عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 07:20 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ولكن لاّ تواعدوهنّ سرّاً} يقول: لا يصفنّ أحدكم نفسه في عدّتها بالرغبة في النكاح والإكثار منه.
حدّثنا محمد بن الجهم قال حدّثنا الفرّاء قال حدثني حبّان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال:
السرّ في هذا الموضع النكاح.
وأنشد عنه بيت امرئ القيس:

ألا زعمت بسباسة اليوم أنني * كبرت وألاّ يشهد السرّ أمثالي
قال الفرّاء: ويرى أنه مما كنى الله عنه قال: "أو جاء احد منكم من الغائط"). [معاني القرآن: 1/153]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فيما عرّضتم به من خطبة النّساء} أي: في عدّتهن أن تقول: إني أريد أن أتزوجك وإن قضى شيء كان.
{لا تواعدوهنّ سرّاً} السّر: الإفضاء بالنكاح، قال الحطيئة:
ويحرم سرّ جارتهم عليهم... ويأكل جارهم أنف القصاع
أي: ما استأنفت؛ وقال رؤبة بن العجّاج:
فعفّ عن إسرارها بعد العسق
يعني: غشيانها، أراد الجماع. قال امرؤ القيس بن حجر الكنديّ:
ألا زعمت بسباسة اليوم أنّني... كبرت وألاّ يحسن السرّ أمثالي). [مجاز القرآن: 1/75-76]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({ولا جناح عليكم فيما عرّضتم به من خطبة النّساء أو أكننتم في أنفسكم علم اللّه أنّكم ستذكرونهنّ ولكن لاّ تواعدوهنّ سرّاً إلاّ أن تقولوا قولاً مّعروفاً ولا تعزموا عقدة النّكاح حتّى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أنّ اللّه يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أنّ اللّه غفورٌ حليمٌ}
قال: {ولا جناح عليكم فيما عرّضتم به من خطبة النّساء} فـ"الخطبة" الذكر، و"الخطبة": التشهّد.
وقال: {ولكن لاّ تواعدوهنّ سرّاً} لأنه لما قال: {لا جناح عليكم} كأنه قال: "تذكرون {ولكن لاّ تواعدوهنّ سرّاً إلاّ أن تقولوا} استثناء خارج على "ولكن"). [معاني القرآن: 1/144-145]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {أو أكننتم في أنفسكم} فالفعل: أكننت الشيء إكنانًا، وكننته أيضًا كنا وكنونا.
و{بيض مكنون} على كننته؛ وقالوا: الكن الاسم.
وقال لبيد:
وذي بهجة كن المقانب = صوبه وزينه أزواج نور مشرب
فقال: "كن" بغير ألف.
وقال ابن العريض اليهودي:
كنها الله في مكان خفي = وخفي مكانها لو خفيت
وقال بعض قيس: كننت الحديث، وأكننت الجوهر؛ والكنة من هذا اللفظ.
[معاني القرآن لقطرب: 368]
وأما قوله عز وجل {ولكن لا تواعدوهن سرا} فالسر عند العرب فيما زعم يونس: الزنا خاصة؛ وكذلك السفاح، والسر أيضًا: النكاح؛ والسر أيضًا: ذكر الرجل؛ وكان قتادة يقول في قوله {ولكن لا تواعدوهن سرا} قال: النكاح العلانية، والسر الزنا.
قال وأنشدنا يونس:
موانع للأسرار إلا من أهلها = ويخلفن ما ظن الغيور المشفشف
وقال عدي بن زيد:
لهوت بهن بين سر ورشدة = ولم يك عهدي للأحبة خادعا
وقال عبيد:
وبيت يفوح المسك في حجراته = تسديته من بين سر ومخطوب
فالسر: الزنا.
ومن هذا اللفظ: السر، والسرار من ذلك؛ ويقال أيضًا: هو في سر قومه؛ أي في شرفهم؛ والسرار: الليلة التي يستسر القمر فيها.
ومن هذا اللفظ: السرة، مقطع أسرار الصبي، وسرر الصبي، وسرره وسره وسرره، كله في معنى السرة، ويقال: سررت الصبي أسره سرًا؛ إذا قطعت سراره.
والأسرار: الخطوط التي في الكف.
وأما قوله عز وجل {ولا تعزموا عقدة النكاح} يقال: عزم، وهو يعزمه إذا أحكمه وعقده؛ ويجوز أن يكون المعنى {ولا تعزموا عقدة النكاح} على معنى: لا تعزموا على عقدة النكاح، فحذف "على" وقد فسرنا ذلك مع {أن تسترضعوا أولادكم}
[معاني القرآن لقطرب: 369]
؛ وقالوا: عزموا عزما وعزمانًا؛ وقال الله عز وجل {فإن ذلك من عزم الأمور} بالفتح، المصدر: عزم عزمانًا.
وقال لبيد:
فكأنما صادفنه بمضيعة = سلما لهن بواجب معزوم). [معاني القرآن لقطرب: 370]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({لا تواعدهن سرا}: ذكر الفقهاء أنه كناية عن الفجور). [غريب القرآن وتفسيره: 94]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ولا جناح عليكم فيما عرّضتم به من خطبة النّساء} وهو: أن يعرّض للمرأة في عدتها بتزويجه لها، من غير تصريح بذلك. فيقول لها: واللّه إنك لجميلة، وإنك لشابّة. وإن النساء لمن حاجتي، ولعل اللّه أن يسوق إليك خيرا. هذا وما أشبهه.
{ولكن لا تواعدوهنّ سرًّا}أي: نكاحا.
يقول: لا تواعدوهن بالتزويج - وهن في العدة - تصريحا بذلك.
{إلّا أن تقولوا قولًا معروفاً}: لا تذكرون فيه نكاحا ولا رفثا.

{ولا تعزموا عقدة النّكاح} أي: لا تواقعوا عقدة النكاح {حتّى يبلغ الكتاب أجله}، يريد: حتى تنقضي العدة التي كتب على المرأة أن تعتدّها. أي فرض عليها.
{واعلموا أنّ اللّه يعلم ما في أنفسكم فاحذروه} أي: يعلم ما تحتالون به في ذلك على مخالفة ما أراد، فاحذروه). [تفسير غريب القرآن: 89-90]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ : {ولا جناح عليكم فيما عرّضتم به من خطبة النّساء أو أكننتم في أنفسكم علم اللّه أنّكم ستذكرونهنّ ولكن لا تواعدوهنّ سرّا إلّا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النّكاح حتّى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أنّ اللّه يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أنّ اللّه غفور حليم}المعنى: أنه لا جناح على الرجل أن يعرّض للمرأة التي هي في عدّة بالتزويج. والتعريض أن يقول إني فيك لراغب.
وإن قضى الله أمرا كان، وما أشبه هذا من القول.
ولا يجوز أن: يقطع أمر التزويج والمرأة لم تخرج من عدتها، ومعنى خطبة كمعنى خطب، أما خطبة فهو ماله أول وآخر نحو الرسالة، وحكي عن بعض العرب " اللهم ارفع عنا هذه الضغطة " فالضغطة ضغط له أول وآخر متصل.
ومعنى{أو أكننتم في أنفسكم}: يقال في كل شيء تستره أكننته وكننته، وأكننته فيما يستره أكثر، وما صنته تقول فيه كننته فهو مكنون.
قال اللّه عزّ وجلّ: {كأنّهنّ بيض مكنون}أي: مصون، وكل واحدة منهما قريبة من الأخرى.
وقوله عزّ وجلّ: {ولكن لا تواعدوهنّ سرّا}.
قال أبو عبيدة: السّر الإفصاح بالنكاح وأنشد:
ويحرم سرّ جارتهم عليهم... ويأكل جارهم أنف القصاع
وقال غيره: كأن السّر كناية عن الجماع - كما أن الغائط كناية عن الموضع وهذا القول عندي صحيح.
وقوله عزّ وجلّ: {ولا تعزموا عقدة النّكاح} معناه: لا تعزموا على عقد النكاح، وحذف " على " استخفافا كما تقول: ضرب زيد الظهر والبطن، معناه على الظهر والبطن،
وقال سيبويه: إن الحذف في هذه الأشياء لا يقاس.

وقوله عزّ وجلّ: {حتّى يبلغ الكتاب أجله} فعناه: حتى يبلغ فرض الكتاب أجله،
ويجوز أن يكون: الكتاب نفسه في معنى الفرض، فيكون المعنى حتى يبلغ الفرض أجله - كما قال: عزّ وجلّ:
(كتب عليكم الصّيام)أي: فرض عليكم، وإنّما جاز أن يقع {كتب} في معنى فرض، لأن ما يكتب يقع في النفوس أنه ثبت، ومعنى هذا الفرض الذي يبلغ أجله أيام عدة المطلقة والمتوفي عنها زوجها).
[معاني القرآن: 1/317-318]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء}
روى مجاهد عن ابن عباس قال: هو أن يقول أريد أن أتزوج وكره أن يقول لا تسبقيني بنفسك في العدة.
وقال القاسم بن محمد: هو أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدتها من وفاة زوجها: إنك علي لكريمة وإني فيك لراغب وإن الله لسائق إليك خيرا ورزقا ونحو هذا من القول.
وقالت: سكينة بنت حنظلة وكانت تحت ابن عم لها فتوفي فدخل علي أبو جعفر محمد بن علي وأنا في عدتي فسلم ثم قال: كيف أصبحت فقلت: بخير جعلك الله بخير فقال: أنا من قد علمت قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته من علي وحقي في الإسلام وشرفي في العرب قالت: فقلت له غفر الله لك يا أبا جعفر أنت رجل يؤخذ منك ويروى عنك تخطبني في عدتي قال: ما فعلت إنما أخبرتك بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة
المخزومية وتأيمت من أبي سلمة بن عبد الأسد وهو ابن عمها فلم يزل يذكر منزلته من الله حتى أثر الحصير في يده من شدة ما يعتمد عليه بيده فما كانت تلك خطبة.
ثم قال تعالى: {أو أكننتم في أنفسكم} قيل: من أمر النكاح.
ثم قال تعالى: {علم الله أنكم ستذكرونهن}
قال الحسن: أي في الخطبة.
وقال مجاهد: أي في نفسه.
ثم قال تعالى: {ولكن لا تواعدوهن سرا}
قال سعيد بن جبير: السر أن يعاقدها على أن لا تتزوج غيره.
وقال مجاهد: هو أن يقول لا تفوتيني بنفسك.
وقال أبو مجلز وإبراهيم والحسن هو الزنا
وقال أبو عبيدة هو الإفصاح في النكاح
قال محمد بن يزيد: قوم يجعلون السر زنا وقوم يجعلونه الغشيان وكلا القولين خطأ إنما هو الغشيان من غير وجهه قال الله تعالى: {ولكن لا تواعدوهن سرا} فليس هذا موضع الزنا
قال أبو جعفر: الذي قال محمد بن يزيد من أن السر الغشيان من غير وجهه عند أهل اللغة كما قال إلا أن الأشبه في الآية ما قال سعيد بن جبير أن المعنى لا تواعدوهن نكاحا فسمي النكاح سرا لأن الغشيان يكون فيه وزعم محمد بن جرير أن أولى الأقوال بالصواب أن السر الزنا ولا يصح قول من قال السر أن يقول لها لا تسبقيني بنفسك لأنه قول علانية فإن أراد أن يقال سرا قيل له فهو إذا مطلق علانية وهذا لا يقوله أحد ولا يكون السر النكاح الصحيح لأنه لا يكون إلا بولي وشاهدين وهذا علانية
ومعنى{ستذكرونهن}: ستذكرون خطبتهن ولكن لا تواعدوهن سرا يقال لها قد ذكرتك في نفسي وقد صرت زوجتي فيغرها بذلك حتى يصل إلى جماعها زنا.
ثم قال تعالى: {إلا أن تقولوا قولا معروفا}
قال مجاهد: هو التعريض.
وقال سعيد بن جبير: أن يقول لها إني لأرجو أن نجتمع وإني إليك لمائل.
وروى عطاء الخراساني عن ابن عباس {ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله} حتى تنقضي العدة.
والتقدير في اللغة: حتى يبلغ فرض الكتاب ويجوز أن يكون الكتاب بمعنى الفرض تمثيلا.
ثم قال تعالى: {واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه}أي: يعلم ما تحتالون به). [معاني القرآن: 1/224-230]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({لا تواعدهن سرا} نكاحا في العدة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 41]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({سِــــرّاً}: الزنـا النكــاح). [العمدة في غريب القرآن: 91]

تفسير قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت:207هـ): (قوله: {ومتّعوهنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره...}
بالرفع. ولو نصب كان صوابا على تكرير الفعل على النيّة، أي: ليعط الموسع قدره، والمقتر قدره.
وهو مثل قول العرب: أخذت صدقاتهم، لكل أربعين شاةً شاة؛ ولو نصبت الشاة الآخرة كان صوابا.

وقوله: {متاعاً بالمعروف} منصوب خارجا من القدر؛ لأنه نكرة والقدر معرفة. وإن شئت كان خارجا من قوله "ومتّعوهنّ" متاعاً ومتعة.
فأمّا {حقّاً} فإنه نصب من نيّة الخبر لا أنه من نعت المتاع.
وهو كقولك في الكلام: عبد الله في الدار حقاً.
إنما نصب الحق من نيّة كلام المخبر؛ كأنه قال: أخبركم خبرا حقا، وبذلك حقا؛ وقبيح أن تجعله تابعا للمعرفات أو للنكرات؛ لأن الحق والباطل لا يكونان في أنفس الأسماء؛ إنما يأتي بالأخبار.
من ذلك أن تقول: لي عليك المال حقّا، وقبيح أن تقول: لي عليك المال الحق، أو: لي عليك مال حقّ، إلا أن تذهب به إلى أنه حقّ لي عليك، فتخرجه مخرج المال لا على مذهب الخبر.

وكل ما كان في القرآن مما فيه من نكرات الحق أو معرفته أو ما كان في معنى الحق فوجه الكلام فيه النصب؛ مثل قوله "وعد الحق" و"وعد الصدق" ومثل قوله: {إليه مرجعكم جميعا وعد اللّه حقاً} هذا على تفسير الأوّل.
وأمّا قوله:
{هنالك الولاية للّه الحقّ} فالنصب في الحقّ جائز؛ يريد حقّا، أي أخبركم أن ذلك حقّ.
وإن شئت خفضت الحقّ، تجعله من صفة الله تبارك وتعالى.
وإن شئت رفعته فتجعله من صفة الولاية.
وكذلك قوله:
{وردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ} تجعله من صفة الله عز وجلّ. ولو نصبت كان صوابا، ولو رفع على نيّة الاستئناف كان صوابا؛ كما قال {الحقّ من ربّك
فلا تكوننّ من الممترين} وأنت قائل إذا سمعت رجلا يحدث: [حقّا أي] قلت حقا، والحقّ، أي ذلك الحقّ.
وأمّا قوله في ص
{قال فالحقّ والحقّ أقول} فإن الفرّاء قد رفعت الأوّل ونصبته.
وروي عن مجاهد وابن عباس أنهما رفعا الأوّل وقالا تفسيره:
الحقّ مني، وأقول الحق؛ فينصبان الثاني بـ "أقول". ونصبهما جميعا كثير منهم؛ فجعلوا الأوّل على معنى: والحقّ "لأملأنّ جهنّم" وينصب الثاني بوقوع القول عليه. وقوله: {ذلك عيسى ابن مريم قول الحقّ} رفعه حمزة والكسائيّ، وجعلا الحق هو الله تبارك وتعالى، لأنها في حرف عبد الله " ذلك عيسى بن مريم قال اللّه" كقولك: كلمة الله، فيجعلون (قال) بمنزلة القول؛ كما قالوا: العاب والعيب. وقد نصبه قوم يريدون: ذلك عيسى ابن مريم قولا حقّا).
[معاني القرآن: 1/153-155]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {المقتر} يقال: قد أقتر فلان، إذا كان كان مقّلاً، قال الشاعر:
ولا من ربيع المقترين رزئته... بذي علقٍ فاقنى حياءك واصبري). [مجاز القرآن: 1/76]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة أبي جعفر وشيبة {ما لم تمسوهن}.
الأعمش {تمآسوهن} و{من قبل أن تمآسوهن} وقالوا: مسست الشيء مسا ومسيسًا ومسيسي يا هذا.
[قال أبو الحسن: مسيساء يا هذا] ). [معاني القرآن لقطرب: 271] (م)
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة الأعمش وأبي جعفر {على الموسع قدره}.
نافع وشيبة {قدره} ). [معاني القرآن لقطرب: 272]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {على الموسع قدره} فيقال: أوسع الرجل وأترب؛ إذا استغنى.
وقوله {وعلى المقتر قدره} فإن الفعل فيه: أقتر يقتر، وهو مقتر، وقتر يقتر، ويقتر قترًا، وهو قاتر وهو الاسم.
قال أبو علي: وسنذكر هذا اللفظ في سورته مع قول الله عز وجل {قتر ولا ذلة} ). [معاني القرآن لقطرب: 370]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({وعلى المقتر قدره}: المقتر المقل).[غريب القرآن وتفسيره: 94]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({أو تفرضوا لهنّ فريضةً}يعني: المهر.
{ومتّعوهنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره} أي: أعطوهن متعة الطلاق على قدر الغنى والفقر). [تفسير غريب القرآن: 90]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {لا جناح عليكم إن طلّقتم النّساء ما لم تمسّوهنّ أو تفرضوا لهنّ فريضة ومتّعوهنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقّا على المحسنين}
فقد أعلم الله في هذه الآية أن عقد التزويج بغير مهر جائز، وأنه لا إثم على من طلق من تزوج بها من غير مهر كما أنه لا إثم على من طلق من تزوج بمهر، وأمر بأن تمتع المتزوج بها بغير مهر إذا طلقت ولم يدخل بها فقال الله عزّ وجلّ: {ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره}.
و{قدره}، يقرآن جميعا، فقالوا إن التمتّع يكون بأشياء بأن تخدم المرأة وبأن تكسى، وبأن تعطى ما تنفقه، أيّ ذلك فعل يمتع، فذلك جائز له على قدر إمكانه.
وقوله عزّ وجلّ: {متاعا بالمعروف}أي: بما تعرفون أنه القصد وقدر الإمكان، ويجوز أن يكون نصب {متاعا بالمعروف}، على قوله: ومتعوهن متاعا، يجوز أن يكون: منصوبا على الخروج من قوله: على الموسع قدره متاعا أي ممتّعا متاعا.
وقوله عزّ وجلّ: {حقا على المحسنين}.
منصوب على حق ذلك عليهم حقا، كما يقال حققت عليه القضاء وأحققته، أي أوجبته). [معاني القرآن: 1/318-319]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن}
قال ابن عباس: الجماع.
{أو تفرضوا لهن فريضة} الفريضة ههنا المهر
قال أبو جعفر: وأصل الفرض الواجب كما قال كانت فريضة ما تقول قطيعتي ومنه فرض السلطان لفلان.
ثم قال تعالى: {ومتعوهن على الموسع قدره} وهو الغني {وعلى المقتر قدره} وهو الفقير.
قال سعيد بن جبير ومجاهد والضحاك: وهذا معنى قولهم في المطلقة قبل الدخول بها ولم يفرض لها صداق لها المتعة واجبة.
وقال شريح: لا يقضى عليه لأنه قال {حقا على المحسنين}). [معاني القرآن: 1/230-231]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الْمُقْتـــِرِ}: المقــل). [العمدة في غريب القرآن: 91]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ...}
تماسّوهن وتمسّوهن واحد، وهو الجماع؛ المماسّة والمسّ.
وإنما قال {إلاّ أن يعفون} بالنون لأنه فعل النسوة، وفعل النسوة بالنون في كل حال.
يقال: هنّ يضربن، ولم يضربن، ولن يضربن؛ لأنك لو أسقطت النون منهن للنصب أو الجزم لم يستبن لهنّ تأنيث. وإنّما قالت العرب "لن يعفوا" للقوم، و"لن يعفوا" للرجلين لأنهم زادوا للاثنين في الفعل ألفا ونونا، فإذا أسقطوا نون الاثنين للجزم أو للنصب دلّت الألف على الاثنين. وكذلك واو يفعلون تدلّ على الجمع إذا أسقطت النون جزما أو نصبا.
{أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} وهو الزوج).
[معاني القرآن: 1/155]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلاّ أن يعفون}هن: يتركن، يهبن، عفوت لك عن كذا وكذا: تركته لك). [مجاز القرآن: 1/76]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضةً فنصف ما فرضتم إلاّ أن يعفون أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح وأن تعفوا أقرب للتّقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إنّ اللّه بما تعملون بصيرٌ}
قال: {فنصف ما فرضتم}أي: فعليكم نصف ما فرضتم {إلاّ أن يعفون} وإن شئت نصبت {نصف ما فرضتم} على الأمر.
وقال: {وأن تعفوا أقرب للتّقوى ولا تنسوا الفضل بينكم}
وقال بعضهم (ولا تناسوا)، وكلٌّ صوابٌ.
وقال بعضهم
{ولا تنسوا الفضل} فكسر الواو لاجتماع الساكنين كما قال: {اشتروا الضّلالة}).
[معاني القرآن: 1/145]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة أبي جعفر وشيبة {ما لم تمسوهن}.
الأعمش {تمآسوهن} و{من قبل أن تمآسوهن} وقالوا: مسست الشيء مسا ومسيسًا ومسيسي يا هذا.
[قال أبو الحسن: مسيساء يا هذا] ). [معاني القرآن لقطرب: 271] (م)
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة الحسن {ولا تنسوا الفضل} برفع الواو.
قراءة أبي عمرو {ولا تنسوا الفضل}.
قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه "ولا تناسوا الفضل" ). [معاني القرآن لقطرب: 271]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {فنصف ما فرضتم} وأهل الحجاز يقولون: نصف بالكسر؛ وتميم وأسد يقولون: نصفه؛ وبعض العرب يقول: نصف ونصيف؛ والعامة على نصف، بكسر النون). [معاني القرآن لقطرب: 370]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فنصف ما فرضتم}: من المهر، أي: فلهن نصف ذلك {إلّا أن يعفون}أي: يهبن، {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} يعني: الزوج.
وهذا في المرأة تطلّق من قبل أن يدخل بها، وقد فرض لها المهر فلها نصف ما فرض لها، إلّا أن تهبه، أو يتمم لها الزوج الصداق كاملا.
وقد قيل: إن الذي بيده عقدة النكاح: الأب. يراد: إلّا أن يعفو النساء عما يجب لهن من نصف المهر، أو يعفو الأب عن ذلك، فيكون عفوه جائزا عن ابنته.
{وأن تعفوا أقرب للتّقوى ولا تنسوا الفضل بينكم} حضّهم اللّه على العفو). [تفسير غريب القرآن:90-91]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضة فنصف ما فرضتم إلّا أن يعفون أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح وأن تعفوا أقرب للتّقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إنّ اللّه بما تعملون بصير}أي: فعليكم نصف ما فرضتم، ويجوز النصب - {فنصف ما فرضتم}.
المعنى: فأدّوا نصف ما فرضتم، ولا أعلم أحدا قرأ بها فإن لم تثبت بها رواية فلا تقرأنّ بها.
وقوله عزّ وجلّ: {إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النّكاح}المعنى: إلا أن يعفو النساء أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح، وهو الزوج أو الولي إذا كان أبا.
ومعنى عفو المرأة: - أن تعفو عن النصف المواجب لها من المهر فتتركه للزوج، أو يعفو الزوج عن النصف فيعطيها الكل.
وموضع {أن يعفون} نصب بأن، إلا أن جماعة المؤنث في الفعل المضارع تستوي في الرفع والنصب، والجزم، وقد بيّنّا ذلك فيما سلف من الكتاب.
وقوله عزّ وجلّ: {وأن تعفوا أقرب للتّقوى ولا تنسوا الفضل بينكم}.
ظاهر هذا الخطاب للرجال خاصة دون النساء، وهو محتمل أن يكون للفريقين لأن الخطاب إذا وقع على مذكرين ومؤنثين غلب التذكير لأن الأول أمكن.
والأجود في قوله: {ولا تنسوا الفضل بينكم} الضم.
ويجوز {ولا تنسوا الفضل بينكم} - وقد شرحنا العلة فيه). [معاني القرآن: 1/319-320]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم}
فقال قوم لها المتعة مع ذلك كما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن وسعيد بن جبير:لكل مطلقة متعة.
وقال آخرون: لا متعة لها.
روي ذلك عن عبد الله بن عمرو وسعيد بن المسيب وعطاء والشعبي.
ثم قال تعالى: {إلا أن يعفون} قال الزهري والضحاك: المرأة إذا طلقت تدع النصف الذي جعل لها.
ثم قال تعالى: {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح}
حدثنا محمد بن إدريس بن أسود قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد قال حدثنا جرير وهو ابن حازم قال حدثنا عيسى بن عاصم عن شريح قال: سألني علي بن أبي طالب عن الذي بيده عقدة النكاح، قال: قلت هو الولي قال لا بل الزوج
وكذلك قال جبير بن مطعم وسعيد بن جبير ورواه قتادة عن سعيد بن المسيب.
وقال ابن عباس وعلقمة وإبراهيم: هو الولي يعنون الأب خاصة.
قال أبو جعفر: حديث علي إنما رواه عن شريح عيسى بن عاصم ورواه الجلة عن شريح من قوله منهم الشعبي وابن سيرين والنخعي.
وأصح ما روي فيه عن صحابي قول ابن عباس.
قرئ على عبد الله بن أحمد بن عبد السلام عن أبي الأزهر أحمد بن الأزهر قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار قال: سمعت عكرمة يقول: قال ابن عباس إن الله رضي العفو وأمر به فإن عفت فذلك وإن عفا وليها الذي بيده عقدة النكاح وضنت جاز وإن أبت.
قال أبو جعفر: والذي يدل عليه سياق الكلام واللغة أنه الولي وهو الذي يجوز أن يعقد النكاح على المرأة بغير أمرها كما قال {ولا تعزموا عقدة النكاح} وإنما بيد الزوج أن يطلق
فإن قيل بيده عقدة نكاح نفسه فذا لا يناسب الكلام الأول وقد جرى ذكر الزوج في قوله: {وقد فرضتم لهن فريضة} فلو كان للزوج لقيل أو تعفو وهذا أشبه بسياق الكلام وإن كان يجوز تحويل المخاطبة إلى الإخبار عن غائب
فأما اللغة فتوجب: إذا أعطي الصداق كاملا أن لا يقال له عاف ولكن يقال له واهب لأن العفو إنما هو ترك الشيء وإذهابه ومنه عفت الديار والعافية دروس البلاء وذهابه ومنه عفا الله عنك.
ثم قال جل وعز: {وأن تعفو أقرب للتقوى}قيل يعنى به:الأزواج وقيل يعني به الذي بيده عقدة النكاح والنساء جميعا
هذا قول ابن عباس وهو حسن لأنه يقل وأن
تعفون فيكون للنساء وأن يعفو فيكون للذي بيده عقدة النكاح). [معاني القرآن: 1/231-237]


رد مع اقتباس