عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 03:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ليس عليك هداهم ولكنّ اللّه يهدي من يشاء وما تنفقوا من خيرٍ فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه اللّه وما تنفقوا من خيرٍ يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون (272) للفقراء الّذين أحصروا في سبيل اللّه لا يستطيعون ضربًا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التّعفّف تعرفهم بسيماهم لا يسألون النّاس إلحافًا وما تنفقوا من خيرٍ فإنّ اللّه به عليمٌ (273) الّذين ينفقون أموالهم باللّيل والنّهار سرًّا وعلانيةً فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون (274)}
قال أبو عبد الرّحمن النّسائيّ: أخبرنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد الرّحيم، أخبرنا الفريابي، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن جعفر بن إياسٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: «كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين فسألوا، فرخّص لهم، فنزلت هذه الآية: {ليس عليك هداهم ولكنّ اللّه يهدي من يشاء وما تنفقوا من خيرٍ فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه اللّه وما تنفقوا من خيرٍ يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون}» ،وكذا رواه أبو حذيفة، وابن المبارك، وأبو أحمد الزّبيريّ، وأبو داود الحفري، عن سفيان -وهو الثّوريّ -به.
وقال ابن أبي حاتمٍ: أخبرنا أحمد بن القاسم بن عطيّة، حدّثني أحمد بن عبد الرّحمن -يعني الدّشتكيّ -حدّثني أبي، عن أبيه، حدّثنا أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «أنّه كان يأمر بألّا يتصدق إلّا على أهل الإسلام، حتّى نزلت هذه الآية: {ليس عليك هداهم} إلى آخرها، فأمر بالصّدقة بعدها على كلّ من سألك من كلّ دينٍ». وسيأتي عند قوله تعالى: {لا ينهاكم اللّه عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين ولم يخرجوكم من دياركم} الآية [الممتحنة:8] حديث أسماء بنت الصّديق في ذلك إن شاء اللّه تعالى.
وقوله: {وما تنفقوا من خيرٍ فلأنفسكم} كقوله: {من عمل صالحًا فلنفسه} [فصّلت: 46، الجاثية: 15] ونظائرها في القرآن كثيرةٌ.
وقوله: {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه اللّه} قال الحسن البصريّ: «نفقة المؤمن لنفسه، ولا ينفق المؤمن -إذا أنفق -إلّا ابتغاء وجه اللّه».
وقال عطاءٌ الخراسانيّ: «يعني إذا أعطيت لوجه اللّه، فلا عليك ما كان عمله» وهذا معنًى حسنٌ، وحاصله أنّ المتصدّق إذا تصدّق ابتغاء وجه اللّه فقد وقع أجره على اللّه، ولا عليه في نفس الأمر لمن أصاب: ألبرّ أو فاجرٍ أو مستحقٍّ أو غيره، هو مثابٌ على قصده، ومستند هذا تمام الآية: {وما تنفقوا من خيرٍ يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون} والحديث المخرّج في الصّحيحين، من طريق أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: «قال رجلٌ: لأتصدّقنّ اللّيلة بصدقةٍ، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانيةٍ، فأصبح النّاس يتحدّثون: تصدق على زانيةٍ! فقال: اللّهمّ لك الحمد على زانيةٍ، لأتصدّقنّ اللّيلة بصدقةٍ، فخرج بصدقته فوضعها في يد غنيٍّ، فأصبحوا يتحدّثون: تصدق اللّيلة على غني! فقال: اللّهمّ لك الحمد على غنيٍّ، لأتصدّقنّ اللّيلة بصدقةٍ، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارقٍ، فأصبحوا يتحدّثون: تصدق اللّيلة على سارقٍ! فقال: اللّهمّ لك الحمد على زانيةٍ، وعلى غنيٍّ، وعلى سارقٍ، فأتي فقيل له: أمّا صدقتك فقد قبلت؛ وأمّا الزّانية فلعلّها أن تستعفّ بها عن زناها، ولعلّ الغنيّ يعتبر فينفق ممّا أعطاه اللّه، ولعلّ السّارق أن يستعفّ بها عن سرقته» ). [تفسير ابن كثير: 1/ 703-704]

تفسير قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {للفقراء الّذين أحصروا في سبيل اللّه} يعني: المهاجرين الّذين قد انقطعوا إلى اللّه وإلى رسوله، وسكنوا المدينة وليس لهم سببٌ يردّون به على أنفسهم ما يغنيهم و {لا يستطيعون ضربًا في الأرض} يعني: سفرًا للتّسبّب في طلب المعاش. والضّرب في الأرض: هو السّفر؛ قال اللّه تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا من الصّلاة} [النّساء: 101]، وقال تعالى: {علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل اللّه وآخرون يقاتلون في سبيل اللّه} الآية [المزّمّل: 20].
وقوله: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التّعفّف} أي: الجاهل بأمرهم وحالهم يحسبهم أغنياء، من تعفّفهم في لباسهم وحالهم ومقالهم. وفي هذا المعنى الحديث المتّفق على صحّته، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ليس المسكين بهذا الطواف الذي ترده التمرة والتّمرتان، واللّقمة واللّقمتان، والأكلة والأكلتان، ولكنّ المسكين الّذي لا يجد غنًى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل النّاس شيئًا». وقد رواه أحمد، من حديث ابن مسعودٍ أيضًا.
وقوله: {تعرفهم بسيماهم} أي: بما يظهر لذوي الألباب من صفاتهم، كما قال اللّه تعالى: {سيماهم في وجوههم} [الفتح: 29]، وقال: {ولتعرفنّهم في لحن القول} [محمّدٍ: 30]. وفي الحديث الّذي في السّنن: «اتّقوا فراسة المؤمن، فإنّه ينظر بنور اللّه»، ثمّ قرأ: {إنّ في ذلك لآياتٍ للمتوسّمين} [الحجر: 75].
وقوله: {لا يسألون النّاس إلحافًا} أي: لا يلحون في المسألة ويكلّفون النّاس ما لا يحتاجون إليه، فإنّ من سأل وله ما يغنيه عن السّؤال، فقد ألحف في المسألة؛ قال البخاريّ: حدّثنا ابن أبي مريم، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شريك بن أبي نمرٍ: أنّ عطاء بن يسار وعبد الرّحمن بن أبي عمرة الأنصاريّ قالا سمعنا أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ليس المسكين الّذي تردّه التّمرة والتّمرتان، ولا اللّقمة واللّقمتان، إنّما المسكين الّذي يتعفّف؛ اقرؤوا إن شئتم -يعني قوله-: {لا يسألون النّاس إلحافًا}».
وقد رواه مسلم، من حديث إسماعيل بن جعفرٍ المدينيّ، عن شريك بن عبد اللّه بن أبي نمر، عن عطاء بن يسارٍ -وحده -عن أبي هريرة، به.
وقال أبو عبد الرّحمن النّسائيّ: أخبرنا عليّ بن حجرٍ، حدّثنا إسماعيل، أخبرنا شرّيكٌ -وهو ابن أبي نمرٍ -عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «ليس المسكين الّذي تردّه التّمرة والتّمرتان، واللّقمة واللّقمتان، إنّما المسكين المتعفّف؛ اقرؤوا إن شئتم: {لا يسألون النّاس إلحافًا}».
وروى البخاريّ من حديث شعبة، عن محمّد بن زيادٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، نحوه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني ابن أبي ذئبٍ، عن أبي الوليد، عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «ليس المسكين بالطّوّاف عليكم، فتطعمونه لقمةً لقمةً، إنّما المسكين المتعفّف الّذي لا يسأل النّاس إلحافًا».
وقال ابن جريرٍ: حدّثني معتمرٌ، عن الحسن بن ماتك عن صالح بن سويدٍ، عن أبي هريرة قال: «ليس المسكين الطّوّاف الّذي تردّه الأكلة والأكلتان، ولكنّ المسكين المتعفّف في بيته، لا يسأل النّاس شيئًا تصيبه الحاجة؛ اقرؤوا إن شئتم: {لا يسألون النّاس إلحافًا}».
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدّثنا أبو بكر الحنفيّ، حدّثنا عبد الحميد بن جعفرٍ، عن أبيه، عن رجلٍ من مزينة، أنّه قالت له أمّه: «ألا تنطلق فتسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه سلّم كما يسأله النّاس؟ فانطلقت أسأله، فوجدته قائمًا يخطب، وهو يقول: «ومن استعفّ أعفّه اللّه، ومن استغنى أغناه اللّه، ومن يسأل النّاس وله عدل خمس أواقٍ فقد سأل النّاس إلحافًا». فقلت بيني وبين نفسي: لناقةٌ لي خيرٌ من خمس أواقٍ، ولغلامه ناقةٌ أخرى فهي خيرٌ من خمس أواقٍ فرجعت ولم أسأل».
وقال الإمام أحمد: حدّثنا قتيبة، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي الرّجال، عن عمارة بن غزيّة، عن عبد الرّحمن بن أبي سعيدٍ، عن أبيه قال: سرّحتني أمّي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أسأله، فأتيته فقعدت، قال: فاستقبلني فقال: «استغنى أغناه اللّه، ومن استعفّ أعفّه اللّه، ومن استكفّ كفاه اللّه، ومن سأل وله قيمة أوقيّةٍ فقد ألحف». قال: فقلت: ناقتي الياقوتة خيرٌ من أوقيّةٍ. فرجعت ولم أسأله.
وهكذا رواه أبو داود والنّسائيّ، كلاهما عن قتيبة. زاد أبو داود: وهشام بن عمّارٍ كلاهما عن عبد الرّحمن بن أبي الرّجال بإسناده، نحوه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو الجماهير، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي الرّجال، عن عمارة بن غزيّة، عن عبد الرّحمن بن أبي سعيدٍ قال: قال أبو سعيدٍ الخدريّ: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من سأل وله قيمة وقيّةٍ فهو ملحفٌ» والوقيّة: أربعون درهمًا.
وقال أحمد: حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن رجلٍ من بني أسدٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من سأل وله أوقيّةٌ -أو عدلها -فقد سأل إلحافًا».
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا سفيان، عن حكيم بن جبيرٍ، عن محمّد بن عبد الرّحمن بن يزيد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من سأل وله ما يغنيه، جاءت مسألته يوم القيامة خدوشًا -أو كدوحًا -في وجهه». قالوا: يا رسول اللّه، وما غناه؟ قال: «خمسون درهمًا، أو حسابها من الذّهب».
وقد رواه أهل السّنن الأربعة، من حديث حكيم بن جبيرٍ الأسديّ الكوفيّ. وقد تركه شعبة بن الحجّاج، وضعّفه غير واحدٍ من الأئمّة من جرّاء هذا الحديث.
وقال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الحضرميّ، حدّثنا أبو حصينٍ عبد اللّه بن أحمد بن يونس، حدّثني أبي، حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن هشام بن حسّان، عن محمّد بن سيرين قال: «بلغ الحارث-رجلًا كان بالشّام من قريشٍ -أنّ أبا ذرٍّ كان به عوزٌ، فبعث إليه ثلاثمائة دينارٍ، فقال: ما وجد عبد اللّه رجلًا هو أهون عليه منّي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سأل وله أربعون فقد ألحف» ولآل أبي ذرٍّ أربعون درهمًا وأربعون شاةً وماهنان». قال أبو بكر بن عيّاشٍ: يعني خادمين.
وقال ابن مردويه: حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم، أخبرنا إبراهيم بن محمّدٍ، أنبأنا عبد الجبّار، أخبرنا سفيان، عن داود بن سابور، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من سأل وله أربعون درهمًا فهو ملحف، وهو مثل سفّ الملّة» يعني: الرّمل. ورواه النّسائيّ، عن أحمد بن سليمان، عن يحيى بن آدم، عن سفيان -وهو ابن عيينة -بإسناده نحوه.
قوله: {وما تنفقوا من خيرٍ فإنّ اللّه به عليمٌ} أي: لا يخفى عليه شيءٌ منه، وسيجزي عليه أوفر الجزاء وأتمّه يوم القيامة، أحوج ما يكونون إليه). [تفسير ابن كثير: 1/ 704-707]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {الّذين ينفقون أموالهم باللّيل والنّهار سرًّا وعلانيةً فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} هذا مدحٌ منه تعالى للمنفقين في سبيله، وابتغاء مرضاته في جميع الأوقات من ليلٍ أو نهارٍ، والأحوال من سرٍّ وجهارٍ، حتّى إنّ النّفقة على الأهل تدخل في ذلك أيضًا، كما ثبت في الصّحيحين أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لسعد بن أبي وقّاصٍ -حين عاده مريضًا عام الفتح، وفي روايةٍ عام حجّة الوداع-: «وإنّك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه اللّه إلّا ازددت بها درجةً ورفعةً، حتّى ما تجعل في في امرأتك».
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ وبهز قالا حدّثنا شعبة، عن عديّ بن ثابتٍ قال: سمعت عبد اللّه بن يزيد الأنصاريّ، يحدّث عن أبي مسعودٍ، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّه قال: «إنّ المسلم إذا أنفق على أهله نفقةً يحتسبها كانت له صدقةً» أخرجاه من حديث شعبة، به.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا سليمان بن عبد الرّحمن، حدّثنا محمّد بن شعيبٍ، قال: سمعت سعيد بن يسارٍ، عن يزيد بن عبد اللّه بن عريبٍ المليكيّ، عن أبيه، عن جدّه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «نزلت هذه الآية: {الّذين ينفقون أموالهم باللّيل والنّهار سرًّا وعلانيةً فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} في أصحاب الخيل».
وقال حنشٌ الصّنعانيّ: عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية، قال: «هم الّذين يعلفون الخيل في سبيل اللّه». رواه ابن أبي حاتمٍ، ثمّ قال: «وكذا روي عن أبي أمامة، وسعيد بن المسيّب، ومكحولٍ».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، أخبرنا يحيى بن يمانٍ، عن عبد الوهّاب بن مجاهد بن جبرٍ، عن أبيه قال: «كان لعليٍّ أربعة دراهم، فأنفق درهمًا ليلًا ودرهمًا نهارًا، ودرهمًا سرًّا، ودرهمًا علانيةً، فنزلت: {الّذين ينفقون أموالهم باللّيل والنّهار سرًّا وعلانيةً}»
وكذا رواه ابن جريرٍ من طريق عبد الوهّاب بن مجاهدٍ، وهو ضعيفٌ. ولكن رواه ابن مردويه من وجهٍ آخر، عن ابن عبّاسٍ: «أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالبٍ».
وقوله: {فلهم أجرهم عند ربّهم} أي: يوم القيامة على ما فعلوا من الإنفاق في الطّاعات {ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} تقدّم تفسيره). [تفسير ابن كثير: 1/ 707-708]


رد مع اقتباس