عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 12:08 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{ يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37) قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39)}


تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35)}

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {يا بني آدم إمّا يأتينّكم رسلٌ مّنكم يقصّون عليكم آياتي فمن اتّقى وأصلح فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}
وقال: {يا بني آدم إمّا يأتينّكم رسلٌ مّنكم يقصّون عليكم آياتي فمن اتّقى وأصلح فلا خوفٌ عليهم} كان كأنّه قال فأطيعوهم). [معاني القرآن: 2/ 5]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا بني آدم إمّا يأتينّكم رسل منكم يقصّون عليكم آياتي فمن اتّقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (35)}
آدم لا ينصرف لأنه على قدر أفعل وهو معرفة، وهو مشتق من أدمة الأرض، وهو وجهها، فسمي بما خلق منه،، اللّه عزّ وجلّ أعلم.
وقوله: {إمّا يأتينّكم رسل منكم}؛
هذه " إن " التي للجزاء، ضمّت إليها ما.
والأصل في اللفظ " إن ما " مفصولة، ولكنها مدغمة، وكتبت على الإدغام، فإذا ضمّت إن إلى ما، لزم الفعل النون الثقيلة أو الخفيفة، وجواب الجزاء في الفاء أي" في قوله: {فمن اتقى وأصلح}.
فإنما تلزم " ما " النون لأن ما تدخل مؤكدة فتلزمها النون كما تلزم اللام النون في القسم إذا قلت: واللّه لتفعلنّ، فما توكيد، كما أن اللام توكيد.
فلزمت النون كما لزمت لام القسم). [معاني القرآن: 2/ 334]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36)}

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أولئك ينالهم نصيبهم مّن الكتاب...}
يقال: ينالهم ما قضى الله عليهم في الكتاب من سواد الوجوه وزرقة الأعين. وهو قوله: {ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة} ويقال هو ما ينالهم في الدنيا من العذاب دون عذاب الآخرة، فيكون من قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} ). [معاني القرآن: 1/ 379]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} أي حظهم مما كتب عليهم من العقوبة). [تفسير غريب القرآن: 167]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبا أو كذّب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتّى إذا جاءتهم رسلنا يتوفّونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون اللّه قالوا ضلّوا عنّا وشهدوا على أنفسهم أنّهم كانوا كافرين (37)}
؛أيّ ظلم أشنع من الكذب على الله؟؟!!!
وقوله: {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب}؛
أي ما أخبر الله جلّ ثناؤه عن جزائهم نحو قوله: {فأنذرتكم نارا تلظّى (14)}.
ونحو قوله: {يسلكه عذابا صعدا}
ونحو قوله: {إنّ المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار}.
ونحو: {إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل يسحبون (71) في الحميم} ، فهذه أنصبتهم من الكتاب على قدر ذنوبهم في كفرهم.
{حتّى إذا جاءتهم رسلنا}.
زعم سيبويه - والخليل - أن " حتّى " و " إمّا " و " إلّا " لا تجوز فيهن الإمالة. لا يجيز: {حتى إذا جاءتهم} ولا يجيز " أمّا "، ولا " لا إله إلّا اللّه "، هذا لحن كله، وزعم أن هذه ألفات الفتح لأنّها أواخر حروف جاءت لمعنى، ففصل بينها وبين أواخر الأسماء التي فيها الألف نحو حبلى وهدى، إلا أن حتى كتبت بالياء، لأنها على أربعة أحرف، فأشبهت سكرى.
و " إمّا " التي للتخيير شبهت بأن التي ضمت إليها " ما " مثل قوله: {إمّا أن تعذّب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسنا}.
كتبت بالألف لما وصفنا، و " إلا " أيضا كتبت بالألف أنها لو كتبت بالياء لأشبهت إلى.
وقوله: {حتّى إذا جاءتهم رسلنا يتوفّونهم}.
فيه - واللّه أعلم - وجهان:
يكون: حتى إذا جاءتهم ملائكة الموت يتوفونهم سألوهم عند المعاينة.
فيعرفون عند موتهم أنهم كانوا كافرين، لأنهم {قالوا أين ما كنتم تدعون من دون اللّه قالوا ضلّوا عنّا}؛ أي بطلوا وذهبوا.
ويجوز - واللّه أعلم - أن يكون: - حتى إذا جاءتهم رسلنا ملائكة العذاب يتوفونهم، فيكون {يتوفونهم} في هذا الموضع على ضربين:
- أحدهما يتوفونهم عذابا، وهذا كما تقول: قد قتلت فلانا بالعذاب وإن لم يمت.
ودليل هذا القول قوله عز وجلّ: {ويأتيه الموت من كلّ مكان وما هو بميّت}.
وجائز وهو أضعف الوجهين أنهم يتوفون عدّتهم واللّه أعلم). [معاني القرآن: 2/ 334-336]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله عز وجل: {فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته}
المعنى: أي ظلم أشنع من الافتراء على الله والتكذيب بآياته
ثم قال جل وعز: {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب}
- روى جابر عن مجاهد عن ابن عباس قال ما قدر لهم من خير وشر .
- وروى شريك عن سالم عن سعيد بن جبير أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب قال من الشقوة والسعادة .
- وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال ما وعدوا فيه من خير وشر.
ومعنى هذا القول: أنهم ينالهم نصيبهم من العذاب على قدر .
كفرهم نحو قوله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به}.
و إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار .
وقال جل وعز: {يسلكه عذابا صعدا}
وكذلك قال الضحاك معناه ينالهم نصيبهم من العذاب.
ثم قال جل وعز: {حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم}
قيل أعوان ملك الموت لما جاءوهم أقروا أنهم كانوا كافرين.
وقيل ملائكة العذاب.
ومعنى يتوفونهم على هذا يتوفونهم عذابا كما تقول قتلته بالعذاب.
ويجوز أن يكون من استيفاء العدد). [معاني القرآن: 3/ 30-32]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( { يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الْكِتَابِ} أي حظهم مما كتب الله عليهم من العقوبة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 84]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كلّما دخلت أمّةٌ لّعنت أختها...}
يقول: التي سبقتها، وهي أختها في دينها لا في النسب. وما كان من قوله: {وإلى مدين أخاهم شعيبا} فليس بأخيهم في دينهم ولكنه منهم). [معاني القرآن: 1/ 379]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {حتّى إذا ادّاركوا فيها جميعاً} أي اجتمعوا فيها، ويقال تدارك لي عليه شئ أي اجتمع لي عنده شئ، وهو مدغم التاء في الدال فثقّلت الدال.
{عذاباً ضعفاً} أي عذابين مضعف فصار شيئين). [مجاز القرآن: 1/ 214]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة العامة {حتى إذا اداركوا فيها} تذهب الألف إذا التقى ساكنان.
وقراءة أبي عمرو بن العلاء "حتى إذآ اداركوا" يثبت ألف "إذا"؛ وقوله عز وجل {قالوا اطيرنا} يثبت واو "قالوا"؛ وذلك ليس بالسهل في اللغة؛ لأنه يجمع بين ساكنين من حرفين منفصلين، وإن كان أحدهما مثقلاً، فليس كدابة وشابة؛ لأن المثقل هاهنا في كلمة واحدة؛ و{حتى إذا اداركوا} كلمتان منفصلتان.
وقد حكي عن بعضهم: "هذان عبدا الله"؛ فأثبت الألف على مثل قراءة أبي عمرو؛ وحكي أيضًا: "له ثلثآ المال" بإثبات الألف؛ وهذا أشد؛ لأنه غير مثقل؛ و{حتى إذا اداركوا} مثقل.
وقولهم أيضًا: "يآ لله" بحذف الألف من الاسم، وإثبات ألف "يا"؛ فجمع بين ساكنين؛ وقد قالوا أيضًا: "يآ ألله" بإثبات الألف والهمزة جميعًا؛ وقالوا أيضًا: "يالله" بحذفهما جميعًا؛ وهو القياس الذي عليه الكلام.
وأما {اداركوا} فقالوا: تدارك لي شيء تداركًا؛ أي اجتمع؛ فيصير معنى: "اداركوا" فقالوا فيها: أدرك بعضهم بعضًا، فاجتمعوا فيها). [معاني القرآن لقطرب: 563]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {حتى إذا اداركوا}: اجتمعوا يقال تدارك لي عليه شيء إذا اجتمع). [غريب القرآن وتفسيره: 145]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ادخلوا في أممٍ قد خلت من قبلكم} أي ادخلوا مع أمم.
{حتّى إذا ادّاركوا فيها} تداركوا. أدغمت التاء في الدال. وأدخلت الألف ليسلم السكون لما بعدها. يريد: تتابعوا فيها واجتمعوا). [تفسير غريب القرآن: 167]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآَخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل: 65، 66].
أصل ادّارك: تدارك، فأدغمت التاء في الدال، وأدخلت ألف الوصل ليسلم للدّال الأولى السكون، ومثله: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا} [الأعراف: 38] و{اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} [التوبة: 38]، و{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ} [النمل: 47]، إنما هو: تداركوا، وتثاقلتم، وتطيّرنا.
ومعنى تدارك: تتابع، وعلمهم: حكمهم على الآخرة، وحدسهم الظّنون.
وأراد وما يشعرون متى يبعثون إلّا بتتابع الظّنون في علم الآخرة، فهم يقولون تارة: إنها تكون، وتارة: إنها لا تكون، وإلى كذا تكون، وما يعلم غيب ذلك إلّا الله تعالى.
ثم قال: بل هم في شكٍّ منها بل هم من علمها عمون.
وكان ابن عباس يقرؤها بلى أدارك علمهم.
[تأويل مشكل القرآن: 354]
وهذه القراءة أشدّ إيضاحا للمعنى، لأنه قال: وما يشعرون متى يبعثون، ثم قال: بل تداركت ظنونهم في علم الآخرة، فهم يحدسون ولا يدرون). [تأويل مشكل القرآن:354- 355] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجنّ والإنس في النّار كلّما دخلت أمّة لعنت أختها حتّى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربّنا هؤلاء أضلّونا فآتهم عذابا ضعفا من النّار قال لكلّ ضعف ولكن لا تعلمون (38)}
{كلّما دخلت أمّة لعنت أختها}؛
لأنهم ضل بعضهم باتباع بعض.
{حتّى إذا ادّاركوا فيها جميعا}؛
أي تداركوا، وأدغمت التاء في الدال، فإذا وقفت على قوله " حتى إذا " لم تبتدئ حتى تأتي بألف الوصل، فتقول: ادّاركوا فتأتي بألف الوصل لسكون الدال فيها.

ومعنى تداركوا؛ اجتمعوا.
وقوله " (جميعا) منصوب على الحال، المعنى حتى إذا تداركوا فيها مجتمعين.
{قالت أخراهم لأولاهم ربّنا هؤلاء أضلّونا}؛
أي قالت أخراهم: دعتهم أولاهم فاتبع الآخر - الأول. فأعلم التابعون أن المتبوعين أضلّوهم بأن دعوهم إلى الضلال، والمعنى قالت أخراهم يا ربنا هؤلاء أضلونا، لأولاهم، تعني أولاهم.
وقوله: {فآتهم عذابا ضعفا من النّار}
أي عذابا مضاعفا لأن الضعف في كلام العرب على ضربين أحدهما المثل، والآخر أن يكون في معنى تضعيف الشيء.
{قال لكلّ ضعف}؛
أي للتابع والمتبوع لأنهم قد دخلوا في الكفر جميعا، أي لكل عذاب مضاعف، فمن قرأ: (ولكن لا تعلمون) بالتاء.
أي ولكن لا تعلمون أيها المخاطبون ما لكل فريق منكم من العذاب.
ومن قرأ (ولكن لا يعلمون) - بالياء، أي ولكن لا يعلم كل فريق مقدار عذاب الفريق الآخر.
ويجوز - واللّه أعلم - ولكن لا تعلمون يا أهل الدنيا مقدار ذلك). [معاني القرآن: 2/ 336-337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم}
قيل معنى في معنى مع وهذا لا يمتنع لأن قولك زيد في القوم معناه مع القوم وتجوز أن تكون في على بابها
وقال الأصمعي في قول امرئ القيس:
هل ينعمن من كان آخر عهده ....... ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال
معنى في معنى مع
وقوله جل وعز: {حتى إذا اداركوا فيها}.
أي تتابعوا واجتمعوا
{قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا}؛
المعنى قالت أخراهم يا ربنا هؤلاء أضلونا لأولاهم أي يعني أولاهم.
وقوله جل وعز: {قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون}؛
يجوز أن يكون المعنى ولكن لا تعلمون يا أهل الدنيا مقدار ما هم فيه من العذاب.
ويجوز أن يكون المعنى لا تعلمون أيها المخاطبون.
ومن قرأ ولكن لا يعلمون فمعناه عنده ولكن لا يعلم كل فريق مقدار عذاب الفريق الآخر). [معاني القرآن: 3/ 32-33]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( و{ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} أي مع الأمم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 84]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ادَّارَكُوا}: اجتمعوا). [العمدة في غريب القرآن: 134]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39)}

قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {وقالت أولاهم لأخراهم}؛ أي لآخرهم، وجئت في أخرى القوم؛ أي آخرهم). [معاني القرآن لقطرب: 586]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل}
قال مجاهد: أي من تخفيف العذاب.
وقال السدي: قد ضللتم كما ضللنا.
وقوله جل وعز: {لا تفتح لهم أبواب السماء}
قيل يعني أبواب الجنة لأن الجنة في السماء.
وأحسن ما قيل في هذا ما رواه سفيان عن منصور عن مجاهد قال لا تفتح أبواب السماء لكلامهم ولا لعملهم ويدل على صحة هذا القول قوله جل وعز: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}
وفي هذا حديث مسند رواه المنهال عن زاذان عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم إن العبد الكافر أو المنافق إذا خرجت نفسه أخذتها الملائكة حتى تنتهي إلى سماء الدنيا يفوح منها كأنتن ريح جيفة كانت على وجه الأرض فيستفتح له فلا يفتح ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفتح لهم أبواب السماء فيقول الله اجعلوا كتابه في سجين وأعيدوه إلى الأرض فتطرح طرحا ثم قرأ عليه السلام: ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء). [معاني القرآن: 3/ 34-35]


رد مع اقتباس