عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 02:07 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة
[ من الآية (53) إلى الآية (57) ]

{ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57)}

قوله تعالى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {طَوْعًا أَوْ كُرْهًا} [آية/ 53] بضم الكاف:
قرأها حمزة والكسائي، وقرأ الباقون {كَرْهًا} بفتح الكاف.
والوجه أنهما لغتان كره وكره وجهد وجهد، وفرق بعضهم بينهما فقال: الكره بالفتح المكروه، والكره بالضم ما استكره عليه الإنسان، كما فرق بين الجهد والجهد، فقيل الجهد الطاقة، والجهد المشقة، وقد سبق الكلام في هذه الكلمة). [الموضح: 595]

قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أن يقبل منهم نفقاتهم... (54).
قرأ حمزة والكسائي (أن يقبل) بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.
[معاني القراءات وعللها: 1/454]
قال أبو منصور: من قرأ بالياء فلتقدم فعل الجماعة، ومن قرأ بالتاء فلأنّ النفقات مؤنثة). [معاني القراءات وعللها: 1/455]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {أن تقبل منهم نفقاتهم} [54].
قرأ حمزة والكسائي: {أن يقبل} بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء، والأمر بينهما قريب، لأن النفقات تأنيثها غير حقيقي، ولأنه جمع مشبه بجمع من يعقل فجاز تذكيره وتأنيثه، وقد مر له نظائر فيما سلف، فموضع «أن» الأولى نصب والثانية رفع، والتقدير: وما منعهم من قبول نفقاتهم إلا كفرهم، وكل نفقة كانت في غير طاعة الله فغير مقبولة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/249]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله [جل وعز] أن يقبل منهم نفقاتهم [التوبة/ 54] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: أن تقبل بالتاء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/195]
وقرأ حمزة والكسائي: أن يقبل بالياء.
قال أبو علي: وجه القراءة بالتاء أنّ الفعل مسند إلى مؤنث في اللفظ، فأنّث ليعلم أنّ المسند إليه مؤنث.
ووجه الياء أن التأنيث ليس بتأنيث حقيقي، فجاز أن يذكّر كما قال تعالى: فمن جاءه موعظة من ربه [البقرة/ 275] وأخذ الذين ظلموا الصيحة [هود/ 67] ). [الحجة للقراء السبعة: 4/196]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل أنفقوا طوعًا أو كرها لن يتقبّل منكم إنّكم كنتم قوما فاسقين * وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم}
قرأ حمزة والكسائيّ {قل أنفقوا طوعًا أو كرها} بضم الكاف وقرأ الباقون بالنّصب وقد ذكرنا الحجّة في سورة النّساء
قرأ حمزة والكسائيّ (وما منعهم أن يقبل منهم نفقاتهم) بالياء لأن النّفقات في معنى الإنفاق فالكلام محمول على المعنى وهو المصدر
وقرأ الباقون {أن تقبل منهم نفقاتهم} بالتّاء وحجتهم أن النّفقات مؤنّثة فأنث فعلها ليوافق اللّفظ المعنى). [حجة القراءات: 319]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {أن تقبل منهم نفقاتهم} قرأه حمزة والكسائي بالياء، على التذكير لأن النفقات تأنيثها غير حقيقي، ولأنه قد فرّق بينها وبين الفعل بـ «منهم» ولأن النفقات أموال، فكأنه قال: إن يقبل منهم أموالهم، فحمل على المعنى فذكر، وقرأ الباقون بالتاء، لتأنيث النفقات، إذ قد أسند الفعل إليها، وهو الاختيار، لأنه ظاهر اللفظ، ولأن عليه الجماعة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/503]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {أَن يُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ} [آية/ 54] بالياء:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن التأنيث غير حقيقي؛ لأن الفعل مسند إلى النفقات، وهي جمع نفقة، فتأنيثها غير حقيقي، والفعل مقدم، فجاز تذكيره، كما قال تعالى {فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ}.
وقرأ الباقون {تَقَبَّلْ} بالتاء.
والوجه أن الفعل مسند إلى جمع مؤنث وهو النفقات؛ لأنها جمع نفقة، والجمع وإن كان تأنيثه لفظيًا فهو مؤنث على كل حال، فحسن أن يؤنث الفعل المسند إليه، ليعلم أن الفاعل مؤنث). [الموضح: 596]

قوله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)}

قوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56)}

قوله تعالى: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أو مدّخلًا لولّوا إليه وهم يجمحون (57).
قرأ الحضرمي وحده (أو مدخلًا) بفتح الميم، وقرأ الباقون (مدّخلًا) بضم الميم وتشديد الدال.
قال أبو منصور: من قرأ (مدخلًا) فهو موضع الدخول.
ومن قرأ (مدّخلًا) فإنه كان في الأصل (مدتخلًا) فأدغمت التاء في الدال، وجعلتا دالاً مشددة، وهو (مفتعلا) من الدخول.
يقال: ادّخل يدّخل ادّخالا ومدّخلًا، وهذا مدّخل القوم). [معاني القراءات وعللها: 1/455]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة: {مَغَارَاتٍ}، وقرأ سعد بن عبد الرحمن بن عوف: [مُغَارات].
قال أبو الفتح: أما {مغارات} على قراءة الناس فجمع مَغارة أو مَغار، وجاز أن يجمع مغارات بالتاء وإن كان مذكرًا لأنه لا يعقل، ومثله إوان وإوانات، وجمل سِبَطر وجِمال سِبطرات، وحمَّام وحمامات. وقد ذكرنا هذا ونحوه في تفسير ديون المتنبي عند قوله:
ففي الناس بُوقاتٌ لها وطبول
ومَغار مَفْعَل من غار الشيء يغور.
وأما مُغَارات فجمع مُغَار، وليس من أَغرت على العدو؛ ولكنه من غار الشيء ويغور، وأَغرته أنا أُغيره، كقولك: غاب يغيب وأَغَبته، فكأنه: لو يجدون ملجأ أو أمكنة يُغيرون فيها أشخاصهم ويسترون أنفسهم، وهذا واضح.
ويؤكد ذلك قراءة مسلمة بن محارب: [مُدْخَلًا] أي: مكانًا يُدخلون فيه أنفسهم، ورويت عن أبي بن كعب: [أو مندخلًا]، وهو من قول الشاعر:
[المحتسب: 1/295]
ولا يدي في حميت السكن تندخل
ومنفعل في هذا شاذ؛ لأن ثلاثيه غير متعد عندنا). [المحتسب: 1/296]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه الأعمش قال: سمعت أنَسًا يقرأ: [لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمِزون]، قيل له: وما يجمزون؟ إنما هي {يجمحون}، فقال: يجمحون ويجمزون ويشتدون واحد.
قال أبو الفتح: ظاهر هذا أن السلف كانوا يقرءون الحرف مكان نظيره من غير أن تتقدم القراءة بذلك؛ لكنه لموافقته صاحبه في المعنى. وهذا موضع يجد الطاعن به إذا كان هكذا على القراءة مطعنًا، فيقول: ليست هذه الحروف كلها عن النبي -صلى الله عليه سلم- ولو كانت عنه لما ساغ إبدال لفظ مكان لفظ؛ إذ لم يثبت التخيير في ذلك عنه، ولما أنكر أيضًا عليه: [يجمزون]، إلا أن حُسْنَ الظن بأَنَس يدعو إلى اعتقاد تقدم القراءة بهذه الأحرف الثلاثة التي هي: {يجمحون} و[يجمزون] و[يشتدون]، فيقول: اقرأ بأيها شئت، فجميعها قراءة مسموعة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقوله عليه السلام: نزل القرآن بسبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ.
فإن قيل: لو كانت هذه الأحرف مقروءًا بجميعها لكان النقل بذلك قد وصل إلينا، وقيل: أَوَلَا يكفيك أنس موصِّلًا لها إلينا؟ فإن قيل: ان أنسًا لم يحكها قراءة؛ وإنما جمع بينها في المعنى، واعتل في جواز القراءة بذلك لا بأنه رواها قراءة متقدمة. قيل: قد سبق من ذكر حسن الظن ما هو جواب عن هذا.
ونحوٌ من هذه الحكاية ما يُروى عن أبي مَهدية من أنه كان إذا أراد الأذان قال: الله أكبر مرتين، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين كذلك إلى آخر الأذان، ينطق من ذلك بالمرة الواحدة، ويقول في إثرها: مرتين كما ترى، فيقال له: ليس هكذا الأذان، إنما هو كذا، فيقول: المعنى واحد، وقد علمتم أن التَّكْرَارَ عِيٌّ.
[المحتسب: 1/296]
وهذا لعمري مسموع من أبي مَهدية إلا أنه كان مدخولًا، ألا ترى أن أبا محمد يحيى بن المبارك اليزيدي وخلفًا الأحمر لما أنفذهما إليه أبو عمرو ليسألاه عن شيء من اللغة لخلاف جرى بينه وبين عيسى بن عمر أتياه وهو يخاطب الشياطين في صلاته: اخسأنانَّ عني، اخسأنان عني.
وكذلك قول ذي الرمة:
وظاهِرْ لها من يابس الشخت
فقيل له: أنشدتنا بائس فقال: يابس بائس واحد. وهذا شعر ليست عليه مضايقة الشرع.
وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى قال: كان يحضر ابنَ الأعرابي شيخٌ من أهل مجلسه، فسمعه يومًا ينشد:
وموضِعِ زَبْنٍ لا أُريد بَراحه ... كأني به من شدة الروع آنس
[المحتسب: 1/297]
فقال له الشيخ: ليس هكذا أنشدتنا يا أبا عبيد الله، فقال: كيف أنشدتك؟ فقال له: وموضع ضيق، فقال: سبحان الله! تصحبنا منذ كذا وكذا سنة ولا تعلم أن الزبْن والضيق شيء واحد؟ فهذا لعمري شائع؛ لأنه شعر وتحريفه جائز؛ لأنه ليس دِينًا ولا عملًا مسنونًا). [المحتسب: 1/298]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما حكاه ابن أبي عبيدة بن معاوية بن قُرْمُل عن أبيه عن جده -وكانت له صحبة- أنه قرأ: [لَوالَوْا إليه] بالألف وفتحة اللام الثانية.
قال أبو الفتح: هذا مما اعتقب عليه فَاعَل وفَعَّل؛ أعني: وَالَوا ووَلَّوا، ومثله ضعَّفت وضاعفت الشيء، ووصَّلت الحديث وواصلته، وسوَّفت الرجل وساوفته، ومن أبيات الكتاب:
لو ساوَفَتْنا بِسُوف من تحيتها ... سوْفَ العيوف لراح الركب قد قنِعوا
سوف العيوف: مصدر محذوف الزيادة؛ أي: مساوفة العيوف). [المحتسب: 1/298]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {أَوْ مَدْخَلاً} [آية/ 57] مفتوحة الميم، ساكنة الدال:
قرأها يعقوب وحده.
والوجه أنه مفعل من الدخول، وهو الموضع الذي يدخل فيه؛ لأن دخل مضارعه يفعل بضم العين، فاسم المكان منه مفعل بفتح العين.
وقرأ الباقون {مُدَّخَلاً} مضمومة الميم، مشددة الدال.
والوجه أنه مفتعل من الدخول، وهو اسم لمكان الدخول أيضًا). [الموضح: 596]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس