الموضوع: عن
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 06:11 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("عن"
"عن" على ثلاثه أوجه:
أحدها: أن تكون حرفا جارا وجميع ما ذكر لها عشرة معان:
أحدها: المجاوزة، ولم يذكر البصريون سواه نحو سافرت "عن" البلد، ورغبت "عن" كذا، ورميت السهم "عن" القوس، وذكر لها في هذا المثال معنى غير هذا وسيأتي.
الثّاني: البدل، نحو: {واتّقوا يومًا لا تجزي نفس عن نفس شيئا} وفي الحديث: «صومي عن أمك».
الثّالث: الاستعلاء، نحو {فإنّما يبخل عن نفسه}،
وقول ذي الأصبع:
(لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ... عني ولا أنت دياني فتخزوني)
أي لله در أبن عمك لا أفضلت في حسب "عليّ" ولا أنت مالكي فتسوسني وذلك لأن المعروف أن يقال أفضلت "عليه" قيل ومنه قوله تعالى: {إنّي أحببت حب الخير عن ذكر ربّي} أي: قدمته "عليه" وقيل هي "على" بابها وتعلقها بحال محذوفة أي منصرفا "عن" ذكر ربّي وحكى الرماني "عن" أبي عبيدة أن أحببت من أحب البعير إحبابا إذا برك فلم يثر فعن متعلقة به باعتبار معناه التضمني وهي على حقيقتها أي إنّي تثبطت "عن" ذكر ربّي وعلى هذا فحب الخير مفعول لأجله.
الرّابع: التّعليل، نحو {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلّا عن موعدة} ونحو {وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك} ويجوز أن يكون حالا من ضمير «تاركي» أي: ما نتركها صادرين "عن" قولك وهو رأي الزّمخشريّ.
وقال في {فأزلهما الشّيطان عنها} إن كان الضّمير للشجرة فالمعنى حملهما على الزلة بسببها وحقيقته أصدر الزلة "عنها" ومثله {وما فعلته عن أمري} وإن كان للجنة فالمعنى نحاهما عنها.
الخامس: مرادفة "بعد"، نحو {عمّا قليل ليصبحن نادمين} {يحرفون الكلم عن مواضعه} بدليل أن في مكان آخر {من بعد مواضعه} ونحو {لتركبن طبقًا عن طبق} أي حالة "بعد" حالة وقال:
( ... ومنهل وردته عن منهل)
السّادس: الظّرفيّة، كقوله:
(وآس سراة الحيّ حيث لقيتهم ... ولاتك عن حمل الرباعة وانيا)
الرباعة نجوم الحمالة قيل لأن ونى لا يتعدّى إلّا "بفي" بدليل {ولا تنيا في ذكري} والظّاهر أن معنى ونى "عن" كذا جاوزه ولم يدخل فيه وونى "فيه" دخل "فيه" وفتر.
السّابع: مرادفة "من"، نحو {وهو الّذي يقبل التّوبة عن عباده ويعفو عن السّيّئات} الشّاهد في الأولى {أولئك الّذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا} بدليل: {فتقبل من أحدهما ولم يتقبّل من الآخر} {ربنا تقبل منا}.
الثّامن: مرادفة "الباء"، نحو {وما ينطق عن الهوى} والظّاهر أنّها على حقيقتها وأن المعنى وما يصدر قوله "عن" هوى.
التّاسع: الاستعانة قاله ابن مالك ومثله بـ رميت "عن" القوس؛ لأنهم يقولون أيضا رميت بالقوس حكاهما الفراء وفيه رد على الحريري في إنكاره أن يقال ذلك إلّا إذا كانت القوس هي المرمية وحكى أيضا رميت "على" القوس.
والعاشر: أن تكون زائدة للتعويض من أخرى محذوفة كقوله:
(أتجزع أن نفس أتاها حمامها ... فهلا الّتي عن بين جنبيك تدفع)
قال ابن جني أراد فهلا تدفع "عن" الّتي بين جنبيك فحذفت "عن" من أول الموصول وزيدت بعده.

الوجه الثّاني: أن تكون حرفا مصدريا وذلك أن بني تميم يقولون في نحو أعجبني "أن" تفعل "عن" تفعل قال ذو الرمة:
(أعن ترسمت من خرقاء منزلة ... ماء الصبابة من عينيك مسجوم)
يقال: ترسمت الدّار، أي: تأملتها، وسجم الدمع سال، وسجمته "العين" أسالته، وكذا يفعلون في "أن" المشدّدة فيقولون: أشهد "عن" محمّدًا رسول الله وتسمى عنعنة تميم.

الثّالث: أن تكون اسما بمعنى جانب، وذلك يتعيّن في ثلاثة مواضع:
أحدها: أن يدخل عليها "من" وهو كثير كقوله:
(فلقد أراني للرماح دريئة ... من عن يميني مرّة وأمامي)
ويحتمله "عندي" {ثمّ لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم} فتقدر معطوفة على مجرور "من" لا على "من" ومجرورها و"من" الدّاخلة على "عن" زائدة عند ابن مالك ولابتداء الغاية عند غيره، قالوا: فإذا قيل قعدت "عن" يمينه فالمعنى في جانب يمينه، وذلك محتمل للملاصقة ولخلافها فإن جئت بـ "من" تعين كون القعود ملاصقا لأوّل النّاحية.
الثّاني: أن يدخل عليها "على" وذلك نادر والمحفوظ منه بيت واحد وهو قوله:
(على عن يميني مرت الطير سنحا ... )
الثّالث: أن يكون مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمسمى واحد قاله الأخفش وذلك كقول امرئ القيس:
(ودع عنك نهبا صيح في حجراته ... )
وقول أبي نواس:
(دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... )
وذلك لئلّا يؤدّي إلى تعدي فعل المضمر المتّصل إلى ضميره المتّصل وقد تقدم الجواب عن هذا وممّا يدل على أنّها ليست هنا اسما أنه لا يصح حلول الجانب محلها). [مغني اللبيب: 2 / 393 - 409]


رد مع اقتباس