عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 01:01 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}


تفسير قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1)}


تفسير قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عزّ وجلّ: {رّبما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين...}
يقال: كيف دخلت (رب) على فعل لم يكن؛ لأن مودّة الذين كفروا إنما تكون في الآخرة؟ فيقال: إن القرآن نزل وعده ووعيده وما كان فيه، حقّا فإنه عيان، فجرى الكلام فيما لم يكن منه كمجراه في الكائن. ألا ترى قوله عز وجل: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربّهم} وقوله: {ولو ترى إذ فزعوا} كأنه ماض وهو منتظر لصدقه في المعنى، وأن القائل يقول إذا نهى أو أمر فعصاه المأمور: أما والله لربّ ندامة لك تذكر قولي فيها، لعلمه أنه سيندم ويقول: فقول الله عز وجل أصدق من قول المخلوقين). [معاني القرآن: 2/82]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {رّبما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}
قال: {رّبما يودّ الّذين كفروا} وأدخل مع "ربّ" (ما) ليتكلم بالفعل بعدها. وإن شئت جعلت (ما) بمنزلة "شيءٍ" فكأنك قلت: "وربّ شيءٍ يودّ" أي: "ربّ ودٍّ يودّه الذين كفروا"). [معاني القرآن: 2/61]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو {ربما يود} يثقلان.
وأهل المدينة وعاصم والأعرج {ربما} بتخفيف الباء وتحريكها.
قال أبو علي: وسنذكر ما فيها من اللغات). [معاني القرآن لقطرب: 785]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أما قوله {ربما يود الذين كفروا} فإنهم قالوا فيه في اللغة: رب رجل يقول، ورب رجل، بالفتح؛ ورب رجل بحركة الباء بغير تثقيل؛ ورب رجل، بفتح الراء وتحريك الباء بغير تثقيل.
أنشدني يونس:
علقتها عرضا وأقتل قومها = رب مزعم للمرء ليس يزعم
فخفف بغير تثقيل.
وقال المخبل:
أشيبان ما أدراك أن رب ليلة = غبقتك فيها والغبوق حبيب
وقال لبيد:
بل أنت لا تدين أن رب ليلة = طلق لذيذ لهوها وندامها
فخفف أيضًا:
[وزاد محمد بن صالح]:
وأهل الحجاز وكثير من قيس يقولون: "ربما" بالتخفيف؛ وتميم وأسد يقولون: "ربما" بالتثقيل؛ وتيم الرباب من تميم "ربما" بالتثقيل وفتح الراء.
[إلى هاهنا زيادة محمد]:
وزعم يونس: انهم يقولون: "رب رجل" بإسكان الباء؛ وقالوا فيها بـ"ما": ربما كان ذاك، وربما كان ذاك؛ لغة بني كلاب الفتح.
[معاني القرآن لقطرب: 791]
وقالوا فيها بالتاء: ربتما كان ذاك، فثقله؛ وريتما كان ذاك، بالتخفيف والفتح؛ وقالوا أيضًا: ربت رجل، وربت رجل، بتثقيل الباء مع فتح؛ وقالوا أيضًا: ربت رجل، ففتحوا الراء وخففوا الباء.
وقال أبو ذؤيب:
أم الصبيين هل تدرين ربتما = عيظاء قلتها شماء قرواح
فثقل.
وقال الراجز:
يا صاحبي ربت إنسان حسن = يسأل عنك اليوم أو يسأل عن
وقال الشاعر على ما حكى يونس من إسكان الباء:
أزهير إن يشب القذال فإنني = رب هيضل لجب لففت بهيضل
فأسكن الباء.
[وزاد محمد]:
وقالوا: ربتما، وأنشدني المفضل:
ماوي يا ربتما غارة = شعواء كاللذعة بالميسم). [معاني القرآن لقطرب: 792]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}
قرئت (ربّما) يود بتشديد الباء وتخفيفها، والعرب تقول: ربّ رجل جاءني، ويخففون فيقولون رب رجل،
قال الحادرة:
فسميّ ما يدريك أن رب فتية= باكرت لذّتهم بأدكن مترع
يريد سميّة، فرخّم.
ويسكنون في التخفيف فيقولون: رب رجل قد جاءني.
وأنشدوا بيت الهذلي:
أزهير إن يشب القذال فإنّني= رب هيضل لجب لففت بهيضل
ويقولون ربتّا رجل، وربّت رجل، ويقولون ربّ رجل، فيفتحون الراء وربما رجل جاءني - بفتح الراء، وربّتما رجل فيفتحون.
حكى ذلك قطرب.
فأما تفسير الآية ففيه غير قول، قيل إنه إذا كان يوم القيامة وعاين الكافر القيامة ودّ لو كان مسلما، وقيل إنه إذا عاين الموت ودّ لو أنه مسلم.
وقيل إذا كان يوم القيامة أخرج المسلمون من النار فودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
وقيل يعيّر أهل النار الكفرة المسلمين قائلين: ما نفعكم إيمانكم، فيغضب اللّه عزّ وجلّ لذلك، فيخرجهم من النّار فيود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
والذي أراه - واللّه أعلم - أن الكافر كلما رأى حالا من أحوال العذاب ورأى حالا عليها أحوال المسلم ودّ لو كان مسلما.
فهذه الأحوال كلها تحتملها الآية.
فإن قال قائل: فلم كانت، (ربّ) ههنا، وربّ للتقليل؟
فالجواب في هذا أن العرب خوطبت بما تعقله في التهدّد، والرجل يتهدّد الرجل فيقول له: لعلك ستندم على فعلك، وهو لا يشك في أنه يندم، وتقول له: ربما ندم الإنسان من مثل ما صنعت، وهو يعلم أن الإنسان يندم كثيرا، ولكن مجازه أن هذا أو كان مما يودّ في حال واحدة من أحوال العذاب، أو كان الإنسان يخاف أن يندم على الشيء لوجب عليه اجتنابه.
والدليل على أنه على معنى التهدّد). [معاني القرآن: 3/173-171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( من ذلك قوله جل وعز: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}
روى سفيان عن خصيف عن مجاهد عن حماد عن إبراهيم قال يدخل قوم من الموحدين النار فيقول لهم المشركون ما أغنى عنكم إسلامكم وإيمانكم وأنتم معنا في النار فيخرجهم الله جل وعز منها فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ذلك يوم القيامة
وروى عن ابن عباس قال يقول المشركون لمن أدخل النار من الموحدين ما نفعكم ما كنتم فيه وأنتم في النار فيغضب الله
جل وعز لهم فيخرجون إلى نهر يقال له نهر الحياة فينبتون فيه ثم تبقى على وجوههم علامة يعرفون بها يقال هؤلاء الجهنميون فيسألون الله جل وعز أن يزيل ذلك عنهم فيزيله عنهم ويدخلهم الجنة فيتمنى المشركون أن لو كانوا مسلمين
وقيل إذا عاين المشركون تمنوا الإسلام
فأما معنى رب ههنا فإنما هي في كلام العرب للتقليل وأن فيها معنى التهديد وهذا تستعمله العرب كثيرا لمن تتوعده وتتخدده يقول الرجل للآخر ربما ندمت على ما تفعل ويشكون في تندمه ولا يقصدون تقليله بل حقيقة المعنى أنه
يقول لو كان هذا مما يقل أو يكون مرة واحدة لكان ينبغي أن لا تفعله
وأما قول من قال أن رب تقع للتكثير فلا يعرف في كلام العرب
وقيل إن هذا إنما يكون يوم القيامة إذا أفاقوا من الأهوال التي هم فيها فإنما يكون في بعض المواطن
والقول الأول أصحها
والدليل على أنه وعيد وتهدد قوله بعد: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون} ). [معاني القرآن: 4/9-7]

تفسير قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {ذرهم يأكلوا ويتمتّعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون}
وجائز أن يكون - واللّه أعلم - أن أهوال يوم القيامة تسكرهم وتشغلهم عن التمني، فإذا أفاقوا من سكرة من سكرات العذاب ودوا لو كانوا مسلمين.
فأمّا من قال إن ربّ يعني بها الكثير فهذا ضدّ ما يعرفه أهل اللغة، لأن الحروف التي جاءت لمعنى تكون على ما وضعت العرب. فربّ موضوعة للتقليل، وكم موضوعة للتكثير، وإنما خوطبوا بما يعقلون ويستفيدون.
وإنما زيدت ما مع ربّ ليليها الفعل، تقول ربّ رجل جاءني وربما جاءني رجل). [معاني القرآن: 3/173]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما أهلكنا من قريةٍ إلاّ ولها كتابٌ مّعلومٌ...}
لو لم يكن فيه الواو كان صوابا كما قال في موضع آخر: {وما أهلكنا من قريةٍ إلاّ لها منذرون} وهو كما تقول في الكلام: ما رأيت أحداً إلاّ وعليه ثياب وإن شئت: إلاّ عليه ثياب. وكذلك كل اسم نكرة جاء خبره بعد إلاّ، والكلام في النكرة تامّ فافعل ذلك بصلتها بعد إلاّ. فإن كان الذي وقع على النكرة ناقصاً فلا يكون إلاّ بطرح الواو. ومن ذلك، ما أظن درهماً إلاّ كافيك ولا يجوز إلا وهو كافيك، لأن الظنّ يحتاج إلى شيئين، فلا تعترض بالواو فيصير الظنّ كالمكتفى من الأفعال باسم واحدٍ. وكذلك أخوات ظننت وكان وأشباهها وإنّ وأخواتها (وإنّ) إذا جاء الفعل بعد (إلاّ) لم يكن فيه الواو. فخطأ أن تقول: إن رجلاً وهو قائم، أو أظنّ رجلا وهو قائم، أو ما كان رجل إلاّ وهو قائم.
ويجوز في ليس خاصة أن تقول: ليس أحد إلاّ وهو هكذا، لأن الكلام قد يتوهّم تمامه بليس وبحرفٍ نكرة ألا ترى أنك تقول: ليس أحد، وما من أحدٍ فجاز ذلك فيها ولم يجز في أظنّ، ألا ترى أنك لا تقول ما أظنّ أحداً.
وقال الشاعر:
إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن =سراج لنا إلاّ ووجهك أنور
فلو قيل: إلاّ وجهك أنور كان صواباً.
وقال آخر:
وما مسّ كفّى من يد طاب ريحها = من الناس إلاّ ريح كفّيك أطيب
فجاء بالواو وبغير الواو. ومثله قوله: {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنّهم ليأكلون الطّعام} فهذا الموضع لو كان فيه الواو صلح ذلك.
وإذا أدخلت في (كان) جحداً صلح ما بعد (إلاّ) فيها بالواو وبغير الواو. وإذا أدخلت الاستفهام وأنت تنوي به الجحد صلح فيها بعد (إلاّ) الواو وطرح الواو.
كقولك: وهل كان أحد إلاّ وله حرص على الدنيا، وإلاّ له حرص على الدنيا.
فأمّا أصبح وأمسى ورأيت فإنّ الواو فيهنّ أسهل، لأنهن توامّ (يعني تامّات) في حال، وكان وليس وأظن بنين على النقص. ويجوز أن تقول: ليس أحد
إلاّ وله معاش: وإن ألقيت الواو فصواب، لأنك تقول: ليس أحد فتقف فيكون كلاماً. وكذلك لا في التبرئة وغيرها. تقول: لا رجل ولا من رجل يجوز فيما يعود بذكره بعد إلاّ الواو وغير الواو في التمام ولا يجوز ذلك في أظنّ من قبل أن الظنّ خلقته الإلغاء: ألا ترى أنك تقول: زيد قائم أظنّ، فدخول (أظن) للشك فكأنه مستغنىً عنه، وليس بنفي ولا يكون عن النفي مستغنياً لأنك إنما تخبر بالخبر على أنه كائن أو غير كائن، فلا يقال للجحد: إنه فضل من الكلام كما يقال للظنّ). [معاني القرآن: 2/84-83]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلاّ ولها كتابٌ معلومٌ} أي أجل ومدّة، معلوم: موقّت معروف). [مجاز القرآن: 1/346]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إلّا ولها كتابٌ معلومٌ} أي أجل مؤقت). [تفسير غريب القرآن: 235]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما أهلكنا من قرية إلّا ولها كتاب معلوم}
أي إلا ولها أجل لا تتقدمه ولا تتأخر عنه). [معاني القرآن: 3/173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم} أي لا يتقدمه ولا يتأخره وقوله جل وعز: {لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين}
معنى لو ما ولولا وهلا واحد وأنشد أهل اللغة:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم = بنى ضوطرى لولا الكمي المقنعا
أي هلا تعدون الكمي المقنعا
وروى حجاج عن ابن جريج قال في هذا تقديم وتأخير يذهب إلى أن جوابه قوله تعالى: {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون} يذهب إلى أن هذا متصل
بقوله تعالى: {لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين} ). [معاني القرآن: 4/10-9]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كتاب معلوم} أي موقت إلى أجل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 125]

تفسير قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّا تسبق من أمّةٍ أجلها وما يستأخرون...}
ولم يقل (تستأخر) لأن الأمّة لفظها لفظٌ مؤنّثٌ، فأخرج أوّل الكلام على تأنيثها، وآخره على معنى الرجال.
ومثلها {كلّما جاء أمةً رسولها كذّبوه} ولو قيل: كذّبته كان صوابا وهو كثير). [معاني القرآن: 2/84]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)}

تفسير قوله تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّو ما تأتينا...}
ولولا ولوما لغتان في الخبر والاستفهام فأمّا الخبر فقوله: {لولا أنتم لكنّا مؤمنين}.
وقال الشاعر:
* لوما هوى عرس كميت لم أبل *
وهما ترفعان ما بعدهما.
وأما الاستفهام فقوله: {لّو ما تأتينا بالملائكة} وقوله: {لولا أخّرتني إلى أجلٍ قريبٍ} والمعنى - والله أعلم -: هلاّ أخّرتني.
وقد استعملت العرب (لولا) في الخبر وكثر بها الكلام حتى استجازوا أن يقولوا: لولاك ولولاي، والمعنى فيهما كالمعنى في قولك: لولا أنا ولولا أنت فقد توضع الكاف على أنها خفض والرفع فيها الصّواب. وذلك أنا لم نجد فيها حرفاً ظاهراً خفض، فلو كان ممّا يخفض لأوشكت أن ترى ذلك في الشعر؛ فإنه الذي يأتي بالمستجاز: وإنما دعاهم إلى أن يقولوا: لولاك في موضع الرفع لأنهم يجدون المكنّى يستوي لفظه في الخفض والنصب، فيقال: ضربتك ومررت بك ويجدونه يستوي أيضاً في الرفع والنصب والخفض، فيقال ضر بنا ومرّ بنا، فيكون الخفض والنصب بالنون ثم يقال قمنا ففعلنا فيكون الرفع بالنون. فلّما كان ذلك استجازوا أن يكون الكاف في موضع (أنت) رفعاً إذ كان إعراب المكنّى بالدلالات لا بالحركات.
قال الشاعر:
أيطمع فينا من أراق دماءنا =ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسم
وقال آخر:
ومنزلةٍ لولاي طحت كما هوى =بأجرامه من قلّة النّيق منهوي).
[معاني القرآن: 2/85-84]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لوما تأتينا} مجازه: لوما فعلت كذا، وهلا ولولا وألا، معناهن واحد، هلا تأتينا، وقال الأشهب بن عبلة،
وقال في غير هذا الموضع: ابن رميلة:
تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم= بني ضوطرى لولا الكمي المقنّعا
أي هلاّ تعدون قتل الكماة لوما: مجازها ومجاز لولا واحد،
قال ابن مقبل:
لوما الحياء ولوما الدّين عبتكما= ببعض ما فيكما إذ عبتما عورى).
[مجاز القرآن: 1/346]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لو ما تأتينا}: أي هلا). [غريب القرآن وتفسيره: 199]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لو ما تأتينا بالملائكة} أي هلا تأتينا بالملائكة. «ولولا» مثلها أيضا: إذا لم يكن يحتاج [إلى جواب. وقد ذكرناها في المشكل] ). [تفسير غريب القرآن: 235]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ - {لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصّادقين} معناه هلّا تأتينا بالملائكة، روى ذلك.
قالوا للنبي عليه السلام: {لولا أنزل عليه ملك}.
فقال: {ما ننزّل الملائكة إلّا بالحقّ وما كانوا إذا منظرين}. [معاني القرآن: 3/173]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لوما تأتينا} أي هلا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 125]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَوْماَ}: هلا بمعنى الأمر). [العمدة في غريب القرآن: 172]

تفسير قوله تعالى: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8)}
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة أصحاب عبد الله {ما ننزل الملائكة}.
أهل مكة وأبو عمرو {ما تنزل الملائكة}.
[محمد بن صالح]
عاصم {ما تنزل الملائكة} ). [معاني القرآن لقطرب: 785]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ما ننزّل الملائكة إلّا بالحقّ وما كانوا إذا منظرين} أي إنما تنزل بآجال أو بوحي من اللّه.
{وما كانوا إذا منظرين} أي لو نزلت الملائكة لم ينظروا، وانقطعت التوبات، كما قال:
{ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثمّ لا ينظرون} وتقرأ {ما تنزل الملائكة إلا بالحقّ}، وما تنزّل الملائكة، وما تنزّل الملائكة، وما تنزل الملائكة). [معاني القرآن: 3/174-173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {ما ننزل الملائكة إلا بالحق} قال مجاهد أي بالإرسال والعذاب). [معاني القرآن: 4/11]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {وما كانوا إذا منظرين} أي لو نزلت الملائكة ما أمهلوا ولا قبلت توبتهم
كما قال تعالى: {ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر} ). [معاني القرآن: 4/11]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون...}
يقال: إن الهاء التي في (له) يراد بها القرآن (حافظون) أي راعون: ويقال: إن الهاء لمحمد صلى الله عليه وسلم: وإنا لمحّمد لحافظون). [معاني القرآن: 2/85]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون}
أي نحفظه من أن يقع فيه زيادة أو نقصان، كما قال: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} ). [معاني القرآن: 3/174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
قال ثابت وقتادة حفظه الله من أن تزيد الشياطين فيه باطلا أو تبطل منه حقا وقال مجاهد هو عندنا). [معاني القرآن: 4/11]


رد مع اقتباس