عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:15 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (78) إلى الآية (82) ]

{قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)}

قوله تعالى: {قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78)}
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (فِرَاقٌ) منون (وَبَيْنَكَ) نصب ابن أبي عبلة، الباقون على الإضافة، وهو الاختيار ليجمع الماضي والمستقبل). [الكامل في القراءات العشر: 593]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {فراق} [78] راؤه مفخم للجميع، لوجود حرف الاستعلاء بعده). [غيث النفع: 829]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78)}
{هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ}
- قرأ مسلم بن بشار (أو: يسار) (هذا فراق...) بفتح الفاء.
والفراق: الفراق.
- وقراءة الجماعة (هذا فراق بيني وبينك) بكسر الفاء، من غير تنوين على الإضافة، والفتح والكسر لغتان كسحاب وكتاب.
- وقرأ ابن أبي عبلة (فراق بيني وبينك) بالتنونين، ونصب ما بعده على الظرفية.
{سَأُنَبِّئُكَ}
- قراءة الجماعة (سأنبئك) من (نبأ) مهموزًا.
- وقرأ ابن وثاب (سأنبيك) بإخلاص الياء من غير همز.
وعن حمزة في الوقف وجهان:
1- تسهيل الهمزة بين بين أي بين الهمزة والواو على مذهب سيبويه، وهو ما عليه الجمهور.
2- الثاني إبدال الهمزة ياء على ما ذكره الأخفش، وهو المختار عند من أخذ بالتخفيف الرسمي.
وذكر ابن الجزري وجهين آخرين، وردهما:
1- التسهيل بين الهمزة والياء.
2- إبدال الهمزة واوًا.
قال: (وكلاهما لا يصح).
{بِتَأْوِيلِ}
- قرأ أبو عمرو بخلاف عنه وأبو جعفر والأزرق وورش والأصبهاني
[معجم القراءات: 5/281]
(بتاويل) بإبدال الهمزة واوًا.
- وكذا جاءت قراءة حمزة في الوقف.
- وقراءة الجماعة بالهمز (بتأويل) ). [معجم القراءات: 5/282]

قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) }
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)}
{لِمَسَاكِينَ}
- قراءة الجمهور (لمساكين) بتخفيف السين، جمع مسكين، وهو الفقير.
- وقرأ علي بن أبي طالب وقطرب (لمساكين) بتشديد السين جمع مساك جمع تصحيح، أي: لملاحين، وقيل أراد بالمساكين دبغة المسوك، وهي الجلود، قالوا: (والأظهر قراءة التخفيف).
قال ابن خالويه:
(سمعت ابن مجاهد يقول ذلك، ويزعم أن قطريًا قرأ بذلك).
{وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ}
- قراءة الجمهور (... وراءهم) وهو لفظ يطلق على الخلف والأمام، ومعناه هنا: أمامهم.
- وقرأ ابن عباس وابن جبير وابن شنبوذ وأبي بن كعب وابن مسعود (أمامهم).
{يَأْخُذُ}
- قرأ أبو عمرو بخلاف عنه وأبو جعفر والأزرق وورش والأصبهاني (ياخذ) بإبدال الهمزة ألفًا.
[معجم القراءات: 5/282]
- وكذلك بالإبدال جاءت قراءة حمزة في الوقف.
- والجماعة على القراءة بالهمز (يأخذ).
{يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ}
- قراءة الجماعة (يأخذ كل سفينة...).
- وقرأ أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وابن عباس وعثمان بن عفان وابن شنبوذ (يأخذ كل سفينةٍ صالحةٍ...).
- وقرأ ابن عباس وسعيد بن جبير وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود (يأخذ كل سفينةٍ صحيحةٍ...).
{سَفِينَةٍ غَصْبًا}
- أخفى أبو جعفر التنوين في الغين). [معجم القراءات: 5/283]

قوله تعالى: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80)}
{فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ}
- قراءة الجماعة (فكان أبواه مؤمنين)، أبواه: اسم كان مرفوع، مؤمنين: خبرها منصوب.
- وقرأ ابن عباس وأبي بن كعب (وأما الغلام فكان كافرًا وكان أبواه مؤمنين).
- وفي مصحف أبي بن كعب (أما الغلام فكان أبواه مؤمنين وكان كافرًا).
وقال أبو حيان: (ونص في الحديث على أنه كان كافرًا مطبوعًا
[معجم القراءات: 5/283]
على الكفر).
- وقرأ أبو سعيد الخدري وعاصم الجحدري (فكان أبواه مؤمنان) بالرفع فيهما، وخرج ابن جني هذه القراءة على وجهين: الأول: أن يكونه اسم (كان) ضمير الغلام، أي فكان هو أبواه مؤمنان، والجملة بعده خبر (كان).
الثاني: أن يكون اسم (كان) مضمرًا فيها، وهو ضمير الشأن والحديث، أي فكان الحديث أو الشأن أبواه مؤمنان، والجملة بعده خبر لـ(كان) على ما مضى.
وذكر أبو حيان أن الرازي أجاز أن يكون (مؤمنان) على لغة بني الحارث بن كعب فيكون منصوبًا، مع ملازمته الألف، ويكون (أبواه) اسم كان.
{مُؤْمِنَيْنِ}
- تقدمت القراءة بإبدال الهمزة واوًا مرارًا، انظر الآية/99 من سورة يونس.
{فَخَشِينَا}
- قراءة الجماعة (فخشينا) من الخشية، بمعنى كرهنا، وعند الفراء على معنى: علمنا.
وذهب الزجاج إلى أن (فخشينا) من كلام الخضر.
- وقرأ أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود (فخاف ربك) من الخوف، وذكروا أنها جاءت كذلك في مصحف عبد الله.
[معجم القراءات: 5/284]
والمعنى: فكره ربك كراهة من خاف من سوء عاقبة الأمر فغيره.
قال الأخفش:
(وأما خشينا فمعناه (كرهنا)؛ لأن الله لا يخشى، وهو في بعض القراءات (فخاف ربك).
وهو مثل: خفت الرجلين أن يقولا، وهو لا يخاف من ذلك أكثر من أنه يكرهه لهما).
وقال الفراء:
(وهي في قراءة أبي: (فخاف ربك) على معنى: علم ربك).
وقال أبو حيان:
(وقرأ ابن مسعود (فخاف ربك)، وهذا بين في الاستعارة في القرآن في جهة الله تعالى من (لعل وعسى)، فإن جميع ما في هذا كله من ترج وتوقعٍ وخوفٍ وخشيةٍ إنما هو بحسبكم أيها المخاطبون).
- وروي عن أبي بن كعب أنه قرأ (فعلم ربك) ذكر هذا القرطبي.
قلت: يغلب على ظني أنها قراءة على التفسير من أجل بيان المراد بالخشية في جنب الله). [معجم القراءات: 5/285]

قوله تعالى: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (29 - وَاخْتلفُوا في التَّخْفِيف وَالتَّشْدِيد من قَوْله {أَن يبدلهما ربهما} 81
فَقَرَأَ ابْن كثير وَعَاصِم في رِوَايَة أَبي بكر {أَن يبدلهما} {وليبدلنهم} النُّور 55 و{أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن} التَّحْرِيم 5 و{أَن يبدلنا خيرا مِنْهَا} ن 32 خفافا أجمع
وَقَرَأَ نَافِع وَأَبُو عَمْرو في الْكَهْف وَالتَّحْرِيم ون والنور مشددا كُله
وَقَرَأَ ابْن عَامر وَحَمْزَة والكسائي في الْكَهْف وَالتَّحْرِيم ون مخففا وفي النُّور {وليبدلنهم} مشددا وَكَذَلِكَ روى حَفْص عَن عَاصِم أَنه خفف في الْكَهْف وَالتَّحْرِيم ون وشدد في النُّور). [السبعة في القراءات: 396 - 397]
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (30 - وَاخْتلفُوا في التَّخْفِيف والتثقيل من قَوْله {وَأقرب رحما} 81
فَقَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع وَعَاصِم وَحَمْزَة والكسائي {رحما} سَاكِنة الْحَاء
وَقَرَأَ ابْن عَامر {رحما} مُثقلًا
وروى عَن أَبي عَمْرو {رحما} و{رحما}
عَبَّاس بن الْفضل عَنهُ أَنه قَالَ أَيهمَا شِئْت فاقرأ وَأَنا أَقرَأ {رحما} بِالضَّمِّ
وروى علي بن نصر عَن أَبي عَمْرو {وَأقرب رحما} {وَأقرب رحما} بتسكين الْحَاء وتحريكها). [السبعة في القراءات: 397]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ( (رحما) ثقيل شامي، ويزيد، وعباس، ويعقوب، وسهل). [الغاية في القراءات العشر: 310]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ( (أن يبدلهما) وفي التحريم، والقلم، مشددة مدني، وأبو عمرو). [الغاية في القراءات العشر: 310 - 311]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ( (يبدلهما) [81]، وفي التحريم [5]، والقلم [32]: شديد: مدني، وأبو عمرو، وأيوب، وأبو عبيد، وأبو بشر.
(رحمًا) [81]: مثقل: دمشقي، بصري غير أبي عمرو إلا العباس ويزيد طريق الفضل). [المنتهى: 2/810]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ نافع وأبو عمرو (أن يبدلهما) بالتشديد هنا وفي التحريم وسورة نون والقلم، وخفف الباقون؛ وأما قوله عز وجل (وليبدلنهم) في النور فإن ابن كثير وأبا بكر خففا، وشدد الباقون، ولم يختلف في غير هذه الأربعة). [التبصرة: 263]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ ابن عامر (رحمًا) بضم الحاء، وأسكن الباقون). [التبصرة: 263]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (نافع، وأبو عمرو: {أن يبدلهما} (81)، هنا، وفي التحريم (5): {أن يبدله}، وفي ن والقلم (32): {أن يبدلنا خيرا}، في الثلاثة: مشددًا.
والباقون: مخففًا). [التيسير في القراءات السبع: 352]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (ابن عامر: {رحما} (81): بضم الحاء.
والباقون: بإسكانها). [التيسير في القراءات السبع: 352]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(نافع وأبو عمرو وأبو جعفر: (أن يبدلهما) هنا وفي التّحريم (أن يبدله) وفي
[تحبير التيسير: 447]
نون والقلم (أن يبدلنا) في الثّلاثة مشددا، والباقون مخففا). [تحبير التيسير: 448]
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (يُبَدِّلَهُمَا) مشدد، وفي القلم والتحريم مدني، وأَبُو عَمْرٍو، وأبو عبيد في قول الْخُزَاعِيّ، وابْن مِقْسَمٍ، وأيوب، وهو الاختيار، لأنه آكد، الباقون خفيف وأما في النور خفيف سعيد عن المفضل، وأبو بكر، ومكي غير ابْن مِقْسَمٍ، وبصري غير أيوب، وأَبِي عَمْرٍو، وأما (يُبَدِّلُ اللَّهُ) في الفرقان خفيف الجعفي، وهارون عن أبي يكر، وأبان، وجبلة عن المفضل، الباقون مشدد، وهو الاختيار لما ذكرت). [الكامل في القراءات العشر: 593]
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([81]- {يُبْدِلَهُمَا} هنا، و{يُبْدِلَهُ} في [التحريم: 5]، و{يُبْدِلَنَا} في [القلم: 32] مشدد: نافع وأبو عمرو.
[81]- {رُحْمًا} مثقل: ابن عامر). [الإقناع: 2/691]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (848 - وَمِنْ بَعْدُ بِالتَّخْفِيفِ يُبْدِلَ هَاهُنَا = وَفَوْقَ وَتَحْتَ الْمُلْكِ كَافِيهِ ظَلَّلاَ). [الشاطبية: 67]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([848] ومن بعد بالتخفيف يبدل هاهنا = وفوق وتحت الملك (كـ)ـافيه (ظـ)ـللا
المبرد: «بدلت وأبدلت بمعنًى واحدٍ».
وأبو عمرو يحتج بقوله تعالى: {وإذا بدلنا ءاية مكان ءاية} و{لا تبدیل لخلق الله}.
وقال ثعلب: «التبديل: تغيير الصورة إلى غيرها، والجوهرة بعينها، والإبدال: تنحية الجوهرة واستئناف أخرى».
وأنشد لأبي النجم:
عزل الأمير للأمير المبدل.
قال: «ألا نحى جسمًا وجعل مكانه آخر».
وقال الله تعالى: {بدلنهم جلودًا غيرها}، فتغيرت الصورة دون الجوهرة.
واحتج المبرد بقول الله تعالى: {يبدل الله سيئاتهم حسنت}، فقد أزال السيئات وجعلها حسنات.
قال: «والذي قاله ثعلب حسن، إلا أنهم يجعلون بدلت بمعنى أبدلت».
[فتح الوصيد: 2/1076]
وقوله: (كافيه ظللا): الهاء في (كافيه)، عائدة على يبدل بالتخفيف في المواضع الثلاثة.
وإنما (ظلل)، لأنه بإجماع من أهل العربية لا مطعن فيه، لأنه في المواضع الثلاثة تبديل للجوهرة بأخرى.
وإنما تكلم النحاة في قراءة التشديد، لأنهم زعموا أن التشديد إنما يستعمل في تغيير الصفة دون الجوهرة. وذلك لا يصح في هذه المواضع الثلاثة.
ووجه التشديد، ما قاله المبرد رحمه الله: «إنه قد يستعمل أحدهما في مكان الآخر».
فيكون قراءة التشديد على قوله-معنى قراءة التخفيف). [فتح الوصيد: 2/1077]
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ([848] ومن بعد بالتخفيف يبدل ههنا = وفوق وتحت الملك كافيه ظللا
ح: (من بعد): مقطوع عن الإضافة، أي: بعد (تخذت)، (يبدل): مبتدأ، (بالتخفيف): خبر، (فوق): عطف على (ههنا)، أي: فوق الملك نحو:
............ = بين ذراعي وجبهة الأسد
(كافيه ظللا): مبتدأ وخبر، والهاء: لـ (يبدل).
ص: قرأ ابن عامر والكوفيون وابن كثير: {فأردنا أن يبدلهما ربهما} ههنا [8]، و{أن يبدله أزواجًا} في سورة التحريم [5] فوق الملك، و{أن يبدلنا خيرًا منها} في نون [32] تحت الملك بالتخفيف في الثلاثة من (أبدل)، والباقون: بالتشديد من (بدل)، وهما لغتان، كـ (أنزل) و (نزل)، وقيل: التبديل تغيير الصفة، والإبدال: تغيير الجوهر.
ومدح التخفيف بالتظليل لإجماع العربية أن لا يطعن فيه، ولأن تغيير الجوهر في الثلاثة حاصل). [كنز المعاني: 2/404]
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (848- وَمِنْ بَعْدُ بِالتَّخْفِيفِ يُبْدِلَ هَهُنَا،.. وَفَوْقَ وَتَحْتَ الْمُلْكِ "كَـ"ـافِيهِ "ظَـ"ـلَّلا
أي: من بعد "لتخذت": {أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا}، وفوق الملك وتحتها؛ يعني: سورتي التحريم، ونون: {أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا}، {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا}.
فحذف الناظم المضاف إليه بعد فوق اكتفاء بذكره له بعد "تحت"، ومثله:
بين ذراعي وجبهة الأسد
قال أبو علي: بدل وأبدل يتقاربان في المعنى كما أن نزّل وأنزل كذلك إلا أن بدل ينبغي أن يكون أرجح لما جاء في التنزيل من قوله
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/342]
تعالى: {لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}، ولم يجيء فيه الإبدال، وقال: وإذا بدلنا آية مكان آية: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا}، {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ}.
وسيأتي ذكر الخلاف في الذي في سورة النور: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}.
قال الشيخ والهاء في كافيه عائدة على يبدل بالتخفيف في المواضع الثلاثة وإنما ظلل؛ لأنه بإجماع من أهل العربية لا مطعن فيه؛ لأنه في المواضع الثلاثة تبديل الجوهرة بأخرى، وإنما تكلم النحاة في قراءة التشديد؛ لأنهم زعموا أن التشديد إنما يستعمل في تغير الصفة دون الجوهر.
قلت: هذا قول بعضهم وليس بمطرد، وقد رده أبو علي، وقال المبرد: يستعمل كل واحد منهما في مكان الآخر والله أعلم). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/343]
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (848 - ومن بعد بالتّخفيف يبدل هاهنا = وفوق وتحت الملك كافيه ظلّلا
قرأ ابن كثير وابن عامر والكوفيون: أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً في هذه السورة، أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً في التحريم، عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً في القلم. بتخفيف الدال في المواضع الثلاثة، ويلزمه سكون الباء. وقرأ نافع وأبو عمرو بتشديد الدال مع فتح الباء في المواضع الثلاثة.
ومعنى قوله (ومن بعد) أن لفظ يُبْدِلَهُما وقع بعد لفظ لَاتَّخَذْتَ في التلاوة). [الوافي في شرح الشاطبية: 314] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (151- .... .... كُلَّ يُبْدِلَ خِفَّ حُطْ = .... .... .... .... .... ). [الدرة المضية: 32]
- قال محمد بن الحسن بن محمد المنير السمنودي (ت: 1199هـ): (ثم قال: كل يبدل خف حط أي قرأ المرموز له (بحاء) حط وهو يعقوب بتخفيف دال يبدل كيف وقع وهذا معنى قوله كل وهو هنا {أن يبدلهما ربهما} [81] وفي التحريم {أن يبدله} [5] وفي نون {أن يبدلنا} [33] وعلم من الوفاق لخلف كذلك ولأبي جعفر بالتشديد من التبديل). [شرح الدرة المضيئة: 168]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاخْتَلَفُوا) فِي: أَنْ يُبْدِلَهُمَا هُنَا، وَفِي التَّحْرِيمِ أَنْ يُبْدِلَهُ، وَفِي " ن " أَنْ يُبْدِلَنَا فَقَرَأَ الْمَدَنِيَّانِ، وَأَبُو عَمْرٍو بِتَشْدِيدِ الدَّالِ فِي الثَّلَاثَةِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ فِيهِنَّ). [النشر في القراءات العشر: 2/314]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (قرأ المدنيان وأبو عمرو {أن يبدلهما} هنا [81]، وفي التحريم [5] {أن يبدله}، وفي ن {أن يبدلنا} [32] بتشديد الدال، والباقون بالتخفيف). [تقريب النشر في القراءات العشر: 587]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ({رحمًا} [81] ذكر في البقرة). [تقريب النشر في القراءات العشر: 587]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (754- .... ومع تحريم نونٍ يبدلا = خفّف ظبًا كنزٍ دنا النّور دلا
755 - صف ظنّ .... .... .... = .... .... .... .... ). [طيبة النشر: 84]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وَتَقَدَّمَ اخْتِلَافُهُمْ فِي رُحْمًا عِنْدَ هُزُوًا مِنَ الْبَقَرَةِ، وَكَذَا عُسْرًا وَيُسْرًا). [النشر في القراءات العشر: 2/314]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : ( (حقّا) ومع تحريم نون يبدلا = خفّف (ظ) با (كنز) (د) نا النّور (د) لا
أي قرأ يعقوب ابن عامر والكوفيون وابن كثير بتخفيف لفظ يبدل هنا وفي التحريم وفي ن على أنه مضارع أبدل وكذلك قرأ ابن كثير وأبو بكر ويعقوب المرموز لهم في أول البيت الآتي «ليبدّلنهم» في النور، والباقون بالتشديد في الجميع مضارع بدل). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 269]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (وقرأ ذو [ظاء] (ظبا) يعقوب، و(كنز) الكوفيون، وابن عامر، ودال (دنا) ابن كثير: أن يبدلهما هنا [81] [و] عسى ربّه إن طلّقكنّ أن يبدله أزوجا في التحريم [5] [و] أن يبدلنا في «ن» [القلم: 32] بتخفيف الدال، على أنه مضارع «أبدل»، وكذلك قرأ ذو دال (دلا) ابن كثير، وصاد (صف) أبو بكر وظاء (ظن) يعقوب: وليبدلنّهم بالنور [55] والباقون بتشديد الدال في الجميع مضارع «بدّل» ). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/435]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "أَنْ يُبْدِلَهُمَا" [الآية: 81] هنا وفي [التحريم الآية: 5] "أَنْ يُبْدِلَه" وفي [نون الآية: 32] "أَنْ يُبْدِلَنَا" فنافع وأبو عمرو وأبو جعفر بفتح الموحدة وتشديد الدال في الثلاثة من بدل، وافقهم اليزيدي، والباقون بسكون الموحدة وتخفيف الدال من أبدل في الثلاثة). [إتحاف فضلاء البشر: 2/223]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وقرأ "رحما" [الآية: 81] بضم الحاء ابن عامر وأبو جعفر ويعقوب، والباقون بالسكون وسبق بالبقرة). [إتحاف فضلاء البشر: 2/223]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {أن يبدلهما} [81] قرأ نافع والبصري بفتح الباء، وتشديد الدال، والباقون بإسكان الباء، وتخفيف الدال). [غيث النفع: 829]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {رحما} قرأ الشامي بضم الحاء، والباقون بالإسكان). [غيث النفع: 829]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)}
{أَنْ يُبْدِلَهُمَا}
- قرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي، وحفص وأبو بكر
[معجم القراءات: 5/285]
عن عاصم، والحسن وابن محيصن ويعقوب (أن يبدلهما) بالتخفيف من (أبدل).
- وقرأ نافع وأبو عمرو وأبو جعفر وشيبة وحميد والأعمش وابن جرير واليزيدي (أن يبدلهما) بتضعيف الدال من (بدل).
{خَيْرًا}
- ترقيق الراء عن الأزرق وورش.
{خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً}
- قرأ ابن عباس (أزكى منه).
- وقراءة الجماعة (خيرًا منه...).
{وَأَقْرَبَ رُحْمًا}
- قراءة الجماعة: (وأقرب...).
- وقرأ ابن عباس (وأوصل...).
{رُحْمًا}
- قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وحمزة والكسائي وأبو عمرو من رواية علي بن نصر وعباس بن الفضل عنه أيضًا وابن عباس (رحمًا) ساكنة الحاء.
[معجم القراءات: 5/286]
- وقرأ ابن عامر، وأبو عمرو من رواية عباس بن الفضل وعلي بن نصر، وهارون وأبو جعفر في رواية ويعقوب وأبو حاتم (رحمًا) بضم الحاء.
قال ابن مجاهد:
(وروى عن أبي عمرو (رحمًا) و(رحمًا) عباس بن الفضل، وعنه أنه قال: أيهما شئت فاقرأ، وأنا أقرأ: (رحمًا) بالضم.
وروى علي بن نصر عن أبي عمرو (وأقرب رحمًا) و(وأقرب رحمًا) بتسكين الحاء وتحريكها).
- وقرأ ابن عباس وابن جبير وأبو رجاء (رحمًا) بفتح الراء وكسر الحاء). [معجم القراءات: 5/287]

قوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)}
{تَأْوِيلُ}
- قرأ أبو عمرو بخلاف عنه وأبو جعفر والأزرق وورش والأصبهاني (تاويل) بإبدال الهمزة ألفًا.
- وكذا جاءت قراءة حمزة في الوقف بالإبدال.
- وقراءة الجماعة بالهمز (تأويل).
{مَا لَمْ تَسْطِعْ}
- قراءة الجمهور (ما لم تسطع) بدون التاء الثانية، وهو مضارع اسطاع.
قال ابن السكيت: (يقال: ما أستطيع، وما أسطيع...).
[معجم القراءات: 5/287]
وأصل اسطاع: استطاع على وزن استفعل، فالمحذوف منه تاء الاستفعال، لوجود الطاء التي هي أصل.
وقال الشهاب:
(أصله تستطع، فحذفت تاء الاستفعال، وقيل المحذوف الطاء الأصلية، ثم أبدلت التاء طاءً لوقوعها بعد السين، وهو تكلف...، وإنما خص هذا بالتخفيف لأنه لما تكرر في القصة ناسب تخفيف الأخير منه).
وقال أبو حاتم: (... تسطع: كذا نقرأ في خط المصحف).
- وقرأت فرقة (... ما لم تستطع) بالتاء على الأصل.
- وروى ابن يونس عن العبسي عن حمزة (ما لم تسطع) بتشديد الطاء.
قلت: هذا يقتضي اجتماع ساكنين على غير حده، والنطق بمثل هذا عسير.
- وقرأ (تصطع) بالصاد أحمد بن صالح عن ورش وقالون عن نافع). [معجم القراءات: 5/288]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس