عشرة،
وراشد: ستة آلاف ومائتان وأربع). [البرهان في علوم القرآن: 1/251]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (قال أبو الحسين أحمد بن فارس في "كتاب المسائل الخمس": جمع القرآن على ضربين:
أحدهما: تأليف السور كتقديم السبع الطوال، وتعقيبها بالمئين، فهذا الضرب هو الذي تولاه الصحابة رضوان الله عليهم.
وأما الجمع الآخر: فضم الآي بعضها إلى بعض، وتعقيب القصة بالقصة، فذلك شيء تولاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما أخبر به جبريل عن أمر ربه عز وجل.
وكذا قال الكرماني في "البرهان": ترتيب السور هكذا هو عند الله وفي اللوح المحفوظ، وهو على هذا الترتيب كان يعرض عليه السلام على جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه، وعرض عليه في السنة التي توفي فيها مرتين.
وذهب جماعة من المفسرين إلى أن قوله تعالى: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ} معناه: مثل البقرة إلى سور هود وهي العاشرة، ومعلوم أن سورة هود مكية، وأن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة مدنيات نزلت بعدها.
وفسر بعضهم قوله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} أي: اقرأه على هذا الترتيب من غير تقديم ولا تأخير. وجاء النكير على من قرأه معكوسا.
ولو حلف أن يقرأ القرآن على الترتيب لم يلزم إلا على هذا الترتيب، ولو نزل القرآن جملة واحدة كما اقترحوا عليه، لنزل على هذا الترتيب، وإنما تفرقت سوره وآياته نزولا لحاجة الناس إليها حالة بعد حالة؛ ولأن فيه الناسخ والمنسوخ ولم يكن ليجتمعا نزولا، وأبلغ الحكم في تفرقه ما قال سبحانه: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ}، وهذا أصل بني عليه مسائل كثيرة.
وقال القاضي أبو بكر بن الطيب: فإن قيل: قد اختلف السلف في ترتيب القرآن:
1- فمنهم من كتب في المصحف السور على تاريخ نزولها، وقدم المكي على المدني.
2- ومنهم جعل من أوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} وهو أول مصحف علي، وأما مصحف ابن مسعود فأوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، ثم البقرة، ثم النساء على ترتيب مختلف، وفي مصحف أبي كان أوله الحمد، ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، ثم الأعراف، ثم المائدة على اختلاف شديد.
فالجواب: أنه يحتمل أن يكون ترتيب السور على ما هي عليه اليوم على وجه الاجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم، وذكر ذلك مكي في سورة براءة، وأن وضع البسملة في الأول هو من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال أبو بكر بن الأنباري: أنزل الله القرآن كله إلى سماء الدنيا ثم فرق في بضع وعشرين، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث، والآية جوابا لمستخبر، ويقف جبريل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على موضع السورة والآية، فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف كله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم لآيات.
قال القاضي أبو بكر: ومن نظم السور على المكي والمدني لم يدر أين يضع الفاتحة؛ لاختلافهم في موضع نزولها، ويضطر إلى تأخير الآية، في رأس خمس وثلاثين ومائتين من البقرة إلى رأس الأربعين، ومن أفسد نظم القرآن فقد كفر به). [البرهان في علوم القرآن:1/259-260] (م)
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وقال أبو الحسين بن فارس في المسائل الخمس: جمع القرآن على ضربين:
أحدهما: تأليف السور كتقديم السبع الطوال وتعقيبها بالمئين فهذا الضرب هو الذي تولته الصحابة.
وأما الجمع الآخر وهو جمع الآيات في السور فهو توقيفي تولاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال الحاكم في المستدرك، وقد روى حديث عبد الرحمن بن شماس عن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نؤلف القرآن من الرقاع... الحديث.
قال: وفيه البيان الواضح أن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة فقد جمع بعضه بحضرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم جمع بحضرة الصديق والجمع الثالث وهو ترتيب السور كان في خلافة عثمان.
وقال الإمام أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي في كتاب فهم السنن: كتابة القرآن ليست محدثة فإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرقا في الرقاع والأكتاف والعسب، وإنما أمر الصديق بنسخها من مكان إلى مكان وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها القرآن منتشر فجمعها جامع وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء.
فإن قيل: كيف وقعت الثقة بأصحاب الرقاع وصدور الرجال؟
قيل: لأنهم كانوا يبدون عن تأليف معجز، ونظم معروف وقد شاهدوا تلاوته من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشرين سنة، فكان تزويد ما ليس منه مأمونا، وإنما كان الخوف من ذهاب شيء من صحيحه.
فإن قيل: كيف لم يفعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك؟
قيل: لأن الله تعالى كان قد أمنه من النسيان بقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ} أن يرفع حكمه بالنسخ، فحين وقع الخوف من نسيان الخلق حدث ما لم يكن، فأحدث بضبطه ما لم يحتج إليه قبل ذلك.
وفي قول زيد بن ثابت "فجمعته من الرقاع والأكتاف وصدور الرجال" ما أوهم بعض الناس أن أحدا لم يجمع القرآن في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن من قال: إنه جمع القرآن أبي بن كعب وزيد ليس بمحفوظ، وليس الأمر على ما أوهم وإنما طلب القرآن متفرقا ليعارض بالمجتمع عند من بقي ممن جمع القرآن ليشترك الجميع في علم ما جمع، فلا يغيب عن جمع القرآن أحد عنده منه شيء.
ولا يرتاب أحد فيما يودع المصحف ولا يشكو في أنه جمع عن ملأ منهم، فأما قوله: "وجدت آخر براءة مع خزيمة بن ثابت ولم أجدها مع غيره" يعنى ممن كانوا في طبقة خزيمة لم يجمع القرآن، وأما أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل فبغير شك جمعوا القرآن والدلائل عليه متظاهرة.
قال: ولهذا المعنى لم يجمعوا السنن في كتاب إذ لم يمكن ضبطها كما ضبط القرآن.
قال: ومن الدليل على ذلك أن تلك المصاحف التي كتب منها القرآن كانت عند الصديق لتكون إماما، ولم تفارق الصديق في حياته ولا عمر أيامه، ثم كانت عند حفصة لا تمكن منها، ولما احتيج إلى جمع الناس على قراءة واحدة وقع الاختيار عليها في أيام عثمان، فأخذ ذلك الإمام ونسخ في المصاحف التي بعث بها إلى الكوفة وكان الناس متروكين على قراءة ما يحفظون من قراءتهم المختلفة حتى خيف الفساد، فجمعوا على القراءة التي نحن عليها.
قال: والمشهور عند الناس أن جامع القرآن عثمان رضي الله عنه، وليس كذلك إنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد على اختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار لما خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات والقرآن.
وأما قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن.
فأما السابق إلى جمع الجملة فهو الصديق.
روى عن علي أنه قال: "رحم الله أبا بكر هو أول من جمع بين اللوحين" ولم يحتج الصحابة في أيام أبي بكر وعمر إلى جمعه على وجه ما جمعه عثمان؛ لأنه لم يحدث في أيامهما من الخلاف فيه ما حدث في زمن عثمان، ولقد وفق لأمر عظيم ورفع الاختلاف وجمع الكلمة وأراح الأمة.
وأما تعلق الروافض بأن عثمان أحرق المصاحف؛ فإنه جهل منهم وعمى فإن هذا من فضائله وعلمه، فإنه أصلح ولم الشعث، وكان ذلك واجبا عليه ولو تركه لعصى لما فيه من التضييع وحاشاه من ذلك وقولهم إنه سبق إلى ذلك ممنوع لما بيناه أنه كتب في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الرقاع والأكتاف وأنه في زمن الصديق جمعه في حرف واحد.
قال: وأما قولهم إنه أحرق المصاحف فإنه غير ثابت، ولو ثبت لوجب حمله على أنه أحرق مصاحف قد أودعت ما لا يحل قراءته، وفي الجملة إنه إمام عدل غير معاند ولا طاعن في التنزيل ولم يحرق إلا ما يجب إحراقه؛ ولهذا لم ينكر عليه أحد ذلك بل رضوه وعدوه من مناقبه، حتى قال علي: "لو وليت ما ولى عثمان لعملت بالمصاحف ما عمل". انتهي ملخصا). [البرهان في علوم القرآن:1/237-240](م)
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وأسند البيهقي في "كتاب المدخل" و"الدلائل" عن زيد بن ثابت قال: (كنا حول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نؤلف القرآن، إذ قال: ((طوبى للشام))، فقيل له: ولم؟ قال: ((لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليه)).
زاد في "الدلائل" ((نؤلف القرآن في الرقاع)).
قال: وهذا يشبه أن يكون المراد به تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها وجمعها فيها بإشارة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وقل: فيه البيان الواضحأن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة:
1- فقد جمع بعضه بحضرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
2- ثم جمع بحضرة أبي بكر الصديق،
3- والجمع الثالث وهو ترتيب السور كان بحضرة عثمان.). [البرهان في علوم القرآن:1/256] (م
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (النوع الثالث عشر: في بيان جمعه ومن حفظه من الصحابة رضي الله عنهم
قال ابن عباس: قلت لعثمان ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)؟ قال عثمان كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يأتي عليه الزمان وتنزل عليه السور وكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتبه، فقال: ضعوا هذه الآيات في السورةالتي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل من المدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها فقبض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ثم كتبت".
فثبت أن القرآن كان على هذا التأليف والجمع في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنما ترك جمعه في مصحف واحد لأن النسخ كان يرد على بعض فلو جمعه ثم رفعت تلاوة بعض لأدى إلى الاختلاف، واختلاط الدين، فحفظه الله في القلوب إلى انقضاء زمان النسخ، ثم وفق لجمعه الخلفاء الراشدين). [البرهان في علوم القرآن: 1/233-235](م)

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (تنبيه ترتيب وضع السور في المصحف
لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تطلع على أنه توقيفي صادر عن حكيم:
أحدها: بحسب الحروف كما في الحواميم.
وثانيها: لموافقة أول السورة لآخر ما قبلها كآخر الحمد في المعنى وأول البقرة.
وثالثها: للوزن في اللفظ كآخر تبت وأول الإخلاص.
ورابعها: لمشابهة جملة السورة لجملة الأخرى مثل: {وَالضُّحَى} و: {أَلَمْ نَشْرَحْ}.
قال بعض الأئمة:
1-وسورة الفاتحة تضمنت: الإقرار بالربوبية، والالتجاء إليه في دين الإسلام، والصيانة عن دين اليهودية والنصرانية.
2-وسورة البقرة تضمنت: قواعد الدين، وآل عمران مكملة لمقصودها:
- فالبقرة: بمنزلة إقامة الدليل على الحكم.
- وآل عمران: بمنزلة الجواب عن شبهات الخصوم.
ولهذا قرن فيها ذكر المتشابه منها بظهور الحجة والبيان، فإنه نزل أولها في آخر الأمر لما قدم وفد نجران النصارى، وآخرها يتعلق بيوم أحد.
والنصارى تمسكوا بالمتشابه فأجيبوا عن شبههم بالبيان، ويوم أحد تمسك الكفار بالقتال فقوبلوا بالبيان. وبه يعلم الجواب لمن تتبع المتشابه من القول والفعل. وأوجب الحج في آل عمران، وأما في البقرة فذكر أنه مشروع وأمر بتمامه بعد الشروع فيه؛ ولهذا ذكر البيت والصفا والمروة.
وكان خطاب النصارى في آل عمران أكثر كما أن خطاب اليهود في البقرة أكثر؛ لأن التوراة أصل، والإنجيل فرع لها، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما هاجر إلى المدينة دعا اليهود وجاهدهم، وكان جهاده للنصارى في آخر الأمر، كما كان دعاؤه لأهل الشرك قبل أهل الكتاب؛ ولهذا كانت السور المكية فيها الدين الذي اتفق عليه الأنبياء فخوطب بها جميع الناس، والسور المدنية فيها خطاب من أقر بالأنبياء من أهل الكتاب والمؤمنين، فخوطبوا: يا أهل الكتاب، يا بني إسرائيل.
3-وأما سورة النساء فتتضمن: جميع أحكام الأسباب التي بين الناس، وهي نوعان:
مخلوقة لله تعالى، ومقدورة لهم كالنسب والصهر؛ ولهذا افتتحها الله بقوله: {رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}، ثم قال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ}، وبين الذين يتعاهدون، ويتعاقدون فيما بينهم، وما تعلق بذلك من أحكام الأموال، والفروج، والمواريث، ومنها العهود التي حصلت بالرسالة، والتي أخذها الله على الرسل.
4- وأما المائدة: فسورة العقود، وبهن تمام الشرائع، قالوا: وبها تم الدين، فهي: سورة التكميل. بها ذكر الوسائل، كما في الأنعام والأعراف ذكر المقاصد، كالتحليل والتحريم: كتحريم الدماء، والأموال، وعقوبة المعتدين،
وتحريم الخمر: من تمام حفظ العقل والدين، وتحريم الميتة، والدم، والمنخنقة،
وتحريم الصيد: على المحرم من تمام الإحرام،
وإحلال الطيبات: من تمام عبادة الله؛ ولهذا ذكر فيها ما يختص بشريعة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كالوضوء والحكم بالقرآن، فقال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً}، وذكر أنه من ارتد عوض الله بخير منه. ولا يزال هذا الدين كاملا؛ ولهذا قيل: إنها آخر القرآن نزولا، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها.
وهذا الترتيب بين هذه السور الأربع المدنيات: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة من أحسن الترتيب، وهو ترتيب المصحف العثماني، وإن كان مصحف عبد الله بن مسعود قدمت فيه سورة النساء على آل عمران، وترتيب بعضها بعد بعض، ليس هو أمرا أوجبه الله بل أمر راجع إلى اجتهادهم واختيارهم؛ ولهذا كان لكل مصحف ترتيب، ولكن ترتيب المصحف العثماني أكمل، وإنما لم يكتب في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مصحف لئلا يفضى إلى تغييره كل وقت فلهذا تأخرت كتابتة إلى أن كمل نزول القرآن بموته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكتب أبو بكر والصحابة بعده، ثم نسخ عثمان المصاحف التي بعث بها إلى الأمصار). [البرهان في علوم القرآن:1/260-262] (م)

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وأما ما يتعلق بترتيبه:
فأما الآيات في كل سورة وضع البسملة أوائلها فترتيبها توقيفي بلا شك، ولا خلاف فيه؛ ولهذا لا يجوز تعكيسها.
قال مكي وغيره: ترتيب الآيات في السور هو من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة.
وقال القاضي أبو بكر: ترتيب الأيات أمر واجب وحكم لازم، فقد كان جبريل يقول: ((ضعوا آية كذا في موضع كذا)).
وأسند البيهقي في "كتاب المدخل" و"الدلائل" عن زيد بن ثابت قال: (كنا حول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نؤلف القرآن، إذ قال: ((طوبى للشام))، فقيل له: ولم؟ قال: ((لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليه)).
زاد في "الدلائل" ((نؤلف القرآن في الرقاع)).
قال: وهذا يشبه أن يكون المراد به تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها وجمعها فيها بإشارة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وقل: فيه البيان الواضحأن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة:
1- فقد جمع بعضه بحضرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
2- ثم جمع بحضرة أبي بكر الصديق،
3- والجمع الثالث وهو ترتيب السور كان بحضرة عثمان.
واختلف في الحرف الذي كتب عثمان عليه المصحف:
فقيل: حرف زيد بن ثابت، وقيل: حرف أبي بن كعب؛ لأنه العرضة الأخيرة التي قرأها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعلى الأول أكثر الرواة، ومعنى حرف زيد، أي: قراءته وطريقته.
وفي كتاب "فضائل القرآن" لأبى عبيد عن أبي وائل، قيل لابن مسعود: إن فلانا يقرأ القرآن منكوسا، فقال: ذاك منكوس القلب. رواه البيهقي). [البرهان في علوم القرآن:1/256] (م)

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (النوع الرابع عشر: معرفة تقسيمه بحسب سوره وترتيب السور والآيات وعددها
[تقسيم القرآن بحسب سوره]
قال العلماء رضي الله عنهم: القرآن العزيز، أربعة أقسام:
1-الطول
2-والمئون
3-والمثاني
4-والمفصل.

وقد جاء ذلك في حديث مرفوع أخرجه أبو عبيد من جهة سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ((أعطيت السبع الطول مكان التوراة وأعطيت المئين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل)).
وهو حديث غريب وسعيد بن بشير فيه لين وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" عن عمران عن قتادة به).
1- فالسبع الطول: أولها البقرة وآخرها براءة؛ لأنهم كانوا يعدون الأنفال وبراءة سورة واحدة، ولذلك لم يفصلوا بينهما؛ لأنهما نزلتا جميعا في مغازي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
* وسميت طولا:
لطولها وحكي عن سعيد بن جبير، أنه عد السبع الطول: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس.

والطول: بضم الطاء، جمع طولى، كالكبر: جمع كبرى.
قال أبو حيان التوحيدي: وكسر الطاء مرذول.
2- والمئون: ما ولي السبع الطول سميت بذلك؛ لأن كل سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها.
3- والمثاني: ما ولي المئين وقد تسمى سور القرآن كلها مثاني، ومنه قوله تعالى {كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ}، {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي}.
وإنما سمي القرآن كله مثاني؛ لأن الأنباء والقصص تثنى فيه، ويقال: إن المثاني في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي} هي آيات سورة الحمد سماها مثاني؛ لأنها تثنى في كل ركعة.
4-والمفصل: ما يلي المثاني من قصار السور.
* سمي مفصلا: لكثرة الفصول التي بين السور ببسم الله الرحمن الرحيم، وقيل: لقلة المنسوخ فيه وآخره: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، وفي أوله اثنا عشر قولا:
أحدها: الجاثية.
ثانيها: القتال. وعزاه الماوردي للأكثرين.
ثالثها: الحجرات.
رابعها: ق. قيل: وهي أوله في مصحف عثمان رضي الله عنه.
وفيه حديث ذكره الخطابي في "غريبه" يرويه عيسى بن يونس، قال: حدثنا عبد الرحمن يعلى الطائفي، قال: حدثني عمر بن عبد الله بن أوس بن حذيفة عن جده أنه وفد على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وفد ثقيف، فسمع من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يحزب القرآن، قال: (وحزب المفصل من ق؟).
وقيل: إن أحمد رواه في "المسند".
وقال الماوردي في "تفسيره": حكاه عيسى بن عمر عن كثير من الصحابة للحديث المذكور.
الخامس: الصافات.
السادس: الصف.
السابع: تبارك. حكى هذه الثلاثة ابن أبي الصيف اليمني في "نكت التنبيه".
الثامن:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} حكاه الدذماري في شرح التنبيه المسمى "رفع التمويه".
التاسع:{الرَّحْمَنُ} حكاه ابن السيد في "أماليه على الموطأ" وقال: إنه كذلك في مصحف ابن مسعود،
قلت: رواه أحمد في "مسنده" كذلك.

العاشر:{هَلْ أَتَى عَلَى الأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}.
الحادي عشر:{سَبِّحِ} حكاه ابن الفركاح في "تعليقه عن المرزوقي".
الثاني عشر:{وَالضُّحَى} وعزاه الماوردي، لابن عباس، حكاه الخطابي في "غريبه" ووجهه: بأن القارئ يفصل بين هذه السور بالتكبير، قال: وهو مذهب ابن عباس وقراء مكة.
والصحيح عند أهل الأثر أن أوله: ق). [البرهان في علوم القرآن:1/244-246]

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ):(وأما ترتيب السور على ما هو عليه الآن، فاختلف: هل هو توقيف من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أو من فعل الصحابة؟ أو يفصل في ذلك ثلاثة أقوال:
1- مذهب جمهور العلماء: منهم مالك والقاضي أبو بكر بن الطيب فيما اعتمده، واستقر عليه رأيه من أحد قوليه إلى الثاني، وأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوض ذلك إلى أمته بعده.
2- وذهبت طائفة: إلى الأول والخلاف يرجع إلى اللفظ؛ لأن القائل بالثاني، يقول: إنه رمز إليهم بذلك؛ لعلمهم بأسباب نزوله، ومواقع كلماته؛ ولهذا قال الإمام مالك: إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مع قوله بأن ترتيب السور اجتهاد منهم،
فآل الخلاف إلى: أنه هل ذلك بتوقيف قولي أم بمجرد استناد فعلى وبحيث بقي لهم فيه مجال للنظر.
فإن قيل: فإذا كانوا قد سمعوه منه، كما استقر عليه ترتيبه، ففي ماذا أعملوا الأفكار؟ وأي مجال بقي لهم بعد هذا الاعتبار؟
قيل: قد روى مسلم في "صحيحه" عن حذيفة قال: (
صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة، فافتتح سورة البقرة فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلى بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران) الحديث.
فلما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ربما فعل هذا إرادة للتوسعة على الأمة وتبيانا لجليل تلك النعمة كان محلا للتوقف حتى استقر النظر على رأي ما كان من فعله الأكثر فهذا محل اجتهادهم في المسألة.
3- والقول الثالث: مال إليه القاضي أبو محمد بن عطية: أن كثيرا من السور كان قد علم ترتيبها في حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كالسبع الطوال، والحواميم، والمفصل، وأشاروا إلى أن ما سوى ذلك يمكن أن يكون فوض الأمر فيه إلى الأمة بعده.
وقال أبو جعفر بن الزبير:
الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية، ويبقى منها قليل يمكن أن يجرى فيه الخلاف، كقوله:
((اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران)). رواه مسلم.
ولحديث سعيد بن خالد: (صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسبع الطوال في ركعة). رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، وفيه: أنه عليه الصلاة والسلام كان يجمع المفصل في ركعة.
وروى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: (في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء إنهن من العتاق الأول وهن من تلادي). فذكرها نسقا كما استقر ترتيبها.
وفي "صحيح البخاري" أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، والمعوذتين.
وقال أبو جعفر النحاس: المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروى ذلك عن علي بن أبى طالب، ثم ساق بإسناده إلى أبى داود الطيالسي، حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أبى المليح الهذلي عن واثلة بن الأسقع، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطول وأعطيت مكان الزبور المئين وأعطيت مكان الإنجيل المثاني وفضلت بالمفصل)).
قال أبو جعفر: وهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه مؤلف من ذلك الوقت، وإنما جمع في المصحف على شيء واحد؛ لأنه قد جاء هذا الحديث بلفظ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تأليف القرآن، وفيه أيضا دليل على أن سورة الأنفال سورة على حدة، وليست من براءة). [البرهان في علوم القرآن:1/253-258]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (ولو حلف أن يقرأ القرآن على الترتيب لم يلزم إلا على هذا الترتيب، ولو نزل القرآن جملة واحدة كما اقترحوا عليه، لنزل على هذا الترتيب، وإنما تفرقت سوره وآياته نزولا لحاجة الناس إليها حالة بعد حالة؛ ولأن فيه الناسخ والمنسوخ ولم يكن ليجتمعا نزولا، وأبلغ الحكم في تفرقه ما قال سبحانه: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ}، وهذا أصل بني عليه مسائل كثيرة). [البرهان في علوم القرآن:1/258-259]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وقال القاضي أبو بكر بن الطيب: فإن قيل:قد اختلف السلف في ترتيب القرآن:
1- فمنهم من كتب في المصحف السور على تاريخ نزولها، وقدم المكي على المدني.
2- ومنهم جعل من أوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} وهو أول مصحف علي،
وأما مصحف ابن مسعود فأوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، ثم البقرة، ثم النساء على ترتيب مختلف، وفي مصحف أبي كان أوله الحمد، ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، ثم الأعراف، ثم المائدة على اختلاف شديد.
فالجواب: أنه يحتمل أن يكون ترتيب السور على ما هي عليه اليوم على وجه الاجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم، وذكر ذلك مكي في سورة براءة، وأن وضع البسملة في الأول هو من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.[البرهان في علوم القرآن:1/259-260] ؟
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وقال أبو بكر بن الأنباري: أنزل الله القرآن كله إلى سماء الدنيا ثم فرق في بضع وعشرين، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث، والآية جوابا لمستخبر، ويقف جبريل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على موضع السورة والآية، فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف كله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم لآيات.
قال القاضي أبو بكر: ومن نظم السور على المكي والمدني لم يدر أين يضع الفاتحة؛ لاختلافهم في موضع نزولها، ويضطر إلى تأخير الآية، في رأس خمس وثلاثين ومائتين من البقرة إلى رأس الأربعين، ومن أفسد نظم القرآن فقد كفر به). [البرهان في علوم القرآن:1/259-260]

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (فصل في عدد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه
قال الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران المقرئ: عدد سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة.

وقال: بعث الحجاج بن يوسف إلى قراء البصرة فجمعهم واختار منهم الحسن البصري وأبا العالية ونصر بن عاصم وعاصماً الجحدري ومالك بن دينار رحمة الله عليهم.
وقال: عدوا حروف القرآن فبقوا أربعة أشهر يعدون بالشعير، فأجمعوا على أن كلماته سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة، وأجمعوا على أن عدد حروفه ثلاثمائة ألف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا. انتهي.
وقال غيره: أجمعوا على أن عدد آيات القرآن ستة آلاف آية، ثم اختلفوا فيما زاد على ذلك على أقوال:
1- فمنهم من لم يزد على ذلك.
2- ومنهم من قال: ومائتا آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة آية.
3- وقيل: مائتان وتسع عشرة آية.
4- وقيل: مائتان وخمس وعشرون آية أو ست وعشرون آية.
5-وقيل: مائتان وست وثلاثون. حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتاب "البيان"). [البرهان في علوم القرآن:1/249]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ):(واعلم أن عدد سور القرآن العظيم باتفاق أهل الحل والعقد: مائة وأربع عشرة سورة، كما هي في المصحف العثماني: أولها الفاتحة وآخرها الناس.
وقال مجاهد: وثلاث عشرة بجعل الأنفال والتوبة سورة واحدة؛ لاشتباه الطرفين وعدم البسملة. ويرده تسمية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلا منهما.
وكان في مصحف ابن مسعود اثنا عشر لم يكن فيها المعوذتان لشبهة الرقية وجوابه رجوعه إليهم وما كتب الكل.
وفي مصحف أبي ست عشرة وكان دعاء الاستفتاح والقنوت في آخره كالسورتين. ولا دليل فيه لموافقتهم وهو دعاء كتب بعد الختمة). [البرهان في علوم القرآن: 1/251]




ترتيب الآيات والسور

قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (فصل
وأما ترتيب السور فهل هو توقيفي أيضا؟ أو هو باجتهاد من الصحابة؟
خلاف؛
1- فجمهور العلماء على الثاني، منهم مالك والقاضي أبو بكر في قوليه. قال ابن فارس: جمع القرآن على ضربين:
- أحدهما: تأليف السور كتقديم السبع الطوال وتعقيبها بالمئين فهذا هو الذي تولته الصحابة.
- وأما الجمع الآخر: وهو جمع الآيات في السور فهو توقيفي، تولاه النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبر به جبريل عن أمر ربه.
ومما استدل به لذلك: اختلاف مصاحف السلف في ترتيب السور؛ فمنهم من رتبها على النزول وهو مصحف علي،
كان أوله: اقرأ ثم المدثر ثم ن ثم المزمل ثم تبت ثم التكوير وهكذا إلى آخر المكي والمدني،
وكان أول مصحف ابن مسعود: البقرة ثم النساء ثم آل عمران على اختلاف شديد، وكذا مصحف أبي وغيره.
وأخرج ابن أشته في المصاحف من طريق إسماعيل بن عياش عن حبان ابن يحيى عن أبي محمد القرشي قال: أمرهم عثمان أن يتابعوا الطوال فجعلت سورة الأنفال وسورة التوبة في السبع، ولم يفصل بينهما بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)،
وذهب إلى الأول جماعة منهم القاضي في أحد قوليه،
قال أبو بكر الأنباري: أنزل الله القرآن كله إلى سماء الدنيا ثم فرقه في بضع وعشرين فكانت السورة تنزل لأمر يحدث والآية جوابا لمستخبر، ويوقف جبريل النبي صلى الله عليه وسلم على موضع الآية والسورة، فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف كله عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن.
وقال الكرماني في البرهان: ترتيب السور هكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب، وعليه كان يعرض على جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه، وعرضه عليه في السنة التي توفي فيها مرتين، وكان آخر الآيات نزولا: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} فأمره جبريل أن يضعها بين آيتي الربا والدين.
وقال الطيبي: أنزل القرآن أولا جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفرقا على حسب المصالح ثم أثبت في المصاحف على التأليف والنظم المثبت في اللوح المحفوظ.
قال الزركشي في البرهان: والخلاف بين الفريقين لفظي؛ لأن القائل بالثاني يقول: إنه رمز إليهم بذلك ليعلمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته، ولهذا قال مالك: "إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم" مع قوله بأن ترتيب السور باجتهاد منهم.
فآل الخلاف إلى أنه هل هو بتوقيف قولي؟ أو بمجرد استناد فعلي؟ بحيث بقي لهم فيه مجال للنظر، وسبقه إلى ذلك أبو جعفر بن الزبير،
وقال البيهقي في المدخل: كان القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرتبا سوره وآياته على هذا الترتيب إلا الأنفال وبراءة، لحديث عثمان السابق.
ومال ابن عطية إلى: أن كثيرا من السور كان قد علم ترتيبها في حياته صلى الله عليه وسلم كالسبع الطوال والحواميم والمفصل، وإن ما سوى ذلك يمكن أن يكون قد فوض الأمر فيه إلى الأمة بعده.
وقال أبو جعفر بن الزبير: الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية، ويبقى منها قليل يمكن أن يجري فيه الخلاف كقوله: ((اقرؤوا الزهراوين البقرة وآل عمران)) رواه مسلم.
وكحديث سعيد بن خالد: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبع الطوال في ركعة". رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وفيه أنه كان يجمع المفصل في ركعة.
وروى البخاري عن ابن مسعود أنه قال: "في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء إنهن من العتاق الأول وهن من تلادي" فذكرها نسقا كما استقر ترتيبها.
وفي البخاري: أنه كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين.
وقال أبو جعفر النحاس: المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لحديث واثلة ((أعطيت مكان التوراة السبع الطوال . . .)) الحديث.
قال: فهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه من ذلك الوقت وإنما جمع في المصحف على شيء واحد؛ لأنه قد جاء هذا الحديث بلفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم على تأليف القرآن.
وقال ابن الحصار: ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنما كان بالوحي.
وقال ابن حجر: ترتيب بعض السور على بعضها أو معظمها لا يمتنع أن يكون توقيفيا.
قال: ومما يدل على أن ترتيبها توقيفي ما أخرجه أحمد وأبو داود عن أوس بن أبي أوس حذيفة الثقفي قال: "كنت في الوفد الذين أسلموا من ثقيف..." الحديث وفيه: فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طرأ علي حزبي من القرآن فأردت ألا أخرج حتى أقضيه)) فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور وخمس سور وسبع سور وتسع سور وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل من ق حتى نختم".
قال: فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو في المصحف الآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: ويحتمل أن الذي كان مرتبا حينئذ حزب المفصل خاصة بخلاف ما عداه.
قلت: ومما يدل على أنه توقيفي:
كون الحواميم رتبت ولاء وكذا الطواسين ولم ترتب المسبحات ولاء بل فصل بين سورها وفصل بين طسم الشعراء وطسم القصص بطس مع أنها أقصر منهما، ولو كان الترتيب اجتهاديا لذكرت المسبحات ولاء وأخرت طس عن القصص.
والذي ينشرح له الصدر ما ذهب إليه البيهقي وهو: أن جميع السور ترتيبها توقيفي إلا براءة والأنفال ولا ينبغي أن يستدل بقراءته صلى الله عليه وسلم سورا ولاء على أن ترتيبها كذلك وحينئذ فلا يرد حديث قراءته النساء قبل آل عمران؛ لأن ترتيب السور في القراءة ليس بواجب فلعله فعل ذلك لبيان الجواز.
وأخرج ابن أشته في كتاب المصاحف من طريق ابن وهب عن سليمان ابن بلال قال: سمعت ربيعة يسأل لم قدمت البقرة وآل عمران؟ وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكة وإنما أنزلتا بالمدينة. فقال: قدمتا وألف القرآن على علم ممن ألفه به، ومن كان معه فيه واجتماعهم على علمهم بذلك فهذا مما ينتهي إليه ولا يسأل عنه). [الإتقان في علوم القرآن:2/405-411] (م)
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع السادس والتسعون: ترتيب الآي والسور
قلت: أول القرآن:
الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران على الترتيب إلى سورة الناس، وهكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب، وكان صلى الله عليه وسلم يعرض على جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه، وعرضه عليه في السنة التي توفي فيها مرتين، وكان آخر الآيات نزولاً:
{واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} فأمره جبريل أن يضعها بين آيتي الربا والدين. انتهى.
وكذا قال الطيبي: أنزل القرآن أولاً جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نزل متفرقاً على حسب المصالح، ثم أثبت في المصاحف على التأليف والنظم المثبت في اللوح المحفوظ.
وقال البيهقي في "المدخل": كان القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرتباً سوره وآياته على هذا الترتيب، إلا الأنفال وبراءة.
لما روى الحاكم وغيره عن ابن عباس قال: (قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين قفرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتموها في السبع الطوال فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، وكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب له، فيقول: ضعوا في السورة التي فيها كذا وكذا.
وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولاً، وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم).
وقال الحاكم: جمع القرآن ثلاث مرات:
إحداها: بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم روي عن زيد بن ثابت، قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع) – الحديث –.
وقال: صحيح على شرط الشيخين.
الثانية: بحضرة أبي بكر، فروى البخاري عن زيد بن ثابت قال: (أرسل إلي أبو بكر بقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر).
قال زيد: (قال أبو بكر: إنك شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن.
قلت: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير، ولم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم..}حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله تعالى، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر).
وروى وكيع عن السدي عن عبد خير عن علي، قال: (أعظم الناس أجراً في المصاحف: أبو بكر، كان أول من جمع بين اللوحين).
قال الحاكم: والجمع الثالث هو: ترتيب السور في زمن عثمان، فقد روى البخاري عن أنس: أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما أنزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
قال زيد: ففقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري:{من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه..}فألحقناها في سورتها بالمصحف ). [التحبير في علم التفسير:371-377](م)
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (فصل: الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي

لا شبهة في ذلك،
وأما الإجماع : فنقله غير واحد منهم؛ الزركشي في البرهان وأبو جعفر بن الزبير في مناسباته وعبارته ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه صلى الله عليه وسلم وأمره من غير خلاف في هذا بين المسلمين. انتهى.
وسيأتي من نصوص العلماء ما يدل عليه.
وأما النصوص:
- فمنها حديث زيد السابق: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع".
- ومنها ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس قال: "قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتموها في السبع الطول؟ فقال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تنزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وكانت الأنفال من أوائل ما نزل في المدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولا وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم) ووضعتها في السبع الطول".
- ومنها ما أخرجه أحمد بإسناد حسن عن عثمان بن أبي العاص قال: "كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ شخص ببصره ثم صوبه ثم قال: أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية هذا الموضع من هذه السورة {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى} إلى آخرها".
- ومنها ما أخرجه البخاري عن ابن الزبير قال: "قلت لعثمان: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها. قال: يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه".
- ومنها ما رواه مسلم عن عمر قال: "ما سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة حتى طعن بإصبعه في صدري وقال: ((تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء)) ".
- ومنها الأحاديث في خواتيم سورة البقرة.
- ومنها ما رواه مسلم عن أبي الدرداء مرفوعا: ((من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال)). وفي لفظ: عنده: ((من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف)).
ومن النصوص الدالة على ذلك إجمالا ما ثبت من قراءته صلى الله عليه وسلم لسور عديدة كسورة البقرة وآل عمران والنساء، في حديث حذيفة والأعراف في صحيح البخاري أنه قرأها في المغرب.
و{قد أفلح} روى النسائي أنه قرأها في الصبح حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون أخذته سعلة فركع.
والروم روى الطبراني أنه قرأها في الصبح و{ألم تنزيل} و{هل أتى على الإنسان} روى الشيخان أنه كان يقرؤهما في صبح الجمعة.
و{ق} في صحيح مسلم أنه كان يقرؤها في الخطبة.
و{الرحمن} في المستدرك وغيره أنه قرأها على الجن.
و{النجم} في الصحيح قرأها بمكة على الكفار وسجد في آخرها.
و{اقتربت} عند مسلم أنه كان يقرؤها مع ق في العيد.
والجمعة والمنافقون في مسلم أنه كان يقرأ بهما في صلاة الجمعة.
والصف في المستدرك عن عبد الله بن سلام أنه صلى الله عليه وسلم قرأها عليهم حين أنزلت حتى ختمها.
في سور شتى من المفصل تدل قراءته صلى الله عليه وسلم لها بمشهد من الصحابة أن ترتيب آياتها توقيفي وما كان الصحابة ليرتبوا ترتيبا سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على خلافه، فبلغ ذلك مبلغ التواتر.
نعم يشكل على ذلك ما أخرجه ابن أبي داود في المصاحف من طريق محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: "أتى الحارث ابن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر سورة براءة فقال: أشهد أني سمعتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيتهما. فقال عمر: وأنا أشهد لقد سمعتهما، ثم قال: لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة فانظروا آخر سورة من القرآن فألحقوها في آخرها".
قال ابن حجر: ظاهر هذا أنهم كانوا يؤلفون آيات السور باجتهادهم، وسائر الأخبار تدل على أنهم لم يفعلوا شيئا من ذلك إلا بتوقيف.
قلت: يعارضه ما أخرجه ابن أبي داود أيضا من طريق أبي العالية عن أبي بن كعب: أنهم جمعوا القرآن فلما انتهوا إلى الآية التي في سورة براءة {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون} ظنوا أن هذا آخر ما أنزل فقال أبي: إن رسول الله أقرأني بعد هذا آيتين {لقد جاءكم رسول} إلى آخر السورة.
وقال مكي وغيره: ترتيب الآيات في السور بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة .
وقال القاضي أبو بكر في الانتصار: ترتيب الآيات أمر واجب وحكم لازم فقد كان جبريل يقول: ((ضعوا آية كذا في موضع كذا)).
وقال أيضا: الذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذي أنزله الله وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ولا رفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين الذي حواه مصحف عثمان، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه، وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله تعالى ورتبه عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر ولا أخر منه مقدم. وإن الأمة ضبطت عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها كما ضبطت عنه نفس القراءات وذات التلاوة، وإنه يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد رتب سوره وأن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده ولم يتول ذلك بنفسه. قال: وهذا الثاني أقرب.
وأخرج [1] . . . عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول: إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال البغوي في شرح السنة: الصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزله الله على رسوله، من غير أن زادوا أو نقصوا منه شيئا خوف ذهاب بعضه بذهاب حفظته، فكتبوه كما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، من غير أن قدموا شيئا أو أخروا أو وضعوا له ترتيبا لم يأخذوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقن أصحابه ويعلمهم ما نزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا، بتوقيف جبريل إياه على ذلك، وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقب آية كذا في سورة كذا، فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد لا في ترتيبه؛ فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب، أنزله الله جملة إلى السماء الدنيا ثم كان ينزله مفرقا عند الحاجة وترتيب النزول غير ترتيب التلاوة.
وقال ابن الحصار: ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنما كان بالوحي؛ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((ضعوا آية كذا في موضع كذا))، وقد حصل اليقين من النقل المتواتر بهذا الترتيب من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومما أجمع الصحابة على وضعه هكذا في المصحف). [الإتقان في علوم القرآن: 2/404](م)
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ):
(النوع التاسع عشر:
في عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه
* أما سوره: فمائة وأربع عشرة سورة، بإجماع من يعتد به.
وقيل وثلاث عشرة بجعل الأنفال وبراءة سورة واحدة). [الإتقان في علوم القرآن: 2/422-428] (م)



قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): ((التنبيه العاشر) اعلم أن ترتيب السورة وتسميتها وترتيب آيها وعدد السور مسموع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومأخوذ عنه وهو عن جبريل فكان جبريل يعلمه عند نزول كل آية أن هذه تكتب عقب آية كذا في سورة كذا وجمعته الصحابة من غير زيادة ولا نقصان وترتيب نزوله في التلاوة والمصحف وترتيبه في اللوح المحفوظ كما هو في مصاحفنا كل حرف كجبل قاف ولم يزل يتلقى القرآن العدول عن مثلهم إلى أن وصل إلينا وأدوه أداءً شافيًا ونقله عنهم أهل الأمصار وأدوه إلى الأئمة الأخيار وسلكوا في نقله وأدائه الطريق التي سلكوها في نقل الحروف وأدائها من التمسك بالتعليم والسماع دون الاستنباط والاختراع ولذلك صار مضافًا إليهم وموقوفًا عليهم إضافة تمسك ولزوم واتباع لا إضافة استنباط ورأى واختراع بل كان بإعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه فعنه أخذوا رؤوس الآي آية آية وقد أفصح الصحابة بالتوقيف بقولهم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا العشر فلا نتجاوزها إلى عشر أخر حتى نتعلم ما فيها من العلم والعمل وتقدم أن عبد الله بن عمر قام على حفظ سورة البقرة ثمان سنين أخرجه مالك في موطئه وما نقل عن الصحابة فالنفس إليه أميل مما نقل عن التابعين لأن قول الصحابي كذا له حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم خصوصًا من دعا له النبي صلى الله عليه وسلم كابن عباس حيث قال له اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل قال ابن عباس قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأيت جبريل لم يره خلق إلا عَمِي إلاَّ أن يكون نبيًا ولكن يكون ذلك في آخر عمرك).[منار الهدى: 21]

قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ):(الفصل الرابع: في معنى السورة والحرف والكلمة وعدد كلٍّ
اعلم أن السورة تهمز ولا تهمز، فمن همزها جعلها من أسْأرَتُ أي أفْضَلْتُ من السؤر وهو ما بقي من الشراب في الإناء كأنها قطعة(31) من القرآن.
ومن لم يهمزها سهَّل همزتها بإبدالها واوًا، ومنهم من يشبِّهها بسُور البناء أي القطعة منه أي منزلة بعد منزلة.
وقيل: من سور المدينة لإحاطتها بآياتها واجتماعها بها كاجتماع البيوت بالسور ومنه السِّوار لإحاطته بالساعد وقيل لارتفاعها لأنها كلام الله والسورةُ المُنْزِلَةُ الرفيعة قال النابغة(32):

ألم ترَ أنَّ الله أعطاكَ سـورةً ... تَرى كُلُّ مَلَكٍ دونَها يَتَذَبْذَبُ
وقيل: لتركيب بعضها على بعض من التَّسوُّر بمعنى التصاعد، والتركيب ومنه {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}.
وقال الجعبري: حد السورة قران يشتمل على
آي ذي فاتحة وخاتمه وأقلها ثلاث آيات.
وقال غيره: السورة الطائفة المترجمة توقيفًا أي المسماة باسم خاص بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد ثبت أن جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار انتهى من الإتقان). [القول الوجيز: 110-124] ؟
- قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلِيّ مُوسَى (ت: 1429هـ): ( (31) لأنها قطعت من القرآن الكريم على حدة.
(32) هو النابغة الذبياني والبيت في ديوانه وقد ذكره السيوطي في الإتقان [ج1 ص1 150].

ومعنى البيت: أن الله أعطاك منزلة شرفٍ ارتفعت إليها عن منازل الملوك). [شرح القول الوجيز:؟؟]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (وعدد سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة بالإجماع على ما كتبوها في المصاحف الموَجّه بها إلى الأمصار من غير خلاف.
وأما ما روي عن عطاء عن ابن عباس من أن القرآن مائة وثلاث عشرة سورة فمؤوَّل بعدِّ الأنفال وبراءة سورة واحدة وعلى ذلك قيل: السبع الطوال وهي البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال بالتوبة.
وأن ما روي من أن مصحف عبد الله بن مسعود كان مائة واثنتي عشرة سورة بإسقاط المعوذتين، وقيل: إحدى عشرة سورة بإسقاط المعوذتين والفاتحة فقيل: إنه ترك كتابة المعوذتين لمَّا رأى النبي صلى الله عليه وسلم يعوّذُ الحسنَ والحسين وغيرهما بهما ويأمر الناس أن يعوذوا بهما وتبعه الناس على ذلك وأجمعوا على التعوذ بهما حنى استفاض ذلك فيهم فلم يَخَفْ عليهما الذهاب لأنه كان غرضه بالجمع ما يُخاف ذهابه ولم يودع مصحفه فاتحة الكتاب أيضًا لشهرتها واستفاضتها وكثرة تلاوتها في الصلاة وغيرها، فلمَّا كتب عثمان المصاحف أثبت المعوذتين والفاتحة.
وأما ما روي أن مصحف أبيّ بن كعب كان مائة وست عشرة سورة حيث كتب في آخره سورتي الحفد والخلع يعني القنوت وهما [بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ] اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك [بسم الله الرحمن الرحيم] اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونَحْفِدُ، نرجوا رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق.
وقد انعقد الإجماع على أنهما ليستا من القرآن ولا يُظَن بأبيّ أنه يعتقد قرآنيتهما وإنما أثبتهما كما أُثْبِتَتْ الدعَوات محافظة عليهما لما ورد من أن جبريل نول بهما على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة مع قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية، لما قنت يدعو على مضر كما رواه السيوطي في الإتقان عن البيهقي ورواه أبو داود في المراسيل عن خالد بن أبي عمران). [القول الوجيز: 110-124] ؟
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (تنبيه: قيل: الحكمة في تسوير سور القرآن هو تحقيق كون السورة بمجردها معجزة وآية من آيات الله والإشارة إلى أن كل سورة نمط مستقل فسورة يوسف تترجم عن قصته وسورة براءة تترجم عن أحوال المنافقين وأسرارهم إلى غير ذلك.
وسوَّر السور
(33) طوالًا وأوساطًا وقصارًا تنبيهًا على أن الطوال ليس من شرط الإعجاز؛ فهذه سورة الكوثر ثلاث آيات وهي معجزة إعجاز سورة البقرة.
ثم ظهرت لذلك حكمة في التعليم وتدرج الأطفال من السور القصار إلى ما فوقها تيسيرًا من اله على عباده لحفظ كتابه انتهى من الإتقان، وقال فيه أيضًا
: (34) وقد انعقد الإجماع على أن ترتيب السور والآيات توقيفي).[القول الوجيز: 110-124] ؟
- قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلِيّ مُوسَى (ت: 1429هـ): ((33) يعني أن سور القرآن بعضها طوالًا وأوساطًا وقصارًا.
(34) [الإتقان:ج1 ص172] وفيه قوله: ( الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي فذكر الإجماع بالنسبة للآيات
وفي [صفحة 176] ذكر ترتيب السور حيث قال: أما ترتيب السور فهل هو توقيفي أو هو اجتهاد من الصحابة وذكر أن الجمهور على انه باجتهاد الصحابة رضي الله عنهم وذكر أقوال العلماء في ذلك ثم قال: والذي اختاره ما ذكره لين الأنباري (أن اتساق السور كاتساق الآيات والحروف كلها عم النبي صلى الله عليه وسلم فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن وقول مالك رضي الله عنه: (إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم) مع قوله بأن ترتيب السور باجتهاد منهم فآل الخلاف إلى أنه هل هو بتوقيف قوليّ أو بمجرد إسناد فعلي بحيث يبقى لهم فيه مجال النظر وسبقه إلى ذلك أبو جعفر بن الزبير. [انظر الإتقان ج1 ص 176]). [شرح القول الوجيز:؟؟]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (
قال أبو بكر بن الأنباري أنزل الله القرآن كله إلى السماء الدنيا ثم فقه في بضعٍ وعشرين سنة؛ فكانت السورة تنزل لأمر لأمر يحدث والآية جوابًا لمستخبر، ويوقف جبريل النبي صلى الله عليه وسلم على موضع الآيات الآية والسورة؛ فاتساق السورةكاتساق الآيات والحروف كلُّه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن.
وقال الكرماني في كتابه البرهان: ترتيب السور هكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب وعليه كان النبي صلى الله عليه وسلم يَعْرضُ على جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده وعرضه عليه في السنة التي تُوفي فيها مرتين وكان آخر الآيات نزولًا {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} فأمره جبريل أن يضعها بين آيتي الربا والدَّين
(35). ). [القول الوجيز: 110-124]
- قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلِيّ مُوسَى (ت: 1429هـ): ((35)[الإتقان ج1 ص 83].
والخلاصة أن ترتيب السور كما هو عليه في المصحف واجب الاتباع وإن كان في بعضه أو معظمه يعود إلى ترتيب الصحابة رضوان الله عليهم، وانعقد الإجماع عليه في الأجيال المتتالية التي جاءت من بعدهم حتى عصرنا هذا، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن وبناء عليه فمن يحاول أن يرتب سور القرآن ترتيبًا جديدًا فقد خالف الإجماع ولا يجوز، وأما ترتيب الآيات ترتيبًا جديدًا فالأمر فيه أشد، وهو محظور بإجماع المسلمين بل قد حكم بعضهم بكفر من يفعل ذلك لأن ترتيب الآيات كان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بناء على أمر جبريل. والله أعلم).
[شرح القول الوجيز:؟؟]


قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وعن طاوسٍ وعمر بن عبد العزيز أنّهما كانا يقولان: ({ألم نشرح}[الشرح :1]من سورة الضّحى).
وكانا يقرءانهما بالرّكعة الواحدة لا يفصلان بينهما يعني في الصّلاة المفروضة وهذا شذوذٌ مخالفٌ لما اتّفقت عليه الأمّة من تسوير المصحف الإمام).[التحرير والتنوير:30/407](م)


رد مع اقتباس