عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 01:16 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون}
"الر"، تقدم القول في الحروف المقطعة في أوائل السور، و"تلك" يمكن أن تكون إشارة إلى حروف المعجم بحسب بعض الأقوال، ويحتمل أن تكون إشارة إلى الحكم والعبر ونحوها التي تضمنتها آيات التوراة والإنجيل، وعطف القرآن عليه، قال مجاهد، وقتادة: "الكتاب" في الآية ما نزل من الكتب قبل القرآن، ويحتمل أن يراد بـ "الكتاب" القرآن، ثم تعطف الصفة عليه). [المحرر الوجيز: 5/269]

تفسير قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ نافع، وعاصم: "ربما" بتخفيف الباء، وقرأ الباقون بشدها، إلا أن أبا عمرو قرأها على الوجهين، وهما لغتان، وروي عن طلحة بن مصرف "ربتما" بزيادة التاء،
[المحرر الوجيز: 5/269]
وهي لغة، و"ربما" للتقليل، وقد تجيء شاذة للتكثير، وقال قوم: إن هذه من تلك، ومنه:
رب كأس هرقت يابن لؤي.
وأنكر الزجاج أن تجيء "رب" للتكثير.
و "ما" التي تدخل عليها "رب" قد تكون اسما نكرة بمنزلة "شيء"، وذلك إذا كان في الكلام ضمير عائد عليه كقول الشاعر:
ربما تكره النفوس من الأمـ ... ـر له فرجة كحل العقال
التقدير: رب شيء. وقد تكون حرفا كافا لـ "رب" وموطئا لها لتدخل على الفعل، إذ ليس من شأنها أن تدخل إلا على الأسماء، وذلك إذا لم يكن ثم ضمير عائد، كقول الشاعر:
[المحرر الوجيز: 5/270]
ربما أوفيت في علم ... ترفعن ثوبي شمالات
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وكذلك تدخل "ما" على "من" كافة في نحو قوله: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يحرك شفتيه"، ونحو قول الشاعر:
وإنا لمما نضرب الكبش ضربة ... على رأسه تلقي اللسان من الفم
قال الكسائي، والفراء: الباب في "ربما" أن تدخل على الفعل الماضي، ودخلت هنا على المستقبل إذ هذه الأفعال المستقبلة من كلام الله تعالى لما كانت صادقة واقعة ولا بد تجري مجرى الماضي الواقع.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقد تدخل "رب" على الماضي الذي يراد به الاستقبال، وتدخل على العكس.
والظاهر في "ربما" في هذه الآية أن "ما" حرف كاف، هكذا قال أبو علي، قال: ويحتمل أن تكون اسما، ويكون في "يود" ضمير عائد عليه، التقدير: رب ود، أو شيء يوده الذين كفروا لو كانوا مسلمين، ويكون لو كانوا مسلمين بدلا من "ما".
[المحرر الوجيز: 5/271]
وقالت فرقة: تقدير الآية: ربما كان يود الذين كفروا، قال أبو علي: وهذا لا يجيزه سيبويه، لأن "كان" لا تضمر عنده.
واختلف المتأولون في الوقت الذي يود فيه الذين كفروا لو كانوا مسلمين -فقالت فرقة: هو عند معاينة الموت في الدنيا، حكى ذلك الضحاك، وفيه نظر; إذ لا يقين للكافر حينئذ بحسن حال المسلمين، وقالت فرقة: هو عند معاينة أهوال يوم القيامة، قاله مجاهد، وهذا بين; لأن حسن حال المسلمين ظاهر فيود، وقال ابن عباس رضي الله عنهما، وأنس بن مالك رضي الله عنه: هو عند دخولهم النار ومعرفتهم بدخول المؤمنين الجنة، واحتج لهذا القول بحديث روي في هذا من طريق أبي موسى الأشعري، وهو أن الله تعالى إذا أدخل عصاة المسلمين النار نظر إليهم الكفار فقالوا: أليس هؤلاء من المسلمين؟ فماذا أغنت عنهم لا إله إلا الله؟ فيغضب الله تعالى لقولهم، فيقول: أخرجوا من النار كل مسلم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فحينئذ يود الذين كفروا أن لو كانوا مسلمين". وهذا يقينهم فيه متمكن بحسن حال المسلمين، فمن حيث هذا كله واحد في كل قول فـ "ربما" للتقليل، لأنهم كانوا في الدنيا لا يودون الإسلام في كل أوقاتهم، ومن حيث موطن الآخرة يدوم ودهم فيه جعل بعض الناس "ربما" هذه للتكثير، إذ كلما تذكر أمره ود لو كان مسلما.
و"لو" في هذه الآية التي للتمني، ويدخلها الامتناع من الشيء لامتناع غيره بإضمار يوضحه المعنى، وذلك أنهم ودوا لو كانوا مسلمين فينجون النجاء الذي مانعه أن لم يكونوا مسلمين.
[المحرر الوجيز: 5/272]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومن العبر في هذه الآية حديث الوابصي الذي في ذيل الأمالي، ومقتضاه أنه ارتد ونسي القرآن إلا هذه الآية). [المحرر الوجيز: 5/273]

تفسير قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا} الآية، وعيد وتهديد، وما فيه من المهادنة منسوخ بآية السيف. وقوله: {فسوف يعلمون} وعيد ثان، وحكى الطبري عن بعض العلماء أنه قال: الأول في الدنيا، والثاني في الآخرة، فكيف تطيب حياة بين هذين الوعيدين؟ ومعنى قوله: {ويلههم الأمل} أي يشغلهم أملهم في الدنيا والتزيد فيها عن النظر والإيمان بالله ورسوله). [المحرر الوجيز: 5/273]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ومعنى قوله: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها} الآية، أي: لا تستبطئن هلاكهم، فليس من قرية إلا مهلكة بأجل وكتاب. ومعنى [معلوم] محدود، والواو في قوله: "ولها" هي واو الحال، وقرأ ابن أبي عبلة: "إلا لها" بغير واو، وقال منذر بن سعيد: هذه الواو هي التي تعطي أن الحالة التي بعدها في اللفظ هي في الزمان قبل الحالة التي قبل الواو، ومنه قوله تعالى: {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/273]

تفسير قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)}

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من
[المحرر الوجيز: 5/273]
الصادقين ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون}
الضمير في "قالوا" يراد به كفار قريش، ويروى أن القائلين كانوا: عبد الله بن أبي أمية، والنضر بن الحارث وأشباههما، وقرأ الأعمش: "يا أيها الذي ألقي إليه الذكر". وقولهم: {يا أيها الذي نزل عليه الذكر} كلام على جهة الاستخفاف، أي بزعمك ودعواك، وهذه المخاطبة كما تقول لرجل جاهل أراد أن يتكلم فيما لا يحسن: يا أيها العالم لا تحسن تتوضأ). [المحرر الوجيز: 5/274]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"لوما" بمعنى "لولا" فتكون تحضيضا كما في هذه الآية، وقد تكون دالة على امتناع شيء لوجوب غيره، كما قال ابن مقبل:
لولا الحياء ولوما الدين عبتكما ... ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري). [المحرر الوجيز: 5/274]

تفسير قوله تعالى: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: "ما تنزل الملائكة" بفتح التاء والرفع، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر إلا أنه ضم التاء، وهي قراءة يحيى بن وثاب، وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص: "ننزل" بنون العظمة "الملائكة" نصبا، وهي قراءة طلحة بن مصرف.
وقوله: {إلا بالحق}، قال مجاهد: المعنى: بالرسالة والعذاب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والظاهر أن معناه: كما يجب ويحق من الوحي والمنافع التي أراها الله لعباده، لا على اقتراح كافر، ولا باختيار معترض. ثم ذكر عادة الله في الأمم من أنه لم يأتهم بآية اقتراح إلا ومعها العذاب في أثرها إن لم يؤمنوا، وكأن الكلام: ما ننزل الملائكة إلا بحق وواجب لا باقتراحكم، وأيضا فلو نزلت لم ينظروا بعد ذلك بالعذاب، أي: لم
[المحرر الوجيز: 5/274]
يؤخروا، والنظرة: التأخير، والمعنى: فهذا لا يكون إذ كان في علم الله أن منهم من يؤمن، أو يلد من يؤمن). [المحرر الوجيز: 5/275]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر} رد على المستخفين في قولهم: {يا أيها الذي نزل عليه الذكر}، وهذا كما يقول لك رجل على جهة الاستخفاف: "يا عظيم القدر"، فتقول له على جهة الرد والنجه: نعم أنا عظيم القدر، ثم تأخذ في قولك، فتأمله. وقوله: {وإنا له لحافظون}، قالت فرقة: الضمير في "له" عائد على محمد عليه الصلاة والسلام، أي: نحفظه من أذاكم، ونحوطه من مكركم وغيره، ذكر الطبري هذا القول ولم ينسبه، وفي ضمن هذه العدة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أظهر الله به الشرع وحان أجله، وقالت فرقة -وهي الأكثر-: الضمير في "له" عائد على القرآن، وقاله مجاهد، وقتادة، والمعنى: لحافظون من أن يبدل أو يغير كما جرى في سائر الكتب المنزلة، وفي آخر ورقة من البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن التبديل فيها إنما كان في التأويل، وأما في اللفظ فلا، وظاهر آيات القرآن أنهم بدلوا اللفظ، ووضع اليد على آية الرجم هو في معنى تبديل الألفاظ. وقيل: لحافظون باختزانه في صدور الرجال، والمعنى متقارب، وقال قتادة: هذه الآية نحو قوله تعالى: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} ). [المحرر الوجيز: 5/275]

رد مع اقتباس