عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 01:02 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذ يتحاجّون في النّار فيقول الضّعفاء للّذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعًا فهل أنتم مغنون عنّا نصيبًا من النّار (47) قال الّذين استكبروا إنّا كلٌّ فيها إنّ اللّه قد حكم بين العباد}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} {وإذ يتحاجّون في النّار} يقول: وإذ يتخاصمون في النّار. وعني بذلك: إذ يتخاصم الّذين أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بإنذارهم من مشركي قومه في النّار، {فيقول الضّعفاء} منهم في الدّنيا وهم التّبّاع {للّذين استكبروا} منهم وهم المتّبعون على الشّرك باللّه {إنّا كنّا لكم تبعًا} تقول لرؤسائهم الّذين اتّبعوهم على الضّلالة: إنّا كنّا لكم في الدّنيا تبعًا على الكفر باللّه {فهل أنتم مغنون} اليوم {عنّا نصيبًا من النّار} يعنون حظًّا فتخفّفونه عنّا، فقد كنّا نسارع في محبّتكم في الدّنيا، ومن قبلكم أتينا، لولا أنتم لكنّا في الدّنيا مؤمنين، فلم يصبنا اليوم هذا البلاء.
والتّبع يكون واحدًا وجماعةً في قول بعض نحويّي البصرة، وفي قول بعض نحويّي الكوفة جمعٌ لا واحد له، لأنّه كالمصدر قال: وإن شئت كان واحده تابع، فيكون مثل خائلٍ وخولٍ، وغائبٍ وغيبٍ.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّه جمع واحده تابعٌ وقد يجوز أن يكون واحدًا فيكون جمعه (أتباع) ). [جامع البيان: 20/341-342]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فأجابهم المتبوعون بما أخبر اللّه عنهم؛ {قال الّذين استكبروا} وهم الرّؤساء المتبوعون على الضّلالة في الدّنيا: إنّا أيّها القوم وأنتم كلّنا في هذه النّار مخلّدون، لا خلاص لنا منها {إنّ اللّه قد حكم بين العباد} بفصل قضائه، فأسكن أهل الجنّة الجنّة، وأهل النّار النّار، فلا نحن ممّا نحن فيه من البلاء خارجون، ولا هم ممّا فيه من النّعيم منتقلون.
ورفع قوله: {كلٌّ} بقوله: {فيها} ولم ينصب على النّعت.
وقد اختلف في جواز النّصب في ذلك في الكلام وكان بعض نحويّي البصرة يقول: إذا لم يضف كلّ لم يجز الاتّباع وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: ذلك جائزٌ في الحذف وغير الحذف، لأنّ أسماءها إذا حذفت اكتفي بها منها.
وقد بيّنّا الصّواب من القول في ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته). [جامع البيان: 20/342]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا الحكم بن أبي عمر بن أبي ليلى أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني أو ذكر لي: أن أهل النار استغاثوا بالخزنة، فقال الله: {وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يومًا من العذاب} [سورة غافر:49 - 50] فسألوا يومًا واحدًا يخفف عنهم فيه العذاب، فرد عليهم: {أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى} فردت عليهم الخزنة: {قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} قال: فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا مالكًا وهو عليهم وله مجلس في وسطها، وجسور تمر عليها ملائكة العذاب فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها، فقالوا: {يا مالك ليقض علينا ربك}[سورة الزخرف:77] قال: سألوا الموت، فسكت عنهم لا يجيبهم ثمانين سنة، قال: والسنة ستون وثلاثمائة يوم، والشهر ثلاثون يومًا، واليوم كألف سنة مما تعدون، ثم لحظ إليهم بعد الثمانين فقال: {إنكم ماكثون}، فلما سمعوا منه ما سمعوا وأيسوا مما قاله، قال بعضهم لبعض: يا هؤلاء، قد نزل بكم من البلاء والعذاب ما قد ترون، فهلم فلنصبر، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا، فأجمعوا رأيهم على الصبر، قال: فصبروا فطال صبرهم، ثم جزعوا فنادوا: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [سورة إبراهيم: 21- 22]، أي من منجى، قال: فقام إبليس عند ذلك فقال: {إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم} إلى قوله: {ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي} يقول: بمغن عنكم شيئًا {وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل} قال: فلما سمعوا مقالتهم مقتوا أنفسهم، قال: فنودوا: {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} [سورة غافر: 10-12] إلى قوله: {فهل إلى خروج من سبيل} قال: فرد عليهم: {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير} قال فهذه واحدة، قال: فنودوا الثانية: {ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحًا إنا موقنون}[سورة السجدة: 12] قال: فرد عليهم {ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هداها} يقول: لو شئت لهديت الناس جميعًا فلم يختلف منهم أحدٌ {ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا}، يقول: بما تركتم أن تعملوا لي ليومكم هذا، {إنا نسيناكم} إنا تركناكم، {وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} هذه اثنتان، قال: فنادوا الثالثة {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} [سورة إبراهيم: 45- 46] فرد عليهم: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}، قال: هذه الثالثة، قال: ثم نادوا الرابعة: {ربنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل} [سورة فاطر: 37] قال: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} ثم مكث عنهم ما شاء الله، ثم ناداهم: { ألم تكن ءاياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون} [سورة المؤمنون: 105-108]، قال: فلما سمعوا صوته قالوا: الآن يرحمنا، فقالوا عند ذلك: {غلبت علينا شقوتنا} أي الكتاب الذي كتب علينا، {وكنا قومًا ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}فقال عند ذلك: {اخسئوا فيها ولا تكلمون} فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء منهم، وأقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجه بعض، فأطبقت عليهم.
قال: فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه ذكر له أن ذلك قوله: {هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون} [سورة المرسلات: 35- 36] ). [الزهد لابن المبارك: 2/ 590-592]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذين في النّار لخزنة جهنّم ادعوا ربّكم يخفّف عنّا يومًا من العذاب (49) قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبيّنات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلاّ في ضلالٍ}.
يقول تعالى ذكره: وقال أهل جهنّم لخزنتها وقوّامها استغاثةً بهم من عظيم ما هم فيه من البلاء، ورجاءً أن يجدوا من عندهم فرجًا {ادعوا ربّكم} لنا {يخفّف عنّا يومًا} واحدًا، يعني قدر يومٍ واحدٍ من أيّام الدّنيا {من العذاب} الّذي نحن فيه.
وإنّما قلنا: معنى ذلك: قدر يومٍ من أيّام الدّنيا؛ لأنّ الآخرة يومٌ لا ليل بعده، فيقال: خفّف عنهم يومًا واحدًا). [جامع البيان: 20/342-343]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا الحكم بن أبي عمر بن أبي ليلى أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني أو ذكر لي: أن أهل النار استغاثوا بالخزنة، فقال الله: {وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يومًا من العذاب} [سورة غافر:49 - 50] فسألوا يومًا واحدًا يخفف عنهم فيه العذاب، فرد عليهم: {أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى} فردت عليهم الخزنة: {قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} قال: فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا مالكًا وهو عليهم وله مجلس في وسطها، وجسور تمر عليها ملائكة العذاب فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها، فقالوا: {يا مالك ليقض علينا ربك} [سورة الزخرف:77] قال: سألوا الموت، فسكت عنهم لا يجيبهم ثمانين سنة، قال: والسنة ستون وثلاثمائة يوم، والشهر ثلاثون يومًا، واليوم كألف سنة مما تعدون، ثم لحظ إليهم بعد الثمانين فقال: {إنكم ماكثون}، فلما سمعوا منه ما سمعوا وأيسوا مما قاله، قال بعضهم لبعض: يا هؤلاء، قد نزل بكم من البلاء والعذاب ما قد ترون، فهلم فلنصبر، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا، فأجمعوا رأيهم على الصبر، قال: فصبروا فطال صبرهم، ثم جزعوا فنادوا: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [سورة إبراهيم: 21- 22]، أي من منجى، قال: فقام إبليس عند ذلك فقال: {إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم} إلى قوله: {ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي} يقول: بمغن عنكم شيئًا {وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل} قال: فلما سمعوا مقالتهم مقتوا أنفسهم، قال: فنودوا: {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} [سورة غافر: 10-12] إلى قوله: {فهل إلى خروج من سبيل} قال: فرد عليهم: {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير} قال فهذه واحدة، قال: فنودوا الثانية: {ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحًا إنا موقنون}[سورة السجدة: 12] قال: فرد عليهم {ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هداها} يقول: لو شئت لهديت الناس جميعًا فلم يختلف منهم أحدٌ {ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا}، يقول: بما تركتم أن تعملوا لي ليومكم هذا، {إنا نسيناكم} إنا تركناكم، {وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} هذه اثنتان، قال: فنادوا الثالثة {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} [سورة إبراهيم: 45- 46] فرد عليهم: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}، قال: هذه الثالثة، قال: ثم نادوا الرابعة: {ربنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل} [سورة فاطر: 37] قال: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} ثم مكث عنهم ما شاء الله، ثم ناداهم: { ألم تكن ءاياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون} [سورة المؤمنون: 105-108]، قال: فلما سمعوا صوته قالوا: الآن يرحمنا، فقالوا عند ذلك: {غلبت علينا شقوتنا} أي الكتاب الذي كتب علينا، {وكنا قومًا ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}فقال عند ذلك: {اخسئوا فيها ولا تكلمون} فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء منهم، وأقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجه بعض، فأطبقت عليهم.
قال: فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه ذكر له أن ذلك قوله: {هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون} [سورة المرسلات: 35- 36] ). [الزهد لابن المبارك: 2/ 590-592](م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبيّنات} يقول تعالى ذكره: قالت خزنة جهنّم لهم: أولم تك تأتيكم في الدّنيا رسلكم بالبيّنات من الحجج على توحيد اللّه، فتوحّدوه وتؤمنوا به، وتتبرّءوا ممّا دونه من الآلهة؟ قالوا: بلى، قد أتتنا رسلنا بذلك.
وقوله: {قالوا فادعوا} يقول جلّ ثناؤه: قالت الخزنة لهم: فادعوا إذن ربّكم الّذي أتتكم الرّسل بالدّعاء إلى الإيمان به.
وقوله: {وما دعاء الكافرين إلاّ في ضلالٍ} يقول: قد دعوا وما دعاؤهم إلاّ في ضلالٍ، لأنّه دعاءٌ لا ينفعهم، ولا يستجاب لهم، بل يقال لهم: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} ). [جامع البيان: 20/343]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان أن زيد بن أسلم قال: الأشهاد الذي ذكر الله في القرآن: {يوم يقوم الأشهاد}، فالأشهاد أربعةٌ: النبيون، والملائكة، والمؤمنون، والأجساد). [الجامع في علوم القرآن: 2/140]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ويوم يقوم الأشهاد قال الأشهاد الخلائق أو قال الملائكة). [تفسير عبد الرزاق: 1/304]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: قالت أم مبشر لكعب بن مالك وهو شاك اقرأ على ابني السلام تعني مبشرا فقال يغفر الله لك يا أم مبشر أو لم تسمعي ما قال رسول الله إنما نسمة المؤمن طير تعلق في شجره الجنة حتى يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة قالت ضعفت فأستغفر الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/182]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ويوم يقوم الأشهاد قال الأشهاد الملائكة). [تفسير عبد الرزاق: 2/182]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش قال: سألت مجاهدًا عن قول الله {يوم يقوم الأشهاد} قال: الملائكة [الآية: 51]). [تفسير الثوري: 263]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد (51) يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار}.
يقول القائل: وما معنى: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا} وقد علمنا أنّ منهم من قتله أعداؤه، ومثّلوا به، كشعيا ويحيى بن زكريّا وأشباههما، ومنهم من همّ بقتله قومه، فكان أحسن أحواله أن يخلص منهم حتّى فارقهم ناجيًا بنفسه، كإبراهيم الّذي هاجر إلى الشّام من أرضه مفارقًا لقومه، وعيسى الّذي رفع إلى السّماء إذ أراد قومه قتله، فأين النّصرة الّتي أخبرنا أنّه ينصرها رسله، والمؤمنين به في الحياة الدّنيا، وهؤلاء أنبياؤه قد نالهم من قومهم ما قد علمت، وما نصروا على من نالهم بما نالهم به؟
قيل: إنّ لقوله: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا} وجهين كلاهما صحيحٌ معناه أحدهما أن يكون معناه: إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا إمّا بإعلائناهم على من كذّبنا وإظفارناهم بهم، حتّى يقهروهم غلبةً، ويذلّوهم بالظّفر ذلّةً، كالّذي فعل من ذلك بداود وسليمان، فأعطاهما من الملك والسّلطان ما قهرا به كلّ كافرٍ، وكالّذي فعل بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بإظهاره على من كذّبه من قومه، وإمّا بانتقامنا ممّن حادّهم وشاقّهم بإهلاكهم وإنجاء الرّسل ممّن كذّبهم وعاداهم، كالّذي فعل تعالى ذكره بنوحٍ وقومه، من تغريق قومه وإنجائه منهم، وكالّذي فعل بموسى وفرعون وقومه، إذ أهلكهم غرقًا، ونجّى موسى ومن آمن به من بني إسرائيل وغيرهم ونحو ذلك، أو بانتقامنا في الحياة الدّنيا من مكذّبيهم بعد وفاة رسولنا من بعد مهلكهم، كالّذي فعلنا من نصرتنا شعياء بعد مهلكه، بتسليطنا على قتله من سلّطنا حتّى انتصرنا بهم من قتلته، وكفعلنا بقتلة يحيى، من تسليطنا بختنصّر عليهم حتّى انتصرنا به وبجنده من قتلته له، وكانتصارنا لعيسى من مريدي قتله بالرّوم حتّى أهلكناهم بهم.
فهذا أحد وجهيه وقد كان بعض أهل التّأويل يوجّه معنى ذلك إلى هذا الوجه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن الفضل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قول اللّه: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا} قد كانت الأنبياء والمؤمنون يقتلون في الدّنيا وهم منصورون، وذلك أنّ تلك الأمّة الّتي تفعل ذلك بالأنبياء والمؤمنين لا تذهب حتّى يبعث اللّه قومًا فينتصر بهم لأولئك الّذين قتلوا منهم.
والوجه الآخر: أن يكون هذا الكلام على وجه الخبر عن الجميع من الرّسل والمؤمنين، والمعنى به خاصٌّ من الرّسل والمؤمنين، فيكون تأويل الكلام حينئذٍ: إنّا لننصر رسولنا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم والّذين آمنوا به في الحياة الدّنيا، ويوم يقوم الأشهاد، كما بيّنّا فيما مضى أنّ العرب تخرج الخبر بلفظ الجميع، والمراد واحدٌ إذا لم تنصب للخبر شخصًا بعينه.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {ويوم يقوم الأشهاد (51) يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم}؛ فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والكوفة {ويوم يقوم} بالياء، و{ينفع} أيضًا بالياء، وقرأ ذلك بعض أهل مكّة وبعض قرّاء البصرة: (تقوم) بالتّاء، و(تنفع) بالتّاء.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان بمعنًى واحدٍ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وقد بيّنّا فيما مضى أنّ العرب تذكّر فعل الرّجل وتؤنّث إذا تقدّم بما أغنى عن إعادته.
وعني بقوله: {ويوم يقوم الأشهاد} يوم يقوم الأشهاد من الملائكة والأنبياء والمؤمنين على الأمم المكذّبة رسلها بالشّهادة بأنّ الرّسل قد بلّغتهم رسالات ربّهم، وأنّ الأمم كذّبتهم والأشهاد: جمع شهيدٍ، كما الأشراف: جمع شريفٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ويوم يقوم الأشهاد} من ملائكة اللّه وأنبيائه، والمؤمنين به.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {ويوم يقوم الأشهاد} يوم القيامة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {ويوم يقوم الأشهاد} قال الملائكة). [جامع البيان: 20/343-347]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 51 - 55.
أخرج أحمد والترمذي وحسنه، وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه نار جهنم، ثم تلا {إنا لننصر رسلنا} الآية.
وأخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، مثله). [الدر المنثور: 13/47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {إنا لننصر رسلنا} الآية، قال: ذلك في الحجة، يفتح الله حجتهم في الدنيا). [الدر المنثور: 13/47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في هذه الآية قال: لم يبعث الله إليهم من ينصرهم فيطلب بدمائهم ممن فعل ذلك بهم في الدنيا وهم منصورون فيها). [الدر المنثور: 13/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ويوم يقوم الأشهاد} قال: هم الملائكة.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه، مثله). [الدر المنثور: 13/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن سفيان رضي الله عنه قال: سألت الأعمش عن قوله {ويوم يقوم الأشهاد} قال: الملائكة). [الدر المنثور: 13/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال {الأشهاد} ملائكة الله وأنبياؤه والمؤمنون). [الدر المنثور: 13/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال {الأشهاد} أربعة: الملائكة الذين يحصون أعمالنا، وقرأ (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) (ق 21)، والنبيون شهداء على أممهم، وقرأ (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد) (النساء 41)، وأمة محمد صلى الله عليه وسلم شهداء على الأمم، وقرأ (لتكونوا شهداء على الناس) (الحج 78)، والأجساد والجلود، وقرأ (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء) (فصلت 21) ). [الدر المنثور: 13/48-49]

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا ينفع الظّالمين معذرتهم} يقول تعالى ذكره: ذلك يومٌ لا ينفع أهل الشّرك اعتذارهم لأنّهم لا يعتذرون إن اعتذروا إلاّ بباطلٍ، وذلك أنّ اللّه قد أعذر إليهم في الدّنيا، وتابع عليهم الحجج فيها فلا حجّة لهم في الآخرة إلاّ الاعتصام بالكذب وأن يقولوا: {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين}.
وقوله: {ولهم اللّعنة} يقول: وللظّالمين اللّعنة، وهي البعد من رحمة اللّه {ولهم سوء الدّار} يقول: ولهم مع اللّعنة من اللّه شرّ ما في الدّار الآخرة، وهو العذاب الأليم). [جامع البيان: 20/347]


رد مع اقتباس