عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 1 ربيع الأول 1440هـ/9-11-2018م, 08:45 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "أزلفت" معناه: قربت، وقوله تعالى: "غير بعيد" تأكيد وبيان أن هذا التقريب هو في المسافة، لأن "قربت" كان يحتمل أن يكون المعنى بالوعد والإخبار، فرفع الاحتمال بقوله: "غير بعيد"). [المحرر الوجيز: 8/ 52]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {هذا ما توعدون} الآية. يحتمل أن يكون معناه: يقال لهم في الآخرة عند إزلاف الجنة: هذا هو الذي كنتم توعدون في الدنيا، ويحتمل أن يكون المعنى خطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، أي: هذا هو الذي توعدون به أيها الناس لكل أواب حفيظ، و"الأواب": الرجاع إلى الطاعة وإلى مراشد نفسه، وقال ابن عباس، وعطاء: الأواب المسبح، من قوله تعالى: {يا جبال أوبي معه}، وقال الشعبي، ومجاهد، هو الذي يذكر ذنوبه فيستغفر، وقال المحاسبي: هو الراجح بقلبه إلى الله تعالى، وقال عبيد بن عمير: كنا نتحدث أنه الذي إذا قام من مجلسه استغفر الله تعالى مما جرى في ذلك المجلس، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل. و"الحفيظ" معناه: لأوامر الله تعالى فيمتثلها، ولنواهيه فيتركها، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: حفيظ لذنوبه حتى يرجع عنها.
وقوله تعالى: {من خشي الرحمن بالغيب} يحتمل أن يكون من نعت "الأواب" أو بدلا من "كل"، ويحتمل أن يكون رفعا بالابتداء، والخبر: يقال لهم: "ادخلوها بسلام"، ويحتمل أن تكون شرطية فيكون الجواب: يقال لهم: "ادخلوها بسلام"، وقوله تعالى: "بالغيب" معناه: غير مشاهد له، إنما يصدق رسوله ويسمع كتابه، وجاء معناه: يوم القيامة، و"المنيب" الراجع إلى الخير والمائل إليه.
وقوله تعالى: "ادخلوها" تقرير يقال لهم، أو فيقال لهم، على ما تقدم. و"سلام" معناه: بأمن وسلامة من جميع الآفات، وقوله تعالى: {ذلك يوم الخلود} مقابل لقوله تعالى قبل في أمر الكفار: {ذلك يوم الوعيد}). [المحرر الوجيز: 8/ 52-53]

تفسير قوله تعالى: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد} خبر بأنهم يعطون آمالهم أجمع، ثم أبهم تعالى الزيادة التي عنده للمؤمنين المنعمين، وكذلك هي مبهمة في قوله تعالى: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}، وقد فسر ذلك الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بل ما أطلعتهم عليه"، وقد ذكر الطبري وغيره في تعيين هذا المزيد أحاديث مطولة وأشياء ضعيفة; لأن الله تبارك وتعالى يقول: فلا تعلم نفس وهم يعينونها تكلفا وتعشقا، وروي عن جابر بن عبد الله، وأنس رضي الله عنهما أن المزيد: النظر إلى وجه الله تعالى بلا كيف). [المحرر الوجيز: 8/ 53]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص * إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد * ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب * فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب * ومن الليل فسبحه وأدبار السجود}
"كم" للتكثير، وهي خبرية، والمعنى: كثيرا أهلكنا قبلهم. و"القرن": الأمة من الناس الذين يمر عليهم قدر من الزمان، واختلف الناس في ذلك القدر، فقال الجمهور: مائة سنة، وقيل غير هذا، وقد تقدم القول فيه غير مرة، و"شدة البطش" هي بكثرة القوة والأموال والملك والصحة والأذهان إلى غير ذلك. وقرأ الجمهور من الناس: "فنقبوا" بشد القاف المفتوحة على إسناد الفعل إلى القرون الماضية، والمعنى: ولجوا البلاد من أنقابها، وفي الحديث: "إن على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال"، والمراد تطوفوا ومشوا طماعية في النجاة من الهلكة، ومنه قول الشاعر:
وقد نقبت في الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب
ومنه قول الحارث بن حلزة اليشكري:
نقبوا في البلاد من حذر المو ... ت وجالوا في الأرض كل مجال
وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما، وابن يعمر، ونصار بن يسار، وأبو العالية: "فنقبوا" بشد القاف المكسورة على الأمر لهؤلاء الحاضرين، و: هل من محيص توقيف وتقرير، أي: لا محيص، و"المحيص" موضع الحيص وهو الروغان والحياد، قال قتادة: حاص الكفرة فوجدوا أمر الله متبعا مدركا، وفي صدر البخاري: "فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب" وقال ابن عبد شمس في وصف ناقته:
إذا حاص الدليل رأيت منها ... جنوحا للطريق على اتساق
وقرأ أبو عمرو -في رواية عبيد عنه-: "فنقبوا" بفتح القاف وتخفيفها، وهي بمعنى التشديد، واللفظة أيضا قد تقال بمعنى البحث والطلب، تقول: نقب عن كذا أي استقصى عنه، ومنه "نقيب القوم" لأنه الذي يبحث عن أمورهم ويباحث عنها، وهذا عندي تشبيه بالدخول من الأنقاب). [المحرر الوجيز: 8/ 53-55]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إن في ذلك لذكرى} يعني إهلاك من مضى، و"الذكرى": التذكرة، و"القلب" عبارة عن العقل إذ هو محله، والمعنى: لمن كان له قلب واع ينتفع به، وقال الشبلي: معناه: قلب حاضر مع الله تعالى لا يغفل عنه طرفة عين، وقوله تعالى: {أو ألقى السمع وهو شهيد} معناه: صرف سمعه إلى هذه الأنباء الواعظة، وأنتبه في سماعها، فذلك إلقاء له عليها، ومنه قوله تعالى: {وألقيت عليك محبة مني}، أي: أثبتها عليك، وقال بعض الناس: قوله تعالى: "ألقى السمع" وقوله: "فضربنا على آذانهم"، وقوله: {سقط في أيديهم}، هي مما قل استعمالها الآن وبعدت معانيه. وقول هذا القائل ضعيف، بل هي بينة المعاني، وقد مضت في موضعها، وقوله تعالى: "وهو شهيد" قال بعض المتأولين: معناه: وهو مشاهد مقبل على الأمر غير معرض ولا متفكر في غير ما يسمع، وقال قتادة: هي إشارة إلى أهل الكتاب، فكأنه تعالى قال: إن هذه العبرة لتذكرة لمن له فهم فيتدبر الأمر، أو لمن سمعها من أهل الكتاب فيشهد بصحتها لعلمه بها من كتاب التوراة وسائر كتب بني إسرائيل، فـ "شهيد" على التأويل الأول من المشاهدة، وعلى التأويل الثاني من الشهادة، وقرأ السدي: "أو ألقى السمع"، قال ابن جني: أي: ألقي السمع منه، حكى أبو عمرو الداني أن قراءة السدي ذكرت لعاصم فمقت السدي وقال: أليس الله تعالى يقول: "يلقون السمع").[المحرر الوجيز: 8/ 55-56]

رد مع اقتباس