عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 07:34 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسألت الليث بن سعد عن [قول الله: {ولا يأب] الشهداء إذا ما دعوا}، قال: ذلك إذا شهد قبل ذلك، فلا يأب أن يؤدي شهادته، فقلت له: فقول رسول الله: حتى يشهد الرجل ولم يستشهد، فقال: الذي يقع في قلبي من ذلك وأظنه الذي يشهد بما لم يعلم.
فقلت له: مثل شهادة الزور، قال: نعم). [الجامع في علوم القرآن: 2/97]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني ابن زيد بن أسلم عن أبيه في قول الله: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا}، قال: ذلك إذا شهدتم، ثم دعي إلى شهادته لا ينبغي له إلا أن يأتي يشهد). [الجامع في علوم القرآن: 2/97]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني حماد بن زيد عن يونس بن عبيد عن الحسن وعكرمة في هذه الآية: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا}، قال أحدهما: إذا دعي يشهد فلا يأب، وقال الآخر: إذا شهد فلا يأب أن يشهد). [الجامع في علوم القرآن: 2/98]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (قال لي يعقوب: سألت زيد بن أسلم عن
[الجامع في علوم القرآن: 2/123]
قول الله: {ولا يضار كاتبٌ ولا شهيدٌ}، قال: لا يضار الكاتب فيكتب غير الحق، ولا يضار الشهيد فيشهد بالباطل). [الجامع في علوم القرآن: 2/124]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (سمعت الليث يقول: كان بعض علمائنا يقولون في هذه [الآية:} إذا تداينتم] بدينٍ إلى أجلٍ مسمى
[الجامع في علوم القرآن: 2/169]
فاكتبوه}، إنها واجبة، يريد الشهداء). [الجامع في علوم القرآن: 2/170]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا قال لا تأب أن تشهد إذا دعيت إلى الشهادة). [تفسير عبد الرزاق: 1/110]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وكان الحسن يقول مثل ذلك ويقول جمعت الأمرين لا تأب إن كانت عندك شهادة أن تشهد بها ولا تأب إذا دعيت إلى الشهادة أن تشهد بها). [تفسير عبد الرزاق: 1/110]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا قال إذا كانوا قد شهدوا
قال وقال جابر الجعفي عن مجاهد الشاهد بالخيار ما لم يشهد). [تفسير عبد الرزاق: 1/110]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (حدثنا ابن جرير عن عطاء ومجاهد في قوله تعالى ولا يضار كاتب ولا شهيد قال واجب على الكاتب أن يكتب ولا شهيد قال إذا كان قد شهد قبل هذا). [تفسير عبد الرزاق: 1/110]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله ولا يضار كاتب ولا شهيد قال لا يضار كاتب فيكتب ما لم يمل عليه ولا شهيد يقول فيشهد بما لم يشهد عليه). [تفسير عبد الرزاق: 1/110]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا ابن جريج عن عطاء في قوله تعالى ولا يضار كاتب ولا شهيد يقول أن يؤديا ما قبلهما). [تفسير عبد الرزاق: 1/111]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة قال كان عمر يقرأ ولا يضارر كاتب ولا شهيد). [تفسير عبد الرزاق: 1/111]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن ابن طاوس عن أبيه في قوله تعالى ولا يضار كاتب ولا شهيد إذا دعي الرجل فقال لي حاجة). [تفسير عبد الرزاق: 1/111]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} قال: من الأحرار [الآية: 282]). [تفسير الثوري: 73]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ في قوله: {وأشهدوا إذا تبايعتم} قال: كان ابن عمر إذا باع بنقدٍ أشهد ولم يكتب [الآية: 282].
سفيان [الثوري] عن ليثٍ قال: قال مجاهدٌ: إذا بعت بنسيئة فأشهد واكتب [الآية: 282]). [تفسير الثوري: 73]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن إسماعيل بن أبي خالدٍ عن الشّعبيّ في قوله جل وعز: {أشهدوا إذا تبايعتم} قال: إن شاء أشهد وإن شهد لم يشهد قال: وقرأ {فإن أمن بعضكم بعضا} [الآية: 283]). [تفسير الثوري: 73]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممّن ترضون من الشّهداء} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن أبي مليكة قال: كتبت إلى ابن عبّاسٍ أسأله عن شهادة الصّبيان، فكتب إليّ: إنّ اللّه - عزّ وجلّ - يقول: {ممّن ترضون من الشّهداء}: فليسوا ممّن نرضى، لا تجوز.
[سنن سعيد بن منصور: 3/989]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا إسماعيل بن زكريّا، عن سفيان الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ - في قوله عزّ وجلّ: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} -، قال: من الأحرار.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا داود بن أبي هندٍ، قال: سألت مجاهدًا، عن الظّهار من الأمة، فقال: ليس بشيءٍ، فقلت: أليس اللّه يقول: {والّذين يظاهرون من نسائهم}، أفلسن من النّساء؟ فقال: واللّه يقول:
[سنن سعيد بن منصور: 3/991]
{واستشهدوا شهيدين من رجالكم}، أفتجوز شهادة العبيد؟). [سنن سعيد بن منصور: 3/992]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا محمّد بن ثابتٍ العبدي، قال: سأل رجلٌ عطاء بن أبي رباحٍ، وأنا شاهدٌ، عن قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} - قبل أن يستشهدوا، أو بعد ما استشهدوا؟ (قال: لا، بل بعد ما شهدوا).
[سنن سعيد بن منصور: 3/992]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: أخبرني أبو عامرٍ المزني، قال: سمعت عطاءً يقول: في إقامة الشهادة.
[سنن سعيد بن منصور: 3/993]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا يونس بن عبيدٍ، عن عكرمة قال: في إقامة الشهادة.
[سنن سعيد بن منصور: 3/994]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا شريكٌ، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: الّذي قد أشهد، وليس الّذي لم يشهد.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا إسماعيل بن إبراهيم، قال: نا ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: إذا كانت عندك شهادةٌ، فدعيت.
[سنن سعيد بن منصور: 3/995]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، وخالدٌ، وإسماعيل، عن يونس بن عبيدٍ، عن الحسن قال: إذا دعي ليشهد، وإذا دعي ليقيمها، فكلاهما.
[سنن سعيد بن منصور: 3/996]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا مغيرة، قال: قلت لإبراهيم: أدعى للشّهادة وأنا نسيٌّ ؟ قال: فلا تشهد إن نسيت.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا أبو حرّة، عن الحسن قال: قلت: أدعى للشّهادة وأنا كارهٌ؟ قال: فلا تشهد إن شئت). [سنن سعيد بن منصور: 3/997]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: [ {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، قال: كان عمر يقرأ: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ}). [سنن سعيد بن منصور: 3/999]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علّمه اللّه فليكتب وليملل الّذي عليه الحقّ وليتّق اللّه ربّه ولا يبخس منه شيئًا فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا أو ضعيفًا أو لا يستطيع أن يملّ هو فليملل وليّه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممّن ترضون من الشّهداء أن تضل إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله ذلكم أقسط عند اللّه وأقوم للشّهادة وأدنى ألاّ ترتابوا إلاّ أن تكون تجارةً حاضرةً تديرونها بينكم فليس عليكم جناحٌ ألاّ تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ وإن تفعلوا فإنّه فسوقٌ بكم واتّقوا اللّه ويعلّمكم اللّه واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: يا أيّها الّذين صدقوا اللّه ورسوله {إذا تداينتم} يعني إذا تبايعتم بدينٍ أو اشتريتم به، أو تعاطيتم، أو أخذتم به {إلى أجلٍ مسمًّى} يقول: إلى وقتٍ معلومٍ وقّتّموه بينكم وقد يدخل في ذلك القرض والسّلم في كلّ ما جاز فيه لان، السّلم شرًى أجّل بنقد يصير دينًا على بائع ما أسلم إليه فيه، ويحتمل بيع الحاضر الجائز بيعه من الأملاك بالأثمان المؤجّلة، كلّ ذلك من الدّيون المؤجّلة إلى أجلٍ مسمًّى إذا كانت آجالها معلومةً بحدٍّ موقوفٍ عليه، وكان ابن عبّاسٍ يقول: نزلت هذه الآية في السّلم خاصّةً.
[جامع البيان: 5/69]
ذكر الرّواية عنه بذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يحيى بن عيسى الرّمليّ، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ في: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى} قال: السّلم في الحنطة في كيلٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ.
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه المخرّميّ، قال: حدّثنا يحيى بن الصّامت، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن سفيان، عن أبي حيّان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن ابن عبّاس: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ} قال: نزلت في السّلم في كيلٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ.
- حدّثنا عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا زيد بن أبي الزّرقاء، عن سفيان، عن أبي حيّان، عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: نزلت هذه الآية: {إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه} في السّلف في الحنطة في كيلٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ.
[جامع البيان: 5/70]
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن محبّبٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي حيّان التّيميّ، عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: نزلت هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى} في السّلف في الحنطة في كيلٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا معاذ بن هشامٍ، قال: حدّثني أبي، عن قتادة، عن أبي حسّان، عن ابن عبّاسٍ، قال: أشهد أنّ السّلف المضمون، إلى أجلٍ مسمًّى أنّ اللّه عزّ وجلّ قد أحلّه، وأذن فيه، ويتلو هذه الآية: {إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى}
فإن قال قائلٌ: وما وجه قوله: {بدينٍ} وقد دلّ بقوله: {إذا تداينتم} عليه؟ وهل تكون مداينةٌ بغير دينٍ فاحتيج إلى أن يقال بدينٍ؟
قيل: إنّ العرب لمّا كان مقولاً عندها تداينّا بمعنى تجازينا وبمعنى تعاطينا الأخذ والإعطاء بدينٍ، أبان اللّه بقوله {بدينٍ} المعنى الّذي قصد تعريف عباده من قوله {تداينتم} حكمه، وأعلمهم أنّه عنى به حكم الدّين دون حكم المجازاة
[جامع البيان: 5/71]
وقد زعم بعضهم أنّ ذلك تأكيدٌ كقوله: {فسجد الملائكة كلّهم أجمعون} [الحجر] ولا معنى لما قال من ذلك في هذا الموضع). [جامع البيان: 5/72]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاكتبوه} يعني جلّ ثناؤه بقوله: {فاكتبوه} فاكتبوا الدّين الّذي تداينتموه إلى أجلٍ مسمًّى من بيعٍ كان ذلك أو قرضٍ.
واختلف أهل العلم في اكتتاب الكتاب بذلك على من هو عليه، هل هو واجبٌ أو هو ندبٌ؟ فقال بعضهم: هو حقٌّ واجبٌ، وفرضٌ لازمٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه} قال: من باع إلى أجلٍ مسمًّى أمر أن يكتب صغيرًا كان أو كبيرًا إلى أجلٍ مسمًّى.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه} قال: فمن ادّان دينًا فليكتب، ومن باع فليشهد.
[جامع البيان: 5/72]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه} فكان هذا واجبًا
- وحدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، بمثله، وزاد فيه: قال: ثمّ قامت الرّخصة والسّعة، قال: {فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته وليتّق اللّه ربّه}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ أبا سليمان المرعشيّ، كان رجلاً صحب كعبًا فقال ذات يومٍ لأصحابه: هل تعلمون مظلومًا دعا ربّه فلم يستجب له؟ قالوا: وكيف يكون ذلك؟ قال: رجلٌ باع ييعا الى اجل مسمى شيئًا فلم يكتب ولم يشهد، فلمّا حلّ ماله جحده صاحبه، فدعا ربّه، فلم يستجب له، لأنّه قد عصى ربّه
وقال آخرون: كان اكتتاب الكتاب بالدّين فرضًا، فنسخه قوله: {فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ ومعمر، عن ابن شبرمة، عن الشّعبيّ، قال: لا بأس إذا أمنته أن لا تكتب، ولا تشهد؛ لقوله: {فإن أمن بعضكم بعضًا} قال ابن عيينة: قال ابن شبرمة عن الشّعبيّ: إلى هذا انتهى.
[جامع البيان: 5/73]
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، في هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه} حتّى بلغ هذا المكان: {فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته} قال: رخّص في ذلك، فمن شاء أن يأتمن صاحبه فليأتمنه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون، عن عمرٍو، عن عاصمٍ، عن الشّعبيّ، قال: إن ائتمنه فلا يشهد عليه ولا يكتب.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن الشّعبيّ، قال: فكانوا يرون أنّ هذه، الآية: {فإن أمن بعضكم بعضًا} نسخت ما قبلها من الكتابة والشّهود رخصةً ورحمةً من اللّه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال غير عطاءٍ: نسخت الكتاب والشّهادة: {فإن أمن بعضكم بعضًا}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: نسخ ذلك قوله: {فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته} قال: فلولا هذا الحرف لم يبع لأحدٍ أن يدّان بدينٍ إلاّ بكتابٍ وشهداء، أو برهنٍ، فلمّا جاءت هذه نسخت هذا كلّه، صار إلى الأمانة.
[جامع البيان: 5/74]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حجّاجٌ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن سليمان التّيميّ، قال: سألت الحسن قلت: كلّ من باع بيعًا ينبغي له أن يشهد؟ قال: ألم تر أنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: {فليؤدّ الّذي اؤتمن أمنته}.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ في هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه} حتّى بلغ هذا المكان: {فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته} قال: رخّص في ذلك، فمن شاء أن يأتمن صاحبه فليأتمنه.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن داود، عن الشّعبيّ، في قوله: {فإن أمن بعضكم بعضًا} قال: إن أشهدت فحزمٌ، وإن لم تشهد ففي حلٍّ وسعةٍ.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، قال: قلت للشّعبيّ: أرأيت الرّجل يستدين من الرّجل الشّيء، أحتمٌ عليه أن يشهد؟ فقال الاترى: إلى قوله: {فإن أمن بعضكم بعضًا} قد نسخت ما كان قبلها.
حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا محمّد بن مروان العقيليّ، قال: حدّثنا عبد الملك ابن أبي نضرة ابيه، عن أبي سعيدٍ الخدريّ: أنّه قرأ: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى} قال: فقرأ إلى: {فإن أمن بعضكم بعضًا} قال: هذه نسخت ما قبلها). [جامع البيان: 5/75]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علّمه اللّه}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: {وليكتب} كتاب الدّين إلى أجلٍ مسمًّى بين الدّائن والمدين {كاتبٌ بالعدل} يعني بالحقّ والإنصاف في الكتاب الّذي يكتبه بينهما، بما لا يحيف ذا الحقّ حقّه، ولا يبخسه، ولا يوجب له حجّةٌ على من عليه دينه فيه بباطلٍ، ولا يلزمه ما ليس عليه.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل} قال: اتّقى اللّه كاتبٌ في كتابه، فلا يدعنّ منه حقًّا، ولا يزيدنّ فيه باطلاً
وأمّا قوله: {ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علمّه اللّه} فإنّه يعني: ولا يأبينّ كاتبٌ استكتب ذلك أن يكتب بينهم كتاب الدّين، كما علّمه اللّه كتابته فخصّه بعلم ذلك، وحرمه كثيرًا من خلقه
وقد اختلف أهل العلم في وجوب الكتابه على الكاتب إذا استكتب ذلك نظير اختلافهم في وجوب الكتابه على الّذي له الحقّ.
[جامع البيان: 5/76]
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {ولا يأب كاتبٌ} قال: واجبٌ على الكاتب أن يكتب.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: قوله: {ولا يأب كاتبٌ أن يكتب} أواجبٌ أن لا يأبى أن يكتب؟ قال: نعم قال ابن جريجٍ: وقال مجاهدٌ: واجبٌ على الكاتب أن يكتب
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علّمه اللّه} بمثله.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عامرٍ، وعطاءٍ، قوله: {ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علّمه اللّه} قالا: إذا لم يجدوا كاتبًا فدعيت فلا تأب أن تكتب لهم
ذكر من قال: هي منسوخةٌ.
قد ذكرنا جماعةً ممّن قال: كلّ ما في هذه الآية من الأمر بالكتابة والإشهاد والرّهن منسوخٌ بالآية الّتي في آخرها، وأذكر قول من تركنا ذكره هنالك لبعض المعاني:
[جامع البيان: 5/77]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {ولا يأب كاتبٌ} قال: كانت عزيمةً فنسختها: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علّمه اللّه} فكان هذا واجبًا على الكتّاب
وقال آخرون: هو على الوجوب، ولكنّه واجبٌ على الكاتب في حال فراغه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علّمه اللّه} يقول: لا يأب كاتبٌ أن يكتب إن كان فارغًا
والصّواب من القول في ذلك عندنا أنّ اللّه عزّ وجلّ أمر المتداينين إلى أجلٍ مسمًّى باكتتاب كتب الدّين بينهم، وأمر الكاتب أن يكتب ذلك بينهم بالعدل، وأمر اللّه فرضٌ لازمٌ، إلاّ أن تقوم حجّةٌ بأنّه إرشادٌ وندبٌ، ولا دلالة تدلّ على أنّ أمره جلّ ثناؤه باكتتاب الكتب في ذلك، وأنّ تقدّمه إلى الكاتب أن لا يأبى كتابة ذلك ندبٌ وإرشادٌ، فذلك فرضٌ عليهم لا يسعهم تضييعه ومن ضيّعه منهم كان حرجًا بتضييعه
[جامع البيان: 5/78]
ولا وجه لاعتلال من اعتلّ بأنّ الأمر بذلك منسوخٌ بقوله: {فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته} لأنّ ذلك إنّما أذن اللّه تعالى ذكره به، حيث لا سبيل إلى الكتاب، أو إلى الكاتب فأمّا والكتاب والكاتب موجودان، فالفرض إذا كان الدّين إلى أجلٍ مسمًّى ما أمر اللّه تعالى ذكره به في قوله: {فاكتبوه وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علّمه اللّه} وإنّما يكون النّاسخ ما لم يجز اجتماع حكمه وحكم المنسوخ في حالٍ واحدةٍ على السّبيل الّتي قد بيّنّاها، فأمّا ما كان أحدهما غير نافٍ حكم الآخر، فليس من النّاسخ والمنسوخ في شيءٍ
ولو وجب أن يكون قوله: {وإن كنتم على سفرٍ ولم تجدوا كاتبًا فرهانٌ مقبوضةٌ فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته} ناسخًا قوله: {إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علّمه اللّه} لوجب أن يكون قوله: {وإن كنتم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحدٌ منكم من الغائط أو لامستم النّساء فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيدًا طيّبًا} ناسخًا الوضوء بالماء في الحضر عند وجود الماء فيه، وفي السّفر الّذي فرضه اللّه عزّ وجلّ بقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} وأن يكون قوله في كفّارة الظّهار: {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين} ناسخًا قوله: {فتحرير رقبةٍ من قبل أن يتماسّا} فيسأل القائل إنّ قول اللّه عزّ وجلّ: {فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته}
[جامع البيان: 5/79]
ناسخٌ قوله: {إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه} الفرق بينه وبين القائل في التّيمّم وما ذكرنا قوله، فزعم أنّ كلّ ما أبيح في حال الضّرورة لعلّة الضّرورة ناسخٌ حكمه في حال الضّرورة حكمه في كلّ أحواله نظير قوله في أنّ الأمر باكتتاب كتب الدّيون والحقوق منسوخٌ بقوله: {وإن كنتم على سفرٍ ولم تجدوا كاتبًا فرهانٌ مقبوضةٌ فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته}؟
فإن قال: الفرق بيني وبينه أنّ قوله: {فإن أمن بعضكم بعضًا} كلامٌ منقطعٌ عن قوله: {وإن كنتم على سفرٍ ولم تجدوا كاتبًا فرهانٌ مقبوضةٌ} وقد انتهى الحكم في السّفر إذا عدم فيه الكاتب بقوله: {فرهانٌ مقبوضةٌ} وإنّما عنى بقوله: {فإن أمن بعضكم بعضًا} إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى، فأمن بعضكم بعضًا، فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته،
قيل له: وما البرهان على ذلك من أصلٍ أو قياسٍ وقد انقضى الحكم في الدّين الّذي فيه إلى الكاتب والكتاب سبيلٌ بقوله: {ويعلّمكم اللّه واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}؟
وأمّا الّذين زعموا أنّ قوله: {فاكتبوه} وقوله: {ولا يأب كاتبٌ} على وجه النّدب والإرشاد، فإنّهم يسألون البرهان على دعواهم في ذلك، ثمّ يعارضون بسائر أمر اللّه عزّ وجلّ الّذي أمر في كتابه، ويسألون الفرق بين ما ادّعوا في ذلك وأنكروه في غيره، فلن يقولوا في شيءٍ من ذلك قولاً إلاّ ألزموا بالآخر مثله
[جامع البيان: 5/80]
.
ذكر من قال: العدل في قوله: {وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل} الحقّ **
- حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي قوله: {وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل} يقول: بالحقّ). [جامع البيان: 5/81]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فليكتب وليملل الّذي عليه الحقّ وليتّق اللّه ربّه ولا يبخس منه شيئًا}
يعني بذلك: فليكتب الكاتب، وليملل الّذي عليه الحقّ، وهو الغريم المدين، يقول: ليتولّ المدين إملال كتاب ما عليه من دين ربّ المال على الكاتب، وليتّق اللّه ربّه المملي الّذي عليه الحقّ، فليحذر عقابه في بخس الّذي له الحقّ من حقّه شيئًا، أن ينقصه منه ظلمًا، أو يذهب به منه تعدّيًا، فيؤخذ به حيث لا يقدر على قضائه إلاّ من حسناته، أو أن يتحمّل من سيّئاته.
- كما حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {فليكتب وليملل الّذي عليه الحقّ} فكان هذا واجبًا، {وليتّق اللّه ربّه ولا يبخس منه شيئًا} يقول: لا يظلم منه شيئًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولا يبخس منه شيئًا} قال: لا ينقص من حقّ هذا الرّجل شيئًا إذا أمل). [جامع البيان: 5/81]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا أو ضعيفًا أو لا يستطيع أن يملّ هو فليملل وليّه بالعدل}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا أو ضعيفًا} فإن كان المدين الّذي عليه المال سفيهًا، يعني جاهلاً بالصّواب في الّذي عليه أن يملّه على الكاتب.
- كما: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا} أمّا السّفيه: فالجاهل بالإملاء والأمور
وقال آخرون: بل السّفيه في هذا الموضع الّذي عناه اللّه: الطّفل الصّغير.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا} أمّا السّفيه: فهو الصّغير.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، في قوله: {فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا أو ضعيفًا} قال: هو الصّبيّ الصّغير، {فليملل وليّه بالعدل}
وأولى التّأويلين بالآية، تأويل من قال: السّفيه في هذا الموضع: الجاهل بالإملاء وموضع صواب ذلك من خطئه، لما قد بيّنّا قبل من أنّ معنى السّفه في كلام العرب: الجهل
[جامع البيان: 5/82]
.
وقد يدخل في قوله: {فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا} كلّ جاهلٍ بصواب ما يملّ من خطئه من صغيرٍ وكبيرٍ، وذكرٍ وأنثى، غير أنّ الّذي هو أولى بظاهر الآية أن يكون مرادًا بها كلّ جاهلٍ بموضع خطأ ما يملّ وصوابه من بالغي الرّجال الّذين لا يولّى عليهم، والنّساء؛ لأنّه أجّل ذكره ابتدأ الآية بقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى} والصّبيّ ومن يولّى عليه لا يجوز مداينته، وأنّ اللّه عزّ وجلّ قد استثنى من الّذين أمرهم بإملال كتاب الدّين مع السّفيه الضّعيف ومن لا يستطيع إملاله، ففي فصله جلّ ثناؤه الضّعيف من السّفيه ومن لا يستطيع إملا الكتاب في الصّفة الّتي وصف بها كلّ واحدٍ منهم ما أنبأ عن أنّ كلّ واحدٍ من الأصناف الثّلاثة الّذين بيّن اللّه صفاتهم غير الصّنفين الآخرين.
وإذا كان ذلك كذلك، كان معلومًا أنّ الموصوف بالسّفه منهم دون الضّعف هو ذو القوّة على الإملال، غير أنّه وضع عنه فرض الإملال بجهله بموضع صواب ذلك من خطئه، وأنّ الموصوف بالضّعف منهم هو العاجر عن إملاله وإن كان سديدًا رشيدًا إمّا لعيّ لسانه أو خرسٍ به، وأنّ الموصوف بأنّه لا يستطيع أن يملّ هو الممنوع من إملاله، إمّا بالحبس الّذي لا يقدر معه على حضور الكاتب الّذي يكتب الكتاب فيملّ عليه، وإمّا لغيبته عن موضع الإملال فهو غير قادرٍ من أجل غيبته عن إملال الكتاب. فوضع اللّه عنهم فرض إملال ذلك للعلل الّتي وصفنا إذا كانت بهم، وعذرهم بترك الإملال من أجلها، وأمر عند سقوط فرض ذلك عنهم وليّ الحقّ بإملاله فقال: {فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا أو ضعيفًا أو لا يستطيع أن يملّ هو فليملل وليّه بالعدل} يعني وليّ الحقّ
[جامع البيان: 5/83]
.
ولا وجه لقول من زعم أنّ السّفيه في هذا الموضع هو الصّغير، وأنّ الضّعيف هو الكبير الأحمق؛ لأنّ ذلك إن كان كما قال يوجب أن يكون قوله: {أو لا يستطيع أن يملّ هو} هو العاجز من الرّجال العقلاء الجائزي الأمر في أموالهم وأنفسهم عن الإملال، إمّا لعلّةٍ بلسانه من خرسٍ أو غيره من العلل، وإمّا لغيبته عن موضع الكتاب، وإذا كان ذلك كذلك معناه بطل معنى قوله: {فليملل وليّه بالعدل} لأنّ العاقل الرّشيد لا يولّى عليه في ماله وإن كان أخرس أو غائبًا، ولا يجوز حكم أحدٍ في ماله إلاّ بأمره، وفي صحّة معنى ذلك ما يقضي على فساد قول من زعم أنّ السّفيه في هذا الموضع هو الطّفل الصّغيراوالضعيف أو الكبير الأحمق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا أو ضعيفًا أو لا يستطيع أن يملّ هو فليملل وليّه بالعدل} يقول: وليّ الحقّ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا أو ضعيفًا أو لا يستطيع أن يملّ هو فليملل وليّه بالعدل} قال: يقول: إن كان عجز عن ذلك أملّ صاحب الدّين بالعدل
[جامع البيان: 5/84]
ذكر الرّواية عمّن قال: عنى بالضّعيف في هذا الموضع: الأحمق، وبقوله: {فليملل وليّه بالعدل} وليّ السّفيه والضّعيف.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا أو ضعيفًا أو لا يستطيع أن يملّ هو} قال: أمر وليّ السّفيه أو الضّعيف أن يملّ بالعدل.
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: أمّا الضّعيف، فهو الأحمق.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: أمّا الضّعيف فالأحمق.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا أو ضعيفًا} لا يعرف فيثبت لهذا حقّه ويجهل ذلك، فوليّه بمنزلته حتّى يضع لهذا حقّه
وقد دلّلنا على أولىالقولين بالصّواب في ذلك، وأمّا قوله: {فليملل وليّه بالعدل} فإنّه يعني بالحقّ). [جامع البيان: 5/85]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: واستشهدوا على حقوقكم شاهدين، يقال: فلانٌ شهيدي على هذا المال وشاهدي عليه،
وأمّا قوله: {من رجالكم} فإنّه يعني من أحراركم المسلمين دون عبيدكم، ودون أحراركم الكفّار.
- كما: حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} قال: الأحرار
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا عليّ بن سعيدٍ، عن هشيمٍ، عن داود بن أبي هند، عن مجاهدٍ، مثله). [جامع البيان: 5/86]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممّن ترضون من الشّهداء}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: فإن لم يكونا رجلين، فليكن رجلٌ وامرأتان على الشّهادة، عليه
ورفع الرّجل والمرأتان بالرّدّ على الكون، وإن شئت قلت: فإن لم يكونا رجلين فليشهد رجلٌ وامرأتان على ذلك، وإن شئت فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان يشهدون عليه؛ وإن قلت: فإن لم يكونا رجلين فهو فرجلٌ وامرأتان كان صوابًا كلّ ذلك جائزٌ، ولو كان فرجلاٌ وامرأتن نصبًا كان جائزًا على تأويل: فإن لم يكونا رجلينٍ، فاستشهدوا رجلاً وامرأتين،
وقوله: {ممّن ترضون من الشّهداء} يعني من العدول المرتضى دينهم وصلاحهم.
[جامع البيان: 5/86]
- كما: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} يقول في الدّين، {فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان} وذلك في الدّين {ممّن ترضون من الشّهداء} يقول: عدولٌ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} أمر اللّه عزّ وجلّ أن يشهدوا ذوي عدلٍ من رجالهم {فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممّن ترضون من الشّهداء}). [جامع البيان: 5/87]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى}
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأ عامّة أهل الحجاز والمدينة وبعض أهل العراق: {أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى} بفتح الألف من أن ونصب تضلّ وتذكّر،
[جامع البيان: 5/87]
بمعنى: فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان كي تذكّر إحداهما الأخرى إن ضلّت، وهو عندهم من المقدّم الّذي معناه التّأخير؛ لأنّ التّذكير عندهم هو الّذي يجب أن يكون مكان تضلّ لأنّ المعنى ما وصفنا في قولهم. وقالوا: إنّما نصبنا تذكّر، لأنّ الجزاء لمّا تقدّم اتّصل بما قبله فصار جوابه مردودًا عليه، كما تقول في الكلام: إنّه ليعجبني أن يسأل السّائل فيعطى، بمعنى أنّه ليعجبني أن يعطى السّائل إن سأل أو إذا سأل، فالّذي يعجبك هو الإعطاء دون المسألة، ولكنّ قوله: أن يسأل، لمّا تقدّم اتّصل بما قبله، وهو قوله: يعجبني، فتح أن ونصب بها، ثمّ أتبع ذلك قوله: يعطى، فنصبه بنصب قوله: ليعجبني أن يسأل، نسقًا عليه، وإن كان في معنى الجزاء.
وقرأ ذلك آخرون كذلك، غير أنّهم كانوا يقرءونه بتسكين الذّال من تذكّر وتخفيف كافها،
وقارئو ذلك كذلك مختلفون فيما بينهم في تأويل قراءتهم إيّاه كذلك، وكان بعضهم يوجّهه إلى أنّ معناه: فتصيّر إحداهما الأخرى ذكرًا باجتماعهما، بمعنى أنّ شهادتها إذا اجتمعت وشهادة صاحبتها جازت، كما تجوز شهادة الواحد من الذّكور في الدّين؛ لأنّ شهادة كلّ واحدةٍ منهما منفردةً غير جائزةٍ فيما جازت فيه من الدّيون إلاّ باجتماع اثنتين على شهادة واحدٍ، فتصير شهادتهما حينئذٍ منزلة شهادة واحدٍ من الذّكور، فكأنّ كلّ واحدةٍ منهما في قول متأوّلي ذلك بهذا المعنى صيّرت صاحبتها معها ذكرًا؛ وذهب إلى قول العرب: لقد أذكرت بفلانٍ أمّه، أي ولدته ذكرًا، فهي تذكر به، وهي امرأةٌ مذكرةٌ إذا كانت تلد الذّكور من الأولاد وهذا قولٌ يروى عن سفيان بن عيينة أنّه كان يقوله.
[جامع البيان: 5/88]
- حدّثت بذلك، عن أبي عبيد القاسم بن سلاّمٍ، أنّه قال: حدّثت عن سفيان بن عيينة، أنّه قال: ليس تأويل قوله: {فتذكّر إحداهما الأخرى} من الذّكر بعد النّسيان إنّما هو من الذّكر، بمعنى أنّها إذا شهدت مع الأخرى صارت شهادتهما كشهادة الذّكر
- وكان آخرون منهم يوجّهونه إلى أنّه بمعنى الذّكر بعد النّسيان
وقرأ ذلك آخرون: (إن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى) بكسر إن من قوله: (إن تضلّ) ورفع تذكّر وتشديده، كأفّه بمعنى ابتداء الخبر عمّا تفعل المرأتان، إن نسيت إحداهما شهادتها ذكّرتها الأخرى من تثبيت الذّاكرة النّاسية وتذكيرها ذلك، وانقطاع ذلك عمّا قبله.
[جامع البيان: 5/89]
ومعنى ذالك عند قارئى ذلك كذلك: واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممّن ترضون من الشّهداء، فإنّ إحداهما إن ضلّت ذكّرتها الأخرى؛ على استئناف الخبر عن فعلها إن نسيت إحداهما شهادتها من تذكير الأخرى منهما صاحبتها النّاسية.
وهذه قراءةٌ كان الأعمش يقرؤها ومن أخذها عنه، وإنّما نصب الأعمش {تضلّ} لأنّها في محلّ جزمٍ بحرف الجزاء، وهو إن وتأويل الكلام على قراءته: إن تضلل، فلمّا أدغمت إحدى اللاّمين في الأخرى حرّكها إلى أخفّ الحركات ورفع تذكّر بالتاء، لأنّه جواب الجزاء بفاء،
والصّواب من القراءة عندنا في ذلك قراءة من قرأه بفتح أن من قوله: {أن تضلّ إحداهما} وبتشديد الكاف من قوله: {فتذكّر إحداهما الأخرى} ونصب الرّاء منه، بمعنى: فإن لم يكونا رجلين فليشهد رجلٌ وامرأتان كي إن ضلّت إحداهما ذكّرتها الأخرى،
وأمّا نصب فتذكّر فبالعطف على تضلّ، وفتحت أن بحلولها محلّ كي، وهي في موضع جزاءٍ، والجواب بعده اكتفاءً بفتحها، أعني بفتح أن من كي ونسق الثّاني، أعني {فتذكّر} على {تضلّ}، ليعلم أنّ الّذي قام مقام ما كان يعمل فيه وهو ظاهرٌ قد دلّ عليه وأدّى عن معناه وعمله أعني عن كي،
[جامع البيان: 5/90]
وإنّما اخترنا ذلك في القراءة لإجماع الحجّة من قدماء القرّاء والمتأخّرين على ذلك، وانفراد الأعمش ومن قرأ قراءته في ذلك بما انفرد به عنهم، ولا يجوز ترك قراءةٍ جاء بها المسلمون مستفيضةٍ بينهم إلى غيرها،
وأمّا اختيارنا {فتذكّر} بتشديد الكاف، فلانّه بمعنى ترديد الذّكر من إحداهما على الأخرى وتعريفها اياهاء ذلك لتذّكّر، فالتّشديد به أولى من التّخفيف.
وأمّا ما حكي عن ابن عيينة من التّأويل الّذي ذكرناه، فتأويلٌ خطأٌ لا معنًى له لوجوهٍ شتّى: أحدها: أنّه خلافٌ لقول جميع أهل التّأويل.
والثّاني: أنّه معلومٌ بأنّ ضلال إحدى المرأتين في الشّهادة الّتي شهدت عليها إنّما هو ذهابها عنها بنسيانها إيّاها كضلال الرّجل في دينه إذا تحيّر فيه فعدل عن الحقّ، وإذا صارت إحداهما بهذه الصّفة فكيف يجوز أن تصيّر الأخرى ذكرًا معها مع نسيانها شهادتها وضلالها فيها؟ فالضّالّة منهما في شهادتها حينئذٍ لا شكّ أنّها إلى التّذكير أحوج منها إلى الإذكار، إلاّ إن أراد أنّ الذّاكرة إذا ضعفت صاحبتها عن ذكر شهادتها ستخذتها على ذكر ما ضعفت عن ذكره فنسيته
[جامع البيان: 5/91]
، فقوّتها بالذّكر حتّى صيّرتها كالرّجل في قوّتها في ذكر ما ضعفت عن ذكره من ذلك، كما يقال للشّيء القويّ في عمله: ذكرٌ، وكما يقال للسّيف الماضي في ضربه: سيفٌ ذكرٌ، ورجلٌ ذكرٌ، يراد به: ماضٍ في عمله، قويّ البطش، صحيح العزم، فإن كان ابن عيينة هذا أراد، فهو مذهبٌ من مذاهب تأويل ذلك؟ إلاّ أنّه إذا تأوّل ذلك كذلك، صار تأويله إلى نحو تأويلنا الّذي تأوّلناه فيه، وإن خالفت القراءة بذلك المعنى القراءة الّتي اخترناها بأن تصير القراءة حينئذٍ الصّحيح بالّذي اختار قراءته من تخفيف الكاف من قوله: فتذكّر، ولا نعلم أحدًا تأوّل ذلك كذلك، فنيستجيز قراءته كذلك بذلك المعنى،
فالصّواب في قواءته إذ كان الأمر عامًا على ما وصفنا ما اخترنا.
ذكر من تأوّل قوله: {أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى} نحو تأويلنا الّذي قلنا فيه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممّن ترضون من الشّهداء أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى} علم اللّه أن ستكون حقوقٌ، فأخذ لبعضكم من بعضٍ الثّقة، فخذوا بثقة اللّه، فإنّه أطوع لربّكم، وأدرك لأموالكم، ولعمري لئن كان تقيًّا لا يزيده الكتاب إلاّ خيرًا، وإن كان فاجرًا فبالحريّ أن يؤدّي إذا علم أنّ عليه شهودًا.
[جامع البيان: 5/92]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى} يقول: أن تنسى إحداهما فتذكّرها الأخرى.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {أن تضلّ إحداهما} يقول: تنسى إحداهما الشّهادة فتذكّرها الأخرى.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {أن تضلّ إحداهما} يقول: إن تنس إحداهما تذكّرها الأخرى.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى} قال ان اخطات الشهادة فذكرتها الاخر قال وتذكر ف تذكر قال: كلاهما لغةٌ وهما سواءٌ، ونحن نقرأ: {فتذكّر}). [جامع البيان: 5/93]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا}
اختلف أهل التّأويل في الحال الّتي نهى اللّه الشّهداء عن إباء الإجابة إذا دعوا بهذه الآية، فقال بعضهم: معناه: لا يأب الشّهداء أن يجيبوا إذا دعوا ليشهدوا على الكتاب والحقوق.
[جامع البيان: 5/93]
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله تعالى: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} كان الرّجل يطوف في الحواء العظيم فيه القوم، فيدعوهم إلى الشّهادة فلا يتبعه أحدٌ منهم قال: وكان قتادة يتأوّل هذه الآية: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} ليشهدوا لرجلٍ على رجلٍ.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: كان الرّجل يطوف في القوم الكثير يدعوهم ليشهدوا، فلا يتبعه أحدٌ منهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا}.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: لا تأب أن تشهد إذا ما دعيت إلى شهادةٍ
وقال آخرون بمثل معنى هؤلاء، إلا أنّهم قالوا: يجب فرض ذلك على من دعي للإشهاد على الحقوق إذا لم يوجد غيره، فأمّا إذا وجد غيره فهو في الإجابة إلى ذلك مخيّرٌ إن شاء أجاب وإن شاء لم يجب.
[جامع البيان: 5/94]
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن جابرٍ، عن الشّعبيّ، قال: {لا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: إن شاء شهد، وإن شاء لم يشهد، فإذا لم يوجد غيره شهد
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا للشّهادة على من أراد الدّاعي إشهاده عليه، والقيام بما عنده من الشّهادة من الإجابة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، عن الحسن: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: قال الحسن: الإقامة والشّهادة.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، في قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: كان الحسن يقول: جمعت أمرين لا تأب إذا كانت عندك شهادةٌ أن تشهد، ولا تأب إذا دعيت إلى شهادةٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} يعني من احتيج إليه من المسلمين شهد على شهادةٍ إن اوكانت عنده شهادة، ولا يحلّ له أن يأبى إذا ما دعي.
[جامع البيان: 5/95]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن يونس، عن الحسن: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: لإقامتها، ولا يبذأ بها إذا دعاه ليشهده، وإذا دعاه ليقيمها
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا للقيام بالشّهادة الّتي عندهم للدّاعي من إجابته إلى القيام بها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: إذا شهد.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: إذا كانوا قد شهدوا قبل ذلك.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} يقول: إذا كانوا قد أشهدوا.
[جامع البيان: 5/96]
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: إذا كانت عندك شهادةٌ فدعيت.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا ليثٌ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: إذا كانت عندك شهادةٌ فأقمها، فإذا دعيت لتشهد، فإن شئت فاذهب، وإن شئت فلا تذهب.
- حدّثنا سوار بن عبد اللّه، قال: حدّثنا عبد الملك بن الصّبّاح، عن عمران بن حديرٍ، قال: قلت لأبي مجلزٍ: ناسٌ يدعونني لأشهد بينهم، وأنا أكره أن أشهد بينهم؟ قال: دع ما تكره، فإذا شهدت فأجب إذا دعيت.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن جابرٍ، عن عامرٍ، قال: الشّاهد بالخيار ما لم يشهد.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن يونس، عن عكرمة، في قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: لإقامة الشّهادة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن أبي عامرٍ، عن عطاءٍ، قال: في إقامة الشّهادة
[جامع البيان: 5/97]
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: حدّثنا أبو عامرٍ المزنيّ، قال: سمعت عطاءً، يقول: ذلك في إقامة الشّهادة، يعني قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا}.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو حرّة، أخبرنا عن الحسن: أنّه سأله سائلٌ قال: أدعى إلى الشّهادة وأنا أكره أن أشهد عليها، قال: فلا تجب إن شئت.
- حدّثنا يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن مغيرة، قال: سألت إبراهيم قلت: أدعى إلى الشّهادة وأنا أخاف أن أنسى، قال: فلا تشهد إن شئت.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، عن عطاءٍ، قال: للإقامة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن شريكٍ، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: إذا كانوا قد شهدوا.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: هو الّذي عنده الشّهادة.
[جامع البيان: 5/98]
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} يقول: لا يأب الشّاهد أن يتقدّم فيشهد إذا كان فارغًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: هم الّذين قد شهدوا قال: ولا يضرّ إنسانًا أن يأبى أن يشهد إن شاء. قلت لعطاءٍ: ما شأنه إذا دعي أن يكتب وجب عليه أن لا يأبى، وإذا دعي أن يشهد لم يجب عليه أن يشهد إن شاء؟ قال: كذلك يجب على الكاتب أن يكتب، ولا يجب على الشّاهد أن يشهد إن شاء؛ الشّهداء كثيرٌ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: إذا شهد فلا يأب إذا دعي أن يأتي يؤدّي شهادةً ويقيمها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ولا يأب الشّهداء} قال: كان الحسن يتأوّلها إذا كانت عنده شهادةٌ فدعي ليقيمها.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، في قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: إذا كتب الرّجل شهادته، أو أشهد لرجلٍ فشهد، والكاتب الّذي يكتب الكتاب؛ دعوا إلى مقطع الحقّ، فعليهم أن يجيبوا، وأن يشهدوا بما أشهدوا عليه
[جامع البيان: 5/99]
وقال آخرون: هو أمرٌ من اللّه عزّ وجلّ الرّجل والمرأة بالإجابة إذا دعي ليشهد على ما لم يشهد عليه من الحقوق ابتداءً لا إقامة الشّهادة، ولكنّه أمر ندبٍ لا فرضٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أبو العالية العبديّ إسماعيل بن الهيثم، قال: حدّثنا أبو قتيبة، عن فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة العوفيّ، في قوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} قال: أمرت أن تشهد، فإن شئت فاشهد، وإن شئت فلا تشهد
- حدّثني أبو العالية، قال: حدّثنا أبو قتيبة، عن محمّد بن ثابتٍ العبديّ، عن عطاءٍ، بمثله
وأولى هذه الأقوال بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: ولا يأب الشّهداء من الإجابة إذا دعوا لإقامة الشّهادة وأدائها عند ذي سلطانٍ أو حاكمٍ يأخذ من الّذي عليه ما عليه للّذي هو له.
وإنّما قلنا هذا القول بالصّواب أولى في ذلك من سائر الأقوال غيره؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ قال: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} فإنّما أمرهم بالإجابة للدّعاء للشّهادة وقد ألزمهم اسم الشّهداء
[جامع البيان: 5/100]
، وغير جائزٍ أن يلزمهم اسم الشّهداء إلاّ وقد استشهدوا قبل ذلك، فشهدوا على ما ألزمهم شهادتهم عليه اسم الشّهداء، فأمّا قبل أن يستشهدوا فيشهدوا على شيءٍ فغير جائزٍ أن يقال لهم شهداء؛ لأنّ ذلك الاسم لو كان يلزمهم ولمّا يستشهدوا على شيءٍ يستوجبون بشهادتهم عليه هذا الاسم لم يكن على الأرض أحدٌ له عقلٌ صحيحٌ إلاّ وهو مستحقٌّ أن يقال له شاهدٌ، بمعنى أنّه سيشهد، أو أنّه يصلح لأن يشهد وإن كان خطأً أن يسمّى بذلك الاسم إلاّ من عنده شهادةٌ لغيره، أو من قد قام بشهادته، فلزمه لذلك هذا الاسم؛ كان معلومًا أنّ المعنيّ بقوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} من وصفنا صفته ممّن قد استرعي شهادةً أو شهد، فدعي إلى القيام بها؛ لأنّ الّذي لم يستشهد ولم يسترع شهادةً قبل الإشهاد غير مستحقٍّ اسم شهيدٍ ولا شاهدٍ، لما قد وصفنا قبل
مع أنّ في دخول الألف واللاّم في الشّهداء دلالةً واضحةً على أنّ المعنى بالنّهي عن ترك الإجابة للشّهادة أشخاصٌ معلومون قد عرفوا بالشّهادة، وأنّهم الّذين أمر اللّه عزّ وجلّ أهل الحقوق باستشهادهم بقوله: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممّن ترضون من الشّهداء} وإذا كان ذلك كذلك، كان معلومًا أنّهم إنّما أمروا بإجابة داعيهم لإقامة شهادتهم بعد ما استشهدوا فشهدوا؛ ولو كان ذلك أمرًا لمن أعرض من النّاس فدعي إلى الشّهادة يشهد عليها لقيل: ولا يأب شاهدٌ إذا ما دعي،
[جامع البيان: 5/101]
غير أنّ الأمر وإن كان كذلك، فإنّ الّذي نقول به في الّذي يدعى لشهادةٍ ليشهد عليها إذا كان بموضعٍ ليس به سواه ممّن يصلح للشّهادة، فإنّ الفرض عليه إجابة داعيه إليها كما فرض على الكاتب إذا استكتب بموضعٍ لا كاتب به سواه، ففرض عليه أن يكتب، كما فرض على من كان بموضعٍ لا أحد به سواه يعرف الإيمان وشرائع الإسلام، فحضره جاهلٌ بالإيمان وبفرائض اللّه فسأله تعليمه وبيان ذلك له أن يعلّمه ويبيّنه له، ولم نوجب ما أوجبنا على الرّجل من الإجابة للشّهادة إذا دعي ابتداءً ليشهد على ما يتشهد عليه بهذه الآية، ولكن بأدلّةٍ سواها، وهي ما ذكرنا، وان فرضنا على الرّجل إحياء ما قدر على إحيائه من حقّ أخيه المسلم، والشّهداء جمع شهيدٍ). [جامع البيان: 5/102]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله} يعني بذلك جلّ ثناؤه: ولا تسأموا أيّها الّذين تداينون النّاس إلى أجلٍ أن تكتبوا صغير الحقّ، يعني قليله أو كبيره يعني أو كثيره {إلى أجله} يعنى إلى أجل الحقّ، فإنّ الكتاب أحصى للأجل والمال.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن شريكٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله} قال: هو الحق الذى بينهما الدّين ومعنى قوله: {ولا تسأموا} لا تملّوا، يقال منه: سئمت فأنا أسأم سآمةً وسأمةً، ومنه قول لبيدٍ:
[جامع البيان: 5/102]
ولقد سئمت من الحياة وطولها = وسؤال هذا النّاس: كيف لبيد؟
يعنى ملليت
ومنه قول زهيرٍ:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش = ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم
وقال بعض نحويّي البصريّين: تأويل قوله: {إلى أجله} إلى أجل الشّاهد، ومعناه: إلى الأجل الّذي لاتجوز شهادته فيه،
وقد بيّنّا القول في ذلك). [جامع البيان: 5/103]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلكم أقسط عند اللّه}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: ذلكم اكتتاب كتاب الدّين إلى أجله. ويعني بقوله {أقسط}: أعدل عند اللّه، يقال منه: أقسط الحاكم فهو يقسط إقساطًا وهو مقسطٌ، إذا عدل في حكمه، وأصاب الحقّ فيه، فإذا جار قيل: قسط فهو يقسط قسوطًا، ومنه قول اللّه عزّ وجلّ: {وأمّا القاسطون فكانوا لجهنّم حطبًا} يعني الجائرون وبمثل ما قلنا في ذلك قال جماعة أهل التّأويل.
[جامع البيان: 5/103]
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {ذلكم أقسط عند اللّه} يقول: أعدل عند اللّه). [جامع البيان: 5/104]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأقوم للشّهادة}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: وأصوب للشّهادة، وأصله من قول القائل: أقمته من عوجه، إذا سوّيته فاستوى.
وإنّما كان الكتاب أعدل عند اللّه وأصوب لشهادة الشّهود على ما فيه؛ لأنّه يحوي الألفاظ الّتي أقرّ بها البائع والمشتري وربّ الدّين والمستدين على نفسه، فلا يقع بين الشّهود اختلافٌ في ألفاظهم بشهادتهم لاجتماع شهادتهم على ما حواه الكتاب، وإذا اجتمعت شهادتهم على ذلك، كان فصل الحكم بينهم أبين لمن احتكم إليه من الحكّام، مع غير ذلك من الأسباب، وهو أعدل عند اللّه؛ لأنّه قد أمر به، واتّباع أمر اللّه لا شكّ أنّه عند اللّه أقسط وأعدل من تركه والانحراف عنه). [جامع البيان: 5/104]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأدنى ألاّ ترتابوا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {وأدنى} وأقرب، من الدّنوّ: وهو القرب،
ويعني بقوله: {ألاّ ترتابوا} من أن لا تشكّوا في الشّهادة.
- كما: حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ذلك أدنى أن لا ترتابوا} يقول: أن لا تشكّوا في الشّهادة وهو تفتعل من الرّيبة.
[جامع البيان: 5/104]
ومعنى الكلام: ولا تملّوا أيّها القوم أن تكتبوا الحقّ الّذي لكم قبل من داينتموه من النّاس إلى أجلٍ صغيرًا كان ذلك الحقّ، أو كبيرًا، فإنّ كتابكم ذلك أعدل عند اللّه وأصوب لشهادة شهودكم عليه، وأقرب لكم أن لا تشكّوا فيما شهد به شهودكم عليكم من الحقّ والأجل إذا كان مكتوبًا). [جامع البيان: 5/105]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إلا أن تكون تجارةً حاضرةً تديرونها بينكم فليس عليكم جناحٌ ألاّ تكتبوها}
ثمّ استثنى جلّ ذكره ممّا نهاهم عنه أن يسأموه من اكتتاب كتب حقوقهم على غرمائهم بالحقوق الّتي لهم عليهم، ما وجب لهم قبلهم من حقٍّ عن مبايعةٍ بالنّقود الحاضرة يدًا بيدٍ، فرخّص لهم في ترك اكتتاب الكتب بذلك؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهم أعني من الباعة والمشترين، يقبض إذا كان الواجب بينهم فيما تبايعوه نقدًا ما وجب له قبل مبايعيه قبل المفارقة، فلا حاجة لهم في ذلك إلى اكتتاب أحد الفريقين على الفريق الآخر كتابًا بما وجب لهم قبلهم وقد تقابضوا الواجب لهم عليهم، فلذلك قال تعالى ذكره: {إلاّ أن تكون تجارةً حاضرةً تديرونها بينكم} لا أجل فيها ولا تأخير ولا ثنيا {فليس عليكم جناحٌ ألاّ تكتبوها} يقول: فلا حرج عليكم ألاّ تكتبوها، يعني التّجارة الحاضرة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال جماعةٌ من أهل التّأويل.
[جامع البيان: 5/105]
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {إلاّ أن تكون تجارةً حاضرةً تديرونها بينكم} يقول: معكم بالبلد ترونها فتؤخذ وتعطى، فليس على هؤلاء جناحٌ أن الا يكتبوها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله} إلى قوله: {فليس عليكم جناحٌ ألاّ تكتبوها} قال: أمر اللّه أن لا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله، وأمر ما كان يدًا بيدٍ أن يشهد عليه صغيرًا كان أو كبيرًا ورخّص لهم أن الا يكتبوه
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الحجاز والعراق وعامّة القرّاء: (إلاّ أن تكون تجارةٌ حاضرةٌ) بالرّفع، وانفرد بعض قرّاء الكوفيّين بقرأءته( الاان تكون تجارةٌ حاضرةٌ) بالنّصب فقرا، وذلك وإن كان جائزًا في العربيّة، إذ كانت العرب تنصب النّكرات المنعوتات مع كان، وتضمر معها في كان مجهولاً، فتقول: إن كان طعامًا طيّبًا فأتنا به، وترفعها فتقول: إن كان طعامٌ طيّبٌ فأتنا به، فتتبع النّكرة خبرها بمثل إعرابها، فإنّ الّذي اختار من القراءة، ثمّ لا أستجيز القراءة بغيره الرّفع في التّجارة الحاضرة لإجماع القرّاء على ذلك، وشذوذ من قرأ ذلك نصبًا عنهم، ولا يعترض بالشّاذّ على الحجّة، وممّا جاء نصبًا
[جامع البيان: 5/106]
قول الشّاعر:
أعينيّ هل تبكيان عفاقا = إذا كان طعنًا بينهم وعناقا
وقول الآخر:
وللّه قومي أيّ قومٍ لحرّةٍ...إذا كان يومًا ذا كواكب أشنعا
وإنّما تفعل العرب ذلك في النّكرات لما وصفنا من اتّباع أخبار النّكرات أسماءها، وكان من حكمها أن يكون معها مرفوعٌ ومنصوبٌ، فإذا رفعوهما جميعما تذكّروا اتّباع النّكرة خبرها، وإذا نصبوها تذكّروا صحبة كان لمنصوبٍ ومرفوعٍ، ووجدوا النّكرة يتبعها خبرها فنصبوا، النكرة واتبعوها خبرها وأضمروا في كان مجهولاً لاحتمالها الضّمير، وقد ظنّ بعض النّاس أنّ من قرأ ذلك: {إلاّ أن تكون تجارةً حاضرةً} إنّما قرأه على معنىالا يكون الدين إلا أن يكون تجارةً حاضرةً
[جامع البيان: 5/107]
، فزعم أنّه كان يلزم قارئ ذلك أن يقرأ يكون بالياء، وأغفل موضع صواب قراءته من جهة الإعراب، وألزمه غير ما يلزمه، وذلك أنّ العرب إذاذكرو مع كان نكرةً مؤنّثًا بنعتها أو خبرها، أنّثوا كان مرّةً، وذكّروها أخرى، فقالوا: إن كانت جاريةً صغيرةً فاشتروها، وإن كان جاريةً صغيرةً فاشتروها، تذكّر كان وإن نصبت النّكرة المنعوتة أو رفعت أحيانًا وتؤنّث أحيانًا.
وقد زعم بعض نحويّي البصرة أنّ قوله: (إلاّ أن تكون تجارةٌ حاضرةٌ) مرفوعةٌ فيه التّجارة الحاضرة لأن يكون بمعنى التّمام، ولا حاجة بها إلى الخبر، بمعنى: إلاّ أن توجد أو تقع أو تحدث، فألزم نفسه ما لم يكن لها لازمًا؛ لأنّه إنّما ألزم نفسه ذلك إذا لم يكن يجد لكان منصوبًا، ووجد التّجارة الحاضرة مرفوعةً، وأغفل جواز قوله: {تديرونها بينكم} أن يكون خبرًا لكان، فيستغني بذلك عن إلزام نفسه ما ألزم.
والّذي قال من حكينا قوله من البصريّين غير خطأٍ في العربيّة، غير أنّ الّذي قلنا بكلام العرب أشبه، وفي المعنى أصحّ، وهو أن يكون في قوله: {تديرونها بينكم} وجهان: أحدهما أنّه في موضع نصبٍ على أنّه حلّ محلّ خبر كان، والتّجارة الحاضرة اسمها والآخر: أنّه في موضع رفعٍ على إتباع التّجارة الحاضرة؛ لأنّ خبر النّكرة يتبعها، فيكون تأويله: إلاّ أن تكون تجارةٌ حاضرةٌ دائرةٌ بينكم). [جامع البيان: 5/108]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأشهدوا إذا تبايعتم}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: وأشهدوا على صغير ما تبايعتم وكبيره من حقوقكم، عاجل ذلك وآجله، ونقده ونسائه، فإنّ إرخاصي لكم في ترك اكتتاب الكتب بينكم فيما كان من حقوقٍ تجري بينكم لبعضكم من قبل بعضٍ عن تجارةٍ حاضرةٍ دائرةٍ بينكم يدًا بيدٍ ونقدًا ليس بإرخاصٍ منّي لكم في ترك الإشهاد منكم على من بعتموه شيئًا أو ابتعتم منه؛ لأنّ في ترككم الإشهاد على ذلك خوف المضرّة على كلٍّ من الفريقين، أمّا على المشتري، فأن يجحد البائع المبيع، وله بيّنةٌ على ملكه ما قد باع، ولا بيّنة للمشتري منه على الشّراء منه فيكون القول حينئذٍ قول البائع مع يمينه ويقضى له به، فيذهب مال المشتري باطلاً، وأمّا على البائع فأن يجحد المشتري الشّراء، وقد زال ملك البائع عمّا باع، ووجب له قبل المبتاع ثمن ما باع، فيحلف على ذلك فيبطل حقّ البائع قبل المشتري من ثمن ما باعه، فأمر اللّه عزّ وجلّ الفريقين بالإشهاد، لئلاّ يضيع حقّ أحد الفريقين قبل الفريق الآخر.
ثمّ اختلفوا في معنى قوله: {وأشهدوا إذا تبايعتم} أهو أمرٌ من اللّه واجبٌ بالإشهاد عند المبايعة، أم هو ندبٌ؟ فقال بعضهم: هو ندبٌ إن شاء أشهد، وإن شاء لم يشهد.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن الرّبيع، عن الحسن، وسفيان، عن رجلٍ، عن الشّعبيّ، في قوله: {وأشهدوا إذا تبايعتم} قالا: إن شاء أشهد، وإن شاء لم يشهد ألم تسمع إلى قوله: {فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمنته}.
[جامع البيان: 5/109]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا الرّبيع بن صبيحٍ، قال: قلت للحسن: أرأيت قول اللّه عزّ وجلّ: {وأشهدوا إذا تبايعتم}؟ قال: إن أشهدت عليه فهو ثقةٌ للّذي لك، وإن لم تشهد عليه فلا بأس.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الرّبيع بن صبيحٍ، قال: قلت للحسن: يا أبا سعيدٍ، قول اللّه عزّ وجلّ: {وأشهدوا إذا تبايعتم}قلت أبيع الرّجل بنقد وأنا أعلم أنّه لا ينقدنى في شهرين ولا ثلاثةٍ، أترى بأسًا ألاّ أشهد عليه؟ قال: إن أشهدت فهو ثقةٌ للّذي لك، وإن لم تشهد فلا بأس.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن داود، عن الشّعبيّ: {وأشهدوا إذا تبايعتم} قال: إن شاءوا أشهدوا، وإن شاءوا لم يشهدوا
وقال آخرون: الإشهاد على ذلك واجبٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {إلاّ أن تكون تجارةً حاضرةً تديرونها بينكم فليس عليكم جناحٌ ألاّ تكتبوها} ولكن أشهدوا عليها إذا تبايعتم أمر اللّه ما كان يدًا بيدٍ، أن تشهد عليه صغيرًا كان أو كبيرًا.
[جامع البيان: 5/110]
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، قال: ما كان من بيعٍ حاضرٍ، فإن شاء أشهد، وإن شاء لم يشهد، وما كان من بيعٍ إلى أجلٍ، فأمر اللّه أن يكتب ويشهد عليه، وذلك في المقام
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أنّ الإشهاد على كلّ مبيعٍ ومشترًي حقٌّ واجبٌ وفرضٌ لازمٌ، لما قد بيّنّا من أنّ كلّ أمر للّه فرضٌ، إلاّ ما قامت حجّته من الوجه الّذي يجب التّسليم له بأنّه ندبٌ وإرشادٌ.
وقد دلّلنا على وهي قول من قال ذلك منسوخٌ بقوله: {فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته} فيما مضى فأغنى عن إعادته). [جامع البيان: 5/111]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ}
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: ذلك نهي من اللّه لكاتب الكتاب بين أهل الحقوق والشّهيد أن يضارّ أهله، فيكتب هذا ما لم يملله المملي، ويشهد هذا بما لم يستشهده المستشّهد.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه، في قوله: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} ولا يضارّ كاتبٌ فيكتب ما لم يمل عليه، ولا شهيدٌ فيشهد بما لم يستشهد.
[جامع البيان: 5/111]
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن يونس، قال: كان الحسن يقول: {لا يضارّ كاتبٌ} فيزيد شيئًا أو يحرّف، {ولا شهيدٌ}، قال: لا يكتم الشّهادة، ولا يشهد إلا بحقٍّ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد قال حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: اتّقى اللّه شاهدٌ في شهادته لا ينقص منها حقًّا ولا يزيد فيها باطلا، اتّقى اللّه كاتبٌ في كتابه، فلا يدعنّ منه حقًّا ولا يزيدنّ فيه باطلاً.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} قال: لا يضارّ كاتبٌ فيكتب ما لم يملل، ولا شهيدٌ فيشهد بما لم يشهد
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن معمرٍ، عن قتادة نحوه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} قال: لا يضارّ كاتبٌ فيكتب غير الّذي أملي عليه، قال: والكتّاب يومئذٍ قليلٌ، ولا يدرون أيّ شيءٍ يكتب، فيضارّ فيكتب غير الّذي أملي عليه، فيبطل حقّهم، قال: والشّهيد: يضارّ فيحوّل شهادته، فيبطل حقّهم
[جامع البيان: 5/112]
فأصل الكلمة على تأويل من ذكرنا من هؤلاء: ولا يضارر كاتبٌ ولا شهيدٌ، ثمّ أدغمت الرّاء في الرّاء؛ لأنّهما من جنس وحرّكت إلى الفتح وموضعها جزمٌ، لأنّ الفتح أخفّ الحركات
وقال آخرون ممّن تأوّل هذه الكلمة هذا التّأويل: معنى ذلك: ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ بالامتناع عمّن دعاهما إلى أداء ما عندهما من العلم أو الشّهادة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، في قوله: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} يقول: أن يؤدّيا ما قبلهما.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} قال: لا يضارّ أن يؤدّيا ما عندهما من العلم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: {لا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} قال: أن يدعوهما فيقولان: إنّ لنا حاجةً.
[جامع البيان: 5/113]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، ومجاهدٍ: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} قالا: واجبٌ على الكاتب أن يكتب {ولا شهيدٌ} قالا: إذا كان قد شهدا قبله
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا يضارّ المستكتب والمستشهد الكاتب والشّهيد،
وتأويل الكلمة على مذهبهم: ولا يضارر على وجه ما لم يسمّ فاعله.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن ابن عيينة، عن عمرٍو، عن عكرمة، قال: كان عمر يقرأ: (ولا يضارر كاتبٌ ولا شهيدٌ).
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، قال: كان ابن مسعودٍ يقرأ: (ولا يضارر).
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ، أنّه كان يقرأ: (ولا يضارر كاتبٌ ولا شهيدٌ) وأنّه كان يقول في تأويلها: ينطلق الّذي له الحقّ فيدعو كاتبه وشاهده إلى أن يشهد، ولعلّه أن يكون في شغلٍ أو حاجةٍ ليؤثّمه إن ترك ذلك حينئذٍ لشغله وحاجته وقال مجاهدٌ: لا يقم عن شغله وحاجته، فيجد في نفسه أو يحرج.
[جامع البيان: 5/114]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} والضّرار: أن يقول الرّجل للرّجل وهو عنه غنيٌّ: إنّ اللّه قد أمرك أن تأتي إذا دعيت، فيضارّه بذلك وهو مكتفٍ بغيره. فنهاه اللّه عزّ وجلّ عن ذلك، وقال: {وإن تفعلوا فإنّه فسوقٌ بكم}.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قال: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} يقول: إنّه يكون للكاتب والشّاهد حاجةٌ ليس منها بدٌّ، فيقول: خلّوا سبيله.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن يونس، عن عكرمة، في قوله: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} قال: يكون به العلّة، أو يكون مشغولاً. يقول: فلا يضارّه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، أنّه كان يقول: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} يقول: لا يأت الرّجل فيقول: انطلق فاكتب لي واشهد لي، فيقول: إنّ لي حاجةً فالتمس غيري، فيقول: اتّق اللّه فإنّك قد أمرت أن تكتب لي، فهذه المضارّة؛ ويقول: دعه والتمس غيره، والشّاهد بتلك المنزلة.
[جامع البيان: 5/115]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} يقول: يدعو الرّجل الكاتب أو الشّهيد، فيقول الكاتب أو الشّاهد: إنّ لنا حاجةً، فيقول الّذي يدعوهما: إنّ اللّه عزّ وجلّ أمركما أن تجيبا في الكتابة والشّهادة، يقول اللّه عزّ وجلّ لا يضارّهما.
- حدّثت عن الحسن، قال: سمعت أبا معاذٍ قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك في قوله: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} هو الرّجل يدعو الكاتب أو الشّاهد وهما على حاجةٍ مهمّةٍ، فيقولان: إنّا على حاجةٍ مهمّةٍ فاطلب غيرنا، فيقول: اللّه لقد أمركما أن تجيبا، فأمره أن يطلب غيرهما ولا يضارّهما، يعني لا يشغلهما عن حاجتهما المهمّة وهو يجد غيرهما.
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} يقول: ليس ينبغي أن تعترض رجلاً له حاجةٌ فتضارّه فتقول له: اكتب لي، فلا تتركه حتّى يكتب لك وتفوته حاجته، ولا شاهدًا من شهودك وهو مشغولٌ، فتقول: اذهب فاشهد لي تحبسه عن حاجته، وأنت تجد غيره.
[جامع البيان: 5/116]
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قوله: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} قال: لمّا نزلت هذه الآية: {ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علّمه اللّه} كان أحدهم يجيء إلى الكاتب فيقول: اكتب لي، فيقول: إنّي مشغولٌ أو لي حاجةٌ، فانطلق إلى غيري، فيلزمه ويقول: إنّك قد أمرت أن تكتب لي، فلا يدعه ويضارّه بذلك وهو يجد غيره، ويأتي الرّجل فيقول: انطلق معي فاشهدك، فيقول: اذهب إلى غيري فإنّي مشغولٌ أو لي حاجةٌ، فيلزمه ويقول: قد أمرت أن تتبعني، فيضارّه بذلك، وهو يجد غيره، فأنزل اللّه عزّ وجلّ {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن معمرٍ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} يقول: إنّ لي حاجةً فدعني، فيقول لا: اكتب لي، {ولا شهيدٌ} كذلك
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ، بمعنى: ولا يضارّهما من استكتب هذا أو استشهد هذا بأن يأبى على هذا إلاّ أن يكتب له وهو مشغولٌ بأمر نفسه، ويأبى على هذا إلاّ أن يجيب إلى الشّهادة وهو غير فارغٍ، على ما قاله قائلو ذلك من القول الّذي ذكرنا قبل.
وإنّما قلنا: هذا القول أولى بالصّواب من غيره؛ لأنّ الخطاب من اللّه عزّ وجلّ في هذه الآية من مبتدئها إلى انقضائها على وجه افعلوا أو لا تفعلوا،
[جامع البيان: 5/117]
إنّما هو خطابٌ لأهل الحقوق والمكتوب بينهم الكتاب والمشهود لهم أو عليهم بالّذي تداينوه بينهم من الدّيون، فأمّا ما كان من أمرٍ أو نهيٍ فيها لغيرهم، فإنّما هو على وجه الأمر والنّهي للغائب غير المخاطب كقوله: {وليكتب بينكم كاتبٌ} وكقوله: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} وما أشبه ذلك، فالواجب إذا كان المأمورون فيها مخاطبين بقوله: {وإن تفعلوا فإنّه فسوقٌ بكم} ان يكون بالرد على قوله (واشهدو اذا تبايعتم ) ولايضاروا كاتبا ولاشهيدا{وإن تفعلوا فإنّه فسوقٌ بكم} أشبه منه بأن يكون مردودًا على الكاتب والشّهيد، ومع ذلك إنّ الكاتب والشّهيد لو كانا هما المنهيّين عن الضّرار لقيل: وإن يفعلا فإنّه فسوقٌ بهما، لأنّهما اثنان، وإنّما غير مخاطبين بقوله: {ولا يضارّ} بل النّهي بقوله: {ولا يضارّ} نهيٌ للغائب غير المخاطب، فتوجيه الكلام إلى ما كان نظيرًا لما في سياق الآية، أولى من توجيهه إلى ما كان منعدلاً عنه). [جامع البيان: 5/118]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن تفعلوا فإنّه فسوقٌ بكم}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: وإن تضارّوا الكاتب أو الشّاهد وما نهيتم عنه من ذلك، فإنّه فسوقٌ بكم، يعني: إثمٌ بكم ومعصيةٌ.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم بنحو الّذي قلنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {وإن تفعلوا فإنّه فسوقٌ بكم} يقول: إن تفعلوا غير الّذي آمركم به، فإنّه فسوقٌ بكم.
[جامع البيان: 5/118]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {وإن تفعلوا فإنّه فسوقٌ بكم} الفسوق: المعصية.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {وإن تفعلوا فإنّه فسوقٌ بكم} الفسوق: العصيان
وقال آخرون: معنى ذلك: وإن يضارّ كاتبٌ فيكتب غير الّذي أملى المملي، ويضارّ شهيدٌ فيحوّل شهادته ويغيّرها، فإنّه فسوقٌ بكم، يعني فإنّه كذبٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {وإن تفعلوا فإنّه فسوقٌ بكم} الفسوق: الكذب، قال: هذا فسوقٌ؛ لأنّه كذب الكاتب فحوّل كتابه فكذب، وكذب الشّاهد فحوّل شهادته، فأخبرهم اللّه أنّه كذبٌ
وقد دلّلنا فيما مضى على أنّ المعنيّ بقوله: {ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} إنّما معناه: لا يضارّهما المستكتب والمستشهد، بما فيه الكفاية، فقوله: {وإن تفعلوا} إنّما هو إخبار من يضارّهما بحكمه فيهما، وأنّ من يضارّهما فقد عصى ربّه وأثم به، وركب ما لا يحلّ له، وخرج عن طاعة ربّه في ذلك). [جامع البيان: 5/119]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واتّقوا اللّه ويعلّمكم اللّه واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {واتّقوا اللّه} وخافوا اللّه أيّها المتداينون في الكتاب والشّهود أن تضارّوهم، وفي غير ذلك من حدود اللّه أن تضيّعوه، ويعني بقوله: {ويعلّمكم اللّه} ويبيّن لكم الواجب لكم وعليكم، فاعملوا به {واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} يعني من أعمالكم وغيرها، يحصيها عليكم ليجازيكم بها
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قوله: {ويعلّمكم اللّه} قال: هذا تعليمٌ علمّكموه فخذوا به). [جامع البيان: 5/120]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: يا أيّها الذين آمنوا
قد تقدم تفسيره. آية 104). [تفسير القرآن العظيم: 1/554]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: إذا تداينتم بدينٍ
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن يونس، ثنا يحيى بن عيسى عن سفيان بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه: يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه قال: السّلم في الحنطة، في كيلٍ معلومٍ.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل ثنا وكيعٌ، عن هشام الستوائي عن قتادة، عن أبي حسّان الأعرج عن ابن عبّاسٍ، قال: أشهد أنّ السّلف المضمون إلى أجلٍ مسمًّى، إنّ اللّه أحلّه وأذن فيه، ثمّ قرأ: يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى). [تفسير القرآن العظيم: 1/554]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: إلى أجلٍ مسمًّى
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن يونس الرّمليّ، ثنا يحيى بن عيسى، عن
[تفسير القرآن العظيم: 2/554]
سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ إلى أجلٍ مسمًّى قال:
إلى أجلٍ معلومٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/555]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فاكتبوه
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، في قول اللّه: إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه إنّ أوّل من جحد آدم صلّى اللّه عليه وسلّم أنّ اللّه أراه (... ) رأى رجلًا أزهر ساطع نوره، فقال: يا ربّ من هذا؟ قال هذا ابنك داود. قال: يا ربّ، فما عمره؟ قال: ستّون سنةً، قال: يا ربّ زد في عمره. قال: لا، إلا أن تزيده من عمرك قال:
وما عمري؟ قال: ألف سنةٍ. قال: آدم: فقد وهبت له أربعين سنةً. قال: فكتب اللّه عليه كتابًا، وأشهد عليه ملائكته. فلمّا حضره الموت، وجاءته الملائكة، قال: إنّه قد بقي من عمري أربعين سنةٌ. قالوا: إنّك قد وهبتها لابنك داود. قال: ما وهبت لأحدٍ شيئًا. قال: فأخرج اللّه الكتاب، وشهد عليه الملائكة.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه فأمر بالشّهادة عند المداينة، لكيلا يدخل في ذلك جحودٌ ولا نسيانٌ، فمن لم يشهد على ذلك فقد عصى.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا موسى بن هارون الدّولابيّ، ثنا مروان عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه ما كان من بيعٍ إلى أجلٍ صغيرٍ أو كبيرٍ فإنّ اللّه قد أمر فيه بالكتاب والبيّنة إلى أجله.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه، عن الرّبيع، قوله: فاكتبوه فكان هذا واجبًا
- أخبرنا سعيد بن عمرٍو السّكونيّ الحمصيّ فيما كتب إليّ، ثنا بقيّة عن
[تفسير القرآن العظيم: 2/555]
عليٍّ القرشيّ، عن محمّد بن إسحاق قوله: فاكتبوه وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل أنّها منسوخةٌ، نسختها فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته). [تفسير القرآن العظيم: 1/556]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، أخبرنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، في قول اللّه: وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل أمر الكاتب أن يكتب بينهما بالعدل). [تفسير القرآن العظيم: 1/556]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: بينكم
- حدثنا أبو زرعة، نثا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: وليكتب بينكم بين البائع والمشتري). [تفسير القرآن العظيم: 1/556]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: كاتبٌ بالعدل
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: كاتبٌ بالعدل يعني يعدل بينهما في كتابه لا يزد على المطلوب، ولا ينقص من حقّ الطّالب.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: بالعدل يقول: بالحق). [تفسير القرآن العظيم: 1/556]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ولا يأب
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا حم بن نوحٍ، ثنا أبو معاذٍ، ثنا أبو مصلحٍ، عن الضّحّاك، في قوله: ولا يأب كاتبٌ يقول: لا ينبغي للكاتب أن يأبى، أن يكتب كما علّمه اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/556]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ولا يأب كاتب
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا وقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: ولا يأب كاتبٌ قال: واجبٌ على الكاتب أن يكتب. وروي عن الرّبيع بن أنسٍ، مثل ذلك، وروي عن عطاءٍ والشّعبيّ، أنّهما قالا: فلا يأب أن يكتب.
[تفسير القرآن العظيم: 2/556]
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، أخبرني بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان، في قوله: ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علّمه اللّه قال: الكاتب إذا كانت له حاجةً ووجد غيره، فليمض لحاجته ويلتمس غيره، وذلك أنّ الكتّاب في ذلك الزّمان، كانوا قليلا). [تفسير القرآن العظيم: 1/557]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: أن يكتب
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قول اللّه: ولا يأب كاتبٌ أن يكتب قال: إن كان فارغًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/557]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: كما علّمه اللّه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: ولا يأب كاتبٌ أن يكتب كما علّمه اللّه الكتابة وترك غيره.
- حدّثنا أبو سعيد بن هارون، ثنا إسحاق بن الحجّاج، ثنا أبو زهيرٍ عن جويبرٍ، عن الضّحّاك ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه اللّه كما أمره اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/557]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فليكتب
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه، عن الرّبيع، قوله: فليكتب فكان هذا واجبًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/557]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وليملل
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ وليملل الّذي عليه الحقّ يعني المطلوب. يقول ليمل ما عليه من الحقّ، على الكاتب، من حقّ المطلوب.
وروي عن الضّحّاك، نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا يونس بن عبد الأعلى، عن الشّافعيّ، في قوله:
وليملل الّذي عليه الحقّ إنّما معناه أن يقرّ، قطّ، بالحقّ، ليس معناه أن يملي). [تفسير القرآن العظيم: 1/557]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله الّذي عليه الحقّ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: وليملل الّذي عليه الحقّ يعني: المطلوب.
وروي عن مقاتل بن حيّان، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/558]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وليتّق اللّه ربّه
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة وليتّق اللّه ربّه يتّقي اللّه شاهدٌ في شهادته، لا ينتقص منها حقًّا، ولا يزيد فيها باطلا، (اتقا) اللّه كاتبٌ، في (كتابته) لا يدعنّ منه حقًّا، ولا يزيدنّ فيه باطلا). [تفسير القرآن العظيم: 1/558]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ولا يبخس منه شيئا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: ولا يبخس منه شيئًا يقول: ولا ينقص من حقّ الطّالب شيئًا.
وروي عن مقاتل بن حيّان والضّحّاك نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محلّمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ، قال: سألت الحسن عن قوله: ولا يبخس منه شيئًا قال: لا يظلم منه شيئًا ولا ينقص ممّا عليه شيئًا.
وروي عن قتادة والرّبيع بن أنسٍ، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/558]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فإن كان الّذي عليه الحقّ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: فإن كان الّذي عليه الحقّ يعني المطلوب). [تفسير القرآن العظيم: 1/558]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: سفيها
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا قال: أمّا السّفيه فالجاهل بالإملاء. وروي عن ابن عبّاسٍ وسعيد بن جبيرٍ، نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله:
فإن كان الّذي عليه الحقّ سفيهًا أمّا السّفيه: فهو الصّغير). [تفسير القرآن العظيم: 1/559]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: أو ضعيفًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: أو ضعيفًا يعني: عاجزًا أو أخرسًا، أو رجلا به حمقٌ.
وروي عن مجاهدٍ والسّدّيّ، أنّه الأحمق وقال الشّافعيّ: الّذي يستحقّ أن يحجر). [تفسير القرآن العظيم: 1/559]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: أو لا يستطيع
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: أو لا يستطيع يعني: لا يحسن. وروي عن الضّحّاك نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/559]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: أن يملّ هو
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: أن يملّ هو قال: أن يملّ ما عليه). [تفسير القرآن العظيم: 1/559]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فليملل
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: فليملل وليّ الحقّ حقّه بالعدل وروي عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/559]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وليه
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا أبو داود، عن سفيان، عن يونس، عن الحسن فليملل وليّه بالعدل قال: وليّ اليتيم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/559]
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان، في قوله: فليملل وليّه بالعدل: ولي طالبه.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: فليملل وليّه بالعدل يعني: الطّالب ولا يزداد شيئًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/560]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: بالعدل
قد تقدم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 1/560]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: واستشهدوا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: واستشهدوا يعني: على حقّكم وروي عن الرّبيع بن أنسٍ، نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أسيد بن عاصمٍ، ثنا الحسين، ثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ في هذه الآية واستشهدوا قال: إذا باع بالنّقد (أشهد ولم يكتب) وإذا باع بالنّسيئة، كتب وأشهد). [تفسير القرآن العظيم: 1/560]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: شهيدين من رجالكم
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو بكيرٍ النّخعيّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ
واستشهدوا شهيدين من رجالكم قال: شاهدين حرين وليس العبدين رجلان، هما عبدين كما سمّاهما اللّه.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ ثنا عبد اللّه بن لهيعة،
[تفسير القرآن العظيم: 2/560]
حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: شهيدين من رجالكم يعني: مسلمين احرار.
- حدّثنا أبو سعيد بن هارون، ثنا إسحاق بن الحجّاج، ثنا أبو زهيرٍ عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: واستشهدوا شهيدين من رجالكم قال: أمر اللّه تعالى أن تشهدوا ذوي عدلٍ من رجالكم). [تفسير القرآن العظيم: 1/561]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله عزّ وجلّ فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان وذلك في الدّين.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالد، ابنا خالد بن يزيد بن عبد الرحمن ابن أبي مالكٍ، عن أبيه يزيد بن عبد الرّحمن بن أبي مالكٍ: ولا يجوز شهادة أربع نسوةٍ مكان رجلين، في الحقوق، ولا تجوز شهادتهنّ إلا معهنّ رجلٌ. ولا يجوز شهادة رجلٍ وامرأةٍ، لأنّ اللّه تعالى قال واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممّن ترضون من الشّهداء). [تفسير القرآن العظيم: 1/561]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ممن ترضون من الشهداء
[الوجه الأول]
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمس، ثنا وكيعٌ، عن ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة، قال: سألت ابن عبّاسٍ عن شهادة الصّبيان، فقال ابن عبّاسٍ: قال اللّه: ممّن ترضون من الشّهداء وليسوا ممّن نرضى.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن الأعمش، عن إبراهيم، في قوله: ممّن ترضون من الشّهداء قال ممّن لا يعلم عليه خوبةٌ.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان، في قول اللّه: ممّن ترضون من الشّهداء يأمر بإشهاد العدل من الرّجال والنّساء). [تفسير القرآن العظيم: 1/561]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: أن تضلّ
- حدّثنا محمّد بن الحجّاج الحضرميّ، ثنا الخصيب بن ناصحٍ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن... عن الحسن في قوله: أن تضلّ إحداهما قال: أن تضلّ أن تنسى، فتذكّر إحداهما الأخرى وروي عن سعيد بن جبيرٍ والرّبيع بن أنسٍ والسّدّيّ ومقاتلٍ والضّحّاك نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/562]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: إحداهما
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: أن تضلّ إحداهما يقول: أن تنسى إحدى المرأتين الشّهادة). [تفسير القرآن العظيم: 1/562]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فتذكّر إحداهما الأخرى
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: فتذكّر إحداهما الأخرى يعني: تذكّرها). [تفسير القرآن العظيم: 1/562]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: إحداهما الأخرى
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد بن مسلم، ابنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان فتذكّر إحداهما الأخرى قال: فتذكّرها صاحبتها.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: فتذكّر إحداهما الأخرى يعني:
تذكّرها الّتي حفظت شهادتها). [تفسير القرآن العظيم: 1/562]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ولا يأب الشّهداء
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الطّاهر، ابنا ابن وهبٍ، حدّثني عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، في قول اللّه: ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا قال: إذا شهد، ثمّ دعي إلى شهادته فلا ينبغي إلا أن يأتي يشهد). [تفسير القرآن العظيم: 1/562]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمر، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا قال: إذا كان عندهم شهادةٌ.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عقبة، عن إسرائيل، عن جابرٍ عن عامرٍ في قوله: ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا قال: إذا شهد، فدعي فلا يأب، وإذا لم يشهد، فهو بالخيار، فإن شاء شهد، وإن شاء لم يشهد. وروي عن مجاهدٍ، في إحدى الرّوايات وسعيد بن جبيرٍ وربيعة وزيد بن أسلم، نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى القطّان، ثنا أبو داود، عن قيسٍ، عن جابرٍ عن مجاهدٍ، في قول اللّه: ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا قال: هي واجبةٌ.
قال: وسمعت الشّعبيّ يقول: هي بالخيار ما لم يشهد.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا قال: كان الرّجل يطوف في القوم الكثير، يدعوهم ليشهدهم، فلا يتبعه منهم أحدٌ فأنزل اللّه تعالى: ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا وروي عن قتادة، نحو ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا يعني من احتيج إليه من المسلمين، فشهد على شهادةٍ أو كانت عنده شهادةٌ فلا يحلّ له أن يأبى إذا ما دعي.
وروي عن الحسن، نحو ذلك، يقول: جمعت أمرين). [تفسير القرآن العظيم: 1/563]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ولا تسأموا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة،
[تفسير القرآن العظيم: 2/563]
حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول الله: ولا تسئموا يقول:
لا تملّوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/564]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد بن مسلم، ابنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتلٍ، في قول الله: ولا تسئموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله جمعت الصّغير والكبير في الدّين سواءٌ أمر أن يشهد عليه، وأن يكتب.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: إنّ تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله يعني: أن تكتبوا قليل الحقّ وكثيره إلى أجله لأنّ الكتاب أحصى للأجل والمال.
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: ذلكم يعني: الكتاب). [تفسير القرآن العظيم: 1/564]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ذلكم أقسط عند اللّه
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ في قوله:
ذلكم أقسط عند اللّه يقول: أعدل عند اللّه. وروي عن سعيد بن جبيرٍ.
وسفيان، نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا حم بن نوحٍ، ثنا أبو معاذٍ، ثنا أبو مصلحٍ، عن الضّحّاك، في قوله: ذلكم أقسط عند الله يقوله: ذلكم طاعة اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/564]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وأقوم للشّهادة
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: وأقوم يعني:
وأصوب للشّهادة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/564]
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن الوليد بن سلمة، ثنا محمّد بن يوسف الفريابيّ، عن سفيان، في قوله: وأقوم للشّهادة قال: أثبت للشّهادة). [تفسير القرآن العظيم: 1/565]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وأدنى ألا ترتابوا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: وأدنى ألا ترتابوا يقول: وأجدر. وروي عن الضّحّاك، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/565]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ألا ترتابوا
[الوجه الأول]
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: ألا ترتابوا ألا تشكّوا في الحقّ والأجل والشّهادة، إذا كان مكتوبًا. ثمّ استثنى فقال: إلا أن تكون تجارةً حاضرةً.
وروي عن مقاتل بن حيّان، قال: إذا كان في الكتاب.
قال السّدّيّ وسفيان: لا تشكّوا في الشّهادة.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا حم بن نوحٍ، ثنا أبو معاذٍ، ثنا أبو مصلحٍ، عن الضّحّاك، في قوله: وأدنى ألا ترتابوا يقول أجدر ألا تنسوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/565]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: إلا أن تكون تجارةً حاضرة
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: إلا أن تكون تجارةً حاضرةً يعني: يدًا بيدٍ.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله:
إلا أن تكون تجارةً حاضرةً يقول: معكم بالبلد). [تفسير القرآن العظيم: 1/565]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: تديرونها بينكم
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه ابن
[تفسير القرآن العظيم: 2/565]
لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: تديرونها بينكم قال: ليس فيها أجلٌ.
وروي عن مقاتل بن حيّان، نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ، في قوله:
تديرونها بينكم (......)
- وبه عن السّدّيّ يعني قوله: فليس عليكم جناحٌ ألا تكتبوها يعني: الّذين معكم بالبلد). [تفسير القرآن العظيم: 1/566]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: جناحٌ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: فليس عليكم جناحٌ يعني: حرجٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/566]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ألا تكتبوها
وبه عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: ألا تكتبوها يعني: التّجارة الحاضرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/566]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وأشهدوا إذا تبايعتم
[الوجه الأول]
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: وأشهدوا إذا تبايعتم يعني:
أشهدوا على حقّكم، إذا كان فيه أجلٌ، أو لم يكن، فأشهدوا على حقّكم على كلّ حالٍ. وروي عن جابر بن زيدٍ ومجاهدٍ وعطاءٍ والضّحّاك، نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي ثنا أبو معمرٍ، ثنا عبد الوارث، ثنا يونس، عن الحسن في قوله: وأشهدوا إذا تبايعتم قال: نسختها فإن أمن بعضكم بعضًا وروي عن الشعبي نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/566]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ
[الوجه الأول]
- حدّثنا أسيد بن عاصمٍ، ثنا الحسين بن حفص، ثنا سفيان، عن يزيد ابن أبي زيادٍ، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ، في هذه الآية ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ قال: يأتي الرّجل الرّجلين فيدعوهما إلى الكتاب والشّهادة. فيقولان: إنّا على حاجةٍ فيقول: إنّكما قد أمرتما أن تجيبا. فليس له أن يضارّهما. وروي عن مجاهدٍ وعكرمة وطاوسٍ وسعيد بن جبيرٍ والضّحّاك وعطيّة والرّبيع بن أنسٍ ومقاتل بن حيّان والسّدّيّ، نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن عليّة، عن يونس، قال: قال الحسن:
ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ فيكتم الشّهادة، أو يحرّف، أو نحو هذا.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أبنا عبد الرّزّاق، عن ابن جريجٍ عن عطاءٍ في قوله: ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ قال: أن يؤدّيا ما قبلهما.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو يوسف محمّد بن أحمد بن أبي الحجّاج الرّقّيّ، ثنا فيّاض بن محمّدٍ الرّقّيّ، عن عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه، قال: وكان السّلطان القاضي لا يترك رجلًا يشتم رجلًا ولا يشتم شهيدًا، وذلك أنّ اللّه تعالى قال: ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ
والوجه الخامس:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أبنا عبد الرّزّاق عن معمرٍ، عن قتادة ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ قال: لا يضارّ كاتبٌ، فيكتب ما لم يملّ عليه، ولا شهيدٌ، فيشهد بما لم يستشهد.
وروي عن زيد بن أسلم، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/567]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وإن تفعلوا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد بن مسلم، ابنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، في قول اللّه: وإن تفعلوا يقول: وإن لم تفعلوا الّذي أمركم اللّه في آية الدّين، فإنّه إثمٌ ومعصيةٌ. وروي عن الضّحّاك، مثل ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: وإن تفعلوا يعني: أن تضارّوا الكاتب أو الشّاهد، أو ما نهيتم عنه فإنّه فسوقٌ بكم وروي عن ابن عبّاسٍ، نحو هذا). [تفسير القرآن العظيم: 1/568]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فإنّه فسوقٌ بكم
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ، في قوله: فإنّه فسوقٌ بكم يعني بالفسوق: المعصية.
وروي عن مجاهدٍ وسعيد بن جبيرٍ وعطاء بن دينارٍ والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/568]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: واتّقوا اللّه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ ثمّ خوّفهم فقال: واتّقوا اللّه ولا تعصوه فيهما). [تفسير القرآن العظيم: 1/568]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: واتقوا اللّه... واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: واللّه بكلّ شيءٍ عليم يعني: من أعمالكم). [تفسير القرآن العظيم: 1/568]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا يقول إذا كانوا قد شهدوا قبل ذلك). [تفسير مجاهد: 118]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ محمّد بن أحمد بن بالويه، ثنا أبو مسلمٍ، ثنا إبراهيم بن بشّارٍ، ثنا سفيان، عن أيّوب، عن قتادة، عن أبي حسّان، قال: قال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: " أشهد أنّ السّلف المضمون إلى أجلٍ مسمًّى قد أحلّه اللّه في الكتاب وأذن فيه، قال اللّه عزّ وجلّ {يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه} [البقرة: 282] الآية «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/314]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني محمّد بن عليٍّ الصّنعانيّ، بمكّة، ثنا عليّ بن المبارك الصّنعانيّ، ثنا زيد بن المبارك الصّنعانيّ، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن ابن جريجٍ، عن عبد اللّه بن أبي مليكة، قال: أرسلت إلى ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أسأله عن شهادة الصّبيان، فقال: قال اللّه عزّ وجلّ " {ممّن ترضون من الشّهداء} [البقرة: 282] وليسوا ممّن نرضى. قال: فأرسلت إلى ابن الزّبير أسأله فقال: بالحريّ إن سئلوا أن يصدقوا. قال: فما رأيت القضاء إلّا على ما قال ابن الزّبير «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه» ). [المستدرك: 2/314]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال محمّد بن يحيى بن أبي عمر: ثنا سفيان، عن أيّوب السّختيانيّ، عن قتادة، عن أبي حسّانٍ الأعرج، عن ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنهما- قال: "أشهد أنّ السّلف المضمون إلى أجلٍ قد أحلّه اللّه وأذن فيه قال اللّه- جل ذكره- (يا أيها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمى فاكتبوه) ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/187]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن أبي عمر: حدثنا سفيان، عن أيّوب، عن قتادة، عن أبي حسّان الأعرج، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما، قال: أشهد أنّ السّلف المضمون إلى أجلٍ، قد أحلّه اللّه (تعالى) وأذن فيه، قال اللّه (تعالى) جلّ ذكره: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكتبوه}). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/479]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير بسند صحيح عن سعيد بن المسيب: أنه بلغه أن أحدث القرآن بالعرش آية الدين.
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين.
وأخرج الطيالسي وأبو يعلى، وابن سعد وأحمد، وابن أبي حاتم
[الدر المنثور: 3/392]
والطبراني وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس قال: لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول من جحد آدم أن الله لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذار إلى يوم القيامة فجعل يعرض ذريته عليه فرأى فيهم رجلا يزهر قال: أي رب من هذا قال: هذا ابنك داود، قال: أي رب كم عمره قال: ستون عاما قال: رب زد في عمره، فقال: لا إلا أن أزيده من عمرك، وكان عمر آدم ألف سنة فزاده أربعين عاما فكتب عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة فلما احتضر آدم وأتته الملائكة لتقبضه قال: إنه قد بقي من عمري أربعون عاما، فقيل له: إنك قد وهبتها لابنك داود، قال: ما فعلت، فأبرز الله عليه الكتاب وأشهد عليه الملائكة فكمل الله لآدم ألف سنة وأكمل لداود مائة عام.
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق، وعبد بن حميد والبخاري، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله أجله وأذن فيه ثم قرأ {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى}
[الدر المنثور: 3/393]
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين} قال: نزلت في السلم في الحنطة في كيل معلوم إلى أجل معلوم.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة والبيهقي عن ابن عباس قال: قدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث فقال من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: لا سلف إلى العطاء ولا إلى الحصاد ولا إلى الأندر [ الأندر هو البيدر كما في النهاية] ولا إلى العصير واضرب له أجلا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: أمر بالشهادة عند المداينة لكيلا يدخل في ذلك جحود ولا نسيان فمن لم يشهد على ذلك فقد عصى ولا يأب الشهداء يعني من احتيج إليه من المسلمين يشهد على شهادة أو كانت عنده شهادة فلا يحل له أن يأبى إذا ما
[الدر المنثور: 3/394]
دعي ثم قال بعد هذا {ولا يضار كاتب ولا شهيد} والضرار أن يقول الرجل للرجل وهو عنه غني: إن الله قد أمرك أن لا تأبى إذا دعيت فيضاره بذلك وهو مكتف بغيره فنهاه الله عن ذلك وقال {وإن تفعلوا فإنه فسوق} يعني معصية، قال: ومن الكبائر كتمان الشهادة، قال: لأن الله تعالى يقول (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) (البقرة الآية 283).
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {كاتب بالعدل} قال: يعدل بينهما في كتابه لا يزاد على المطلوب ولا ينقص من حق الطالب.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولا يأب كاتب} قال: واجب على الكاتب أن يكتب.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن السدي {ولا يأب كاتب} قال: إن كان فارغا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {ولا يأب كاتب} قال: ذلك أن الكتاب في ذلك الزمان كانوا قليلا
[الدر المنثور: 3/395]
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال {ولا يأب كاتب} قال: كانت الكتاب يومئذ قليلا.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {ولا يأب كاتب} قال: كانت عزيمة فنسختها {ولا يضار كاتب ولا شهيد}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {كما علمه الله} قال: كما أمره الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {كما علمه الله} قال: كما علمه الكتابة وترك غيره {وليملل الذي عليه الحق} يعني المطلوب، يقول: ليمل ما عليه من الحق على الكاتب {ولا يبخس منه شيئا} يقول: لا ينقص من حق الطالب شيئا {فإن كان الذي عليه الحق} يعني المطلوب {سفيها أو ضعيفا} يعني عاجزا أو أخرس أو رجلا به حمق {أو لا يستطيع} يعني لا يحسن {أن يمل هو} قال: أن يمل ما عليه {فليملل وليه} ولي الحق حقه {بالعدل} يعني الطالب ولا يزداد شيئا {واستشهدوا} يعني على حقكم {شهيدين من رجالكم} يعني المسلمين الأحرار {فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما} يقول: أن تنسى إحدى المرأتين الشهادة {فتذكر إحداهما الأخرى} يعني تذكرها التي حفظت
[الدر المنثور: 3/396]
شهادتها {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} قال: الذي معه الشهادة {ولا تسأموا} يقول: لا تملوا {أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا} يعني أن تكتبوا صغير الحق وكبيره قليله وكثيره {إلى أجله} لأن الكتاب أحصى للأجل والمال {ذلكم} يعني الكتاب {أقسط عند الله} يعني أعدل {وأقوم} يعني أصوب {للشهادة وأدنى} يقول: وأجدر {وأدنى ألا ترتابوا} أن لا تشكوا في الحق والأجل والشهادة إذا كان مكتوبا ثم استثنى فقال {إلا أن تكون تجارة حاضرة} يعني يدا بيد {تديرونها بينكم} يعني ليس فيها أجل {فليس عليكم جناح} يعني حرج {ألا تكتبوها} يعني التجارة الحاضرة {وأشهدوا إذا تبايعتم} يعني اشهدوا على حقكم إذا كان فيه أجل أو لم يكن فاشهدوا على حقكم على كل حال {وإن تفعلوا} يعني أن تضاروا الكاتب أو الشاهد وما نهيتم عنه {فإنه فسوق بكم} ثم خوفهم فقال {واتقوا الله} ولا تعصوه فيها {والله بكل شيء عليم} يعني من أعمالكم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {فإن كان الذي عليه الحق سفيها} قال: هو الجاهل بالإملاء {أو ضعيفا} قال: هو الأحمق
[الدر المنثور: 3/397]
وأخرج ابن جرير عن السدي والضحاك في قوله {سفيها} قالا: هو الصبي الصغير.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {فليملل وليه} قال: صاحب الدين.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن الحسن {فليملل وليه} قال: ولي اليتيم.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {فليملل وليه} قال: ولي السفيه أو الضعيف.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر من طريق مجاهد عن ابن عمر في قوله {واستشهدوا شهيدين} قال: كان إذا باع بالنقد أشهد ولم يكتب قال مجاهد: وإذا باع بالنسيئة كتب وأشهد.
وأخرج سفيان وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد في قوله {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} قال: من الأحرار
[الدر المنثور: 3/398]
وأخرج سعيد بن منصور عنه داود بن أبي هند قال: سألت مجاهدا عن الظهار من الأمة فقال: ليس بشيء، قلت: أليس يقول الله (الذين يظاهرون من نسائهم) (المجادلة الآية 3) أفلسن من النساء فقال: والله تعالى يقول {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} أفتجوز شهادة العبيد.
وأخرج ابن المنذر عن الزهري أنه سئل عن شهادة النساء فقال: تجوز فيما ذكر الله من الدين ولا تجوز في غير ذلك.
وأخرج ابن المنذر عن مكحول قال: لا تجوز شهادة النساء إلا في الدين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك قال: لا تجوز شهادة أربع نسوة مكان رجلين في الحقوق ولا تجوز شهادتهن إلا معهن رجل ولا تجوز شهادة رجل وامرأة لأن الله يقول {فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر قال: لا تجوز شهادة النساء وحدهن إلا على ما لا يطلع عليه إلا هن من عورات النساء وما أشبه ذلك من حملهن
[الدر المنثور: 3/399]
وحيضهن.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن قالت امرأة: يا رسول الله ما نقصان العقل والدين قال: أما نقصان عقلها فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي ولا تصلي وتفطر رمضان فهذا نقصان الدين.
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله {ممن ترضون من الشهداء} قال: عدول.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن ابن أبي مليكة قال: كتبت إلى ابن عباس أسأله عن الشهادة الصبيان فكتب إلي: إن الله يقول {ممن ترضون من الشهداء} فليسوا ممن نرضى لا تجوز.
وأخرج الشافعي والبيهقي عن مجاهد في قوله {ممن ترضون من
[الدر المنثور: 3/400]
الشهداء} قال: عدلان حران مسلمان.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرؤها {فتذكر إحداهما الأخرى} مثقلة.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد، أنه كان يقرؤها {فتذكر إحداهما الأخرى} مخففة.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءة ابن مسعود (أن تضل احداهما فتذكرها الأخرى).
وأخرج البيهقي في "سننه" عن ابن عباس في قوله {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} يقول: من احتيج إليه من المسلمين قد شهد على شهادة أو كانت عنده شهادة فلا يحل له أن يأبى إذا ما دعي ثم قال بعد هذا {ولا يضار كاتب ولا شهيد} والإضرار أن يقول الرجل للرجل وهو عنه غني: إن الله قد أمرك أن لا تأبى إذا ما دعيت فيضاره بذلك وهو مكتف بذلك فنهاه الله وقال {وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم} يعني بالفسوق المعصية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {ولا
[الدر المنثور: 3/401]
يأب الشهداء إذا ما دعوا} قال: إذا كانت عندهم شهادة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الربيع قال: كان الرجل يطوف في القوم الكثير يدعوهم ليشهدوا فلا يتبعه أحد منهم فأنزل الله {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا}.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} قال: كان الرجل يطوف في الحي العظيم فيه القوم فيدعوهم إلى الشهادة فلا يتبعه أحد منهم فأنزل الله هذه الآية.
وأخرج سفيان، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا}
قال: إذا كانت عندك شهادة فأقمها فأما إذا دعيت لتشهد فإن شئت فاذهب وإن شئت فلا تذهب.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير {ولا يأب الشهداء} قال: وهو الذي عنده الشهادة.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال: جمعت أمرين، لا تأب إذا كانت عندك شهادة أن تشهد ولا تأب إذا دعيت إلى شهادة
[الدر المنثور: 3/402]
وأخرج ابن المنذر عن عائشة في قوله {أقسط عند الله} قالت: أعدل.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن الحسن في قوله {وأشهدوا إذا تبايعتم} قال: نسختها (فإن أمن بعضكم بعضا) (البقرة الآية 283).
وأخرج ابن المنذر، عن جابر بن زيد، أنه اشترى سوطا فأشهد وقال: قال الله {وأشهدوا إذا تبايعتم}.
وأخرج النحاس في ناسخه عن إبراهيم في الآية قال: أشهد إذ بعت وإذا اشتريت ولو دستجة بقل.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك {وأشهدوا إذا تبايعتم} قال: أشهدوا ولو دستجة من بقل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس في قوله {ولا يضار كاتب ولا
[الدر المنثور: 3/403]
شهيد} قال: يأتي الرجل الرجلين فيدعوهما إلى الكتاب والشهادة فيقولان: إنا على حاجة، فيقول: إنكما قد أمرتما أن تجيبا فليس له أن يضارهما.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {ولا يضار كاتب ولا شهيد} يقول: إنه يكون للكاتب والشاهد حاجة ليس منها بد فيقول: خلوا سبيله.
وأخرج سفيان وعبد الرزاق وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن عكرمة قال: كان عمر بن الخطاب يقرؤها (ولا يضارر كاتب ولا شهيد) يعني بالبناء للمفعول.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود أنه كان يقرأ (و لا يضارر).
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد أنه كان يقرأ (ولا يضارر كاتب ولا شهيد) وأنه كان يقول في تأويلها: ينطلق الذي له الحق فيدعو كاتبه وشاهده إلى أن يشهد ولعله يكون في شغل أو حاجة.
وأخرج ابن جرير، عن طاووس {ولا يضار كاتب} فيكتب ما لم يمل
[الدر المنثور: 3/404]
عليه {ولا شهيد} فيشهد ما لم يستشهد.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن الحسن {ولا يضار كاتب} فيزيد شيئا أو يحرف {ولا شهيد} لا يكتم الشهادة ولا يشهد إلا بحق.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال: لما نزلت هذه الآية {ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله} كان أحدهم يجيء إلى الكاتب فيقول: اكتب لي، فيقول: إني مشغول أو لي حاجة فانطلق إلى غيري فيلزمه ويقول: إنك قد أمرت أن تكتب لي فلا يدعه ويضاره بذلك وهو يجد غيره فأنزل الله {ولا يضار كاتب ولا شهيد}.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم} ويقول: إن تفعلوا غير الذي أمركم به {واتقوا الله ويعلمكم الله} قال: هذا تعليم علمكموه فخذوا به.
وأخرج أبو يعقوب البغدادي في كتاب رواية الكبار عن الصغار عن سفيان قال: من عمل بما يعلم وفق لما لا يعلم.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم
[الدر المنثور: 3/405]
وأخرج الترمذي عن يزيد بن سلمة الجعفي أنه قال يا رسول الله إني سمعت منك حديثا كثيرا أخاف أن ينسيني أوله آخره فحدثني بكلمة تكون جماعا قال: اتق الله فيما تعلم.
وأخرج الطبراني في الأوسط، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من معادن التقوى تعلمك إلى ما علمت ما لم تعلم والنقص والتقصير فيما علمت قلة الزيادة فيه وإنما يزهد الرجل في علم ما لم يعلم قلة الانتفاع بما قد علم.
وأخرج الدرامي عن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب قال لعبد الله بن سلام: من أرباب العلم قال: الذين يعملون بما يعلمون، قال: فما ينفي العلم من صدور الرجال قال: الطمع.
وأخرج البيهقي في الشعب، عن جابر بن عبد الله قال: تعلموا الصمت ثم تعلموا الحلم ثم تعلموا العلم ثم تعلموا العمل به ثم انشروا.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن زياد بن جدير قال: ما فقه قوم لم يبلغوا التقى
[الدر المنثور: 3/406]
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال: يقول الله عز وجل إذا علمت أن الغالب على عبدي التمسك بطاعتي مننت عليه بالاشتغال بي والانقطاع إلي، واخرج أبو الشيخ من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم حياة الإسلام وعماد الإيمان ومن علم علما أنمى الله له أجره إلى يوم القيامة ومن تعلم علما فعمل به فإن حقا على الله أن يعلمه ما لم يكن يعلم.
وأخرج هناد عن الضحاك قال: ثلاثة لا يسمع الله تعالى لهم دعاء، رجل معه امرأة زناء كلما قضى شهوته منها قال: رب اغفر لي، فيقول الرب تبارك وتعالى: تحول عنها وأنا أغفر لك وإلا فلا ورجل باع بيعا إلى أجل مسمى ولم يشهد ولم يكتب فكافره الرجل بما له فيقول: يا رب كافرني فلان بمالي، فيقول الرب لا آجرك ولا أجيبك إني أمرتك بالكتاب والشهود فعصيتني ورجل يأكل مال قوم وهو ينظر إليهم ويقول: يا رب اغفر لي ما آكل من مالهم فيقول الرب تعالى: رد الهم مالهم وإلا فلا). [الدر المنثور: 3/407]


رد مع اقتباس