عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 11:43 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (54) إلى الآية (57) ]

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57) }

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (22 - وَاخْتلفُوا فِي كسر الْهمزَة واختلاس حركتها وإشباعها فِي قَوْله {إِلَى بارئكم} 54
فَكَانَ ابْن كثير وَنَافِع وَعَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ يكسرون الْهمزَة من غير اختلاس وَلَا تَخْفيف
وَاخْتلف عَن أبي عَمْرو فَقَالَ عَبَّاس بن الْفضل سَأَلت أَبَا عَمْرو كَيفَ تقْرَأ {إِلَى بارئكم} مَهْمُوزَة مثقلة أَو {إِلَى بارئكم} مُخَفّفَة فَقَالَ قراءتي {بارئكم} مَهْمُوزَة غير مثقلة
وروى اليزيدي وَعبد الْوَارِث عَنهُ {بارئكم} فَلَا يجْزم الْهمزَة وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ كَانَ أَبُو عَمْرو يختلس الْحَرَكَة من {بارئكم} و{يَأْمُركُمْ} الْبَقَرَة 67 وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا تتوالى فِيهِ الحركات فَيرى من سَمعه أَنه قد أسكن وَلم يكن يسكن
وَهَذَا مثل رِوَايَة عَبَّاس بن الْفضل عَنهُ الَّتِي ذكرتها أَنه كَانَ لَا يثقلها
وَهَذَا القَوْل أشبه بِمذهب أبي عَمْرو لِأَنَّهُ كَانَ يسْتَعْمل فِي قِرَاءَته التَّخْفِيف كثيرا
من ذَلِك مَا حَدثنِي بِهِ عبيد الله بن عَليّ الْهَاشِمِي عَن نصر بن عَليّ عَن أَبِيه عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {وَيُعلمهُم الْكتاب} الْبَقَرَة 129 و{ويلعنهم اللاعنون} الْبَقَرَة 159 يشم الْمِيم من {يعلمهُمْ} وَالنُّون من {يلعنهم} اللَّتَيْنِ قبل الْهَاء الضَّم من غير إشباع وَكَذَلِكَ {عَن أسلحتكم وأمتعتكم} النِّسَاء 102 يشم التَّاء فيهمَا شَيْئا من الْجَرّ
أَخْبرنِي بذلك أَيْضا أَبُو طَالب عبد الله بن أَحْمد بن سوَادَة قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الزهْرَانِي قَالَ حَدثنَا عبيد بن عقيل عَن أبي عَمْرو بذلك
قَالَ وَكَذَلِكَ {ويزكيكم ويعلمكم} الْبَقَرَة 151 يشمها شَيْئا من الرّفْع
قَالَ وَكَذَلِكَ {يَوْم يجمعكم} التغابن 9 يشم الْعين شَيْئا من الضَّم
وَكَذَلِكَ قَوْله {وأرنا مناسكنا} الْبَقَرَة 128 لَا يسكن الرَّاء وَلَا يكسرها روى ذَلِك عَنهُ عَليّ بن نصر وَعبد الْوَارِث واليزيدي وعباس بن الْفضل وَغَيرهم
وَكَذَلِكَ قِرَاءَته فِي {تَأْمُرهُمْ} الطّور 32 {يَأْمُرهُم} الْأَعْرَاف 157 و{ينصركم} آل عمرَان 160 وَمَا أشبه ذَلِك من الحركات المتواليات وروى عبد الْوَهَّاب بن عَطاء وهرون الْأَعْوَر عَن أبي عَمْرو وأرنا سَاكِنة الرَّاء
وَقَالَ اليزيدي فِي ذَلِك كُله إِنَّه كَانَ يسكن اللَّام من الْفِعْل فِي جَمِيعه
وَالْقَوْل مَا أَخْبَرتك بِهِ من إِنَّه كَانَ يُؤثر التَّخْفِيف فِي قِرَاءَته كلهَا
وَالدَّلِيل على إيثاره التَّخْفِيف أَنه كَانَ يدغم من الْحُرُوف مَا لَا يكَاد يدغمه غَيره ويلين السَّاكِن من الْهَمْز وَلَا يهمز همزتين وَغير ذَلِك
وَقَالَ عَليّ بن نصر عَن أبي عَمْرو {وَلَا يَأْمُركُمْ} بِرَفْع الرَّاء مشبعة). [السبعة في القراءات: 154 - 156]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ({بارئكم، ويأمركم، وينصركم}، مختلف أبو عمرو، وزاد عباس {أنلزمكموها} {وسنمتعهم} و{هذا نزلهم} ). [الغاية في القراءات العشر: 177] (م)
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ({بارئكم} [54]، و{يأمركم} [67]، و{ينصركم} [آل عمران: 160، الملك: 20]، وما في معناهن: بالاختلاس أبو عمرو، وقرأت على أكثرهم
[المنتهى: 2/568]
بالإشباع. وروى اليزيدي إسكان الهمزة والراء التي بين ضمتين وهكذا في تعليقي عن المطوعي عن الجماعة عن أبي عمرو، وقرأت عن عبد الوارث، والعباس، وشجاع طريق الصواف بالإسكان.
وزاد العباس {أنلزمكموها} [هود: 28]، و{سنمتعهم} [هود: 48]، و{هذا نزلهم} [الواقعة: 56]، و{يجمعكم} [الجاثية: 26، التغابن: 9]، و{يلعنهم} [159]، ونحوه.
[المنتهى: 2/569]
وقال أبو زيد: إذا توالت الضمتان في الكلمة الواحدة وكان جمعًا بالاختلاس).[المنتهى: 2/570] (م)
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ({بارئكم} [54]: بكسر الباء أبو زيد، وعلي غير أبي الحارث، ونصير طريق الشذائي، والغساني عن الدوري، عن علي، وسالمٌ، والشموني طريق ابن الصلت والجعفي.
بين اللفظين: ابن عتبة. زاد البلخي، وابن بدر، وأبو الزعراء كلهم عن علي {البارئ} [الحشر: 24].
بياء مكسورة بعد الراء إسماعيل طريق البلخي. بين اللفظين: ابن عتبة).[المنتهى: 2/570]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وقرأ أبو عمرو في رواية الرقيين عنه (بارئكم ويشعركم وينصركم ويأمركم ويأمرهم وينصرهم) هذه الألفاظ حيث وقعت بإسكان الهمز في (بارئكم) والراء فيما عداها، وقرأ في رواية العراقيين عنه بالاختلاس، وكان اليزيدي يختار من نفسه إشباع الحركة، وقد خالف أبا عمرو في أربعة عشر حرفًا فاختار من نفسه خلاف ما روى، هذا أحدها، وسترى باقيها إن شاء الله، وقرأ الباقون بإشباع الحركة من غير اختلاس حيث وقع، هذا مذهب شيخنا أبي الطيب رحمه الله). [التبصرة: 155]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (أبو عمرو: {بارئكم} (54) في الحرفين، و: {يأمركم} (67)، و: {يأمرهم} (الأعراف: 157)، و: {ينصركم} (آل عمران: 160)، و: {يشعركم} (الأنعام: 109): باختلاس الحركة في ذلك كله، من طريق
[التيسير في القراءات السبع: 226]
البغداديين، وهو اختيار سيبويه. ومن طريق الرقيين وغيرهم: بالإسكان. وهو المروي عن أبي عمرو، دون غيره. وبذلك قرأت على الفارسي، عن قراءته على أبي طاهر.
والباقون: يشبعون الحركة). [التيسير في القراءات السبع: 227] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (أبو عمرو (بارئكم) في الحرفين و(يأمركم) (ويأمرهم) (وينصركم) (وما يشعركم) باختلاس الحركة في ذلك كله من طريق البغداديين وهو اختيار سيبويهٍ [ومن طريق الرقيين] وغيرهم بالإسكان وهو المرويّ عن أبي عمرو دون غيره وبذلك قرأت على الفارسي عن [قراءته على] أبي طاهر، والباقون يشبعون الحركة). [تحبير التيسير: 287] (م)
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (بَارِئِكُمْ)، و(يَأْمُرُكُمْ)، و(يَنْصُرْكُمُ)، و(يُشْعِرُكُمْ)، وكل حركتين في جمع فنعيم بن ميسرة، وعباس، وابن مُحَيْصِن يسكنون الحركة الأولى تخفيفًا، وافق زيان غير سيبويه عنه في (بَارِئِكُمْ)، و(يَأْمُرُكُمْ)، و(يَنْصُرْكُمُ) قال سيبويه: الحركة الأولى، قال أبو زيد: الاختلاس لمذهبه أولى، الباقون بإشباع الحركة، وهو الاختيار، لأنه أصل الإعراب، ولموافقة الجماعة حَمْزَة، روى العراقي عن قُتَيْبَة تحريك الهاء، وهي رواية المسجدي، واختيار ابْن مِقْسَمٍ، والحسن البصري، الباقون بإسكان الهاء، وهو الاختيار؛ لأنه أشهر). [الكامل في القراءات العشر: 485]
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([54]- {بَارِئِكُمْ} قد ذُكر). [الإقناع: 2/598]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (454 - وَإِسْكَانُ بَارِئِكُمْ وَيَأْمُرُكُمْ لَهُ = وَيَأْمُرُهُمْ أَيْضاً وَتَأْمُرُهُمْ تَلاَ
455 - وَيَنْصُرُكُمْ أَيْضاً وَيُشْعِرُكُمْ وَكَمْ = جَلِيلٍ عَنِ الْدُّورِيِّ مُخْتَلِساً جَلاَ). [الشاطبية: 37] (م)
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([454] وإسكان بارئكم ويأمركم له = ويأمرهم أيضًا وتأمرهم تلا
اعلم أن من النحويين من أنكر الإسكان في هذه القراءة، واحتج بأنها حركة إعراب، فلا يجوز إسكانها.
قال سيبويه: «لم يكن أبو عمرو يسكن شيئًا من هذا، وإنما كان يختلس، فيظل من سمعه أنه أسكن».
وقد ثبت الإسكان عن أبي عمرو والاختلاس معًا.
ووجه الإسكان، أن من العرب من يجتزئ بإحدى الحركتين عن الأخرى.
وقد عزا الفراء ذلك إلى بني تميم وأسد وبعض النجديين، وذكر أنهم يخففون مثل {يأمركم} فيسكنون الراء لتوالي الحركات.
[فتح الوصيد: 2/632]
[455] وينصركم أيضًا وشعركم وكم جليل عن (الدوري) مختلسًا جلا
وأما من أخذ للدوري بالاختلاس، وهي رواية العراقيين عن أبي عمرو، فكم فيهم من جليل كابن مجاهد وغيره.
وإنما أشار إلى وجه هذه القراءة بالمدح، لأنه تخفيف لا ينقص من الوزن، ولا يغير الإعراب.
على أن سيبويه رحمه الله، لم ينكر الإسكان بالكلية، بل أجازه في الإعراب كما في البناء، واستشهد عليه بقول امرئ القيس:
فاليوم أشرب غير مستحقب = إثمًا من ولا واغل
وعلى البناء بقول أبي نخيلة:
إذا اعوججن قلت صاحب قوم = بالدو أمثال السفين العوم
ولكنه قال: القياس غير ذلك.
فإن كان الاستبعاد من أجل ذهاب حركة الإعراب، فقد أجمعوا على ذلك في الإدغام للمتماثلين والمتقاربين.
ومن قرأ بالإشباع، فهو الأصل). [فتح الوصيد: 2/633] (م)
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ( [454] وإسكانُ بارئكم ويأمركم له = ويأمرهم أيضًا وتأمرهم تلا
[455] وينصركم أيضًا ويشعركم كم = جليلٍ عن الدوري مختلسًا جلا
ب: (تلا): تبع، (الجليل): الرفيع القدر، (الاختلاس) من الخلس بمعنى السلب، وفي الاصطلاح: أن يؤتى بحرفٍ وثلثي حركته، بحيث يكون الذي حذفته من الحركة أقل مما أتيت به، (جلا): كشف.
ح: (وإسكانُ): مبتدأ، و (له): خبره، والضمير: لأبي عمرو، و(يأمرهم): عطف، و(تأمرهم): مبتدأ، (تلا): خبره، ومفعوله: محذوف، أي: تبع المذكور، و(ينصركم ... ويشعركم): مجرورًا المحل عطفًا على
[كنز المعاني: 2/13]
(بارئكم)، أو مرفوعان عطفًا على (تأمرهم)، (أيضًا): نصب على المصدر من (آض يئيض أيضًا): إذا عاد، و (كم): خبرية مرفوعة المحل على الابتداء، (جليلٍ): مميزها، (جلا): خبر، (مختلسًا): حال (عن الدوري): متعلق بـ (جلا).
ص: أي: أسكن أبو عمرو على لغة بني اسد وتميم الهمزة من {بارئكم} في قوله تعالى: {فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خيرٌ لكم عند بارئكم} [54].
والراء من {يأمركم} [67]، و{يأمرهم} [الأعراف: 157]، و {تأمرهم} [الطور: 32]، و{ينصركم} [آل عمران: 160]، و{يشعركم} [الأنعام: 109] حيث وقعت كلها تخفيفًا، ولتوالي الضمان في الأربعة المتوسطة.
ثم قال: وكم من مشايخ القراء الجلة جلا عن مذهبه الاختلاس، أي: نقل عن الدوري عن أبي عمرو الاختلاس، وهو اختيار
[كنز المعاني: 2/14]
سيبويه؛ لأن هذه الحركة حركة إعراب، فلا يجوز إذهابها). [كنز المعاني: 2/15] (م)
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (453- وَإِسْكَانُ بَارِئِكُمْ وَيَأْمُرُكُمْ لَهُ،.. وَيَأْمُرُهُمْ أَيْضًا وَتَأْمُرُهُمْ تَلا
454- وَيَنْصُرُكُمْ أَيْضًا وَيُشْعِرُكُمْ وَكَمْ،.. جَلِيلٍ عَنِ الدُّورِيِّ مُخْتَلِسًا جَلا
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 2/288]
أي أسكن أبو عمرو في هذه المواضع كلها حيث وقعت حركة الإعراب تخفيفا، وقد جاء ذلك عنه من طريق الرقيين كذا ذكر الداني ومكي وغيرهما، ورواية العراقيين عن أبي عمرو الاختلاس، وهي الرواية الجيدة المختارة؛ فإن الإسكان في حركات الإعراب لغير إدغام ولا وقف ولا اعتلال منكر فإنه على مضادة حكمة مجيء الإعراب وجوزه سيبويه في ضرورة الشعر؛ لأجل ما ورد من ذلك فيه نحو:
وقد بدا هنك من الميزر،.. فاليوم أشرب غير مستحقب
ولا أعلام قد تعلل بالمناة،.. فما تعرفكم العرب
ونحوه: إذا اعوججن قلت: صاحب مقوم.
قال أبو علي في الحجة: أما حركة الإعراب فمختلف في تجويز إسكانها فمن الناس من ينكره فيقول: إن إسكانها لا يجوز من حيث كان علما للإعراب، قال: وسيبويه يجوز ذلك في الشعر، قال الزجاج: روي عن أبي عمرو ابن العلاء أنه قرأ: "بَارِئْكُمْ" بإسكان الهمزة، قال: وهذا رواه سيبويه باختلاس الكسر، قال: وأحسب الرواية
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 2/289]
الصحيحة ما روى سيبويه فإنه أضبط؛ لما روي عن أبي عمرو، والإعراب أشبه بالرواية عن أبي عمرو؛ لأن حذف الكسر في مثل هذا وحذف الضم إنما يأتي في اضطرار الشعر وفي كتاب أبي بكر بن مجاهد قال سيبويه كان أبو عمرو يختلس الحركة: "من بارئكم"، و{يَأْمُرُكُمْ}، وما أشبه ذلك مما تتوالى فيه الحركات فيرى من يسمعه أنه قد أسكن ولم يسكن قال أبو بكر: وهذا القول أشبه بمذهب أبي عمرو؛ لأنه كان يستعمل في قراءته التخفيف كثيرا كان يقرأ: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ}، {يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ} يشم الميم من يعلمهم، والنون من "يلعنهم" الضم من غير إشباع وكذلك: {عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ} يشم التاء شيئا من الخفض وكذلك: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ}،
يشمها شيئا من الضم، وفي كتاب أبي علي الأهوازي عن المازني عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلا قال سمعت أعرابيا يقول: {بَارِئِكُمْ}، فاختلس الكسر حتى كدت لا أفهم الهمزة قال أبو علي الفارسي وهذا الاختلاس وإن كان الصوت فيه أضعف من التمطيط وأخفى فإن الحرف المختلس حركته بزنة المتحرك قال: وعلى هذا المذهب حمل سيبويه قول أبي عمرو: "على بارئكم"، فذهب إلى أنه اختلس الحركة ولم يشبعها فهو بزنة حرف متحرك فمن روى عن أبي عمرو الإسكان في هذا النحو فلعله سمعه يختلس فحسبه؛ لضعف الصوت به والخفاء إسكانا، وقال أبو الفتح بن جني في كتاب الخصائص
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 2/290]
الذي رواه صاحب الكتاب اختلاس هذه الحركة لا حذفها البتة وهو أضبط لهذا الأمر من غيره من القراء الذي رووه ساكنا، قال: ولم يؤت القوم في ذلك من ضعف أمانة لكن أتوا من ضعف دراية، قال الشيخ في شرحه: وقد ثبت الإسكان عن أبي عمرو، والاختلاس معا، ووجه الإسكان أن من العرب من يجتزى بإحدى الحركتين عن الأخرى قال:
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 2/291]
وقد عزا الفراء ذلك إلى بني تميم وبني أسد وبعض النجديين، وذكر أنهم يحققون مثل: "يأمركم" فيسكنون الراء لتوالي الحركات.
قلت: وكان الناظم -رحمه الله- مائلا إلى رواية الاختلاس، وهو الذي لا يليق بمحقق سواه، فقال: وكم جليل أي كثير من الشيوخ الجلة جلوا الاختلاس عن الدوري، وكشفوه، وقرروه، وعملوا به، ومختلسا حال من الدوري أي جلا عن مذهبه في حال اختلاسه، ونسب الناظم ذلك إلى الدوري، وهو محكي عن أبي عمرو نفسه كما نسب إبدال الهمز الساكن إلى السوسي، وهي محكي عن أبي عمرو كما سبق، وسبب ذلك أن رواية الرقيين هي رواية السوسي ومن وافقه، ورواية العراقيين هي رواية الدوري وأضرابه قال أبو علي الأهوازي ومعنى الاختلاس أن تأتي بالهمز وبثلثي حركتها فيكون الذي تحذفه من الحركة أقل مما تأتي به قال: ولا يؤخذ ذلك إلا من أفواه الرجال.
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 2/292]
قلت: وقراءة الباقين بإشباع الكسر في: {بَارِئِكُمْ}، وإشباع الضم في البواقي.
فإن قلت: من أين يؤخذ ذلك؟
قلت: ما بعد: {بَارِئِكُمْ} قد لفظ به مضموما فهو داخل في قوله: وباللفظ أستغني عن القيد إن جلا،.. وقد سبق في شرح الخطبة أن قوله وإسكان: {بَارِئِكُمْ} لا يفهم منه القراءة الأخرى؛ فإنه ليس ضد السكون الكسر، ولو حصل التلفظ بالكسر لصار كالذي بعده، ولو قال: وبارئكم سكن لاستقام وقوله: له أي لأبي عمرو.
فإن قلت: لِمَ لَمْ يكن رمزًا لهشام كما قال في موضع آخر بخلف له، ولا يكون له ثوى، قلت له لفظ صريح حيث يكون له ما يرجع إليه كهذا المكان وإن لم يكن له ما يرجع إليه فهو رمز، وعلامة ذلك اقترانه في الغالب برمز آخر معه ومتى تجرد وكان له ما يرجع فحكمه حكم الصريح وقوله: تلا ليس برمز وهو مشكل؛ إذ لا مانع من جعله رمزًا، ويكون إسكان يأمرهم وما بعده للدوري عن الكسائي، وكان ينبغي أن يحترز عنه بأن بقوله: وتأمرهم حلا أو غير ذلك مما لم يوهم رمزا لغير أبي عمرو وأما جلا فظاهر أنه ليس برمز لتصريحه بالدوي والله أعلم). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 2/293] (م)
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (454 - واسكان بارئكم ويأمركم له ... ويأمرهم أيضا وتأمرهم تلا
455 - وينصركم أيضا ويشعركم وكم ... جليل عن الدّوريّ مختلسا جلا
قرأ أبو عمرو، وهو مرجع الضمير في (له) بإسكان الهمز في بارِئِكُمْ* في الموضعين هنا
[الوافي في شرح الشاطبية: 202]
وبإسكان الراء في هذه الألفاظ حيث ذكرت في القرآن الكريم: يَأْمُرُكُمْ*، يَأْمُرُهُمْ، تَأْمُرُهُمْ، يَنْصُرْكُمُ*، يُشْعِرُكُمْ. ثم ذكر أن كثيرا من حذاق النقلة روى عن الدوري اختلاس كسرة الهمزة في بارِئِكُمْ* واختلاس ضمة الراء في بقية الألفاظ.
والاختلاس: هو الإتيان بثلثي حركة الحرف بحيث يكون المنطوق به من الحركة أكثر من المحذوف منها، ويرادفه الإخفاء، فاللفظان معناهما واحد، ويقابلهما الروم فهو الإتيان ببعض الحركة بحيث يكون الثابت منها أقل من المحذوف، ويؤخذ مما ذكر أن السوسي ليس له في شيء من هذه الألفاظ إلا الإسكان وأما الدوريّ فله في كل منها الإسكان والاختلاس). [الوافي في شرح الشاطبية: 203] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (66- .... .... بَارِئْ بَابَ يَأْمُرْ أَتِمَّ حُمْ = .... .... .... .... ....). [الدرة المضية: 23] (م)
- قال محمد بن الحسن بن محمد المنير السمنودي (ت: 1199هـ):(ثم استأنف وقال: بارئ باب يأمر أتم حم أي قرأ مرموز (حا) حموهو يعقوب بإتمام حركة همزة {بارئكم} [54] في الموضعين في البقرة
[شرح الدرة المضيئة: 90]
يريد بقوله: باب يأمر أنه أيضًا قرأ بإتمام حركة الراء الواقع بعدها ضمير جمع الغائب والمخاطب حيث وقع). [شرح الدرة المضيئة: 91] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاخْتَلَفُوا) فِي: اخْتِلَاسِ كَسْرَةِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِهَا مِنْ بَابِ بَارِئِكُمْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ هُنَا، وَكَذَلِكَ اخْتِلَاسُ ضَمَّةِ الرَّاءِ، وَإِسْكَانِهَا مِنْ يَأْمُرُكُمْ وَتَأْمُرُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْصُرْكُمُ وَيُشْعِرُكُمْ حَيْثُ وَقَعَ ذَلِكَ فَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِإِسْكَانِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفًا، وَهَكَذَا وَرَدَ النَّصُّ عَنْهُ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ مِنْ أَكْثَرِ الطُّرُقِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ فِي رِوَايَةِ الدُّورِيِّ عَلَى شَيْخِهِ الْفَارِسِيِّ عَنْ قِرَاءَتِهِ بِذَلِكَ عَلَى أَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، وَعَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ قِرَاءَتِهِ بِذَلِكَ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ الْحَسَنِ، وَبِهِ قَرَأَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ السُّوسِيِّ عَلَى شَيْخَيْهِ أَبِي الْفَتْحِ وَأَبِي الْحَسَنِ، وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ لِأَبِي عَمْرٍو وَبِكَمَالِهِ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، وَشَيْخُهُ أَبُو الْعِزِّ وَالْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ وَابْنُ سَوَّارٍ، وَأَكْثَرُ الْمُؤَلِّفِينَ شَرْقًا وَغَرْبًا. رَوَى عَنْهُ الِاخْتِلَاسَ فِيهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مِنْ رِوَايَتَيِ الدُّورِيِّ وَالسُّوسِيِّ سِوَاهُ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْفَتْحِ أَيْضًا عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ السَّامَرِّيِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ، وَرَوَى أَكْثَرُ أَهْلِ الْأَدَاءِ الِاخْتِلَاسَ مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ وَالْإِسْكَانَ مِنْ رِوَايَةِ السُّوسِيِّ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْحَسَنِ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي كِتَابِ الْكَافِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْهَادِي، وَأَكْثَرِ كُتُبِ الْمَغَارِبَةِ. وَعَكَسَ بَعْضُهُمْ، فَرَوَى الِاخْتِلَاسَ عَنِ السُّوسِيِّ وَالْإِسْكَانَ عَنِ الدُّورِيِّ كَالْأُسْتَاذَيْنِ أَبِي طَاهِرِ بْنِ سَوَّارٍ وَأَبِي مُحَمَّدٍ سِبْطِ الْخَيَّاطِ فِي بَارِئِكُمْ، وَرَوَى بَعْضُهُمُ الْإِتْمَامَ عَنِ الدُّورِيِّ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ مِنْ
[النشر في القراءات العشر: 2/212]
طَرِيقِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقِ عَنِ ابْنِ فَرَحٍ كِلَاهُمَا عَنِ الدُّورِيِّ إِلَّا أَنَّ أَبَا الْعَلَاءِ خَصَّ ابْنَ مُجَاهِدٍ بِتَمَامِ بَارِئِكُمْ وَخَصَّ الْحَمَّامِيَّ بِإِتْمَامِ الْبَاقِي وَأَطْلَقَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفْرَاوِيُّ الْخِلَافَ فِي الْإِتْمَامِ وَالْإِسْكَانِ وَالِاخْتِلَاسِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِكَمَالِهِ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَذْكُرْ يُشْعِرُكُمْ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَذْكُرْ يَنْصُرْكُمُ، وَذَكَرَ يُصَوِّرُكُمْ وَيُحَذِّرُكُمُ وَبَعْضُهُمْ أَطْلَقَ الْقِيَاسَ فِي كُلِّ رَاءٍ نَحْوَ يَحْشُرُهُمْ، وَأُنْذِرُكُمْ، وَيُسَيِّرُكُمْ، وَتُطَهِّرُهُمْ، وَجُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ لَمْ يَذْكُرُوا تَأْمُرُهُمْ، وَيَأْمُرُهُمْ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَذْكُرْ يُشْعِرُكُمْ أَيْضًا.
(قُلْتُ): الصَّوَابُ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ اخْتِصَاصُ هَذِهِ الْكَلِمِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا إِذِ النَّصُّ فِيهَا، وَهُوَ فِي غَيْرِهَا مَعْدُومٌ عَنْهُمْ، بَلْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: إِنَّ إِطْلَاقَ الْقِيَاسِ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ مِمَّا تَوَالَتْ فِيهِ الضَّمَّاتُ مُمْتَنِعٌ فِي مَذْهَبِهِ، وَذَلِكَ اخْتِيَارِي، وَبِهِ قَرَأْتُ عَلَى أَئِمَّتِي.
قَالَ: وَلَمْ أَجِدْ فِي كِتَابِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْيَزِيدِيِّ وَمَا يُشْعِرُكُمْ مَنْصُوصًا.
(قُلْتُ): قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ فَقَالَ: كَانَ أَبُو عَمْرٍو يَخْتَلِسُ حَرَكَةَ الرَّاءِ مِنْ يُشْعِرُكُمْ فَدَلَّ عَلَى دُخُولِهِ فِي أَخَوَاتِهِ الْمَنْصُوصَةِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ الْبَابِ الْمَقِيسِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو: وَالْإِسْكَانُ - يَعْنِي فِي هَذَا الْكَلِمِ - أَصَحُّ فِي النَّقْلِ، وَأَكْثَرُ فِي الْأَدَاءِ، وَهُوَ الَّذِي أَخْتَارُهُ وَآخُذُ بِهِ.
(قُلْتُ): وَقَدْ طَعَنَ الْمُبَرِّدُ فِي الْإِسْكَانِ، وَمَنَعَهُ وَزَعَمَ أَنَّ قِرَاءَةَ أَبِي عَمْرٍو ذَلِكَ لَحْنٌ وَنَقَلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: إِنِ الرَّاوِيَ لَمْ يَضْبِطْ عَنْ أَبِي عَمْرٍو لِأَنَّهُ اخْتَلَسَ الْحَرَكَةَ فَظَنَّ أَنَّهُ سَكَّنَ انْتَهَى.
وَذَلِكَ وَنَحْوُهُ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ وَوَجْهُهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ ظَاهِرٌ غَيْرُ مُنْكَرٍ، وَهُوَ التَّخْفِيفُ وَإِجْرَاءُ الْمُنْفَصِلِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ مُجْرَى الْمُتَّصِلِ مِنْ كَلِمَةٍ نَحْوَ إِبِلٍ، وَعَضُدٍ، وَعُنُقٍ. عَلَى أَنَّهُمْ نَقَلُوا أَنَّ لُغَةَ تَمِيمٍ تَسْكِينُ الْمَرْفُوعِ مِنْ (يَعْلَمُهُمْ) وَنَحْوِهِ وَعَزَاهُ الْفَرَّاءُ إِلَى تَمِيمٍ وَأَسَدٍ مَعَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ لَمْ يُنْكِرِ الْإِسْكَانَ أَصْلًا، بَلْ أَجَازَهُ وَأَنْشَدَ عَلَيْهِ:
فَالْيَوْمَ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ
وَلَكِنَّهُ قَالَ: الْقِيَاسُ غَيْرُ ذَلِكَ وَإِجْمَاعُ الْأَئِمَّةِ
[النشر في القراءات العشر: 2/213]
عَلَى جَوَازِ تَسْكِينِ حَرَكَةِ الْإِعْرَابِ فِي الْإِدْغَامِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ هُنَا وَأَنْشَدُوا أَيْضًا:
رُحْتِ وَفِي رِجْلَيْكِ مَا فِيهِمَا... وَقَدْ بَدَا هَنْكِ مِنَ الْمِئْزَرِ
وَقَالَ: جَرِيرٌ:
سِيرُوا بَنِي العَمِّ فَالْأَهْوَازُ مَوْعِدُكُمْ... أَوْ نَهْرُ تِيرِي فَمَا تَعرِفْكُمُ العَرَبُ
وَقَالَ الْحَافِظُ الدَّانِيُّ: رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَتِ الْجَمَاعَةُ عَنِ الْيَزِيدِيِّ إِنَّ أَبَا عَمْرٍو وَكَانَ يُشِمُّ الْهَاءَ مِنْ يَهْدِي وَالْخَاءَ مِنْ يَخِصِّمُونَ شَيْئًا مِنَ الْفَتْحِ. قَالَ: وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْيَزِيدِيَّ أَسَاءَ السَّمْعَ إِذْ كَانَ أَبُو عَمْرٍو يَخْتَلِسُ الْحَرَكَةَ فِي بَارِئِكُمْ وَيَأْمُرُهُمْ فَتَوَهَّمَهُ الْإِسْكَانَ الصَّحِيحَ فَحَكَاهُ عَنْهُ لِأَنَّ مَا سَاءَ السَّمْعَ فِيهِ وَخَفِيَ عَنْهُ لَمْ يَضْبِطْهُ بِزَعْمِ الْقَائِلِ وَقَوْلِ الْمُتَأَوِّلِ، وَقَدْ حَكَاهُ بِعَيْنِهِ وَضَبَطَهُ بِنَفْسِهِ فِيمَا لَا يَتَبَعَّضُ مِنَ الْحَرَكَاتِ لِخِفَّتِهِ، وَهُوَ الْفَتْحُ فَمُحَالٌ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ وَيَخْفَى عَلَيْهِ فِيمَا يَتَبَعَّضُ مِنْهُنَّ لِقُوَّتِهِ، وَهُوَ الرَّفْعُ وَالْخَفْضُ قَالَ: وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ وَيُوَضِّحُ صِحَّتَهُ أَنَّ ابْنَهُ، وَأَبَا حَمْدُونَ وَأَبَا خَلَّادٍ وَأَبَا عُمَرَ وَأَبَا شُعَيْبٍ وَابْنَ شُجَاعٍ رَوَوْا عَنْهُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو إِشْمَامَ الرَّاءِ مِنْ (أَرِنَا) شَيْئًا مِنَ الْكَسْرِ قَالَ: فَلَوْ كَانَ مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ صَحِيحًا لَكَانَتْ رِوَايَتُهُ فِي (أَرِنَا) وَنَظَائِرِهِ كَرِوَايَتِهِ فِي: (بَارِئِكُمْ) وَبَابِهِ سَوَاءٌ، وَلَمْ يَكُنْ يُسِيءُ السَّمْعَ فِي مَوْضِعٍ، وَلَا يُسِيئُهُ فِي آخَرَ مِثْلِهِ هَذَا مِمَّا لَا يَشُكُّ فِيهِ ذُو لُبٍّ، وَلَا يَرْتَابُ فِيهِ ذُو فَهْمٍ انْتَهَى. وَهُوَ فِي غَايَةٍ مِنَ التَّحْقِيقِ. فَإِنَّ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ أَئِمَّةَ الْقِرَاءَةِ يَنْقُلُونَ حُرُوفَ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ، وَلَا بَصِيرَةٍ، وَلَا تَوْقِيفٍ، فَقَدْ كَانَ ظَنَّ بِهِمْ مَا هُمْ مِنْهُ مُبَرَّءُونَ، وَعَنْهُ مُنَزَّهُونَ. وَقَدْ قَرَأَ بِإِسْكَانِ لَامِ الْفِعْلِ مِنْ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ، وَغَيْرِهَا. نَحْوَ يَعْلَمُهُمْ وَنَحْشُرُهُمْ وَأَحَدُهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ بِمَكَّةَ، وَقَرَأَ مُسْلِمُ بْنُ مُحَارِبٍ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِإِسْكَانِ التَّاءِ، وَقَرَأَ غَيْرُهُ وَرُسُلُنَا بِإِسْكَانِ اللَّامِ.
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى هَمْزِ بَارِئِكُمْ لِأَبِي عَمْرٍو إِذَا خُفِّفَ وَأَنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ إِبْدَالِهِ فِي بَابِ الْهَمْزِ الْمُفْرَدِ، وَتَقَدَّمَ مَذْهَبُ الدُّورِيِّ عَنِ الْكِسَائِيِّ فِي إِمَالَةِ أَلِفِهِ فِي بَابِ الْإِمَالَةِ). [النشر في القراءات العشر: 2/214] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (قرأ أبو عمرو {بارئكم} [54] في الموضعين هنا بإسكان الهمزة و{يأمركم}، و{تأمرهم} [الطور: 32]، و{يأمرهم} [الأعراف: 157]، و{ينصركم}، و{يشعركم} [الأنعام: 109] حيث وقع بإسكان الراء، وروى عنه جماعة الاختلاس في الكلمات الست، وروى بعضهم إتمام الحركة عن الدوري، وبذلك قرأ الباقون). [تقريب النشر في القراءات العشر: 453] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (446 - بارئكم يأمركم ينصركم = يأمرهم تأمرهم يشعركم
447 - سكّن أو اختلس حلاً والخلف طب = .... .... .... .... ....). [طيبة النشر: 62] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (بارئكم يأمركم ينصركم = يأمرهم تأمرهم يشعركم
أي وقرأ «بارئكم» في الموضعين هنا «ويأمركم» حيث أتى، وكذا «ينصركم، ويأمرهم، وتأمرهم، ويشعركم» بالإسكان والاختلاس أبو عمرو، والاختلاس:
هو إخفاء الحركة: قال بعض أئمتنا بحيث أن يكون ما يترك من الحركة أقل مما يأتي به حتى حدّه بعضهم، فقال: هو أن تأتي بثلثي الحركة. واختلف عن الدوري عنه، فروى عنه جماعة الإتمام كما سيأتي، وبه قرأ الباقون، ووجه الإسكان التخفيف، وأجرى المنفصل مجرى المتصل نحو: إبل وعضد وعنق، ووجه الاختلاس التخفيف مع مراعاة الأمرين، وظهرت قراءة الباقين من تلفظه بها ولم يرد ما ورد على غيره). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 174] (م)
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ص:
بارئكم يأمركم ينصركم = يأمرهم تأمرهم يشعركم
سكن أو اختلس (ح) لا والخلف (ط) بـ = يغفر (مدا) أنّث هنا (ك) م و(ظ) رب
ش: [أي]: اختلف عن ذي حاء (حلا)، أبو عمرو، في إسكان الحروف المتقدمة، وهي: الهمزة من بارئكم [البقرة: 54]، والراء من الخمسة الباقية في اختلاسهما، وفي إشباعهما.
فقرأ أبو عمرو بإسكانهما.
وهكذا ورد النص عنه، وعن أصحابه من أكثر الطرق.
وبه قرأ الداني في رواية الدوري على عليّ الفارسي عن قراءته بذلك على أبي طاهر ابن أبي هاشم، وعلى أبي الفتح فارس عن قراءته بذلك على عبد الباقي بن الحسن.
وبه قرأ أيضا في رواية السوسي على شيخيه أبي الفتح وأبي الحسن وغيرهما، وهو الذي نص عليه لأبي عمرو بكماله أبو العلاء وشيخه أبو العز، وسبط الخياط، وابن سوار، وأكثر المؤلفين [شرقا وغربا].
وروي عنه الاختلاس فيهما جماعة من الأئمة، وهو الذي لم يذكر صاحب «العنوان» عن أبي عمرو من روايته سواه.
وبه قرأ الداني على أبي الفتح عن قراءته على السامري، وهو اختيار ابن مجاهد.
وروى أكثرهم الاختلاس من رواية الدوري، والإسكان من رواية السوسي.
وبه قرأ [الداني] على أبي الحسن وغيره.
وهو المنصوص في «الكافي» و«الهداية» و(التبصرة» و«التلخيص» و«الهادي»، وأكثر كتب المغاربة.
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/157]
وروى بعضهم الإشباع عن الدوري خاصة، نص عليه أبو العز من طريق ابن مجاهد عن أبي الزعراء.
ومن طريق الوراق عن ابن فرح كلاهما عن الدوري.
وأطلق الصفراوي الخلاف في الإسكان والاختلاس والإشباع عن أبي عمرو بكماله؛ فصار عند [غير] الصفراوي للدوري ثلاثة [أوجه].
وللسوسي الإسكان، والاختلاس؛ فلذا قال: (والخلف طب) أي: اختلف عن الدوري فيما تقدم وفي غيره، وهو الإشباع.
تنبيه: بارئكم موضعان بالبقرة [الآية: 54]، ويأمركم، [البقرة: 67، النساء: 58] شرطه أن يقع مرفوعا على قراءته نحو إنّ الله يأمركم [البقرة: 67، النساء: 58] وو لا يأمركم [آل عمران: 80] وأ يأمركم بالكفر [آل عمران: 80] ويأمرهم بالمعروف [الأعراف: 157]، وأم تأمرهم أحلمهم [الطور: 32]، وينصركم: كذلك عامة نحو: ينصركم من بعده [آل عمران: 160]، [و] ينصركم من دون الرّحمن [الملك: 20].
وعلم شمول الحكم من الجمع وكسر همز بارئكم [البقرة: 54] وضم راء غيره لغير أبي عمرو من اللفظ.
وفهم من قوله: [سكن] أن الحكم منوط بالمتحرك؛ إذ هو الصالح للإسكان، فخرج إن ينصركم الله [آل عمران: 160] ومن مطلق لفظه بـ يأمركم [، و، وآل عمران: 80] ويأمرهم [الأعراف: 157]، وتأمرهم [الطور: 32]- قصر الخلاف على ما فيه ثلاث ضمات، فخرج لما تأمرنا [الفرقان: 60]، أو خرج بإضافة «تأمر» إلى «هم» و«كم» أو بحصر الأنواع.
[فائدة]:
لا يقال: الوزن يصح بالإسكان مع صلة الميم؛ لأنه لا قارئ به.
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/158]
[تنبيه]:
قال الأهوازي: الاختلاس هنا: أن يأتي بثلثي الحركة، ويعني: بأكثرها، وإلا فهو:
تحديد ممتنع عقلا وعادة، بخلاف الروم فإنه الإتيان بأقلها مراعاة لمحليها، ويضبط بالمشافهة.
[وجه] الإسكان: نقل الفراء أنه لغة تميم، وأسد [وبعض] نجد؛ طلبا لتخفيف اجتماع ثلاث حركات ثقال، وإذا جاز إسكان حرف الإعراب وإذهابه في الإدغام للتخفيف، فإسكانه وإبقاؤه أولى، ومما جاء على هذه اللغة قراءة مسلمة بن محارب وبعولتهن [البقرة: 228] بإسكان التاء ورسلنا [الزخرف: 80] بإسكان اللام.
وأنشد سيبويه:
فاليوم أشرب غر مستحقب = إثما من الله ولا واغل
وأنشد أيضا:
رحت وفي رجليك ما فيهما = وقد بدا هنك من المئزر
وقال جرير:
سيروا بنى العمّ فالأهواز منزلكم = ونهر تيرى فلم تعرفكم العرب
وجه الاختلاس: ما نقل الأصمعي عن أبي عمرو، قال: سمعت أعرابيّا يختلس كسرة بارئكم [البقرة: 54] حتى كدت لا أفهم الهمزة، أي: حركتها.
ووجه الإتمام: أنه الأصل ومحافظة على دلالة الإعراب أيضا.
تنبيه:
تلخص مما ذكر أن للدوري، والسوسي الاختلاس، والإسكان للدوري، ثالث، وهو الإشباع.
تفريع:
قوله تعالى: إنّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرة الآية [البقرة: 67]، أصولها المد والقصر
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/159]
مع تثليث الراء مع الهمزة، والتثليث [أيضا] مع الإبدال، ولا يكون إلا مع القصر.
فالحاصل تسعة في ثلاثة الجهلين [البقرة: 67] فالحاصل سبعة وعشرون، [في اثنين: الفتح والتقليل؛ فالحاصل أربعة وخمسون].
وقوله تعالى: فتوبوا إلى بارئكم [البقرة: 54] أصولها المد، والقصر مع تثليث الهمز، والقصر مع الإبدال، يضرب في سبعة الرّحيم [النمل: 30، والفاتحة: 3] تبلغ تسعة وأربعين وجها، هذا مع إظهار إنّه هو [الشعراء: 220] وأما مع إدغامه ولا يكون إلا مع القصر، ففيه أربعة أوجه في بارئكم [البقرة: 54] مع الإدغام بالسكون المجرد، وبالروم، وبالإشمام، فهذه اثنا عشر وجها تضرب أيضا في سبعة: الرّحيم [النمل: 30، والفاتحة: 3] تبلغ أربعة وثمانين وجها.
[فالحاصل] مائة وثلاثة وثلاثون وجها، ويحتاج كله إلى تتبع الطرق). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/160] (م)
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأمال "بارئكم" [الآية: 54] في الموضعين الدوري عن الكسائي وفتحها الباقون وكذا حكم البارئ في الحشر). [إتحاف فضلاء البشر: 1/391]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في همز "بارئكم" [الآية: 54] معا وراء "يأمركم" [الآية: 67] المتصل بضمير جمع المخاطب وتأمرهم، ويأمرهم مخاطب أو غائب متصل بضمير غائب "وينصركم" مطلقا و"يشعركم" حيث وقع ذلك مرفوعا فأبو عمرو من أكثر الطرق بإسكان الهمزة والراء كما ورد عنه وعن أصحابه منصوصا، وعليه أكثر المؤلفين، وهي لغة بني أسد وتميم وبعض نجد طلبا للتخفيف عند اجتماع ثلاث حركات ثقال من نوع واحد كـ"يأمركم" أو نوعين كـ"بارئكم" وإذا جاز إسكان حرف
[إتحاف فضلاء البشر: 1/391]
الإعراب وإذهابه في الإدغام للتخفيف فإسكانه وإبقاؤه أولى، والحكم منوط بالمتحرك في نوعيه فخرج نحو: "إن ينصركم"
المجزوم وبالحركات الثقال نحو: "تأمرنا" لخفة الفتحة والصواب كما في النشر اختصاص الكلم المذكور أولا إذ النص فيها فخرج نحو: "يصوركم، ويحذركم، ونحشرهم، وانذركم، ويسيركم، ويطهركم" خلافا لمن ذكرها، وروى جماعة عنه من روايتيه الاختلاس فيهما، وعبر عنه بالإتيان بثلثي الحركة، قال الجعبري: معناه بأكثرها بخلاف الروم فإنه الإتيان بأقلها وروى أكثرهم الاختلاس عن الدوري والإسكان عن السوسي وعكس بعضهم، وروى بعضهم الإتمام عن الدوري وحده، وبه قرأ الباقون فصار للدوري ثلاثة، وللسوسي الإسكان والاختلاس، ولذا قال في الطيبة بعد ذكر الألفاظ:
سكن أو اختلس حلا والخلف طب
وافقه ابن محيصن على اختلاس بارئكم بخلف وعنه الإسكان في الكلمات الخمس ونحوهن مما اجتمع فيه ضمتان أو ثلاث نحو: يصوركم ويعلمكم ونطعمكم والاختلاس في ذلك كله من المفردة، وقال بعضهم: يختلس ابن محيصن الحركة من كلمة اجتمع فيها ضمتان وهي ستة أحرف إذا لم يكن فيها
[إتحاف فضلاء البشر: 1/392]
تشديد أو ساكن نحو: "يأمركم، وينصركم، ويحشرهم، ويشعركم، يذرؤكم، يكلؤكم" ونحوهن ا. هـ. ولا خلاف عن أبي عمرو في عدم إبدال همزة "بارئكم" معا حال سكونها إلا ما انفرد به ابن غلبون ومن تبعه من إبدالها ياء ساكنة، قال في النشر: وهو غير مرضي؛ لأن سكون الهمزة عارض فلا يعتد به ويوقف عليه لحمزة بالتسهيل بين بين، وإبدالها ياء على الرسم ضعيف). [إتحاف فضلاء البشر: 1/393] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {بارئكم} [54] معًا قرأ البصري بإسكان كسرة همزه، طلبًا للتخفيف، عند اجتماع ثلاث حركات، وأحرى إن تماثلت كـــ {يأمرهم} [الأعراف: 157] وهي لغة بني أسد وتميم وإذا جاز إسكان حرف الإعراب وإذهابه في الإدغام، فإسكانه وإبقاؤه أولى.
[غيث النفع: 379]
وزاد عنه الدوري اختلاسها، وهو الإتيان بأكثر الحركة، وجرى العمل بتقديمه، والباقون بالكسرة التامة، ولا يبدله السوسي.
وقوله في باب الهمز المفرد: ........... = وقال ابن غلبون بياء تبدلا
يشير به لقول أبي الحسن طاهر بن غلبون في تذكرته: «وكذا أيضًا السوسي بترك همز {بارئكم} في الموضعين» اهـ.
ولا يقرأ به لأنه ضعيف، وقد انفرد به ابن غلبون، ونقله المحقق، وقال: «إنه غير مرضي، لأن إسكان هذه الهمزة عارض تخفيفًا، فلا يعتد به، وإذا كان الساكن اللازم حالة الجزم والبناء لا يعتد به، فهذا أولى، وأيضًا فلو اعتد بسكونهما وأجريت مجرى اللازم كان إبدالها مخالفًا لأصل أبي عمرو، وذلك أنه يشتبه بأن يكون من (البرى) وهو التراب، وهو قد همز {مؤصدة} [البلد] ولم يخففها من أجل ذلك، مع أصالة السكون فيها، فكان الهمز في هذا أولى، وهو الصواب» اهـ.
ويشرحه أنا لو وقفنا على ما آخره همزة متحركة نحو {أنشأ} [الأنعام: 141] و{يستهزىء} [15] و{امرؤا} [النساء: 176] وسكنت للوقف، فهي محققة في مذهب من يبدل الهمزة الساكنة، لعروض السكون، وهذا مما لا خلاف فيه، ومن قال فيه بالإبدال خطؤوه.
[غيث النفع: 380]
فإن وقفت عليه لحمزة، ولا وقف عليهما، وقيل على الثاني كاف ففيه وجه واحد، وهو تسهيل همزه بين بين، وإبداله ياء محضة ضعيف لا يقرأ به). [غيث النفع: 381]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خيركم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم (54)}
{موسى}
تقدمت الإمالة فيه في الآية / 51 من هذه السورة.
{يا قوم}
هذا منادى مضاف إلى ياء المتكلم «يا قومي»، وقد حذفت الياء، واجتزئ بالكسرة عنها، وهذه اللغة أكثر ما في القرآن.
وجاء إثبات الياء ساكنة «يا قومي».
وقرأ ابن محيصن «یا قوم بضم الميم، وخصه بعضهم بما بعده همزة وصل فقط وهي قراءة عن ابن كثير، وبعض الرواة عن ابن محيصن بضمها له في الوصل دون الوقف.
{ظلمتم}
قرأ ورش بتغليظ اللام.
{إلى بارئكم}
- قرأ الجمهور بظهور حركة الإعراب وهي الكسرة على الهمزة «بارئكم".
- وروى سيبويه عن أبي عمرو وهارون الاختلاس، وبه قرأ الدوري.
وقال الزجاج: «وأحسب أن الرواية الصحيحة ما روى سيبويه؛ فإنه أضبط لما روى».
[معجم القراءات: 1/100]
- وقرأ أبو عمرو واليزيدي وسيبويه والسوسي وعبد الوارث والداني والفارسي وابن طاهر بالإسكان «بارئكم، وذلك إجراء للمنفصل من كلمتين مجرى المتصل من كلمة؛ فإنه يجوز تسكين مثل «إبل»، فأجرى المكسورات في بارئكم مجرى «إبل».
- وإسكان الهمزة لغة" بني أسد وتميم، وبعض نجد؛ طلبا للتخفيف، قال ابن جني: "مختلسة غير ممكن كسر الهمزة، حتى دعا ذلك من لطف عليه تحصيل اللفظ أن ادعى أن أبا عمرو كان يسكن الهمزة، والذي رواه صاحب الكتاب اختلاس هذه الحركة إلا حذفها البتة، وهو أضبط لهذا الأمر من غيره من القراء الذين رووه ساكنة، ولم يؤت القوم في ذلك من ضعف أمانة ولكن أتوا من ضعف دراية".
وعلق المحقق على هذا بقوله: "وهذا الذي رواه صاحب الكتاب ورواه القراء أيضا، ورووا مع هذا الإسكان، وممن روى الإسكان أبو محمد اليزيدي، وهو من هو في القراءة والبصر بالعربية، ومثل أبي محمد ما كان ليرمي بإساءة السمع.." !!
- ووقف عليه حمزة بالتسهيل بين بين.
- وقرأ الزهري ونافع والأشهب وأبو طاهر عن ابن مجاهد عن
[معجم القراءات: 1/101]
إسماعيل بالياء باريكم، وذكر مكي عن اليزيدي مثل هذا.
- وقرأه الدوري عن الكسائي بالإمالة بارئكم.
- والباقون على الفتح.
{فاقتلوا}
قرأ قتادة فيما نقل المهدوي عن ابن عطية والتبريزي وغيرهم (فاقتلوا أنفسكم).
وقال الثعلبي: «قرأ قتادة «فاقتالوا أنفسكم».
وقراءة قتادة عند ابن خالويه: «فاقيلوا أنفسكم». كذا جاء الضبط فيه.
- وقراءة الجمهور «فاقتلوا» على الطلب من «قتل».
{إنه هو التواب}
إدغام الهاء " الهاء وإظهارها عن أبي عمرو ويعقوب). [معجم القراءات: 1/102]

قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55)}
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): (" الصَّعقَةُ " بغير ألف في جميع القرآن ابن مُحَيْصِن، قال نصر بن علي: إلا (صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ)، وافق علي ومحمد في الأول في " والذاريات "، الباقون (الصَّاعِقَةُ) بألف، وهو الاختيار لموافقة الجماعة والمصحف ولأنه أفخم). [الكامل في القراءات العشر: 485]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وَتَقَدَّمَ مَذْهَبُ السُّوسِيِّ فِي إِمَالَةِ رَاءِ نَرَى اللَّهَ آخِرَ بَابِ الْإِمَالَةِ، وَكَذَلِكَ تَقَدَّمَ ذِكْرُ
[النشر في القراءات العشر: 2/214]
الْوَجْهَيْنِ فِي تَرْقِيقِ اللَّامِ مِنَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَهَا فِي بَابِ اللَّامَاتِ). [النشر في القراءات العشر: 2/215]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأدغم أبو عمرو من روايتيه النون في اللام من "نُؤْمِنَ لَك" [الآية: 55] مع إبدال الهمز الساكن واوا وله الإظهار مع الهمز وعدمه، فهي ثلاثة أوجه، تقدم نظيرها في "حَيْثُ شِئْتُمَا" وافقه يعقوب في الإدغام من المصباح). [إتحاف فضلاء البشر: 1/393]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأمال "نَرَى اللَّه" [الآية: 55] وصلا ونحوه كـ"فَسَيَرَى اللَّه" وهو في ثلاثين موضعا السوسي بخلف عنه، واختلف عنه أيضا في ترقيق لام الجلالة من ذلك حال الإمالة وتفخيمها، وكلاهما جائز منقول صحيح وعن ابن محيصن "الصاعقة" [الآية: 55] حيث جاء بحذف الألف وسكون العين واختلف عنه في الذاريات "وغلظ" الأزرق لام وظللنا وما ظلمونا بخلف عنه، وأشار إلى ترجيح التغليظ في الطيبة بقوله:
[إتحاف فضلاء البشر: 1/393]
وقيل عند الطاء والظاء والأصح تفخيمها). [إتحاف فضلاء البشر: 1/394]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة وأنتم تنظرون (55)}
{موسى}
- تقدمت الإمالة فيه في الآية 51 من هذه السورة.
{لن نؤمن}
- قرأ ورش وأبو جعفر وأبو عمرو بخلف عنه بإبدال الهمزة واوا في الحالين «لن نؤمن».
وكذا قرأ حمزة في الوقف.
[معجم القراءات: 1/102]
{لن نؤمن لك}
- قراءة إدغام النون في اللام عن أبي عمرو ويعقوب وصورتها(نؤملك).
وإدغام أبي عمرو يكون مع إبدال الهمزة واو ساكنة «نوملك».
- وروي عن أبي عمرو أيضا الإظهار مع الهمز، وعدمه.
{نرى}
- الإمالة فيه في الوقف عن حمزة والكسائي وخلف وأبي عمرو.
والإمالة في الوصل عن السوسي.
وقرأ ورش والأزرق بالفتح والتقليل.
وذكر أبو حيان الإمالة عن أبي عمرو في سورة الرحمن، وسياق الحديث يدل على أن الإمالة في الوصل، وأن الألف تسقط لفظا، وكأن الراء هي الممالة وحدها.
{نرى الله}
. اختلف عن السوسي في ترقيق اللام حال الإمالة وتفخيمها، وكلاهما جائز منقول صحيح.
{جهرة}
- قرأ ابن عباس وسهل بن شعيب وحميد بن قيس وطلحة «جهرة» بفتح الهاء.
- وقراءة الجمهور «جهرة بإسكانها.
[معجم القراءات: 1/103]
{الصاعقة}
- قرأ عمر وعلي وعثمان وابن محيصن وابن عباس والكسائي «الصعقة»، وهذا مروي عن ابن محيصن في كل القرآن، واختلف عنه في الذاريات/آ 44.
- وقراءة الجماعة «الصاعقة» بألف). [معجم القراءات: 1/104]

قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)}

قوله تعالى: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)}
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وَتَقَدَّمَ مَذْهَبُ الْأَزْرَقِ فِي تَفْخِيمِ اللَّامِ مِنْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ، وَمَا ظَلَمُونَا فِي بَابِ اللَّامَاتِ أَيْضًا). [النشر في القراءات العشر: 2/215]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأمال "السلوى" [الآية: 57] حمزة والكسائي وكذا خلف، وقرأ أبو عمرو كالأزرق بالتقليل والفتح). [إتحاف فضلاء البشر: 1/394]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {وظللنا} [57] غلظ ورش لامه الأولى، لأن ما قبله ظاء لا ضاد، و{ظلمونا} مثله). [غيث النفع: 381]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (57)}
{ظللنا}
الأزرق وورش اللام بخلاف عنهما.
{السلوى}
- قرأه بالإمالة حمزة والكسائي وخلف.
- وقرأه أبو عمرو والأزرق وورش بالفتح والتقليل.
{ظلمونا}
- غلظ الأزق وورش اللام بخلاف عنهما). [معجم القراءات: 1/104]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس