عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 01:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة
[ من الآية (30) إلى الآية (33) ]

{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) }

قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقالت اليهود عزيرٌ ابن اللّه... (30).
قرأ عاصم والكسائي والحضرمي (عزيرٌ ابن اللّه) منونًا، وكذلك روى عبد الوارث عن أبي عمرو، وقرأ الباقون بغير تنوين.
وقال الفراء: الوجه التنوين؛ لأن الكلام ناقص، و(ابن) موضع خبر لـ (عزيز)، فوجه العمل في ذلك أن تنون ما رأيت من الكلام محتاجًا إلى (ابن)، فإذا اكتفى دون (ابن) فوجه الكلام أن لا تنوّن، وذلك
[معاني القراءات وعللها: 1/450]
مع ظهور اسم أب الرجل أو كنيته، فإذا جاوزت ذلك فأضفت (ابن) إلى المكنى عنه مثل ابنك أو ابنه، أو قلت: ابن الرجل، أو ابن الصالح، أدخلت النون في التام منه والناقص وذلك أن الحذف في النون إنما كان في الموضع الذي يجرى في الكلام كثيرًا فيستخف طرحها في الموضع المستعمل، وقد ترى الرجل يذكر بالنسب إلى أبيه كثيرًا، فيقال من فلان بن فلان إلى فلان فلا يجرى كثيرًا بغير ذلك، وربما حذفت النون وإن لم يتم الكلام لسكون الباء من (ابن) فيستثقل النون إذا كانت ساكنة لقيت ساكنًا فحذفت استثقالاً لتحريكها، من ذلك قراءة القراء (عزير ابن اللّه) بغير تنوين، وأنشدني بعضهم:
لتجدنّي بالأمير برّا... وبالقناة مدعساً مكرّا
إذا غطيف السّلميّ فرّا
فحذف النون الساكن الذي استقبلها). [معاني القراءات وعللها: 1/451]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (قوله جلّ وعزّ: (يضاهئون... (30).
قرأ عاصم وحده (يضاهئون) مهموزًا، وقرأ الباقون (يضاهون) بغير همز.
[معاني القراءات وعللها: 1/451]
قال أبو منصور: من العرب من يهمز ضاهأت، أقرأني الإيادي لشمر عن أبي عبيد عن أصحابه قال: ضاهأت الرجل، إذا دفعت به - وأكثر العرب يقولون: ضاهيته، وقال أبو إسحاق: أصل المضاهات – في اللغة -: المشابهة.
قال: والأكثر ترك الهمز فيه.
قال: واشتقاقه من قولهم: امرأة ضهياء: وهي التي لا يظهر لها ثدي.
وقيل: هي التي لا تحيض، ومعناها: أنها أشبهت الرجال؛ لأنها لا ثدي لها يظهر وضهياء (فعلاء) ). [معاني القراءات وعللها: 1/452]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله} [30].
قرأ عاصم والكسائي بالتنوين.
وقرأ الباقون بغير تنوين.
فمن نون قال: وإن كان الاسم أعجميًا فهو خفيف، وتمام الاسم في الابن.
وحجة أخرى: أن تجعله عربيًا؛ لأنه على مثال المصغرات من الأسماء العربية، وله اشتقاق، «وعزير»: رفع بالابتداء «وابن» خبره، وإنما يحذف التنوين من الاسم لكثرة الاستعمال إذا كان الابنُ نعتًا للاسم نحو جاءني زيد بن عبد الله فإن قلت: كان زيد بن عبد الله فلا بد من التنوين؛ لأنه خبره.
وحجة أخرى: أن عزيرًا قد أضيف إلى غير أبيه، والعرب إذا أضافت الاسم إلى غير أبيه نونوا لقلة الاستعمال.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/236]
فأما حجة من لم ينون فإنه جعله اسمًا أعجميًا، وإن كان لفظه مصغرًا وقال: إن كان الأعجمي ثلاثيًا نحو عاد ونوح ولوط من العرب من يدع صرفه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/237]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {يضاهئون قول الذين كفروا} [30].
قرأ عاصم وحده {يضاهئون} بالهمز.
وقرأ الباقون بغير همز، وهما لغتان؛ ضاهيت وضاهأت.
قال الشاعر:
وضاهاني الثريد وكل حلو = من الفالوذ والعيش الرقيق
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/246]
يقال: فالوذ وفالوذق وفالوذج، فأما العرب فتسميه السرطراط واللمص والرعدد الأصفر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/247]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التنوين وتركه من قوله جلّ وعزّ: عزير ابن الله [التوبة/ 30].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة: عزير ابن الله بغير تنوين. وروى عبد الوهاب عن أبي عمرو منوّنا، حدّثني ابن أبي خيثمة قال: حدثني القصبيّ عن عبد الوارث عن أبي عمرو بذلك.
وقرأ عاصم والكسائي: عزير منوّن.
قال أبو علي: من نوّن عزيرا، جعله مبتدأ، وجعل: ابنا خبره، وإذا كان كذلك فلا بدّ من إثبات التنوين في حال السّعة والاختيار، لأن عزيرا ونحوه ينصرف؛ عجميّا كان أو عربيّا.
فأمّا من حذف التنوين، فإنّ حذفه على وجهين:
أحدهما: أنه جعل الصفة والموصوف بمنزلة اسم واحد، كما جعلهما كذلك في قولهم: لا رجل ظريف، وحذف التنوين ولم يحرّك لالتقاء الساكنين، كما يحرّك في:
[الحجة للقراء السبعة: 4/181]
زيدن العاقل، لأن الساكنين كأنّهما التقيا في تضاعيف كلمة واحدة، فحذف الأول منهما، ولم يحرّك لكثرة الاستعمال، فصار آخر الاسم في اتباعه حركة ما قبله بمنزلة إتباع الآخر ما قبله فيما حكاه أبو عثمان عن ابن إسحاق من قولهم: هذا مرء، ورأيت مرءا، ومررت بمرء.
فإن قلت: فقد تخالف الحركة الأولى الحركة الآخرة في المرء، وقولهم: امرؤ، وامرأ، وامرئ في نحو: مررت بعمر بن زيد، وإبراهيم بن عمرو، فلا تتبع الحركة الأولى الآخرة.
قيل: الفتح في هذا الموضع بمنزلة الكسر وفي حكمه، كما كان في قولهم: بمسلمات ورأيت مسلمات، كذلك فكما اتفقا في هذا الموضع، وإن اختلف لفظاهما. كذلك اتفقا في
[الحجة للقراء السبعة: 4/182]
نحو: عمر بن زيد، وعمرو بن بشر. ولا يجوز إثبات التنوين في هذا الباب إذا كان صفة، وإن كان الأصل، لأنهم جعلوه من الأصول المرفوضة، كما أن إظهار الأوّل من المثلين في نحو: ضننوا، لا يجوز في الكلام، وإن كانا بمنزلة اسم مفرد، والاسم المفرد لا يكون جملة مستقلة مفيدة في هذا النحو، فلا بد من إضمار جزء آخر [يقدر انضمامه إليه ليتمّ جملة]، وتجعل الظاهر إمّا مبتدأ وإما خبر مبتدأ، فيكون التقدير: صاحبنا، و نسيبنا أو نبيّنا عزير بن الله، إن قدّرت المضمر المبتدأ، وإن قدّرته بعكس ذلك جاز، فهذا أحد الوجهين.
والوجه الآخر: أن لا تجعلهما اسما واحدا، ولكن تجعل الأول من الاسمين المبتدأ والآخر الخبر، فيكون المعنى فيه على هذا كالمعنى في إثبات التنوين، وتكون القراءتان متّفقين، إلّا أنّك حذفت التنوين لالتقاء الساكنين، كما تحذف حروف اللين لذلك، ألا ترى أنه قد جرى مجراها في نحو: لم يك زيد منطلقا، وفي نحو: صنعانيّ، وبهرانيّ، وقد أدغمت في الواو والياء كما أدغم كلّ واحد من الواو والياء في الأخرى
[الحجة للقراء السبعة: 4/183]
بعد قلب الحرف إلى ما يدغم فيه، وقد وقعت زيادة لمعاقبة الألف في: جرنفس، وجرافس، وحذفوها في عزير كما حذفوا الألف من علبط، وأبدلوا الألف من النون في نحو: رأيت زيدا، ولنسفعا [العلق/ 15]، فلمّا اجتمعت مع حروف اللين في هذه المواضع، وشابهتها كذلك يجوز أن تتّفق معها في الحذف لالتقاء الساكنين، وعلى هذا ما يروى من قراءة بعضهم: أحد الله، [الإخلاص/ 1 - 2]، فحذف النون لالتقاء الساكنين وقد جاء ذلك في الشعر كثيرا، قال:
حميد الذي أمج داره... أخو الخمر ذو الشّيبة الأصلع
[الحجة للقراء السبعة: 4/184]
وقال:
إذا غطيف السلميّ فرّا وقال:
وحاتم الطائيّ وهّاب المئي وقال:
[الحجة للقراء السبعة: 4/185]
تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي... عن خدام العقيلة العذراء
وهذا النحو في الشعر كثير، والوجه فيه الحمل على الوجه الآخر، لأنه لم يستقر حذفه في الكلام، وإن حصلت المشابهات بين النون وحروف اللين فيما رأيت). [الحجة للقراء السبعة: 4/186]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الهمز وإسقاطه من قوله جلّ وعزّ: يضاهون [التوبة/ 30].
فقرأ عاصم وحده: يضاهئون بالهمز. وقرأ الباقون:
يضاهون بغير همز.
قال أبو عبيدة: المضاهاة: التشبيه، ولم يحك الهمزة، وقال أحمد بن يحيى: لم يتابع عاصما أحد على الهمزة.
والذين كفروا [التوبة/ 30] يشبه أن يكونوا المشركين الذين لا كتاب لهم، لأنهم ادّعوا في الملائكة أنها بنات، قال: ويجعلون لله البنات [النحل/ 57] وقال: ألكم الذكر وله الأنثى [النجم/ 21]، وقال: وإذا بشر أحدهم بما ضرب
[الحجة للقراء السبعة: 4/186]
للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا [الزخرف/ 17] وقال: وخرقوا له بنين وبنات بغير علم [الأنعام/ 6].
وليس يضاهئون فيمن همز من لفظ: ضهياء، لأن الهمزة في ضهياء زائدة بدلالة ضهيأ، والياء أصل ألا ترى أنها لو كانت الياء فيها زائدة لكانت مكسورة الصدر؟ وأشبه أن يكون ما قرأ به عاصم من الهمز في يضاهئون لغة وهي فيما زعم الفرّاء عنه لغة الطائف، فيكون في الكلمة لغتان مثل: أرجيت وأرجأت، ولا يجوز أن يكون من قولهم: امرأة ضهياء، وذلك أن الهمزة في ضهياء قد قامت الدلالة على زيادتها، ألا ترى أنهم قالوا: ضهيأ ؟ فاشتقّوا من الكلمة ما سقطت فيه هذه الهمزة، فاشتقاقهم ضهيأ من ضهياء وهو بمنزلة اشتقاقهم جرواض من جرائض، ...
[الحجة للقراء السبعة: 4/187]
وشنذارة من شئذارة، وزوبر من زئبر، وزعموا أنهم يقولون:
زوبر الثوب إذا خرج زئبره؛ [فكذلك يعلم من ضهيأ زيادة الهمزة في ضهياء] وأمر آخر يعلم منه زيادة الهمزة في ضهياء، وذلك أنه لا يخلو من أن يكون فعلا مقصورا أو فعيلا، فلا يجوز أن يكون فعيلا لأن ذلك بناء لم يجيء في كلامهم، وما كان من هذا النحو الياء زائدة فيه، كان مكسور الصدر، نحو:
حذيم، وعثير، وحمير، وطريم وقالوا في مريم، ومزيد، ومدين: إنها مفعل جاءت على الأصل وليس بفعيل، لأنّ ذلك لو كان إياه، لكان مكسور الصدر، ومن ثمّ قالوا في يهيرّى: إن الياء الأولى زائدة، ولو خفّفت فقلت: يهيرّ كانت
[الحجة للقراء السبعة: 4/188]
الأولى أيضا هي الزائدة، دون الثانية، لأنك لو حكمت بزيادة الثانية، لوجب أن يكون فعيلا، وذلك بناء قد رفضوه فلم يستعملوه.
وأما من قال: يجوز أن يكون فعيلا ويضاهئون مشتق منه؛ فقول لم يذهب إليه أحد علمناه، وهو ظاهر الفساد، لإتيانه ببناء لم يجيء في كلامهم.
فإن قال: فقد جاء أبنية في كلامهم لا نظير لها، مثل:
كنهبل، فأجوّز فعيل، وإن لم يجيء كما جاء: كنهبل ونحوه.
قيل له: فأجز في غزويت أن يكون: فعويلا أو فعليلا، وإن كان فعويل لم يجيء واستدلّ على ذلك بمجيء كنهبل، كما استدللت على جواز فعيل: بقرنفل وكنهبل، وجوّز أن يكون فعويل، وإن لم يجيء ذلك في كلامهم، كما جاء قرنفل وكنهبل، وجوّز أيضا أن يكون فعليلا، وإن كان حروف اللين لم تجىء أصولا في بنات الأربعة، واستدلّ عليه كما جاز أن يكون: رنوناة، فعوعلة، من الرنا مثل: غدودن، وكما جاز
[الحجة للقراء السبعة: 4/189]
أن يكون فعلعل مثل: حبربر. وكما جاز أن يكون فعلنا مثل: عفرنا، وعرضنا، وهذا نقض للأصول التي عليها عمل العلماء، وهدم لها، وإنّما أدخله في هذا ما رامه من اشتقاق يضاهئون، وقد يجوز أن تجيء الكلمة غير مشتقة، وذلك أكثر من أن يحصى.
وأما ما ذهب إليه من أن الهمزة زائدة في: غرقئ فخطأ قد قامت الدلالة على فساده، وذلك أن أبا زيد قد حكى أنهم يقولون: غرقأت الدجاجة بيضها، والبيضة مغرقأة به وليس في الكلام شيء على فعلأت، إلا أن يزعم أنه يثبت هذا أو يجيزه، كما جاء، كنهبل، فإن ركّب هذا قيل له: فجوّز في منجنيق أن يكون: منفعيلا، وإن كان لم يجيء هذا النحو، على أن هذا أشبه مما ارتكبه، لأنه يكون في توالي الزائدتين في أوّلها مثل: انقحل. وليس هذا بقول يعرّج عليه، ولا يصغى إليه، ويلزمه أن يكون حماطة: فعللة، وقد انقلبت
[الحجة للقراء السبعة: 4/190]
الألف عن حرف علة.
فإن قال: هذا بناء لم يجيء؛ قيل له: جوّز مجيئه، واجعله بمنزلة كنهبل، وما ذكرته). [الحجة للقراء السبعة: 4/191]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقالت اليهود عزير ابن الله}
قرأ عاصم والكسائيّ {وقالت اليهود عزير ابن الله} بالتّنوين وحجته أنه اسم خفيف فوجهه الصّرف تخفته وإن كان أعجميا وقال قوم يجوز أن تعجله عربيا لأنّه على مثال المصغرات من الأسماء العربيّة
[حجة القراءات: 316]
وهو يشبه في التصغير نصيرًا أو بكيرا فأجري وإن كان في الأصل أعجميا وأخرى أن الكلام عند السّكوت على عزير بن الله ناقص وأن قوله {ابن} خبر عن عزير فنون من أجل حاجة الكلام إليه كقولك زيد ابن عمنا فلمّا كانت الفائدة في ابن أوقعت التّنوين وإذا تركت التّنوين كان الابن نعتا وكانت الفائدة بعد النّعت كقولك زيد ابن عمنا ظريف
وقرأ الباقون {عزير ابن الله} بغير تنوين وحجتهم أن التّنوين حرف الإعراب مشبه للواو والياء والألف فكما يسقطن إذا سكن وسكن ما بعدهن كذلك يسقط التّنوين إذا سكن وأتى بعده ساكن فكأنهم ذهبوا إلى أنه مصروف وأن التّنوين سقط الساكنين أنشد الفراء:
إذا غطيف السّلميّ فرا
فأسقط التّنوين من غطيف والدّليل على صحة هذا القول أن هارون قال سألت أبا عمرو عن عزير فقال أنا أصرف
[حجة القراءات: 317]
عزيرًا ولكنّي أقول هذا الحرف {عزير ابن الله} فدلّ قوله أنا أصرف عزيرًا على أنه عنده مصروف وأنه حذف التّنوين عنده لغير ترك صرفه بل هو لما أخبرتك به من حذفه للساكنين
ويجوز أن نقول إن عزير اسم أعجمي غير مصروف قال الزّجاج يجوز حذف التّنوين لإلتقاء الساكنين وقد روي {قل هو الله أحد الله الصّمد} فحذف التّنوين لسكونه وسكون اللّام فكذلك حذف التّنوين من {عزير ابن الله} لسكونه وسكون الباء
وفيه وجه آخر أن يكون الخبر محذوفا فيكون معناه عزير ابن الله معبودنا فيكون ابن نعتا ولا اختلاف بين النّحويين أن إثبات التّنوين أجود قال والوجه إثبات التّنوين لأن ابن خبر وإنّما يحذف التّنوين في الصّفة نحو قولك جاءني زيد بن عمرو فيحذف التّنوين لالتقاء الساكنين ولأن ابن مضاف إلى علم وأن النّعت والمنعوت كالشيء الواحد وإذا كان خبرا فالتنوين). [حجة القراءات: 318]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {عزير ابن} قرأه عاصم والكسائي «عزير» بالتنوين جعلاه مبتدأ و«ابنا» خبره، فثبت التنوين فيه، وقرأ الباقون بغير تنوين في «عزير»، جعلوا «عزيرا» مبتدأ و«ابنا» صفة له، فحذف التنوين فيه لكثرة الاستعمال، ولأن الصفة والموصوف كاسم واحد، ويجوز أن يكون حذف التنوين لسكونه، وسكون الباء من «ابن» وإثبات التنوين مع كون «ابن» صفة، لا يحسن، لأنه مرفوض غير مستعمل وهو الأصل، إذا جعلت «ابنا» خبرًا أثبت ألف الوصل في الخط في «ابن»، فإذا جعلته صفة لم تثبت الألف في الخط في «ابن»، و«عزير» على هذا مبتدأ، والخبر محذوف، تقديره: عزير بن الله نبينا، أو صاحبنا، ويجوز أن يكون «عزير» مع حذف التنوين، خبر ابتداء محذوف، تقديره: صاحبنا عزير، ونبينا عزير، فإذا قدّرت حذف التنوين، لالتقاء الساكنين، جاز أن يكون «عزير » مبتدأ و«ابن» خبره، كالقراءة الأولى، وجاز حذف التنوين لالتقاء الساكنين، لأنه مشبه بحروف اللين، ألا ترى أن النون قد حذفت في «لم يك» كما حذفت الألف في «لم أبل»، وتبدل الألف من التنوين، والاختيار حذف التنوين؛ لأنه يجمع الوجهين، وعليه أكثر القراء، واختار أبو عبيد التنوين على الصرف؛ لأنه أعجمي خفيف كـ «نوح ولوط»، وتعقب عليه ابن قتيبة، واختار ترك التنوين لأنه أعجمي على أربعة أحرف، وليس هو عنده تصغيرًا، إنما أتى في كلام العجم على هيئة التصغير، وليس بتصغير، والقول فيه
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/501]
ما قدمنا من العلة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/502]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {يضاهئون} قرأه عاصم بهمزة مضمومة، وكسر الهاء، وقرأ الباقون بضم الهاء، من غير همز، وهو معتل اللام، كقولك: «قاضون» وهما لغتان: يقال ضاهيت وضاهأت، وترك الهمز أكثر، وهو الاختيار والمضاهاة المشابهة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/502]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {وقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ الله} [آية/ 30] بالتنوين:
قرأها عاصم والكسائي ويعقوب.
والوجه أن عزيرا مبتدأ، و{ابْنُ} خبره، ويلحقه التنوين في حال الاختيار والسعة، كما تقول زيد بن عمرو، إذا جعلت زيداً مبتدأ، وابن عمرو خبره؛ لأن عزيرا منصرف، فلابد من إلحاق التنوين به.
[الموضح: 590]
وقرأ الباقون {عُزَيْرُ ابْنُ الله} غير منون.
والوجه أنه مثل الأول في أن عزيراً مبتدأ وابنًا خبره، إلا أن التنوين حذف لالتقاء الساكنين، والأصل عزير ابن، مثل القراءة (الأولى)، وهذا كقوله تعالى {أَحَدُ الله الصَّمَدُ} في قراءة من قرأ بحذف التنوين، وقال الشاعر:
42- إذا غطيف السلمي فرا
وقال:
43- عمرو الذي هشم الثريد لقومه
وقال:
44- تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي = عن خدام العقيلة العذراء
[الموضح: 591]
والأصل: غطيف السلمي، وعمرو الذي، وعن خدام العقيلة.
ويجوز أن يكون {ابْنُ} صفة لعزير، كما تقول: جاءني زيد بن عمرو، بغير تنوين، إذا أردت الصفة تحذف التنوين من اللفظ، وألف ابن من الخط؛ لكثرة الاستعمال؛ ولأن العلم مع ابن كالشيء الواحد، فحذف التنوين إنما هو لالتقائه مع باء ابن وهما ساكنان، والساكنان كأنهما التقيا في تضاعيف كلمة واحدة، وإذا كان عزير مع ابن كالشيء الواحد مثل زيد بن عمرو لم يكن بد من ضم جزء آخر إليه حتى يتم الكلام، فكأن التقدير: عزير بن الله إلهنا أو معبودنا أو نبينا، فيكون عزير بن الله مبتدأ، وإلهنا خبره، ويكون الخبر محذوفًا.
وقد زيف أحد المتأخرين هذا الوجه وقال: ينصرف في هذا التقدير الإنكار المذكور فيما بعد إلى الأخبار، فيبقى النسب مسلما، تعالى عن ذلك). [الموضح: 592]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {يُضَاهِئُونَ} [آية/ 30] بكسر الهاء مع الهمز:
قرأها عاصم وحده، وقرأ الباقون {يُضَاهُونَ} بضم الهاء من غير همز.
والوجه أن ضاهأت وضاهيت بالهمز وبغير الهمز لغتان، كأرجأت وأرجيت، و{يضاهُون} بغير الهمز أولى لكثرة من قرأ بها.
[الموضح: 592]
وقال الزجاج: المضاهاة في اللغة المشابهة، مهموزة وغير مهموزة، والأكثر ترك الهمز فيها). [الموضح: 593]

قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)}

قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)}

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس