عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 10:01 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يوسف
[ من الآية (30) إلى الآية (35) ]

{ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)}

قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي -عليه السلام- والحسن بخلاف وأبي رجاء ويحيى بن يعمر وقتادة بخلاف وثابت البناني وعوف الأعرابي وابن أبي مريم والأعرج بخلاف ومجاهد بخلاف وحميد بخلاف والزهري بخلاف وابن محيصن ومحمد بن السميفع وعلي بن حسين بن علي وجعفر بن محمد: [قد شَعفها] بالعين.
قال أبو الفتح: معناه: وصل حبه إلى قلبها، فكاد يحرقه لحدته، وأصله من البعير يُهْنَأ بالقطران فيصل حرارة ذلك إلى قبله. قال الشاعر:
أيقتلني وقد شَعَفْتُ فؤادها ... كما شَعَفَ الْمَهْنُوءَةَ الرجلُ الطَّالِي؟
وأما قراءة الجماعة: {شَغَفَهَا} بالغين معجمة، فتأويله أنه خرَّق شَغاف قلبها؛ وهو غلافه، فوصل إلى قلبها). [المحتسب: 1/339]

قوله تعالى: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {حاش لله} [31].
قرأ أبو عمرو وحده {حاشا} بألف، وصل أو وقف.
وقرأ الباقون: {حاش لله} بغير ألف في الوصل، ويجب في قراءتهم أن يقفوا بغير ألف، لأن في مصحف عثمان وابن مسعود رضي الله عنهما: {حاش لله} بغير ألف فيهما، كما قال أبو عبيد عن أبي توبة عن الكسائي قال: في مصحف عبد الله بألف. قال: وذهب أبو عمرو إلى محض الفعل، لأن العرب تقول: حاشى يُحاشي محاشاة فهو محاش: إذا استثنى كقولك: جاءني القوم حاشى زيد،
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/309]
قال النابغة:
* وما أحاشي من الأقوام من أحد *
وقال الحذاق من النحويين: اجءني القوم حاش زيدًا، أي: نحيت زيدًا عنهم، كما تقول: أنا في حشى فلان، وفي ذرى فلان، وفي ظل فلان، أي: في ناحيته.
وقال المفسرون: {وقلن حاش الله} معناه: معاذ الله، وفيه أربع لغات: حاشى زيد وحاش زيد وحاش لزيد وحاشى لزيد، وحشى لزيد لغة خامسة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/310]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وروى عبد الله عن أبيه عن عامر عن خارجة عن نافع: وقالت اخرج بكسر التاء [يوسف/ 31]، ولم يروه غيره.
[الحجة للقراء السبعة: 4/409]
الباقون عن نافع: وقالت اخرج بضم التاء.
وقد ذكرته). [الحجة للقراء السبعة: 4/410]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: حاشا لله [31].
فقرأ أبو عمرو وحده: حاشا لله بألف.
وقرأ الباقون: حاش لله بغير ألف.
حدّثني عبيد الله بن علي قال: حدّثنا نصر بن علي قال: أخبرنا الأصمعيّ قال: سمعت نافعا يقرأ: حاشا لله فيها بألف ساكنة، كذا في الحديث.
أبو عبيدة: حاش لله وحاشا لله يطلقونها، وهي تبرئة واستثناء. وأنشد:
حاشا أبي ثوبان إنّ به... ضنّا على الملحاة والشّتم
قال أبو علي: لا يخلو قولهم: حاش لله من أن يكون الحرف الجارّ، في الاستثناء، أو يكون فاعل من قولهم: حاشا يحاشي، فلا يجوز أن يكون الحرف الجارّ، لأن الحرف الجارّ
[الحجة للقراء السبعة: 4/422]
لا يدخل على مثله، ولأنّ الحروف لا تحذف إذا لم يكن فيها تضعيف، فإذا لم يكن الجارّ ثبت أنه الذي على فاعل، وهو مأخوذ من الحشا الذي يعنى به: الناحية. قال الهذليّ:
يقول الذي يمشي إلى الحرز أهله... بأيّ الحشا صار الخليط المباين
فحاشا: فاعل من هذا، والمعنى أنه صار في حشا، أي:
في ناحية مما قرف فيه، أي: لم يقترفه، ولم يلابسه، وصار في عزلة عنه وناحية، وإذا كان فعلا من هذا الذي ذكرنا، فلا بدّ له من فاعل، وفاعله يوسف، كأنّ المعنى: بعد من هذا الذي رمي به لله، أي: لخوفه ومراقبة أمره.
فأما حذف الألف فيه، فلأن الأفعال قد حذف منها نحو: لم يك، ولا أدر، ولم أبل. وقد حذفوا الألف من الفعل في قولهم: أصاب الناس جهد، ولو تر ما أهل مكة، فإنما هو:
ترى؛ فحذفت الألف المنقلبة عن اللام، كما حذفت من حاشا من قوله: حاش لله.
ومن حجة الحذف: أنهم زعموا أنه في الخطّ محذوف، وقد قال رؤبة:
[الحجة للقراء السبعة: 4/423]
وصّاني العجّاج فيما وصّني ومن ذلك قول الشاعر:
ولا يتحشّى الفحل إن أعرضت به... ولا يمنع المرباع منها فصيلها
فحاشا وحشّى بمنزلة: ضاعف وضعّف، وتحشّى مطاوع حشّ، وإن لم أسمع فيه حشّى، فهذا لم يستعمل ما هو مطاوع له، كما أنّ قولهم: انطلق كذلك، والمعنى: لا يصير الفحل من عقره في ناحية، أي: لا يمنعه ذلك من عقره للنحر وإطعام الضيف، وكذلك: لا يمنع المرباع فصيلها، أي: لا يمنع المرباع من عقره لها فصيلها إشفاقا عليه، ولكن يعقرها، كما يعقر الفحل.
وأما قول أبي عمرو: حاشا فإنه جاء به على التمام، والأصل، قال أبو الحسن: ولم أسمعها إلا أنها قد كثرت في القراءة، فكأنه تمّم لأنه رأى الحذف في هذا النحو قليلا، ويدلّ على جودة التمام: أنّ «ترى» وإن كانت قد حذفت في بعض المواضع، فإتمامها جيّد، فكذلك حاشا). [الحجة للقراء السبعة: 4/424]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الزهري وأبي جعفر وشيبة [مُتَّكًا]، مشدد من غير همز، وقرأ: [مُتْكًا] ساكنة التاء غير مهموز ابن عباس وابن عمر والجحدري وقتادة والضحاك والكلبي وأبان بن تغلب، ورُويت عن الأعمش. وقرأ: [مُتَّكَاءً] بزيادة ألف الحسن. وقراءة الناس: {مُتَّكَأً} في وزن مُفْتَعَل.
قال أبو الفتح: أما [مُتَّكًَا] غير مهموز فمبدل من مُتَّكَأ، وهو مفتَعَل من تَوَكَّأْتُ، كمُتَّجَهٍ من تَوَجَّهْتُ، ومُتَّعَد من وعدت. وهذا الإبدال عندنا لا يجوز في السعة؛ وإنما هو في
[المحتسب: 1/339]
ضرورة الشعر؛ فلذلك كانت القراءة به ضعيفة. وعلى أن له وجهًا آخر؛ وهو أن يكون مفتعَلًا من قوله:
إذا شرب الْمُرِضَّة قال أَوْكِي ... على ما في سقائك قد رَوِينا
يقال: أَوْكَيْتُ السقاء: إذا شددته، فيكون راجعًا إلى معنى مُتَّكَأ المهموز؛ وذلك أن الشيء إذا شُد اعتمد على ما شده كما يعتمد المتكئ على المتكَأ عليه. فإن سلكت هذه الطريق لم يكن فيه بدل ولا ضعف، فيكون مُتَّكًا على هذا كمُتَّقًى من وقيت، ومُتَّلًى من وَلِيتُ.
وأما [مُتْكًا] ساكنة التاء فقالوا: هو الأُتْرُجُّ، ويقال أيضًا: هو الزُّمَاوَرْدُ.
وأما [مُتَّكَاءً] فعلي إشباع فتحة الكاف من [متَّكأ]، وقد جاء نحو هذا، أنشدناه أبو علي لابن هَرْمة يرثي ابنه:
فأنتَ من الغَوَائلِ حين تُرْمى ... ومن ذمِّ الرجال بِمُنْتَزَاح
يريد: بِمُنْتَزَح، وعليه قول عنترة، وأنشدناه أيضًا سنة إحدى وأربعين بالموصل:
يَنْبَاعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جسْرةٍ
وقال: أراد يَنْبَع، فأشبع الفتحة، فأنشأ عليه ألفًا. ولعمري إن هذا مما تختص به ضرورة الشعر وقلما يجيء في النثر، فوزن [مُتَّكَاء] على هذا مفتعال، كما أن وزن [يَنْبَاعُ] على هذا يَفْعَال، ولو سميت به رجلًا لصرفته في المعرفة؛ لأنه قد فارق شبه الفعل وَزْنًا، ولو سميته بينبع لم تصرفه، كما أنك لو سميته بينظر لم تصرفه، فإن سميته بأَنظور، تريد: فأنظر؛ لصرفته معرفة لزوال مثال الفعل. وقد ذكرنا ذلك في كتابنا الموسوم بسر الصناعة). [المحتسب: 1/340]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن وأبي الحويرث الحنفي: [ما هذا بِشِرًى] بكسر الباء والشين.
قال أبو الفتح: تحتمل هذه القراءة وجهين:
أحدهما: أن يكون أراد: ما هذا يِمَشْرِيٍّ، من قوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} أي:
[المحتسب: 1/342]
باعوه؛ أي: ما ينبغي لمثل هذا أن يباع، فوُضع المصدر موضع اسم المفعول، كقول الله سبحانه: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} أي: مصيده، وكقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} أي: المخلوق، وكقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الراجع في هبته ... " أي: في موهوبه، وهذا الثوب نسْج اليمن، أي: منسوجه؛ وذلك أن الأفعال لا يمكننا إعادتها. ومنه قولهم: غفر الله لك عِلْمَه فيك؛ أي: معلومه. ومنه قولهم: هذا الدرهم ضَرْب الأمير؛ أي: مضروبه.
والآخر: أن تكون الباء غير زائدة للتوكيد كالوجه الأول؛ لكنها كالتي في قولك: هذا الثوب بمائة درهم، وهذا العبد بألف درهم؛ أي: هذا بهذا، فيكون معناه: ما هذا بثمن؛ أي: مثله لا يُقَوَّم ولا يُثَمَّنُ، فيكون "الشِّري" هنا يراد به المفعول به؛ أي: الثمن المشترَى به، كقولك: ما هذا بألف، وهو نفي قولك: هذا بألف، فالباء إذن متعلقة بمحذوف هو الخبر، مثلها كقولك: كُرُّ البر بستين، ومنوَا السمن بدرهم). [المحتسب: 1/343]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقلن حاش لله}
قرأ أبو عمرو (وقلن حاشا لله) بالألف وحجته ذكرها اليزيدي فقال يقال حاشاك وحاشا لك وليس أحد من العرب يقول حاشك ولا حاش لك
وقرأ الباقون {حاش لله} وحجتهم أنّها مكتوبة في المصاحف بغير ألف حكى أبو عبيد عن الكسائي أنّها في مصحف عبد الله كذلك وأصل الكلمة التبرئة والاستثناء واختلف النحويون في حاشا منهم من قال إنّه فعل ومنهم من قال إنّه حرف). [حجة القراءات: 359]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (16- قوله: {حاش لله} قرأه أبو عمرو بألف في الوصل خاصة، في الموضعين في هذه السورة، وقرأهما الباقون بغير ألف.
وحجة من حذف الألف أنه جعله فعلًا على «فاعل» «كقاض» وحمله على الحذف لحرف اللين، كما حذفت النون من «لم يك» على التنبيه بحرف اللين، مع كثرة الاستعمال، وحذف الألف أقوى؛ لأن الفتحة تدل عليها، ولا تدل الضمة في «لم يك» على النون، وأيضًا فإنه اتبع خط المصحف، وهي في مصحف عثمان وابن مسعود بغير ألف، وأصلها الألف، لأنه «فاعل» مثل «رامي» وإنما حذفت الألف استخفافًا، ولأن الفتحة تدل عليها، وكأنهم جعلوا اللام في «لله» عوضًا منها، ومعنى {حاش لله} أي: بعُد يوسف عمّا رُمي به لخوفه لله ومراقبته له، وهي التنزيه عن الشر.
17- وحجة من أثبت الألف في الوصل أنه أتى بها على الأصل، وحذف الألف في الوقف لاتباع المصحف). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/10]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {وَقَالَتِ اخْرُجْ} [آية/ 31] بكسر التاء في الوصل:
قرأها أبو عمرو وعاصم وحمزة ويعقوب.
والوجه أن التاء من {قَالَت} ساكنةٌ في الأصل؛ لأنها تاء ضمير المؤنث، وهو الذي أُسند القول إليه، وإنما تحركت هذه التاء بالكسر لالتقائها مع ساكن بعدها وهو الخاء من {اخْرُجْ}، وحق التقاء الساكنين الكسر.
وقرأ الباقون {وَقَالَتُ اخْرُجْ} بضم التاء في الوصل.
والوجه أنهم جعلوا حركة التقاء الساكنين ههنا ضمة؛ لأن الحركة التي بعدها ضمة، فأتبعوا الضمة الضمة؛ لئلا يخرجوا من الكسر إلى الضم، ولا اعتداد بالحرف الذي بينهما؛ لأنه ساكن). [الموضح: 677]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {حَاشَا للهِ} [آية/ 31 و51] بالألف في الحرفين:
قرأها أبو عمرو وحده، ووقف عليها بغير ألف.
والوجه في حاشا أنه فعلٌ على وزن فاعل، وهو مأخوذ من الحشا الذي هو الناحية، ومعناه جانب وباعد، كأنه صار في حشًا أي في ناحية، والمراد صار يوسف في ناحية ممات قُرف به، لله، أي لخوفه ومراقبته.
وقال بعضهم: حاشا لله وحاشا الله بمعنى معاذ الله، كما يُقال هيهات كذا وهيهات كذا، باللام وغير اللام، قال: وحاشا فعل في الأصل، ولكنه جُعل كالاسم أُضيف باللام مرة وبغير اللام أخرى، وأُريد به المجانبة، وإضافته إلى الله تعالى على معنى أنه لا يفعل ذلك.
والقول الأول أقوى.
وأما حذف أبي عمرو في الوقف؛ فلأن الوقف موضع حذف وتغيير.
وقرأ الباقون {حَاشَ} بغير ألف في الحالين.
والوجه أن الأفعال التي اعتلّت لاماتها قد يُحذف منها اللام تخفيفًا نحو قولك: لا أدْرِ، وكقولهم: أصاب الناس جُهدٌ ولو تر أهل مكة، وكقول الرؤية:
62- وصّاني العجاج فيما وصني
[الموضح: 678]
ويؤيد هذه القراءة أنهم زعموا أن الألف في المصحف محذوفٌ، وهذا الذي دعا أبا عمرو إلى أن قرأها في حال الوقف بغير ألف؛ لأن الكتابة مبنية على الوقف). [الموضح: 679] (م)

قوله تعالى: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32)}

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {قَالَ رَبِّ السَّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} [آية/ 33] بفتح السين:
قرأها يعقوب وحده.
والوجه أنه مصدر سجنه سجنًا، أي سجنهم إياي أحب إلي مما يدعونني إليه من المعصية.
وقرأ الباقون {السِّجْنُ} بكسر السين.
واتفقوا على كسر السين في قوله {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْن}.
والوجه في قراءة الباقين أن السجن بالكسر هو الموضع الذي يُحبس فيه المسجون، والمعنى دخول السجن أحب إلي مما يدعونني إليه). [الموضح: 679]

قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)}

قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رُوي عن عمر أنه سمع رجلًا يقرأ: [عَتَّى حِينٍ]، فقال: مَن أقرأك؟ قال: ابن مسعود، فكتب إليه: إن الله عز وجل أنزل هذا القرآن فجلعه عربيًّا، وأنزله بلغة قريش، فأقرئ الناس بلغة قريش، ولا تقرئهم بلغة هذيل، والسلام.
قال أبو الفتح: العرب تُبْدل أحد هذين الحرفين من صاحبه لتقاربهما في المخرج، كقولهم: بُحْثِر ما في القبور؛ أي: بعثر، وضبعت الخيل؛ أي: ضبحت، وهو يُحنْظِي ويُعَنْظِي: إذا جاء بالكلام الفاحش، فعلى هذا يكون عتَّى وحتَّى؛ لكن الأخذ بالأكثر استعمالًا، وهذا الآخر جائز وغير خطأ). [المحتسب: 1/343]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس