عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 11:34 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) )

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب...}
إن شئت رفعت قوله "سمّاعون للكذب" بمن ولم تجعل (من) في المعنى متصلة بما قبلها، كما قال الله: {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد} وإن شئت كان المعنى: لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من هؤلاء ولا {ومن الّذين هادوا} فترفع حينئذ (سمّاعون) على الاستئناف، فيكون مثل قوله: {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم} ثم قال تبارك وتعالى: {طوّافون عليكم} ولو قيل: سماعين، وطوّافين لكان صوابا؛ كما قال: {ملعونين أينما ثقفوا} وكما قال: {إن المتّقين في جنّاتٍ وعيونٍ} ثم قال: {آخذين – وفاكهين - ومتكئين} والنصب أكثر. وقد قال أيضا في الرفع: {كلاّ إنها لظى نزّاعة للشوى} فرفع (نزّاعة) على الاستئناف، وهي نكرة من صفة معرفة. وكذلك قوله: {لا تبقي ولا تذر لوّاحة} وفي قراءة أبيّ "إنها لإحدا الكبر نذير للبشر" بغير ألف. فما أتاك من مثل هذا في الكلام نصبته ورفعته. ونصبه على القطع وعلى الحال. وإذا حسن فيه المدح أو الذمّ فهو وجه ثالث. ويصلح إذا نصبته على الشتم أو المدح أن تنصب معرفته كما نصبت نكرته. وكذلك قوله: {سمّاعون للكذب أكّالون للسّحت} على ما ذكرت لك). [معاني القرآن: 1/308-309]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (لا يحزنك) (41) يقال: حزنته وأحزنته، لغتان، وهو محزون، وحزنت أنا لغة واحدة.
(ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب) (41) وهو ها هنا من الذين تهوّدوا، فصاروا يهوداً. (ومن يرد الله فتنته) (41): أي كفره). [مجاز القرآن: 1/166]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يا أيّها الرّسول لا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر من الّذين قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب سمّاعون لقومٍ آخرين لم يأتوك يحرّفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لّم تؤتوه فاحذروا ومن يرد اللّه فتنته فلن تملك له من اللّه شيئاً أولئك الّذين لم يرد اللّه أن يطهّر قلوبهم لهم في الدّنيا خزيٌ ولهم في الآخرة عذابٌ عظيمٌ}
وقال: {لا يحزنك} خفيفة مفتوحة الياء وأهل المدينة يقولون {يحزنك} يجعلونها من"أحزن" والعرب تقول: "أحزنته" و"حزنته".
وقال: {الّذين يسارعون في الكفر من الّذين قالوا آمنّا بأفواههم} أي: "من هؤلاء ومن هؤلاء" ثم قال مستأنفاً {سمّاعون لقومٍ آخرين} أي: هم سماعون. وإن شئت جعلته على {ومن الّذين هادوا} {سمّاعون لقومٍ آخرين} ثم تقطعه من الكلام الأول. ثم قال: {سمّاعون للكذب أكّالون للسّحت} على ذلك الرفع للأول وأما قوله: {لم يأتوك} فههنا انقطع الكلام والمعنى "ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب يسمعون كلام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليكذبوا عليه سمّاعون لقومٍ آخرين لم يأتوك بعد" يقول: "يسمعون لهم فيخبرونهم وهم لم يأتوك"). [معاني القرآن: 1/224]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو {يحرفون الكلم} جمع كلمة، كلمة وكلم، مثل نبقة ونبق.
النخعي وأبو عبد الرحمن السلمي "يحرفون الكلام" ). [معاني القرآن لقطرب: 479]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {ومن يرد الله فتنته} كان ابن عباس رحمه الله يقول: هلكته؛ وكان يقول {فتنا الذين من قبلهم} قال: ابتليناهم {أن يقولوا آمنا}، ومثله {ولقد فتنا سليمان} أي ابتليناه.
وكأن {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} من ذلك.
وقالوا: فتنته بالنار فتنا؛ إذا ألقيته فيها لتنظر كيف يخرج؛ فكأن المعنى اختبرته.
وفي قول ابن عباس رحمه الله {على النار يفتنون} قال: ينضجون، تقول لهم الملائكة: {ذوقوا فيتنتكم} أي نضجكم، وخزيكم؛ {وفتناك فتونا} أي اختبرناك وابتليناك.
وكان عكرمة يقول: {على النار يفتنون} كما يفتن الدينار إذا شكوا في ذهبه أدخل النار، ولينظر أجيد أم رديء.
وكأن قوله {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات} من ذلك، لقوله {النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود} وقال في الفتنة: فتنته وأفتنه، لغتان.
[معاني القرآن لقطرب: 495]
قال كعب بن مالك:
إذا جاء مري جررنا برأسه = إلى النار والعبسي في النار يفتن
من قوله: دينار مفتون؛ أي مدخل النار). [معاني القرآن لقطرب: 496]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الأخذ: أصله باليد، ثم يستعار في مواضع:
فيكون بمعنى: القبول، قال الله تعالى: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} أي: قبلتم عهدي.
وقال تعالى: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} أي فاقبلوه). [تأويل مشكل القرآن: 502] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعز: (يا أيّها الرّسول لا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر من الّذين قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرّفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد اللّه فتنته فلن تملك له من اللّه شيئا أولئك الّذين لم يرد اللّه أن يطهّر قلوبهم لهم في الدّنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم (41)
(يا أيّها الرّسول لا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر)
إن شئت قلت يحزنك ويحزنك بالفتح والضم.
أي لا يحزنك مسارعتهم في الكفر إذ كنت موعودا بالنصر عليهم.
والله أعلم.
وقوله: (من الّذين قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم).
أي لا تحزنك المسارعة في الكفر من المنافقين ومن الذين هادوا.
ثم قال: (سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك).
هذا تمام الكلام، ورفع (سمّاعون) من جهتين:
إحداهما هم (سمّاعون) للكذب أي منافقون، واليهود سماعون للكذب.
و(سمّاعون)، فيه وجهان - واللّه أعلم -:
أحدهما أنّهم مستمعون للكذب، أي قابلون للكذب، لأن الإنسان يسمع الحق والباطل، ولكن يقال: لا تسمع من فلان قوله أي لا تقبل قوله، ومنه " سمع اللّه لمن حمده "، أي تقبّل الله حمده، فتأويله أنهم يقبلون الكذب.
والوجه الآخر في (سمّاعون) أن معناه أنهم يسمعون منك ليكذبوا عليك.
وذلك أنهم إذا جالسوه تهيأ أن يقولوا سمعنا منه كذا، وكذا.
(سمّاعون لقوم آخرين).
أي هم مستمعون منك لقوم آخرين " لم يأتوك " أي هم عيون لأولئك الغيّب ويجوز أن يكون رفع " سماعون " على معنى ومن الذين هادوا سماعون فيكون الإخبار أن السّماعين منهم، ويرتفع منهم كما تقول: في قومك عقلاء.
هذا مذهب الأخفش، وزعم سيبويه أن هذا يرتفع بالابتداء.
وقوله: (يحرّفون الكلم من بعد مواضعه)
أي من بعد أن وضعه اللّه موضعه أي فرض فروضه، وأحلّ حلاله وحرم حرامه.
وقوله: (إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا).
(إن أوتيتم) هذا الحكم المحرّف فخذوه.
(وإن لم تؤتوه فاحذروا) أي احذروا إن أفتاكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير ما حدّدنا لكم، فاحذروا أن تعملوا به.
وكان السبب في هذا فيما روي أن الزنا كثر في أشراف اليهود وخيبر.
وكان في التوراة أن على المحصنين الرجم فزنى رجل وامرأة، فطمعت اليهود أن يكون نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - الجلد في المحصنين، وكانوا قد حرّفوا وصاروا يجلدون المحصنين ويسودون وجوههما، فأوحى الله جل ثناؤه أنّهم يستفتونه في أمر هاتين المرأتين، وأعلمه أن اللّه يأمرهم عن أعلمهم بالتوراة، فأعلموه إنّه ليس بحاضر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علمت، وكان جبريل قد أعلمه مكانه فأمرهم أن يحضروه، فأحضروه، وأوحى اللّه إلى نبيه أن يستحلفهم ليصدقنّه، فلما حضر عالمهم قال له النبي: أسالك بالذي أنزل التوراة على موسى، ورفع فوقكم الطور، وفلق لكم البحر، هل في التوراة أن يرجم المحصنان إذا زنيا؟ قال: نعم. فوثب عليه سفلة اليهود، فقال خفت إن كذبته أن ينزل بنا عذاب.
ويقال إن الذي سأله النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن صوريا اليهودي، وكان حديث السّن، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أنت أعلم قومك بالتوراة؟ قال: كذا يقولون.
وكان هو المخبر له بأن الرجم فيها، وأنّه ساءل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء كان يعرفها من أعلامه فلما أنبأه النبي - صلى الله عليه وسلم - بها قال أشهد أن لا إله إلا اللّه وأنك رسول الله الأمي العربي الذي بشّر به المرسلون.
وهذا الذي ذكرناه من أمر الزانيين مشهور في رواية المفسرين وهو يبين قوله: (إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا).
والقائل: يقول ما تفسير هذا، فلذلك شرحناه، وبالله الحول والقوة.
وقوله: (ومن يرد اللّه فتنته).
قيل: فضيحته.
وقيل: أيضا كفره، ويجوز أن يكون اختباره بما يظهر به أمره، يقال: فتنت الحديد إذا أحميته، وفتنت الرجل إذا أزلته عما كان عليه، ومنه قوله: (وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي أوحينا إليك) أي وإن كادوا ليزيلونك.
وقوله: (أولئك الّذين لم يرد اللّه أن يطهّر قلوبهم).
أي أن يهينهم.
(لهم في الدّنيا خزي).
قيل: لهم في الدنيا فضيحة بما أظهر الله من كذبهم.
وقيل: لهم في الدنيا خزي بأخذ الجزية منهم، وضرب الذلة والمسكنة عليهم). [معاني القرآن: 2/174-177]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} أي لا يحزنك مسارعتهم إلى الكفر لأن الله جل وعز قد وعدك النصر). [معاني القرآن: 2/305]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم} قال مجاهد يعني المنافقين). [معاني القرآن: 2/306]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ومن الذين هادوا سماعون للكذب} قال مجاهد يعني اليهود فأما معنى سماعون للكذب والإنسان يسمع الخير والشر ففيه قولان:
أحدهما أن المعنى قابلون للكذب، وهذا معروف في اللغة أن يقال: لا تسمع من فلان أي لا تقبل منه، ومنه سمع الله لمن حمده معناه: قبل؛ لأن الله جل وعز سامع لكل شيء
والقول الآخر أنهم سماعون من أجل الكذب كما تقول أنا أكرم فلانا لك أي من أجلك). [معاني القرآن: 2/306-307]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {سماعون لقوم آخرين لم يأتوك} أي هم عيون لقوم آخرين لم يأتوك). [معاني القرآن: 2/307]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {يحرفون الكلم من بعد مواضعه} أي من بعد أن وضعه الله مواضعه فأحل حلاله وحرم حرامه). [معاني القرآن: 2/307]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا} أي تقول اليهود إن أوتيتم هذا الحكم المحرف فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا أن تعملوا به ومعنى هذا أن رجلا منهم زنى وهو محصن وقد كتب الرجم على من زنى وهو محصن في التوراة فقال بعضهم ائتوا محمدا لعله يفتيكم بخلاف الرجم فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بالرجم بعد أن أحضرت التوراة ووجد فيها فرض الرجم وكانوا قد أنكروا ذلك). [معاني القرآن: 2/307-308]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا} قيل معنى الفتنة ههنا الاختبار وقيل معناها العذاب). [معاني القرآن: 2/308]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي} أي فضيحة وذل حين أحضرت التوراة فتبين كذبهم وقيل خزيهم في الدنيا أخذ الجزية والذل). [معاني القرآن: 2/308]

تفسير قوله تعالى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (للسّحت) (42) السحت: كسب مالا يحلّ.
(فاحكم بينهم بالقسط) (42) أي بالعدل.
(إنّ الله يحبّ المقسطين) (42) أي العادلين.
يقال: أقسط يقسط، إذا عدل، وقوله عز وجل: (وأمّا القاسطون) (72/15) الجائرون الكفّار، كقولهم هجد: نام، وتهجّد: سهر). [مجاز القرآن: 1/166-167]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو جعفر {أكالون للسحت} بضم الحاء.
نافع وعاصم والعمش {أكالون للسحت} وقد فسرنا ذلك؛ وقالوا في فعله: أسحت الرجل في تجارته، إسحاتًا؛ إذا أكل السحت.
[وزاد محمد]:
وأسحت تجارته؛ وهو استهلاكها حتى لا يبقى شيء؛ ويقال: للرجل الذي لا يكاد يشبعك إنه لسحت، بإسكان). [معاني القرآن لقطرب: 479]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({السحت}: كسب ما لا يحل). [غريب القرآن وتفسيره: 130]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أكّالون للسّحت} أي للرّشي: وهو من أسحته اللّه وسحته: إذا أبطله وأهلكه.
{فاحكم بينهم بالقسط} أي بالعدل). [تفسير غريب القرآن: 143]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (ثم عاد عزّ وجل في وصفهم فقال: سمّاعون للكذب أكّالون للسّحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضرّوك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إنّ اللّه يحبّ المقسطين (42)
(سمّاعون للكذب أكّالون للسّحت)
ويقرأ (للسّحت) جميعا، تأويله أن الرشا التي يأكلونها يعاقبهم الله بها أن يسحتهم بعذاب، كما قال جل وعز: (لا تفتروا على اللّه كذبا فيسحتكم بعذاب).
ومثل هذا قوله: (إنما يأكلون في بطونهم نارا). أي يأكلون ما عاقبته النار، يقال سحته وأسحته إذا استأصله، وقال بعضهم سحته: أذهبه قليلا قليلا إلى أن استأصله ومثل أسحته قول الفرزدق.
وعضّ زمان يا ابن مروان لم يدع... من المال إلاّ مسحتا أو مجلّف
ويجوز أن يكون سحته وأسحته إذا استأصله، كان ذلك شيئا بعد شيء.
أو كان دفعة واحدة.
وقوله (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم).
أجمعت العلماء على أن هذه الآية تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مخيّر بها في الحكم بين أهل الذمّة.
وقيل في بعض الأقاويل: إن التخيير نسخ بقوله: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله).
وقوله: (فاحكم بينهم بالقسط). أي العدل). [معاني القرآن: 2/177]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {سماعون للكذب أكالون للسحت} روى زر عن عبد الله بن مسعود أنه قال السحت الرشوة وقال مسروق سألت عبد الله عن الجور في الحكم قال ذلك الكفر قلت فما السحت قال أن يقضي الرجل لأخيه حاجة فيهدي إليه هدية فيقبلها والسحت في كلام العرب على ضروب يجمعها أنه ما يسحت دين الإنسان يقال سحته وأسحته إذا استأصله ومنه:
وعض زمان يا ابن مروان لم يدع من المال إلا مسحتا أو مجلف). [معاني القرآن: 2/309]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} في هذا قولان: أحدهما روي عن ابن عباس أنه قال هي منسوخة نسخها {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} وكذا قال مجاهد وعكرمة قال الشعبي إن شاء حكم وإن شاء لم يحكم وكذلك قال إبراهيم وقال الحسن ليس في المائدة شيء منسوخ والاختيار عند أهل النظر القول الأول لأنه قول ابن عباس ولا يخلو قوله عز وجل: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} من أن يكون ناسخا لهذه الآية أو يكون معناه وأن احكم بينهم بما أنزل الله إن حكمت فقد صار مصيبا أن حكم بينهم بإجماع وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقويه
روي عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب أن يهوديا مر به على النبي صلى الله عليه وسلم وقد حمم وجهه فسأل عن شأنه فقيل زنى وهو محصن وذكر الحديث وقال في آخره فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنا أول من أحيا ما أماتوا من أمر الله فأمر به فرجم ويبين لك أن القول هذا قوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط}). [معاني القرآن: 2/310-311]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فاحكم بينهم بالقسط} أي بالعدل). [معاني القرآن: 2/311]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (و(للسحت): الحرام). [ياقوتة الصراط: 209]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((والسحت) الرُشا في الأحكام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 69]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((السُّحْتِ): الحرام). [العمدة في غريب القرآن: 121]

تفسير قوله تعالى: (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) )


رد مع اقتباس