الموضوع: إلّا
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 05:17 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت:200هـ): (تفسير "إلا"
على أربعة وجوه:
الوجه الأول: "إلا" استثناء وذلك قوله في الزّخرف: {الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوٌّ إلا المتقين} استثنى من الأخلاء المتّقين فقال: {إلا المتقين} منهم، فإنّهم ليسوا بأعداء بعضهم لبعض. وقال في سورة الفرقان {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} إلى قوله {إلاّ من تاب}، استثنى من تاب. ونحوه كثير.

الوجه الثاني: وهو الذي يشبه الاستثناء وليس بالمستثنى ولكنه مستأنف الكلام، وذلك قوله في سورة الأعراف حين سألوا النّبي عليه السّلام عن القيامة: متى هي؟ فقال الله له: {قل} يا محمّد {لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا}، ثمّ انقطع الكلام، ثمّ استأنف فقال: {إلاّ ما شاء الله} فإنّه يصيبني ما شاء الله. وقال في يونس حين سألوا النبي متى ينزل العذاب: {قل لا أملك لنفسي ضرًّا ولا نفعًا}، وانقطع الكلام، ثم استأنف {إلاّ ما شاء الله}، فإنه يصيبني ذلك. وقال [إبراهيم] في سورة الأنعام: {ولا أخاف ما تشركون به} ثمّ استأنف فقال: {إلا أن يشاء ربّي شيئًا} فيصيبني ما شاء ربّي. وقال شعيب في سورة الأعراف: {وما يكون لنا أن نّعود فيها} يعني ملّة الشرك، ثمّ استأنف فقال: {إلا أن يشاء الله ربّنا} شيئا فيدخلنا فيها.
وقال في آخر الدّخان: {لا يذوقون فيها الموت} البتّة، ثم استأنف فقال {إلا الموتة الأولى} التي ذاقوها في الدّنيا. وقال في اللّيل إذا يغشى: {وما لأحدٍ عنده من نّعمةٍ تجزى} يعني ما لبلال عند أبي بكر {من نّعمةٍ تجزى} يجزيه بها حين أعتقه أبو بكر. ثم استأنف فقال: ما فعل ذلك {إلا ابتغاء وجه ربّه الأعلى}. وقال في هل أتاك: {لّست عليهم بمصيطرٍ}، ثم انقطع الكلام، ثم استأنف فقال: {إلاّ من تولى وكفر * فيعذّبه الله العذاب الأكبر}. وقال: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ * ثمّ رددناه أسفل سافلين}، فانقطع الكلام، ثم استأنف فقال: {إلا الذين آمنوا وعملوا ألصالحات فلهم أجرٌ غير ممنونٍ}. وقال في قل أوحي: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا} يعني غيب وقت العذاب يعني وقته، ثم استأنف فقال: {إلاّ من ارتضى من رّسولٍ}.
وقال في سورة سبأ: {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقرّبكم عندنا زلفى}، ثم استأنف فقال: {إلاّ من آمن وعمل صالحًا} فإن ذلك يقرب إلى الله، قال: {فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون}.

الوجه الثالث: "إلا" يعني يخبر عن شيء وذلك قوله في سورة الحجر: {وإن مّن شيءٍ} ثم أخبر عنه فقال: {إلاّ عندنا خزائنه}، ثم أخبر عنه فقال: {وما ننزّله إلاّ بقدرٍ مّعلومٍ}. وقوله في إبراهيم: {إن أنتم} ثم أخبر فقال: {إلاّ بشرٌ مّثلنا}، وقال قولوا: {إن نّحن}، ثم أخبروا عنه، {إلاّ بشرٌ مّثلكم}. وقال في تبارك: {إن أنتم} ثمّ أخبر فقال: {إلاّ في ضلالٍ كبيرٍ}. ونحوه كثير.

الوجه الرابع: "إلا" يعني غير وذلك قوله في سورة الأنبياء: {لو كان فيهما آلهةٌ إلا الله} يعني غير الله {لفسدتا فسبحان الله ربّ العرش عمّا يصفون}. وكقوله: {لا ألاه إلا الله} لا أله غير الله. وكذلك كلّ شيءٍ: لا أله "إلا" الله، غير الله). [التصريف: 375 - 378]


رد مع اقتباس