عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 09:37 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنبياء

[من الآية(87)إلى الآية(88)]
{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)}

قوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فظنّ أن لن نقدر عليه (87)
قرأ يعقوب وحده (فظنّ أن لن يقدر عليه) بياء مضمومة، وقرأ الباقون (فظنّ أن لن نقدر عليه) بالنون
قال أبو منصور: القراءة بالنون والتخفيف، وله معنيان:
أحدهما: فظن يونس أن لن نقدر عليه ما قدّرنا من التقام الحوت إياه، وحبسه في بطنه، يقال: قدر، وقدّر بمعنى واحد ومنه قول أبي صخر الهذلي:
[معاني القراءات وعللها: 2/168]
فليست عشيات اللّوى برواجع... لنا أبدًا ما أورق السّلم النّضر
ولا عائدًا ذاك الزّمان الذي مضى... تباركت ما تقدّر يقع ولك الشكر
معناه: ما تقدر يقع. وهو كلام فصيح.
ومنه قول الله جلّ وعزّ (فقدرنا فنعم القادرون) أي: فنعم المقدرون.
والمعنى الثاني في قوله: (فظن أن لن نقدر عليه) فظن أن لن نضيّق عليه، ومنه قوله: (يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر)، أي: يضيّق على من يشاء، ويوسع على من يشاء.
فهذان وجهان عربيان، ولا يجوز أن يكون معنى قوله: (فظنّ أن لن نقدر عليه) من القدرة؛ لأنه لا يجوز في صفة نبي من الأنبياء أن يظن هذا الظن.
ومن قرأ (فظنّ أن لن يقدر عليه) فإنه جائز أن يفسر بالمعنيين اللذين ذكرتهما، إلا أن القراءة المختارة ما اجتمع عليه قراء الأمصار). [معاني القراءات وعللها: 2/169]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {فَظَنَّ أَن لَّن يَّقْدِرَ عَلَيْهِ}[آية/ 87] بالياء مضمومة، والدال مفتوحة:
قرأها يعقوب وحده.
والوجه أن الفعل مبني لما لم يسم فاعله.
ويجوز أن يكون إنما قرأ كذلك لأنه حمل المعنى على أن يونس ذهب مغاضبًا لحزقيًا الملك، فظن أن لن يقدر عليه حزقيًا، فلهذا لم يسند الفعل إلى الله تعالى.
ويجوز أن يكون المعنى مثل ما في القراءة الأخرى، فبنى الفعل لما لم يسم فاعله، إذ المعنى لا يتغير.
وقرأ الباقون {أَن لَّن نَّقْدِرَ}بالنون وكسر الدال.
والوجه أن الفعل مسند إلى الله تعالى على لفظ التعظيم، كما أن ما بعده كذلك، وهو قوله {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ونَجَّيْنَاهُ}.
[الموضح: 865]
والمعنى في {لَّن نَّقْدِرَ}: لن نضيق، وقيل لن نقدر عليه ما قدرناه من جنسه في بطن الحوت، أي لان نقدر، وهو من التقدير الذي هو التهيئة لإمضاء الأمر في الشيء، قال الله تعالى {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ القَادِرُونَ}أي: فقدرنا فنعم المقدرون). [الموضح: 866]

قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وكذلك ننجي المؤمنين (88)
[معاني القراءات وعللها: 2/169]
قرأ ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: (وكذلك نجي المؤمنين) بنون واحدة، مشددة الجيم، ساكنة الياء.
وقرأ الباقون (ننجي المؤمنين) بنونين الثانية ساكنة والجيم خفيفة.
وقال الفراء: القراءة بنونين، وإن كانت كتابتها بنون واحدة، وذلك أن النون الأولى متحركة، والثانية ساكنة، فلا تظهر الساكنة على اللسان، فلما خفيت حذفت في الكتابة.
قال أبو منصور: وأما قراءة عاصم وابن عامر بنون واحدة فلا يعرف لها وجهة؛ لأن ما لم يسم فاعله إذا خلا باسمه رفعه.
وقال أبو إسحاق النحوي: من قال معناه: نجّي النجاء المؤمنين، فهو خطأ بإجماع من النحويين كلهم، لا يجوز (ضرب زيدًا) تريد: ضرب
الضرب زيدًا؛ لإنك إذا قلت: (ضرب زيدٌ) فقد علم أن الذي ضربه ضربٌ فلا فائدة في إضماره وإقامته مقام الفاعل). [معاني القراءات وعللها: 2/170]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {وكذلك نجي المؤمنين} [88].
قرأ عاصم وحده {وكلك نجي المؤمنين} بنون واحدةٍ.
قال الفراء: لا وجه له عندي إلا اللحن.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/65]
وقد احتج له غيره. فقال: نجى فعل ماض على مالم يسم فاعله. ثم أرسل الياء، كما قرأ الحسن: {وخذوا ما بقي من الربا} قام المصدر مقام المفعول الذي لا يذكر فاعله. وكذلك: نجي نجاء المؤمنين، واحتجوا بأن أبا جعفر قرأ في (الجاثية): {ليجزي قومًا بما كانوا يكسبون} على تقدير ليجزي الجزاء قومًا. وقال الشاعر:
فلو ولدت قفيرة جرو كلبٍ = لسب بذلك الجرو الكلابا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/66]
فقال أبو عبيد يجوز أن يكون أراد: «ينجي»، فأدغم النون في الجيم وهذا غلط؛ لأن النون لا تندغم في الجيم، ولا الجيم في النون. ولكن النون تخفي عند الجيم. فلما خفيت لفظًا خزلوها خطأ فكتب في المصحف بنون واحدة، فذلك الذي حمل عاصمًا على أن قرأها كذلك والاختيار {وكذلك ننجي} بنون فعل مضارع، النون الأولي للاستقبال والثانية أصلية، أنجي ينجي إنجاء، والمؤمنون مفعولون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/67]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: (وكذلك نجي المؤمنين) [الأنبياء/ 88] بنون واحدة مشدّدة الجيم على ما لم يسمّ فاعله والياء ساكنة.
وروى حفص عن عاصم: ننجي المؤمنين بنونين خفيفة، الثانية منهما ساكنة، مثل حمزة، وكذلك قرأ الباقون عبيد عن أبى عمرو وعبيد عن هارون عن أبي عمرو: (نجّي) مدغمة كذلك قالا، وهو وهم لا يجوز فيه الإدغام، لأن الأولى متحرّكة، والثانية ساكنة، والنون لا تدغم في الجيم، وإنما خفيت لأنها ساكنة تخرج من الخياشيم، فحذفت من الكتاب وهي في اللفظ ثابتة، ومن قال: مدغم فهو غلط.
قال: قوله في ذلك أن عاصما ينبغي أن يكون قرأ ننجي بنونين وأخفى الثانية، لأن هذه النون تخفى مع حروف الفم وتبيينها لحن، فلما أخفى عاصم، ظنّ السامع أنه مدغم لأن النون تخفي مع حروف الفم، ولا تبين، فالتبس على السامع الإخفاء بالإدغام من حيث كان كلّ واحد من الإخفاء والإدغام غير مبيّن، ويبين ذلك إسكانه الياء من (نجّي) لأن الفعل إذا كان مبنيّا للمفعول به وكان ماضيا لم يسكن آخره، وإسكان آخر الماضي إنما كان يكون في قول من قال في رض: رضا، وليس هذا منه، فإسكان الياء يدلّ على أنه قرأ ننجي كما روى حفص عنه. ومما يمنع أن يظنّ ذلك له نصب قوله المؤمنين من ننجي المؤمنين ولو كان على ما لم يسمّ فاعله لوجب أن يرتفع، فأما قول من قال: إنه يسند الفعل إلى المصدر ويضمره لأن
[الحجة للقراء السبعة: 5/259]
الفعل دلّ عليه، فذلك مما يجوز في ضرورة الشعر، والبيت الذي أنشد:
ولو ولدت قفيرة جرو كلب... لسبّ بذلك الجرو الكلابا
لا يكون حجّة في هذه القراءة، وإنما وجهها ما ذكرنا، لأن الراوي حسب الإخفاء إدغاما، ألا ترى أن الفعل مبني للمفعول فينبغي أن يسند إليه كما يسند المبنيّ للفاعل، وإنما يسند إلى هذه الأشياء من الظروف والجار والمجرور إذا لم يذكر المفعول به، فأمّا إذا ذكر المفعول به لم يسند إلى غيره، لأن الفعل له فهو أولى به. وكذلك من حكى عن أبي عمرو أنه أدغم النون الثانية من نجّي في الجيم فهو أيضا وهم، ولعلّه التبس عليه الإخفاء بالإدغام أيضا، وإنما حذفت النون من الخط كراهة لاجتماع صورتين متفقتين، وقد كرهوا ذلك في الخط في غير هذا الموضع، وذلك أنهم كتبوا نحو: الدنيا والعليا والحديا بألف، ولولا الياء التي قبل الألف لكتبوها بالياء، كما كتبوا نحو: بهمى وحبلى وأخرى ونحو ذلك بالياء، كما كرهوا الجمع بين صورتين متفقتين في هذا النحو، كذلك كرهوه في ننجي فحذفوا النون الساكنة، والوجه فيه: كما رواه حفص عن عاصم، وقد قال بعض من يضبط القراءة: أن الصحيح أن الجماعة وحفصا عن عاصم قرءوا: ننجي المؤمنين بنونين الثانية منهما ساكنة والجيم خفيفة. وروى أبو بكر عن عاصم (نجّي المؤمنين) بنون واحدة وتشديد الجيم وسكون الياء وقد تقدم القول فيه). [الحجة للقراء السبعة: 5/260]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكذلك ننجي المؤمنين}
قرأ ابن عامر وأبو بكر (وكذلك نجي المؤمنين) بنون واحدة والجيم مشدّدة قال الفراء لا وجه له عندي لأن ما لم يسم فاعله إذا خلا باسم رفع وقالوا أيضا (نجي) لم يسم فاعله وكان الواجب أن تكون الياء مفتوحة كما تقول عزي وقضي وقد احتج له غيره فقال (نجي) فعل ماض على ما لم يسم فاعله ثمّ سكنوا الياء وتأويله نجي النّجاء المؤمنين فيكون النّجاء مرفوعا لأنّه اسم ما لم يسم فاعله والمؤمنين نصب لأنّه خبر ما لم يسم فاعله كما تقول ضرب الضّرب زيدا ثمّ يكنى عن الضّرب فتقول ضرب زيدا وحجتهم قراءة أبي جعفر قرأ {ليجزي قوما بما كانوا} أي ليجزى الجزاء قوما وقال أبو عبيد يجوز أن
[حجة القراءات: 469]
يكون أراد {ننجي} فأدغم النّون في الجيم والمؤمنين نصب لأنّه مفعول به ف نجي على ما ذكره أبو عبيد فعل مستقبل وعلامة الاستقبال سكون الياء
وقرأ الباقون {ننجي} بنونين فعل مستقبل من أنجى ينجي و{المؤمنين} مفعولون وكتبوا في المصاحف بنون واحد على الاختصار). [حجة القراءات: 470]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {ننجي المؤمنين} قرأ أبو بكر وابن عامر بنون واحدة، وتشديد الجيم، وقرأ الباقون بنونين والتخفيف.
وحجة من قرأ بنون واحدة أنه بنى الفعل للمفعول، فأضمر المصدر ليقوم مقام الفاعل، وفيه بعد من وجهين: أحدهما أن الأصل أن يقوم المفعول مقام الفاعل دون المصدر، فكان يجب رفع {المؤمنين} وذلك مخالف للخط. والوجه الثاني أنه كان يجب أن تفتح الياء من «نجي» لأنه فعل ماض، كما تقول: «رُمي وكُلم» فأسكن الياء، وحقها الفتح، فهذا الوجه بعيد في الجواز، وقيل: إن هذه القراءة على طريق إخفاء النون الثانية في الجيم، وهذا أيضًا بعيد؛ لأن الرواية بتشديد الجيم والإخفاء لا يكون معه تشديد، وقيل: أدغم النون في الجيم، وهذا أيضًا لا نظير له، لا تدغم النون في الجيم في شيء من كلام العرب لبعد ما بينهما، وإنما تعلق من قرأ هذه القراءة أن هذه اللفظة في أكثر المصاحف بنون واحدة، فهذه القراءة إذا قرئت بتشديد الجيم، وضم النون، وإسكان الياء غير متمكنة في العربية.
11- وحجة من قرأ بنونين أنه الأصل، وسكنت الياء، لأنه فعل مستقبل، وحق الياء الضم، فسكنت لاستثقال الضم على الأصول، وانتصب {المؤمنين} بوقوع الفعل عليهم، والفعل مضاف مخبر به عن الله جل ذكره، فهو المنجي من كل ضر، لا إله إلا هو، فأما وقوعها في المصاحف بنون واحدة فإنما ذلك لاجتماع المثلين في الخط، ولأن النون الثانية تخفى عند الجيم بلا اختلاف، وهو من «أنجى ينجي» كما قال: {فلما أنجاهم} «يونس 23»، وكان أبو عبيد يختار القراءة بنون واحدة اتباعًا للمصحف، على إضمار المصدر، يقيمه مقام الفاعل، وينصب {المؤمنين} ويسكن الياء في موضع الفتح وهذا كله قبيح بعيد. واختار أبو عبيد أن يكون
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/113]
أصله: {ننجي} بنونين، والتشديد، ثم أدغم النون الثانية في الجيم، وهو غلط قبيح، ولا يجوز الإدغام في حرف مشدد، فكيف تدغم النون في الجيم وهي مشددة أولها ساكن، ولا يجوز أيضًا إدغام النون في الجيم عند أحد. واختار ابن قتيبة {ننجي} بنونين على قراءة الجماعة، وهو الصواب). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/114]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {نجِي المُؤْمِنِينَ}[آية/ 88] بنون واحدة، مشددة الجيم:
قرأها ابن عامر وعاصم- ياش-:
والوجه أن الأصل، ننجي، بنونين، لكن النون الثانية أخفيت مع الجيم لأن النون تخفى مع حروف الفم، وتبيينها معها لحن، فلما كانت هذه النون محفاةً في الجيم ظنها السامع جيمًا مدغمة مع الجيم، وجعل الكلمة فعلاً ماضيًا على فعل بتشديد العين مبنيًا لما لم يسم فاعله، ولو كان كذلك لكان مفتوح الآخر، ولكان المؤمنون رفعًا، فإسكان الياء، وانتصاب المؤمنين يدلان على أن الكلمة فعل مستقبلٌ وأن المؤمنين نصبٌ به، والمعنى ننجي نحن المؤمنين.
ولا يحسن أن يحمل على أن يكون الفعل مسنداً إلى المصدر، ويكون التقدير نجي النجاء المؤمنين، على أن يكون نجي فعلاً ماضيًا لما لم يسم فاعله وأسند إلى مصدره، وهو النجاء، ثم نصب المؤمنين؛ لأن ذلك إنما يجوز في ضرورة الشعر، كما قال جرير:
98- فلو ولدت قفيرة جرو كلبٍ = لسب بذلك الجرو الكلابا
[الموضح: 866]
أي لسب السب، فلما أسند الفعل إلى المصدر فرفعه به، نصب الكلاب.
وأما كونه في الخط بنون واحدة، فلكراهة اجتماع مثلين في الخط.
وقرأ الباقون و- ص- عن عاصم {نُنجِي}بنونين، مخففة الجيم.
والوجه أنه هو الأصل؛ لأن الأولى من النونين حرف المضارعة، والثانية فاء الفعل؛ لأن وزنه نفعل مثل نكرم). [الموضح: 867]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس