عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 10:52 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي البسملة

البسملة

قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (باب علل البسملة
1- قال أبو محمد: إن سأل سائل عن الإتيان بالبسملة في أول القراءة بالسورة وما علته؟
فالجواب أنه أتي بالتسمية على إرادة التبرك بذكر أسماء الله وصفاته في أول الكلام ولثباتها للاستفتاح في المصحف، فهي للابتداء بالسورة فلا يوقف على التسمية دون أن توصل بأول السورة. وليست بآية من «الحمد» ولا من غيرها من السور عند مالك وغيره من العلماء. فأما من قال إنها آية من أول
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/13]
كل سورة، فتكون علته أنه أتى بها في تلاوته بأول سورة، ولأنها آية من كل سورة. ولثباتها في المصحف، وهو أحد قولي الشافعي وقول ابن المبارك، وسنذكر ضعف هذا القول إن شاء الله.
2- فإن قيل: ما معنى قولهم «التسمية والبسملة» ومما اشتقاقهما؟
فالجواب أن التسمية مصدر «سميت»، فقيل: «التسمية» في {بسم الله الرحمن الرحيم} لأنك سميت «الله» بأسمائه الحسنى، وذكرته في لفظك، فأما «البسملة» فهي مشتقة من اسمين من «بسم» ومن «الله»، فـ «بسم» ملفوظ به واللام من «الله» جل ذكره، وهي لغة للعرب، تقول: بسمل الرجل إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم، وحوقل الرجل وحولق إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهلل الرجل إذا قال: لا إله إلا الله، وهو كثير. وقد فعلوا ذلك في النسب فقالوا في «عبد الدار» «عبدري» وفي «عبد القيس» «عبقسي»
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/14]
فإن قيل: فما علة من فصل بين كل سورتين بالتسمية؟
فالجواب أن الذين فعلوا ذلك هم الحرميان إلا ورشا وعاصم والكسائي وعلتهم في ذلك أنهم اتبعوا خط المصحف، وأرادوا التبرك بابتداء أسماء الله، ولما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «اقرؤوا ما في المصحف»، ولأن بعض العلماء قد قال: إنها آية من أول كل سورة إلا «براءة» وهو أحد قولي الشافعي، وبه قال ابن المبارك، وهو قول شاذ، لأنهم زادوا في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/15]
القرآن مائة آية وثلاث عشرة آية، والقرآن لا تثبت فيه الزيادة إلا بالإجماع الذي قطع على غيبه، ولا إجماع في هذا، بل الإجماع قد سبق في الصدر الأول من الصحابة، وفي الصدر الثاني من التابعين على ترك القول بهذا.
4- فإن قيل: فما علة من أسقط التسمية بين كل سورتين ولم يثبت التسمية إلا في أول قراءته، وهو حمزة؟
فالجواب أنه لما كانت {بسم الله الرحمن الرحيم} ليست بآية من كل سورة عنده وعند جماعة الفقهاء أسقطها في وصله السورة بالسورة، لئلا يظن ظان أنها آية من أول كل سورة، فالقرآن عنده كله كالسورة الواحدة، فكما لا يفصل بين بعض سورة وبعض بالتسمية كذلك لا يفصل بين سورة وسورة بالتسمية، فأما ثباتها في المصحف فإنما ذلك ليُعلم فراغ سورة وابتداء أخرى.
5- فإن قيل: فما حجة من فصل بين كل سورتين بسكت؟
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/16]
فالجواب أنه لما ابتدأ بالتسمية في أول ابتدائه بالسورة ثم وصل السورة بالسورة، أراد أن يبين بالسكت بينهما أن الأولى قد تمت، وأنه ابتدأ بثانية، وبين أيضًا بحذفه التسمية أن التسمية ليست بآية من كل سورة، وفي إجماع أكثر القراء على حذف التسمية بين كل سورتين، وقبول قرن بعد قرن لذلك، وروايته ذلك عنهم دليل على أنها ليست بآية من كل سورة. فما كان الله ليجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على إسقاط مائة آية وثلاث عشرة آية من كتابه منذ ثلاثمائة سنة إلى أن تقوم الساعة، لا يرد ذلك أحد ولا ينكره، بل ينقله خلف عن سلف، ويروونه ويستعملونه في محاريبهم ويعلمونه الولدان، ولا أحد يعرف أنه أنكر ذلك.
6- فإن قيل: فما علة الاختيار لمن لم يفصل بين السورتين بالتسمية أن يفصل بالتسمية بين المدثر والقيامة، وبين الانفطار والمطففين، وبين الفجر ولا أقسم، وبين العصر والهمزة؟
فالجواب أن وصل آخر السورة بالسورة التي بعدها من هذه السور فيه قبح في اللفظ، فكره ذلك إجلالًا للقرآن وتعظيمًا له، ألا ترى أن القارئ يقول: {هو أهل التقوى وأهل المغفرة – لا أقسم} «المدثر 56، القيامة 1» فيقع لفظ النفي عقيب لفظ المغفرة، وذلك في السمع قبيح، ويقول: {والأمر يومئذ لله – ويل للمطففين} «الانفطار 19، المطففين 1» فيقع لفظ الويل عقيب اللفظ باسم
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/17]
الله جل ذكره، وذلك قبيح، وكذلك السور الأخر، فاختير لمن يفصل بالسكت بين كل سورتين أن يفصل بين هذه السور بالتسمية، ولمن لا يفصل بالسكت بين كل سورتين أن يفصل بين هذه السور بالسكت، وهو حمزة، وهو اختيار من المتعبين، ولهم حجة قوية في ذلك، روى مالك أن النبي عليه السلام سئل عن العقيقة فقال: «لا أحب العقوق»، قال مالك: فكأنه كره الاسم، يريد مالك أن فعل العقيقة جائز لم يكره النبي فعلها، وإنما كره لفظ اسمها، فانظر كيف كره النبي عليه السلام قبح اللفظ، وقد روي أن رجلين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فتشهد أحدهما وقال: من يطع الله جل وعز ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقد رشد، ومن يعصهما»، ووقف على «يعصهما» فقال له النبي: «بئس الخطيب أنت»، وإنما قال له النبي ذلك لقبح لفظه في وقفه، إذ خلط الإيمان بالكفر في إيجاب الرشد لهما، وكان حقه أن يقول: ومن يعصهما فقد غوى، أو يقف على «رشد» ثم يبتدئ: ومن يعصهما فقد غوى، فانظر كيف كره النبي قبح وقفه ولفظه، وإن كان مراده الخير لم يقصد إلى شيء من الشر، وبهذا وبنحوه يُرغب في معرفة الوقف في كتاب الله على الكلام التام، ولهذا المعنى اخترت أنا في مواضع من الابتداء بالأحزاب أن لا يبتدأ بها، وأن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/18]
يبتدأ بما قبلها، مثل الابتداء بأول الحزب في النساء في قوله: {الله لا إله إلا هو} «87» لأن القارئ يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، الله لا إله إلا هو، فيصل «الرجيم» بلفظ اسم الله، وذلك قبيح في اللفظ، فمنعت من ذلك إجلالًا لله وتعظيمًا له، ومثله أني منعت من الابتداء بأول الحزب في السجدة في قوله: {إليه يُرد علم الساعة} «47» لأن القارئ يقول: {من الشيطان الرجيم. إليه يرد علم الساعة}، فيصل ذلك بالشيطان، وذلك قبيح في اللفظ.
7- فإن قيل: فما العلة في حذفهم التسمية في المصاحف والقراءة بين براءة والأنفال؟
فالجواب أنها حذفت من القراءة لحذفها من المصحف، فأول «براءة» كأول عشر من السور، والتعوذ في الابتداء بها يكفي كما يفعل بالابتداء بالأعشار، فأما علة حذفها من المصحف فمختلف في ذلك، روي عن مالك أنه قال: إنما ترك من مضى أن يكتبوا في أول براءة «بسم الله الرحمن الرحيم» لأنها سقط أولها يعني نُسخ، وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: «براءة» من سورة الأنفال وسقط بينهما شيء لم نجده عند أحد يثبت، فلذلك لم نكتب في أولها «بسم الله الرحمن الرحيم» يريد عثمان أنه نُسخ من أولها
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/19]
شيء، وعن عثمان أيضًا أنه قال: لم يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في براءة شيئًا، وكانت قصتها تشبه قصة الأنفال، وكانت من آخر ما نزل، فلذلك لم يكتب بينهما {بسم الله الرحمن الرحيم} ولم يأمر في سورة «براءة» بشيء، فلذلك ضمت إلى الأنفال، ولم يكتب بينهما {بسم الله الرحمن الرحيم} وكانت أولى بها لشبهها بها، وقال المبرد: إنما لم تكتب {بسم الله الرحمن الرحيم} في أول براءة لأن {بسم الله الرحمن الرحيم} خير و«براءة» أولها وعيد ونقض للعهود، وقال عاصم: لم يكتب {بسم الله الرحمن الرحيم} أول «براءة» لأنها رحمة، و«براءة» عذاب
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/20]
وقال ابن لهيعة: يقولون «براءة» من الأنفال فكذلك لم يكتب أولها {بسم الله الرحمن الرحيم}، وقال الليث، وقال ابن عجلان: بلغني أن «براءة» كانت تعدل سورة البقرة أو قريبًا منها، فلذلك لم يكتب في أولها {بسم الله الرحمن الرحيم}، يريد ابن عجلان أنه نسخ منها ما نقص منها.
8- قال أبو محمد: فإن سأل سائل فقال: فما اختيارك في التسمية بين كل سورتين وتركها؟
فالجواب أن الذي أختاره لنفسي أن أفصل بين كل سورتين بالتسمية اتباعًا لخط المصحف، ولقول عائشة: «اقرؤوا ما في المصحف» ولإجماع أهل الحرمين وعاصم على ذلك، فإجماعهم على القراءة حجة أعتمد عليها في أكثر هذا الكتاب،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/21]
وليتبين بذلك أن السورة الأولى قد تمت وأن الثانية مبتدأ بها، ولقول أبي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا في أول كل سورة بـ {بسم الله الرحمن الرحيم} وللتبرك بالابتداء بذكر أسماء الله وصفاته.
9- قال أبو محمد: ولست ممن يعتقد أنها آية في شيء من القرآن إنما هي بعض آية في «النمل»، ومن قال: إنها آية في أول كل سورة فقد زاد في القرآن مائة آية وثلاث عشرة آية، ولم يقل بذلك أحد من الصحابة ولا من التابعين، فالإجماع قد حصل على ترك عدها آية من كل سورة، فما حدث بعد الإجماع من الصحابة والتابعين من قول منفرد محدث فقول مرفوض غير مقبول
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/22]
وأيضًا فقد أجمع أهل العدد من أهل الكوفة والبصرة ومكة والمدينة والشام على ترك عدها آية في أول كل سورة، فهذه حجة قاطعة وإجماع ظاهر، وإنما اختلفوا في عدها وتركه في سورة «الحمد» لا غير، فعدها آية الكوفي والمكي، ولم يعدها آية البصري ولا الشامي ولا المدني، والمشهور من قول الشافعي أن التسمية آية في «الحمد» لا غير، وهذا مما اختلف فيه الصدر الأول، وقال جماعة منهم بذلك، فهو اختلاف غير منكر، لكنا نقول في هذا إن الزيادة في القرآن لا تثبت بالاختلاف وإنما تثبت بالإجماع، ولا إجماع في ذلك، وقد روى الشافعي وأصحابه في ذلك أحاديث، وروى من خالفهم في ترك عدها آية من «الحمد» أحاديث، فتوازن الأمران، وبقي انتقاد صحة الأحاديث، والكلام في ذلك يطول، ويخرجنا عما قصدنا إليه، لكنا نقول: لو ثبتت أحاديثهم وصحت لم يكن لهم فيها حجة في إثبات قرآن، لأن القرآن لا يثبت بأخبار الآحاد التي لا يقطع على غيبها، إنما يثبت القرآن بالإجماع والأخبار المتواترة المقطوع على غيبها، ولا تواتر ولا إجماع في أن {بسم الله الرحمن الرحيم} آية من «الحمد»، فسقط
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/23]
ما ذكروا في ذلك من الأحاديث، أنها آية من «الحمد»، مع ما روينا من الأحاديث الصحاح عن مالك وغيره، أنها ليست آية من «الحمد»، فالنافي في هذا أولى من المثبت لأن المثبت لو صح ما روي لم ينفعه ذلك، لأن ما روي من الأحاديث لم يقطع على غيبه أنه حق، والقرآن لا يثبت إلا بما يقطع على غيبه أنه حق). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/24]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قال أبو محمد: إن سأل سائل عن علة اختلافهم في عدد آي سورة «الحمد».
فالجواب هو ما قدمنا من الاختلاف في {بسم الله الرحمن الرحيم} أنها آية من سورة الحمد، فعدها الكوفي والمكي آية ولم يعدّا {أنعمت عليهم} «7» آية، وترك البصري والشامي والمدني عدّها آية، وعدوا {أنعمت عليهم} آية، وعلة من عد {بسم الله الرحمن الرحيم} من «الحمد» آية ما روي في ذلك من الأحاديث أنها آية من «الحمد» ولأنها ثابتة في خط المصحف، ولقول عائشة: «اقرؤوا ما في المصحف»، وعلة من لم يعدها آية هو ما قدمنا من الأدلة، أنها ليست بآية من «الحمد» إذ لا يثبت القرآن إلا بإجماع أو بأخبار متواترة تقطع على غيبها، فلما لم يثبت أنها من «الحمد» آية لم يعدها منها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/25]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (وأما البسملة:
فقد اختلفوا في كونها آية من الفاتحة، وكونها أيضًا آية من أول كل سورة.
والبسملة هي التلفظ ببسم الله، كما أن الحمدلة هي التلفظ بالحمد لله، والهيللة هي قول: لا إله إلا الله، والحيعلة: قول حي على الفلاح.
والفعل منها: بسمل، وكذلك حمدل، وهيلل، وحيعل.
وأما الاختلاف فيها فإن ابن كثير ونافعًا وابن عامر وعاصمًا والكسائي ويعقوب كانوا يجهرون بالاستعاذة وببسم الله الرحمن الرحيم في الفاتحة وفي جميع القرآن، إلا بين القرينتين: الأنفال والتوبة اتباعًا للكتاب، وتابعهم أبو عمرو في الجهر بالاستعاذة وبسم الله الرحمن الرحيم إلا في الفصل بين كل سورتين، فكان يتركها ويصل أواخر السور بأوائل ما يليها ولا يعربها كقوله: {وَلَا الضَّالِّينَ ألم} لا يحرك النون إذا وصلها بألم، بل يسكت عليها سكتة خفيفة، ثم يصلها، وكذلك يفعل بأواخر السور كلها، ويجعل السكتة في ثلاثة مواضع أوضح منها في سائرها، وهو قوله في آخر المدثّر {وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} {لَا أُقْسِمُ} كره أن يصل المغفرة بحرف نفي، وكذلك في آخر الفجر، كره أن يقول: {وَادْخُلِي جَنَّتِي} {لا}، وكذلك في آخر الانفطار {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} كره أن يقول {لله} {وَيْلٌ}، فلهذا
[الموضح: 224]
كانت سكتته في هذه المواضع الثلاثة أوفى، وكان حمزة يجهر بالاستعاذة وببسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب فقط، ويخفيها في سائر القرآن.
ووجه التسمية في أول الفاتحة مجهورًا بها: أنها آية من الفاتحة، بدلالة أخبارٍ وردت فيها، منها:
ما روت أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، يقطعها آية آية حتى عد سبع آيات عدد الأعراب. وما روى طلحة بن عبيد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك آية من كتاب الله عز وجل، وقد عد علي فيما عد في أم الكتاب".
[الموضح: 225]
وبدلالة أن الفاتحة تسمى السبع المثاني؛ لأنها سبع آيات، وهي إنما تكون سبع آيات مع التسمية، وليس قولُ من قال إن {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} رأس آية بصحيح؛ لأن قوله: {عَلَيْهِمْ} ليس بمشاكل لآيات هذه السورة، ولا بمقارب لها، ومقاطع القرآن إما متشاكلة أو متقاربة فالمتشاكلة نحو ما في سور القمر والشمس والنجم وغيرها من الآي، والمتقاربة نحو: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} و{هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} فقد تقارب قوله {مَجِيدُ} و{عَجِيبٌ} من جهة أن كل واحدٍ منهما قبل آخره ياء ساكنة قبلها كسر، فهي مدة، وليس قوله {عَلَيْهِمْ} بمشاكل لقوله: {الْمُسْتَقِيمِ} ولا بمقارب له؛ لأن ياء {عَلَيْهِمْ} ليس قبلها كسرة، فلا تكون مدّة، وليس بعد الياء حرف واحد كالمستقيم بل حرفان وهما الهاء والميم، فإذا ليس برأس آية.
ثم إن الابتداء بغير في أول الآية ليس بمستقيمٍ.
وأما كون التسمية من أول كل سورة فبدلالة ما روي عن ابن عباس أن
[الموضح: 226]
النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعرف ختم السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم.
فدل على أنه منزل في أول كل سورة.
وبدلالة اتفاقهم على كتب التسمية في أوائل السور بخط القرآن، فلولا أنهم عدوها منها لما كتبوها بما كتبوا به السور، مع أنهم لم يجيزوا كتب ما ليس من السورة في المصحف بالخط الذي كتبت به السورة.
وهذا أعني كون التسمية آية من الفاتحة ومن كل سورة مذهب جماعة من التابعين. وإليه ذهب الشافعي رحمة الله عليه.
وأما تركهم إياها بين القرينتين الأنفال والتوبة؛ فلأنها لم تنزل هناك، وأنزلت في أول كل سورة.
فذهب بعضهم إلى أنها إنما لم تنزل؛ لأن السورة في رفع الأمان، والتسمية أمان.
[الموضح: 227]
وذهب بعضهم إلى أن الأنفال والتوبة سورة واحدة، فلهذا لم يفضل بينهما بالتسمية.
وأما أبو عمرو فإنه يرى أن التسمية من الفاتحة إلا أنها ليست من سائر السور، لكنها كتبت فيها تيمنًا وتبركًا، وللفضل بين السور، وكذلك حمزة.
وبعض العلماء لا يراها من الفاتحة أيضًا، بل يرى الافتتاح بها في الفاتحة وفي غيرها للتبرك والتيمن، ولا يجب عنده قراءتها في الفاتحة.
ورُوي ذلك عن أبي هريرة، وإليه ذهب مالك والأوزاعي وأبو حنيفة رحمةُ الله عليهم). [الموضح: 228]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس