عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 29 ذو الحجة 1439هـ/9-09-2018م, 04:19 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنّ في الأرض مرّتين ولتعلنّ علوًّا كبيرًا (4) فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادًا لنا أولي بأسٍ شديدٍ فجاسوا خلال الدّيار وكان وعدًا مفعولًا (5) ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم وأمددناكم بأموالٍ وبنين وجعلناكم أكثر نفيرًا (6) إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوّل مرّةٍ وليتبّروا ما علوا تتبيرًا (7) عسى ربّكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنّم للكافرين حصيرًا (8)}
يقول تعالى: إنّه قضى إلى بني إسرائيل في الكتاب، أي: تقدّم إليهم وأخبرهم في الكتاب الّذي أنزله عليهم أنّهم سيفسدون في الأرض مرّتين ويعلون علوًّا كبيرًا، أي: يتجبّرون ويطغون ويفجرون على النّاس كما قال تعالى: {وقضينا إليه ذلك الأمر أنّ دابر هؤلاء مقطوعٌ مصبحين} [الحجر: 66] أي: تقدّمنا إليه وأخبرناه بذلك وأعلمناه به). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 47]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فإذا جاء وعد أولاهما} أي: أولى الإفسادتين {بعثنا عليكم عبادًا لنا أولي بأسٍ شديدٍ} أي: سلّطنا عليكم جندًا من خلقنا أولي بأسٍ شديدٍ، أي: قوّةٍ وعدّةٍ وسلطةٍ شديدةٍ {فجاسوا خلال الدّيار} أي: تملّكوا بلادكم وسلكوا خلال بيوتكم، أي: بينها ووسطها، وانصرفوا ذاهبين وجائين لا يخافون أحدًا {وكان وعدًا مفعولا}
وقد اختلف المفسّرون من السّلف والخلف في هؤلاء المسلّطين عليهم: من هم؟ فعن ابن عبّاسٍ وقتادة: أنّه جالوت الجزريّ وجنوده، سلّط عليهم أوّلًا ثمّ أديلوا عليه بعد ذلك. وقتل داود جالوت؛ ولهذا قال: {ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم وأمددناكم بأموالٍ وبنين وجعلناكم أكثر نفيرًا}
وعن سعيد بن جبيرٍ: أنّه ملك الموصل سنجاريب وجنوده. وعنه أيضًا، وعن غيره: أنّه بختنصّر ملك بابل.
وقد ذكر ابن أبي حاتمٍ له قصّةً عجيبةً في كيفيّة ترقّيه من حالٍ إلى حالٍ، إلى أن ملك البلاد، وأنّه كان فقيرًا مقعدًا ضعيفًا يستعطي النّاس ويستطعمهم، ثمّ آل به الحال إلى ما آل، وأنّه سار إلى بلاد بيت المقدس، فقتل بها خلقًا كثيرًا من بني إسرائيل.
وقد روى ابن جريرٍ في هذا المكان حديثًا أسنده عن حذيفة مرفوعًا مطوّلًا وهو حديثٌ موضوعٌ لا محالة، لا يستريب في ذلك من عنده أدنى معرفةٍ بالحديث! والعجب كلّ العجب كيف راج عليه مع إمامته وجلالة قدره! وقد صرّح شيخنا الحافظ العلّامة أبو الحجّاج المزّيّ، رحمه اللّه، بأنّه موضوعٌ مكذوبٌ، وكتب ذلك على حاشية الكتاب.
وقد وردت في هذا آثارٌ كثيرةٌ إسرائيليّةٌ لم أر تطويل الكتاب بذكرها؛ لأنّ منها ما هو موضوعٌ، من وضع [بعض] زنادقتهم، ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحًا، ونحن في غنية عنها، وللّه الحمد. وفيما قصّ اللّه تعالى علينا في كتابه غنيةٌ عمّا سواه من بقيّة الكتب قبله، ولم يحوجنا اللّه ولا رسوله إليهم. وقد أخبر اللّه تعالى أنّهم لمّا بغوا وطغوا سلّط اللّه عليهم عدّوهم، فاستباح بيضتهم، وسلك خلال بيوتهم وأذلّهم وقهرهم، جزاءً وفاقًا، وما ربّك بظلّامٍ للعبيد؛ فإنّهم كانوا قد تمرّدوا وقتلوا خلقًا من الأنبياء والعلماء.
وقد روى ابن جريرٍ: حدّثني يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهبٍ، أخبرني سليمان بن بلالٍ، عن يحيى بن سعيدٍ قال: سمعت سعيد بن المسيّب يقول: ظهر بختنصّر على الشّام، فخرّب بيت المقدس وقتلهم، ثمّ أتى دمشق فوجد بها دمًا يغلي على كبًا، فسألهم: ما هذا الدّم؟ فقالوا أدركنا آباءنا على هذا، وكلّما ظهر عليه الكبا ظهر. قال: فقتل على ذلك الدّم سبعين ألفًا من المسلمين وغيرهم، فسكن.
وهذا صحيحٌ إلى سعيد بن المسيّب، وهذا هو المشهور، وأنّه قتل أشرافهم وعلماءهم، حتّى إنّه لم يبق من يحفظ التّوراة، وأخذ معه خلقًا منهم أسرى من أبناء الأنبياء وغيرهم، وجرت أمورٌ وكوائن يطول ذكرها. ولو وجدنا ما هو صحيحٌ أو ما يقاربه، لجاز كتابته وروايته، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 47-48]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها} أي: فعليها، كما قال تعالى: {من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها} [فصّلت: 46].
وقوله: {فإذا جاء وعد الآخرة} أي: المرّة الآخرة أي: إذا أفسدتم المرّة الثّانية وجاء أعداؤكم {ليسوءوا وجوهكم} أي: يهينوكم ويقهروكم {وليدخلوا المسجد} أي بيت المقدس {كما دخلوه أوّل مرّةٍ} أي: في الّتي جاسوا فيها خلال الدّيار {وليتبّروا} أي: يدمّروا ويخرّبوا {ما علوا} أي: ما ظهروا عليه {تتبيرًا}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 48]

تفسير قوله تعالى: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({عسى ربّكم أن يرحمكم} أي: فيصرفهم عنكم {وإن عدتم عدنا} أي: متى عدتم إلى الإفساد {عدنا} إلى الإدالة عليكم في الدّنيا مع ما ندّخره لكم في الآخرة من العذاب والنّكال، ولهذا قال [تعالى] {وجعلنا جهنّم للكافرين حصيرًا} أي: مستقرًّا ومحصرًا وسجنًا لا محيد لهم عنه.
قال ابن عبّاسٍ [رضي اللّه عنهما]: {حصيرًا} أي: سجنًا.
وقال مجاهدٌ: يحصرون فيها. وكذا قال غيره.
وقال الحسن: فراشٌ ومهادٌ.
وقال قتادة: قد عاد بنو إسرائيل، فسلّط اللّه عليهم هذا الحيّ، محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه، يأخذون منهم الجزية عن يدٍ وهم صاغرون). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 48]

رد مع اقتباس