عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولولا أن تصيبهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم فيقولوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتّبع آياتك ونكون من المؤمنين}.
يقول تعالى ذكره: ولولا أن يقول هؤلاء الّذين أرسلتك يا محمّد إليهم، لو حلّ بهم بأسنا، أو أتاهم عذابنا من قبل أن نرسلك إليهم على كفرهم بربّهم، واكتسابهم الآثام، واجترامهم المعاصي: ربّنا هلاّ أرسلت إلينا رسولاً من قبل أن يحلّ بنا سخطك، وينزل بنا عذابك فنتّبع أدلّتك، وآي كتابك الّذي تنزّله على رسولك ونكون من المؤمنين بألوهيّتك، المصدّقين رسولك فيما أمرتنا ونهيتنا، لعاجلناهم العقوبة على شركهم من قبل ما أرسلناك إليهم، ولكنّا بعثناك إليهم نذيرًا بأسنا على كفرهم، لئلاّ يكون للنّاس على اللّه حجّةٌ بعد الرّسل.
والمصيبة في هذا الموضع: العذاب والنّقمة.
ويعني بقوله: {بما قدّمت أيديهم} بما اكتسبوا). [جامع البيان: 18/264]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولولا أن تصيبهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم فيقولوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولًا فنتّبع آياتك ونكون من المؤمنين (47)
قوله تعالى: ولولا أن تصيبهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم فيقولوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: ربّنا يعني: يا ربّنا.
- حدّثنا أبي ثنا عبد اللّه بن صالح بن مسلمٍ، ثنا فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة العوفيّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
الهالك في الفترة يقول: ربّ لم يأتني كتابٌ ولا رسولٌ، ثمّ قرأ هذه الآية: ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك ونكون من المؤمنين.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ أمّا آيات اللّه: فمحمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: ونكون من المؤمنين
يعني: المصدّقين- تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 9/2984]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين * فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا ساحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون * قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين * فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين.
أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الهالك في الفترة يقول: رب لم يأتني كتاب ولا رسول، ثم قرأ هذه الآية {ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين} ). [الدر المنثور: 11/475]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله سحران تظاهرا قال الكتابان قد ذكرهما فنسيت أحدهما وحفظت أن أحدهما القرآن). [تفسير عبد الرزاق: 2/92]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله سحران محمد وعيسى أو قال موسى). [تفسير عبد الرزاق: 2/92]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن حميد الأعرج عن مجاهد قال سألت ابن عباس وهو بين الركن والباب في الملتزم وهو متكئ على يد عكرمة مولاه فقلت أسحران أم ساحران قال فقلت ذاك مرارا فقال عكرمة ساحران اذهب أيها الرجل أكثرت عليه). [تفسير عبد الرزاق: 2/92]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا جاءهم الحقّ من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل، قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا جاء هؤلاء الّذين لم يأتهم من قبلك يا محمّد نذيرٌ فبعثناك إليهم نذيرًا {الحقّ من عندنا}، وهو محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم بالرّسالة من اللّه إليهم، قالوا تمرّدًا على اللّه، وتماديًا في الغيّ: هلاّ أوتي هذا الّذي أرسل إلينا، وهو محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم مثل ما أوتي موسى بن عمران من الكتاب؟ يقول اللّه تبارك وتعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لقومك من قريشٍ، القائلين لك {لولا أوتي مثل ما أوتي موسى}: أو لم يكفر الّذين علموا هذه الحجّة من اليهود بما أوتي موسى من قبلك؟.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {مثل ما أوتي موسى}، قال: يهود تأمر قريشًا أن تسأل محمّدًا مثل ما أوتي موسى، يقول اللّه لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لقريشٍ يقولوا لهم: {أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل}؟.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى} قال: اليهود تأمر قريشًا، ثمّ ذكر نحوه.
واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة: (قالوا ساحران تظاهرا) بمعنى: أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل، وقالوا له ولمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم في قول بعض المفسّرين، وفي قول بعضهم لموسى وهارون عليهما السّلام، وفي قول بعضهم: لعيسى ومحمّدٍ ساحران تعاونا. وقرأ عامّة قرّاء الكوفة: {قالوا سحران تظاهرا} بمعنى: وقالوا للتّوراة والفرقان في قول بعض أهل التّأويل، وفي قول بعضهم للإنجيل والفرقان.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك على قدر اختلاف القرّاء في قراءته.
ذكر من قال: عني بالساحرين اللّذين تظاهرا محمّدٌ وموسى صلّى اللّه عليهما:
- حدّثنا سليمان بن محمّد بن معدي كرب الرّعينيّ، قال: حدّثنا بقيّة بن الوليد، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي حمزة، قال: سمعت مسلم بن يسارٍ، يحدّث عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه: (ساحران تظاهرا)، قال: موسى ومحمّدٌ.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي حمزة جارهم، قال: سمعت مسلم بن يسارٍ، قال: سألت ابن عبّاسٍ، عن هذه الآية: (ساحران تظاهرا)، قال: موسى ومحمّدٌ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن شعبة، عن أبي حمزة، عن مسلم بن يسارٍ، أنّ ابن عبّاسٍ قرأ (ساحران) قال موسى ومحمّدٌ عليهما السّلام.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن شعبة، عن كيسان أبي حمزة، عن مسلم بن يسارٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
ومن قال: موسى وهارون عليهما السّلام:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه (ساحران تظاهرا). قال اليهود لموسى وهارون.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، (قالوا ساحران تظاهرا)، قول يهود لموسى وهارون عليهما السّلام.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، وأبي رزينٍ أنّ أحدهما، قرأ: (ساحران تظاهرا)، والآخر: {سحران}. قال: الّذي قرأ {سحران} قال: التّوراة والإنجيل. وقال: الّذي قرأ: (ساحران) قال: موسى وهارون.

وقال آخرون: عنوا بالسّاحرين عيسى ومحمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين،. قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن الحسن، قوله (ساحران تظاهرا) قال عيسى ومحمّدٌ، أو قال موسى صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال: عنوا بذلك التّوراة والفرقان، ووجه تأويله إلى قراءة من قرأ {سحران تظاهرا}:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال ثنى معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {سحران تظاهرا} يقول: التّوراة والقرآن.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّى، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {قالوا سحران تظاهرا} يعني: التّوراة والفرقان.
- حدّثني يونس، قال أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {قالوا سحران تظاهرا} قال: كتاب موسى، وكتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال: عنوا به التّوراة والإنجيل:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن حميدٍ الأعرج، عن مجاهدٍ، قال: كنت إلى جنب ابن عبّاسٍ وهو يتعوّذ بين الرّكن والمقام، فقلت كيف تقرأ: {سحران}، أو (ساحران)، فلم يردّ عليّ شيئًا، فقال عكرمة: (ساحران)، وظننت أنّه لو كره ذلك أنكره عليّ. قال حميدٌ: فلقيت عكرمة بعد ذلك فذكرت ذلك له، وقلت: كيف كان يقرؤها؟ قال: كان يقرأ {سحران تظاهرا} أي التّوراة والإنجيل.
ذكر من قال: عنوا به الفرقان والإنجيل:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبيدٌ، عن الضّحّاك، أنّه قرأ {سحران تظاهرا} يعنون الإنجيل والفرقان.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {قالوا سحران تظاهرا} قالت ذلك أعداء اللّه اليهود للإنجيل والفرقان، فمن قال (ساحران) فيقول: محمّدٌ، وعيسى ابن مريم.
قال أبو جعفرٍ: وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصّواب، قراءة من قرأه {قالوا سحران تظاهرا} بمعنى: كتاب موسى وهو التّوراة، وكتاب عيسى وهو الإنجيل.
وإنّما قلنا: ذلك أولى القراءتين بالصّواب، لأنّ الكلام من قبله جرى بذكر الكتاب، وهو قوله: {وقالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى} والّذي يليه من بعده ذكر الكتاب، وهو قوله: {فأتوا بكتابٍ من عند اللّه هو أهدى منهما أتّبعه} فالّذي بينهما بأن يكون من ذكره أولى وأشبه بأن يكون من ذكر غيره.
وإذ كان ذلك هو الأولى بالقراءة، فمعلومٌ أنّ معنى الكلام: قل يا محمّد: أو لم يكفر هؤلاء اليهود بما أوتي موسى من قبل، وقالوا لما أوتي موسى من الكتاب وما أوتيته أنت، سحران تعاونا.
وقوله: {وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون} يقول تعالى ذكره: وقالت اليهود: إنّا بكلّ كتابٍ في الأرض من توراةٍ وإنجيلٍ وزبورٍ وفرقانٍ كافرون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التّأويل، وخالفه فيه مخالفون.
ذكر من قال مثل الّذي قلنا في ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {إنّا بكلٍّ كافرون} قالوا: نكفر أيضًا بما أوتي محمّدٌ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون} قال اليهود أيضًا: نكفر بما أوتي محمّدٌ أيضًا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وقالوا إنّا بكلّ الكتابين التّوراة، الفرقان والإنجيل كافرون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبيدٌ، عن الضّحّاك، {وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون} يقول: بالإنجيل والقرآن.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون}: يعنون الإنجيل والفرقان.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون قال: هم أهل الكتاب، يقول: بالكتابين: التّوراة والفرقان.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون} الّذي جاء به موسى، والّذي جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 18/264-271]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فلمّا جاءهم الحقّ من، عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: مثل ما أوتي موسى يهود تأمر قريشًا أن تسأل محمّدًا مثل ما أوتي موسى من قبل.
وفي قوله: أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل
- به، عن مجاهدٍ يقول اللّه لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لقريشٍ: يقولون: أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل.
- حدثنا عبيد بن محمد بن يحيي ابن حمزة فيما كتب إليّ ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل من قبل أن يبعث محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم- والإسلام.
قوله تعالى: قالوا سحران تظاهرا
[الوجه الأول]
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، عن أبي حمزة، عن مسلم بن يسارٍ قال: سألت ابن عبّاسٍ، عن قول اللّه تبارك وتعالى: سحران تظاهرا قال: موسى ومحمّدٌ صلّى اللّه عليهما وسلّم وروي، عن الحسن البصريّ نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قالوا: سحران تظاهرا موسى وهارون عليهما السّلام. وروي، عن أبي رزينٍ نحو ذلك.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قالوا سحران تظاهرا قول يهود لموسى وهارون.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: سحران تظاهرا قال ذلك أعداء اللّه اليهود للإنجيل والفرقان، ومن قال: ساحران فيقول: محمّدٌ وعيسى صلّى اللّه عليهما وسلّم.
[ومن قرأ ساحران]
حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ سحران تظاهرا يقول: التّوراة والفرقان. وروي عن عاصمٍ الجحدريّ، والسّدّيّ وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم نحوه.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو سلمة قال: قال إسماعيل يعني ابن أبي خالدٍ سمعت أبا رزينٍ يقرأها سحران يقول: كتابانٍ، التّوراة والإنجيل.
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثنا عمّي، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه، عنهما قوله: وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون قال هم أهل الكتاب.
قوله تعالى: إنّا بكلٍّ كافرون
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد الرّحمن يعني الحارثيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون يقول: بالتّوراة والقرآن كافرون.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون الّذي جاء به موسى، والّذي جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليهما وسلّم.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: إنّا بكلٍّ كافرون نكفر أيضًا بما أوتى محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 9/2984-2986]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لولا أوتي مثل ما أوتي موسى قالت يهود تأمر قريشا أن تسأل محمدا مثل ما أوتي موسى فقال الله لمحمد قل لقريش فليقولوا لليهود أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل). [تفسير مجاهد: 487]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله سحران قال يعني موسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم هذا قول اليهود). [تفسير مجاهد: 487]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إنا بكل كافرون فقالت اليهود نكفر أيضا بما أوتي محمد عليه السلام). [تفسير مجاهد: 487]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {قالوا سحران تظاهرا} [القصص: 48].
- عن سليم بن عامرٍ قال: سمعت ابن الزّبير يقرأ هذه الآية: قالوا ساحران تظاهرا.
رواه الطّبرانيّ، وفيه سويد بن عبد العزيز ضعّفه أحمد وجمهور الأئمّة ووثّقه دحيمٌ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون} قال: هم أهل الكتاب، يقول بالكتابين التوراة والفرقان فقال الله {قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين} ). [الدر المنثور: 11/475]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لولا أوتي مثل ما أوتي موسى} قال: يهود تأمر قريشا ان تسأل محمدا {مثل ما أوتي موسى} من قبل يقول الله لمحمد: قل لقريش يقولون لهم {أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا} قال: قول يهود لموسى وهارون {وقالوا إنا بكل كافرون} قال: يهود تكفر أيضا بما أوتي محمد). [الدر المنثور: 11/476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل} قال: من قبل ان يبعث محمد صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 11/476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن ابن الزبير رضي الله عنه انه كان يقرأ {قالوا سحران تظاهرا} ). [الدر المنثور: 11/476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير انه كان يقرأ {قالوا سحران تظاهرا} قال: موسى وهارون). [الدر المنثور: 11/476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قرأ {سحران تظاهرا} بالالف قال: يعني موسى ومحمدا عليهما السلام). [الدر المنثور: 11/476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه انه كان يقرأ: {سحران تظاهرا} قال: هما كتابان). [الدر المنثور: 11/476-477]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه {قالوا سحران تظاهرا} يقول: التوراة والفرقان). [الدر المنثور: 11/477]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {قالوا سحران تظاهرا} قال: التوراة والفرقان حين صدق كل واحد منهما صاحبه). [الدر المنثور: 11/477]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم الجحدري انه كان يقرأ {سحران تظاهرا} يقول: كتابان التوراة والفرقان: ألا تراه يقول {فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما} ). [الدر المنثور: 11/477]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال: لو كان يريد النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يقل {فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه} انما أراد الكتابين). [الدر المنثور: 11/477]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن أبي رزين رضي الله عنه انه كان يقرأها {سحران تظاهرا} يقول: كتابان التوراة والانجيل). [الدر المنثور: 11/477]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {قالوا سحران تظاهرا} قال: ذلك أعداء الله اليهود للانجيل والقرآن قال: ومن قرأها (ساحران) يقول: محمد وعيسى). [الدر المنثور: 11/477-478]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عبد الكريم أبي أمية قال: سمعت عكرمة يقول {سحران} فذكرت ذلك لمجاهد فقال: كذب العبد قرأتها على ابن عباس (ساحران) فلم يعب علي). [الدر المنثور: 11/478]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن مجاهد قال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما وهو بين الركن والباب والملتزم وهو متكئ على يدي عكرمة فقلت: أسحران تظاهرا أم ساحران فقلت ذلك مرارا فقال عكرمة (ساحران تظاهرا) اذهب أيها الرجل). [الدر المنثور: 11/478]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه {وقالوا إنا بكل كافرون} يقول: بالتوراة والقرآن). [الدر المنثور: 11/478]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {وقالوا إنا بكل كافرون} قال: الذي جاء به موسى والذي جاء به عيسى). [الدر المنثور: 11/478]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل فأتوا بكتابٍ من عند اللّه هو أهدى منهما أتّبعه إن كنتم صادقين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد للقائلين للتّوراة والإنجيل: هما سحران تظاهرا: ائتوا بكتابٍ من عند اللّه، هو أهدى منهما لطريق الحقّ، ولسبيل الرّشاد {أتّبعه إن كنتم صادقين} في زعمكم أنّ هذين الكتابين سحران، وأنّ الحقّ في غيرهما.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قال: فقال اللّه تعالى {قل فأتوا بكتابٍ من عند اللّه هو أهدى منهما}.. الآية
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: فقال ائتوني بكتابٍ من عند اللّه هو أهدى منهما من هذين الكتابين؛ الّذي بعث به موسى، والّذي بعث به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 18/271-272]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل فأتوا بكتابٍ من عند اللّه هو أهدى منهما أتّبعه إن كنتم صادقين (49)
قوله تعالى: قل فأتوا بكتابٍ من عند اللّه هو أهدى منهما أتّبعه الآية
- حدّثنا أبي ثنا المعلّى بن أسدٍ العمّيّ، ثنا المعلّى بن عيسى، عن عاصمٍ الجحدريّ أنّه كان يقرأ: سحران يقول: كتابان: التّوراة والفرقان، ألا تراه يقول: بكتابٍ من، عند اللّه هو أهدى منهما.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون قال اللّه: فأتوا بكتابٍ من، عند اللّه هو أهدى منهما أتّبعه إن كنتم صادقين.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ، ثنا عبد الرّحمن بن زيدٍ قال اللّه وأجابهم: قل فأتوا بكتابٍ من عند الله هو أهدى منهما أتبعه أي هذين الكتابين: الّذي بعث به موسى، والّذي بعث به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، لم يقل: فأتوا بكتابٍ من عند اللّه هو أهدى منها أتّبعه
قوله تعالى: إن كنتم صادقين
- أخبرنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية إن كنتم صادقين بما تقولون إنّه كما تقولون. وروي، عن الرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 9/2986-2987]

تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنّما يتّبعون أهواءهم ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه بغير هدًى من اللّه إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين}.
يقول تعالى ذكره: فإن لم يجبك هؤلاء القائلون للتّوراة والإنجيل: سحران تظاهرا، الزّاعمون أنّ الحقّ في غيرهما من اليهود يا محمّد، إلى أن يأتوك بكتابٍ من عند اللّه، هو أهدى منهما، فاعلم أنّما يتّبعون أهواءهم، وأنّ الّذي ينطقون به، ويقولون في الكتابين، قولٌ كذبٌ وباطلٌ، لا حقيقة له.
ولعلّ قائلاً أن يقول: أو لم يكن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يعلم أنّ ما قال القائلون من اليهود وغيرهم في التّوراة والإنجيل من الإفك والزّور المسمّوهما سحرين باطلٌ من القول إلاّ بأن لا يجيبوه إلى إتيانه بكتابٍ هو أهدى منهما؟ قيل: هذا كلامٌ خرج مخرج الخطاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، والمراد به المقول لهم أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل من كفّار قريشٍ، وذلك أنّه قيل للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لمشركي قريشٍ: أو لم يكفر هؤلاء الّذين أمروكم أن تقولوا: هلاّ أوتي محمّدٌ مثل ما أوتي موسى، بالّذي أوتي موسى من قبل هذا القرآن، ويقولوا للّذي أنزل عليه وعلى عيسى {سحران تظاهرا} فقولوا لهم إن كنتم صادقين أنّ ما أوتي موسى وعيسى سحرٌ، فأتوني بكتابٍ من عند اللّه، هو أهدى من كتابيهما، فإن هم لم يجيبوكم إلى ذلك فاعلموا أنّهم كذبةٌ، وأنّهم إنّما يتّبعون في تكذيبهم محمّدًا، وما جاءهم به من عند اللّه أهواء أنفسهم، ويتركون الحقّ وهم يعلمون.
{ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه بغير هدًى من اللّه} يقول تعالى ذكره: ومن أضلّ عن طريق الرّشاد، وسبيل السّداد ممّن اتّبع هوى نفسه بغير بيانٍ من عند اللّه، وعهدٍ من اللّه، ويترك عهد اللّه الّذي عهده إلى خلقه في وحيه وتنزيله.
{إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه لا يوفّق لإصابة الحقّ وسبيل الرّشد القوم الّذين خالفوا أمر اللّه وتركوا طاعته، وكذّبوا رسوله، وبدّلوا عهده، واتّبعوا أهواء أنفسهم إيثارًا منهم لطاعة الشّيطان على طاعة ربّهم). [جامع البيان: 18/272-273]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنّما يتّبعون أهواءهم ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه بغير هدًى من اللّه إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين (50)
قوله تعالى: فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنّما يتّبعون أهواءهم
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ، ثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ قال: الاستجابة: الطّاعة.
قوله تعالى: ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه بغير هدًى من اللّه
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن ابن شقيقٍ أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، قوله: ومن أضلّ يقول: أخطأ.
قوله تعالى: إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ الظّالمين يقول: الكافرين). [تفسير القرآن العظيم: 9/2987]


رد مع اقتباس