عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:21 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (8) إلى الآية (11) ]
{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}

قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)}

قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {الكبير المتعال} [9].
أثبت ابن كثير الياء في {المتعالى} وصل أو وقف على الأصل، وأثبتها نافع في رواية إسماعيل وأبو عمرو في رواية ابي زيد وصلا، وحذفا وقفًا ليكونا تابعين للمصحف في الوقف، وتابعين للأصل في الوصل.
وقرأ الباقون بغير ياء وصلوا أو وقفوا، ولهم علتان:
إحداهما: خط المصحف.
والثانية: أن العرب يجتزئ بالكسرة عن الياء الشديدة وأنشد سيبويه رحمه الله -:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/325]
فطرت بمنصلي في يعملات = دوامي الأيد يخبطن السريحا
أراد: الأيدي فحذف الياء: و{المتعال} متفاعل من العلو، والأصل: متعالو، فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها كقولك: الداعي والغازي، والأصل: الداعو والغازو فصارت الواو ياءً لانكسار ما قبلها. وتعالى الله: تفاعل من العلو. وتبارك: تفاعل من البركة والله متعالٍ ولا يقال: مُتبارك، لأن اللغة سماع وليست قياسًا، فإذا أمرت رجلا فقلت: تعال يا هذا سقطت الألف للأمر، والأصل: ارتفع ثم كثر في كلامهم حتى صار مَنْ في البئر يقول للذي فوق: تعال، وإنما الحكم لمن كان على عَرْعَرَةٍ جبل أن يقول لمن بحضيضه: تعال، وللرجلين: تعاليا، وللرجال: تعالوا: وللمرأة، تعالي وتعاليا و{تعالين أمتعكن}.
فإن سأل سائل فقال: إذا أمرت رجلاً فقلت: تعال كيف تنهاه؟
فالجواب في ذلك: أن العرب إذا غيرت الكلمة عن جهتها، أو جمعت بين حرفين، أو أقامت شيئًا مقام شيء ألزمته طريقة واحدة، فيقولون: هلم، ولا يقولون: لا تهلم، ويقال: هات يا رجل، ولا قال: لاتهات، وكذلك: صه ومه وها يا رجل، ولا تنهى من ذلك، إنما هي حروف وأفعال وضعت للأمر فقط فجرى كالمثل لا يُخلخل عن مواضعه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/326]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد: قرأ ابن كثير (الكبير المتعالي. سواء منكم) (الرعد/ 9، 10]، بياء في الوصل والوقف، وكذلك قال الحلواني عن أبي معمر عن عبد الوارث عن أبي عمرو، وكذلك أخبرني أبو حاتم الرازي في كتابه إلي عن أبي زيد عن أبي عمرو. الباقون لا يثبتون الياء في وصل ولا وقف.
أما إثبات ابن كثير وأبي عمرو الياء في: (الكبير المتعالي) فهو في القياس، وليس ما فيه الألف واللام من هذا، كما لا ألف ولام فيه من هذا النحو، نحو: قاض وغاز.
قال سيبويه: إذا لم يكن في موضع تنوين- يعني اسم الفاعل- فإنّ البيان أجود في الوقف، وذلك قولك: هذا القاضي، وهذا العمي، لأنّها ثابتة في الوصل يريد أن الياء مع الألف واللام تثبت ولا تحذف، كما تحذف من اسم الفاعل إذا لم يكن فيه الألف واللام، نحو هذا قاض؛ فاعلم.
[الحجة للقراء السبعة: 5/13]
فالياء مع غير الألف واللام تحذف في الوصل، فإذا حذفت في الوصل كان القياس أن تحذف في الوقف، وهي اللغة التي هي أشيع وأفشى، فإذا دخلت الألف واللام فلا تحذف اللام في اللغة التي هي أكثر عند سيبويه.
وأمّا قول من حذف في الوصل والوقف في المتعال فإنّ الحجّة في حذفها في الوقف أن سيبويه زعم: «أن من العرب من يحذف هذا في الوقف، شبّهوه بما ليس فيه ألف ولام، إذ كانت تذهب الياء في الوصل في التنوين لو لم تكن ألف ولام».
وأمّا حذفهم لها في الوصل، فلم يكن القياس، لأنّه لم يضطرّ إلى حذفه شيء، كما اضطرّ إلى حذف ما لا ألف ولام فيه التقاء الساكنين، وكره التحريك فيه لتحرّك الياء بالكسر وهي لا تحرّك بضمّة ولا كسرة، ولكن حذف ذلك من حذف لأنّها في الفواصل، وما أشبه الفواصل من الكلام التامّ، تحذف تشبيها بالقوافي، والقوافي قد كثر حذف ذلك منها. والفواصل وما أشبهها في حكمها فحذفت منها كما حذفت في القوافي). [الحجة للقراء السبعة: 5/14]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({عالم الغيب والشّهادة الكبير المتعال}
قرأ ابن كثير (المتعالي) بإثبات الياء في الوصل والوقف وهو القياس وليس ما فيه الألف واللّام من هذا كما لا ألف ولام فيه من هذا النّحو نحو غاز وقاض قال سيبويهٍ إذا لم يكن في موضع تنوين يعني اسم الفاعل فإن البيان أجود في الوقف وذلك قولك هذا القاضي لأنّها ثابتة في الوصل يريد أن الياء مع الألف واللّام تثبت ولا تحذف كما تحذف في اسم الفاعل إذا لم يكن فيه الألف واللّام نحو هذا قاض فاعلم فالياء مع غير الألف واللّام تحذف في الوصل ومع الألف واللّام لا تحذف
وقرأ الباقون {المتعال} بغير ياء وحجتهم خطّ المصحف بغير ياء والمتعال متفاعل من العلوّ والأصل متعالو فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها لقولك الدّاعي والغازي والأصل الداعو والغازو). [حجة القراءات: 372]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {المتعالي} [آية/ 9] بإثبات الياء:
قراها ابن كثير بخلافٍ عنه.
وقرأها يعقوب بلا خلافٍ في الوصل والوقف، وإنه لا يُثبت الياء في شيء
[الموضح: 700]
من المنونات في القرآن.
وابن كثير يقف على المنونات في هذه السورة بالياء: {هَادِي} و{وَاقي} و{وَالي}.
والوجه في إثبات الياء فيما فيه الألف واللام وقفًا ووصلًا، أنه هو القياس؛ لأنه لا موجب لحذف الياء في هذا، بخلاف ما لا ألف ولام فيه، فإن التقاء الساكنين هناك وهما الياء والتنوين يوجب حذف الياء، وذلك نحو قاضٍ وغازٍ ومتعالٍ، فإذا دخل الألف واللام زال التنوين فلم يجتمع الساكنان، فتثبت الياء حينئذٍ ولم تسقط لا في الوصل ولا في الوقف.
وأما إسقاط يعقوب الياء من المنونات؛ فلأنه يجتمع فيها الساكنان الياء والتنوين فتحذف الياء لالتقاء الساكنين على ما ذكرنا، فإذا وقف عليه أبقاه على حاله محذوف الياء، فوقف عليه بإسكان الحرف الذي قبل الياء نحو: هذا قاض وغاز؛ لأن التنوين في نية الوجود.
وأما إثبات ابن كثير الياء في المنونات حالة الوقف؛ فلأن المنون إنما حُذف الياء منه لالتقائهما مع التنوين، وقد زال التنوين ههنا بالوقف فوجب عنده أن تعود الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين.
وقرأ الباقون {المُتَعَالِ} بحذف الياء، وكذلك في الجميع.
والوجه في حذف الياء من المنون ظاهرٌ، وقد سبق، وأما حذفها مما فيه الألف واللام، فإن كان في الوقف فهو على ما ذكر سيبويه أن من العرب من
[الموضح: 701]
يحذف هذه الياء في الوقف، فيُشبه الكلمة بما ليس فيه ألف ولام؛ لأن الألف واللام زيادة، فأما إن كان في الوصل فليس حذف الياء بالقياس، إلا أن الذي حسّنه ههنا هو أن الياء في فاصلةٍ، والفواصل يُحذف منها كما يُحذف من القوافي). [الموضح: 702]

قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)}

قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (من وّالٍ)
روى خارجة عن نافع (من والي) بإمالة الواو، والباقون لا يميلون.
قال أبو منصور: الإمالة في واو (والٍ) ليست بجيدة، وفتح الواو جيد عربي فصيح). [معاني القراءات وعللها: 2/56]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {وما لهم من دونه من وال} [11].
[قرأ] خارجة عن نافع {من وال} ممالاً، وذلك أن كل اسم كان على فاعل نحو عابد وكافر وجائر جازت إمالته؛ لأن عين الفعل مكسورة.
وقرأ الباقون مفخمًا على أصل الكلمة، والأصل: من والي، مثل ضارب
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/326]
فاستثقلوا الكسرة على الياء فخزلت، فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء لالتقاء الساكنين مثل: {ما أنت قاض} و{ولا مولود هو جاز}.
وأجاز المازني الوقف على {والي} و{جازى} بالياء قال: لأن التنوين ساقط في الوقف.
والباقون بنوا الوقف على الوصل. والأخفش مثله، وابن كثير مثله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/327]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد: وروى عباس عن خارجة إمالة الواو من أول وال [11]، قال: وكلّهم يفتحها.
[الحجة للقراء السبعة: 5/14]
الإمالة في وال حسنة في قياس العربية، كما أنّها في عامر وواقد حسنة، لا مانع يمنع منها، ووال: فاعل، من ولي يلي. ووال ووليّ، كعالم وعليم، وقادر وقدير، وراحم ورحيم، والوالي والوليّ: من يلي أمرك خلاف العدو، والله وليّ المؤمنين). [الحجة للقراء السبعة: 5/15]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عبيد الله بن زياد: [لَهُ مَعَاقِيبُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْه].
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون هذا تكسير مُعَقِّب أو مُعَقِّبَة، إلا أنه لما حذف إحدى القافين عوض منها الياء، فقال: [معاقيب]، كما تقول في تكسير مقدّم: مقاديم، ويجوز ألا تعوض فتقول: مَعَاقِب كمقادم). [المحتسب: 1/355]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب وابن عباس -رضي الله عنها- وعكرمة وزيد بن علي وجعفر بن محمد: [يَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللهِ].
قال أبو الفتح: المفعول هنا محذوف؛ أي: يحفظونه مما يحاذره بأمر الله. وأما قراءة الجماعة: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} فليس معناه أنهم يحفظونه من أمر الله أن ينزل به؛ لكن تقديره: له مُعَقِّبَات من أمر الله يحفظونه مما يخافه، فـ"من" على هذا مرفوعة الموضع؛ لأنها صفة للمرفوع الذي هو "معقبات"، ولو كانت -كما يُظن- أنهم يحفظونه من أمر الله أن ينزل به لكانت منصوبة الموضع؛ كقولك: حفِظت زيدًا من الأسد، فقولك: من الأسد، منصوب الموضع؛ لأنه مفعول حفِظت.
والذي ذكرناه في هذا رأي أبي الحسن، وما أحسنه! فأن قلت: فهلا كان تقديره: يحفظونه من أمر الله؛ أي: بأمر الله، ويُستدل على إرادة الباء هنا بقراءة علي عليه السلام: [يحفظونه بأمر الله]. وجاز أن يحفظوه بأمر الله؛ لأن هذه المصائب كلها في علم الله وبإقداره فاعليها عليها، فيكون هذا كقول القائل: هربتُ من قضاء الله بقضاء الله، قيل: تأويل أبي الحسن أذهب في الاعتداد عليهم؛ وذلك أنه -سبحانه- وكَّل بهم من يحفظهم من حوادث الدهر ومخاوفه
[المحتسب: 1/355]
التي لا يعتد عليهم بتسليطها عليهم، وهذا أسهل طريقًا، وأرسخ في الاعتداد بالنعمة عليهم عروقًا). [المحتسب: 1/356]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس