عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 11:34 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأحزاب
[ من الآية (28) إلى الآية (31) ]

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31)}


قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28)}
قوله تعالى: {وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)}
قوله تعالى: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعز (يضاعف لها العذاب ضعفين (30)
قرأ ابن كثير وابن عامر (نضعّف لها)، بالنون وكسر العين وتشديدها، (العذاب) نصبا.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب: (يضعّف لها) بالياء وتشديد العين بغير ألف، (العذاب) رفعا.
وقرأ الباقون (يضاعف) بألف، (العذاب) رفعًا.
قال أبو منصور: من قرأ (نضعّف) فالفعل للّه، أي: نضعّف نحن لها العذاب، نصب (العذاب) لأنه مفعول به -
ومن قرأ (يضعّف) أو ((يضاعف) فهو على ما لم يسم فاعله.
والمعنى فيهما واحد، وهما مجزومان على جواب الجزاء.
وروى الأصمعي عن أبي عمرو أنه كان يقرأ كل شيء في القرآن (يضاعف) إلا التي في الأحزاب قرأها (يضعّف) من أجل أنه قال جلّ وعزّ (ضعفين).
قال أبو عمرو: ومضاعفة أكثر من مضعّفة). [معاني القراءات وعللها: 2/281]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- [وقوله تعالى: {يضاعف لها العذاب ضعفين} [30]].
[..........................................................................................................] تعالى يخبر عن نفسه، ومن شدد قال: العرب تقول أضعفت لك الدراهم، وضعفتها إذا جعلتها مثليها، وكان أبو عمرو يقول: إنما اخترت التشديد في هذا الحرف فقط لقوله مرتين، ومن قرأ بألف فكأنه ضاعف لها العذاب أضعافًا مضاعفه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/198]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ وعزّ: يضاعف لها العذاب ضعفين
[الحجة للقراء السبعة: 5/472]
[الأحزاب/ 30] فقرأ ابن كثير وابن عامر: (نضعّف) بالنّون (العذاب) نصبا. وقرأ أبو عمرو: (يضعّف) بالياء (العذاب) رفعا. وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي: يضاعف بألف لها العذاب رفعا، على ما لم يسمّ فاعله.
[قال أبو علي]: ضاعف وضعّف، بمعنى فيما حكاه سيبويه.
وقال أبو الحسن: الخفيفة لغة أهل الحجاز، والثقيلة لغة بني تميم، ومن قال: (نضعّف) فالفعل مسند إلى ضمير اسم الله تعالى، ومن قال: يضاعف فلم يسمّ الفاعل أسند الفعل إلى العذاب، ومعنى يضاعف لها العذاب ضعفين أنّها لما تشاهد من الزّواجر، وما يردع عن مواقعة الذنوب ينبغي أن تمتنع أكثر مما يمتنع من لا يشاهد ذلك ولا يحضره، وقال: يضاعف لها العذاب فعاد الضمير على معنى (من) دون لفظ (من)، ولو عاد على لفظ (من) لذكر. ومثل يضاعف لها العذاب ضعفين، فزيد في العذاب ضعف كما زيد في الثواب ضعف في قوله تعالى: نؤتها أجرها مرتين [الأحزاب/ 31] فكما ضوعف الأجر كذلك [ضوعف العذاب]). [الحجة للقراء السبعة: 5/473]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عمرو بن فائد الأسواري، ورويت عن يعقوب: [يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ تأْتِ مِنْكُنَّ] بالتاء.
قال أبو الفتح: هذا حمل على المعنى، كأن [مَن] هنا امرأة في المعنى، فكأنه قال: أية امرأة أتت منكن بفاحشة، أو تأت بفاحشة. وهو كثير في الكلام، معناه للبيان كقول الله سبحانه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}، وقول الفرزدق:
تَعَشَّ فإنْ عاهدتَني لا تخونُني ... نَكُنْ مِثْلَ مَن يا ذِيبُ يصْطَحِبان
[المحتسب: 2/179]
أي: مثل اللذين يصطحبان، أو مثل اثنين يصطحبان، وأن يكون على الصلة أولى من أن يكون على الصفة، فكأن الموضع في هذا الحمل على المعنى إنما بابه الصلة، ثم شُبهت بها الصفة، ثم شُبهت الحال بالصفة، ثم شُبه الخبر بالحال، كذا ينبغي أن يرتب هذا الباب من تنزيل، ولا ينبغي أن يؤخذ بابا سرْدًا وطرْحًا واحدًا؛ وذلك أن الصلة أذهب في باب التخصيص من الصفة لإبهام الموصول، فلما قويت الحاجة إلى البيان في الصلة جاء ضميرها من الصلة على معناها، لأنه أشد إفصاحا بالغرض، وأذهب في البيان المعتمد.
فأما ما أنشدَناه أبو علي عن الكسائي من قول الشاعر:
أخو الذيبِ يعوِي والغرابِ ومَن يكنْ ... شريكَيْهِ تطمعْ نفسُهُ كلَّ مَطْمَعِ
ففيه نظر. وكان قياسه: ومن يكن شريكيهما، أو من يكونا شريكيه، وقد كان أبو علي يتعسف هذا، وأقرب ما فيه أن يكون تقديره: وأي إنسان يكونا شريكيه، إلا أنه أعاد إليهما معا ضميرا واحدا، وهو الضمير في "يكن" وساغ ذلك إذ كانت الذيب والغراب في أكثر الأحوال مصطحبين، فجريا مجرى الشيء الواحد، فعاد الضمير كذلك. ومثله قوله:
لمن زحلوقة زل ... بها العينان تنهلّ
ولم يقل: تنهلان؛ لكونهما كالعضو الواحد. ومثله للفرزدق:
[المحتسب: 2/180]
ولو رضيَتْ يداي بها وضنَّتْ ... لكانَ علي للقدرِ الخيارُ
ولم يقل رضيتا). [المحتسب: 2/181]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يضاعف لها العذاب ضعفين} 30
قرأ أبو عمرو (يضعف لها العذاب) بالياء والتّشديد {العذاب} رفع على ما لم يسم فاعله وكان أبو عمرو يقول إنّما اخترت التّشديد في هذا الحرف فقط لقوله ضعفين
وقرأ ابن عامر وابن كثير (نضعف) بالنّون وتشديد العين وكسرها الله عز وجل يخبر عن نفسه {العذاب} نصب لأنّه مفعول به
وقرأ نافع وأهل الكوفة {يضاعف} بالياء والألف {العذاب} بالرّفع العرب تقول ضاعفت وضعفت لغتان). [حجة القراءات: 575]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {يضاعف لها العذاب} قرأه ابن كثير وابن عامر، بالنون والتشديد، وكسر العين، ونصب «العذاب» على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه بذلك، فانتصب «العذاب» بوقوع الفعل عليه، وقرأ الباقون بالياء والتخفيف، وبألف ورفع «العذاب» غير أن أبا عمرو قرأ بالياء والتشديد، وحذف الألف، قرأ ذلك على أن الفعل لم يسم فاعله، والفاعل في المعنى هو الله جل ذكره، فأقاموا «العذاب» مقام الفاعل، فرفعوا، والتشديد وحذف الألف والتخفيف لغتان: ضعف وضاعف، بمعنى، قال الأخفش: والتخفيف لغة أهل الحجاز، والتشديد لغة تميم، وقيل: إن في التشديد معنى التكثير). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/196]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {نُضَعِّفْ} [آية/ 30] بالنون من غير ألف، وبكسر العين وتشديدها:
قرأها ابن كثير وابن عامر.
والوجه أنه على الإخبار عن النفس بلفظ الجمع تعظيمًا، والفعل لله تعالى، والمعنى نحن نُضعِّف لها العذاب، ونصب {الْعَذَابَ} بوقوع الفعل عليه.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب {يُضَعَّفْ} بالياء من غير ألفٍ، وبفتح العين وتشديدها، و{الْعَذَابُ} رفعٌ.
والوجه أنه على ما لم يسمّ فاعله، و{الْعَذَابُ} مرفوعٌ بإسناد الفعل إليه.
وقرأ نافع والكوفيون {يُضَاعَفْ} بالياء والألف، وفتح العين، ورفع {العَذَاب}.
[الموضح: 1032]
والوجه أنه كما تقدم في بناء الفعل لما لم يسمّ فاعله، وإسناده إلى {العذاب}، إلا أنه من ضاعف الذي على وزن فاعل، وهو مثل ضعَّف بالتشديد في المعنى نحو باعد وبعَّد). [الموضح: 1033]

قوله تعالى: {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ومن يقنت منكنّ... وتعمل صالحًا نؤتها (31)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم ويعقوب (ومن يقنت) بالياء، و(وتعمل) بالتاء، (نؤتها) بالنون.
وقرأ حمزة والكسائي (ومن
[معاني القراءات وعللها: 2/281]
يقنت... ويعمل... يؤتها) ثلاثهن بالياء، واتفقوا كلهم على الياء في قوله (من يأت منكن)، (ومن يقنت) إنهما بالياء.
قال أبو منصور: من قرأهن بالياء فللفظ (من) لأن لفظه لفظ واحد مذكر ومن قرأ (وتعمل) بالتاء فلأن (من) وإن كان لفظه لفظ المذكر فإنه للتأنيث، أو للجمع، فذهب به إلى المعنى، ومما يقوى التاء في (وتعمل) الفاصل بين الفعلين وهو قوله (منكن للّه ورسوله) وهذه حجة ابن كثير ونافع ومن قرأ بقراءتهما وحجة من اختار الياء في (ويعمل) أنه أتبع بعض الفعل بعضًا بالياء إذ لم يختلفوا في الياء من (يقنت)
وقوله: (يؤتها) أي: يؤتها الله، ومن قرأ (نؤتها) فالفعل لله أيضًا). [معاني القراءات وعللها: 2/282]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ومن يقنت منكن لله} [31]. اتفق القراء على الياء. قال ابن مجاهد: وهي قراءة الناس كلهم لأن «من» وإن كان كناية عن مؤنث ها هنا فإن لفظها لفظ واحد مذكر. فقيل: {ومن يقنت} على اللفظ. ولو رد على المعنى لقيل: ومن تقنت بالتاء، وإنما ذكرت هذا الحرف لأن أبا حاتم السجستاني روي في الشذوذ عن أبي جعفر. وشيبة، ونافع بالتاء {ومن تقنت} وهو صواب في العربية خطأ في الرواية، فأما:
3- قوله [تعالى]: {تعمل صالحًا نؤتها} [31].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/198]
وقرأ الباقون: {وتعمل} بالتاء؛ لأنه لما قيل: {منكن} فظهر التأنيث كان الاختيار و{تعمل} لأن اللفظة إذا نسقت على شكلها وما قرب منها أحرى وأولي من أن تنسق على ما بعدها، {نؤتها} بالنون، الله تعالى يخبر عن نفسه، وهو الاختيار، لقوله بعد الآية: {وأعتدنا لها رزقًا} ولم يقل ويعتد لها وهذا واضح.
فإن قيل لك: ما المصدر من اعتدي ومن اعتدنا، ومن اعدوا؟
فالجواب في ذلك: أن اعتدي التاء زائدة، وألفها وصل، والمصدر: اعتدي يعتدي اعتداء فهو معتد، والأمر: اعتديا هذا، وهو افتعل من العدوان والظلم، وألف اعتدنا ألف قطع والتاء أصلية، وكذلك: {وأعتدت لهن متكئًا} المصدر من أعتد يعتد إعتادًا. فهو معتد مثل أكرم يكرم إكرامًا فهو مكرم والأمر: أعتد مثل أكرم، ومثله: {هذا ما لدي عتيد} أي: معه معتد، وعتيد: فعيل بمعنى مفعول، فعلى هذا يقال: عتد يعتد، وأعتد يعتد. والأمر: أعتد يا هذا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/199]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: ومن يقنت... وتعمل صالحا نؤتها أجرها [الأحزاب/ 31].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر (يقنت) بالياء، وتعمل بالتاء، نؤتها بالنون. وقرأ حمزة والكسائي كل ذلك بالياء، ولم يختلف الناس في: يقنت أنه بالياء وكذلك من يأت بالياء.
[قال أبو علي]: أمّا من قرأ: (يقنت) بالياء، فلأنّ الفعل مسند إلى ضمير (من) ولم يبيّن فاعل الفعل بعد، فلمّا ذكر ما دلّ على أنّ الفعل لمؤنث حمل على المعنى فأنّث، وذلك كقوله: من آمن بالله [المائدة/ 69] ثمّ قال: فلا خوف عليهم [المائدة/ 69]، وقال: ومنهم من يستمع إليك [الأنعام/ 25]، وفي أخرى:
يستمعون إليك [يونس/ 42]، وأمّا من قرأ كلّ ذلك بالياء، فإنّه حمل على اللفظ دون المعنى، واللّفظ (من) وهو مذكر، وممّا يقوّي قول من حمل على المعنى فأنّث، اتفاق حمزة والكسائي معهم في قولهم: (نؤتها) فحملا على المعنى، فكذلك قوله: (وتعمل) كان ينبغي على هذا القياس أن يحملا على المعنى، وإنّما لم يختلف الناس في (يقنت) و (يأت)، لأنّه إنّما جرى ذكر (من)، ولم يجر ذكر ما يدلّ على التأنيث فيحمل الكلام على المعنى). [الحجة للقراء السبعة: 5/474]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرّتين وأعتدنا لها رزقا كريمًا} 31
قرأ حمزة والكسائيّ (ويعمل صالحا يؤتها) بالياء فيهما وقرأ الباقون بالتّاء {نؤتها} بالنّون وحجتهم في قوله {تعمل} بالتّاء هي أن الفعل لما تقدمه قوله {منكن} أجروه بلفظ التّأنيث لأن تأنيث {منكن} أقرب إليه من لفظ {من} وحجّة من قرأ {يعمل} بالياء إجماع الجميع على الياء في قوله {من يأت منكن} {ومن يقنت} فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
وأما من قرأ بالياء فإنّه حمل الكلام على لفظ {من} دون المعنى ومن قرأ بالتّاء فإنّه حمل على المعنى دون اللّفظ لأن معنى {من} التّأنيث والجمع وممّا يقوي قول من حمل على المعنى فأنث اتّفاق حمزة والكسائيّ معهم في قوله نؤتها فحملا أيضا على المعنى ولو كان على اللّفظ لقالوا {نؤته} فكذلك قوله وتعمل كان ينبغي أن يحمل على المعنى وحجّة من قرأ {نؤتها} بالنّون هي أن الكلام جرى عقيبه بلفظ الجمع وهو قوله {وأعتدنا لها رزقا كريمًا} فأجراه على لفظ ما أتى عقيبه ليأتلف الكلام على نظام واحد
وحجّة من قرأ (يؤتها) بالياء هي أن الكلام جرى عقيب الخبر من الله في قوله {ومن يقنت منكن لله ورسوله} فكان قوله (يؤتها) بمعنى يؤتها الله لمجيء الفعل بعد ذكره). [حجة القراءات: 576]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (12- قوله: {وتعمل صالحًا نؤتها} قرأهما حمزة والكسائي بالياء، وقرأ الباقون بالتاء في «تعمل» وبالنون في «نؤتها».
وحجة من قرأهما بالياء أنه حمل الفعل الأول على تذكير لفظ «من» لأن لفظه مذكر، وحمل الثاني على الإخبار عن الله جل ذكره، لتقدم
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/196]
ذكره في قوله: {لله}، وقوله: {على الله} «30».
13- وحجة من قرأ بالتاء في «تعمل» أنه حمل الفعل على معنى «من» لأن «من» يُراد به المؤنث، وهو خطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وايضًا فإنه أتى بعد قوله: {منكن} «30» الذي يدل على التأنيث، فجرى على تأنيث «منكن».
14- وحجة من قرأ «نؤتها» بالنون أنه حمله على الإخبار عن الله جل ذكره عن نفسه، بإعطائهن الأجر مرتين، لتقدم ذكره، فهو خروج من خطاب إلى الإخبار عن النفس، والاختيار التاء، لأن الأكثر عليه، والمعنى عليه، فأما قوله: «ومن يقنت» فكل القراء الذين قرأنا بقراءتهم على التاء.
15- والحجة في ذلك أنهم أسندوا الفعل إلى «من» ولفظه مذكر فسبق التذكير إلى الفعل، قبل إتيان ما يدل على التأنيث، من قوله «منكن» وقوله: {نؤتها أجرها} ولما أتى {وتعمل} بعد إتيان ما يدل على التأنيث وهو {منكن} حسن التأنيث فيه حملًا على لفظ {منكن}، وعلى معنى {من} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/197]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُؤْتِهَا} [آية/ 31]:
لم يختلفوا في {يَقْنُتْ} أنها بالياء المنقوطة من تحت، حملًا على لفظ {مَنْ}؛ لأن لفظه مذكَّر.
وأما {يَعْمَلْ} فمختلفٌ فيه، وكذلك {يُؤْتِهَا}.
فقرأ حمزة والكسائي بالياء أيضًا في {يَعْمَلْ} و{يُؤْتِهَا} جميعًا.
والوجه أن {يَعْمَلْ} أيضًا محمول على لفظ {مَنْ} دون معناها، إذ كان معطوفًا على {يَقْنُتْ}، فأُريد المناسبة بين المعطوف والمعطوف عليه، و{يُؤْتِهَا} راجع ضميره إلى الله تعالى، والتقدير: يُؤتها الله، وقفد تقدم ذكره في قوله {لِلَّهِ وَرَسُولِهِ}.
وقرأ الباقون {وَتَعْمَلْ} بالتاء فوقها نقطتان، {نُؤْتِهَا} بالنون.
والوجه أن {تَعْمَلْ} محمولٌ على معنى {مَنْ} دون لفظها؛ لأنه لما ذُكر بعد {يَقْنُتْ} ما دل على أن فاعل الفعل مؤنثٌ، وهو قوله {مِنْكُنَّ} أُنث {تَعْمَلْ} وإن كان معطوفًا على {يَقْنُتْ} إعلامًا بأن الفعل لمؤنثٍ من جهة المعنى.
وأما {نُؤْتِهَا} بالنون فهو من الرجوع عن لفظ الغيبة إلى الإخبار عن النفس بالنون كقوله تعالى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} ثم قال {وَآَتَيْنَا
[الموضح: 1033]
مُوسَى الْكِتَابَ} ). [الموضح: 1034]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس