عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 10:25 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال الحسن في قول الله: {وأوحى ربك إلى النحل}، وقوله: {وإذ أوحيت إلى الحواريين}، {وأوحينا إلى أم موسى}، إلهامٌ ألهمهم). [الجامع في علوم القرآن: 2/53-54] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله وأوحينا إلى أم موسى قال قذف في نفسها). [تفسير عبد الرزاق: 2/87]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأوحينا إلى أمّ موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ ولا تخافي ولا تحزني إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين}.
يقول تعالى ذكره: {وأوحينا إلى أمّ موسى} حين ولدت موسى {أن أرضعيه}.
وكان قتادة يقول في معنى ذلك: {وأوحينا إلى أمّ موسى}: قذفنا في قلبها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وأوحينا إلى أمّ موسى} وحيًا جاءها من اللّه، فقذف في قلبها، وليس بوحي نبوّةٍ، أن أرضعي موسى {فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ، ولا تخافي ولا تحزني} الآية.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله {وأوحينا إلى أمّ موسى} قال: قذف في نفسها.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: أمر فرعون أن يذبح، من ولد من بني إسرائيل سنةً، ويتركوا سنةً؛ فلمّا كان في السّنة الّتي يذبحون فيها حملت بموسى؛ فلمّا أرادت وضعه، حزنت من شأنه، فأوحى اللّه إليها {أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ}.
واختلف أهل التّأويل في الحال الّتي أمرت أمّ موسى أن تلقي موسى في اليمّ، فقال بعضهم: أمرت أن تلقيه في اليمّ بعد ميلاده بأربعة أشهرٍ، وذلك حال طلبه من الرّضاع أكثر ممّا يطلب الصّبيّ بعد حال سقوطه من بطن أمّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {أن أرضعيه، فإذا خفت عليه} قال: إذا بلغ أربعة أشهرٍ وصاح وابتغى من الرّضاع أكثر من ذلك {فألقيه} حينئذٍ {في اليمّ} فذلك قوله: {فإذا خفت عليه}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، قال: لم يقل لها: إذا ولدتيه فألقيه في اليمّ، إنّما قال لها {أن أرضعيه، فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ} بذلك أمرت، قال: جعلته في بستانٍ، فكانت تأتيه كلّ يومٍ فترضعه، وتأتيه كلّ ليلةٍ فترضعه، فيكفيه ذلك.
وقال آخرون: بل أمرت أن تلقيه في اليمّ بعد ولادها إيّاه، وبعد رضاعها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: لمّا وضعته أرضعته ثمّ دعت له نجّارًا، فجعل له تابوتًا، وجعل مفتاح التّابوت من داخلٍ، وجعلته فيه، فألقته في اليمّ.
وأولى قولٍ قيل في ذلك بالصّواب، أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره أمر أمّ موسى أن ترضعه، فإذا خافت عليه من عدوّ اللّه فرعون وجنده أن تلقيه في اليمّ. وجائزٌ أن تكون خافتهم عليه بعد أشهرٍ من ولادها إيّاه؛ وأيّ ذلك كان، فقد فعلت ما أوحى اللّه إليها فيه، ولا خبر قامت به حجّةٌ، ولا فطرة في العقل بيان أيّ ذلك كان من أيٍّ، فأولى الأقوال في ذلك بالصّحّة أن يقال كما قال جلّ ثناؤه.
واليمّ الّذي أمرت أن تلقيه فيه هو النّيل.
- كما حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {فألقيه في اليمّ} قال: هو البحر، وهو النّيل.
وقد بيّنّا ذلك بشواهده، وذكر الرّواية فيه فيما مضى بما أغنى عن إعادته.
وقوله: {ولا تخافي ولا تحزني} يقول: لا تخافي على ولدك من فرعون وجنده أن يقتلوه، ولا تحزني لفراقه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {ولا تخافي ولا تحزني} قال: لا تخافي عليه البحر، ولا تحزني لفراقه {إنّا رادّوه إليك}.
وقوله: {إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين} يقول: إنّا رادّو ولدك إليك للرّضاع لتكوني أنت ترضعيه، وباعثوه رسولاً إلى من تخافينه عليه أن يقتله، وفعل اللّه ذلك بها وبه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {إنّا رادّوه إليك} وباعثوه رسولاً إلى هذا الطّاغية، وجاعلو هلاكه ونجاة بني إسرائيل ممّا هم فيه من البلاء على يديه). [جامع البيان: 18/155-158]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وأوحينا إلى أمّ موسى
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: وأوحينا إلى أمّ موسى يقول: ألهمناها الّذي صنعت بموسى. وروي، عن الحسن نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وأوحينا إلى أمّ موسى وحيًا جاءها من اللّه قذف في قلبها، وليس بوحي نبوّةٍ.
قوله تعالى: أن أرضعيه
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن صالحٍ وأبو الطّاهر قالا:، ثنا ابن وهبٍ، ثنا حيّ بن عبد اللّه، عن أبي عبد الرّحمن الحبليّ أنّ اللّه أوحى إلى أمّ موسى حين وضعت أن ترضعه.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: فلمّا أراد اللّه بموسى ما أراد، واستنقاذ بني إسرائيل ممّا هم فيه من البلاء، أوحى اللّه إلى أمّ موسى حين تقارب ولادها أن أرضعيه.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى أنبأ ابن أبي زائدة قال: سمعت الأعمش يقول: قال ابن عبّاسٍ: في قوله: أن أرضعيه فإذا خفت عليه قال: أن يسمع جيرانك صوته.
قوله تعالى: فإذا خفت عليه
- حدّثنا أبي، ثنا أصبغ بن الفرج أخبرني ابن وهبٍ، حدّثني حيّ بن عبد اللّه، عن أبي عبد الرّحمن الحبليّ قال: إنّ اللّه أوحى إلى أمّ موسى حين وضعته: أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ فلمّا خافت عليه جعلته في التّابوت، وجعلت المفتاح مع التّابوت، وطرحته في البحر.
قوله تعالى: فألقيه في اليمّ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ فألقيه في اليمّ وهو البحر، وهو النّيل.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون، ثنا أصبغ ابن زيدٍ الورّاق، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: حملت أمّ موسى، بموسى فوقع في قلبها. الهمّ والحزن ممّا دخل عليه في بطن أمّه ممّا يراد به وأمرها إذا ولدته أن تجعله في تابوتٍ ثمّ تلقيه في اليمّ فلمّا ولدت فعلت ذلك به.
قوله تعالى: ولا تخافي ولا تحزني
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: ولا تخافي قال: لا تخافي عليه البحر ولا تحزني يقول: لا تحزني لفراقه.
قوله تعالى: إنّا رادّوه إليك
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون، ثنا أصبغ ابن زيدٍ الورّاق، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: فأوحى اللّه إليها أن لا تخافي ولا تحزني: إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين فلمّا ولدت فعلت ذلك به فلمّا تواري، عنها ابنها أتاها الشّيطان فقالت في نفسها ما فعلت بابني؟ لو ذبح، عندي فواريته وكفّنته لكان أحبّ إليّ من أن ألقيه بيديّ إلى دوابّ البحر وحيتانه. وانتهى الماء به حتّى أرقأ به، عند فرضة مستقى جواري امرأة فرعون، فلمّا رأينه أخذنه فهرعن أن يفتحن التّابوت فقال بعضهم: إنّ في هذا مالا، وإنّا إن فتحناه لم تصدّقنا امرأة الملك بما وجدنا فيه. فحملنه كهيئته لم يحرّكن منه شيئًا حتّى رفعنه إليها فلمّا فتحته رأت فيه غلامًا، فألقي عليه منها محبّةٌ لم تلق منها على أحدٍ من البشر قطّ.
قوله تعالى: وجاعلوه من المرسلين
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق إنّا رادّوه إليك وباعثوه رسولا إلى هذه الطاغية، وجاعلوا هلاكه ونجاة بني إسرائيل ممّا هم فيه من البلاء على يديه). [تفسير القرآن العظيم: 9/2941-2943]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (طسم * تلك آيات الكتاب المبين * نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون * إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي قال: كان من شأن فرعون انه رأى رؤيا في منامه: أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اذا اشتملت على بيوت مصر أحرقت القبط وتركت بني اسرائيل فدعا السحرة والكهنة والعافة والزجرة، وهم العافة الذين يزجرون الطير فسألهم عن رؤياه فقالوا له: يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو اسرائيل منه - يعنون بيت المقدس - رجل يكون على وجهه هلاك مصر، فأمر بني اسرائيل ان لا يولد لهم ولد إلا ذبحوه ولا يولد لهم جارية إلا تركت وقال للقبط: انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجا فادخلوهم واجعلوا بني اسرائيل يلون تلك الاعمال القذرة فجعلوا بني اسرائيل في أعمال غلمانهم، فذلك حين يقول {إن فرعون علا في الأرض} يقول: تجبر في الأرض {وجعل أهلها شيعا} يعني بني اسرائيل {يستضعف طائفة منهم} حين جعلهم في الاعمال القذرة وجعل لا يولد لبني اسرائيل مولود إلا ذبح فلا يكبر صغير، وقذف الله في مشيخة بني اسرائيل الموت فأسرع فيهم، فدخل رؤوس القبط على فرعون فكلموه فقالوا: ان هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت فيوشك ان يقع العمل على غلماننا تذبح أبناءهم فلا يبلغ الصغار فيعينون الكبار فلو انك كنت تبقى من أولادهم، فأمر ان يذبحوا سنة ويتركوا سنة فلما كان في السنة التي لا يذبحون فيها ولد هرون عليه السلام، فترك فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى بموسى عليه الصلاة والسلام فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه فلما وضعته أرضعته ثم دعت له نجارا وجعلت له تابوتا وجعلت مفتاح التابوت من داخل وجعلته فيه وألقته في اليم بين أحجار عند بيت فرعون فخرجن جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن فوجدن التابوت فادخلنه إلى آسية وظنن ان فيه مالا، فلما تحرك الغلام رأته آسية صبيا فلما نظرته آسية وقعت عليه رحمتها وأحبته، فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه فلم تزل آسية تكلمه حتى تركه لها وقال: اني أخاف ان يكون هذا من بني اسرائيل وان يكون هذا الذي على يديه هلاكنا، فبينما هي ترقصه وتلعب به اذ ناولته فرعون وقالت: خذه {قرة عين لي ولك} القصص الآية 9 قال فرعون: هو قرة عين لك - قال عبد الله بن عباس: ولو قال هو قرة عين لي اذا لآمن به ولكنه ابى - فلما أخذه اليه أخذ موسى عليه السلام بلحيته فنتفها فقال فرعون: علي بالذباحين هو ذا، قالت آسية: لا تقتله {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} القصص الآية 9 إنما هو صبي لا يعقل وانما صنع هذا من صباه أنا أضع له حليا من الياقوت وأضع له جمرا فإن أخذ الياقوت فهو يعقل اذبحه وان أخذ الجمر فانما هو صبي فاخرجت له ياقوتا ووضعت له طستا من جمر فجاء جبريل عليه السلام فطرح في يده جمرة فطرحها موسى عليه السلام في فيه فاحرقت لسانه فارادوا له المرضعات فلم يأخذ من أحد من النساء وجعلن النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع فأبى ان يأخذ، فجاءت أخته فقالت: {هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون} فأخذوها فقالوا: انك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله فقالت: ما أعرفه ولكن إنما هم للملك ناصحون، فلما جاءته أمه أخذ منها، وكادت تقول: هو ابني، فعصمها الله فذلك قوله {إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين} قال: قد كانت من المؤمنين ولكن بقول: {إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} قال السدي: وانما سمى موسى لأنهم وجدوه في ماء وشجر والماء بالنبطية مو الشجر سى). [الدر المنثور: 11/421-424] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولاتحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين * فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وأوحينا إلى أم موسى} يقول: ألهمناها الذي صنعت بموسى). [الدر المنثور: 11/427-428]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأوحينا إلى أم موسى} قال: قذف في نفسها). [الدر المنثور: 11/428]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه} قال: وحي جاءها عن الله قذف في قلبها وليس بوحي نبوة {فإذا خفت عليه فألقيه في اليم} قال: فجعلته في تابوت فقذفته في البحر). [الدر المنثور: 11/428]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال: ان الله أوحى إلى أم موسى حين وضعت {أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم} فلما خافت عليه جعلته في التابوت وجعلت المفتاح مع التابوت وطرحته في البحر وخرجت امرأة فرعون إلى البحر وابنة لفرعون برصاء فرأوا سوادا في البحر فأخرج التابوت اليهم فبدرت ابنة فرعون وهي برصاء إلى التابوت فوجدت موسى في التابوت وهو مولود فأخذته فبرأت من برصها). [الدر المنثور: 11/428]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش رضي الله عنه قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: في قوله {فإذا خفت عليه} قال: ان يسمع جيرانك صوته). [الدر المنثور: 11/429]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه} قال: فجعلته في بستان فكانت تأتيه في كل يوم مره فترضعه وتأتيه في كل ليله فترضعه فيكفيه ذلك {فإذا خفت عليه} قال: اذا بلغ أربعة أشهر وصاح وابتغى من الرضاع أكثر من ذلك، فذلك قوله فاذا خفت عليه فالقيه في اليم). [الدر المنثور: 11/429]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ولا تخافي} قال: لا تخافي عليه البحر {ولا تحزني} يقول: ولا تحزني لفراقه). [الدر المنثور: 11/429]

تفسير قوله تعالى: (فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزنًا إنّ فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين}.
يقول تعالى ذكره: فالتقطه آل فرعون فأصابوه وأخذوه؛ وأصله من اللّقطة، وهو ما وجد ضالًّا فأخذ. والعرب تقول لما وردت عليه فجأةً من غير طلبٍ له ولا إرادةٍ: أصبته التقاطًا، ولقيت فلانًا التقاطًا؛ ومنه قول الرّاجز:
ومنهلٍ وردته التقاطا = لم ألق إذ وردته فرّاطا
يعني فجأةً.
واختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله: {آل فرعون} في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني بذلك: جواري امرأة فرعون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: أقبل الموج بالتّابوت يرفعه مرّةً ويخفضه أخرى، حتّى أدخله بين أشجارٍ عند بيت فرعون، فخرج جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن، فوجدن التّابوت، فأدخلنه إلى آسية، وظننّ أنّ فيه مالاً؛ فلمّا نظرت إليه آسية، وقعت عليها رحمته فأحبّته؛ فلمّا أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه، فلم تزل آسية تكلّمه حتّى تركه لها، قال: إنّي أخاف أن يكون هذا من بني إسرائيل، وأن يكون هذا الّذي على يديه هلاكنا، فذلك قول اللّه: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزنًا}.
وقال آخرون: بل عني به ابنة فرعون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن قيسٍ، قال: كانت بنت فرعون برصاء، فجاءت إلى النّيل، فإذا التّابوت في النّيل تخفقه الأمواج، فأخذته بنت فرعون، فلمّا فتحت التّابوت، فإذا هي بصبيٍّ، فلمّا اطّلعت في وجهه برأت من البرص، فجاءت به إلى أمّها، فقالت: إنّ هذا الصّبيّ مباركٌ، لمّا نظرت إليه برئت، فقال فرعون: هذا من صبيان بني إسرائيل، هلمّ حتّى أقتله، فقالت: {قرّة عينٍ لي ولك لا تقتلوه}.
وقال آخرون: عني به أعوان فرعون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: أصبح فرعون في مجلسٍ له كان يجلسه على شفير النّيل كلّ غداةٍ: فبينما هو جالسٌ، إذ مرّ النّيل بالتّابوت يقذف به، وآسية بنت مزاحمٍ امرأته جالسةٌ إلى جنبه، فقالت: إنّ هذا لشيءٌ في البحر، فأتوني به، فخرج إليه أعوانه، حتّى جاءوا به، ففتح التّابوت فإذا فيه صبيٌّ في مهده، فألقى اللّه عليه محبّته، وعطف عليه نفسه، قالت امرأته آسية: {لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا}.
ولا قول في ذلك عندنا أولى بالصّواب ممّا قال اللّه عزّ وجلّ: {فالتقطه آل فرعون}.
وقد بيّنّا معنى الآل فيما مضى بما فيه الكفاية من إعادته ههنا.
وقوله: {ليكون لهم عدوًّا وحزنًا} فيقول القائل: ليكون موسى لآل فرعون عدوًّا وحزنًا فالتقطوه، فيقال {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزنًا} قيل: إنّهم حين التقطوه لم يلتقطوه لذلك، بل لما تقدّم ذكره.
- ولكنّه إن شاء اللّه كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، في قوله: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزنًا} قال: ليكون في عاقبة أمره عدوًّا وحزنًا لما أراد اللّه به. وليس لذلك أخذوه.
ولكنّ امرأة فرعون قالت: {قرّة عينٍ لي ولك} فكان قول اللّه: {ليكون لهم عدوًّا وحزنًا} لما هو كائنٌ في عاقبة أمره لهم، وهو كقول القائل لآخر إذا قرّعه بالفعل كان فعله وهو يحسب محسنًا في فعله، فأدّاه فعله ذلك إلى مساءةٍ مندّمًا له على فعله: فعلت هذا لضرّ نفسك، ولتضرّ به نفسك فعلت. وقد كان الفاعل في حال فعله ذلك عند نفسه يفعله راجيًا نفعه، غير أنّ العاقبة جاءت بخلاف ما كان يرجو. فكذلك قوله: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزنًا} إنّما هو: فالتقطه آل فرعون ظنًّا منهم أنّهم محسنون إلى أنفسهم، ليكون قرّة عينٍ لهم، فكانت عاقبة التقاطهم إيّاه منه هلاكهم على يديه.
وقوله: {عدوًّا وحزنًا} يقول: يكون لهم عدوًّا في دينهم، وحزنًا على ما ينالهم منه من المكروه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزنًا} عدوًّا لهم في دينهم، وحزنًا لما يأتيهم.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: {وحزنًا}، بفتح الحاء والزّاي. وقرأته عامّة قرّاء الكوفة: (وحزنًا) بضمّ الحاء وتسكين الزّاي.
والحزن بفتح الحاء والزّاي مصدرٌ من حزنت حزنًا، والحزن بضمّ الحاء وتسكين الزّاي الاسم: كالعدم والعدم ونحوه.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان متقاربتا المعنى، وهما على اختلاف اللّفظ فيهما بمنزلة العدم، والعدم، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {إنّ فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين} يقول تعالى ذكره: إنّ فرعون وهامان وجنودهما كانوا بربّهم آثمين، فلذلك كان لهم موسى عدوًّا وحزنًا). [جامع البيان: 18/159-162]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزنًا إنّ فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين (8)
قوله تعالى: فالتّقطه آل فرعون
- حدّثنا أبي، ثنا أصبغ بن الفرج، أخبرني ابن وهبٍ، حدّثني حييّ بن عبد اللّه، عن أبي عبد الرّحمن الحبليّ قال: خرجت امرأة فرعون إلى البحر وابنةٌ لفرعون برصاء، فرأوا سوادا في البحر فاخرة التّابوت إليهم، فبدرت ابنة امرأة فرعون وهي برصاء إلى التّابوت، ففتحته فوجدت موسى في التّابوت وهو مولودٌ فأخذته، فبرأت من برصها.
قوله تعالى: ليكون لهم عدوًّا وحزنًا
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن المقدام، ثنا محمّد بن بكر بن عثمان البرسانيّ، ثنا سليم بن نفيعٍ القرشيّ، عن خلفٍ أبي الفضل القرشيّ، عن كتاب عمر بن عبد العزيز إلى النّفر الّذين كتبوا إليّ بما لم يكن لهم بحقٍّ من ردّ كتاب اللّه، وتكذيبهم بأقدار الله النافذة في علمه السّابق، وقال لموسى وهارون: اذهبا إلى فرعون إنّه طغى، فقولا له قولا ليّنًا لعلّه يتذكّر أو يخشى وموسى في سابق علمه كان لفرعون عدوًّا وحزنًا قال: ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون وقلتم أنتم: لو شاء فرعون لكان لموسى وليًّا ناصرًا، واللّه يقول: ليكون لهم عدوًّا وحزنًا.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق ليكون لهم عدوًّا وحزنًا قال: ليكون لهم في عاقبة أمره عدوًّا.
- وبه في قوله: وحزنا لما أراد اللّه به وليس لذلك أخذوه.
قوله تعالى: إنّ فرعون وهامان
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: لم يكن منهم فرعون أعتى على اللّه، ولا أعظم قولا، ولا أطول عمرًا في ملكه منه، وكان اسمه فيما ذكر لي: الوليد بن مصعبٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا خليدٌ، عن الحسن قال: كان فرعون علجًا من همذان.
قوله تعالى: وجنودهما كانوا خاطئين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: كان على مقدّمة فرعون هامان في ألف ألفٍ وسبعمائة ألف حصانٍ، ليس فيها). [تفسير القرآن العظيم: 9/2943-2944]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا} قال: في دينهم {وحزنا} قال: لما يأتيهم به). [الدر المنثور: 11/429]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون قال لا يشعرون أن هلاكهم على يديه). [تفسير عبد الرزاق: 2/87]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالت امرأة فرعون قرّة عينٍ لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا وهم لا يشعرون}.
يقول تعالى ذكره: {وقالت امرأة فرعون} له هذا {قرّة عينٍ لي ولك} يا فرعون؛ فقرّة عينٍ مرفوعةٌ بمضمرٍ هو (هذا)، أو (هو).
وقوله: {لا تقتلوه} مسألةٌ من امرأة فرعون فرعون أن لا يقتله. وذكر أنّ المرأة لمّا قالت هذا القول لفرعون، قال فرعون: أمّا لك فنعم، وأمّا لي فلا، فكان كذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن قيسٍ، قال: قالت امرأة فرعون: {قرّة عينٍ لي ولك، لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا} قال فرعون: قرّة عينٍ لك، أمّا لي فلا.
قال محمّد بن قيسٍ: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لو قال فرعون: قرّة عينٍ لي ولك، لكان لهما جميعًا.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: اتّخذه فرعون ولدًا، ودعي على أنّه ابن فرعون؛ فلمّا تحرّك الغلام أرته أمّه آسية صبيًّا، فبينما هي ترقصه وتلعب به، إذ ناولته فرعون، وقالت: خذه قرّة عينٍ لي ولك، قال فرعون: هو قرّة عينٍ لك، ولا لي.
قال عبد اللّه بن عبّاسٍ: لو أنّه قال: وهو لي قرّة عينٍ إذن لآمن به، ولكنّه أبى.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قالت امرأة فرعون: {قرّة عينٍ لي ولك} تعني بذلك موسى.
- حدّثنا العبّاس بن الوليد، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن يزيد، قال: حدّثنا القاسم بن أبي أيّوب، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا أتت بموسى امرأة فرعون فرعون قالت: {قرّة عينٍ لي ولك} قال فرعون: يكون لك، فأمّا لي فلا حاجة لي فيه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: والّذي يحلف به، لو أقرّ فرعون أن يكون له قرّة عينٍ كما أقرّت، لهداه اللّه به كما هدى به امرأته، ولكنّ اللّه حرمه ذلك.
وقوله: {لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا} ذكر أنّ امرأة فرعون قالت هذا القول حين همّ بقتله. قال بعضهم: حين أتي به يوم ألتقطه من اليمّ. وقال بعضهم: بل يوم نتف من لحيته أو ضربه بعصًا كانت في يده.
ذكر من قال: قالت ذلك يوم نتف لحيته:
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: لمّا أتي فرعون به صبيًّا أخذه إليه، فأخذ موسى بلحيته فنتفها، قال فرعون: عليّ بالذّبّاحين، هو هذا قالت آسية: {لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا} إنّما هو صبيٌّ لا يعقل، وإنّما صنع هذا من صباه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا} قال: ألقيت عليه رحمتها حين أبصرته.
وقوله: {وهم لا يشعرون} اختلف أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهم: معنى ذلك: وهم لا يشعرون هلاكهم على يده.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وهم لا يشعرون} قال: وهم لا يشعرون أنّ هلكتهم على يديه، وفي زمانه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، {أو نتّخذه ولدًا وهم لا يشعرون} قال: إنّ هلاكهم على يديه.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {وهم لا يشعرون} قال: آل فرعون أنّه لهم عدوٌّ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: {وهم لا يشعرون} بما هو كائنٌ من أمرهم وأمره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قالت امرأة فرعون آسية: {لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا وهم لا يشعرون} يقول اللّه: وهم لا يشعرون أي بما هو كائنٌ ممّا أراد اللّه به.
وقال آخرون: بل معنى قوله {وهم لا يشعرون} بنو إسرائيل لا يشعرون أنّا التقطناه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن قيسٍ، {لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا وهم لا يشعرون} قال: يقول: لا يدري بنو إسرائيل أنّا التقطناه.
والصّواب من القول في ذلك، قول من قال: معنى ذلك: وفرعون وآله لا يشعرون بما هو كائنٌ من هلاكهم على يديه.
وإنّما قلنا ذلك أولى التّأويلات به لأنّه عقيب قوله: {وقالت امرأة فرعون قرّة عينٍ لي ولك، لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا} وإذا كان ذلك عقيبه، فهو بأن يكون بيانًا عن القول الّذي هو عقيبه أحقّ من أن يكون بيانًا عن غيره). [جامع البيان: 18/163-166]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقالت امرأة فرعون قرّة عينٍ لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا وهم لا يشعرون (9)
قوله تعالى: وقالت امرأت فرعون قرت عينٍ لي ولك
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلّة، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ بن زيدٍ الورّاق، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قال: فلمّا فتحت التّابوت رأت فيه غلامًا، فألقي عليه منها محبّةٌ لم يلق منها على أحدٍ من البشر قطّ. فلمّا سمع الذّبّاحون بأمره أقبلوا بشفارهم إلى امرأة فرعون، ليذبحوه قالت:
أقرّوه، فإنّ هذا الواحد لا يزيد في بني إسرائيل، حتّى آتي فرعون فأستوهبه منه فإن وهبه لي كنتم قد أحسنتم وأجملتم وإن أمر بذبحه لم ألمكم فأتت به فرعون فقالت:
قرت عينٍ لي ولك قال فرعون: يكون لك، وأمّا لي فلا حاجة لي في ذلك. قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- والّذي يحلف به لو أقرّ فرعون بأن يكون قرّة عينٍ له كما أقرّت امرأته لهداه اللّه به كما هداها به، ولكنّ اللّه حرمه ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمر بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: فلمّا تحرّك الغلام أرته أمّه آسية صبيًّا، فبينما هي ترقصه وتلعب به إذا ناولته فرعون، وقالت: خذه قرت عينٍ لي ولك، قال فرعون: هو قرّة عينٍ لك ولي، لا. قال عبد اللّه ابن عبّاسٍ: ولو أنّه قال: هو لي قرّة عينٍ، إذا لآمن به، ولكنّه أبى.
قوله تعالى: لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: لمّا ولدت موسى أمّه أرضعته، حتّى إذا أمر فرعون بقتل الولدان من سنته تلك، عمدت إليه فصنعت به ما أمرها اللّه عزّ وجلّ، ثمّ جعلته في تابوتٍ صغيرٍ ومهّدت له فيه ثمّ عمدت به إلى النّيل فقذفته فيه فأصبح فرعون في مجلسٍ له يجلسه على شفير النّيل كلّ غداةٍ فبينا هو جالسٌ إذ مرّ النّيل بالتّابوت يقذف وآسية بنت مزاحمٍ امرأته جالسةٌ إلى جنبه فقالت: إنّ هذا لشيءٌ في البحر فأتوني به فخرج إليه أعوانه، حتّى جاءوا به ففتح التّابوت فإذا فيه صبيّ في مهده فألقى اللّه عليه محبّته وعطّف عليه نفسه، قالت امرأته آسية لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا
قوله تعالى: أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: قالت آسية: لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا إنّما هو صبيّ لا يعقل، فإنّما صنع هذا من صبّاه.
قوله تعالى: وهم لا يشعرون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وهم لا يشعرون آل فرعون أنّه عدوٌّ لهم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وهم لا يشعرون قال: ألقيت عليه رحمتها حين أبصرته، وهم لا يشعرون أنّ هلكتهم على يده وفي زمانه.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق يقول اللّه: وهم لا يشعرون أي بما هو كائنٌ ممّا أراد اللّه به). [تفسير القرآن العظيم: 9/2944-2945]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (طسم * تلك آيات الكتاب المبين * نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون * إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي قال: كان من شأن فرعون انه رأى رؤيا في منامه: أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اذا اشتملت على بيوت مصر أحرقت القبط وتركت بني اسرائيل فدعا السحرة والكهنة والعافة والزجرة، وهم العافة الذين يزجرون الطير فسألهم عن رؤياه فقالوا له: يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو اسرائيل منه - يعنون بيت المقدس - رجل يكون على وجهه هلاك مصر، فأمر بني اسرائيل ان لا يولد لهم ولد إلا ذبحوه ولا يولد لهم جارية إلا تركت وقال للقبط: انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجا فادخلوهم واجعلوا بني اسرائيل يلون تلك الاعمال القذرة فجعلوا بني اسرائيل في أعمال غلمانهم، فذلك حين يقول {إن فرعون علا في الأرض} يقول: تجبر في الأرض {وجعل أهلها شيعا} يعني بني اسرائيل {يستضعف طائفة منهم} حين جعلهم في الاعمال القذرة وجعل لا يولد لبني اسرائيل مولود إلا ذبح فلا يكبر صغير، وقذف الله في مشيخة بني اسرائيل الموت فأسرع فيهم، فدخل رؤوس القبط على فرعون فكلموه فقالوا: ان هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت فيوشك ان يقع العمل على غلماننا تذبح أبناءهم فلا يبلغ الصغار فيعينون الكبار فلو انك كنت تبقى من أولادهم، فأمر ان يذبحوا سنة ويتركوا سنة فلما كان في السنة التي لا يذبحون فيها ولد هرون عليه السلام، فترك فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى بموسى عليه الصلاة والسلام فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه فلما وضعته أرضعته ثم دعت له نجارا وجعلت له تابوتا وجعلت مفتاح التابوت من داخل وجعلته فيه وألقته في اليم بين أحجار عند بيت فرعون فخرجن جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن فوجدن التابوت فادخلنه إلى آسية وظنن ان فيه مالا، فلما تحرك الغلام رأته آسية صبيا فلما نظرته آسية وقعت عليه رحمتها وأحبته، فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه فلم تزل آسية تكلمه حتى تركه لها وقال: اني أخاف ان يكون هذا من بني اسرائيل وان يكون هذا الذي على يديه هلاكنا، فبينما هي ترقصه وتلعب به اذ ناولته فرعون وقالت: خذه {قرة عين لي ولك} القصص الآية 9 قال فرعون: هو قرة عين لك - قال عبد الله بن عباس: ولو قال هو قرة عين لي اذا لآمن به ولكنه ابى - فلما أخذه اليه أخذ موسى عليه السلام بلحيته فنتفها فقال فرعون: علي بالذباحين هو ذا، قالت آسية: لا تقتله {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} القصص الآية 9 إنما هو صبي لا يعقل وانما صنع هذا من صباه أنا أضع له حليا من الياقوت وأضع له جمرا فإن أخذ الياقوت فهو يعقل اذبحه وان أخذ الجمر فانما هو صبي فاخرجت له ياقوتا ووضعت له طستا من جمر فجاء جبريل عليه السلام فطرح في يده جمرة فطرحها موسى عليه السلام في فيه فاحرقت لسانه فارادوا له المرضعات فلم يأخذ من أحد من النساء وجعلن النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع فأبى ان يأخذ، فجاءت أخته فقالت: {هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون} فأخذوها فقالوا: انك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله فقالت: ما أعرفه ولكن إنما هم للملك ناصحون، فلما جاءته أمه أخذ منها، وكادت تقول: هو ابني، فعصمها الله فذلك قوله {إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين} قال: قد كانت من المؤمنين ولكن بقول: {إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} قال السدي: وانما سمى موسى لأنهم وجدوه في ماء وشجر والماء بالنبطية مو الشجر سى). [الدر المنثور: 11/421-424] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون.
أخرج ابن جرير عن محمد بن قيس قال: قالت: امرأة فرعون {قرة عين لي ولك لا تقتلوه} قال فرعون: قرة عين لك، أما لي فلا قال محمد بن قيس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قال فرعون قرة عين لي ولك لكان لهما جميعا). [الدر المنثور: 11/429-430]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك} تعني بذلك: موسى عليه السلام {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} قال: ألقيت عليه رحمتها حين ابصرته {وهم لا يشعرون} ان هلاكهم على يديه وفي زمانه). [الدر المنثور: 11/430]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وهم لا يشعرون} قال: آل فرعون انه عدو لهم). [الدر المنثور: 11/430]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وهم لا يشعرون} قال: ما يصيبهم من عاقبة أمره). [الدر المنثور: 11/430]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: لا يشعرون ان هلاكهم على يديه والله تعالى أعلم). [الدر المنثور: 11/430]

تفسير قوله تعالى: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وأصبح فؤاد أم موسى فارغا قال فارغا ليس بها هم غيره). [تفسير عبد الرزاق: 2/88]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر قال أنا جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني في قوله تعالى فؤاد أم موسى فارغا قال فارغا من كل شيء إلا من ذكر موسى). [تفسير عبد الرزاق: 2/88]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى لولا أن ربطنا على قلبها قال ربط الله على قلبها بالإيمان). [تفسير عبد الرزاق: 2/88]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({فارغًا} [القصص: 10] : «إلّا من ذكر موسى»). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {أولي القوّة} لا يرفعها العصبة من الرّجال {لتنوء} لتثقل {فارغًا} إلّا من ذكر موسى {الفرحين} المرحين {قصيه} اتبعي أثره قال
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 76 القصص {لتنوء بالعصبة} تثقل
وتفسير {فارغًا} تقدم في طه). [تغليق التعليق: 4/277] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (فارغاً إلاّ من ذكر موسى
أشار به إلى قوله تعالى: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا} (القصص: 10) وفسّر فارغًا بقوله: (إلاّ من ذكر موسى) وفي التّفسير: أي ساهيا لاهياً من كل شيء إلاّ من ذكر موسى عليه الصّلاة والسّلام، وهمه، قاله أكثر المفسّرين، وعن الكسائي: فارغًا أي ناسيا، وعن أبي عبيدة أي: فارغًا من الحزن لعلمها بأنّه لم يغرق). [عمدة القاري: 19/105]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({فارغًا}) في قوله: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا} [القصص: 10] أي خاليًا من كل شيء (إلا من ذكر موسى) وقال البيضاوي كالزمخشري صفرًا من العقل لما دهمها من الخوف والحيرة حين سمعت بوقوعه في يد فرعون). [إرشاد الساري: 7/283]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل:{وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً} قال: من كلّ شيءٍ إلا من ذكر موسى). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 58]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين}.
اختلف أهل التّأويل في المعنى الّذي عنى اللّه أنّه أصبح منه فؤاد أمّ موسى فارغًا، فقال بعضهم: الّذي عنى جلّ ثناؤه أنّه أصبح منه فؤاد أمّ موسى فارغًا: كلّ شيءٍ سوى ذكر ابنها موسى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن العلاء، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، قال: حدّثنا الأعمش، عن مجاهدٍ، وحسّان أبي الأشرس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} قال: فرغ من كلّ شيءٍ إلاّ من ذكر موسى.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن حسّان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} قال: فارغًا من كلّ شيءٍ إلاّ من ذكر موسى.
- حدّثنا محمّد بن عمارة، قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} قال: من كلّ شيءٍ إلاّ من همّ موسى.
- حدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} قال: يقول: لا تذكروا إلاّ موسى.
- حدّثنا محمّد بن عمارة، قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} قال: من كلّ شيءٍ غير ذكر موسى.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} قال: فرغ من كلّ شيءٍ إلاّ من ذكر موسى.
- حدّثنا عبد الجبّار بن يحيى الرّمليّ، قال: حدّثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذبٍ، عن مطرٍ، في قوله {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} قال: فارغًا من كلّ شيءٍ إلاّ من همّ موسى.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا}: أي لاغيًا من كلّ شيءٍ، إلاّ من ذكر موسى.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} قال: فرغ من كلّ شيءٍ غير ذكر موسى.
وقال آخرون: بل عنى أنّ فؤادها أصبح فارغًا من الوحي الّذي كان اللّه أوحاه إليها، إذ أمرها أن تلقيه في اليمّ فقال {ولا تخافي ولا تحزني، إنّا رادّوه إليك، وجاعلوه من المرسلين} قال: فحزنت ونسيت عهد اللّه إليها، فقال اللّه عزّ وجلّ {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} من وحينا الّذي أوحيناه إليها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} قال: فارغًا من الوحي الّذي أوحى اللّه إليها حين أمرها أن تلقيه في البحر، ولا تخاف ولا تحزن. قال: فجاءها الشّيطان، فقال: يا أمّ موسى، كرهت أن يقتل فرعون موسى، فيكون لك أجره وثوابه وتولّيت قتله، فألقيتيه في البحر وغرّقتيه، فقال اللّه: {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} من الوحي الّذي أوحى إليها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، قال: حدّثني الحسن، قال: أصبح فارغًا من العهد الّذي عهدنا إليها، والوعد الّذي وعدناها أن نردّ عليها ابنها، فنسيت ذلك كلّه، حتّى كادت أن تبدي به لولا أن ربطنا على قلبها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: قال ابن إسحاق: قد كانت أمّ موسى ترفع له حين قذفته في البحر، هل تسمع له بذكرٍ، حتّى أتاها الخبر بأنّ فرعون أصاب الغداة صبيًّا في النّيل في التّابوت، فعرفت الصّفة، ورأت أنّه وقع في يدي عدوّه الّذي فرّت به منه، وأصبح فؤادها فارغًا من عهد اللّه إليها فيه قد أنساها عظيم البلاء ما كان من العهد عندها من اللّه فيه.
وقال بعض أهل المعرفة بكلام العرب: معنى ذلك: {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} من الحزن، لعلمها بأنّه لم يغرق. قال: وهو من قولهم: دمٌ فرغ: أي لا قود ولا دية؛ وهذا قولٌ لا معنًى له لخلافه قول جميع أهل التّأويل.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب عندي قول من قال: معناه: {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} من كلّ شيءٍ إلاّ من همّ موسى.
وإنّما قلنا: ذلك أولى الأقوال فيه بالصّواب لدلالة قوله: {إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها} ولو كان عنى بذلك: فراغ قلبها من الوحي لم يعقّب بقوله: {إن كادت لتبدي به} لأنّها إن كانت قاربت أن تبدي الوحي، فلم تكد أن تبديه إلاّ لكثرة ذكرها إيّاه، وولوعها به. ومحالٌ أن تكون به ولعةٌ إلاّ وهي ذاكرةٌ. وإذا كان ذلك كذلك بطل القول بأنّها كانت فارغة القلب ممّا أوحي إليها. وأخرى أنّ اللّه تعالى ذكره أخبر عنها أنّها أصبحت فارغة القلب، ولم يخصّص فراغ قلبها من شيءٍ دون شيءٍ، فذلك على العموم إلاّ ما قامت حجّته أنّ قلبها لم يفرغ منه.
وقد ذكر عن فضالة بن عبيدٍ أنّه كان يقرؤه: وأصبح فؤاد أمّ موسى فازعًا من الفزع.
وقوله: {إن كادت لتبدي به} اختلف أهل التّأويل في المعنى الّذي عادت عليه الهاء في قوله: {به} فقال بعضهم: هي من ذكر موسى، وعليه عادت.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، قال: حدّثنا الأعمش، عن مجاهدٍ، وحسّان أبي الأشرس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {إن كادت لتبدي به} أن تقول: يا ابناه.
- قال: حدّثني يحيى بن سعيدٍ، عن سفيان، عن الأعمش، عن حسّان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {إن كادت لتبدي به} أن تقول: يا ابناه.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن حسّان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {إن كادت لتبدي به} أن تقول: يا بنيّاه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إن كادت لتبدي به} أي لتبدي به أنّه ابنها من شدّة وجدها.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: لمّا جاءت أمّه أخذ منها، يعني الرّضاع، فكادت أن تقول: هو ابني، فعصمها اللّه، فذلك قول اللّه {إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها}.
وقال آخرون بما أوحيناه إليها: أي تظفر.
والصّواب من القول في ذلك ما قاله الّذين ذكرنا قولهم أنّهم قالوا: إن كادت لتقول: يا بنيّاه، لإجماع الحجّة من أهل التّأويل على ذلك، وأنّه عقيب قوله: {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} فلأن يكون لو لم يكن ممّن ذكرنا في ذلك إجماعٌ على ذلك من ذكر موسى، لقربه منه، أشبه من أن يكون من ذكر الوحي.
وقال بعضهم: بل معنى ذلك {إن كادت لتبدي} بموسى فتقول: هو ابني. قال: وذلك أنّ صدرها ضاق إذ نسب إلى فرعون، وقيل ابن فرعون.
وعني بقوله {لتبدي به} لتظهره وتخبر به.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {إن كادت لتبدي به}: لتشعر به.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إن كادت لتبدي به} قال: لتعلن بأمره لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين.
وقوله: {لولا أن ربطنا على قلبها} يقول: لولا أن عصمناها من ذلك بتثبيتناها وتوفيقناها للسّكوت عنه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: قال اللّه {لولا أن ربطنا على قلبها}: أي بالإيمان {لتكون من المؤمنين}.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: كادت تقول: هو ابني، فعصمها اللّه، فذلك قول اللّه: {إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها}.
وقوله: {لتكون من المؤمنين} يقول تعالى ذكره: عصمناها من إظهار ذلك وقيله بلسانها، وثبّتناها للعهد الّذي عهدنا إليها {لتكون من المؤمنين} بوعد اللّه، الموقنين به). [جامع البيان: 18/166-173]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين (10)
قوله تعالى: وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا أبو قطنٍ ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن عمرو بن ميمونٍ، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه في قوله: وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا قال: فرغ من ذكر كلّ شيءٍ من أمر الدّنيا إلا من ذكر موسى.
- حدّثنا أيّوب بن حسّان الواسطيّ، عن سفيان، عن أبي سعدٍ البقّال، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا قال: خاليًا من كلّ شيءٍ إلا ذكر موسى.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن الأعمش، عن حسان، يعني أبا الأشرس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا قال: فارغًا من كلّ شيءٍ غير ذكر موسى.
وروي، عن مجاهدٍ وعكرمة وأبي عبيدة والحسن وسعيد بن جبيرٍ والضّحّاك ومطرٍ الورّاق نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن عبيد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ ابن زيدٍ الورّاق، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: وأصبح فؤاد أم موسى فارغا قال: فأصبحت أمّ موسى والها.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد بن سنانٍ، ثنا نعيمٌ يعني ابن ميسرة، عن غرقدة، عن العلاء بن بدرٍ في قوله: وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا قال: نافرًا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد ثنا سعيدٌ، عن قتادة وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا أي لاهيًا من كلّ شيءٍ إلا من ذكر موسى.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: وقد كانت أمّ موسى ترفع له، حين قذفته في البحر: هل تسمع له بذكرٍ حتّى أتى الخبر بأنّ فرعون قد أصاب الغداة صبيًّا في النّيل في تابوتٍ، فعرفته بالصّفة، ورأت أنّه قد وقع في يد عدوّه الّذي فرّت منه، فأصبح فؤادها فارغًا، من عهد اللّه إليها فيه، قد أنساها عظيم البلاء، ما كان، عندها من العهد من اللّه فيه.
قوله تعالى: إن كادت لتبدي به
- حدّثنا أيّوب بن حسّان الواسطيّ، ثنا سفيان، عن أبي سعدٍ البقّال، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ إن كادت لتبدي به كادت أن تقول وانبأه.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ وأبو أحمد الزّبيريّ، عن سفيان، عن الأعمش، عن حسان يعني أبا الأشرس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: إن كادت لتبدي به أن تقول: يا ابناه.
وروي، عن أبي عبيدة وعكرمة ومغيث بن سميٍّ وقتادة نحو ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن هاشمٍ، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن حسّان أبي الأشرس، عن مغيث بن سميٍّ أو، عن أبي عبيدة في قوله: إن كادت لتبدي به قال: لتقول أنا أمّه.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، فلمّا جاءت أمّه أخذ منها وكادت أن تقول: هو ابني، فعصمها اللّه، فذلك قوله: إن كادت لتبدي به.
- وبه في قوله: لولا أن ربطنا على قلبها يقول: فعصمها اللّه.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: إنّ كادت لتبدي به أي لتنبئ أنّه ابنها من شدّة وجدها، قال اللّه تعالى لولا أن ربطنا على قلبها أي بالإيمان.
قوله تعالى: لتكون من المؤمنين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ لتكون من المؤمنين من المصدّقين.
- ذكر، عن أحمد بن أبي طيبة، عن، عنبسة بن سعيدٍ قاضي الرّيّ، عن سماكٍ أو السّدّيّ لتكون من المؤمنين قال: قد كانت من المؤمنين ولكن بقوله: إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين). [تفسير القرآن العظيم: 9/2946-2947]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، ثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، حدّثني أبي، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن الأعمش، عن حسّان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قوله تعالى: {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} [القصص: 10] قال: «فارغًا من كلّ شيءٍ غير ذكر موسى» {إن كادت لتبدي به} [القصص: 10] قال: «أن تقول يا بنيّاه» {وقالت لأخته قصّيه} [القصص: 11] ابتغي أثره {وحرّمنا عليه المراضع من قبل} [القصص: 12] قال: «لا يؤتى بمرضعٍ فيقبلها» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه وحسّان هو ابن عبّادٍ قد احتجّا جميعًا به "). [المستدرك: 2/441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} قال: من ذكر كل شيء من أمر الدنيا إلا من ذكر موسى). [الدر المنثور: 11/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} قال: خاليا من كل شيء غير ذكر موسى عليه السلام وفي قوله {إن كادت لتبدي به} قال: تقول يا ابناه). [الدر المنثور: 11/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} قال: من كل شيء غير هم موسى عليه السلام). [الدر المنثور: 11/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي عن عكرمة رضي الله عنه {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} قال: من كل شيء من أمر الدنيا والآخرة إلا من هم موسى). [الدر المنثور: 11/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} قال: من كل شيء إلا من ذكر موسى). [الدر المنثور: 11/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مغيث بن سمي أو عن أبي عبيدة في قوله {إن كادت لتبدي به} قال: لتقول: أنا أمه). [الدر المنثور: 11/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: (إن كادت لتبدي به) . أي لتنبئ انه ابنها من شدة وجدها {لولا أن ربطنا على قلبها} قال: ربط الله على قلبها بالايمان). [الدر المنثور: 11/432]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله {قصيه} قال قصي أثره {فبصرت به عن جنب} يقول بصرت به وهي مجانبة له لم تأته). [تفسير عبد الرزاق: 2/88]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({قصّيه} [القصص: 11] : «اتّبعي أثره، وقد يكون أن يقصّ الكلام» ، {نحن نقصّ عليك} [يوسف: 3] ، {عن جنبٍ} [القصص: 11] : «عن بعدٍ، عن جنابةٍ واحدٌ، وعن اجتنابٍ أيضًا»). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وقوله قصيه اتبعي أثره وصله بن أبي حاتمٍ من طريق القاسم بن أبي بزّة عن سعيد بن جبير عن بن عبّاسٍ قال في قوله وقالت لأخته قصّيه قصّي أثره وقال أبو عبيدة في قوله قصّيه اتّبعي أثره يقال قصصت آثار القوم وقال في قوله فبصرت به عن جنبٍ أي عن بعدٍ وتجنّبٍ ويقال ما تأتينا إلّا عن جنابةٍ وعن جنبٍ). [فتح الباري: 8/509]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (ثنا محمّد بن عبد الله بن أبي الثّلج ثنا يزيد بن هارون أنا أصبغ بن زيد الوراق ثنا القاسم بن أبي أيّوب ثنا سعيد بن جبير عن ابن عبّاس 11 القصص {وقالت لأخته قصيه} قصي أثره). [تغليق التعليق: 4/277-278]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قصّيه اتبعي أثره وقد يكون أن يقصّ الكلام نحن نقصّ عليك
أشار به إلى قوله تعالى: {وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون} (القصص: 11) أي: قالت أم موسى لأخت موسى: قصيه، أي: اتبعي أثره، من قولهم: قصصت آثار القوم أي: تبعتها. قوله: (وقد يكون)
إلى آخره. أراد به أن قصّ يكون أيضا من قصّ الكلام كما في قوله تعالى: {نحن نقص عليك} (القصص: 11) ومنه: قصّ الرّؤيا إذا أخبر بها.

عن جنبٍ عن بعدٍ عن جنابةٍ واحدٌ وعن اجتنابٍ أيضاً
أشار به إلى قوله تعالى: {فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون} وفسّر: (عن جنب) بقوله: (عن بعد) أي: بصرت أخت موسى بموسى أي: أبصرته عن بعد والحال أنهم لا يشعرون لا يعلمون أنّها أخت موسى عليه السّلام، وعن ابن عبّاس: الجنب أن يسمو بصر الإنسان إلى الشّيء البعيد وهو إلى جنبه لا يشعر به، وعن قتادة: جعلت أخت موسى تنظر إليه كأنّها لا تريده. قوله: عن جنابة أراد به أيضا أن معنى عن جنابة: عن بعد. قوله: (واحد) أي: معنى عن جنابة: واحد، وكذلك معنى: وعن اجتناب، والحاصل أن كل ذلك بمعنى واحد، وهو: البعد، ومنه: الجنب. سمي به لأنّه بعيد عن تلاوة القرآن). [عمدة القاري: 19/105-106]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({قصيه}) في قوله حكاية عن أم موسى {وقالت لأخته قصيه} أي (اتبعي أثره) حتى تعلمي خبره وكانت أخته لأبيه وأمه واسمها مريم (وقد يكون أن يقص الكلام) كما في قوله تعالى: {نحن نقص عليك} وقص الرؤيا إذا أخبر بها.
({عن جنب}) في قوله: {فبصرت به عن جنب} [القصص: 11] أي أبصرت أخت موسى موسى مستخفية كائنة (عن بعد) صفة لمحذوف أي عن مكان بعيد، وقال أبو عمرو بن العلاء أي عن شوق وهي لغة جذام يقولون جنبت إليك أي اشتقت وقوله: (عن جنابة واحد) أي في معنى البعد (وعن اجتناب أيضًا) وقرئ قوله: عن جنب بفتح الجيم وسكون النون وبفتحهما وبضم الجيم وسكون النون، وعن جانب وكلها شاذة والمعنى واحد). [إرشاد الساري: 7/283]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالت لأخته قصّيه فبصرت به عن جنبٍ وهم لا يشعرون}.
يقول تعالى ذكره: {وقالت} أمّ موسى لأخت موسى حين ألقته في اليمّ {قصّيه} يقول: قصّي أثر موسى، اتبعي أثره، يقال: قصصت آثار القوم: إذا اتّبعت آثارهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لأخته قصّيه} قال: اتبعي أثره كيف يصنع به.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {قصّيه} أي قصّي أثره.
- حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {وقالت لأخته قصّيه} قال: اتبعي أثره.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وقالت لأخته قصّيه} أي انظري ماذا يفعلون به.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وقالت لأخته قصّيه} يعني: قصّي أثره.
- حدّثني العبّاس بن الوليد، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيدٍ، قال: حدّثنا القاسم بن أبي أيّوب، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وقالت لأخته قصّيه} أي قصّي أثره واطلبيه هل تسمعين له ذكرًا، أحيٌّ ابني أو قد أكلته دوابّ البحر وحيتانه؟ ونسيت الّذي كان اللّه وعدها.
وقوله: {فبصرت به عن جنبٍ} يقول تعالى ذكره: فقصّت أخت موسى أثره، فبصرت به عن جنبٍ: يقول فبصرت بموسى عن بعدٍ لم تدن منه ولم تقرب، لئلاّ يعلم أنّها منه بسبيلٍ.
يقال منه: بصرت به وأبصرته، لغتان مشهورتان، وأبصرت عن جنبٍ، وعن جنابةٍ، كما قال الشّاعر:
أتيت حريثًا زائرًا عن جنابةٍ = فكان حريثٌ عن عطائي جاحدا
يعني بقوله: عن جنابةٍ: عن بعدٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {عن جنبٍ} قال: بعدٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {عن جنبٍ} قال: عن بعدٍ.
قال ابن جريجٍ، {عن جنبٍ} قال: هي على الحدّ في الأرض، وموسى يجري به النّيل وهما متحاذيان كذلك تنظر إليه نظرةً، وإلى النّاس نظرةً، وقد جعل في تابوتٍ مقيّرٍ ظهره وبطنه، وأقفلته عليه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة: {فبصرت به عن جنبٍ} يقول: بصرت به وهي محاذيته لم تأته.
- حدّثني العبّاس بن الوليد، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيدٍ، قال: حدّثني القاسم بن أبي أيّوب، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {فبصرت به عن جنبٍ} والجنب: أن يسمو بصر الإنسان إلى الشّيء البعيد، وهو إلى جنبه لا يشعر به.
وقوله: {وهم لا يشعرون} يقول: وقوم فرعون لا يشعرون بأخت موسى أنّها أخته.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وهم لا يشعرون} قال: آل فرعون.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فبصرت به عن جنبٍ، وهم لا يشعرون} أنّها أخته، قال: جعلت تنظر إليه كأنّها لا تريده.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وهم لا يشعرون} أنّها أخته.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {وهم لا يشعرون} أي لا يعرفون أنّها منه بسبيلٍ). [جامع البيان: 18/173-177]

قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقالت لأخته قصّيه فبصرت به عن جنبٍ وهم لا يشعرون (11)
قوله تعالى: وقالت لأخته قصّيه
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن الأعمش، عن حسان يعني أبا الأشرس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ وقالت لأخته قصّيه أي اتّبعي أثره.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا عمرٌو العنقزيّ، ثنا سفيان، عن سليمان بن مهران، عن حسّان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ وقالت لأخته قصّيه قال: انظريه.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ ابن زيدٍ الورّاق، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا، سعيد بن جبير، عن ابن عباس وقالت لأخته قصّيه قصّي أثره، أو اطلبيه هل تسمعين له ذكرًا أحيّ ابني أم أكلته الدّوابّ، ونسيت ما كان اللّه وعدها فيه.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق وقالت لأخته قصّيه أي انظري ما يفعلون به.
قوله تعالى: فبصرت به عن جنبٍ وهم لا يشعرون
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ ابن زيدٍ، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس فبصرت به، عن جنب فبصرت به أخته، عن جنبٍ.
قوله تعالى: عن جنبٍ
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، حدّثني عمرٌو العنقزيّ، ثنا سفيان، عن سليمان بن مهران، عن حسّان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ فبصرت به، عن جنب قال:، عن جانبٍ.
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قوله: فبصرت به، عن جنب يقول: بصرت به وهي مجانبةٌ لم تأته.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: فبصرت به، عن جنبٍ، عن بعيدٍ.
قوله تعالى: وهم لا يشعرون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ وهم لا يشعرون أنّها أخته.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة وهم لا يشعرون أنّها أخته قال: جعلت تنظر إليه وكأنّها لا تريده.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق وهم لا يشعرون أي لا يعرفون أنّها منه بسبيلٍ.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ ابن زيدٍ، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس فبصرت به عن جنبٍ وهم لا يشعرون والجنب أن يسمو بصر الإنسان إلى الشّيء البعيد وهو إلى جنبه لا يشعر به). [تفسير القرآن العظيم: 9/2948-2949]


قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله قصيه يقول اتبعي أثره ما يصنع به). [تفسير مجاهد: 480-481]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فبصرت به عن جنب قال عن بعيد). [تفسير مجاهد: 481]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وهم لا يشعرون قال لا يشعر آل فرعون أنه عدو لهم وأن هلاكهم على يديه). [تفسير مجاهد: 481]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، ثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، حدّثني أبي، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن الأعمش، عن حسّان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قوله تعالى: {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} [القصص: 10] قال: «فارغًا من كلّ شيءٍ غير ذكر موسى» {إن كادت لتبدي به} [القصص: 10] قال: «أن تقول يا بنيّاه» {وقالت لأخته قصّيه} [القصص: 11] ابتغي أثره {وحرّمنا عليه المراضع من قبل} [القصص: 12] قال: «لا يؤتى بمرضعٍ فيقبلها» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه وحسّان هو ابن عبّادٍ قد احتجّا جميعًا به "). [المستدرك: 2/441] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون.
أخرج الفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقالت لأخته قصيه} أي اتبعي أثره {فبصرت به عن جنب} قال: عن جانب). [الدر المنثور: 11/432]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وقالت لأخته قصيه} أي اتبعي أثره كيف يصنع به {فبصرت به عن جنب} قال: عن بعد {وهم لا يشعرون} قال: آل فرعون انه عدو لهم). [الدر المنثور: 11/432]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وقالت لأخته قصيه} قال: قصي أثره {فبصرت به عن جنب} يقول: بصرت به وهي مجانبة لهم {وهم لا يشعرون} انها أخته قال: جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده). [الدر المنثور: 11/432-433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: اسم أخت موسى يواخيد وأمه يحانذ). [الدر المنثور: 11/433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أبي رواد رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة رضي الله عنها اما علمت ان الله قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وآسية امرأة فرعون قالت: وقد فعل الله ذلك يا رسول الله قال: نعم، قالت: بالرفاه والبنين). [الدر المنثور: 11/433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شعرت ان الله زوجني مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وامرأة فرعون فقلت: هنيئا لك يا رسول الله). [الدر المنثور: 11/433]

تفسير قوله تعالى: (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وحرمنا عليه المراضع من قبل قال كان لا يقبل ثديا لهم فقالت أخته هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم). [تفسير عبد الرزاق: 2/88]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وحرّمنا عليه المراضع من قبل، فقالت هل أدلّكم على أهل بيتٍ يكفلونه لكم وهم له ناصحون}.
يقول تعالى ذكره: ومنعنا موسى المراضع أن يرتضع منهنّ من قبل أمّه. ذكر أنّ أختًا لموسى هي الّتي قالت لآل فرعون: {هل أدلّكم على أهل بيتٍ يكفلونه لكم وهم له ناصحون}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: أرادوا له المرضعات، فلم يأخذ من أحدٍ من النّساء، وجعل النّساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرّضاع، فأبى أن يأخذ، فذلك قوله: {وحرّمنا عليه المراضع من قبل فقالت} أخته {هل أدلّكم على أهل بيتٍ يكفلونه لكم وهم له ناصحون} فلمّا جاءت أمّه أخذ منها.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وحرّمنا عليه المراضع من قبل} قال: لا يقبل ثدي امرأةٍ حتّى يرجع إلى أمّه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن حسّان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وحرّمنا عليه المراضع من قبل} قال: كان لا يؤتى بمرضعٍ فيقبلها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وحرّمنا عليه المراضع من قبل} قال: لا يرضع ثدي امرأةٍ حتّى يرجع إلى أمّه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وحرّمنا عليه المراضع من قبل} قال: جعل لا يؤتى بامرأةٍ إلاّ لم يأخذ ثديها، قال: {فقالت} أخته {هل أدلّكم على أهل بيتٍ يكفلونه لكم وهم له ناصحون}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: جمعوا المراضع حين ألقى اللّه محبّتهم عليه، فلا يؤتى بامرأةٍ فيقبل ثديها فيرمضهم ذلك، فيؤتي بمرضعٍ بعد مرضعٍ، فلا يقبل شيئًا منهنّ {فقالت} لهم أخته حين رأت من وجدهم به، وحرصهم عليه {هل أدلّكم على أهل بيتٍ يكفلونه لكم}.
ويعني بقوله {يكفلونه لكم}: يضمّونه لكم.
وقوله: {وهم له ناصحون} ذكر أنّها أخذت، فقيل: قد عرفته، فقالت: إنّما عنيت أنّهم للملك ناصحون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: لمّا قالت أخته {هل أدلّكم على أهل بيتٍ يكفلونه لكم وهم له ناصحون} أخذوها، وقالوا: إنّك قد عرفت هذا الغلام، فدلّينا على أهله، فقالت: ما أعرفه، ولكنّي إنّما قلت: هم للملك ناصحون.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {هل أدلّكم على أهل بيتٍ يكفلونه لكم وهم له ناصحون} قال: فعلّقوها حين قالت: وهم له ناصحون، قالوا: قد عرفته، قالت: إنّما أردت هم للملك ناصحون.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {وهم له ناصحون} أي لمنزلته عندكم، وحرصكم على مسرّة الملك، قالوا: هاتي). [جامع البيان: 18/177-179]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وحرّمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلّكم على أهل بيتٍ يكفلونه لكم وهم له ناصحون (12)
قوله تعالى: وحرّمنا عليه المراضع من قبل
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن الأعمش، عن حسّان يعني أبا الأشرس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ وحرّمنا عليه المراضع من قبل قال: لا يؤتى بمرضعٍ فيقبلها.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ في قول اللّه: وحرّمنا عليه المراضع من قبل فأرادوا له المرضعات، فلم يأخذ من أحدٍ من النّساء، وجعل النّساء يطلبن ذلك لينزلن، عند فرعون في الرّضاع، فأبى أن يأخذ.
قوله تعالى: فقالت هل أدلّكم على أهل بيتٍ يكفلونه لكم وهم له ناصحون
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: وجمعوا له المراضع، حين ألقى اللّه محبّتهم عليه فلا يؤتى بامرأةٍ فيقبل ثديها فيرمضهم ذلك، فيؤتى بمرضعٍ بعد مرضعٍ فلا يقبل شيئًا منهنّ، فقالت أخته حين رأت من وجدهم به وحرصهم عليه: هل أدلّكم على أهل بيتٍ يكفلونه لكم، وهم له ناصحون.
قوله تعالى: وهم له ناصحون
- حدّثنا محمّد بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ بن زيدٍ، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ وهم له ناصحون فأخذوها فقالوا: ما يدريك ما نصحهم له وشفقتهم عليه؟ هل يعرفونه؟ حتّى شكوا في ذلك، فقالت: نصحهم له وشفقتهم عليه رغبتهم في صهر الملك، رجاء منفعةٍ فأرسلوها.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباط، عن السّدّيّ وهم له ناصحون فأخذوها فقالوا: إنّك قد عرفت هذا الغلام فدلّينا على أهله فقالت: ما أعرفه ولكن إنّما هم للملك ناصحون، فلمّا جاءت أمّه أخذ منها.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق وهم له ناصحون أي لمنزلته، عندكم، وحرصها على مسرّة الملك. فقالوا: نعم فهاتي). [تفسير القرآن العظيم: 9/2949-2950]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله حرمنا عليه المراضع من قبل قال لم يقبل ثدي امرأة حتى رجع إلى أمه). [تفسير مجاهد: 481]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، ثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، حدّثني أبي، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن الأعمش، عن حسّان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قوله تعالى: {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} [القصص: 10] قال: «فارغًا من كلّ شيءٍ غير ذكر موسى» {إن كادت لتبدي به} [القصص: 10] قال: «أن تقول يا بنيّاه» {وقالت لأخته قصّيه} [القصص: 11] ابتغي أثره {وحرّمنا عليه المراضع من قبل} [القصص: 12] قال: «لا يؤتى بمرضعٍ فيقبلها» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه وحسّان هو ابن عبّادٍ قد احتجّا جميعًا به "). [المستدرك: 2/441] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (طسم * تلك آيات الكتاب المبين * نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون * إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي قال: كان من شأن فرعون انه رأى رؤيا في منامه: أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اذا اشتملت على بيوت مصر أحرقت القبط وتركت بني اسرائيل فدعا السحرة والكهنة والعافة والزجرة، وهم العافة الذين يزجرون الطير فسألهم عن رؤياه فقالوا له: يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو اسرائيل منه - يعنون بيت المقدس - رجل يكون على وجهه هلاك مصر، فأمر بني اسرائيل ان لا يولد لهم ولد إلا ذبحوه ولا يولد لهم جارية إلا تركت وقال للقبط: انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجا فادخلوهم واجعلوا بني اسرائيل يلون تلك الاعمال القذرة فجعلوا بني اسرائيل في أعمال غلمانهم، فذلك حين يقول {إن فرعون علا في الأرض} يقول: تجبر في الأرض {وجعل أهلها شيعا} يعني بني اسرائيل {يستضعف طائفة منهم} حين جعلهم في الاعمال القذرة وجعل لا يولد لبني اسرائيل مولود إلا ذبح فلا يكبر صغير، وقذف الله في مشيخة بني اسرائيل الموت فأسرع فيهم، فدخل رؤوس القبط على فرعون فكلموه فقالوا: ان هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت فيوشك ان يقع العمل على غلماننا تذبح أبناءهم فلا يبلغ الصغار فيعينون الكبار فلو انك كنت تبقى من أولادهم، فأمر ان يذبحوا سنة ويتركوا سنة فلما كان في السنة التي لا يذبحون فيها ولد هرون عليه السلام، فترك فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى بموسى عليه الصلاة والسلام فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه فلما وضعته أرضعته ثم دعت له نجارا وجعلت له تابوتا وجعلت مفتاح التابوت من داخل وجعلته فيه وألقته في اليم بين أحجار عند بيت فرعون فخرجن جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن فوجدن التابوت فادخلنه إلى آسية وظنن ان فيه مالا، فلما تحرك الغلام رأته آسية صبيا فلما نظرته آسية وقعت عليه رحمتها وأحبته، فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه فلم تزل آسية تكلمه حتى تركه لها وقال: اني أخاف ان يكون هذا من بني اسرائيل وان يكون هذا الذي على يديه هلاكنا، فبينما هي ترقصه وتلعب به اذ ناولته فرعون وقالت: خذه {قرة عين لي ولك} القصص الآية 9 قال فرعون: هو قرة عين لك - قال عبد الله بن عباس: ولو قال هو قرة عين لي اذا لآمن به ولكنه ابى - فلما أخذه اليه أخذ موسى عليه السلام بلحيته فنتفها فقال فرعون: علي بالذباحين هو ذا، قالت آسية: لا تقتله {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} القصص الآية 9 إنما هو صبي لا يعقل وانما صنع هذا من صباه أنا أضع له حليا من الياقوت وأضع له جمرا فإن أخذ الياقوت فهو يعقل اذبحه وان أخذ الجمر فانما هو صبي فاخرجت له ياقوتا ووضعت له طستا من جمر فجاء جبريل عليه السلام فطرح في يده جمرة فطرحها موسى عليه السلام في فيه فاحرقت لسانه فارادوا له المرضعات فلم يأخذ من أحد من النساء وجعلن النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع فأبى ان يأخذ، فجاءت أخته فقالت: {هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون} فأخذوها فقالوا: انك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله فقالت: ما أعرفه ولكن إنما هم للملك ناصحون، فلما جاءته أمه أخذ منها، وكادت تقول: هو ابني، فعصمها الله فذلك قوله {إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين} قال: قد كانت من المؤمنين ولكن بقول: {إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} قال السدي: وانما سمى موسى لأنهم وجدوه في ماء وشجر والماء بالنبطية مو الشجر سى). [الدر المنثور: 11/421-424] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون * فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون.
أخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وحرمنا عليه المراضع من قبل} قال: لا يؤتى بمرضع فيقبلها). [الدر المنثور: 11/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {وحرمنا عليه المراضع من قبل} قال: لا يقبل ثدي امرأة حتى يرجع إلى أمه). [الدر المنثور: 11/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال: حين قالت {هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون} قالوا: قد عرفتيه فقالت: إنما أردت الملك هم للملك ناصحون). [الدر المنثور: 11/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وحرمنا عليه المراضع} قال: جعل لا يؤتى بامرأة إلا لم يأخذ ثديها وفي قوله {ولتعلم أن وعد الله حق} قال: وعدها انه راده اليها وجاعله من المرسلين ففعل الله بها ذلك). [الدر المنثور: 11/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال: كان فرعون يعطي أم موسى على رضاع موسى كل يوم دينارا). [الدر المنثور: 11/434-435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في المراسيل عن جبير بن نفير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يعني: يتقوون على عدوهم، مثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها). [الدر المنثور: 11/435]

تفسير قوله تعالى: (فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فرددناه إلى أمّه كي تقرّ عينها ولا تحزن، ولتعلم أنّ وعد اللّه حقٌّ، ولكنّ أكثرهم لا يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: فرددنا موسى {إلى أمّه} بعد أن التقطه آل فرعون، لتقرّ عينها بابنها، إذ رجع إليها سليمًا من قبل فرعون {ولا تحزن} على فراقه إيّاها {ولتعلم أنّ وعد اللّه} الّذي وعدها إذ قال لها {فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ ولا تخافي ولا تحزني} الآية، {حقٌّ}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فرددناه إلى أمّه} فقرأ حتّى بلغ {لا يعلمون} ووعدها أنّه رادّه إليها وجاعله من المرسلين، ففعل اللّه ذلك بها.
وقوله: {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} يقول تعالى ذكره: ولكنّ أكثر المشركين لا يعلمون أنّ وعد اللّه حقٌّ، لا يصدّقون بأنّ ذلك كذلك). [جامع البيان: 18/180]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فرددناه إلى أمّه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أنّ وعد اللّه حقٌّ ولكنّ أكثرهم لا يعلمون (13)
قوله تعالى: فرددناه إلى أمّه كي تقرّ عينها ولا تحزن
تقدّم تفسيره في طه.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، عن سلمة، عن محمّد بن إسحاق فأتت أمّه فأخبرتها فانطلقت معها حتّى أتتهم فناولوها إيّاه، فلمّا وضعته في حجرها أخذ ثديها وسرّوا بذلك منه وردّه اللّه إلى أمّه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم إنّ وعد اللّه حقٌّ ولكنّ أكثرهم لا يعلمون فبلغ لطف اللّه لها وله أن ردّ عليها ولدها، وعطف عليها نفع فرعون وأهل بيته، مع ما منّ اللّه عليه من القتل الّذي يتخوّف على غيره، فكأنّه كان من بيت آل فرعون، في الأمان والسّعة، فكان على فرش فرعون وسرره في بيته.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن سعيدٍ العطّار، ثنا زكريّا بن عديٍّ، عن حفصٍ. يعني البصريّ، عن أبي عمران الجونيّ قال: كان فرعون يعطي أمّ موسى على رضاع موسى كلّ يومٍ دينارًا.
قوله تعالى: ولتعلم أنّ وعد اللّه حقٌّ
تقدّم تفسيره.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ولتعلم أنّ وعد اللّه حقٌّ فوعدها أنّه رادّه إليها وجاعله من المرسلين، ففعل اللّه بها ذلك.
قوله تعالى: ولكنّ أكثرهم لا يعلمون
أي لا يعقلون تقدّم إسناده). [تفسير القرآن العظيم: 9/2950-2951]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وحرمنا عليه المراضع} قال: جعل لا يؤتى بامرأة إلا لم يأخذ ثديها وفي قوله {ولتعلم أن وعد الله حق} قال: وعدها انه راده اليها وجاعله من المرسلين ففعل الله بها ذلك). [الدر المنثور: 11/434] (م)


رد مع اقتباس